عطاءات العلمكتب ابن القيمكتب ابن القيم- شاملة - txt

الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية_4

الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية_4

http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة

الكتاب: الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية [آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (8)]المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 – 751)
تحقيق وتعليق: محمد بن عبد الرحمن العريفي، ناصر بن يحيى الحنيني، عبد الله بن عبد الرحمن الهذيل، فهد بن علي المساعد
تنسيق: محمد أجمل الإصلاحي
راجعه: محمد عزير شمس – سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ – 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]1513 – فإذَا اعتقَدْتُم ذَا فأشْيَاعٌ لَهُ … أنتُم وَذَا مِنْ أعظَمِ البُهتَانِ
1514 – فاسْمَعْ إذًا مَنْ ذَا الَّذِي أوْلَى بِفِرْ … عَوْنَ المُعَطِّلِ جَاحِدِ الرحْمنِ
1515 – وانظُرْ إِلَى مَا جَاءَ في القصَصِ التي … تَحْكِي مَقَالَ إمَامِهمْ بِبَيَانِ
1516 – واللهِ قدْ جَعَلوا الضَّلَالَةَ قُدْوَةً … بأئمَّةٍ تَدْعُو إلَى النِّيرانِ
1517 – فإمَامُ كلِّ معطِّلٍ فِي نَفْيِهِ … فِرعَونُ مَعْ نُمْرُودَ مَعْ هَامَانِ


= لهم على صحة دينهم … إلى أن قال: فمن قال بالأول (يعني بالعلو) كان على دين فرعون، ومن قال بالثاني (يعني نفي العلو) – كان على دين موسى … ” ا. هـ مختصرًا. مفاتيح الغيب 27/ 65.
وانظر: مفاتيح الغيب 24/ 252 – 253، الكشاف للزمخشري 3/ 169، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 15/ 314.
1514 – سيتكرر هذا البيت بنصه برقم (1936).
1515 – يعني: فرعون. والآية الكريمة رقم (38) من سورة القصص نقلناها آنفًا تحت البيت (1511).
1516 – “واللهِ قد جعلوا” كذا في الأصل، وأشار إلى هذه النسخة في حاشية ف، وضبط لفظ الجلالة على أن الواو للقسم. وفي غير الأصل: “قد جعل” مع ضبط لفظ الجلالة كما سبق. وقد فسّر هرّاس البيت على أن لفظ الجلالة مبتدأ، (ص).
1517 – أما اختيار الناظم لهؤلاء الثلاثة فلأن فرعون وهامان من صريح الآية قد كذبا موسى في اعتقاده أن الله في السماء فطلبا الصعود إليه وقال فرعون: “وإني لأظنه كاذبًا” فهما قدوة لكل معطل.
وأما نمرود: فيقول الدارمي: “وكذلك نمرود -فرعون إبراهيم- اتخذ التابوت والنسور، ورام الاطلاع إلى الله لما كان يدعوه إبراهيم إلى معرفته في السماء”. الرد على الجهمية ص 37. ويقول الثعلبي في كتاب العرائس ص 57: “أن النمرود الجبار لما حاجّه إبراهيم -عليه السلام- في ربه قال: “إن كان ما يقول إبراهيم حقًا فلا أنتهي حتى أعلم من في السماء فبنى صرحًا عظيمًا عاليًا ببابل ورام منه الصعود إلى السماء ينظر إلى إله =
(2/414)


1518 – طَلَبَ الصُّعُودَ إلَى السَّماءِ مُكذِّبًا … مُوسَى ورَامَ الصَّرحَ بالبُنْيَانِ
1519 – بَلْ قَالَ: مُوسَى كَاذِبٌ في زَعْمِهِ … فَوْقَ السَّماءِ الربُّ ذُو السُّلْطَانِ
1520 – فابنُوا ليَ الصَّرحَ الرَّفيعَ لعلَّنِي … أَرْقَى إِلَيهِ بحِيلَةِ الإنسَانِ
1521 – وأَظنُّ مُوسَى كاذِبًا في قَوْلِهِ … اللهُ فوقَ العرشِ ذُو سُلْطَانِ
1522 – وَكَذَاكَ كذَّبَهُ بأنَّ إلهَه … نَادَاهُ بالتَّكْليم دُونَ عِيَانِ


= إبراهيم …. (وذكروا أنه أخذ أربعة نسور ومعها تابوت وصعد فيها يريد السماء فأهلكه الله) … ” ا. هـ بتصرف.
فهؤلاء الثلاثة هم القدوة لكل معطلٍ نافٍ للعلو، وانظر ما سبق في البيتين (70) و (479).
1521 – ظ، طت، طه: “السلطان”. ويشير الناظم إلى ما تقدم من الآيات في سورة القصص وغافر. ووجه الاستدلال: أن فرعون كذب موسى في مقالته، وما هي هذه المقالة؟ هي ما صرح به فرعون بقوله: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} فَطَلَبُ فرعون للصعود دليل على أن موسى أخبره أن الله في السماء، ولكن فرعون كذب موسى في هذه المقالة كما قال الله تعالى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}. فأهل الحق قدوتهم موسى، وأهل الباطل نفاة العلو قدوتهم فرعون.
والأئمة إذا جاؤوا ليستدلوا لمسألة العلو يذكرون هذا الدليل وانظر على سبيل المثال:
الرد على الجهمية للدارمي ص 37، الإبانة لأبي الحسن الأشعري ص 97، جامع البيان للطبري (24/ 43)، (20/ 49)، التوحيد لابن خزيمة 1/ 264، إثبات الاستواء والفوقية للجويني (مجموعة الرسائل المنيرية 1/ 177)، الحجة في بيان المحجة للأصبهاني 2/ 115، إثبات صفة العلو للمقدسي ص 44، والحموية لشيخ الإسلام (ضمن مجموع الفتاوى 5/ 13). والذهبي في العلو (مختصر ص 80)، شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي 2/ 385.
1522 – أما إنكار فرعون للتكليم فلأنه جحد رسالة موسى وكذب بها، والرسالة إنما مبناها على تكليم الله لمن يرسله. انظر الصواعق ص 407.
(2/415)


1523 – هُوَ أنكَرَ التَّكْلِيمَ والفَوْقِيَّةَ الـ … عُلْيَا كَقوْلِ الجهْم ذِي صفْوانِ
1524 – فمَنِ الَّذِي أوْلَى بِفرعَونٍ إذًا … مِنَّا ومنْكُم بَعْدَ ذَا التِّبيَانِ
1525 – يَا قَوْمَنَا واللهَ إنَّ لِقَوْلِنَا … مائةً تَدلُّ عَلَيهِ بَلْ مائتانِ
1526 – عَقْلًا ونَقْلًا مَعْ صَرِيحِ الفِطْرَةِ الْـ … أُولَى وَذَوْقِ حَلَاوَةِ القُرْآنِ


1523 – تقدمت ترجمة الجهم بن صفوان تحت البيت (40).
1525 – طع: (والله العظيم لقولنا … ).

  • “مائة … بل مائتان” كذا في الأصل و (ف)، ولم يشر في حاشيتهما إلى رواية أخرى، فأثبتنا نصّهما مع مَيلنا إلى ما ورد في غيرهما وهو: (ألف … بل ألفان) لما يؤيده قول الناظم في الصواعق وغيره كما في التعليق الآتي. وقد ضبط (مائةً) في (ف) بالنصب ويجوز ضبطه بالرفع على أن اسم “إنّ” ضمير محذوف، (ص).
  • وقد صرح الناظم في الصواعق (1/ 368) بأنها تقارب الألف، وقال في اجتماع الجيوش ص 331: “ولو شئنا لأتينا على هذه المسألة -يعني العلو- بألف دليل … “. ويقول شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 5/ 121): “والاستواء والفوقية في كتاب الله في آيات كثيرة حتى قال بعض أكابر أصحاب الشافعي: في القرآن ألف دليل أو أزيد تدل على أن الله تعالى عالٍ على خلقه وأنه فوق عباده”. وانظر مجموع الفتاوى 5/ 12، ودرء التعارض 7/ 26، ويقول الآلوسي في روح المعاني (7/ 114): “وأنت تعلم أن مذهب السلف إثبات الفوقية كما نص عليه الإمام الطحاوي وغيره واستدلوا لذلك بنحو ألف دليل”. ويوضح هذا المعنى الناظم في الصواعق (4/ 1279) بقوله: “وقال بعض من تتبع النصوص النبوية في ذلك والآثار السلفية: إنه وجدها تزيد على ألف، وقال غيره: إنها تزيد على مائة ألف، ولا تنافي بينهما فإن الأول أراد ما يدل على نصوص العلو والاستواء والثاني أراد ما يدل على المباينة وأن الله سبحانه بائن من خلقه”.
    1526 – طع: (حلاوة الإيمان).
    (2/416)

1527 – كُلٌّ يَدُلُّ بأنَّه سُبحَانَهُ … فَوْقَ السَّمَاءِ مُبَاينُ الأكْوَانِ
1528 – أتَرَوْنَ أنَّا تَارِكُو ذَا كُلِّهِ … لِجَعَاجِعِ التَّعْطِيلِ والهَذَيَانِ
1529 – يَا قَوْمُ ما أنْتُمْ عَلَى شَيءٍ إِلَى … أَنْ تَرجِعُوا لِلوَحْيِ بالإذْعَانِ
1530 – وتُحَكِّمُوهُ فِي الجَليلِ ودِقِّهِ … تَحكِيمَ تَسلِيمٍ مَعَ الرضْوَانِ
1531 – قَدْ أقْسَمَ اللهُ العَظِيمُ بنَفْسِهِ … قَسَمًا يُبِينُ حَقِيقَةَ الإيمَانِ
1532 – أنْ لَيسَ يؤْمِنُ مَنْ يكُونُ مُحَكِّمًا … غَيْرَ الرَّسُولِ الوَاضِحِ البُرْهَانِ
1533 – بَلْ لَيسَ يُؤمِنُ غَيرُ مَنْ قَدْ حَكَّمَ الـ … ـــــوَحْيَينِ حَسْبُ فذاكَ ذُو إيمَانِ


1528 – ب: (البهتان). وسبق تفسير الجعجعة في البيت (640).
1529 – الإذعان: الخضوع والذل والانقياد. القاموس ص 1547.
1531 – يشير -رحمه الله- في هذا البيت إلى نهاية البيت رقم (1535) إلى قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65]. فهذه الآية تضمنت ثلاث مراتب: التحكيم، وسعة الصدر بانتفاء الحرج، والتسليم، فالله عزَّ وجلَّ قد أقسم بنفي الإيمان عمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله، بل عمن لم يرض وضاق صدره، بل عمن لم يسلم أمره إلى الله عزَّ وجلَّ تسليمًا كاملًا.
ويقول شيخ الإسلام: ” … والمقصود هنا أن يقال لهؤلاء الذين ينفون العلو ويثبتون بعض الصفات نحن لا نرضى أن نجيبكم بما تجيبون به أنتم نفاة الصفات … وتبين أيضًا أن حجة الرسول – صلى الله عليه وسلم – قائمة على من بلغه ما جاء به، ليس لأحد أن يعارض شيئًا من كلامه برأيه وهواه، بل على كل أحد أن يكون معه كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ … } الآية .. “. الدرء 7/ 139 – 140. ويقول ابن كثير -رحمه الله-: “يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول – صلى الله عليه وسلم – في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنًا وظاهرًا … ” ا. هـ تفسير ابن كثير 1/ 520. وانظر: مدارج السالكين 2/ 152، منهاج السنة 5/ 131 – 132.
(2/417)


1534 – هَذَا وَمَا ذَاكَ المُحَكِّمُ مُؤْمِنًا … إنْ كَانَ ذَا حَرَجٍ وَضِيقِ بِطَانِ
1535 – هَذَا وَليسَ بمؤْمنٍ حَتَّى يُسَلِّـ … ـــــمَ للَّذي يَقْضِي بِهِ الوَحْيَانِ
1536 – يَا قَومُ باللهِ العَظِيمِ نَشَدْتُكُم … وَبِحُرمَةِ الإيمَانِ والقُرْآنِ
1537 – هَلْ حَدَّثَتْكُم قَطُّ أنفُسُكُم بِذَا … فَسَلُوا نُفُوسَكُمُ عَنِ الإيمَانِ
1538 – لَكِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ وجُنْدَهُ … وَرَسُولَهُ المبعُوثَ بالقُرْآنِ
1539 – هُمْ يَشْهَدُونَ بأنّكُم أعدَاءُ مَنْ … ذَا شَأْنُهُ أبَدًا بكُلِّ زَمَانِ
1540 – ولأيِّ شَيءٍ كَانَ أحمَدَ خَصْمُكُم … أَعْنِي ابْنَ جَنْبلٍ الرِّضَا الشَّيبَانِي
1541 – ولأيِّ شَيءٍ كَانَ بَعْدُ خُصُومُكُمْ … أَهْلَ الحَدِيثِ وعَسكَرَ القُرْآنِ
1542 – ولأيِّ شَيءٍ كَانَ أيْضًا خَصمُكُم … شَيخَ الوجودِ العالِمَ الحرَّانِي


1534 – ضيق البطان: ضيق الصدر. انظر ما سبق في البيت (304)، (ص).
1537 – اسم الإشارة “ذا” يعود على تحكيم الوحيين والرضا بحكمهما مع عدم الضيق والحرج، والتسليم.
1540 – ضبط “خصمكم” في (ف) بالنصب في هذا البيت والبيتين التاليين، و”أهلُ” و”عسكر” بالرفع في البيت الثاني، ولكن السياق يقتضي العكس، لأن الكلام على من يعادي أهل السنة، لا من يعادونه. فيقول لهم الناظم: لماذا عاديتم أحمد وأهل الحديث وأبا العباس؟ وما ذنب أبي العباس غير تجريد التوحيد عن الشرك؟ (ص).

  • كان السلف يعدُّون الذي يحب الإمام أحمد من أهل السنة والذي يبغضه من أهل البدع، لأنه هو الذي أظهر السنة، وثبت وقت المحنة، وصدع باعتقاد أهل السنة، ورد على شبهات أهل البدع. ومن ذلك ما قاله أبو داود رحمه الله: “إذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحب سنّة”. مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 184.
    1542 – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية. ولقد كثر خصومه -رحمه الله- من المتقدمين ممن عاصروه أو من المتأخرين، لأنه -كما ذكرنا- فضح باطلهم وكشف عوارهم وهتك أستارهم، فلذلك جردوا سيوف أقلامهم للنيل منه ولكن هيهات.=
    (2/418)

1543 – أَعنِي أبَا العبَّاسِ نَاصِرَ سُنَّةِ الْـ … ــــــمختارِ قَامِعَ سُنَّةِ الشَّيطَانِ
1544 – واللهِ لَم يَكُ ذَنْبُهُ شَيئًا سِوَى … تَجْرِيدِهِ لحَقِيقَةِ الإيمَانِ
1545 – إذْ جرَّدَ التَّوحِيدَ عَنْ شِركٍ كَذَا … تجْرِيدُهُ للوَحْي عَنْ بُهتَانِ
1546 – فَتَجرَّدَ المقْصُودُ مَعْ قَصدٍ لَهُ … فَلِذَاكَ لَم يَنْضَفْ إلَى إنْسانِ


= ومن أشهر من عرف بعدائه لشيخ الإسلام: تقي الدين السبكي “شيخ الأشعرية والشافعية في وقته”. وقد جرت له مع شيخ الإسلام مواقف يطول ذكرها حول مسائل في الاعتقاد وفي بعض الأحكام الفرعية.
ومنهم القاضي المالكي “ابن مخلوف” حيث قال عن شيخ الإسلام: “هذا عدوي … “، ولما بلغه أن الناس يترددون إليه في السجن قال: “يجب التضييق عليه إن لم يقتل، وإلا فقد ثبت كفره … “.
انظر البدر الطالع 1/ 67، البداية والنهاية 14/ 141، وأوراق مجموعة من حياة شيخ الإسلام للشيباني ص 142، 166، 169.
وفي قسم العقيدة بجامعة الإمام رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه حول دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام تقدم بها أخونا الشيخ عبد الله بن صالح الغصن.
1546 – “مع قصد”: كذا في جميع الأصول، وفي ط: “عن قصد” (ص).

  • “لم ينضف” كذا بالضاد المعجمة في جميع الأصول، وفي طت، طه: “يُنصَف” بالمهملة من الإنصاف، وعلى هذا شرح البيت في طه مع استشكاله إياه. (ص).
  • يحتمل هذا البيت معنيين:
    أ – أن يكون المراد أنه حينما جرَّد التوحيد لله من شوائب الشرك كانت الثمرة أن العبادة والتوحيد لم تضف إلى أحد من البشر بل هي خالصة لله وحده سبحانه.
    فعلى هذا يرجع الضمير في قوله: “لم ينضف” إلى المقصود وهو التوحيد والعبادة.
    ب – أو يكون المراد أنه لما جرّد التوحيد عن الشرك تجرد المقصود وهو الله سبحانه – عن الشريك والمثيل مع قصد له وهي العبادة التي يقصد بها الله تعالى فأصبحت خالصة له سبحانه، فلم ينضف يعني القصد والعبادة إلى أي أحد سوى الله عزَّ وجلَّ.
    (2/419)

1547 – مَا مِنْهُمُ أَحَدٌ دَعَا لِمقَالَةٍ … غَيرِ الحَدِيثِ ومُقْتَضى الفُرقَانِ
1548 – فَالقَومُ لمْ يَدْعُوا إلَى غيرِ الهُدَى … ودَعَوْتُمُ أنتُمْ لِرأْي فُلَانِ
1549 – شَتَّانَ بَينَ الدَّعْوَتَينِ فَحَسبُكُم … يَا قَوْمُ مَا بكُمُ مِنَ الخِذْلَانِ
1550 – قَالُوا لَنَا لمَّا دَعَوْنَاهُم إلَى … هَذَا مَقَالَةَ ذِي هَوىً مَلآنِ
1551 – ذَهَبَتْ مَقَادِيرُ الشُّيوخِ وحُرمَةُ الـ … عُلَمَاءِ بَلْ عَبَرَتْهُمُ العَينَانِ
1552 – وترَكتُمُ أقوَالَهُمْ هَدَرًا وَمَا … أَصْغَتْ إِلَيهَا مِنْكُمُ أذُنَانِ
1553 – لَكِنْ حَفِظْنَا نَحْنُ حُرمَتَهُمْ وَلَمْ … نَعْدُ الَّذِي قَالُوه قَدْرَ بَنَانِ
1554 – يَا قَوْمُ واللهِ العَظِيمِ كذَبتُمُ … وَأتَيتُمُ بِالزُّورِ والبُهْتَانِ
1555 – وَنَسَبتُمُ العُلَمَاءَ لِلأَمْرِ الَّذِي … هُمْ مِنْهُ أَهْلُ بَرَاءةٍ وَأَمَانِ
1556 – واللهِ مَا أوصَوْكُمُ أنْ تَتْركُوا … قَوْلَ الرسُولِ لِقَوْلِهِم بلِسَانِ
1557 – كَلَّا وَلَا فِي كُتْبِهِم هَذَا بَلَى … بِالعَكْسِ أوْصَوكُم بِلَا كِتْمَانِ


1550 – هذا وصف من الناظم لمقولة أهل التعطيل المتعصبين لشيوخهم بأنها مقالة صاحب هوى قد استحكم الهوى في عقله وقلبه وامتلأ به. وبداية مقولتهم من البيت التالي: “ذهبت مقادير الشيوخ … إلى نهاية البيت رقم (1553) “.
1551 – يعني: بكت عليهم حزنًا.
1552 – هدرًا: أي أسقطتم أقوالهم ولم تقدروا قدرها.
1553 – أي لم نتجاوز كلامهم قدر أنملة. وهنا انتهت مقالة المقلدة المتعصبين.
1556 – د، س: (أوصوا لكم).
1557 – وضع “بلى” موضع “بل”، وقد سبق مثله. انظر البيت (123)، (ص).

  • وهنا يريد أن يقرر الناظم أن الأئمة قد أوصوا في كتبهم أن لا تُتَّبَعُ أقوالُهم عند مخالفتها لنصوص الكتاب والسنة أو ما أجمع عليه سلف الأمة فمن ذلك:
    1 – ما أثِرَ عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-: فقد صحت عنه مقولات كثيرة منها: =
    (2/420)

1558 – إذْ قَدْ أَحَاطَ العِلْمُ مِنْهُم أنَّهُمْ … لَيْسُوا بمَعْصُومِينَ بالبُرْهَانِ


= أ – قوله: ” إذا صح الحديث فهو مذهبي” ا. هـ حاشية ابن عابدين (1/ 63)، إيقاظ الهمم للفلَّاني ص 62.
ب – قوله: “لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه”.
الانتقاء في فضائل الأئمة الفقهاء لابن عبد البر ص 145، إعلام الموقعين لابن القيم (2/ 192) وعزاها إلى أبي يوسف.
جـ – قوله: “إذا قلت قولًا يخالف كتاب الله تعالى وخبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاتركوا قولي”. إيقاظ الهمم للفلاني ص 50، ص 62.
2 – ما أُثِرَ عن الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- ومقولاته كثيرة كذلك منها:
أ – قوله: “إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه”. أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله في باب معرفة أصول العلم وحقيقته 1/ 775، برقم (1435).
ب – قوله: “ليس أحد بعد النبي إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي – صلى الله عليه وسلم -“. أخرجه ابن عبد البر في جامعه عن الحكم بن عتيبة ومجاهد (2/ 925)، برقم (1761)، (1762)، وعزاه إلى مالك ابن عبد الهادي في إرشاد السالك (1/ 227). (انظر: صفة الصلاة للألباني ص 26).
3 – ما أثر عن الإمام الشافعي رحمه الله:
أ – قوله: “كل ما قلت وكان عن النبي – صلى الله عليه وسلم – خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي – صلى الله عليه وسلم – أولى ولا تقلدوني”. أخرجه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص 67 – 68. وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي 1/ 63.
ب – قوله: “أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن له أن يدعها لقول أحد”. إيقاظ الهمم ص 58 – 103، وانظر: مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص 68 “الحاشية”.
جـ – قوله: “إذا صح الحديث فهو مذهبي” المجموع شرح المهذب 1/ 63، وإيقاظ الهمم ص 107.=
(2/421)


1559 – كَلَّا وَمَا مِنْهُم أَحَاطَ بكلِّ مَا … قَدْ قَالَهُ المبعُوثُ بالقُرْآنِ
1560 – فَلِذاكَ أوْصَوكُم بأنْ لَا تَجْعَلُوا … أَقْوالَهُم كالنَّصِّ في الميزَانِ
1561 – لَكِنْ زِنُوهَا بالنصُوصِ فإنْ تُوَا … فِقْهَا فَتِلْكَ صَحِيحَةُ الأوْزَانِ
1562 – لَكِنَّكُم قَدَّمْتُمُ أَقْوَالَهُم … أَبَدًا عَلَى النَّصِّ العَظِيمِ الشَّانِ
1563 – واللهِ لَا لِوَصِيَّةِ العُلَمَاءِ نَفَّـ … ـــــذْتُم وَلَا لِوَصِيَّهِ الرَّحمنِ
1564 – وَركِبتُمُ الجَهْلَينِ ثُمّ تَركتُمُ النَّـ … ــــــــصَّينِ مَعْ ظُلْمٍ وَمَعْ عُدْوَانِ
1565 – قُلنَا لَكُم فتَعلَّمُوا قُلْتم أَمَا … نَحْنُ الأئمةُ فَاضِلُو الأزْمَانِ
1566 – مِنْ أَينَ والعُلَمَاءُ أنتُم فاسْتَحُوا … أَينَ النُّجُومُ مِنَ الثَّرى التَّحْتَانِي


=4 – الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: وهو علم لأهل السنة في التمسك بالأثر وترك التقليد فرحمه الله رحمة واسعة ومن أقواله:
أ – قوله: “لا تقلدوني، ولا تقلدوا مالكًا ولا الثوري ولا الأوزاعي، وخذوا من حيث أخذوا”. إعلام الموقعين 2/ 192، إيقاظ الهمم ص 113.
ب – وقوله: “رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء، إنما الحجة في الآثار”. جامع بيان العلم لابن عبد البر 2/ 1082، برقم (2107).
جـ – وقال عبد الملك الميموني: “ما رأت عيني أفضل من أحمد بن حنبل وما رأيت أحدًا من المحدثين أشد تعظيمًا لحرمات الله عزَّ وجلَّ وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – إذا صحت عنده ولا أشد اتباعًا منه”. المناقب لابن الجوزي ص 243.
1559 – س: (ولا منهم).
1564 – يعني جهلهم بالحق الذي يجب اتباعه والإيمان به، وجهلكم أنكم تجهلونه، وهذا هو الجهل المركب.
1566 – كذا في الأصل، ب، ط، وفي غيرها: (السفلاني)، وأشير إليها في حاشية الأصل، كما أشير إلى ما في الأصل في حاشية ف، ظ.
(2/422)


1567 – لم يُشْبِهِ العُلَمَاءَ إلَّا أَنْتُمُ … أَشْبَهْتُمُ العُلَمَاء فِي الأذْقَانِ
1568 – واللهِ لَا عِلْمٌ وَلَا دِينٌ وَلَا … عَقْلٌ، ولَا بِمُرُوءَةِ الإنْسَانِ
1569 – عَامَلْتُمُ العُلَمَاءَ حِينَ دَعَوْكُمُ … لِلْحَقِّ بَلْ بالبَغْيِ والعُدْوَانِ
1570 – إِنْ أنتُمُ إلا الذُّبَابُ إذَا رَأَى … طُعْمًا فَيَا لِمَسَاقِطِ الذِّبّانِ
1571 – وإذَا رَأَى فَزَعًا تَطَايَرَ قَلْبُهُ … مِثْلَ البُغَاثِ يُسَاقُ بالعِقْبَانِ
1572 – وإذا دَعَوْنَاكُم إلَى البُرهَانِ كَا … نَ جَوَابُكُم جَهْلًا بِلَا بُرهَانِ
1573 – نَحْنُ المُقَلِّدَةُ الأُلى أَلْفَوْا كَذَا … آباءَهُمْ فِي سَالِفِ الأزْمَانِ
1574 – قُلنَا فكيفَ تُكَفِّرُونَ وما لكُمْ … عِلْمٌ بِتَكْفِيرٍ وَلَا إيمَانِ
1575 – إذ أَجمَعَ العُلَمَاءُ أَنَّ مُقَلِّدًا … للنَّاسِ كالأَعْمَى هُمَا أَخَوَانِ


1567 – يعني: ما أشبهتم العلماء إلا في اللحى.
1569 – “بالبغي” معطوف على “بمروءة الإنسان”. أي: لم تعاملوا العلماء بالمروءة بل بالبغي، (ص).
1570 – الطعم، بالضم: الطعام. والذِّبَّان بالكسر: جمع ذبابة.
1571 – يعني إذا رأى شيئًا أفزعهُ وأخافهُ طار قلبه.
بُغاث الطير: شرارها وما لا يصيد منها، وفي المثل: إن البغاث بأرضنا يستنسر. اللسان 2/ 118 – 119. والعِقبان: جمع عُقاب، وصفهم الناظم في البيت السابق بأنهم أهل جشع ويسعون لحطام الدنيا، كالذباب إذا رأى الطعام تهافت عليه وسقط، وفي هذا البيت بأنهم جبناء مثل الرخم والبغاث الذي تطارده الطيور الجارحة وتسوقه لجبنه وضعفه.
1573 – كما قال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170].
1575 – طه: (والأعمى).

  • يشير الناظم إلى ما نقله ابن عبد البر من الإجماع حول التقليد فيقول -رحمه الله- في جامع بيان العلم وفضله (2/ 989 – 990): “ولم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المرادون بقول الله -عزَّ وجلَّ-: =
    (2/423)

1576 – والعِلمُ مَعْرِفَةُ الهُدَى بِدَلِيلِهِ … مَا ذَاكَ والتَّقليدُ مُستَويَانِ
1577 – حِرْنَا بِكُم والله لَا أَنْتُم مَعَ الـ … ـــــعُلَمَاءِ تَنْقَادُونَ لِلبُرهَانِ
1578 – كَلَّا وَلَا متعلِّمُونَ فَمَنْ تُرَى … تُدْعَونَ؟ نَحْسِبُكُم مِنَ الثِّيرانِ
1579 – لكنَّها واللهِ أنفَعُ مِنْكُمُ … لِلأرْضِ في حَرْثٍ وفِي دَوَرانِ
1580 – نَالَتْ بِهِم خَيرًا ونَالَتْ مِنْكُمُ الـ … ـــمَعْهُودَ مِنْ بَغيٍ وَمِنْ عُدْوَانِ
1581 – فَمَنِ الَّذِي خَيرٌ وأنْفَعُ لِلْوَرَى … أَنْتُم أمِ الثِّيرانُ بالبُرْهَانِ


فصلٌ (1)
1582 – هَذَا وثَامِنَ عَشْرَهَا تَنْزيهُهُ … سُبحَانَهُ عَنْ مُوجِبِ النُّقْصَانِ


= {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وأجمعوا على أن الأعمى لا بد له من تقليد غيره ممن يثق بِمَيْزه بالقبلة إذا أشكلت عليه، فكذلك من لا علم له ولا بصر بمعنى ما يدين به لا بد له من تقليد عالمه، وكذلك لم يختلف العلماء أن العامة لا يجوز لها الفتيا، وذلك -والله أعلم- لجهلها بالمعاني التي فيها يجوز التحليل والتحريم والقول في العلم.
وانظر: إعلام الموقعين للناظم حول التقليد (2/ 99 وما بعدها).
1577 – حِرْنا: من الحيرة.
1578 – طع: (تدعوه)، تحريف.

  • والناظم هنا في هذا البيت يسأل المعطلة: إذا كنتم لستم من العلماء ولا متعلمين فمن تُرى تدعون (بالبناء للمجهول في الفعلين) فالظاهر الذي نظنه أنكم من الثيران.
    1580 – بهم: بالثيرانِ. يعني: أن الأرض انتفعت بالثيران. أما أنتم فلم تجد منكم إلَّا البغي والعدوان، (ص).
    (1) خلاصة هذا الدليل: أن الله سبحانه قد نزه نفسه عن النقص والعيب والمثيل=
    (2/424)

1583 – وَعَنِ العُيُوبِ ومُوجِبِ التَّمْثِيلِ والتَّـ … ــــشبِيهِ جَلَّ الله ذُو السُّلْطَانِ
1584 – وَلِذاكَ نَزَّه نَفْسَهُ سُبحَانَهُ … عَنْ أنْ يكُونَ لَهُ شَريكٌ ثَانِ
1585 – أَوْ أنْ يكونَ لَهُ ظَهِيرٌ فِي الوَرَى … سُبحَانَهُ عَنْ إِفْكِ ذِي بُهْتَانِ


= والشريك والظهير والزوجة والولد والنوم والسِنَة والغشيان والتعب، فبعضها قيلت فيه وبعضها لم يقل بها أحد. ومع هذا كلِّه صرّح ونصّ في كتابه وعلى لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – بالتنزه عنها سبحانه. ومقالة العلو ظاهرة وقال بها الجمُّ الغفير في مشارق الأرض ومغاربها، ومع ذلك لم ينزه نفسه -سبحانه- عنها مع أنكم تقولون إنها تجسيم وتشبيه وأنها بمنزلة مقالة عبَّاد الصليب المثلثة، وبمنزلة مقالة عباد الأوثان، فكل هذا يدل على أنها ثابتة لله، كيف لا، وآيات القرآن وأحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – تبدي وتعيد في إثباتها. انظر: درء التعارض (7/ 127 – 128).
1583 – سبق تفسير التمثيل والتشبيه في التعليق على مقدمة المؤلف.

  • في الأصل: “ذي السلطان” وهو خطأ.
    -كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
    انظر كلام المفسرين عليها في تفسير الطبري (25/ 12 – 13)، تفسير ابن كثير (4/ 108).
    1585 – والآية التي جمعت نفي الشريك والظهير عن الله هي قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)} [سبأ: 22].
    وللناظم تعليق نفيس في كتابه الصواعق (2/ 461) حول هذه الآية، فيقول رحمه الله: “فتأمَّل كيف أخذت هذه الآية المشركين بمجامع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك وسدتها عليهم أحكم سدِّ وأبلغه، فإن العابد إنما يتعلق بالمعبود لما يرجو من نفعه، وإلا فلو لم يرج منه منفعة لم يتعلق قلبه به، وحينئذ فلا بد أن يكون المعبود مالكًا للأسباب التي ينفع بها عابده، أو شريكًا لمالكها أو ظهيرًا أو وزيرًا أو معاونًا له أو وجيهًا ذا حرمة وقدر يشفع عنده، فإذا انتفت هذه الأمور الأربعة من كل وجه وبطلت، انتفت أسباب الشرك وانقطعت موادُّه، فنفى سبحانه عن آلهتهم أن تملك مثقال ذرة في السماوات والأرض، فقد يقول المشرك: هي شريكة للمالك =
    (2/425)

1586 – أَوْ أنْ يُواليَ خَلْقَهُ سُبحَانَهُ … مِنْ حَاجَةٍ أَوْ ذِلَّةٍ وَهَوَانِ


= الحق فنفى شركتها له، فيقول المشركْ قد تكون ظهيرًا ووزيرًا ومعاونًا فقال: {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} فلم يبق إلا الشفاعة فنفاها عن آلهتهم، وأخبر أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه فهو الذي يأذن للشافع، فإن لم يأذن له لم يتقدم بالشفاعة بين يديه كما يكون في حق المخلوقين … “.
وانظر تقريره لنفس المعنى حول هذه الآية في مدارج السالكين (1/ 372).
والآيات في تنزيه الله عن الشريك كثيرة منها:

  • قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} [الإسراء: 42]. انظر كلام الناظم حول هذه الآية في الصواعق (2/ 462).
  • قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31].
  • وقوله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 63].
    انظر: فتح المجيد ( 1/ 321 ). والآيات في هذا كثيرة، وفيما ذكرنا كفاية.
    1586 – يشير إلى قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111]، والمعنى: أنه سبحانه يوالي خلقه أي المؤمنين ويحبهم، ولكن موالاته سبحانه ليست كموالاة المخلوقين لحاجة والله غني عن الخلق أجمعين. يقول شيخ الإسلام في (منهاج السنة 7/ 30): “وأما الولاية المخالفة للعداوة فإنه يتولى عباده المؤمنين، فيحبهم ويحبونه، ويرضى عنهم ويرضون عنه، ومن عادَى له وليًا فقد بارزه بالمحاربة. وهذه الولاية من رحمته وإحسانه ليست كولاية المخلوق للمخلوق لحاجته إليه قال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111]، فالله تعالى ليس له ولي من الذل بل هو القائل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10]، بخلاف الملوك وغيرهم ممن يتولاه لذاته إذا لم يكن له ولي ينصره”. وانظر: منهاج السنة 5/ 352، تفسير الطبري (15/ 188 – 189)، تفسير ابن كثير (3/ 69).
    (2/426)

1587 – أَوْ أنْ يَكُونَ لَديْهِ أَصْلًا شَافِعٌ … إلَّا بإِذْنِ الوَاحِدِ المنَّانِ
1588 – وَكَذاكَ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ وَالِدٍ … وكذَاكَ عَنْ وَلَدٍ هُمَا نَسَبَانِ
1589 – وكَذَاكَ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ زَوْجَةٍ … وَكَذَاكَ عَنْ كُفُوٍ يكُونُ مُدَاني


1587 – يشير إلى ما جاء في بعض الآيات التي أشارت إلى نفي الشافع إلا بإذنه كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ … } [البقرة: 255].

  • وقوله تعالى: { … مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس: 3].
  • وقوله: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109].
  • وقوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ … } [سبأ: 23].
  • وقوله: { … لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26].
    فالآيات الدالة دلَّت على نفي الشفيع عن الله إلا بإذنه وإذا رضي عنه، ولذلك الشفاعة نوعان: شفاعة مثبتة لأهل الإيمان والتوحيد الذين لم يشركوا بالله شيئًا وتكون بإذنه، وشفاعة منفية عن أهل الشرك الذين أشركوا مع الله كما قال الله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وهذا غير مرضي عنه.
    انظر في الشفاعة وأنواعها: مدارج السالكين (1/ 369)، شرح الطحاوية (1/ 282)، إغاثة اللهفان (1/ 220)، فتح المجيد (1/ 353 – 362).
    1589 – يشير الناظم إلى ما جاء في بعض الآيات التي نره فيها نفسه عن الولد والوالد والزوجة والكفو المداني.
    -كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [الإخلاص].
  • وكذلك قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)} [الأنعام: 101].
  • وكذلك قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)} [الجن: 3].
    وانظر: الصواعق المرسلة (2/ 481).
    (2/427)

1590 – ولَقَدْ أَتَى التَّنزِيهُ عَمَّا لَمْ يُقَلْ … كَيْ لَا يَدُورَ بِخَاطِرِ الإنْسانِ
1591 – فانظُر إِلَى التَّنْزيهِ عَنْ طُعْمٍ وَلَم … يَنْسُبْ إِلَيهِ قَطُّ مِنْ إِنسَانِ
1592 – وَكَذلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ مَوْتٍ وعَنْ … نَوْمٍ وَعَنْ سِنَةٍ وَعَنْ غَشَيَانِ


1590 – طت، طه: (عما لم يقم) وهو تحريف.

  • طه: (لا يزور)، تحريف.
  • أي: والعلة في تنزيه الله نفسه عما لم يقله فيه أحد من البشر أن لا يدور بخاطر أحد مثل هذه الأشياء في حق الله سبحانه.
    1591 – جاء هذا التنزيه في كتاب الله في غير ما آية، منها:
    قوله تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} [الذاريات: 57].
    وقوله: {قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14].
    وقال تعالى في معرض الرد على القائلين بألوهية المسيح وأمه -عليهما السلام-: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)} [المائدة: 75].
    وانظر تعليق الناظم عليها في الصواعق (2/ 482).
    وكذلك ما ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: دعا رجل من الأنصار النبي – صلى الله عليه وسلم -، قال: فانطلقنا معه، فلما طعم، وغسل يده، قال: “الحمد لله الذي أطعَمَ ولا يُطْعَمُ، منّ علينا، فهدانا وأطعمنا وسقانا، وكل بلاءٍ حسن أبلانا، الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسا من العُرْي، وهدى من الضلالة وبصَّر من العمى، وفَضَّل على كثير ممن خلق تفضيلًا، الحمد لله رب العالمين”. الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية 6/ 242، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم (301) ص 269 – 270، والحاكم في المستدرك 1/ 546 وصححه ووافقه الذهبي، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 12/ 23 برقم (5219).
    1592 – انظر ما سبق في البيتين (538، 539). والغشيان: الجماع.
  • وتنزيه الله نفسه عن الصاحبة والولد يتضمن التنزيه عن الجماع.
    (2/428)

1593 – وَكذَلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ نِسيَانِهِ … والربُّ لم يُنْسَبْ إلَى نِسْيَانِ
1594 – وكذَلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ ظُلْمٍ وَفِي الْـ … أَفْعَالِ عَنْ عَبَثٍ وَعَنْ بُطْلَانِ
1595 – وَكذلِكَ التَّنْزِيهُ عَنْ تَعَبٍ وَعَنْ … عَجْزٍ يُنَافِي قُدْرَةَ الرحْمنِ


1593 – كما قال تعالى: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)} [طه: 52].
وقوله: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].
1594 – كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 45].
وكما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)} [يونس: 44].
وكما قال سبحانه: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49].
وكما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} [آل عمران: 182].
وجاء في الحديث القدسي عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا … ” الحديث أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة والآداب برقم (2577)، والإمام أحمد في المسند 5/ 160. واللفظ لمسلم.

  • “عن عبث”: كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} [ص: 27].
    وكما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38)} [الدخان: 38].
    وكما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)} [الأنبياء: 16].
    وكما قال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)} [المؤمنون: 115].
    1595 – زاد في ب قبل “عن تعب”: (وعن صخب)، وكتب فوق كلمة (تعب): “نسخة”!
    -كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)} [فاطر: 44]. =
    (2/429)

1596 – وَلقدْ حَكَى الرحْمنُ قَوْلًا قَالهُ … فِنْحَاصُ ذُو البُهْتَانِ والكُفْرَانِ
1597 – إنَّ الإلهَ هُو الفَقيرُ وَنَحنُ أَصْـ … حَابُ الغِنَى ذُو الوُجْدِ والإمْكَانِ


= وكما قال سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ} [التوبة: 2].
وكما قال سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)} [ق: 38]. واللُّغوب: التعب والنصب.
وكما قال سبحانه: { … وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].
ومعنى لا يؤوده: لا يثقله ولا يكترثه حفظهما بل كل ذلك سهل عليه ويسير. انظر: المفردات ص 97، تفسير البغوي 1/ 313، تفسير ابن كثير 1/ 310.
1597 – الوُجْدُ، مثلثةً: الغنى. واستعمل الناظم “ذو” -وهو مفرد- هنا للجمع، وقد سبق مثله. انظر التعليق على البيت (959)، (ص).

  • يشير الناظم إلى ما جاء في سبب نزول قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} [آل عمران: 181، 182].
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: “دخل أبو بكر بيت المدراس، فوجد من يهود ناسًا كثيرًا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له “فنحاص” كان من علمائهم وأحبارهم، ومعه حبر يقال له: “أشيع”، فقال أبو بكر لفنحاص: “ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم، فو الله إنك لتعلم أن محمدًا – صلى الله عليه وسلم – قد جاءكم بالحق من عند الله، تجدونه مكتوبًا عندكم في التوراة والإنجيل، قال فنحاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر، وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنيًا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطيناه، ولو كان غنيًا عنّا ما أعطانا الربا، فغضب أبو بكر، فضرب وجه فنحاص ضربةً شديدة، وقال: “والذي نفسي بيده، لولا العهد بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين” فذهب فنحاص إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – =
    (2/430)

1598 – وَلذاكَ أَضْحَى رَبُّنَا مُسْتَقْرِضًا … أمْوَالَنَا سُبْحَانَ ذِي الإحسَانِ
1599 – وحَكَى مَقَالَةَ قائلٍ مِنْ قَوْمِهِ … أنَّ العُزَيْرَ ابْنٌ مِنَ الرَّحْمنِ


= فقال: يا محمد انظر ما صنع بي صاحبك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر: (ما حملك على ما صنعت؟” فقال: يا رسول الله إن عدو الله قال قولًا عظيمًا، زعم أن الله فقير، وأنهم عنه أغنياء، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه، فجحد ذلك فنحاص وقال: ما قلت ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى فيما قال فنحاص ردًا عليه وتصديقًا لأبي بكر: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ … } “.
القصة بهذا اللفظ أوردها الطبري في تفسيره (4/ 194)، والسيوطي في الدر المنثور (4/ 396) وعزاها إلى ابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم في تفسيره وانظر سيرة ابن هشام (2/ 200).
1598 – كذا في ف، ظ، طع. وفي غيرها: “كذاك”، وهو تحريف، لأن هذه الجملة من كلام فنحاص. وعقب عليه الناظم بقوله: “سبحان ذي الإحسان”، (ص).
1599 – “العزير”: اختلف في نبوته، والأكثر على أنه نبي وأنه هو الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه. وأما سبب قولهم إنه “ابن الله”، فذكر المفسرون أنه هو الذي جدَّد لهم التوراة بعدما انقرض العلماء ونسيها الناس، فكان من أعلم أهل زمانه وأحفظهم للتوراة فقالوا عنه: “إنه ابن الله”.
انظر: البداية والنهاية (2/ 40 – 43)، العرائس للثعلبي ص 191 – 192.
قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)} [التوبة: 30].
وأما قائل هذه المقولة القبيحة والشنيعة فاختلف في تعيينه على قولين:

  • القول الأول: أنه فنحاص بن عازوراء المذكور، وهو محكي عن عبد الله بن عبيد بن عمير.
    أخرجه الطبري في التفسير (10/ 110)، وانظر البغوي في معالم التنزيل (4/ 36 – 37)، والرازي في مفاتيح الغيب (4/ 422).
  • القول الثاني: أنه قول جماعة من اليهود أتوا النبي – صلى الله عليه وسلم – وهم: سلّام بن =
    (2/431)

1600 – هَذَا وَمَا القَوْلَانِ قَطُّ مقَالَةً … مَنْصُورَةً فِي مَوْضِعٍ وَزَمَانِ
1601 – لَكِنْ مَقَالةُ كَونِهِ فَوْقَ الوَرَى … والعَرشِ وَهْوَ مُبَايِنُ الأكْوَانِ
1602 – قَدْ طَبَّقتْ شَرقَ البِلَاد وَغَرْبَهَا … وَغَدَتْ مُقَرَّرَةً لدى الأَذْهَانِ
1603 – فَلأَيَّ شَيءٍ لَم يُنَزهْ نَفْسَهُ … سُبْحَانَهُ فِي مُحْكَمِ القُرْآنِ
1604 – عَنْ ذِي المقَالَةِ مَعْ تَفَاقُمِ أمرِهَا … وَظُهُورِها فِي سَائِر الأديَانِ


= مشكم، ونعمان بن أوفى، وشماس بن قيس، ومالك بن الصيف، وحكى هذا القول عبد الله بن عباس.
وأخرجه الطبري في التفسير (10/ 110 – 111)، وانظر: البغوي (4/ 36)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 117)، ومفاتيح الغيب للرازي (4/ 442).
والراجح أن الأصل العموم في الخطاب في هذه الآية. قال القرطبي (8/ 116 – 117): “هذا لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص، لأنه ليس كل اليهود قالوا ذلك، وهذا مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ}، ولم يقل ذلك كل الناس … “. وانظر تقرير نفس هذا المعنى عند شيخ الإسلام في درء التعارض (7/ 88 – 89).
1600 – والمعنى أن مقولتي اليهود (إن الله فقير، وعزير ابن الله) لم ينتصر لهما أحد، بل كما قال ابن النقاش في قول اليهود “عزير ابن الله”: “لم يبق يهودي يقولها بل انقرضوا … ” الجامع لأحكام القرآن (8/ 117). وكما قال الرازي (4/ 422): “لعل هذا المذهب كان فاشيًا فيهم ثم انقطع فحكى الله عنهم ذلك ولا عبرة بإنكار اليهود ذلك فإن حكاية الله عنهم أصدق … “.
1602 – كذا في ف، وهو الصواب هنا إن شاء الله. وفي غيرها: “لذي الأذهان” وقد كثر الخطأ في النسخ في كتابة “لدى” مع الأذهان. انظر ما سبق في البيتين (58، 832) وستأتي أمثلة أخرى، (ص).
1604 – تفاقم الأمر: عَظُمَ. القاموس ص 1479.

  • قوله: “وظهورها في سائر الأديان” يشير إلى ما تقدم ذكره من إجماع الرسل والكتب السماوية على إثبات الفوقية له سبحانه (انظر الدليل الخامس عشر من أدلة العلو).
    (2/432)

1605 – بَلْ دَائِمًا يُبْدِي لَنَا إثبَاتَهَا … ويُعِيدُهُ بأدِلَّةِ التِّبيَانِ
1606 – لَا سِيَّمَا تِلْكَ المقَالَةُ عِنْدكُم … مَقْرُونَةٌ بِعبَادَةِ الأوْثَانِ
1607 – أَوْ أنَّهَا كَمَقَالَةٍ لِمُثَلِّثٍ … عَبدِ الصَّلِيبِ المشرِكِ النَّصْرَانِي
1608 – إذ كَانَ جِسْمًا كلُّ موْصُوفٍ بِهَا … ليسَ الإلةَ مُنَزِّلَ الفُرقَانِ
1609 – فالعَابِدُونَ لِمَنْ عَلَى العَرشِ اسْتَوى … بالذَّاتِ لَيسُوا عَابِدي الدَّيَّانِ
1610 – لَكِنَّهُم عُبَّادُ أوْثَانٍ لَدَى … هَذَا المعَطِّلِ جَاحِدِ الرَّحْمنِ
1611 – ولذَاكَ قَدْ جَعَلَ المعَطِّلُ كُفرَهُم … هُوَ مُقْتَضَى المعْقُولِ والبُرْهَانِ


1608 – في ب: “القرآن”. قال ابن رشد في مناهج الأدلة (ص 176): “والشبهة التي قادت نفاة الجهة إلى نفيها أنهم اعتقدوا أن إثبات الجهة يوجب إثبات المكان، وإثبات المكان يوجب إثبات الجسمية …. “. انظر الصواعق (4/ 1324، 1336). ومفاتيح الغيب للرازي (7/ 377).
1610 – يعني: أن مقالة العلو -عند المعطلة- كمقالة المشركين عبدة الأوثان أو كمقالة أهل التثليث من النصارى، لأنهم يقولون: نحن نثبت قديمًا واحدًا، ومثبتو الصفات يثبتون عدة قدماء، وقالوا: إن النصارى أثبتوا ثلاثة قدماء مع الله، فكيف بمن أثبت أكثر من ذلك؟ وهذه هي مقالة وحجة الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم على نفي الصفات. (انظر الصواعق 3/ 937، درء التعارض 7/ 122). ويقول شيخ الإسلام: ” .. والنصارى يشبهون الخالق بالمخلوق في صفات الكمال، واليهود تشبه الخالق بالمخلوق في صفات النقص، ولهذا أنكر القرآن على كل من الطائفتين، فلو كان ما في التوراة من إثبات الصفات من هذا الباب لأنكره الله، ولكان النبي – صلى الله عليه وسلم – والصحابة من أعظم المنكرين لذلك أيضًا، فهذه الصفات التي قال بها النصارى واليهود تقتضي التجسيم والتشبيه والتجسيد والتكييف، والله منزه عن ذلك. وعامة نفاة الصفات يردون هذه الصفات بأنها تستلزم النجسيم؛ فلو كان هذا تجسيمًا يجب إنكاره لكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى إنكار ذلك أسبق … ” بتصرف (درء التعارض 7/ 95).
1611 – ب، ظ، د، س: “وكذاك”، تحريف.
(2/433)


1612 – هَذَا رَأينَاهُ بكُتْبِكُمُ وَلم … نَكْذِبْ عَلَيكُم فِعْلَ ذِي البُهْتَانِ


1612 – طع: “بكتبهم”. وهو خطأ.

  • وممن قرر هذه الشبهة الجهمية وتبعهم المعتزلة ثم الأشاعرة وهي أن إثبات الصفات يؤدي إلى تعدد الآلهة والقدماء، وأن إثبات الصفات والعلو ينافي الأحدية وكذلك يلزم منه التجسيم.
    فأما المعتزلة فيقول إمامهم ومؤسس مذهبهم واصل بن عطاء: “ومن أثبت معنى صفة قديمة فقد أثبت إلهين”. الملل والنحل (1/ 46). وانظر: الدرء (7/ 122).
    وممن صرح من أئمتهم أبو الحسين الخياط حيث قال: “إنه لما فسد أن يكون القديم -جل ثناؤهُ- عالمًا بعلم محدث لما بيّنا، وفسد أيضًا أن يكون عالمًا بعلم قديم لفساد قدم الاثنين، صح وثبت أنه لم يزل عالمًا بالأمور، دقيقها وجليلها على ما هي عليه من حقائقها بنفسه لا بعلم سواه” الانتصار لأبي الحسين الخياط ص 171. ويقول الرازي حاكيًا شبهة المعتزلة في نفي الصفات: “الشبهة السادسة: أن الله تعالى قد كفر النصارى في قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73]، فلا يخلو إما أنه تعالى كفرهم لأنهم أثبتوا ذواتًا ثلاثة قديمة قائمة بنفسها أو لأنهم أثبتوا ذاتًا موصوفة بصفات متباينة، والأول باطل لأن النصارى لا يثبتون ذواتًا ثلاثة قديمة قائمة بأنفسها، لما لم يقولوا بذلك استحال أن يكفرهم الله بسبب ذلك، ولما بطل القسم الأول ثبت القسم الثاني وهو أنه تعالى كفرهم لأنهم أثبتوا ذواتًا موصوفة بصفات متباينة، ولما كفر النصارى لأجل أنهم أثبتوا صفات ثلاثة فمن أثبت الذات مع الصفات الثمانية فقد أثبت تسعة أشياء وكان كفرهم أعظم من كفر النصارى بثلاث مرات”. الأربعين في أصول الدين 1/ 224.
    وأما الأشاعرة فقد قرر شبهتهم في نفي العلو الرازي في عدة مواضع:
  • يقول عند تفسير: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (8/ 534): “وإذا ثبتت الأحدية وجب أن لا يكون متحيزًا لأن كل متحيز فإن يمينه مغايرة ليساره، وكل ما كان كذلك فهو منقسم، فالأحد يستحيل أن يكون متحيزًا، وإذا لم يكن متحيزًا لم يكن في شيء من الأحياز والجهات ويجب أن لا يكون=
    (2/434)

1613 – ولأيِّ شيءٍ لَم يُحَذِّرْ خَلْقَهُ … عَنْهَا وَهَذَا شَأنْهَا بِبَيَانِ
1614 – هَذَا وَلَيْسَ فَسَادُهَا بِمُبَيَّنٍ … حَتَّى يُحَالَ لَنَا عَلَى الأذْهَانِ
1615 – وَلِذَاكَ قَدْ شَهِدَتْ أَفَاضِلُكم لَهَا … بظُهُورِهَا في الوَهْمِ لِلْإِنْسَانِ
1616 – وَخَفَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ نَفْيٍ عَلَى الـ … أَذْهَانِ بَلْ يَحْتَاجُ للبُرهَانِ



= حالًا في شيء … “. وانظر أيضًا (4/ 226)، (6/ 4 – 5). وانظر درء التعارض (7/ 111)، الصواعق (1/ 190).
1613 – والناظم يخاطب نفاة العلو (القائلين بأن إثبات العلو مثل قول النصارى وعبدة الأوثان) لماذا لم يحذر خلقه من هذه المقولة التي هي بهذه الدرجة من الشناعة والقباحة.
1614 – أي ومما يدل على بطلان قولكم (أيها المعطلة): أن فساد مذهب القائلين بالعلو -على حد زعمكم- ليس بظاهر وواضح بحيث يفهم بالعقل والبديهة فيحال عليهما.
1615 – ب، ظ، د، س: و (كذاك)، تحريف.

  • يعني: رؤساءكم الذين تقتدون بهم في نفي العلو والصفات.
  • ط: (للوهم في الإنسان).
    1616 – وقد شهد رؤوس المتكلمين بفساد طريقتهم ورجعوا عنها إلى طريقة أهل السنة.
    وقد صرح عدد منهم بأن طريقة القرآن والسنة أفضل من طريقتهم كأبي المعالي الجويني والغزالي والرازي. ونقتصر هنا على ذكر ما سطَّره إمام متأخري الأشعرية (الرازي) حيث يقول: “لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلًا ولا تروي غليلًا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وأقرأ في النفي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، و {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}، ومن جرَّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي .. ” أقسام اللذات ص 167.
    وانظر توبات أهل الكلام في: الصواعق (2/ 664 – 669)، درء التعارض (1/ 158 – 166)، شرح الطحاوية (1/ 243 – 247).
    (2/435)

فصلٌ
1617 – هَذَا وتَاسِعَ عَشْرَهَا إلزَامُ ذِي التَّـ … ـــــعْطِيلِ أفْسَدَ لَازمٍ بِبَيَانِ
1618 – وَفَسَادُ لَازِم قَوْلِهِ هُوَ مُقْتضٍ … لِفَسادِ ذَاكَ القَوْلِ بالبُرهَانِ
1619 – فَسَلِ المُعطِّلَ عَنْ ثلَاثِ مَسَائِلٍ … تَقْضي عَلَى التعْطِيلِ بالبُطْلانِ
1620 – مَاذَا تقُول أكَانَ يَعْرفُ ربَّهُ … هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ العِرْفَانِ
1621 – أَمْ لَا؟ وَهَلْ كَانَتْ نَصِيحتُهُ لَنَا … كُلَّ النصِيحَةِ لَيْسَ بالخَوَّانِ


1620 – والجواب محذوف، حذفه للعلم به وهو: أن أعلم الخلق بربه هو الرسول – صلى الله عليه وسلم -.
ويدل لهذا:

  • ما جاء في الحديث الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: صنع النبي – صلى الله عليه وسلم – شيئًا فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – فخطب فحمد الله ثم قال: “ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية”. أخرجه البخاري في كتاب الأدب – باب من لم يواجه الناس بالعتاب رقم (6101).
  • وكذلك ما روته عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: “كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا أمرهم من الأعمال بما يطيقون قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول: “إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا”. أخرجه البخاري في كتاب الإيمان – باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “أنا أعلمكم بالله” برقم (20).
    فاللازم الأول: هو أن قولكم بنفي العلو يلزم منه أن الرسول غير عارف بربه لأنه أثبتها له سبحانه.
    1621 – والجواب محذوف، حذفه للعلم به، وهو أنه قد بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة أكمل نصح وأبْيَنَه وأوضحه. ولهذا استشهد الصحابة في أعظم مجمع يوم الحج الأكبر في خطبة الوداع حينما قال: “وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم=
    (2/436)

1622 – أَمْ لَا؟ وَهَلْ حَازَ البلاغَةَ كلَّهَا … فاللفْظُ والمعْنَى لَهُ طَوْعَانِ؟


= قائلون؟ ” قالوا: نشهد أنك قد بلّغتَ وأدّيتَ ونصحتَ فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: “اللهم اشهد .. ثلاث مرات”.
أخرجه بهذا اللفظ مسلم من حديث جابر في كتاب الحج برقم (1218).
وأخرجه بمعناه: البخاري عن ابن عباس وابن عمر وأبي بكرة -رضي الله عنهم- في كتاب الحج – باب الخطبة أيام منى برقم (1739)، (1741)، (1742).
فاللازم الثاني: أنه إذا أثبت النبي – صلى الله عليه وسلم – العلو وأنتم قلتم إن إثبات العلو صفة نقص في حق الله فيلزم منه أنه لم ينصح لأمته وأنه غاشّ لهم حيث لم يبين لهم أن هذا غير لائق به سبحانه.
1622 – وهذا هو اللازم الثالث: وهو أنه – صلى الله عليه وسلم – يقول كلامًا ظاهره إثبات العلو وهو في الحقيقة يريد نفيه، وهذا يدل على عدم بلاغته وعجزه عن إيضاح مقصوده وبيانه للناس. ولكنه – صلى الله عليه وسلم – هو أفصح من نطق بالضاد. ويدل لذلك ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: “ما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بيِّنٍ فَصْلٍ، يحفظه من جلس إليه”. الحديث أخرجه البخاري بلفظه من أوله في كتاب المناقب – باب صفة النبي – صلى الله عليه وسلم – برقم (3568)، ومسلم (بنفس لفظ البخاري) في فضائل الصحابة برقم (2493).
قولها: “فَصْل”: أي بيِّن ظاهر يفصل بين الحق والباطل. انظر النهاية في غريب الحديث 3/ 451.

  • وكذلك ما روته -رضي الله عنها- بقولها: “إن النبي – صلى الله عليه وسلم -كان يحدث حديثًا لو عدَّهُ العادُّ لأحصاه”. أخرجه البخاري في المناقب – باب صفة النبي – صلى الله عليه وسلم – برقم (3567).
  • وكذلك ما رواه أنس -رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إنه كان إذا تكلم بكلمةٍ أعادها ثلاثًا حتى تُفْهَم عنه”. أخرجه البخاري في كتاب العلم- باب من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه برقم (95).
    فهذه الأحاديث تدل على أنه أفصح الناس وأبلغهم كلامًا وأوضحهم بيانًا – صلى الله عليه وسلم -.
    (2/437)

1623 – فإذَا انْتهَتْ هَذِي الثلَاثَةُ فِيهِ كَا … مِلَةً مبرَّأَةً مِنَ النُقْصَانِ
1624 – فَلأَيِّ شَيءٍ عَاشَ فِينَا كَاتِمًا … لِلنَّفْيِ والتَّعْطِيلِ في الأَزْمَانِ
1625 – بَلْ مُفْصِحًا بالضِّدِّ مِنْهُ حَقِيقَةَ الْـ … إفْصَاحِ مُوضَحَةً بكلِّ بَيَانِ
1626 – ولأَيِّ شَيءٍ لَم يُصَرِّحْ بالَّذِي … صَرَّحْتُمُ فِي رَبِّنَا الرَّحْمنِ
1627 – أَلِعَجْزِهِ عَنْ ذَاكَ أَمْ تَقْصِيرِهِ … فِي النُّصْحِ أمْ لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ؟
1628 – حَاشَاهُ بَلْ ذَا وَصْفُكُم يَا أمَّة التَّـ … ـــعْطِيلِ لَا المبْعُوثِ بالقُرْآنِ
1629 – ولأيِّ شَيءٍ كَانَ يَذْكُر ضِدَّ ذا … فِي كُلِّ مُجْتَمَع وكُلِّ زَمَانِ
1630 – أَتَراهُ أصبحَ عَاجِزًا عَنْ قَوْلِهِ “اسْـ … ـتَوْلَى”وَينزِلُ “أمْرُه” وَ”فُلَانِ”


1623 – يعني بـ”الثلاثة”: الصفات السابقة، ولشيخ الإسلام كلام يقرر نفس هذا المعنى فيقول: “ومعلوم للمؤمنين أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعلم من غيره بذلك، وأنصح من غيره للأمَّة، وأفصح من غيره عبارة وبيانًا، بل هو أعلم الخلق بذلك وأنصح الخلق للأمة، وأفصحهم، فقد اجتمع في حَقِّه كمال العلم والقدرة والإرادة … ” ا. هـ. (الحموية ضمن مجموع الفتاوى 5/ 30).
وانظر الصواعق المرسلة (1/ 324) فقد نص الناظم على نفس هذه اللوازم.
1624 – ح: (للأزمان).
1627 – أعاد الناظم هنا وفصل اللوازم السابقة.
1630 – يشير الناظم إلى تأويلات أهل الباطل المعطلة لنصوص الصفات فمن ذلك:
قولهم أن “استوى” بمعنى: “استولى” وفي هذا يقول الرازي في تفسيره (6/ 5): “وإذا كان لا معنى للاستواء في اللغة إلَّا الاستقرار والاستيلاء، وقد تعذر حمله على الاستقرار فوجب حمله على الاستيلاء والإلزام تعطيل اللفظ وأنه غير جائز … “.

  • قولهم: إن تأويل قوله “ينزل ربنا” يعني: “ينزل أمر ربنا” أو “ينزل الملك”.
    فقد نسبه الحافظ في الفتح (3/ 37) إلى جمهور المتكلمين، وفي هذا يقول الجويني: ” … والوجه حمل النزول وإن كان مضافًا إلى الله تعالى على =
    (2/438)

1631 – وَيَقُولُ: “أَيْنَ اللَّهُ؟ ” يَعْنِي “مَنْ” بِلَفْـ … ــظِ “الأَيْنِ” هَلْ هَذَا مِنَ التِّبْيَانِ؟
1632 – واللهِ مَا قَالَ الأئِمَّةُ كلَّ مَا … قَدْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ مَا كِتْمَانِ
1633 – لكنْ لأنَّ عُقُولَ أهْلِ زَمَانِهِم … ضَاقَتْ بِحَمْل دَقَائِقِ الإِيْمَانِ
1634 – وَغَدَتْ بَصائِرُهُم كَخُفَّاشٍ أَتَى … ضَوْءُ النَّهَارِ فكَفَّ عَنْ طَيَرَانِ
1635 – حَتَّى إِذَا مَا اللَّيْلُ جَاءَ ظَلَامُهُ … أَبْصَرتَهُ يَسْعَى بِكلِّ مَكَانِ
1636 – وَكَذا عُقُولُكُمُ لَوِ اسْتَشْعَرتُمُ … يَا قَوْمُ كالحَشَراتِ والفِئْرَانِ
1637 – أَنِسَتْ بإيحَاشِ الظَّلَامِ وَمَا لَهَا … بِمَطَالِعِ الأنْوَارِ قَطُّ يَدَانِ
1638 – لَوْ كَانَ حَقًا مَا يَقُولُ معَطِّلٌ … لِعُلُوِّهِ وَصِفَاتِهِ الرَّحْمنِ
1639 – لَزِمَتْكُمُ شُنَعٌ ثَلاثٌ فَارْتَؤُوا … أَوْ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ أَوْ ثِنْتَانِ


= نزول ملائكته المقربين، وذلك سائغ غير بعيد … (إلى أن قال): ومما يتجه في تأويل الحديث أن يحمل النزول على إسباغ نعمائه على عباده مع تماديهم في العدوان وإصرارهم على العصيان … ” الإرشاد ص 151.
1631 – هذا البيت ساقط من (طه). وقد تقدم الكلام في (الدليل الرابع عشر من أدلة العلو) على تأويل المعطلة لحديث الجارية.
1632 – ضبط “كل” في ف بالضم، وفي طه: “غير ما”، وفي س: “كلها” (ص).
ومعنى البيت أن الأئمة لم يقولوا كل ما قاله النبي – صلى الله عليه وسلم -، أي لم يبلغوا درجته في البيان ولا كانوا أجرأ منه في ذلك. ولم يكن ذلك كتمانًا منهم، بل عملًا بحديث: “حدّثوا الناس بما يعرفون … “، لأنهم رأوا أن أهل زمانهم لا يحتملون كثيرًا مما صرّحت به الأحاديث كحديث الصورة ونحوه. وانظر ما يأتي في البيت 1680. (سعود العريفي).
1634 – الخُفَّاش: الوطواط.
1637 – إيحاش: من الوحشة، وأوحش المنزل: ذهب عنه الناس، وقال بعضهم: إذا أقبل الليل استأنس كل وحش واستوحش كل إنس. اللسان 6/ 368.
1639 – شُنَع: جمع شُنْعَة، من الشناعة، وهي الفظاعة. الصحاح ص 1239.

  • “فارتؤوا” أي: فانظروا وتفكّروا، (ص).
    (2/439)

1640 – تَقْدِيمُهُم فِي العِلْمِ أَوْ فِي نُصْحِهِم … أَوْ فِى البَيَانِ أَذَاكَ ذُو إمْكَانِ؟
1641 – إنْ كَانَ مَا قَدْ قُلتُمُ حَقًّا فَقَدْ … ضَلَّ الوَرَى بالوَحْي والقُرْآنِ
1642 – إذْ فِيهمَا ضِدُّ الَّذِي قُلْتُم وَمَا … ضِدَّانِ فِي المعْقُولِ يَجْتَمِعَانِ
1643 – بَلْ كَانَ أَوْلَى أنْ يُعَطَلَ مِنْهُمَا … ويُحَالَ فِي علْمٍ وفِي عرفَانِ
1644 – إمَّا عَلَى “جَهْمٍ” وَ”جَعْدٍ” أوْ عَلَى “النّـ … ـظَّامِ” أَوْ ذِي المذهَبِ اليُونَانِي
1645 – وكَذَاكَ أَتْبَاعٌ لَهُم فَقْعُ الفَلَا … صُمٌّ وبكْمٌ تَابعو العُمْيَانِ


1640 – كذا في الأصل وف، ح، طه، طع، وفي غيرها: “إذ ذاك”، تحريف.
1641 – ف: “إذ”، تحريف.
1642 – ف: “قد قلتم”. وفي حاشية الأصل أيضًا كتب “قد” ثم “صح”، وهو خطأ بلا شك، (ص).
1644 – تقدمت ترجمة جهم تحت البيت رقم (40) وترجمة جعد تحت البيت رقم (50).
النظّام: هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هانئ مولى آل الحارث بن عباد الضبعي، البصري، المتكلم شيخ المعتزلة، صاحب التصانيف، وهو شيخ الجاحظ، وكان شاعرًا أديبًا، وكان يقول: “إن الله لا يقدر على الظلم ولا على الشر، وأن الله لا يقدر على إخراج أحد من جهنم” قال الذهبي – معلقًا-: “قلت القرآن والعقل الصحيح يكذبان هؤلاء ويزجرانهم عن القول بلا علم، ولم يكن النظام ممن نفعه العلم والفهم، وقد كفَّره جماعة”، وروي أنه سقط من غرفة وهو سكران فمات في خلافة المعتصم أو الواثق سنة بضع وعشرين ومائتين. السير 10/ 541 – 542، الفهرست لابن النديم ص 205 – 206.

  • “ذي المذهب اليوناني”: هو عند الشيخ هراس: ابن سينا. انظر شرحه 1/ 265 ولكن الناظم سيذكره من أفراخ القرامطة، فلعل المقصود هنا الفارابي أو الفلاسفة بالعموم، (ص).
    1645 – الفلا: جمع الفلاة، وهي الصحراء. والفَقعُ: البيضاء الرخوة من الكمأة، يشبه به الرجل الذليل فيقال: “هو فقع قرقر” لأن الدواب=
    (2/440)

1646 – وَكَذاكَ أَفْرَاخُ القَرامِطَةِ الألُى … قَدْ جَاهَرُوا بِعَداوَةِ الرَّحْمنِ
1647 – كالحَاكِمِيَّةِ والأُلى وَالَوهُمُ … كَأبِي سَعِيدٍ ثمَّ آلِ سِنَانِ
1648 – وَكَذا ابنُ سِينَا والنَّصيرُ نَصِيرُ أَهْـ … ــلِ الشِّرْكِ والتّكذِيبِ والكُفْرانِ


= تنجُله بأرجلها أو لأنه لا يمتنع على من اجتناه، أو لأنه لا أصول له ولا أغصان. انظر: الصحاح ص 1259، مجمع الأمثال للميداني (2/ 18).
والناظم هنا شبه أتباع المعطلة بالفقع الذي لا يمتنع على من اجتناه ولا أصول له ولا أغصان وكذلك هؤلاء.
1646 – سبق ذكر القرامطة في البيت (786).
1647 – الحاكمية: من فرق الباطنية الإسماعيلية العبيدية، ويطلق عليهم الدروز، نسبة إلى مؤسسها محمد بن إسماعيل ويقال له: “درزي”، ويقال لهم “الحاكمية” لأنهم يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله العبيدي، ومن اعتقاداتهم: أنهم جحدوا كل ما أخبر الله به من يوم القيامة والثواب والعقاب، وقالوا بالتناسخ، وهم ينتشرون الآن في جبل حوران المعروف بـ”جبل الدروز” في سوريا، وفي لبنان وفلسطين.
انظر: فرق معاصرة تنسب للإسلام 1/ 365، لغالب علي عواجي، عقيدة الدروز لمحمد الخطيب.

  • أبو سعيد: هو الحسن بن بهرام، أبو سعيد الجنابي القرمطي، رأس القرامطة -قبحهُ الله- في بلاد البحرين، وكان على اعتقاد خبيث تاركًا للصلاة والزكاة، وكان ينكر على من يذكر الله ويسبّحهُ، مات مقتولًا على يد أحد خدمه سنة 301 هـ. البداية والنهاية 11/ 128 – 130، توضيح المقاصد 1/ 508.
  • آل سنان سبق ذكرهم في البيت (490).
  • في هامش الأصل: (الحاكمية).
    1648 – ابن سينا: تقدمت ترجمته تحت البيت (94).
    النصير: تقدمت ترجمته تحت البيت (487).
    (2/441)

1649 – وَكذاكَ أَفراخُ المجُوسِ وشِبهِهِمْ … والصَّابِئِينَ وكلُّ ذِي بُهْتَانِ
1650 – إخْوانُ إِبلِيسَ اللعِينِ وجُنْدُه … لَا مرحبًا بعَسَاكِرِ الشَّيْطَانِ
1651 – أَفَمَنْ حَوَالَتُهُ عَلَى التَّنْزِيلِ والـ … ــوَحْي المبِينِ ومُحْكَمِ القُرْآنِ
1652 – كمُحَيَّرٍ أضحَتْ حَوَالَتُهُ عَلَى … أَمثَالِهِ أمْ كَيْفَ يَسْتَويَانِ
1653 – أمْ كَيفَ يشْعُرُ تَائِهْ بمُصَابِهِ … والقَلْبُ قَدْ جُعِلَتْ لَهُ قُفْلَانِ
1654 – قُفْلٌ مِنَ الجَهْلِ المركَّبِ فَوْقَهُ …. قُفْلُ التَّعَصُّبِ كَيْفَ يَنْفَتِحَانِ


1649 – المجوس: هم الذين يعبدون النار، ويسجدون للشمس إذا طلعت، وينكرون نبوة آدم ونوح، وقالوا: إن الله لم يرسل إلا رسولًا واحدًا ولا ندري من هو، ويقولون بإثبات أصلين: النور والظلمة، ويستحلّون المحارم. الملل والنحل 1/ 230، البرهان للسكسكي ص 90، اعتقادات فرق المشركين للرازي ص 120.

  • الصابئون: هم الذين بعث فيهم إبراهيم الخليل عليه السلام وكانوا يسكنون حران، وكانوا يعظمون الكواكب السبعة ويقولون إنها مدبرة هذا العالم، وهذا هو أرجح الأقوال فيهم كما رجحه ابن كثير والرازي. وبعضهم يقول بأنهم قسمان: مشركون وهم عبدة الكواكب والنجوم، وحنفاء: وهم الذين جاء ذكرهم في القرآن وهم قوم إبراهيم أهل دعوته. الملل والنحل 2/ 5، اعتقادات فرق المشركين ص 125، البرهان ص 92، إغاثة اللهفان 2/ 249، تفسير ابن كثير 1/ 104.
  • لم يضبط “كل” في النسخ، ويجوز ضمّه عطفًا على (أفراخ) وجزه عطفًا على (الصابئين)، (ص).
    1650 – س: “وحزبه”.
    1651 – كذا في الأصل، س، ط، وفي غيرها: “الفرقان”.
    1653 – “القفل” مذكر، ولكن أنث الفعل “جعلت” للضرورة. انظر ما سبق في البيت (228)، (ص).
    1654 – الجهل: هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، وهو نوعان: الجهل البسيط، وهو عدم العلم بالشيء أصلًا. والجهل المركب، وهو عبارة عن =
    (2/442)

1655 – وَمَفَاتحُ الأقْفَالِ فِي يَدِ مَنْ لَهُ التَّـ … ــصْريفُ سُبْحَانَ العَظِيمِ الشَّانِ
165 – فاسْألهُ فَتْحَ القُفْلِ مجْتَهِدًا عَلَى الْـ … أسْنَانِ إنَّ الفَتْحَ بالأسْنَانِ


فصلٌ
1657 – هَذَا وخَاتَمُ هذِهِ العِشْرِينَ وَجْـ … ــهًا وَهْوَ أَقْرَبُهَا إلَى الأذْهَانِ
1658 – سَرْدُ النُّصُوصِ فإنَّهَا قَدْ نَوَّعَتْ … طُرُقَ الأدِلَّةِ فِي أتَمِّ بَيَانِ
1659 – والنَّظْمُ يَمنَعُنِي مِنَ اسْتِيفَائِهَا … وَسِيَاقَةِ الألْفَاظِ بالميزَانِ
1660 – فَأُشِيرُ بَعْضَ إِشَارَةٍ لموَاضع … مِنْهَا وَأَيْنَ البَحْرُ مِنْ خُلْجَانِ
1661 – فاذكُرْ نُصُوصَ الاسْتِواءِ فإنَّها … فِي سَبْعِ آياتٍ مِنَ القُرْآنِ
1662 – واذكُرْ نُصُوصَ الفَوقِ أَيضًا فِي ثَلَا … ثٍ قَدْ غَدَتْ مَعْلومَةَ التِّبيَانِ
1663 – واذكُرْ نُصُوصَ عُلُوِّهِ فِي خَمْسَةٍ …. مَعْلُومةٍ بَرِئَتْ مِنَ النُقْصَانِ


= اعتقاد جازم غير مطابق، أو هو تصور الشيء على خلاف ما هو به.
وسمي هذا الجهل جهلًا مركبًا لأنّ فيه جهلين: جهلًا بالمدرَك، وجهلًا بأنه جاهل.
انظر: التعريفات للجرجاني ص 108، التوقيف على مُهِمَّات التعاريف ص 260، الأنجم الزاهرات للمارديني ص 99.
1660 – الخلجان: جمع خليج.
1661 – تقدم ذكر هذه المواضع تحت البيت رقم (1115).
1662 – تقدم ذكر هذه المواضع عند البيت رقم (1140).
1663 – والصواب أنها أكثر وقد ذكرنا خمسة مواضع تحت البيتين (1124) و (1125)، والمواضع الباقية هي:
قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30)} [لقمان: 30].
وقوله: {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23].=
(2/443)


1664 – واذكُرْ نُصُوصًا في الكِتَابِ تَضَمَّنَتْ … تَنْزِيلَهُ مِنْ رَبّنَا الرَّحْمنِ
1665 – فتضَمَّنتْ أصْلَيْنِ قَامَ عَلَيهِمَا الْـ … إسْلَامُ والإيمَانُ كالبُنْيَانِ
1666 – كَوْنَ الكِتَابِ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ … وَعُلُوَّهُ مِنْ فَوْقِ كُلِّ مَكَانِ
1667 – وعِدَادُهَا سَبْعُونَ حِينَ تُعَدُّ أَوْ … زَادَتْ عَلَى السَّبْعِينَ فِي الحُسْبَانِ
1668 – واذكُرْ نُصُوصًا ضُمِّنَتْ رَفْعًا ومِعْـ … ـــــرَاجًا وإصْعَادًا إلَى الدَّيَّانِ
1669 – هِيَ خَمْسَة مَعْلُومَةٌ بالعَدِّ والْـ … ـحُسْبَانِ فاطْلُبْهَا مِنَ القُرْآنِ
1670 – وَلَقَدْ أَتَى فِي سُورَةِ المُلْكِ الَّتِي … تُنْجِي لِقَارِئهَا مِنَ النِّيرَانِ


= وقوله: {وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: 12].
وقوله: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشورى: 51].
1664 – تقدمت الإشارة إلى هذا الدليل في البيت رقم (1205).
1668 – من نصوص الرفع:
قوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)} [النساء: 158].
وقوله: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55].

  • ومن نصوص المعراج:
    قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4].
    وقوله تعالى: {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5].
  • ومن نصوص الإصعاد إلى الله:
    قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
  • وهذه خمسة مواضع كما ذكر الناظم. وانظر ما سبق في الأبيات: (359، 363، 1161، 1189).
    1670 – يشير الناظم إلى ما ورد في فضل سورة الملك وأنها تنجي قارئها من عذاب القبر فقد ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: “ضرب بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – خباءهُ على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، =
    (2/444)

1671 – نَصَّانِ: أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ سَمَائِهِ … عِنْدَ المُحرِّفِ مَا هُمَا نَصَّانِ
1672 – ولقَدْ أتَى التَّخْصِيصُ بالْعِنْدِ الَّذِي … قُلنَا بِسَبْعٍ بَلْ أَتَى بِثَمَانِ


= فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها، فأتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إني ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرأ سورة تبارك الملك حتى ختمها فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر”.
الحديث أخرجه: الترمذي في كتاب فضائل القرآن – باب فضل سورة تبارك برقم (2890) وقال. “حسن غريب من هذا الوجه”. وأبو نعيم في الحلية (3/ 81) وقال: “غريب من حديث أبي الجوزاء لم نكتبه مرفوعًا مجودًا إلا من حديث يحيى بن عمرو عن أبيه”. والطبراني في الكبير (12/ 174). وابن عدي في الكامل (7/ 250). والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم (150) ص 99، وفي دلائل النبوة (7/ 41)، وقال: “تفرد به يحيى بن عمرو النكري، وهو ضعيف إلا أن لمعناه شاهدًا عن عبد الله بن مسعود” (وسيأتي).

  • وأورده السيوطي في الدر المنثور (8/ 231) وعزاه إلى ابن مردويه وابن نصر.
    وأما الشاهد الذي أشار إليه البيهقي فهو عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وجاء فيه: “كنا نسميها في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المانعة” وله ألفاظ أخرى.
    وأخرجه: عبد الرزاق في المصنف 3/ 379، والطبراني 9/ 140، والحاكم في المستدرك (498/ 2)، وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم (149) ص 99، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم (711) ص 433 – 434، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين 4/ 10 برقم (526)، وأورده السيوطي في الدر المنثور (8/ 231) وعزاه إلى ابن مردويه وجوَّد إسناده.
    1671 – تقدمت الإشارة إلى الموضعين عند البيت رقم (1227)، وانظر تأويل الرازي وتحريفه للنصين في تفسيره (8/ 179).
    1672 – وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الدليل عند البيت رقم (1240) والمواضع=
    (2/445)

1673 – مِنْهَا صَريحٌ مَوْضعَانِ بِسُورَة الْـ … أَعْرَافِ ثم الأنِبيَاءِ الثَّانِي
1674 – فَتَدَبَّرِ النَّصينِ وانظُرْ مَا الَّذِي … لِسواهُ ليْسَتْ تقتَضي النَّصَّانِ
1675 – وبِسُورة التحْرِيمِ أيْضًا ثَالثٌ … بَادِي الظُّهورِ لِمَنْ لَهُ أُذنَانِ
1676 – وَلَدَيْهِ في مُزَّمِّلٍ قَدْ بيَّنَتْ … نفْسَ المرَادِ وقيَّدَتْ ببيانِ


= الثمانية سوف يشير الناظم إلى أربعة منها وأما الأربعة الأخرى فلعلها ما يلي:
1 – قوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ} [البقرة: 110].
2 – وقوله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر: 54، 55].
3 – وقوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران: 169].
4 – وقوله: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38)} [فصلت: 38].
1673 – وهما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)} [الأعراف: 206].
وقوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19)} [الأنبياء: 19].
1674 – طت، طه: (فتدبر التعيين)، وهو تحريف.

  • أنث الفعل للنص -وهو مذكر- للضرورة. انظر ما سبق فى البيت (228).
    وسيأتي تأنيث النص مرة أخرى في البيتين: (4446، 4561)، (ص).
    1675 – وهو قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)} [التحريم: 11].
    1676 – وهو قوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20].=
    (2/446)

1677 – لا تنْقُضُ الباقي فما لمُعَطِّلٍ … من راحةٍ فيها ولا تِبيْانِ
1678 – وبسُورَةِ الشُّورَى وَفِي مُزَّمِّلٍ … سِرٌّ عَظِيمٌ شَأْنْهُ ذُو شَانِ
1679 – فِي ذِكْرِ تَفْطِيرِ السَّمَاءِ فمَنْ يُرِدْ … عِلْمًا بِهِ فَهُوَ القَريبُ الدَّانِي
1680 – لَم يَسْمَحِ المتَأخِّرونَ بنَقْلِهِ … جُبْنًا وَضَعْفًا عَنْهُ فِي الإيْمَانِ


= – ضبط الفعلان (بينت، قيدت) في (ف) بالبناء للمجهول، ولا يصح ذلك في الأول، (ص).
1677 – في د، طع: “تنقص”، وقيده الشارح بالصاد المهملة، وقال في تفسيره: “لا تنقصِ المواضع السبعة التي ذكرها الناظم، لأنه لم يذكر إلاّ بعضها” (1/ 513).
لكن في الأصل و (ف) وغيرهما بالضاد المعجمة، إلا أن حرف المضارع لم ينقط فيهما ولا في ظ. وفي غيرها نقط بالتاء، يعني أن آية المزمل التي قيّدت المراد ببيان لا تنقض المواضع الأخرى، فلا راحة فيها لمعطّل، (ص).

  • ف: (ولا لمعطل).
    1679 – يشير إلى قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)} [الشورى: 5].
    وقوله تعالى في سورة المزمل: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18)} [المزمل: 17، 18].
    1680 – الظاهر أن الناظم يقصد بالمتأخرين بعض المنتسبين للسنّة ممن جبن عن إيراد مثل هذه المرويات تجنبًا لاتهام المتكلمين له بالتجسيم والتشبيه. أما الرازي الذي قال عند تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ … }: ” … روى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: (تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن قال والمعنى أنها تكاد يتفطرن من ثقل الله عليها)، واعلم أن هذا القول سخيف ويجب القطع ببراءة ابن عباس عنه .. “. مفاتيح الغيب 7/ 372. وأمثاله ممن كان على غير طريقة السلف فلا يسمحون بنقل الآحاد في العقائد عمومًا.
    وقد ذكر الشيخ الهراس في شرحه لهذه الأبيات أن المتأخرين من المفسرين =
    (2/447)

1681 – بَلْ قَالَهُ المتقدِّمُونَ فَوَارِسُ الْـ … إسْلَامِ هُمْ أُمَراءُ هَذَا الشَّانِ
1682 – وَمحمَّدُ بنُ جَرِيرٍ الطبرِيُّ في … تَفْسِيرِهِ حُكِيتْ بِهِ القَوْلَانِ


فصلٌ
1683 – هَذَا وَحَادِيهَا وَعِشرونَ الَّذِي … قدْ جَاءَ فِي الأخْبَارِ والقُرْآنِ
1684 – إتيانُ رَبِّ العرْشِ جَلَّ جَلَالُهُ … ومَجِيئُهُ لِلفَصْلِ بالمِيزَانِ


= مثل ابن كثير وغيره جبنوا عن إيراد هذا القول الثاني. (1/ 272) لعلّ ذكر ابن كثير في شرح هذا البيت للتمثيل، لا أنّه هو المقصود هنا، فإنه تلميذ ابن القيم ولم يطلع ابن القيم على تفسيره حتى يقصده بهذا القول.
1682 – فسر الطبري قوله تعالى في سورة الشورى بأن السماوات تنفطر من ثقل الله عزَّ وجلَّ وعظمته وجلاله. وأسنده إلى ابن عباس وكعب والسدي وقتادة وغيرهم. انظر جامع البيان 25/ 7.
أما قوله تعالى في سورة المزمل ففسره بأن السماء مثقلة بذلك اليوم متصدعة. وأورد في تأييده قول ابن عباس: “يعني تشقق السماء حين ينزل الرحمن جلّ وعزّ” وقول مجاهد: “منفطر به: مثقلة به” انظر: جامع البيان 29/ 138. فالظاهر أن الباء في “به” عند الطبري للظرفية، والضمير راجع إلى اليوم وسبب الانفطار تفسره آية الشورى. ولم يشر الطبري إلى اختلاف في تأويل الآية. وانظر تفسير سورة المزمل في تفسير ابن كثير، (ص).
1683 – كذا في ف، طه. وفي الأصل وغيره: “وعشرين”.
1684 – : “والميزان”. ويشير الناظم إلى قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22].
وقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158].
وقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210]. وانظر البيت (449).
(2/448)


1685 – فانظُرْ إِلَى التّقْسيمِ والتّنْويعِ فِي الـ … ــقرْآنِ تُلْفيهِ صَرِيحَ بَيَانِ
1686 – أنَّ المجيءَ لِذَاتِهِ لَا أمرِهِ … كَلَّا وَلَا مَلَكٍ عَظِيمِ الشَّانِ
1687 – إذْ ذَانِكَ الأمْرَانِ قَدْ ذُكِرَا وَبَيْـ … ـــنَهُمَا مَجيءُ الربِّ ذِي الغُفْرَانِ
1688 – واللهِ مَا احْتَمَلَ المجيءُ سوَى مَجِي … ءِ الذَّاتِ بَعْدَ تَبيُّنِ البُرْهَانِ
1689 – مِنْ أينَ يأتِي يا أُولِي المعْقُولِ إنْ … كُنْتُمْ ذَوِي عَقْلٍ مَعَ العِرْفَانِ
1690 – مِنْ فَوْقِنَا أوْ تَحْتِنَا [أوْ خَلْفِنَا] … أوْ عَنْ شَمَائِلنا وعنْ أيْمَانِ
1691 – واللهِ لَا يَأتِيِهُمُ مِنْ تَحْتِهِمْ … أبدًا تَعَالَى اللَّهُ ذُو السُّلطَانِ


1685 – (تُلْفيه): من ألفيتُ الشيء: وجدتُه. وأجرى المعتلّ مجرى الصحيح للضرورة. انظر ما سبق في البيت (295)، (ص).
1686 – وقد رد الناظم على من تأوّل مجيء الله سبحانه وقال إنه مجاز من عشرة أوجه كما في مختصر الصواعق ص 294 – 296. فمن ذلك قوله: “الرابع: إن في السياق ما يبطل هذا التقدير (يعني بالأمر أو الملك) وهو قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} فَعَطْفُ مجيء الملك على مجيئه سبحانه يدل على تغاير المجيئين، وأن مجيئه سبحانه حقيقة، كما أن مجيء الملك حقيقة، بل مجيء الرب سبحانه أولى أن يكون حقيقة من مجيء الملك.
وكذلك قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158]. ففرق بين إتيان الملائكة وإتيان الرب وإتيان بعض آيات ربك، فقسم ونوع، ومع هذا التقسيم يمتنع أن يكون القسمان واحدًا فتأمّله” مختصر الصواعق ص 294.
وانظر تأويل أهل التعطيل لمجيئه سبحانه في: متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار 1/ 120 – 121.
1687 – يشير إلى آية الأنعام الآنفة الذكر.
1690 – ما بين المعكوفتين زيادة جاءت في حاشية ظ مع علامة “صح” وزاد ناشر (طع) مكانها: “وأمامنا”. وفي (طه) بعد “عن شمائلنا”: “ومن خلف” ولعل ذلك كله لإصلاح وزن البيت الذي نقص منه ركن. انظر التعليق على البيت (683)، (ص).
(2/449)


1692 – كَلَّا وَلَا مِنْ خَلْفِهِمْ وأَمَامِهِمْ … وَعَنِ الشَّمَائِلِ أوْ عَنِ الأيْمَانِ
1693 – واللهِ لَا يأتِيهُمُ إلَّا مِنَ الـ … ــعُلْوِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ كُلَّ مَكَانِ


فصلٌ فِي الإشَارة إلى ذلك من السنة
1694 – وَاذْكُرْ حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ تَضَمَّنتْ … كَلِمَاتُهُ تَكْذِيبَ ذِي البُهْتَانِ
1695 – لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلِيقَةَ ربُّنَا … كَتَبَتْ يَدَاهُ كِتَابَ ذِي الإِحْسَانِ


1693 – وهذا هو وجه استدلال الناظم بهذا الدليل: وذلك أنه إذا ثبت المجيء لله فيلزم أن يكون من جهة العلو لا غير؛ إذ يستحيل أن يأتي من جهة غيرها، إذ هي أشرف الجهات اللائقة به سبحانه.
1694 – في الأصل: “ذي بهتان”. وأثبتنا ما في (ف) وغيرها.
1695 – يشير الناظم إلى الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم -قال: “لما خلق الله الخلق كتب كتابه فهو فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي”. وقد تقدمت إشارة الناظم إليه عند البيت (1241)، وتقدم هناك تخريجه.
قوله: “كتبت يداه”: يشير الناظم إلى ما ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث وهو في غير الصحيح كما هو عند ابن ماجه وجاء فيه: “إن الله لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي”. وبهذا اللفظ أخرجه ابن ماجه في الزهد – باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة برقم (4349) 2/ 447، وأحمد في المسند 2/ 397، 433، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة 1/ 295 برقم (571)، وابن حبان في صحيحه 14/ 14، برقم (6145)، والدارقطني في الصفات برقم (16)، والذهبي في العلو (مختصر ص 92).
والحديث بهذا اللفظ صححه الألباني: (انظر: السلسلة الصحيحة (1629)، صحيح ابن ماجه 2/ 427، برقم (3467)). وحسنه الأرناؤوط (الإحسان لابن بلبان (14/ 14)).
(2/450)


1696 – وَكِتَابُهُ هُوَ عِنْدَهُ وَضْعٌ عَلَى الـ … ـعَرْشِ المَجِيدِ الثَّابِتِ الأرْكَانِ
1697 – إنِّي أَنَا الرحْمنُ تَسْبِقُ رَحْمتِي … غَضَبِي وَذَاكَ لرأفَتِي وَحَنَانِي
1698 – وَلقدْ أَشَارَ نبيُّنا في خُطبَةٍ … نَحْوَ السَّمَاءِ بإصْبَعٍ وبَنَانِ
1699 – مُشتَشْهدًا ربَّ السَّمَواتِ العُلَى … لِيَرى ويسْمَعَ قَوْلَهُ الثَّقَلانِ
1700 – أتراهُ أمْسَى لِلسَّمَا مُسْتَشْهِدًا … أمْ للَّذِي هُوَ فَوْقَ ذِي الأكْوانِ
1701 – ولقَدْ أتَى فِي رُقْيَةِ المرْضَى عَنِ الـ … ـهَادِي المُبِينِ أتمَّ مَا تِبْيَانِ
1702 – نَصٌّ بأنَّ اللَّهَ فوْقَ سَمَائِهِ … فاسْمَعْهُ إنْ سَمَحَتْ لَكَ الأذُنَانِ


1697 – قوله: “وحناني”: يشير إلى اتصاف الله سبحانه بالرحمة، فإن الحنان في اللغة يطلق ويراد به: الرحمة. وانظر البيت (44).
1698 – يعني: في خطبته – صلى الله عليه وسلم – في حجة الوداع.

  • وقد تقدمت إشارة الناظم إلى هذا الحديث عند البيت رقم (1254) وتقدم تخريجه.
    1702 – ب، طت، طه: (سمعت) وهو تصحيف.
  • يشير الناظم في هذا البيت والذي قبله إلى حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -يقول: “من اشتكى منكم شيئًا أو اشتكاه أخٌ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك وشفاءً من شفائك على هذا الوجع. فيبرأ”.
    أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الطب – باب كيف يرقى برقم (3892)، وأحمد في المسند 6/ 21، والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم (1035 – 1038)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (70) ص 41، وفي الرد على المريسي ص 104، والبيهقي في الأسماء والصفات برقم (892) 2/ 327، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/ 389 برقم (648)، والطبراني في الدعاء 2/ 1306 برقم (1082)، والحاكم في=
    (2/451)

1703 – وَلَقَدْ أَتَى خَبَرٌ رَواهُ عَمُّهُ الْـ … ــعَبَّاسُ صِنْوُ أَبيهِ ذُو الإِحْسَانِ


= المستدرك (1/ 344)، (4/ 218، 219)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (18) ص 48، وابن عدي في الكامل (3/ 197)، وابن حبان في المجروحين (1/ 304)، والأصبهاني في الحجة (2/ 84) برقم (42).
والحديث: حسَّنه شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 3/ 139).

  • وصححه الدارمي في ردِّه على المريسي ص 104 حيث قال: “وسنذكر في إبطال حجتك في هذه المسألة أخبارًا صحيحة .. ” وذكر منها هذا الحديث.
  • وابن قدامة في العلو ص 45 حيث قال: “ذكر الأحاديث الصحيحة الصريحة في أن الله تعالى في السماء … ” وذكر هذا الحديث.
  • وصححه الحاكم في المستدرك (4/ 219) ولم يوافقه الذهبي.
  • وأورده الناظم في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 13/ 21) محتجًا به، وفي زاد المعاد (4/ 174).
  • والحديث ضعفه الألباني كما في: المشكاة برقم (1555).
  • وحجة من ضعفه أن في أحد طرق الحديث: “زيادة بن محمد الأنصاري ” وهو منكر الحديث كما قال الحافظ في التقريب ص 221، وفي الطريق الآخر: “أبو بكر عبد الله بن أبي مريم الغساني” وهو ضعيف كما في التقريب ص 623.
    وقال الذهبي عن زيادة: “وقد انفرد بحديث الرقية” ميزان الاعتدال 2/ 288. انظر: التهذيب 3/ 339، الكامل لابن عدي 2/ 40، الميزان 6/ 171.
    ولكن ذكر الحافظ في الإصابة طريقًا آخر لهذا الحديث (1/ 310) حيث قال: “ورواه شعبة عن يونس عن طلق عن رجل من أهل الشام عن أبيه وهو أصح” ا. هـ، وهذا الطريق عند النسائي في عمل اليوم والليلة برقم (1036) وأورد له النسائي طرقًا أخرى.
    فهو كما قال شيخ الإسلام: إنه حديث حسن، وليس فيه ما يستنكر.
    1703 – العباس: هو ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، أبو الفضل، عمّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وصنو أبيه، كان أسنَّ من =
    (2/452)

1704 – أن السَّمواتِ العُلَا مِنْ فَوْقِهَا الـ … ـــكرسِيْ عَلَيْهِ العَرْشُ للرَّحْمنِ
1705 – واللَّهُ فوْقَ العَرْشِ يُبْصِرُ خَلْقَهُ … فانظُرْهُ إنْ سَمَحَتْ لَكَ العَيْنَانِ


= الرسول – صلى الله عليه وسلم – بسنتين وقيل بثلاث، وكان في الجاهلية رئيسًا في قريش وإليه كانت عمارة المسجد والسقاية، شهد مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيعة العقبة لما بايعه الأنصار ولم يكن حينئذ أسلم، وشهد مع الرسول حنينًا وثبت معه، وكان وصولًا لأرحام قريش محسنًا إليهم ذا رأي سديد وعقلٍ غزير.
الإصابة (2/ 271)، أسد الغابة (3/ 109)، سير أعلام النبلاء (2/ 78).
1705 – طه: “ينظر خلقه”. ب: “شخصت لك”.

  • يشير الناظم في هذه الأبيات الثلاثة إلى حديث الأوعال الذي ورد عن العباس بن عبد المطلب قال: “كنت بالبطحاء، في عصابة فيهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال: “ما تسمون هذه؟ ” قالوا: السحاب، قال: “والمزن”، قالوا: والمزن، قال: “والعنان”، قالوا: والعنان، قال: “هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ ” قالوا: لا ندري، قال: “إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك، حتى عدَّ سبع سماوات ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهم العرش ما بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك”.
    الحديث أخرجه: الإمام أحمد في المسند (1/ 206 – 207)، وأبو داود في سننه في كتاب السنة – باب ما جاء في الجهمية برقم (4723)، وابن ماجه في سننه في المقدمة – باب فيما أنكرت الجهمية برقم (181)، والترمذي في سننه في كتاب التفسير – باب سورة الحاقة (5/ 395) برقم (3320)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (72) ص 42، وفي الرد على المريسي ص 91، وابن خزيمة في التوحيد – باب ذكر الاستواء برقم (144) (1/ 234 – 235)، وابن أبي عاصم في السنة – باب (123) (1/ 253) برقم (577)، والبيهقي في الأسماء والصفات – باب ما جاء في العرش والكرسي =
    (2/453)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= (2/ 285) برقم (847)، وابن أبي شيبة في العرش برقم (9) ص 55، والآجري في الشريعة – في باب ذكر السنن التي دلّت العقلاء على أن الله على عرشه فوق سبع سماواته ص 259، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 389 – 390) برقم (650)، (651)، والحاكم في المستدرك (2/ 288، 412، 500، 501)، وابن منده في التوحيد (1/ 114) برقم (21)، (3/ 187) برقم (642)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 566) برقم (204)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 284) برقم (852)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو ص 59 برقم (29)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 140)، والبغوي في التفسير (8/ 210)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 77) برقم (72).
والحديث: حسنه الترمذي في سننه (5/ 395)، وصححه الحاكم (2/ 412)، وقال في موضع آخر (2/ 500): “حديث صحيح على شرط مسلم”، وصححه الجوزقاني وقال: “هذا حديث صحيح” (1/ 79)، وصححه ابن العربي في عارضة الأحوذي (12/ 217)، وصححه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3/ 191 – 192). وردَّ على من ضعفه. والناظم في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 13/ 6) ورد على من ضعفه بشكل مطوّل. وقال في الصواعق (مختصر ص 356: “رواه أبو داود بإسناد جيد”).
وصحح بعض طرقه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (3/ 204) برقم (771)، ومال ابن كثير إلى تصحيح الحديث في البداية والنهاية (1/ 17، 27).
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (2/ 854): “وقال الحافظ الذهبي رواه أبو داود بإسناد حسن”.
وقال أيضًا في قرة عيون الموحدين ص 213: “قلت وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما مع ما يدل عليه صريح القرآن فلا عبرة بقول من ضعفه”.
(2/454)


1706 – واذْكُرْ حَدِيثَ حُصيْنٍ بنِ المُنْذِرِ الثِّـ … ـقَةِ الرِّضَا أَعْنِي أبَا عِمْرَانِ
1707 – إذ قَالَ رَبِّي فِي السَّماءِ لِرغبَتِي … ولِرهْبَتِي أدْعُوهُ كلَّ أوَانِ


1706 – كذا “ابن المنذر” في جميع النسخ ولم أجد أحدًا نسبه إلى المنذر، وهو حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، والد عمران، اختلف في إسلامه، ولكن الراجح أنه أسلم لثبوت ذلك بأسانيد صحاح كما قال الحافظ. انظر: الإصابة 1/ 337، أسد الغابة 2/ 25، تهذيب التهذيب 2/ 331.
1707 – يشير الناظم إلى ما ورد في الحديث عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لأبي: “يا حصين كم تعبد اليوم إلهًا؟ ” قال أبي: سبعة، ستة في الأرض، وواحدًا في السماء، قال: “فأيّهم تعبد لرغبتك ورهبتك؟ ” قال: الذي في السماء، قال: “يا حصين أما إنك لو أسلمت علّمتك كلمتين تنفعانك”، قال: فلما أسلم حصين قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: “قل اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي”.
الحديث أخرجه: الترمذي في كتاب الدعوات – باب (75) (5/ 485) برقم (3483)، والدارمي في الرد على المريسي ص 24، والنسائي في عمل اليوم والليلة مختصرًا برقم (993)، (994) ص 547 – 548، والإمام أحمد مختصرًا في المسند (4/ 444)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 277 – 278)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 329) برقم (894)، والطبراني في الكبير (18/ 174) برقم (396)، وفي الدعاء (3/ 1450 – 1451) برقم (1393)، (1394)، والحاكم في المستدرك مختصرًا (1/ 510)، والأصبهاني في الحجة (2/ 98) برقم (54)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (19) ص 49، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/ 347) برقم (2525)، ولفظه مخالف لغيره، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 3/ 181) برقم (899)، وأورده البخاري في خلق أفعال العباد برقم (107) ص 35 محتجًا به.
والحديث صحح بعض طرقه في الإصابة (1/ 337). وانظر: التهذيب (2/ 331)، وصححه الحاكم في المستدرك (1/ 510).
(2/455)


1708 – فأقَرّهُ الهَادِي البشِيرُ ولمْ يَقُلْ … أَنْتَ المجَسِّمُ قَائِلٌ بِمَكَانِ
1709 – حَيّزْتَ بَلْ جَهَّيْتَ بَلْ شَبَّهْتَ [بَلْ … جَسَّمْتَ] لَسْتَ بعَارِف الرَّحْمنِ
1710 – هَذِي مقَالَتُهُمْ لمنْ قَدْ قَالَ مَا … قَدْ قَالَهُ حقًّا أبُو عمْرَانِ
1711 – فاللهُ يأخُذُ حَقَّهُ مِنْهُمْ وَمِنْ … أتْباعِهِمْ فالحَقُّ لِلديّانِ
1712 – وَاذْكُرْ شَهَادَتَهُ لِمَنْ قَدْ قَالَ رَبّـ … ـي فِي السَّما بِحقِيقَةِ الإيمَانِ
1713 – وشَهَادَةَ العَدْلِ المعطِّلِ للذِي … قَدْ قَالَ ذَا بِحَقِيقَةِ الكُفْرانِ
1714 – واحكُمْ بأيّهِمَا تَشَاءُ وإنَّنِي … لَأرَاكَ تَقْبَلُ شَاهِدَ البُطْلَانِ


1708 – والناظم يشير إلى وجه الاستدلال من حديث عمران: وهو أنه ذكر أن الله في السماء ولم ينكر عليه النبي – صلى الله عليه وسلم -.
1709 – لم يرد ما بين الحاصرتين في الأصل وف. وزدناه من غيرهما، ولا بدّ منه لإقامة الوزن، (ص).

  • لم يقل له النبي – صلى الله عليه وسلم -: جعلت الله في حيّز، بل في جهة، بل شبّهته بالمخلوقات، بل قلت إنه جسم.
    1710 – يعني: نفاة العلو.
    “أبو عمران “: هو: حصين الخزاعي الآنف الذكر.
    1711 – كذا في الأصل و (ف، د) وفي غيرها: “للرحمن”.
    1712 – يعني شهادة النبي – صلى الله عليه وسلم – لجارية الصحابي الجليل معاوية بن الحكم السلمي، وحديثها مشهور. وقد تقدم تخريجه تحت البيت رقم (1296).
    1713 – الناظم هنا يصف المعطل بالعدل من باب التهكم والسخرية به.
  • تقدم الكلام عن تكفير أهل البدع لمن أثبت العلو عند (الدليل الرابع عشر من أدلة العلو).
    1714 – في الأصل: “فإنني”. وأثبتنا ما في (ف) وغيرها، (ص).
  • “لأراك “: أي “لأظنك”.
  • ف: (شهادة البطلان)، خطأ.
    (2/456)

1715 – إنْ كُنتَ مِنْ أتبَاعِ جَهْمٍ صَاحِبِ التَّـ … ـعْطِيل والبُهْتَانِ والعُدْوانِ
1716 – واذكُر حَديثًا لابن إسْحَاقَ الرِّضَا … ذَاكَ الصَّدوقِ الحَافِظِ الرَّبَّاني
1717 – فِي قِصَّةِ اسْتِسْقَائِهمْ يَسْتَشْفِعُو … نَ إلَى الرَّسُولِ بربِّهِ المنَّانِ
1718 – فَاسْتَعْظَمَ المُختَارُ ذاكَ وَقَالَ شأ … نُ اللهِ ربِّ العَرْشِ أعظَمُ شَانِ
1719 – اللهُ فوقَ العرْشِ فَوْقَ سَمَائِهِ … سُبْحَانَ ذِي الملَكُوتِ والسُّلطَانِ
1720 – ولِعَرْشِهِ مِنْهُ أطِيطٌ مِثْلَ مَا … قَدْ أطَّ رَحْلُ الراكِبِ العَجْلانِ


1715 – تقدمت ترجمة جهم تحت البيت رقم (40).
والناظم في هذا البيت والذي قبله يخاطب من اغترّ بكلام أهل التعطيل ويقول له: “إني لأظنك تقبل كلامهم إذا كنت من أتباع جهم، وإن كنت من أتباع أهل الحق فلن تقبل كلامهم وشهادتهم الباطلة على أهل السنة بالكفر”.
1716 – ابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، وقد تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (1170).
1718 – “المختار”: هو النبي – صلى الله عليه وسلم -.
1719 – ف: (سبحانه)، خطأ.
1720 – الأطيط: صوت الأقتاب، والرحل، والإبل من ثقلها. انظر ما سبق في البيت (427).

  • يشير الناظم في هذه الأبيات إلى الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: “جاء أعرابي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “ويحك أتدري ما تقول؟ ” وسبح رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: “ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك أندري ما الله؟ إن عرشه على سماواته لهكذا” -وقال بأصابعه مثل القبة عليه-: “وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب”.=
    (2/457)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الحديث أخرجه: أبو داود في سننه في السنة – باب في الجهمية 4/ 232 برقم (4726)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (71) ص 41، وفي الرد على المريسي ص 89، 105، والطبراني في الكبير (2/ 128 – 129) برقم (1546)، (1547)، وابن أبي شيبة في العرش برقم (11) ص 56، والآجري في الشريعة ص 260، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 394) برقم (656)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 252) برقم (575)، والدارقطني في الصفات برقم (38)، (39) ص 52، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 317 – 319) برقم (883)، وأبو الشيخ في العظمة ( 2/ 554 ) برقم (198)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 239) برقم (147)، وابن منده في التوحيد (3/ 188) برقم (643)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (30) ص 65 – 61، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 141)، والبغوي في شرح السنة (1/ 175).
والحديث صحيح قد صححه جماعة من الحفاظ:
صححه أبو داود فقد قال عقب هذا الحديث: “والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح، وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن معين وعلي بن المديني، ورواه جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد” ا. هـ.

  • وصححه الدارمي (كما ذكرنا في حديث الأوعال).
  • وصححه ابن خزيمة (لأنه اشترط في أول كتابه أن لا يخرج غير الصحيح).
  • وصححه ابن مندة، وقال: “وهذا الحديث رواه بكر بن سليمان وغيره، وهو إسناد صحيح متصل من رسم أبي عيسى والنسائي”. (التوحيد 3/ 188).
  • ومال الحافظ وابن كثير إلى تصحيحه وردَّ على ابن عساكر في تضعيفه (البداية والنهاية 1/ 9).
  • وقد انتصر الناظم لهذا الحديث ورد على من ضعفه ردًا شافيًا في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 13/ 11). =
    (2/458)

1721 – لِلَّهِ مَا لَقِيَ ابنُ إسْحَاقٍ مِنَ الـ … ـجَهْمِيِّ إذْ يَرْميهِ بالعُدْوَانِ
1722 – وَيظَلُّ يَمْدحُهُ إذَا كَان الَّذِي … يَرْوِي يوافِقُ مَذْهَبَ الطَّعَّانِ


= – وشيخ الإسلام صححه ورد على من ضعفه. انظر: (بيان تلبيس الجهمية 1/ 570، درء التعارض 5/ 225، مجموع الفتاوى 16/ 435 – 436).
واحتج به وصححه ابن حزم (فيما نقله عنه شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية 1/ 571).

  • وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (2/ 830): “قال الذهبي: “رواه أبو داود بإسناد حسن … “.
    وقد ألَّف ابن عساكر رسالة بعنوان: “تبيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط”. (انظر: البداية والنهاية 1/ 9).
    وألَّف أبو الحسن بن الزاغوني الحنبلي البغدادي رسالة “في تصحيح حديث الأطيط”: (انظر: ذيل الطبقات لابن رجب 3/ 181، الدرُّ المنضد للعليمي 1/ 243). [وانظر ما سلف تحت البيت 427].
    1722 – يشير الناظم إلى ما قدح به أهل البدع في “محمد بن إسحاق” راوي حديث “الأطيط” ومن هؤلاء:
    ابن عساكر: فإنه كما ذكرنا ألَّف كتابًا في تضعيف حديث “الأطيط” وقد طعن في هذا الإمام، يقول شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 16/ 435): “ولفظ الأطيط قد جاء في حديث جبير بن مطعم الذي رواه أبو داود في السنن، وابن عساكر عمل فيه جزءًا، وجعل عمدة الطعن في ابن إسحاق … “. وانظر: بيان تلبيس الجهمية (1/ 570).
    البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 319 – 320) حيث قال: “وصاحبا الصحيح لم يحتجا به، وإنما استشهد مسلم بن الحجاج بمحمد بن إسحاق في أحاديث معدودة أظنهن خمسة قد رواهن غيره، وذكره البخاري في الشواهد ذكرًا من غير رواية، وكان مالك بن أنس لا يرضاه، ويحيى بن سعيد القطان لا يروي عنه، ويحيى بن معين يقول: “ليس هو بحجة، وأحمد بن حنبل يقول: “يكتب عنه هذه الأحاديث -يعني في المغازي- فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قومًا هكذا” .. يريد أقوى منه – فإذا كان لا =
    (2/459)

1723 – كَمْ قدْ رأينَا مِنْهُمُ أمثَالَ ذَا … فالحُكْم لِلَّهِ العظيمِ الشَّانِ


= يحتج به في الحلال والحرام فأولى أن لا يحتج به في صفات الله سبحانه وتعالى، وإنما نقموا عليه في روايته عن أهل الكتاب، ثم عن ضعفاء الناس وتدليسه أساميهم .. “.
والمنذري (انظر: عون المعبود 13/ 11) وقد رد عليه ابن القيم ردًا مطولًا فليرجع إليه.
وأما الجواب عمن طعن في ابن إسحاق فيقول ابن القيم في تعليقه على تهذيب السنن (عون المعبود 3/ 11 – 15):
“أما حملكم فيه على ابن إسحاق: فجوابه: أن ابن إسحاق بالموضع الذي جعله الله من العلم والأمانة. قال علي بن المديني: حديثه عندي صحيح، وقال شعبة: ابن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، وقال أيضًا: هو صدوق، وقال علي بن المديني أيضًا: لم أجد له سوى حديثين منكرين. وهذا في غاية الثناء والمدح إذا لم يجد له -على كثرة ما روى- إلَّا حديثين منكرين، وقال أيضًا: سمعت ابن عيينة يقول: ما سمعت أحدًا يتكلم في ابن إسحاق إلا في قوله في القدر، ولا ريب أن أهل عصره أعلم به ممن تكلم فيه بعدهم، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول قال الزهري لا يزال بهذه الحرة عِلْمٌ ما دام بها ذلك الأحول، يريد ابن إسحاق، وقال يعقوب بن شيبة: سألت يحيى بن معين: كيف ابن إسحاق؟ قال: ليس بذاك، قلت ففي نفسك من حديثه شيء؟ قال: لا، كان صدوقًا، وقال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: لو كان لي سلطان لأمَّرْتُ ابن إسحاق على المحدثين، وقال ابن عدي: قد فتشت أحاديث ابن إسحاق الكبير، فلم أجد في حديثه ما يتهيأ أن نقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو وهم، كما يخطئ غيره، ولم يتخلف في الرواية عن الثقات والأئمة وهو لا بأس به، وقال العجلي؛ ابن إسحاق ثقة … ” ا. هـ مختصرًا.
1723 – كذا في الأصل. وفي غيره: “العليّ الشان”، وأشار في حاشية (ف) إلى ما في نسخة الأصل، (ص).
(2/460)


1724 – هَذَا هُو التَّطْفِيفُ لا التَّطْفِيفُ فِي … ذَرْعٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا مِيزَانِ
1725 – واذكُرْ حَدِيثَ نزُولهِ نِصْفَ الدُّجَى … فِي ثُلْثِ لَيْلٍ آخِرٍ أوْ ثَانِ
1726 – فنزُولُ ربٍّ ليسَ فَوْقَ سَمَائِهِ … فِي العَقْل مُمتَنِعٌ وفِي القُرْآنِ
1727 – وَاذْكُرْ حدِيثَ الصَّادِقِ ابْنِ رَوَاحَةٍ … فِي شَأنِ جَاريةٍ لدَى الغَشَيَانِ
1728 – فِيهِ الشَّهادَةُ أنَّ عرْشَ اللهِ فَوْ … قَ الماءِ خَارجَ هَذِهِ الأكْوَانِ
1729 – واللهُ فوقَ العَرشِ جلَّ جلَالُهُ … سُبْحَانَهُ عَنْ نَفْي ذِي البُهْتَانِ


1724 – التطفيف: النقص في الكيل والوزن وشبهه.
الذرع: القياس بالذراع.
1725 – تقدمت إشارة الناظم إليه في البيت (447) ثم البيت (1209). وهو الحديث المشهور في نزول الرب إلى السماء الدنيا.
1726 – ب: الفرقان.
1727 – هو: عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأنصاري، الخزرجي، الشاعر الصحابي المشهور، يكنى بـ “أبي محمد”، كان أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرًا، وما بعدها، واستشهد بمؤتة. الإصابة (2/ 306 – 307)، الاستيعاب (بهامش الإصابة 2/ 293 – 294)، أسد الغابة (3/ 156).
1729 – يشير الناظم في هذه الأبيات إلى القصة المشهورة لعبد الله بن رواحة مع زوجته ومجملها: “أنه كان له جارية فأبصرته زوجته يومًا وقد خلا بها، فقالت: لقد اخترت أمَتَكَ على حُرَّتِك؟ فأنكر ذلك، فقالت: إن كنت صادقًا فاقرأ آية من القرآن -وكانت تعلم أن الجنب لا يقرأ القرآن على هذه الحالة- فأنشد هذه الأبيات:
شهدت بأن وعد الله حق … وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طافٍ … وفوق العرش رب العالمينا
وتحملهُ ملائكةٌ كِرامٌ … ملائكةُ الإله مسوِّمينا
فقالت: آمنت بالله وكذبت البصر”. وفي رواية: “فضحك النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى بدت نواجذه”. =
(2/461)


1730 – ذَكرَ ابنُ عبدِ البَرِّ فِي اسْتِيعَابِهِ … هَذَا وَصَحَّحَهُ بِلَا نُكْرَانِ
1731 – وَحديثُ مِعْراجِ الرَّسُولِ فَثَابِتٌ … وَهُوَ الصَّريحُ بغَايَةِ التِّبْيَانِ
1732 – وإلَى إلهِ العَرْشِ كَانَ عُروجُهُ … لَمْ يَخْتَلفْ مِنْ صَحْبهِ رَجُلَانِ
1733 – واذكُرْ بقصَّةِ خَنْدقٍ حُكْمًا جَرَى … لِقُريظَةٍ مِنْ سَعْدٍ الرَّبَّانِي


= أخرج هذه القصة الدارمي في الرد على الجهمية برقم (82) ص 46 – 47،
وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (67) ص 99، وابن عساكر في تاريخ دمشق (تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران (7/ 395)، والسبكي في طبقات الشافعية (1/ 264)، والذهبي في السير (1/ 238).
وأوردها ابن عبد البر في الاستيعاب وصحح طرقها (كما سيأتي).
وأوردها الناظم في اجتماع الجيوش ص 121، ومختصر الصواعق ص 356 – 357. وأوردها شيخ الإسلام في الحموية (ضمن مجموع الفتاوى 5/ 14)، وشارح الطحاوية (2/ 367 – 368).
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (8/ 905) هذه القصة بلفظ آخر للأبيات وهي:
شهدت بإذن الله أن محمدًا … رسول الذي فوق السماوات مِنْ عَلُ
وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما … له عمل من ربه متقبلُ
وأخرجه بهذا اللفظ ابن قدامة في العلو برقم (68) ص 100، والذهبي في السير (1/ 238 – 239)، وابن عساكر في تاريخه (التهذيب 7/ 396).
وأخرج الدارقطني هذه القصة بأبيات أخرى لا شاهد فيها.
1730 – تقدمت ترجمة ابن عبد البر تحت البيت (1398). ونص مقولته في الاستيعاب (بهامش الإصابة 2/ 296) حيث قال: ” .. وقصته مع زوجته في حين وقع على أمته مشهورة رويناها من وجوه صحاح … “.
1732 – الحديث الصحيح في معراج الرسول إلى الله عزَّ وجلَّ قد تقدمت إشارة الناظم إليه في البيت رقم (1197).
1733 – يعني غزوة الخندق، التي بعدها كانت غزوة بني قريظة.
قريظة: من قبائل اليهود، ونسبهم إلى هارون أخي موسى عليهما السلام، منهم محمد بن كعب القرظي، وقد نقضوا العهد مع النبي – صلى الله عليه وسلم -، وظاهروا =
(2/462)


1734 – شَهِدَ الرَّسُولُ بأنَّ حُكْمَ إلهنَا … مِنْ فَوْقِ سَبْعٍ وَفْقُهُ بِوِزانِ


= عليه المشركين يوم الخندق، فحكم فيهم سعد بن معاذ.
انظر: البداية والنهاية (4/ 123)، الصحاح ص 1177، تاج العروس (5/ 259).
سعد: هو ابن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد الأنصاري، سيد الأوس، شهد بدرًا وأحدًا، ورمي بسهم يوم الخندق فعاش بعد ذلك شهرًا، حتى حكم في بني قريظة، ومات بعد ذلك سنة خمس، كان من أعظم الناس بركة على قومه، قال لهم حين أسلم: “كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا” فأسلموا جميعًا. الإصابة (3712)، الاستيعاب (بهامش الإصابة 2/ 28)، أسد الغابة (2/ 296).
1734 – يشير الناظم في هذه الأبيات إلى قصة سعد بن معاذ مع بني قريظة حينما طلب منه النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يحكم فيهم بعد أن نقضوا عهدهم معه فقال سعد: “فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وتسبى الذرية والنساء، وتقسم أموالهم” فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “لقد حكمت بحكم الله تعالى الذي حكم به من فوق سبع سماوات”.
أخرجها بهذا اللفظ: البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 321) برقم (885)، وابن سعد في الطبقات (3/ 2/ 6).

  • وأخرجها ابن قدامة في العلو برقم (39) ص 69 بلفظ: “لقد حكمت فيهم حكمًا حكم الله به من فوق سبعة أرقعة”.
  • والذهبي في العلو بنفس لفظ البيهقي (المختصر ص 87) وقال: “هذا حديث صحيح أخرجه النسائي”. وصححها شارح الطحاوية (2/ 378)، وصححها الألوسي في روح المعاني (7/ 114)، وحسنها الألباني (مختصر العلو ص 87).
    وأصل الحديث في الصحيحين من غير لفظة: “من فوق سبع سماوات” الذي هو موضع الشاهد:
  • فأخرجه البخاري في المغازي – باب مرجع النبي – صلى الله عليه وسلم – من الأحزاب برقم (4121)، ومسلم في الجهاد والسير برقم (1768).
    وبنفس لفظ الصحيحين أخرجها: أحمد في المسند (3/ 22، 71، 350)، والطيالسي في المسند برقم (2240) ص 74.
    (2/463)

1735 – واذكُرْ حَديثًا لِلبَرَاءِ رَواهُ أصْـ … ـحَابُ المسَانِدِ منْهُمُ الشَّيْبَانِي


1735 – هو البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن جشم الأوسي الأنصاري، يكنى أبا عمارة، له ولأبيه صحبة، استصغره النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم بدر وغزا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – خمس عشرة غزوة، كانت وفاته سنة اثنتين وسبعين. الإصابة (1/ 142)، أسد الغابة (1/ 171).
“الشيباني”: يعني الإمام أحمد. ونص الحديث: عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما – قال: “خرجنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمّا يلحد فجلس الرسول – صلى الله عليه وسلم – وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض ….. إلى أن قال: “إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة … “.
وفيه: “قال: فيصعدون بها (يعني الروح) فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلّا قالوا ما هذا الروح الطيب .. ” إلى أن قال: “حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله تعالى: اكتبوا كتاب عبدي في عليين .. “.
الحديث بطوله أخرجه: الإمام أحمد في المسند (4/ 287 – 288، 295 – 296)، والطيالسي في المسند رقم (753) ص 102، وأبو داود في السنة – باب في المسألة في القبر وعذاب القبر برقم (4753) 4/ 239، والنسائي في الجنائز – باب الوقوف للجنائز (4/ 78)، وابن ماجه في الجنائز – باب ما جاء في الجلوس في المقابر (1/ 284) برقم (1548)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (110) ص 85، والآجري في الشريعة – باب ذكر الإيمان والتصديق بمسألة منكر ونكير ص 327، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 580)، وابن أبي شيبة (3/ 380، 382)، وابن منده في الإيمان (2/ 962 – 963) برقم (1064)، وابن الأعرابي في المعجم (4/ 111) برقم (788)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 56)، والحاكم في المستدرك في الإيمان (1/ 37 – 38)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم (20) ص 37، والبغوي في شرح السنة (5/ 408) برقم (1518)، والأصبهاني في الحجة (2/ 89 – 96) برقم (49)، (50).
(2/464)


1736 – وَأبُو عَوانَةَ ثمّ حَاكِمُنَا الرِّضَا … وأبُو نُعَيمِ الحَافِظُ الربَّانِي


1736 – أبو عوانة هو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري، الإسفراييني، ولد بعد الثلاثين ومائتين، الإمام الحافظ، الجوال الكبير، صاحب المسند، كان كثير الرحلة في طلب الحديث، سمع من الذهلي وأبي زرعة الرازي وغيرهما. وعنه الطبراني وابن عدي وغيرهما، وكان -رحمه الله – أول من أدخل إلى إسفرايين مذهب الشافعي وكتبه. كانت وفاته سنة عشر وثلاثمائة.
السير (14/ 417)، وفيات الأعيان (6/ 393)، شذرات الذهب (2/ 274).

  • والناظم هنا يشير إلى أن أبا عوانة قد أخرج هذا الحديث، وقد عزاه إليه في تعليقه على السنن (عون المعبود 9/ 31) فقال: “ذكره أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه”. وكذلك شيخ الإسلام فقال (مجموع الفتاوى 5/ 438): “ورواه أبو عوانة في صحيحه بطوله … “. وقد أخرج الحديث من طريق أبي عوانة الأصبهاني وغيره.
  • “حاكمنا الرضا”: هو الحاكم أبو عبد الله، وقد تقدمت ترجمته عند البيت رقم (1373).
    وقد روى هذا الحديث في مستدركه كما مر معنا في تخريج الحديث.
  • أبو نعيم هو: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران، الأصبهاني، الزاهد، صاحب الحلية ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، الإمام الحافظ، الثقة المحدث، سمع من العسال والطبراني وغيرهما وعنه الخطيب البغدادي وأبو سعيد الماليني وغيرهما، وكان حافظًا مبرزًا عالي الإسناد، تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي، هاجر إلى لُقيِّه الحفاظ، من مصنفاته: الحلية، المستخرج على الصحيحين، دلائل النبوة وغيرها.
    كانت وفاته سنة ثلاثين وأربعمائة. وله أربع وتسعون سنة.
    السير (17/ 462)، وفيات الأعيان (1/ 91)، شذرات الذهب (3/ 245).
  • وقد عزا الناظم إلى أبي نعيم هذا الحديث في تعليقه على السنن (عون المعبود 9/ 31).
    وكذلك شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى 5/ 439)، وقد أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 56) مختصرًا.
    (2/465)

1737 – قد صَحَّحُوهُ وَفِيه نَصٌّ ظَاهِرٌ … مَا لَمْ يُحرِّفْهُ أولو العُدْوَانِ


1737 – يشير الناظم إلى تصحيح الأئمة له، وممن صححه:
الحافظ أبو نعيم وقد نقل تصحيحه الناظم في تعليقه على السنن (9/ 31)، ونقل شيخ الإسلام في (مجموع الفتاوى 5/ 439) كلام أبي نعيم ونصه: “وهو حديث أجمع رواة الأثر على شهرته واستفاضته”.
والحاكم في المستدرك (1/ 39) حيث قال: “صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا بالمنهال بن عمرو وزاذان، وفي هذا الحديث فوائد كثيرة لأهل السنة وقمع للمبتدعة” ووافقه الذهبي.
والبيهقي في إثبات عذاب القبر (ص 39) حيث قال: “هذا حديث كبير صحيح الإسناد رواه جماعة من الثقات عن الأعمش وأخرجه أبو داود في السنن”.
وابن منده في الإيمان (2/ 965) حيث قال: “هذا إسنادٌ متصل مشهور رواه جماعة عن البراء كذلك رواه عدة عن الأعمش وعن المنهال بن عمرو، والمنهال أخرج عنه البخاري ما تفرد به، وزاذان أخرج عنه مسلم وهو ثابت على رسْم الجماعة، وروي هذا الحديث عن جابر، وأبي هريرة وأبي سعيد وأنس وعائشة رضي الله عنهم”.
وأبو عوانة في صحيحه: كما نقل عنه ذلك شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 438).
وقال ابن أبي العز في شرحه على الطحاوية (2/ 576): “وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد من الصحيح .. ” ثم ذكرها.
والحافظ الذهبي حيث قال في العلو (المختصر ص 97): “إسناده صالح”. وشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (5/ 438 – 439).
والناظم حيث قال في إعلام الموقعين (1/ 233): ” … وهذا حديث صحيح”.
وقال في اجتماع الجيوش ص 111: “وهو صحيح قد صححه جماعة من الحفاظ”. وانظر: تعليقه على السنن (9/ 31).
والألباني في: أحكام الجنائز ص 202، مختصر العلو ص 97.
وللحديث شاهد صحيح وهو حديث أبي هريرة وقد تقدم تخريجه عند البيت رقم (1201).
(2/466)


1738 – فِي شَأْنِ رُوحِ العَبْدِ عِنْدَ وَدَاعِهَا … وفِرَاقِهَا لِمسَاكِنِ الأبدَانِ
1739 – فتظَلُّ تَصْعَدُ فِي سَمَاءٍ فَوْقَهَا … أخْرَى إلَى خَلَّاقِهَا الرَّحْمنِ
1740 – حَتَّى تَصيرَ إلَى سَمَاءٍ رَبُّهَا … فِيهَا وَهَذَا نَصُّهُ بأمَانِ
1741 – وَاذْكُر حَدِيثًا فِي الصَّحِيحِ وَفيهِ تَحْـ … ـذِيرٌ لِذَاتِ البَعْلِ مِنْ هِجْرَانِ
1742 – مِنْ سُخْطِ ربٍّ فِي السَّمَاءِ عَلَى الّتي … هَجَرَتْ بِلَا ذَنْبٍ وَلَا عُدْوَانِ
1743 – واذْكُر حَدِيثًا قَدْ رَوَاهُ جَابِرٌ … فِيهِ الشِّفَاءُ لطالِبِ الإيمَانِ
1744 – فِي شَأْنِ أهْلِ الجَنَّةِ العُليَا وَمَا … يَلْقَوْنَ مِنْ فَضْلٍ وَمِنْ إحْسَانِ
1745 – بَيْنَاهُمُ فِي عَيْشِهِمْ ونَعِيمِهِمْ … وإذَا بِنُورٍ سَاطِعِ الغَشَيَانِ
1746 – لكنّهُمْ رَفَعُوا إلَيْهِ رُؤوسهُمْ … فَإذَا هُوَ الرحْمنُ ذُو الغُفْرانِ
1747 – فَيُسَلِّمُ الجَبَّارُ جَلَّ جَلالُهُ … حقًّا عَلَيْهِمْ وهو ذو الإحْسَانِ


1738 – ظ: (عند نزاعها).
1742 – يشير الناظم إلى الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها”. أخرجه -بهذا اللفظ- مسلم في كتاب النكاح برقم (1436) 2/ 1060. وأخرجه البخاري بلفظ: “إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع”. في كتاب النكاح – باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها برقم (5193) (الفتح 9/ 205).
1743 – جابر هو: ابن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم الأنصاري، السلمي، يكنى بأبي عبد الله وأبي عبد الرحمن وأبي محمد، من المكثرين من رواية الحديث، شهد تسع عشرة غزوة مع النبي – صلى الله عليه وسلم -، كانت وفاته سنة ثمان وسبعين وقيل أربع. الإصابة (1/ 213)، أسد الغابة (1/ 256).
1747 – يشير الناظم في هذه الأبيات إلى الحديث الذي ورد من طريق جابر -رضي الله عنه- قال. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب -عزَّ وجلَّ- قد أشرف عليهم =
(2/467)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، وقال: ذلك قول الله – عزَّ وجلَّ- {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس: 58]، قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، ولا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم”.
الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه في المقدمة – باب فيما أنكرت الجهمية 3611 برقم (172)، والآجري في الشريعة – كتاب التصديق بالنظر إلى الله عزَّ وجلَّ ص 238، وأبو نعيم في الحلية (6/ 208 – 209)، وفي صفة الجنة برقم (91) ص 35 – 36، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 482) برقم 8361)، والأصبهاني في الحجة (2/ 241) برقم (216)، والبيهقي في البعث والنشور برقم (493) ص 249، والدارقطني في الرؤية برقم (51) ص 165 – 166 ط، وابن قدامة في إثبات صفة العلو برقم (46) ص 82، والعقيلي في الضعفاء (2/ 274 – 275) برقم (237)، وابن عدي في الكامل (6/ 13 – 14). (في ترجمة الفضل بن عيسى الرقاشي)، والبغوي في تفسيره (7/ 23). (عند تفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)} [يس: 58]، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة برقم (97) ص 44 – 45.

  • وأورده السيوطي في الدر المنثور (7/ 65 – 66) وعزاه إلى البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه.
  • وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (3/ 575) وقال: “في إسناده نظر”.
    وأورده ابن الجوزي في الموضوغات (3/ 260 – 262) وقال: “هذا حديث موضوع على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومدار طرقه على الفضل بن عيسى الرقاشي، قال يحيى: كان رجل سوء، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث” ا. هـ بتصرف.
  • وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 68) برقم (67): “هذا إسناد ضعيف لضعف الفضل بن عيسى”.
  • وضعفه الألباني (انظر: ضعيف الجامع الصغير برقم (2363)). =
    (2/468)

1748 – وَاذْكُرْ حَدِيثًا قَدْ رَوَاهُ الشَّافعيُّ م … طَرِيقُه فِيهِ أَبُو اليَقْظَانِ
1749 – فِي فَضْلِ يَوْمِ الجُمْعَةِ اليَوْمِ الَّذِي … بِالفَضْلِ قَدْ شَهِدَتْ لَهُ النَّصَّانِ


= ولكن هذا الحديث أورده الناظم محتجًا به في: (الصواعق المرسلة 4/ 1332، حادي الأرواح ص 359 – 360). وسيذكره مرة أخرى في البيت (5462).

  • وقال البيهقي في البعث والنشور عقب الحديث: “وقد مضى في هذا الكتاب في كتاب الرؤية ما يؤكد ما روي في هذا الحديث” ا. هـ.
  • واحتج به ابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية (1/ 177)، (2/ 376).
  • وأورد السيوطي في اللآلئ المصنوعة (46112) شاهدًا لحديث جابر من حديث أبي هريرة، وأشار إليه في الدر المنثور (7/ 324) وعزاه إلى ابن أبي النجار في تاريخه.
    والحديث تشهد له أحاديث الرؤية السابقة كما أشار إليها الناظم عند البيت رقم (1274)، وليس في الحديث ما يستنكر فلعله يرتقي إلى الحسن بهذه الشواهد، وأحاديث الرؤية الثابتة في الصحاح كافية في إثبات العلو كما تقدم.
    وسيذكر الناظم هذا الحديث مرة أخرى في البيت (5466) وما بعده.
    1748 – تقدمت ترجمة الشافعي تحت البيت رقم (1373).
    أبو اليقظان: هو عثمان بن عمير البجلي، أبو اليقظان الكوفي، الأعمى، ويقال ابن قيس، ويقال: ابن أبي حميد، روى عن أنس وزيد بن وهب وأبي الطفيل وغيرهم، وعنه الأعمش والثوري وشعبة وغيرهم، وهو ضعيف في الرواية ونقل الحديث، وكان يدلس، وكان غاليًا في التشيع، وقال ابن عدي: “يكتب حديثه على ضعفه” الكامل لابن عدي (5/ 168)، وانظر تهذيب التهذيب 7/ 132، ميزان الاعتدال 3/ 447.
    1749 – هذا البيت ساقط من (د). وقد أنثّ النصّ للضرورة، انظر ما سبق في التعليق على البيتين (228، 1674).
  • ويوم الجمعة ورد في فضله آيات وأحاديث كثيرة، استوعبها وأفاض في ذكرها الناظم في زاد المعاد (1/ 364).
    (2/469)

1750 – يَوْمِ اسْتِواءِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ … حَقًّا عَلَى العَرْشِ العَظِيمِ الشَّانِ


1750 – يشير الناظم في هذه الأبيات إلى ما روي عن أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “أتاني جبريل في كفه كالمرآة البيضاء فيها كالنكتة السوداء، فقلت: ما هذا الذي في يدك؟ قال: الجمعة. قلت: وما الجمعة؟ قال: لكم فيها خير، وهو عندنا سيد الأيام، ونحن نسميه يوم القيامة “المزيد”، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأن الرب -تبارك وتعالى- اتخذ في الجنة واديًا أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة ينزل على كرسيه من عليين، أو نزل من عليين على كرسيه … ” الحديث بطوله.
أخرجه الشافعي في مسنده بنحوه (ترتيب المسند للزواوي والحسيني 1/ 126) برقم (374)، وفي كتاب الأم له (1/ 185)، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (144، 145) ص 76، 77، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 150)، وعبد الرزاق في المصنف (3/ 256)، ومحمد بن أبي شيبة في العرش برقم (88) ص 95، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السنة برقم (460) (1/ 250)، والدارقطني في الرؤية برقم (59)، (60)، (61)، (62)، (63)، ص 172 – 179، وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (395) ص 149، وفي الحلية (3/ 72)، وابن منده في الرد على الجهمية برقم (92) ص 151، والآجري في الشريعة في باب التصديق بالنظر ص 237، وابن قدامة في العلو برقم (40) ص 75، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة برقم (95) ص 41 – 42، والبزار في مسنده (كشف الأستار 4/ 194- 195).

  • وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 163 – 164)، وقال: “رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات”.
  • وأورده الناظم في زاد المعاد (1/ 410) وقال: “ولهذا الحديث عدة طرق ذكرها الدارقطني في الرؤية”.
    وفي اجتماع الجيوش ص 104 وقال: “ولهذا الحديث عدة طرق جمعها أبو بكر بن أبي داود في جزء”.
    وأورده في حادي الأرواح ص 354 وقال: “هذا حديث كبير عظيم الشأن، =
    (2/470)

1751 – وَاذْكُرْ مَقَالتَهُ أَلَسْتُ أَمِينَ مَنْ … فَوْقَ السَّمَاءِ الوَاحِدِ المنَّانِ


= رواه أئمة السنة وتلقوه بالقبول، وجمل به الشافعي مسنده … ” وعزاه لابن بطة في الإبانة.
وأطال شيخ الإسلام في ذكر طرقه وشواهده، وصححه (انظر: مجموع الفتاوى 6/ 415 – 419). وللحديث طرق غير طريق أبي اليقظان. فالحديث على أقل تقدير حسن بمتابعاته وشواهده.
1751 – “مقالته”: يعني قول النبي – صلى الله عليه وسلم -.

  • يشير الناظم إلى الحديث المتفق على صحته عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: “بعث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من اليمن بذُهَيْبَة في أديم مقروظ لم تحصَّل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع: إما علقمة، وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، فبلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: “ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً”. قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشر الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مَشَمِّر الإزار، فقال: يا رسول الله: اتق الله، قال: “ويلك، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟ ” قال: ثم ولّى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال: “لا، لعله أن يكون يصلي”، فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم”، قال: ثم نظر إليه وهو مقفٍّ فقال: “يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا، لا يتجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة”. -وأظنه قال-: “لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود”.
    الحديث أخرجه البخاري في المغازي – باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع برقم (4351)، ومسلم في الزكاة برقم (1064).
  • ف، د، ح، س، طت، طه: (الواحد الرحمن).
    (2/471)

1752 – واذْكُرْ حَدِيثَ أَبِي رَزِينٍ ثُمَّ سُقْـ … ـهُ بِطُولِهِ كَمْ فِيهِ مِنْ عِرْفَانِ


1752 – تقدمت ترجمة أبي رزين تحت البيت رقم (1292).

  • يشير الناظم إلى حديث أبي رزين العقيلي في وفد بني المنتفق، وهو حديث طويل وجاء فيه: “قال: قلت يا رسول الله كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه؟ قال: ” أنبئك بمثل هذا في آلاء الله: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونها ويريانكم ساعة واحدة ولا تضارون في رؤيتهما … ” الحديث بطوله:
    أخرجه أبو داود في سننه (مختصرًا) في كتاب الأيمان والنذور – باب ما جاء في يمين النبي – صلى الله عليه وسلم – برقم (3266)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده على المسند (4/ 13)، وفي السنة له (2/ 485) برقم (1120)، وابن أبي عاصم في السنة برقم (524) ص 231) مختصرًا)، وبرقم (636) ص 286 (بتمامه)، وابن خزيمة في التوحيد (1/ 465 – 475) برقم (271)، والحاكم في المستدرك (4/ 560 – 564)، والدارقطني في الرؤية برقم (191) ص 287، والطبراني في الكبير (19/ 211 – 214)، وأبو نعيم في صفة الجنة (مختصرًا) برقم (168) ص 61.
  • وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 338 – 340) وقال: “رواه عبد الله والطبراني بنحوه وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل ورجالها ثقات، والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطًا … ” ا. هـ.
    وقال الحاكم (4/ 564): “صحيح الإسناد، كلهم مدنيون، ولم يخرجاه”.
  • وأورده الناظم بطوله في زاد المعاد (3/ 673 – 677) وعزاه إلى العسال في المعرفة، وإلى أبي الشيخ في السنة، وإلى ابن منده، وإلى ابن مردويه، وقال عقب الحديث (3/ 677): “هذا حديث كبير جليل، تنادي جلالته، وفخامته وعظمتهُ على أنه قد خرج من مشكاة النبوة … ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم، وتلقوه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في أحدٍ من رواته” ا. هـ بتصرف.
  • ونقل الناظم كلام ابن منده في الزاد (3/ 678) وجاء فيه: “ولم ينكره أحد، ولم يتكلم في إسناده، بل رووه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسنة”.
    (2/472)

1753 – واللهِ مَا لِمعطِّلٍ بِسَمَاعِهِ … أبَدًا قُوىً إلَّا عَلَى النُّكْرانِ
1754 – فأصُولُ دِينِ نبيِّنا فِيهِ أَتَتْ … في غَايَةِ الإِيضَاحِ والتِّبْيَانِ
1755 – وبِطُولِهِ قَدْ سَاقَهُ ابنُ إِمَامِنَا … فِي سُنَّةٍ والحَافِظُ الطَّبَرانِي
1756 – وكَذَا أبُو بَكْرٍ بِتَاريخٍ لَهُ … وأبُوهُ ذَاكَ زُهَيرٌ الرَّبَّانِي


1755 – يعني عبد الله ابن الإمام أحمد، وتقدمت ترجمته تحت البيت رقم (1422). “في سنة”: يعني في كتابه السنة (2/ 485 – 489) برقم (1120).

  • تقدمت ترجمة الطبراني عند البيت رقم (1441)، والحديث أخرجه في معجمه الكبير كما ذكرنا آنفًا (19/ 211 – 214). وقد أحال عليه الناظم في الزاد (3/ 678) حيث قال: ” … ومنهم حافظ زمانه، ومحدث أوانه، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني في كثير من كتبه”.
    1756 – هو أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد، نسائي الأصل، سمع من أبيه وأبي نعيم وأحمد بن حنبل وغيرهم كثير. وعنه أبو القاسم البغوي وإسماعيل الصفار وغيرهم كثير.
    قال الخطيب: “كان ثقة عالمًا متقنًا حافظًا بصيرًا بأيام الناس، راوية للأدب”.
    اشتهر بكتاب التاريخ الذي ألفه، وهو كبير. كانت وفاته سنة تسع وسبعين ومائتين.
    سير أعلام النبلاء (11/ 492)، طبقات الحنابلة (1/ 44)، تاريخ بغداد (4/ 162).
  • يشير إلى كتابه (التاريخ الكبير). قال عنه الخطيب في تاريخ بغداد (4/ 163): “وله كتاب التاريخ” الذي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته، فلا أعرف أغزر فوائد منه “. انظر تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (1/ 2/ 152).
  • زهير بن حرب بن شدّاد، الحرشي النسائي ثم البغدادي، أبو خيثمة، الحافظ الحجة، أحد أعلام الحديث حدث عن سفيان ويحيى القطان وغيرهما، وعنه الشيخان وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، أكثر من التطواف في العلم، وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن. كانت وفاته سنة أربع وثلاثين ومائتين. السير (11/ 489)، تاريخ بغداد (8/ 482)، شذرات الذهب (2/ 80).
    (2/473)

1757 – واذْكُرْ كَلَامَ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ … “أقِمِ الصَّلَاةَ” وَتِلْكَ فِي سُبْحَانِ
1758 – فِي ذِكْرِ تَفْسِيرِ المَقَامِ لأحْمَدٍ … مَا قِيلَ ذَا بالرَّأْيِ والحُسْبَانِ


1757 – تقدمت ترجمة مجاهد عند البيت رقم (1170).

  • يشير إلى قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 78، 79]. و”سبحان”: اسم لسورة الإسراء، ويطلق عليها سورة بني إسرائيل. (الفتح 8/ 289).
    1758 – يعني في تفسير المقام المحمود للنبي – صلى الله عليه وسلم -.
    وأثر مجاهد:
    أخرجه الطبري في تفسيره (15/ 145) قال: “حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال: حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: يُجْلِسُه معه على عرشه”.
  • وأخرجه الخلال من طرق كثيرة في السنة (ص 209 – 265) ومدارها على ليث بن أبي سليم.
  • وأورده الحافظ في الفتح (8/ 252) وعزاه إلى عبد بن حميد، وعزاه الذهبي في العلو (المختصر ص 256) إلى الطبراني في السنة.
    وقد أشار الطبري في تفسيره (15/ 147) إلى تصحيحه للخبر.
  • ونقل الناظم فيما سيأتي أن الدارقطني يثبت الآثار في هذا الباب ونقل الشهاب الخفاجي في نسيم الرياض (2/ 343) تصحيح الدارقطني لهذا الأثر.
  • وقد صححه شيخ الإسلام فقال في درء التعارض (5/ 237): “رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة وهي كلها موضوعة وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول”.
    وانظر مجموع الفتاوى (4/ 273).
  • ونقل الخلال تصحيح الإمام أحمد والقاسم بن سلام وأبي داود صاحب السنن وإسحاق بن راهويه وغيرهم كثير لهذا الأثر كما سوف يأتي. (انظر: السنة للخلال برقم (244)، (283)، (311). =
    (2/474)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وللأثر شواهد سوف نذكرها عند البيت رقم (1761).
وهذا الأثر مما تلقته الأمة بالقبول وأجمع عليه أهل السنة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام وغيره …
ومن ضعّف الأثر يُعِلُّه “بليث بن أبي سليم”: وقد ضعفه بعض أهل العلم ولكن قال عنه ابن عدي فى الكامل (6/ 90): “له أحاديث صالحة وقد روى عنه شعبة والثوري ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه”.
وقال الإمام أحمد: “مضطرب الحديث، ولكن حدث الناس عنه” الكواكب النيّرات لابن الكيال ص 493. يعني أن ضعفه ليس شديدًا قد ينجبر بالشواهد الأخرى كما سيأتي.
ومما يجعلنا نقوي هذا الأثر عدة أمور:
1 – ما نقل عن السلف في قبول هذا الخبر والطعن فيمن ردَّه وتضليله وتبديعه وإليك الأمثلة – (انظر: السنة للخلال من ص 209 إلى ص 265) -: قال أبو داود: “من أنكر هذا فهو عندنا متهم، وقال: ما زال الناس يحدثون بهذا الحديث يريدون مغايظة الجهمية، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء”.
قال إسحاق بن راهويه: “من ردَّ هذا الحديث فهو جهمي”.
قال إبراهيم الأصبهاني: “هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة ولا يرده إلّا أهل البدع، قال: وسألت حمد بن علي عن هذا الحديث فقال: كتبته منذ خمسين سنة ولا يرده إلاّ أهل البدع”.
2 – ليس في الأثر ما يستنكر أو يوهم التشبيه والتجسيم -كما زعم أهل البدع-، لأن الأثر قال: “يجلس محمدًا على العرش” فهذا فيه نص على استواء الرب على العرش حقيقة وليس فيه كيفية لهذا الاستواء حتى يستشنعه بعض من يسمعه، ويدل لهذا قول أبي داود: “يريدون مغايظة الجهمية، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء”، وأهل السنة حين إيرادهم لهذا الحديث يستدلون به لإثبات العلو والاستواء فقط لا غير، وأنه مما اختص به النبي – صلى الله عليه وسلم – على سائر الخلق. =
(2/475)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= 3 – أن الأئمة عند تفسير آية الإسراء أثبتوا هذا الأثر وذكروا أنه لا منافاة بين الشفاعة العظمى وأنها المقام المحمود وإجلاس الله للنبي – صلى الله عليه وسلم – معه على العرش هو من المقام المحمود أيضًا وإليك نص كلامهم:
قال الطبري في تفسيره (15/ 145 – 148): “ما قاله مجاهد من أن الله يُقْعِدُ محمدًا – صلى الله عليه وسلم – على عرشه غير مدفوع صحته لا من جهة خبر ولا نظر … (إلى أن قال): فقد تبين إذًا بما قلنا أنه غير محال في قول أحد ممن ينتحل الإسلام ما قاله مجاهد من أن الله تبارك وتعالى يقعد محمدًا على عرشه” ا. هـ مختصرًا.
وذكر الحافظ في الفتح (10/ 435) أقوال الناس في تفسير المقام المحمود ثم قال: ” … ويمكن رد الأقوال كلها إلى الشفاعة العامة، فإن إعطاءه لواء الحمد، وثناءه على ربه، وكلامه بين يديه، وجلوسه على كرسيه، وقيامه أقرب من جبريل كل ذلك صفات للمقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضي بين الخلق” (وكلام الحافظ هذا يوحي بقبوله واحتجاجه بخبر مجاهد).
وقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (10/ 311 – 312): “وهذا تأويل غير مستحيل”، وقال أيضًا: “بل هو مستو على عرشه كما أخبر عن نفسه بلا كيف، وليس إقعاده محمدًا على العرش موجبًا له صفة الربوبية أو مخرجًا له عن صفة العبودية، بل هو رفع لمحله وتشريف له على خلقه”.
وكذلك من المفسرين الذين أثبتوا هذا المعنى وأوردوا كلامًا مشابهًا لكلام القرطبي وابن حجر وابن جرير:

  • ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 1542) عند تفسير قوله تعالى: {وَتَخْشَى النَّاسَ … } [الأحزاب: 37]، الشوكاني في فتح القدير (3/ 252)، صديق حسن خان في فتح البيان (7/ 440)، الآلوسي في روح المعاني (5/ 15/ 142)، ابن عطية في المحرر الوجيز (3/ 479) ط. الشهاب الخفاجي وملا علي القاري في نسيم الرياض (2/ 343 – 345).
    4 – أن إثبات هذا القول على ظاهره وعدم تأويله والإيمان بما جاء به=
    (2/476)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= حقيقة وأنه يدل على علو الله تعالى على عرشه واستوائه حقيقة قد أثبتها الجمّ الغفير من أهل العلم من أئمة السنة منهم:
قال الناظم في بدائع الفوائد (4/ 39): “قال القاضي: صنف المروزي كتابًا في فضيلة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وذكر فيه إقعاده على العرش، قال القاضي وهو قول أبي داود، وأحمد بن أصرم ويحيى بن أبي طالب وأبي بكر بن حماد وأبي جعفر الدمشقي وعياش الدوري وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق وإبراهيم الأصبهاني وإبراهيم الحربي وهارون بن معروف ومحمد بن إسماعيل السلمي ومحمد بن مصعب العابد وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشير بن شريك وأبي قلابة وعلي بن سهل وأبي عبد الله بن عبد النور وأبي عبيد والحسن بن فضل وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد ومحمد بن يونس البصري وعبد الله ابن الإمام أحمد والمروزي وبشر الحافي. انتهى (قلت) -الكلام لابن القيم-: “وهو قول ابن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير وهو قول أبي الحسن الدارقطني … ” وانظر العلو للذهبي.
وقد ألف أبو القاسم الدشتي كتابًا أثبت فيه الحد لله وهذه المسألة (انظر: ذيل التذكرة). (وعندي نسخة من الظاهرية مصورة).
ذكر الناظم في بدائع الفوائد (4/ 39)، والذهبي في (مختصر العلو ص 183) أن للمروزي صاحب الإمام أحمد كتابًا في فضيلة النبي أثبت فيه – صلى الله عليه وسلم – مسألة الإجلاس.

  • قوله: “ما قيل ذا بالرأي … ” يشير به إلى أن أثر مجاهد لا يمكن أن يقال بالرأي، والذي لا يقال بالرأي يأخذ حكم المرفوع، فعلى هذا يكون الحديث مرسلًا، ولا يحكم للحديث بأنه مرفوع إلا إذا كان الذي لا مجال للرأي فيه هو قول الصحابي وعلى هذا علماء الحديث ولم يخالف إلّا ابن العربي في كتابه “القبس شرح موطأ مالك بن أنس” حيث قرر أن التابعي إذا قال قولًا لا مجال للرأي فيه فإنه يأخذ حكم المرفوع. انظر: فتح المغيث للسخاوي 1/ 152، النكت لابن حجر 2/ 530. =
    (2/477)

1759 – إنْ كَانَ تَجْسِيمًا فإنَّ مُجَاهِدًا … هُوَ شَيْخُهُمْ بلْ شَيْخُهُ الفَوْقَانِي
1760 – وَلَقدْ أَتَى ذِكْرُ الجُلوسِ بِهِ وَفِي … أَثَرٍ رَوَاهُ جَعْفَرُ الرَّبَّانِي


= ولكن مما يجعلنا نتوقع أنه ليس من رأيه بل هو مما أخذه عن ابن عباس ما ثبت عنه أنه قال: “عرضت القرآن على ابن عباس أقِفُهُ عند كل آية أسأله فيم أنزلت وفيم كانت” السير (4/ 450).
ويقول قتادة: “أعلم من بقي بالتفسير مجاهد”.
وإن كان مرسلًا فإنه يعتضد بالشواهد، ومعناه تشهد له نصوص العلو والاستواء الأخرى، وكذلك كما ذكرنا تلقي الأئمة له بالقبول.
1759 – يشير الناظم إلى تهجم بعض أهل الباع على من يثبت هذا الخبر وأنه يدل على التجسيم ومن هؤلاء:
الواحدي في تفسيره البسيط (ل (126)) مخطوطة الأزهر- رواق المغاربة (جامعة الإمام 1049/ ف): “وروي عن مجاهد قال: يجلسه معه على العرش وروي عن ابن مسعود يقعده على العرش، وهذا تفسير فاسد وقول رَذْلٌ، وقول مجاهد “معه” قول موحش فظيع، ونص الكتاب ينادي بفساد هذا التفسير … “.
والرازي في تفسيره الكبير (5/ 431).

  • قوله: “هو شيخهم “: يعني يلزم من قول المعطلة لمن أثبت خبر مجاهد بأنه مجسم أن يكون مجاهد هو شيخ المجسمة.
  • “شيخه الفوقاني”: هو ابن عباس الذي أخذ عنه تفسير القرآن.
    1760 – يعني في الأثر السابق عن مجاهد.
    جعفر: ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو عبد الله، ابن عم النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأحد السابقين إلى الإسلام، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: “ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أفضل من جعفر بن أبي طالب” عزاه الحافظ إلى الترمذي والنسائي وصحح إسناده. وكان ممن هاجر إلى الحبشة، واستشهد في مؤتة، وكان عمر -رضي الله عنه- يسلم على ولده عبد الله فيقول: “السلام عليك يا ابن ذي الجناحين” لأن يديه قطعتا في مؤتة. الإصابة (1/ 237)، أسد الغابة (1/ 286). =
    (2/478)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= – يشير الناظم إلى الأثر الذي جاء عن سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال: “لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فلما نظر جعفر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حَجَل (قال سفيان: حجل: مشى على رجل واحدة) إعظامًا منه لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقبل رسول الله بين عينيه وقال له: أنت أشبه الناس بخَلْقي وخُلُقِي، وخلقت من الطينة التي خلقت منها، حدثني بعض عجائب أرض الحبشة، قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله: بينا أنا سائر في بعض طرقاتها، فإذا بعجوز على رأسها مِكْتَلٌ، فأقبل شاب يركض على فرس له، فزحمها، فألقاها بوجهها، وألقى المكتل عن رأسها، فاسترجعت قائمة، وأتبعته النظر وهي تقول له: “الويل لك إذا جلس الملك على كرسيه فاقتص للمظلوم من الظالم، قال جابر: فنظرت إلى رسول الله وإن دموعه على لحيته كالجمان، ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “لا قدس الله أمة لا يأخذ المظلوم حقه من الظالم غير مُتَعْتَع” الحديث.

  • أخرجه بهذا اللفظ: أبو محمد محمود بن أبي القاسم الدشتي في كتابه إثبات الحدِّ لله (ل 109).
  • وأخرجه عن جابر بمعناه: ابن ماجه في السنن كتاب الفتن – باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برقم (4059) (2/ 383) ولكن بلفظ: “سوف تعلم يا غُدَر إذا وضع الله الكرسي … “.
  • وأخرجه أبو يعلى في المسند (4/ 7، 8)، وأخرجه الخطيب في تاريخه (7/ 396) مختصرًا من غير ذكر لفظ الجلوس، والذهبي في العلو بلفظ ابن ماجه (المختصر ص 106).
  • وابن أبي عمر في مسنده كما في المطالب العالية المخطوطة المسندة ص 229، 235 (نقلًا عن محقق الأسماء والصفات للبيهقي). وورد لهذا الحديث شاهد من حديث بريدة بلفظ: “ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم”. أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 297 – 299) برقم (860)، والدارمي بنحوه في الرد على المريسي ص 73، =
    (2/479)

1761 – أَعْنِي ابنَ عَمِّ نَبيِّنَا وبِغَيْرِهِ … أَيْضًا أتَى والحَقُّ ذُو تِبيَانِ


= وابن أبي عاصم في السنة برقم (582) ص 257، وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده كما في المطالب العالية المخطوطة المسندة ص 227 وقال ابن حجر: إسناده حسن”. (نقلًا عن محقق كتاب الأسماء والصفات).
والحديث كذلك له شاهد من حديث علي -رضي الله عنه- بلفظ مختصر كما في المسند للإمام أحمد (1/ 108).
وله شاهد من حديث خولة وأبي سفيان بن الحارث كما في المستدرك (3/ 256).
وللفظ الجلوس شاهد موقوف عن أسماء بنت عميس عن جعفر بن أبي طالب وذكر القصة وهي عند الدارمي في الرد على المريسي ص 73.
والحديث بغير لفظة الجلوس صححه الألباني: (مختصر العلو ص 106 وقال الذهبي: إسناده صالح)، وفي ظلال الجنة (السنة لابن أبي عاصم ص 257).
وأشار إليه الناظم في زاد المعاد (3/ 333): إلى لفظة “الحَجَل” الواردة فيه ولم يُشِرْ إلى لفظة الجلوس. وعزاهُ إلى البيهقي.

  • ولعل الحديث بشواهده -وليس فيه ما يستنكر- يرتقي إلى الحسن والله أعلم.
    1761 – يشير الناظم إلى ما أتى حول مسألة الإجلاس عن غير مجاهد في تفسير الآية، فقد ورد عن: ابن مسعود، وابن عباس، وعبد الله بن سلام، وابن عمر.
    فأما ما ورد عن ابن مسعود:
    فقد جاء في حديث مرفوع طويل وفيه: ” … وإي لأقوم المقام المحمود يوم القيامة”، فقال الأنصاري: وما ذاك المقام المحمود؟ قال: “إذا جيء بكم عراة حفاة غُرْلًا فيكون أول من يكسى إبراهيم، يقول: اكسوا خليلي، فيؤتى بِرَيْطَتَينِ بيضاوين فَيُلْبَسُهُمَا ثم يقعد فيستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي فَألْبَسها، فأقوم عن يمينه مقامًا لا يقومه أحد غيري يغبطني به الأولون والآخرون .. ” الحديث. =
    (2/480)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 398 – 399)، وابن جرير في التفسير (15/ 146)، والدارمي في السنن في الرقائق – باب شأن نزول الساعة (2/ 418 – 419) برقم (28)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 595) برقم (225)، والحاكم في المستدرك (2/ 364).
ولفظ الدارمي وأبي الشيخ والحاكم في أوله: لأقال رجل: ما المقام المحمود؟ قال: ذلك يوم ينزل الله على عرشه فيئط به كما يئط الرحل الجديد من تضايقه”.

  • وأورده السيوطي في الدر المنثور (5/ 326) وعزاه إلى ابن المنذر وابن مردويه.
  • وأشار إليه الواحدي والرازي في تفسيره (5/ 431) بلفظ: “يقعده على العرش”.
    وهذا الحديث في سنده عثمان بن عمير وهو ضعيف كما في التقريب ص 386.
    وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب موقوفًا.
    أخرجه: البيهقي في الأسماء والصفات 2/ 287 برقم (840)، وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 117)، وأبو يعلى في المسند (1/ 427، 428).
    وقد أشار إلى هذا الأثر عن ابن مسعود في تفسير المقام المحمود وأورده كذلك صديق حسن خان وعزاه إلى أبي وائل. (فتح البيان 7/ 440).
    وأما ما ورد عن ابن عباس:
    فقد أخرج الخلال بسنده عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: “يقعده على العرش” السنة برقم (295) ص 251 – 252.
  • وهذا الأثر ضعيف.
    وأما ما ورد عن عبد الله بن سلام:
    فإنه قال: “إن محمدًا – صلى الله عليه وسلم – يوم القيامة بين يدي الرب -عزَّ وجلَّ- على كرسي الرب تبارك وتعالى”. =
    (2/481)

1762 – وَالدَّارَقُطْنِيُّ الإمَامُ يُثَبِّت الْـ … آثارَ فِي ذَا البَابِ غَيْرَ جَبَانِ


= بهذا اللفظ أخرجه: الطبري في التفسير (15/ 148)، والخلال فى السنة برقم (236) ص 209.

  • وفي إسناده. سيف السدوسي، مجهول.
  • وورد عنه بلفظ آخر: “إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فأقعد بين يدي الله على كرسيه فقلت: يا أبا مسعود (وهو الجريري أحد رواة السند): إذا كان على كرسيه فليس هو معه؟ قال: ويلكم هذا أقرُّ حديث لعينيَّ في الدنيا”. أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة برقم (786) ص 351، والخلال في السنة برقم (237) ص 211.
  • وقال الألباني: “إسناده ثقات غير سيف السدوسي فلم أجده”.
  • وقد أخرجه الحاكم بمعناه في المستدرك (4/ 568 – 569) وقال: “صحيح الإسناد وليس بموقوف فإن عبد الله بن سلام من الصحابة وقد أسنده بذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في غير موضع” ووافقه الذهبي.
  • وورد عنه بلفظ: “والذي نفسي بيده إن أقرب الناس يوم القيامة محمدًا – صلى الله عليه وسلم – جالس عن يمينه على الكرسي”.
    أحزجه ابن أبي عاصم برقم (583) ص 258. والأثر ضعيف.
    وأورد البغوي في تفسيره عن عبد الله بن سلام في تفسير المقام المحمود قوله: “يقعده على العرش”.
    وأما ما ورد عن ابن عمر – عند تفسير المقام المحمود -مرفوعًا-:
    قال: “يجلسه على السرير” أورده السيوطي في الدر المنثور (5/ 326) وعزاه لابن مردويه.
    وأورده كذلك (5/ 328) بلفظ: “يجلسني معه على العرش” وعزاه للديلمي.
    وكذلك أورده ابن الجوزي في زاد المسير (5/ 54) وعزاه إلى أبي وائل.
    1762 – الدارقطني: هو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي، الإمام الحافظ، المحدث، أمير المؤمنين في الحديث، سمع من إسماعيل الصفار وأبي بكر بن أبي داود وغيرهما كثير، وعنه الحافظ أبو عبد الله الحاكم، والفقيه أبو حامد الإسفراييني وغيرهم كثير، من أهل محلَّة “دار =
    (2/482)

1763 – ولَهُ قَصِيدٌ ضُمِّنَتْ هَذَا وَفيـ … ـهَا: لَسْتُ لِلْمَرْوِيِّ ذَا نُكْرَانِ


= القطن” ببغداد، قال عنه الذهبي: “وكان من بحور العلم، ومن أئمة الدنيا، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله مع التقدم في القراءات وطرقها، وقوة المشاركة في الفقه، والاختلاف والمغازي وأيام الناس وغير ذلك”. من مصنفاته: السنن، والعلل، والصفات والنزول والرؤية، وكان على طريقة السلف في الاعتقاد. كانت وفاته سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. السير (16/ 449)، تاريخ بغداد (12/ 34)، شذرات الذهب (3/ 116)، وفيات الأعيان (3/ 297).

  • لعل الناظم يشير إلى ما أخرجه الدارقطني في كتبه من الأحاديث والآثار التي فيها إثبات العلو لله والجلوس كما في الصفات والنزول له وفي كتاب الرؤية، وجميعها مطبوع ومتداول.
    1763 – يشير الناظم إلى الأبيات التي أنشدها الدارقطني في خبر مجاهد في إقعاد الله لنبيه معه على العرش فيقول رحمه الله:
    “حديثُ الشفاعة في أحْمَدِ … إلى أحْمدَ المُصْطَفَى نُسْنِدُهْ
    وأمَّا حديثٌ بِإقْعَادِهِ … على العرشِ أيضًا فلا نَجْحَدُهْ
    أمِرُّوا الحديثَ علَى وَجْهِه … ولا تُدْخِلُوا فيه مَا يُفْسِدُهْ
    ولا تُنْكِرُوا أنَّهُ قَاعِدٌ … ولا تُنْكِرُوا أنَّهُ يُقْعِدُهْ”
    وقد أخرج هذه الأبيات: الذهبي في العلو (المختصر ص 253)، والدشتي في إثبات الحد لله (ل (113) مخطوط)، وأوردها الناظم في بدائع الفوائد (4/ 39، 40)، وأوردها الشهاب الخفاجي في نسيم الرياض (2/ 343) وأثنى فيه على الدارقطني، وأوردها الشيخ سليمان بن سحمان في الضياء الشارق ص 179 – 180، وأوردها الشيخ حافظ الحكمي في معارج القبول (1/ 198).
  • وضعف الألباني إسنادها إلى الدارقطني. (انظر: السلسلة الضعيفة برقم (865)).
    ولكن العلماء أثبتوها عن الدارقطني كابن القيم والشهاب الخفاجي وغيرهما.
    (2/483)

1764 – وَجَرَتْ لِذَلِكَ فِتْنَةٌ فِي وَقْتِهِ … مِنْ فِرْقَةِ التَّعْطِيلِ والعُدْوَانِ
1765 – واللهُ نَاصرُ ديِنهِ وَكِتَابِهِ … وَرَسُولِهِ فِي سَائِرِ الأزمَانِ
1766 – لَكِنْ بِمِحْنَةِ حِزْبِهِ مِنْ حَرْبِه … ذَا حُكْمُه مُذْ كَانَتِ الفِئَتَانِ
1767 – وَقَدِ اقْتَصرتُ عَلَى يَسيِرٍ مِنْ كَثِيـ … ـرٍ فَائِتٍ للعَدِّ وَالحُسْبَانِ
1768 – مَا كلُّ هَذَا قَابِلَ التَّأْوِيل بالتَّـ … ـحْرِيف فَاسْتَحْيُوا مِنَ الرَّحْمنِ



= وانظر: توضيح المقاصد لابن عيسى (1/ 533).
1764 – يعني: وجرت لأجل مسألة الجلوس والإقعاد فتنة، وقد ذكرها أهل التاريخ. يقول ابن كثير في البداية والنهاية (11/ 174) في حوادث سنة (317 هـ): “وفيها وقعت فتنة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي، وبين طائفة من العامة اختلفوا في تفسير قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}، فقالت الحنابلة: يجلسه معه على العرش، وقال الآخرون: المراد بذلك الشفاعة العظمى، فاقتتلوا بسبب ذلك، وقتل بينهم قتلى، فإنا لله وإنا إليه راجعون … “. وانظر: تاريخ الإسلام للذهبي (في حوادث سنة 317 هـ)، والمختصر في أخبار البشر للملك المؤيد (2/ 74 – 75)، والكامل في التاريخ لابن الأثير (8/ 213).
ذكر الكوثري في السيف الصقيل ص 128 أن ابن جرير كان لا يقول بأثر مجاهد، وجرت له فتنة من الحنابلة وأنهم آذوه وأنه كان يقول:
سبحان من ليس له أنيس … ولا له على العرش جليس
ولكن ما في تفسيره يكذب هذا. والله أعلم.
1766 – “حُكمُه”: كذا ضبط في ف بضم الحاء والميم، وهو الصواب. وفي ط: حكمة. وهو خطأ. ويعني المؤلف أن الله تعالى ينصر دائمًا دينه وكتابه ورسوله ولكن بعدما يمتحن أولياؤه من قبل أعدائه. وذلك حكمه وتلك سنته منذ وجد أهل الحق وأهل الباطل. وسبب الخطأ في ط أن تاء التأنيث لا تنقط في النسخ، (ص).
1767 – يعني به أدلة العلو.
(2/484)


فصلٌ فِي جناية التأْويل على مَا جَاء به الرسُول والفرق بين المردود منه والمقبول (1)
1769 – هَذَا وَأصْلُ بَلِيَّةِ الإسْلَامِ مِنْ … تَأويِلِ ذِي التَّحْرِيفِ والبُطْلَانِ
1770 – وَهُوَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ السَّبْعِينَ بَلْ … زَادَتْ ثَلاثًا قَوْلَ ذِي البُرْهَانِ


(1) ذكر الناظم هذه الجنايات وزيادة في الصواعق المرسلة (1/ 376).
1770 – “وهو الذي”: يعني التأويل الباطل المردود.

  • يشير الناظم إلى الحديث المشهور في افتراق الأمة، والمروي عن عدد من الصحابة وتخريجه كالتالي:
    ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “افترقت اليهود على إحدى -أو ثنتين- وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى -أو ثنتين- وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة”.
    أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة – باب شرح السنة برقم (4596)، والترمذي في سننه: كتاب الإيمان – باب ما جاء في افتراق هذه الأمة برقم (2640). وقال: “حديث حسن صحيح”، وابن ماجه في سننه: كتاب الفتن – باب افتراق الأمم برقم (4039) (2/ 377)، وأحمد في المسند (2/ 332)، والحاكم في المستدرك في كتاب العلم (1/ 128) وقال: “هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه” ووافقه الذهبي، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 14/ 140) برقم (6247)، وابن أبي عاصم في السنة برقم (66) (1/ 33)، والمروزي في السنة برقم (58) ص 23، وابن بطة في الإبانة – باب ذكر افتراق الأمم في دينها برقم (273) (1/ 374 – 375)، والآجري في الشريعة- باب ذكر افتراق الأمم ص 25.
    هذا الحديث من رواية أبي هريرة: صححه الشاطبي في الاعتصام =
    (2/485)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= (2/ 189)، والسيوطي في الجامع الصغير (1/ 49).
ومر معنا تصحيح الحاكم والترمذي وابن حبان له.
ما ورد عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “افترقت اليهود والنصارى على إحدى وسبعين فرقة” (الحديث) وفيه: قيل يا رسول الله من هم؟ قال: “الجماعة”.
أخرجه: ابن ماجه في الفتن – باب افتراق الأمم (2/ 377) برقم (4040)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 32) برقم (63)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 101) برقم (149). وقوام السنة الأصبهاني في الحجة: فصل في ذكر الفرقة الناجية (1/ 109) برقم (19).
ما ورد عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: الحديث وفيه: ” … وفيه كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة” الحديث.
أخرجه: ابن ماجه في الفتن – باب افتراق الأمم (2/ 377) برقم (4041)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 32) برقم (64)، واللالكائي (1/ 100) برقم (148)، وقوام السنة الأصبهاني في الحجة- في ذكر الفرقة الناجية (1/ 108) برقم (18)، والإمام أحمد في المسند (3/ 120)، (3/ 145)، والآجري في الشريعة – باب ذكر افتراق الأمم في دينهم ص 26، والعقيلي في الضعفاء (2/ 262) برقم (815).
والجوزقاني في الأباطيل (1/ 302) برقم (283) وقال: “هذا حديث عزيز حسن مشهور رواته كلهم ثقات أثبات كأنهم بدور وأقمار”.

  • وابن بطة في الإبانة – باب ذكر افتراق الأمم في دينهم (1/ 273) برقم (270).
    وما ورد عن أبي أمامة -رضي الله عنه- (وجاء فيه): “كلها في النار إلا السواد الأعظم”.
    أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة (1/ 34) برقم (68)، والمروزي في =
    (2/486)

1771 – وَهُوَ الَّذِي قَتَل الخَلِيفَةَ جَامِعَ الـ … ـقُرْآنِ ذَا النُّورَينِ والإحْسَانِ


= السنة برقم (56) ص 22، والطبراني في الكبير (1/ 328، 327، 328) برقم (8035 و 8051 و 8054)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 102) برقم (151)، (152)، وابن أبي زمنين في أصول السنة ص 294 برقم (224)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 339) “في ترجمة حزور الأصبهاني” برقم (619)، والبيهقي في السنن الكبرى – كتاب قتال أهل البغي – باب الخلاف في قتال أهل البغي (8/ 188)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 234) وقال: “رواه الطبراني ورجاله ثقات”.
ما ورد عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-:
أخرجه الآجري في الشريعة – باب ذكر افتراق الأمم ص 27، والمروزي في السنة برقم (57) ص 22، والبزار في كشف الأستار (4/ 97) برقم (284)، وابن بطة في الإبانة – باب ذكر افتراق الأمم في دينهم (1/ 370) برقم (267).
ما ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-:
أخرجه: الطبراني في الكبير (10/ 211) برقم (10357)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 35) برقم (71)، والمروزي في السنة برقم (54) ص 21.

  • والحاكم في التفسير – باب تفسير سورة الحديد (2/ 480) وقال: “هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه”.
  • وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 316) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وأبي يعلى وقوّاه.
    وقد ورد الحديث عن معاوية بن أبي سفيان وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهم – أيضًا.
    1771 – يعني به الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
  • وأما التأويل الفاسد الذي تأوّله من قتل الخليفة عثمان فهو ما ذكر أهل التاريخ أنهم نقموا عليه عدة أمور أثناء توليه الخلافة منها: =
    (2/487)

1772 – وَهُوَ الَّذِي قَتَل الخَلِيفَةَ بَعْدَهُ … أَعْنِي عَلِيًّا قاتِلَ الأقْرَانِ
1773 – وَهُوَ الَّذِي قَتَل الحُسَيْنَ وأهْلَهُ … فَغَدَوْا عَلَيْهِ مُمَزَّقِي اللُّحْمَانِ


= أنه حرّق المصاحف وجمعهم على مصحف واحد.
وأنه ولّى الأحداث من بني أمية وترك أكابر الصحابة.
وقيل: بسبب الخطاب الذي زُوّر على لسانه وخُتم بختمه، وأنه أمر بقتل الذين أتوا إلى المدينة ناقمين عليه. انظر: تاريخ الطبري (4/ 345)، البداية والنهاية (7/ 178).
1772 – وكان من التأويل الفاسد في قتله -رضي الله عنه- أن الخوارج نقموا عليه تحكيم الحكمين، وقالوا: لا حكم إلّا لله فكفروه ومن معه، وكفروا كذلك معاوية ومن معه، واستباحوا دماءهم، وقد قتله ابن مُلْجَم، وهو خارج لصلاة الصبح، فكان مما قاله -قبحه الله-: “لا حكم إلا لله ليس لك يا علي ولا أصحابك”، وجعل يتلو قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)} [البقرة: 207].
انظر: تاريخ الطبري (5/ 143)، البداية والنهاية (7/ 335).
1773 – الحسين: ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، سبط رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وريحانته، ولد سنة أربع وقيل ست وقيل سبع، وهو والحسن سيدا شباب الجنة، قتل -ظلمًا- سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق. الإصابة (1/ 322)، أسد الغابة (2/ 18)، البداية والنهاية (8/ 206).

  • “مُمزَّقي “: كذا ضبط في ف بفتح الزاي المشددة، يعني فأصبحوا بناءً على التأويل قد مُزّقت لحومُهم. وفي الأصل وظ: “فعدوا” بالعين المهملة. وفي د: “ممزّق” ولعل كليهما تصحيف، (ص).
  • وكان سبب قتله -رضي الله عنه- أنه امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية، وذهب إلى الكوفة بعد أن كاتبه أهلها ليبايعوه، وكان أميرها عبيد الله بن زياد، فقاتله حتى قتله وتسعة عشر من أهل بيته. انظر: تاريخ الطبري (5/ 400)، البداية والنهاية (8/ 152)، أسد الغابة (2/ 20 – 22).
    (2/488)

1774 – وَهُوَ الَّذِي فِي يَوْمِ حَرَّتِهم أبَا … حَ حِمَى المدِينَةِ مَعْقِلَ الإيمَانِ
1775 – حَتَّى جَرَتْ تِلكَ الدِمَاءُ كأنَّها … فِي يَوْمِ عِيدٍ سُنَّةُ القُرْبَانِ
1776 – وَغَدَا لَهُ الحَجَّاجُ يَسْفِكُهَا وَيقْـ … ـتُلُ صَاحِبَ الإيمَانِ والقُرْآنِ
1777 – وَجَرَى بمكَّةَ مَا جَرَى مِنْ أَجْلهِ … مِنْ عَسْكَرِ الحَجَّاجِ ذِي العُدْوانِ


1774 – كذا في ف، ح، طع. وفي غيرها: “يوم حربهم” وهو تصحيف.

  • وكانت وقعة الحرة سنة ثلاث وستين بين أهل المدينة ويزيد بن معاوية، وسببها أن أهل المدينة خلعوا يزيد وطردوا عاملها، فأرسل إليهم جيشًا بقيادة مسلم بن عقبة المزني، وأمرهم بالدخول في طاعته فأبوا فقاتلهم قتالًا شديدًا فهزم أهل المدينة، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، واستباحها لمدة ثلاثة أيام وحصل فساد عظيم. والله المستعان.
    انظر: تاريخ الطبري (5/ 482)، البداية والنهاية (8/ 220).
    1776 – “له”: أي لأجل التأويل الفاسد.
  • هو حجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي: كان هو وأبوه من شيعة بني أمية، وكان من ولاتهم الظلمة، قتل خلقًا كثيرًا ظلمًا وعدوانًا، منهم التابعي الجليل: سعيد. بن جبير -رحمه الله-، قال عنه الذهبي: “كان ظلومًا جبارًا سفاكًا للدماء مُعَظِّمًا للقرآن، له حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، مات سنة خمس وتسعين. انظر: تهذيب التهذيب (2/ 184)، سير أعلام النبلاء (4/ 343). يشير الناظم إلى أن الحجاج قتل كثيرًا من العلماء أصحاب العلم، وكان على رأسهم التابعي العالم المفسِّر سعيد بن جبير رحمه الله.
    1777 – يشير -رحمه الله- إلى محاصرة جند عبد الملك بن مروان -الخليفة الأموي- بقيادة الحجاج مكة، وكان فيها ابن الزبير -الذي بويع بالخلافة له من أهل الحجاز- ومن معه. وسبب ذلك أن عبد الملك يريدهم أن يدخلوا في طاعته فأبوا، فضربت الكعبة بالمنجنيق، وقتل خلق كثير، وفيها قتل ابن الزبير، وكان ذلك سنة ثلاث وسبعين.
    انظر: تاريخ الطبري (5/ 496)، البداية والنهاية (8/ 334).
    (2/489)

1778 – وَهُوَ الَّذِي أَنْشَا الخَوَارجَ مِثْلَما … أنْشَا الرَّوافِضَ أَخْبَثَ الحَيَوَانِ
1779 – ولأجْلِهِ شَتَمَوا خِيارَ الخَلْقِ بَعْـ … ـدَ الرُّسْلِ بالعُدْوَانِ والبُهْتَانِ
1780 – ولأجْلِهِ سَلَّ البُغَاةُ سُيُوفَهُمْ … ظَنًّا بأنَّهُمُ ذَوُو إحْسَانِ
1781 – ولأجْلِهِ قَدْ قَالَ أَهْلُ الاعْتزَا … لِ مَقَالَةً هَدَّتْ قُوَى الإيمَانِ


1778 – “وهو الذي”: يعني التأويل الفاسد.

  • “أنشا”: بتسهيل الهمزة للوزن.
    الخوارج: سموا بذلك لخروجهم على عليٍّ -رضي الله عنه- لأنه رضي بتحكيم الحكمين -في زعمهم- فكفروا عليًا ومعاوية وعثمان وكل من رضي بالتحكيم، ويقولون بتكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار، والخروج على الأئمة بالسيف، ويقال لهم: الحرورية والشراة. من أشهر فرقهم: النجدات، الأزارقة، الإباضية. مقالات الإسلاميين ( 1/ 167 )، الملل والنحل ( 1/ 114 )، الفرق بين الفرق ص 49.
  • الروافض: تقدم التعريف بهم في التعليق على مقدمة المؤلف.
    1779 – خيار الخلق بعد الرسل هم: الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وتأويل الرافضة الفاسد في شتمهم للصحابة وتكفيرهم هو كما قال أبو الحسن الأشعري في مقالاته (1/ 89): “وهم مجمعون -يعني الرافضة- على أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نص على استخلاف “علي” باسمه وأظهر ذلك وأعلنه، وأن أكثر الصحابة ضلّوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاته – صلى الله عليه وسلم – … “.
  • ف: “بالبهتان والعدوان”.
    1780 – ب، د، س: “سلّوا”.
  • البغاة: “قوم من أهل الحق، يخرجون عن قبضة الإمام، ويرومون خلعه لتأويل سائغ، وفيهم مَنَعة، يحتاج في كفهم إلى جمع جيش” ا. هـ المغني لابن قدامة (10/ 52). وانظر: مجموع الفتاوى (35/ 53)، لسان العرب (14/ 78).
    1781 – أهل الاعتزال تقدم التعريف بهم في التعليق على مقدمة المؤلف.
    (2/490)

1782 – ولأجْلِهِ قَالُوا بأنَّ كَلَامَه … سُبْحَانَهُ خَلْقٌ مِنَ الأكْوَانِ
1783 – ولأجْلِهِ قَدْ كَذَّبَتْ بِقَضَائِه … شِبْهَ المجُوسِ العَابِدِي النِّيرَانِ


1782 – وقد تقدم تحت البيت رقم (1329) ذكر نصوصهم في خلق القرآن، وانظر مقالات الإسلاميين (1/ 267).
أما تأويلهم الفاسد: فنفي الصفات، والقول بخلق القرآن مبني على الأصل الفاسد عند أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم في إثبات الصانع. وقد سبق ردّ الناظم عليه في فصل مستقل. انظر البيت (1012) وما بعده.
ومن تأويلاتهم التي لأجلها قالوا بخلق القرآن:
استدلالهم بقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] والقرآن يدخل تحت عموم “كل شيء”. وخلاصة رد أهل السنة عليهم بما يلي:

  • أن عموم “كل” بحسبه، ولا بد لها من تقييد يفهم من قرينة الكلام كما قال تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25]، فالريح لم تدمر المساكن مع أنه قال: “كل شيء” لأنه قال بعدها: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25] فدل على أن التدمير إنما كان على الكفار، وكذلك قوله عن ملكة سبأ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، ومعلوم أنها لم تؤت ملك سليمان، وكذلك قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} فلا يمكن إدخال نفس الله سبحانه في هذا العموم.
    وشبهاتهم كثيرة يطول المقام بذكرها والرد عليها ولعل فيما ذكرته كفاية.
    انظر تفصيل ذلك في شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 528، مختصر الصواعق ص 435، شرح الطحاوية (1/ 178)، مجموع الفتاوى (12/ 522)، (8/ 412)، درء التعارض (2/ 99)، العواصم والقواصم لابن الوزير (4/ 385)، العقيدة السلفية في كلام رب البريَّة لعبد الله الجديع ص 283 – 296.
    1783 – يشير الناظم إلى المعتزلة حينما نفوا القدر، وقالوا إن العبد يخلق فعل نفسه (انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 323)، جعلوا العبد -بقولهم هذا- شريكًا لله في أخص صفات الربوبية وهي صفة الخلق =
    (2/491)

1784 – ولأجْلِهِ قَدْ خَلّدُوا أهْلَ الكَبَا … ئِرِ فِي الْجَحِيمِ كَعَابِدِي الأوْثَانِ
1785 – ولأجْلِهِ قَدْ أنْكَرُوا لِشَفَاعَةِ الْـ … ـمُخْتَارِ فِيهِمْ غَايَةَ النُّكْرَانِ


= فشابهوا المجوس القائلين بإلهين النور والظلمة.
وتأويلهم الفاسد في ذلك أنهم قالوا: لو أثبتنا أن الله هو الخالق لأفعال العباد لكان من الظلم أن يعاقبهم على أمر هو خلقه ليس لهم فيه حيلة وسَمّوا ذلك “عدلًا”. انظر: الملل والنحل (1/ 45)، شفاء العليل لابن القيم ص 114.
وانظر: ما تقدم ذكره تحت البيت رقم (1332).
1784 – انظر ما سبق في التعليق على البيت رقم (1333).

  • ومن تأويلاتهم الفاسدة أيضًا: أنهم أخذوا بأحاديث الوعيد من غير جمع لها مع أحاديث الوعد، وقالوا إن مرتكب الكبيرة من أهل النار خالدًا فيها إذ ليس في الآخرة إلا فريقان: فريق في الجنة وفريق في السعير. انظر شرح الأصول الخمسة ص 657، الملل والنحل (1/ 48)، الفرق بين الفرق ص 82.
    ويكفي في الرد عليهم تواتر الأحاديث التي تدل على خروج أهل الكبائر من النار.
    1785 – في الأصل: “الشافعية”، وفي ظ: “الشفاعة للمختار” كلاهما تحريف.
  • تقدم الكلام على إنكار المعتزلة لشفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – لأهل الكبائر من أمته تحت البيت رقم (1334).
    وتأويلهم الفاسد في ذلك أن بعض النصوص التي وردت في الكفار جعلوها في حق عصاة أهل القبلة كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 48]. ومعلوم أن النفس في الآية التي لا تنال الشفاعة هي نفس الكافر، قال القرطبي: “أجمع المفسرون على أن المراد بالنفس هي نفس الكافر لا كل نفس” ا. هـ الجامع لأحكام القرآن (1/ 379)، وانظر: تفسير الطبري (1/ 268).
    وذكر شيخ الإسلام أن أحاديث الشفاعة متواترة (مجموع الفتاوى (1/ 149)).
    (2/492)

1786 – ولأجْلِهِ ضُرِبَ الإمَامُ بِسَوْطِهِمْ … صِدِّيقُ أَهْلِ السُّنَّةِ الشَّيبَانِي
1787 – ولأجْلِهِ قَدْ قَالَ جَهْمٌ لَيْسَ رَبُّ … م العَرْشِ خَارجَ هَذِهِ الأكْوَانِ
1788 – كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَواتِ العُلى … والعَرْشِ مِنْ رَبٍّ وَلَا رحْمنِ
1789 – مَا فَوْقَهَا رَبٌّ يُطَاعُ جبَاهُنَا … تَهْوِي لَهُ بِسُجُودِ ذِي خُضْعَانِ
1790 – وَلأجْلِهِ جُحِدَتْ صِفَاتُ كمَالِهِ … والعَرْشُ أخْلَوْهُ مِنَ الرَّحْمنِ


1786 – يعني الإمام أحمد بن حنبل الشيباني إمام أهل السنة، وقد تقدمت ترجمته في التعليق على مقدمة المؤلف.

  • يشير الناظم إلى ما امتحن به الإمام أحمد من قبل المعتزلة لكي يقول بخلق القرآن، وقد ضرب بالسياط وسجن وأوذي، ولكنه صبر وثبت، رحمه الله. وقد تقدم الكلام على محنته. انظر: البيت رقم (1386).
    1787 – تقدمت ترجمة جهم تحت البيت (40).
    1788 – يشير الناظم في هذين البيتين إلى إنكار جهم لعلو الله على خلقه واستوائه على العرش.
  • قال علي بن المديني: “أنا كلمت أستاذهم جهمًا فلم يثبت أن في السماء إلهًا” نقله عنه البخاري في خلق أفعال العباد برقم (23) ص 16.
  • وأخرج عبد الله ابن الإمام أحمد بسنده في السنة (1/ 168 برقم (191) عن علي بن عاصم بن علي قال: “ناظرت جهمًا فلم يثبت أن في السماء ربًّا جل ربنا عزَّ وجلَّ وتقدس”.
    وسوف يشير الناظم عند البيت رقم (2402) إلى أن جهمًا يتمنى أنه لو حك آية الاستواء من المصحف. انظر: مختصر الصواعق ص 306، سير أعلام النبلاء للذهبي (6/ 26).
    1789 – خُضْعَان: مصدر خضع، كالخضوع.
    1790 – يعني الجهمية أتباع جهم، وقد نفوا الصفات عن الله لشبه وتأويلات كثيرة أهمها: أنهم أثبتوا وجود الله بطريقة فاسدة جرّتهم إلى نفي الصفات. انظر الكلام عليها في البيت (1003).
    ومما قاله جهم في نفيه الصفات ما نقله عنه الأشعري في المقالات =
    (2/493)

1791 – ولأجْلِهِ أَفْنَى الجَحِيمَ وجَنَّةَ الـ … ـمَأْوَى مَقَالَةَ كاذِبٍ فَتَّانِ
1792 – ولأَجْلِهِ قَالَ: الإلةُ مُعَطَّلٌ … أَزلًا بِغَيْرِ نِهَايَةٍ وَزَمَانِ
1793 – ولأجْلِهِ قَدْ قَالَ لَيسَ لِفعْلِهِ … مِنْ غَايةٍ هِيَ حِكْمَةُ الدَّيَّانِ
1794 – ولأجْلِهِ قَدْ كَذّبُوا بِنُزُولِهِ … نَحْوَ السَّمَاءِ بِنِصْفِ لَيْلٍ ثَانِ


= (1/ 338): “لا أقول إن الله شيء لأن ذلك تشبيه له بالأشياء”.
وانظر: الفرق بين الفرق ص 159، ودرء التعارض (1/ 276)، مختصر الصواعق ص 124.
1791 – ومن ضلالات جهم: القول بفناء الجنة والنار، وهذا مما تفرد به الجهم بن صفوان كما نص على ذلك الأشعري في مقالاته (1/ 338)، وانظر: التنبيه والرد للملطي ص 112. وتأويله الفاسد في ذلك: أنه منع التسلسل في الماضي والتسلسل في المستقبل فقال: إنه لا بد من فناء حتى ينقطع التسلسل في الحوادث في المستقبل. انظر: الملل والنحل (1/ 87 – 88)، الفرق بين الفرق ص 158، شرح الطحاوية (1/ 621). وانظر ما سبق في البيت (77) وما بعده.
1792 – طع: (قالوا).

  • انظر الكلام عليه فيما سبق في البيت (73) ثم البيت (956) وما بعده.
    1793 – انظر ما سبق في البيت (59).
    ونفي الحكمة في أفعال الله تابع الجهم عليها الأشاعرة ويقولون إن الله يفعل بمجرد المشيئة وشبهتهم في ذلك: أن إثبات الحكمة يلزم منه أن يكون الله محتاجًا لهذا الأمر وهذا نقص.
    انظر: رسالة إلى أهل الثغر ص 77، ورد ابن القيم على هذه الشبهة في شفاء العليل ص 417.
    1794 – قال الناظم في الصواعق (المختصر ص 124): “إنه لو قام به صفة لكان جسمًا ولو كان جسمًا لكان حادثًا (إلى أن قال)، وعلى هذه الطريقة أنكروا علوه على عرشه، وتكلمه بالقرآن ورؤيته بالأبصار ونزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة”. =
    (2/494)

1795 – ولأجْلِهِ زَعَمُوا الكِتَابَ عِبَارةً … وَحِكَايةً عَنْ ذَلِكَ القُرْآنِ
1796 – مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ سِوَى المخْلُوقِ والْـ … ـقُرْآنُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الرَّحْمنِ
1797 – مَاذَا كَلَامَ اللهِ قَطُّ حَقِيقَةً … لكِنْ مَجَازٌ وَيحَ ذي البُهْتَانِ


= – يشير إلى ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا بشأن نزول الرب إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل وقد تقدمت إشارة الناظم إليه في البيت رقم (447) وتقدم تخريجه والكلام عليه. وانظر البيتين (1209، 1725).
1795 – يعني الأشاعرة والكلابية. وفي الأصل: “زعم”. وقد سبق تفصيل أقوالهم في البيت (571) وما بعده.

  • قوله: “عبارة”: وهذا هو مذهب الأشاعرة في كلام الله، أن الموجود في المصاحف إنما هو عبارة عن كلام الله، وأمَّا ألفاظه فهي من جبريل أو محمد. مجرد المقالات لابن فورك ص 64، الإرشاد للجويني ص 127، مختصر الصواعق ص 411، درء التعارض (2/ 107).
  • قوله: “وحكاية”: وهذا مذهب الكلابية أتباع ابن كلاب: الذين قالوا إن الموجود هو حكاية عن كلام الله. مختصر الصواعق ص 410، درء التعارض (2/ 17).
    وتأويلهم الفاسد في ذلك: أنهم جاؤوا للرد على المعتزلة في قولهم: “أن الكلام المضاف إلى الله تعالى خلق له أحدثه وأضافه إلى نفسه إضافة مخلوق إلى خالقه إضافة تشريف كما تقول: “خلق الله، وعبد الله”. قال شيخ الإسلام نقلًا لكلام السجزي: “فضاق بابن كلاب وأضرابه النَفَسَ عند هذا الإلزام لقلة معرفتهم بالسنن وتركهم قبولها وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل … ” درء التعارض (2/ 84).
    1796 – يشير إلى قول الأشاعرة والكلابية في أن ألفاظ القرآن مخلوقة.
    قال الناظم في الصواعق (مختصر ص 413) حاكيًا مذهبهم الفاسد: “عندهم -أي الأشاعرة والكلابية- أن الله تعالى لم يكلم موسى، وإنما اضطره إلى معرفة المعنى القائم بالنفس من غير أن يسمع منه كلمة واحدة”. وانظر: الدرء (2/ 114).
    1797 – طت، طه: (ذا).
    (2/495)

1798 – ولأجْلِهِ قُتِلَ ابنُ نَصْرٍ أحْمَدٌ … ذَاكَ الخُزَاعيُّ العَظِيمُ الشَّانِ
1799 – إذْ قَالَ ذَا القُرْآنُ نفسُ كَلَامِهِ … مَا ذَاكَ مَخْلُوقًا مِنَ الأكْوَانِ
1800 – وَهُوَ الَّذِي جَرّا ابْنَ سِينَا والأُلَى … قَالُوا مَقَالَتَهُ عَلَى الكُفْرانِ
1801 – فَتَأوَّلُوا خلْقَ السَّمَواتِ العُلى … وحُدُوثَهَا بِحَقِيقَةِ الإمْكَانِ
1802 – وتأوّلُوا عِلْمَ الإِلهِ وَقَوْلَهُ … وَصِفَاتِهِ بِالسَّلْبِ وَالبُطْلَانِ


1798 – هو أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي، المروزي، أبو عبد الله: الإمام الكبير الشهيد، قتله الواثق بيده لأنه لم يجبه إلى القول بخلق القرآن، وكان أمّارًا بالمعروف، وقيل إنه اجتمع معه خلق كثير ببغداد للخروج على عاملها، ولكنه قبض عليه قبل ذلك فالله أعلم. وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائتين. البداية والنهاية (10/ 316)، السير (11/ 166)، الأنساب للسمعاني (2/ 358).

  • طع: (أحمدا)، وهو خطأ.
    1800 – “جرّا”: أصلها: “جَرّأ” ولكن سهلت الهمزة للضرورة.
  • ابن سينا: تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (94).
    1801 – يشير الناظم إلى اعتقاد الفلاسفة ومن تبعهم بقدم العالم ويقولون إنه محدث: أي معلول لعلة قديمة، وأن العالم مفتقر إلى الله لإمكان افتقار المعلول إلى علته، وقالوا: إن العلة التامة يجب أن يقارنها معلولها ولا يتأخر عنها، وقال شيخ الإسلام: إن التعبير بلفظ الحدث عن هذا المعنى لا يعرف عن أحد من أهل اللغات ولا غيرهم إلا من هؤلاء الفلاسفة الذين ابتدعوه.
    انظر: الإشارات والتنبيهات لابن سينا (صم 448)، درء التعارض (1/ 126)، (3/ 169)، (4/ 247)، الصفدية لشيخ الإسلام (1/ 10).
    1802 – والمعنى أنهم نفوا صفاته -سبحانه- وعلمه، فهم يقولون: إنه حي، عليم، قدير، مريد، متكلم، سميع، بصير، ويقولون: إن ذلك كله شيء واحد، فإرادته عين قدرته، وقدرته عين علمه، وعلمه عين ذاته.
    وأصلهم في ذلك: أنه ليس له صفة ثبوتية بل صفاته إما سلب كقولهم: =
    (2/496)

1803 – وتأوَّلُوا البَعْثَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ … رُسُلُ الإلةِ لِهَذِهِ الأبدَانِ
1804 – بِفراقِهَا لِعَنَاصِرٍ قَدْ رُكِّبتْ … حَتَّى تَعُودَ بَسِيطَةَ الأرْكَانِ
1805 – وَهُوَ الَّذِي جَرَّا القَرامِطَةَ الأُلَى … يَتأوَّلُونَ شَرَائِعَ الإيمَانِ


= “ليس بجسم”، وإما إضافة كقولهم: “مبدأ وعلة”، وإما مؤلف منهما كقولهم: “معقول وعاقل وعقل”، ومضمون هذه العبارات وأمثالها -كما قال شيخ الإسلام- نفي الصفات، وهؤلاء منتهاهم أن يقولوا: موجود بشرط الإطلاق، أو بشرط نفي الأمور الثبوتية كما قال ابن سينا وأتباعه. انظر: النجاة لابن سينا ص 249، وما بعدها، درء التعارض (1/ 285)، الصفدية (1/ 86).
1803 – وتأويل الفلاسفة وعلى رأسهم ابن سينا للمعاد أنه للأرواح فقط دون الأبدان.
يقول ابن سينا: ” … فإذا بطل أن يكون المعاد للبدن وحده، وبطل أن يكون للبدن والنفس، وبطل أن يكون للنفس على سبيل التناسخ، فالمعاد إذًا للنفس وحدها” الأضحوية في المعاد لابن سينا ص 126، وانظر: درء التعارض 911، ومجموع الفتاوى 4/ 216 – 311، الصفدية 2/ 266، شرح الطحاوية 2/ 589، إغاثة اللهفان 2/ 562.
1804 – ومراد الناظم: أن تأويل الفلاسفة للمعاد بأنه معاد للأرواح دون الأبدان يكون بفراق الروح للبدن وهي مجردة عن المادة وهو معنى قوله: “بسيطة الأركان”.
1805 – القرامطة: تقدم التعريف بهم تحت البيت رقم (786).
وأما تأويل القرامطة لشرائع الإيمان فهم يقولون: “إن للإسلام والقرآن باطنًا يخالف الظاهر فيقولون: الصلاة عند العامة هي الصلاة المعروفة، وعند الخاصة فالصلاة في حقهم: معرفة أسرارنا، والصيام: كتمان أسرارنا، والحج: السفر إلى زيارة شيوخنا … إلخ من تأويلاتهم الباطنية” ا. هـ بتصرف. مجموع الفتاوى (13/ 236) وما بعدها، درء التعارض (5/ 383)، الصواعق المرسلة (2/ 638).
(2/497)


1806 – فَتَأوَّلُوا العَمَليَّ مِثْلَ تأوُّلِ الْـ … ـعِلْمِيِّ عِنْدَكُمُ بِلَا فُرْقَانِ
1807 – وَهُوَ الَّذِي جَرَّا النَّصِيرَ وَحِزْبَهُ … حَتَّى أتَوْا بعَسَاكِرِ الكُفْرَانِ
1808 – فَجَرَى عَلَى الإسْلَامِ أَعْظَمُ مِحْنَةٍ … وَخُمَارُهَا فِينَا إلَى ذَا الآنِ
1809 – وَجَمِيعُ مَا فِي الْكَوْنِ مِنْ بِدَعٍ وأحْـ … ـدَاثٍ تُخَالِفُ مُوجَبَ القُرْآنِ
1810 – فَأسَاسُهَا التأوِيلُ ذُو البُطلَانِ لَا … تأوِيلُ أَهْلِ العِلْمِ والإيمَانِ
1811 – إذْ ذَاكَ تَفْسِيرُ المُرَادِ وكشْفُهُ … وَبَيَانُ مَعْنَاهُ إلى الأذْهَانِ
1812 – قَدْ كَانَ أعْلَمُ خَلْقِهِ بِكَلَامِهِ … صَلَّى عَلَيْهِ اللهُ كُلَّ أَوَانِ
1813 – يتأوَّلُ القُرْآنَ عِنْدَ رُكُوعِهِ … وَسُجُودِهِ تَأوِيلَ ذِي بُرْهَانِ


1806 – ومراد الناظم بالأمور العلمية: الأمور الاعتقادية النظرية، كإثبات الصفات والرؤية وغيرها.
يقول الناظم لأهل التأويل ونفاة الصفات: وإن تأويلكم للأمور العلمية هو الذي فتح لهؤلاء الباب وجرّأهم على التأويل في الشرائع العملية.
انظر: الصواعق (2/ 400)، (3/ 1096)، مناهج الأدلة لابن رشد ص 176 وما بعدها.
1807 – النصير الطوسي: تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (487). وقد ذكر الناظم ما فعله الطوسي بالمسلمين في البيت (930) وما بعده.
1808 – الخُمَار: -بالضم- في الأصل: بقية السُّكْرِ، والصداع والداء العارض من الخمر، ومراد الناظم أن آثارها ما زالت باقية إلى عصره. لسان العرب (4/ 255)، المفردات للراغب ص 299.
1809 – الموجَب، بالفتح: المقتضَى، (ص).
1811 – يشير الناظم إلى معنى التأويل عند أهل الحق وهو: التفسير.
وسيشير مرة أخرى في البيت (2069) وما بعده إلى معنى التأويل وشواهده.
1813 – ب: “البرهان”. ويشير الناظم إلى الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها =
(2/498)


1814 – هَذَا الَّذِي قَالَتْهُ أمُّ المؤْمِنيـ … ـنَ حِكَايَةً عَنْهُ لَهَا بِلِسَانِ
1815 – فَانْظُرْ إلَى التأويلِ مَا تَعْنِي بِهِ … خَيرُ النِّسَاءِ وَأَفْقَهُ النِّسْوَانِ
1816 – أتَظُنُّهَا تَعْنِي بِهِ صَرْفًا عَنِ الْـ … ـمَعْنَى الْقَويِّ لِغَيرِ ذِي الرُّجْحَانِ
1817 – وانظُرْ إلَى التأْويلِ حين يقول عَلِّـ … ـمْهُ لِعبدِ الله فِي القُرْآنِ


= قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول في ركوعه وسجوده: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي” يتأول القرآن. أخرجه البخاري في كتاب الأذان- باب التسبيح والدعاء في السجود برقم (817)، ومسلم في كتاب الصلاة برقم (484). يتأول القرآن: أي يفعل ما أمر به فيه (الفتح 2/ 299).
والمقصود ما جاء في سورة النصر من قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 3]. كما جاء عن عائشة -رضي الله عنها- في البخاري -كتاب التفسير- باب سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ … } برقم (4967).
1814 – هي عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم عبد الله، زوج النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأحب أزواجه إليه، ولم يتزوج بكَرًا غيرها، وهي المبرأة من فوق سبع سماوات، وأمها “أم رومان” بنت عامر بن عويمر الكنانية، ولدت قبل البعثة بأربع سنين أو خمس، وتزوجها النبي – صلى الله عليه وسلم – وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع، وهي أعلم النساء على الإطلاق كما قال ذلك الحافظ ابن كثير، وكما أشار إليه الناظم. كانت وفاتها سنة ثمان وخمسين -عند الأكثر- وقيل سبع -رضي الله عنها وأرضاها -.
الإصابة (4/ 359)، البداية والنهاية (8/ 95).
1816 – يشير إلى التأويل في اصطلاح المتكلمين وهو: “صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به”.
انظر: درء التعارض (1/ 14، 206)، (5/ 383)، مجموع الفتاوى (13/ 288)، شرح الطحاوية (1/ 255).
1817 – يشير الناظم في هذا البيت إلى الحديث الصحيح الذي دعا فيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لابن عباس رضي الله عنهما فقال: “اللهم فَقِّهْهُ في الدين وعلمه التأويل”.=
(2/499)


1818 – ماذا أراد به سوى تفسيرِه … وظهورِ معناه لَهُ بِبَيَانِ
1819 – قَوْلُ ابنِ عبَّاسٍ هُوَ التَّأوِيلُ لَا … تَأْوِيلُ جَهْمِيٍّ أخِي بُهْتَانِ
1820 – وَحَقِيقَةُ التَّأوِيل مَعْنَاهُ الرُّجُو … عُ إِلَى الحَقِيقَةِ لَا إلَى البُطْلَانِ
1821 – وَكَذَاكَ تَأْوِيلُ المنَامِ حَقِيقَةُ الْـ … ـمَرْئِيِّ لَا التَّحريفُ بالبُهْتَانِ
1822 – وَكَذاكَ تأوِيلُ الَّذِي قَدْ أخْبَرَتْ … رُسُلُ الإله بِهِ مِنَ الإيمَانِ
1823 – نَفْسُ الحَقِيقَةِ إذْ تُشَاهِدُهَا لَدَى … يَوْمِ المعَادِ برُؤْيةٍ وَعِيَانِ


= والحديث أصله في الصحيحين من غير زيادة “وعلمه التأويل”. أخرجه البخاري في الوضوء – باب وضع الماء عند الخلاء برقم (143)، ومسلم في فضائل الصحابة برقم (2477).
بهذا اللفظ الذي أشار إليه الناظم أخرجه أحمد في المسند ( 1/ 314 ، 266، 328، 335)، وفي فضائل الصحابة (1858)، والطبراني في الكبير برقم (10614)، (12506)، وفي الصغير (1/ 197)، والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 493 – 494)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 15/ 531 برقم (7555))، والطبري في تهذيب الآثار برقم (263) في مسند عبد الله بن عباس (الجزء الأول).
1821 – والناظم يشير في هذا البيت إلى مثال من الأمثلة التي جاء بها القرآن حول معنى التأويل الذي هو حقيقة ما يؤول إليه اللفظ، فتأويل الرؤيا هو وقوعها حقيقة مشاهدة كما أخبر الله عن يوسف حينما قال: {يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: 100] أي ما وقع من سجود أبويه وإخوته هو الأمر الذي آلت إليه رؤياه. انظر مجموع الفتاوى (17/ 365)، (13/ 290). وانظر البيت (2069) وما بعده.
1822 – ب، د، ظ: (التي) وهو خطأ.
1823 – ومن أمثلة التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام: ما أخبرت به الرسل عن اليوم الآخر فيكون تأويل كلامهم هو نفس ما تشاهده في ذلك اليوم. كما قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} [الأعراف: 53] انظر مجموع الفتاوى (17/ 364)، درء التعارض (1/ 206).
(2/500)


1824 – لا خُلْفَ بَيْن أئِمَّةِ التّفسيرِ فِي … هَذَا وذلك واضِحُ التِّبِيانِ
1825 – هَذَا كَلَامُ اللهِ ثُمَّ رسُولِهِ … وأئِمّةِ التّفْسِيرِ لِلْقرْآنِ
1826 – تَأويلُهُ هُوَ عِنْدَهُمْ تَفْسِيرُهُ … بالظَّاهِرِ المفْهُومِ للأذْهَانِ
1827 – مَا قَالَ مِنْهُم قَطُّ شَخْصٌ وَاحِدٌ … تَأويلُهُ صَرْفٌ عَنِ الرُّجْحَانِ
1828 – كَلَّا وَلَا نَفْيُ الحَقِيقَةِ لَا ولَا … عَزْلُ النُّصُوصِ عَنِ اليَقِينِ فَذَانِ
1829 – تأْوِيلُ أهْلِ البَاطِلِ المردُودِ عِنْـ … ـدَ أئمّة الإيمان والعرفانِ
1830 – وَهُوَ الَّذِي لَا شَكَّ فِي بُطْلَانِهِ … واللهُ يَقْضي فِيهِ بالبُطْلَانِ
1831 – فَجَعَلْتُمُ لِلَّفظِ مَعْنىً غَيْرَ مَعْـ … ـنَاهُ لَديهمْ باصْطِلَاحٍ ثَانِ
1832 – وَحَمَلْتُمُ لَفْظَ الكِتَابِ عَلَيْهِ حَتَّـ … ـى جَاءكُمْ مِنْ ذَاكَ مَحْذُورَانِ
1833 – كَذِبٌ عَلَى الألفَاظِ مَعْ كَذِبٍ عَلَى … مَنْ قَالَهَا كَذِبَان مقْبُوحَانِ


1824 – ط: (واضح البرهان). وهذا البيت مقدّم على البيت السابق في (طه).
1826 – قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (1/ 253 – 254): “والتأويل في كلام كثير من المفسرين كابن جرير ونحوه، يريدون به تفسير الكلام وبيان معناه، سواء وافق ظاهره أو خالف، وهذا اصطلاح معروف، وهذا التأويل كالتفسير يحمد حقه، ويرد باطله” ا. هـ.
انظر: مجموع الفتاوى (13/ 288)، الصواعق (1/ 178).
1827 – يشير الناظم إلى أن إجماع السلف على عدم القول بالتأويل بالمعنى الذي اصطلح عليه المتكلمون وقد عزا هذا الإجماع إلى ابن قدامة في الصواعق (1/ 179 – 180)، وهو موجود عند ابن قدامة في كتابه ذم التأويل ص 40.
1828 – أي لم يقل أحد منهم بنفي حقائق الألفاظ بأنها مجاز، أو بأن النصوص أدلة لفظية لا تفيد اليقين كما قال أهل التأويل الباطل وقد تقدمت الإشارة إلى هذا مرارًا.
1829 – كذا في الأصل و (ف). وفي غيرهما: “العرفان والإيمان”.
1833 – يشير الناظم في هذا البيت وما يليه من أبيات إلى أن المعطلة يلزمهم عند تأويلهم للنصوص أربعة محاذير وذكر في هذا البيت محذورين:

  • الأول: كذب على الألفاظ، وذلك بتأويلها وصرفها عن ظاهرها وقد عبّر =
    (2/501)

1834 – وتَلاهُمَا أمْرَانِ أقْبَحُ منهُمَا … جَحْدُ الهُدَى وَشَهَادَةُ البُهْتَانِ
1835 – إذْ يَشْهَدُونَ الزُّور أَنَّ مُرَادَهُ … غَيْرُ الحَقِيقَةِ وَهْيَ ذُو بُطْلَانِ


فصلٌ فيمَا يلزم مدعي التَّأويل لِتصحّ دعواه (1)
1836 – وَعليكُمُ فِي ذَا وظَائِفُ أربَعٌ … واللهِ لَيْسَ لَكُمْ بِهِنَّ يَدَانِ


= عن هذا المحذور الناظم في الصواعق (1/ 296) بقوله: “المحذور الثاني: وهو التعطيل فعطلوا حقائقها بناء منهم على ذلك الفهم الذي يليق بهم ولا يليق بالرب جلَّ جلاله”.

  • الثاني: الكذب على من قالها وذلك بأن نسبوا إلى الله ورسوله المعنى الباطل الذي أوّلوا النصوص وحرفوها إليه.
    1834 – والناظم يشير في هذا البيت إلى المحذورين الثالث والرابع.
  • فالثالث: هو جحدكم للهدى والمعاني الحقة التي دلت عليها النصوص.
  • والرابع: شهادة الزور والبهتان على القائل بأنه لم يرد هذه المعاني الحقة واتهامهم إياه بعدم البيان التام والعلم الكامل. انظر هذه المحاذير مفصلة في الصواعق المرسلة (1/ 296 – 297).
    1835 – د: (عين الحقيقة)، تحريف.
  • استعمل الناظم هنا “ذو” مكان “ذات”. وقد سبق مثله في البيت (1033 و 1046) وغيرهما، (ص).
    (1) ط: “لتصحيح”.
    يشير الناظم في هذه الأبيات إلى أربعة أمور تلزم مدعي التأويل وسيذكر في هذا الفصل ثلاثة منها والرابع سوف يذكره في الفصل القادم في البيت رقم (1884).
    وقد تكلم الناظم عنها بالتفصيل وذكر الأمثلة لكل وظيفة في الصواعق المرسلة (1/ 288 – 295) وانظر: مجموع الفتاوى 6/ 360.
  • قوله: “ليس لكم بهن يدان” يعني: ليس لكم قدرة على دفعها.
    (2/502)

1837 – مِنْهَا دَلِيلٌ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ … مَوْضُوعِهِ الأصْليِّ بالبُرْهَانِ
1838 – إذْ مُدَّعِي نَفْسِ الحَقِيقَةِ مُدَّعٍ … لِلأصْلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بُرْهَانِ
1839 – فَإذا اسْتَقَامَ لَكُمْ دَلِيلُ الصَّرفِ يَا … هَيهَاتَ طُولِبتُم بأمْرٍ ثَانِ
1840 – وَهُوَ احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى الَّذِي … قُلتمْ هُوَ المقْصُودُ بالتِّبْيَانِ
1841 – فَإذَا أتَيتُم ذَاكَ طُولِبْتُم بأمْـ … ـرٍ ثَالِثٍ مِنْ بَعْدِ هَذَا الثَّانِي
1842 – إذْ قُلتُمُ إنَ المُرَادَ كَذَا فَمَا … ذَا دَلَّكُمْ؟ أَتَخَرُّصُ الكُهَّانِ؟
1843 – هَبْ أنهُ لَمْ يَقْصِدِ الموْضُوعَ لَـ … ـكِنْ قَدْ يكُونُ القَصْدُ مَعْنىً ثاني
1844 – غَيرَ الَّذِي عَيَّنْتُمُوهُ وَقَدْ يكُو … نُ اللَّفْظُ مَقْصُودًا بِدُونِ مَعَانِ


1838 – فالأمر الأول الذي يلزم أهل التأويل: الإتيان بالدليل الصارف عن معنى النص الظاهر المفهوم منه، وهذا لا يلزم المثبت للنصوص لأنه عمل على الأصل، فالمخالف هو الذي يأتي بالدليل الصارف.
1839 – يا هيهات: أي بعيد جدًّا أن يستقيم لكم دليل صرف اللفظ عن معناه الحقيقي.
1840 – خلاصة هذا الإلزام: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوله في ذلك التركيب الذي وقع فيه، وإلا كان كاذبًا على اللغة منشئًا وضعًا من عنده.
فإن اللفظ قد لا يحتمل ذلك المعنى لغة، وإن احتمله فقد لا يحتمله في ذلك التركيب الخاص. انظر الصواعق 1/ 289.
1841 – في الأصل وف: “فإذا أثبتم” بالثاء، وفي ظ، د: “أبيتم” وكلاهما تصحيف.
1842 – ف: (إن قلتم).
التخرص: الكذب والافتراء.
1843 – هذا هو اللازم الثالث وخلاصته: تعيين ذلك المعنى فإنه إذا أخرج عن حقيقته فقد يكون له معان عدة فتعيين ذلك المعنى يحتاج إلى دليل. انظر الصواعق (1/ 292). قوله “الموضوع” يعني المعنى الذي وضع له هذا اللفظ.
(2/503)


1845 – لِتَعَبُّدٍ وتِلَاوةٍ وَيَكُونُ ذَا … كَ القَصْدُ أنفَعَ وَهْوَ ذُو إمْكَانِ
1846 – مِنْ قَصْدِ تحْرِيفٍ لَهَا يُسْمَى بتأ … ويلٍ مَعَ الإتْعَابِ للأذْهَانِ
1847 – واللهِ مَا القَصْدَانِ فِي حَدٍّ سَوَا … فِي حِكْمةِ المتَكَلِّمِ المنَّانِ
1848 – بَلْ حِكْمَةُ الرَّحْمنِ تُبْطِلُ قَصْدَهُ التَّـ … ـحْرِيفَ حَاشَا حِكمَةَ الرَّحمنِ


1845 – حاشية ف، ظ، ط: (كتعبد)، تحريف.
يعني إنزالها بقصد التعبد والتلاوة أنفع من إنزالها لأجل أن تتعب الأذهان في تأويلها وتحريفها وقد يقع كثير من الناس في الضلال والانحراف عن الحق لأنه لا يهتدي إليه كل أحد بل هو معقد ويحتاج إلى إعمال الذهن.
1847 – المقصود بالقصدين: التأويل الباطل والتحريف، وإنزالها لأجل التعبد بها من غير فهم المعنى، فإنهما ليسا في حدّ سواء في حكمة المتكلم، وإن كان كلاهما غير صحيح كما يأتي.
1848 – نقل الناظم في الصواعق (1/ 316) نفس هذا المعنى عن شيخ الإسلام ضمن إلزامه للمتأولين ببعض اللوازم فكان مما قاله شيخ الإسلام: “ومنها -أي من اللوازم- أن ترك الناس من إنزال هذه النصوص كان أنفع وأقرب إلى الصواب، فإنهم ما استفادوا بنزولها غير التعرض للضلال ولم يستفيدوا منها يقينًا ولا علمًا بما يجب لله ويمتنع عليه إذ ذاك، وإنما يستفاد من عقول الرجال وآرائها.
فإن قيل: استفدنا منها الثواب على تلاوتها وانعقاد الصلاة بها، قيل: هذا تابع للمقصود بها بالقصد الأول، وهو الهدى والإرشاد والدلالة على إثبات حقائقها ومعانيها والإيمان بها، فإن القرآن لم ينزل لمجرد التلاوة وانعقاد الصلاة عليه بل أنزل ليتدبر، ويعقل، ويهدى به علمًا وعملًا، ويبصر من العمى، ويرشد من الغي، ويعلم من الجهل ويشفى من العِيِّ، ويهدى إلى صراط مستقيم. وهذا القصد ينافي قصد تحريفه وتأويله بالتأويلات الباطلة المستكرهة التي هي من جنس الألغاز والأحاجي، فلا يجتمع قصد الهدى وقصد ما يضاده أبدًا … “.
(2/504)


1849 – وَكَذَاكَ تُبطِلُ قَصْدَهُ إنزالَهَا … مِنْ غَيْرِ مَعْنىً وَاضِحِ التِّبيَانِ
1850 – وَهُمَا طَرِيقَا فِرْقَتَيْنِ كِلاهُمَا … عَنْ مَقْصِد القُرْآنِ مُنْحرفَانِ


فصلٌ في طريقة ابن سينا وذويه من الملاحدة في التأويل
1851 – وَأتَى ابْنُ سِينَا بَعْدَ ذَا بِطَريقَةٍ … أخْرَى وَلَم يأنَفْ مِنَ الكُفْرَانِ
1852 – قَالَ المرادُ حَقَائِقُ الألفَاظِ تَخْـ … ـيِيلًا وتَقْرِيبًا إلَى الأذْهَانِ


1849 – ومعنى هذا البيت والذي قبله: أن حكمة الرحمن تبطل قصد إنزال النصوص لأجل التحريف والتأويل الباطل وكذاك تبطل قصد إنزالها لأجل التعبد بالتلاوة فقط من غير فهم للمعنى كما يدعيه أهل التفويض للنصوص.
1850 – أي أن الذين لا يثبتون المعاني الحقيقية للنصوص طائفتان: الأولى: أهل التأويل والتحريف للنصوص بالمعاني الباطلة. والثانية: أهل التفويض والتجهيل الذي يقولون إن النصوص ما أنزلت لتدل على هدى ولا على بيان بل هي للتعبد والتلاوة، ولا شك أن الطريقتين منحرفتان عن الطريق المستقيم. انظر: درء التعارض (1/ 201 – 203).
1851 – تقدمت ترجمة ابن سينا تحت البيت رقم (94). و”لم يأنَف”: أي لم يستنكف، ولم يكره الوقوع في هذه التأويلات المكفرة.
1852 – في هذا المعنى يقول ابن سينا في الأضحوية ص 103: “فظاهر هذا كله أن الشرائع واردة لخطاب الجمهور بما يفهمون، مقربًا ما لا يفهمون إلى أفهامهم بالتشبيه والتمثيل، ولو كان غير ذلك لما أغنت الشرائع البتة، فكيف يكون ظاهر الشرع حجة في هذا الباب”. وانظر النجاة لابن سينا ص 305، الصفدية (1/ 237)، درء التعارض (1/ 8)، الصواعق المرسلة (2/ 419).
(2/505)


1853 – عَجَزَتْ عَنِ الإدْرَاكِ للمعْقُولِ إلَّا … م فِي مِثَالِ الحِسِّ كالصِّبْيَانِ
1854 – كَي يَبرُزَ المعْقُولُ فِي صُوَرٍ مِنِ الْـ … ـمحْسُوسِ مَقْبُولًا لَدَى الأذْهَانِ
1855 – فَتَسَلُّطُ التَّأوِيلِ إبْطَالٌ لِهَـ … ـذا القَصْد وَهْوَ جِنَايةٌ مِنْ جَانِ
1806 – هَذَا الَّذِي قَدْ قَالَهُ مَعَ نَفْيِهِ … لِحَقَائِقِ الأَلفَاظِ فِي الأعيان
1857 – وَطَريقَةُ التَّأوِيلِ أيْضًا قَدْ غَدَتْ … مُشْتَقَّة مِنْ هَذِه الخُلْجانِ
1858 – وَكِلَاهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أنَّ الحَقيـ … ـقةَ مُنْتَفٍ مَضْمُونُهَا بِبَيَانِ


1853 – س، طع: (مثال الحسن)، تحريف.

  • وحول هذا المعنى يقول الناظم في الصواعق (2/ 421): “وقالوا -يعني الفلاسفة-: “وعقول الجمهور بالنسبة إلى هذه الحقائق أضعف من عقول الصبيان بالنسبة إلى ما يدركه عقلاء الرجال -أهل الحكمة منهم-، والحكيم إذا أراد أن يخوف الصغير أو يُبْسِط أمله، خوفهُ ورجَّاه بما يناسب فهمه وطبعه”.
    1854 – كذا في ف، طه، طع، بالدال المهملة، وهو الصواب. وفي غيرها: “لذي”.
    1855 – كذا ضبط البيت في الأصل، وكذا في د، ط. وفي غيرها: “فتسلط التأويلُ إبطالًا”.
  • الكلام في هذا البيت لابن سينا وأتباعه من الفلاسفة فهم يقولون: إن الخاصة هم الذين يعلمون أن هذه أمثال مضروبة لأمور عقلية تعجز عن إدراكها عقول الجمهور، فتأويلها جناية على الشريعة والحكمة وإقرارها إقرار للشريعة والحكمة. انظر: الأضحوية في المعاد لابن سينا ص 98 وما بعدها، والصواعق المرسلة (2/ 420 – 421).
    1856 – يعني ابن سينا.
  • “الأعيان”: كذا في الأصل و (ف، د). وفي غيرها: “الأذهان”. ومعنى البيت: أن ابن سينا وأتباعه حقيقة الأمر عندهم: أن الذي أخبرت به الرسل عن الله وصفاته وأفعاله وعن اليوم الآخر لا حقيقة له يطابق ما أخبروا به، ولكنه أمثال وتخييل وتفهيم بضرب الأمثال.
    1857 – الخُلْجَان: جمع خليج.
    1858 – يعني أن كلا الفريقين من الفلاسفة والمؤولين قد اجتمعا واتفقا على نقطة واحدة وهي نفي حقائق الألفاظ المرادة من النصوص.
    (2/506)

1859 – لَكِنْ قَدِ اخْتَلَفَا فَعِنْدَ فَرِيقِكُمْ … مَا إنْ أُرِيدَتْ قَطُّ بالتِّبْيَانِ
1860 – لَكِنَّ عِنْدَهُمُ أرِيدَ ثُبُوتُهَا … فِي الذِّهنِ إذْ عُدِمَتْ مِنَ الأعيانِ
1861 – إذْ ذَاكَ مَصْلَحَةُ المخَاطَبِ عِنْدَهُم … وَطَرِيقَةُ البُرهَانِ أمْرٌ ثَانِ
1862 – فَكِلَاهُما ارْتكَبَا أشَدَّ جِنَايَةٍ … جُنِيَتْ عَلَى القُرْآنِ والإيمَانِ
1863 – جَعَلُوا النُّصوصَ لأجْلِهَا غَرَضًا لَهُم … قَدْ خَرَّقُوهُ بِأسْهُمِ الهَذَيَانِ


1859 – وحول بيان الفرق بين المؤولة والفلاسفة يقول الناظم في الصواعق (2/ 421 – 422): “لكن هؤلاء -يعني أهل التأويل- أوجبوا أو سوغوا تأويلها بما يخرجها عن حقائقها وظواهرها وظنوا أن الرسل قصدت ذلك من المخاطبين تعريضًا لهم إلى الثواب الجزيل ببذل الجهد في تأويلها أو استخراج معان تليق بها وحملها عليها. وأولئك -يعني الفلاسفة- حرموا التأويل، ورأوه عائدًا على ما قصدته الأنبياء بالإبطال. والطائفتان متفقتان على انتفاء حقائقها المفهومة منها في نفس الأمر”.
1860 – ط: (من الإحسان).
1861 – والمعنى: أن عند الفلاسفة من مصلحة المخاطب من الجمهور أن تضرب له الأمثلة لأنه لا يستطيع استيعاب حقائق الأمور ويسارع بردها وعدم قبول الرسالة. ولكن طريقة الخواص -وهم أهل الحكمة- طريقة البرهان، وهي التي توصل إلى إدراك هذه المعقولات بذاتها. انظر الأضحوية ص 102، الصواعق (2/ 425)، مفتاح دار السعادة (1/ 145).
والفلاسفة أصحاب التخييل على قسمين:
قسم منهم يقول إن الرسول لم يعلم الحقائق على ما هي عليه وإن من الفلاسفة من علمها. وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية، باطنية الشيعة وباطنية المتصوفة.
وقسم آخر يقول: بل الرسول علمها ولكن لم يبينها وإنما تكلم بما يناقضها لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق. انظر مجموع الفتاوى (5/ 31)، الصواعق (2/ 418 – 422).
1862 – كأنّ في الأصل: “حصلت على”.
(2/507)


1864 – وَتَسَلَّطَ الأوْغَادُ والأوْقَاحُ وَالـ … أَرْذَالُ بالتَّحْريفِ والبُهْتَانِ
1865 – كُلٌّ إذَا قَابَلْتَهُ بالنَّصِّ قَا … بَلَهُ بتَأْويلٍ بلَا بُرْهَانِ
1866 – وَيقُولُ تأوِيلي كتَأْويلِ الَّذِيـ … ـنَ تَأوَّلُوا فوقِيّةَ الرَّحْمنِ
1867 – بَلْ دُونَهُ فَظُهُورُهَا فِي الوحي بالنَّـ … ـصَّيْنِ مِثْلُ الشَّمسِ فِي التِّبْيَانِ
1868 – أَيَسُوغُ تَأْويلُ العُلُوِّ لَكم ولَا … يُتأوَّلُ البَاقِي بِلَا فُرقَانِ
1869 – وَكذاكَ تأوِيلُ الصِّفَاتِ مَعَ انَّهَا … مِلءُ الحَدِيثِ وَمِلءُ ذَا القُرْآنِ
1870 – واللهِ تَأْوِيلُ العُلُوِّ أَشدُّ مِنْ … تَأوِيلِنَا لِقيَامَةِ الأبْدَانِ


1864 – الأوغاد: جمع وَغْدٍ، وهو الأحمق الضعيف والدني من الرجال. القاموس ص 401.
والأوقاح: جمع وَقِح، أي قليل الحياء. القاموس ص 316.
1865 – ومراد الناظم في هذا البيت والذي قبله وبعده أن يبين أن أهل التأويل فتحوا الباب على مصراعيه لكل ضال وزنديق من الفلاسفة والباطنية وغلاة الجهمية لكي يتلاعب بالنصوص ويحرفها كيف يشاء حتى صار الشرع كله مؤولًا عندهم، فلا هم للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا. انظر مجموع الفتاوى (13/ 157).
1867 – يعني فوقية الرحمن وعلوه على خلقه. وكأن في الأصل: “وظهورها” بالواو.
1868 – كذا في (ف). وفي الأصل: “يتأوّلوا”، ولعله تصحيف سماعي. وفي غيرهما: “تتأوّلوا” أي تتأوّلون.

  • والخطاب في هذا البيت والإلزام من الفلاسفة أهل التخييل للمعطلة أهل التأويل بأن تأويل العلو والصفات أشد قبحًا من تأويلاتهم للمعاد وعلم الله وحياته وغيرها كما سيأتي، لظهورها ووضوحها في نصوص الوحى.
    1869 – س، ح، طع: (ذي القرآن)، تحريف.
    1870 – والخطاب هنا موجه من ابن سينا والفلاسفة إلى أهل التعطيل، وقد نص عليه وقرّره في الأضحوية (97 – 103)، وقد قال الناظم في الصواعق (3/ 1105) معقبًا على كلام ابن سينا: “فتأمل كلام هذا الملحد بل رأس=
    (2/508)

1871 – وأشَدُّ مِنْ تَأويِلِنَا لِحدُوثِ هَـ … ـذا العَالَمِ المَحْسُوسِ بالإمْكَانِ
1872 – وَأشَدُّ مِنْ تأويلِنَا لِحَيَاتِهِ … ولِعِلْمِهِ وَمَشِيئَةِ الأكْوَانِ
1873 – وأَشَدُّ مِنْ تأويلِنَا بَعْضَ الشَّرَا … ئِعِ عِنْدَ ذِي الإنْصَافِ والميزَانِ
1874 – وأشدُّ مِنْ تأوِيلنَا لِكَلَامِهِ … بالفَيضِ مِنْ فَعَّالِ ذِي الأَكْوَانِ
1875 – وَأشدُّ منْ تأويلِ أهْلِ الرَّفْضِ أَخْـ … ـبارَ الفَضَائِلِ حَازَهَا الشَّيْخَانِ


= ملاحدة الملة، ودخوله إلي الإلحاد من باب نفي الصفات، وتسلطه في إلحاده على المعطلة النفاة بما وافقوه عليه من النفي، وإلزامه لهم أن يكون الخطاب بالمعاد جمهوريًا أو مجازًا أو استعارة كما قالوا في نصوص الصفات التي اشترك هو وهم في تسميتها تشبيهًا وتجسيمًا مع أنها أكثر تنوعًا وأظهر معنى وأبين دلالة من نصوص المعاد، فإذا ساغ لكم أن تصرفوها عن ظاهرها بما لا تحتمله اللغة، فصرف هذه عن ظواهرها أسهل … “.
1871 – كذا ترتيب الأبيات في الأصل و (د، ط). وفي غيرها أخّر هذا البيت على ما يليه. وقد تقدمت الإشارة إلى تأويل الفلاسفة لعلم الله وحياته في البيت رقم (1802).
1872 – تقدمت الإشارة إلى تأويل الفلاسفة لحدوث العالم وأنهم يقولون بقدمه في البيتين 925، 1801.
1873 – تقدمت الإشارة إلى تأويل الفلاسفة والباطنية لبعض الشرائع العملية في البيت رقم (1805).
1874 – تقدم تفصيل قولهم هذا في كلام الناظم. انظر البيت (787) وما بعده.
1875 – كان موقف الرافضة تجاه النصوص الصريحة المتواترة في فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما يتمثل في أمرين:
الأول: إنكار بعضها والطعن في رواتها.
الثاني: تأويلها تأويلات مستهجنة مستقبحة ومن ذلك على سبيل المثال:
تأويلهم ما ورد في فضل أبي بكر -رضي الله عنه- في قوله تعالى: {إِلَّا =
(2/509)


1876 – وَأشَدُّ مِنْ تَأْوِيلِ كُلِّ مؤَوِّلٍ … نَصًّا أبَانَ مرادَهُ الوَحْيَانِ
1877 – إذ صرَّحَ الوحْيَانِ مَعْ كُتُبِ الإلـ … ـه جَمِيعِهَا بالفَوْقِ للرَّحْمنِ
1878 – فلأيّ شَيءٍ نَحْنُ كُفّارٌ بِذَا التَّـ … ـأوِيلِ بَلْ أنتُمْ عَلَى الإيمَانِ؟
1879 – إنَّا تأوَّلْنَا وأنتُمْ قَدْ تأوَّ … لْتُم فَهَاتُوا وَاضِحَ الفُرْقَانِ
1880 – أَلَكُمْ عَلَى تأويلِكُم أجْرَانِ حيْـ … ـثُ لَنَا عَلَى تأوِيلنَا وِزْرَانِ؟
1881 – هَذِي مَقَالتُهُمْ لَكُمْ فِي كُتْبِهِم … مِنْهَا نَقْلْنَاهَا بِلَا عُدْوَانِ
1882 – رُدُّوا عَلَيهِمْ إنْ قَدَرْتُمْ أَوْ فَنَحُّـ … ـوا عَنْ طَريقِ عَسَاكِرِ الإِيمَانِ


= تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]. فقالوا: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – استصحبه معه لئلا يظهر أمره حذرًا منه، وقالوا: إن هذه الآية دلت على نقصه لقوله تعالى: {لَا تَحْزَنْ} فإنه يدل على خوره وقلة صبره وعدم يقينه بالله.
انظر: تقرير هذه التأويلات والرد عليها في: منهاج السنة لشيخ الإسلام (8/ 372، 433، 449)، وانظر: مفاتيح الغيب للرازي (4/ 440 – 441)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (8/ 146 – 147)، وعقيدة أهل السنة في الصحابة للدكتور ناصر بن علي الشيخ (3/ 974).
1876 – ب، د، ح، طت، طع: (بأنّ مراده) تحريف.
1877 – تقدم في الدليل “الخامس عشر” من أدلة العلو الإجماع من الرسل والكتب السماوية على إثبات العلو لله. انظر البيت (1307) وما بعده.
1878 – السؤال موجَّه من الفلاسفة إلى أهل التأويل نفاة الصفات.
1881 – يشير الناظم إلى اطلاعه على كتب الفلاسفة وإلزامهم لأهل التأويل نفاة الصفات وقد تقدمت الإشارة إلى ما قرره ابن سينا في الأضحوية وقد نص على ذلك الناظم في: الصواعق (3/ 1095)، وانظر: الأضحوية ص 98 وما بعدها، ودرء التعارض (1/ 202).
1882 – يطالب الناظم أهل التأويل نفاة الصفات بالرد على إلزام الفلاسفة لهم.
(2/510)


1883 – لَا تَحْطَمِنَّكُمُ جُنُودُهُمُ كَحَطْـ … ـم السَّيْلِ مَا لَاقَى مِنَ الدِّيدَانِ
1884 – وَكَذَا نُطَالِبُكُمْ بِأَمْرٍ رَابعٍ … واللهِ لَيسَ لَكُمْ بِذي إمكَانِ
1885 – وَهُوَ الجَوَابُ عَنِ المُعَارِضِ إذْ بِهِ الدَّ … عْوَى تَتِمُّ سَليمةَ الأرْكَانِ
1886 – لَكِنَّ ذَا عَينُ المُحَالِ وَلَوْ يُسَا … عِدُكم عَلَيهِ كُلُّ ربِّ لِسَانِ
1887 – فأدِلةُ الإثْبَاتِ حَقٌّ لَا تَقُو … مُ لَهَا الجِبَالُ وسَائِرُ الأكْوانِ
1888 – تَنْزيلُ رَبِّ العَالَمِينَ وَوَحْيُهُ … مَعَ فِطْرَةِ الرَّحمنِ والبُرْهَانِ
1889 – أنَّى يُعَارِضُهَا كُنَاسَةُ هَذِهِ الْـ … أَذْهَانِ بالشُّبُهَاتِ والهَذَيَانِ
1890 – وجَعَاجعٌ وَفَرَاقِعٌ مَا تَحْتَهَا … إلَّا السَّرَابُ لِوَارِدٍ ظَمْآنِ
1891 – فَلْتَهْنِكُمْ هَذِي العُلُومُ اللّاءِ قَدْ … ذُخِرَتْ لَكُمْ عَنْ تَابعي الإحْسَانِ


1883 – حَطْمُ السيل: دفعته وشدته، وأصل الحَطْم: كسر الشيء، ومنه قوله تعالى: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} [النمل: 18]، الصحاح ص 1900.
1884 – ب، د، ط: “بذا إمكانِ”، وهو خطأ.
1885 – يشير الناظم في هذا البيت إلى الأمر الرابع الذي يلزم مدعي التأويل، وقد تقدمت إشارته إلى الإلزامات الثلاثة السابقة في الفصل السابق.
وخلاصة هذا الإلزام هو: الجواب عن الأدلة السمعية والعقلية التي مع المثبت، وهذا أمر مستحيل لأن أهل الإثبات لا يتعدون ما جاء به الشرع المطهر وما دل عليه العقل السليم والفطرة السليمة. انظر الصواعق (1/ 293 – 295).
1886 – كذا في الأصل. وفي غيره: “رب كل لسان” والصواب ما في الأصل فإنّ المعنى كل ذي لسَن وفصاحة، (ص).
1887 – ط: “حقًّا لا يقوم”.
1889 – الكُنَاسَةُ: القمامة.
1890 – الجعجعة: صوت الرحى ونحوها. والفرقعة: تنقيض الأصابع. وقد سبق غير مرة.
1891 – ط: “تابع”. أي هنيئًا لكم هذه العلوم التي لم يفز بها التابعون، وإنما ادخِرت لكم، وذلك من باب التهكم والسخرية بهم.
(2/511)


1892 – بَل عَنْ مَشَايِخِهِم جَمِيعًا ثُمَّ وُفِّـ … ـقْتُم لَهَا مِنْ بَعْدِ طُولِ زَمَانِ
1893 – واللهِ مَا ذُخِرَتْ لَكُم لِفَضِيلَةٍ … لَكُمُ عَلَيهِم يَا أولي النُّقْصَانِ
1894 – لَكِنْ عُقُولُ القَوْم كَانَتْ فَوْقَ ذَا … قَدْرًا وَشأْنُهُمُ فَأكْمَلُ شَانِ
1895 – وَهُمُ أَجلُّ وَعِلْمُهُم أَعْلَى وَأَشْـ … ـرفُ أنْ يُشَابَ بِزُخْرُفِ الهَذَيَانِ
1896 – فَلِذَاكَ صَانهُمُ الإلهُ عَنِ الَّذِي … فِيهِ وَقَعْتُم صَونَ ذِي إحْسَانِ
1897 – سَمَّيْتُمُ التَّحْرِيفَ تَأْوِيلًا كَذَا التَّـ … ـعْطِيلَ تَنْزِيهًا هُمَا لَقَبَانِ
1898 – وَأَضَفْتُمُ أَمْرًا إلَى ذَا ثَالِثًا … شَرًّا وأقْبَحَ مِنْهُ ذَا بُهْتَانِ
1899 – فَجَعَلْتُمُ الإثْبَاتَ تَجْسِيمًا وتَشْـ … ـبيهًا وَذَا مِنْ أقْبحِ العُدْوانِ
1900 – فَقَلَبْتُمُ تِلكَ الحَقَائِقَ مِثلَمَا … قُلِبَتْ قُلُوبُكُمُ عَن الإيمَانِ
1901 – وجَعَلْتُمُ المَمدُوحَ مَذْمُومًا كَذَا … بِالعَكْسِ حَتَّى تمَّتِ اللَّبْسَانِ


1893 – د: (عليها).
يريد الناظم أن يبين للمعطلة أن اشتغالهم بعلم الكلام والفلسفة ليس فيه فضيلة أو منقبة بل هو خزي وعار.
1894 – يعني السلف الصالح -رضي الله عنهم-.

  • ط: (فأعظم شان).
    1895 – والمعنى: أن السلف ترفعوا عن أن يدخلوا فيما دخلتم فيه من متاهات علم الكلام التي هي سبب الضلال والانحراف عن الطريق المستقيم، بل علمهم أعلى وأشرف لأن اعتمادهم على الكتاب والسنة فحسب لا على آراء المتكلمين والفلاسفة ومن جرى مجراهم.
    1897 – قد سبق تعريف المصطلحات المذكورة في هذا البيت في التعليق على مقدمة المؤلف.
    1899 – د: (وجعلتم).
  • تقدم الكلام على التجسيم والتشبيه والتمثيل في التعليق على مقدمة المؤلف.
    1901 – قوله: “تمت” كذا في الأصلين. وفي ظ: “أشكل”، وفي غيرها: =
    (2/512)

1902 – وَأرَدْتُمُ أنْ تُحْمَدُوا بالاتِّبَا … عِ نَعَم (لَكِنْ) لِمَنْ يَا فِرْقَةَ البُهْتَانِ
1903 – وَبَغَيتُمُ أنْ تَنْسُبُوا لِلابتِدَا … عِ عَسَاكِرَ الآثارِ والقُرْآنِ
1904 – وَجَعَلْتُمُ الوَحْيَيْنِ غَيرَ مُفِيدَةٍ … لِلْعِلْمِ والتَّحْقِيقِ والبُرْهَانِ
1905 – لَكِنْ عُقُولُ النَّاكِبِينَ عَنِ الهُدَى … لَهُمَا تُفِيدُ وَمنْطِقُ اليونَانِ
1906 – وَجَعَلْتُمُ الإيمَانَ كُفْرًا والهُدَىَ … عَينَ الضَّلَالِ وَذَا مِنَ الطُّغْيَانِ
1907 – ثُمَّ اسْتَخَفَّيتُم عُقُولًا مَا أَرا … دَ اللهُ أَنْ تَزْكُو عَلَى القُرْآنِ


= “استكمل”. ولتأنيث المذكر نظائر كثيرة في المنظومة. انظر ما سبق في البيت (228) وغيره. (ص).
1902 – كذا ورد البيت في الأصل وغيره إلا نسخة ف التي لم ترد فيها كلمة “نعم”. ولا يستقيم وزن البيت إلا بحذف “لكن”، كما في “طع”. ولعل كلمة “لكن” زيادة من المنشد لتوضيح المعنى وليس جزءًا من البيت، (ص).

  • ومراد الناظم أن يبين أن أهل التأويل أرادوا أن يحمدوا من قبل الناس بأنهم أهل الاتباع للآثار فيقول لهم: نعم أنتم أهل الاتباع ولكن لمن هذا الاتباع؟ الجواب: إنما هو لمشايخكم ولما تمليه عليكم عقولكم من الآراء الفاسدة.
    1903 – ف: “الآثار والإيمان”.
    1904 – قوله: “غير مفيدة” للضرورة، والأصل أن يقول: “غير مفيدين”، (ص).
    1905 – الناكبين: جمع ناكب، وهو المائل عن الطريق المستقيم. قال تعالى {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)} [المؤمنون: 74]، اللسان (1/ 770).
  • يشير الناظم في هذا البيت والذي قبله إلى أن أهل التأويل جعلوا النصوص الشرعية لا تفيد العلم والتحقيق واليقين، وإنما تفيد ذلك عندهم عقول الضالين من الفلاسفة والمتكلمين فيا للعجب!
    1907 – استخفيتم: أصله استخففتم من الاستخفاف، يقال: استخفه فلان: إذا استجهله فحمله على اتباعه في غيِّه ومنه قوله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف: 54]. اللسان (9/ 80).
    (2/513)

1908 – حَتَّى اسْتَجَابُوا مُهطِعينَ لِدَعْوَةِ التَّـ … ـعْطِيلِ قَدْ هَرَبُوا مِنَ الإيمَانِ
1909 – يَا وَيْحَهُم لَو يَشْعُرُون بِمَنْ دَعَا … وَلِمَا دَعَا قَعَدُوا قُعودَ جَبَانِ


فصلٌ في تشبيه (1) المحرِّفينَ للنصوصِ باليهودِ وإرثهم التَّحريفَ منهم، وبراءةِ أهلِ الإثباتِ مما رموهم به من هذا الشَّبه (2)
1910 – هَذَا وَثَمَّ بَليَّةٌ مَسْتُورَةٌ … فِيهِم سَأُبْديهَا لَكُمْ بِبَيَانِ
1911 – وَرِثَ المحَرِّفُ مِنْ يَهُودَ وَهُم أولُو التَّ … ـحْريف والتَّبدِيلِ والكِتْمَانِ
1912 – فأرادَ مِيرَاثَ الثَّلاثَةِ مِنْهُمُ … فَعَصَتْ عَلَيهِ غَايةَ العِصْيَانِ


1908 – مهطعين: مسرعين، قال تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8] اللسان (8/ 372).
1909 – ب: (لمن).

  • والمعنى: أن الذين استجابوا لدعوة التعطيل لو يعلمون بحال من دعاهم وحال ما دعاهم إليه من الضلال لقعدوا قعود الجبان عن اتباع المعطّلين وسلوك هذا السبيل المؤدي إلى الهلاك.
    (1) كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “شبه”.
    (2) لم تتضح الكلمة في صورة الأصل. وفي ف، طت، طع: “هذه الشبه” وفي ظ: “التشبه”.
    1911 – التحريف: قد سبق تعريفه في التعليق على مقدمة المؤلف. والتبديل: جعل الشيء مكان آخر، وهو أعم من العوض، والتبديل قد يقال للتغيير مطلقًا وإن لم يأت ببدله. المفردات ص 111.
    1912 – “الثلاثة”: يعني التحريف والتبديل والكتمان.
  • أي: فما استطاع المؤول إلى ذلك سبيلًا لأن الله قد تكفل بحفظ هذا الدين، وكذلك هو لا يتجرأ على ذلك. انظر: الصواعق (1/ 356 – 358).
    (2/514)

1913 – إِذْ كَانَ لَفْظُ النَّصِّ مَحْفُوظًا فَمَا التَّـ … ـبْديلُ والكِتْمَانُ فِي الإمْكَانِ
1914 – فأرَدَ تَبديلَ المعَانِي إذْ هِيَ الْـ … ـمقْصُودُ مِنْ تَعْبِير كُلِّ لِسَانِ
1915 – فأتَى إليهَا وَهْيَ بَارِزَةٌ مِنَ الْـ … أَلفَاظِ ظَاهِرةٌ بِلَا كِتْمَانِ
1916 – فَنَفَى حَقَائِقَهَا وَأعْطَى لَفْظَهَا … مَعْنىً سِوَى مَوْضُوعِهِ الحَقَّانِي
1917 – فَجَنَى عَلَى المعْنَى جِنَايَةَ جَاحِدٍ … وَجَنَى عَلَى الألْفَاظِ بالعُدْوَانِ
1918 – وأتى إلَى حِزْبِ الهُدَى أَعْطَاهُمُ … شَبَهَ اليَهْودِ وَذَا مِنَ البُهْتَانِ
1919 – إذْ قَالَ إنَّهُمُ مُشَبِّهَةٌ وَأَنْـ … ـتُمْ مِثْلُهُمْ فَمَنِ الَّذِي يَلْحَانِي
1920 – فِي هَتْكِ أسْتَارِ اليَهُودِ وَشِبهِهِمْ … مِنْ فِرقَةِ التّحْرِيفِ لِلقُرْآنِ
1921 – يَا مُسلِمينَ بِحَقِّ رَبكُمُ اسْمَعُوا … قَوْلي وَعُوهُ وَعْيَ ذِي عِرْفَانِ


1913 – ب: (في الأزمان) وهو خطأ.
1916 – يعني أعطى اللفظ معنى غير معناه الحقيقي الذي وضع اللفظ له.
1917 – قال ابن القيم -رحمه الله-: “فسطوا -أي اليهود- على تلك البشارات – أي البشارات بنبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – بكتمان ما وجدوا السبيل إلى كتمانه، وما غلبوا عن كتمانه حرفوا لفظه عمّا هو عليه، وما عجزوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه بالتأويل، وورثهم أشباههم من المنتسبين إلى الملة في هذه الأمور الثلاثة، وكان عصبة الوارثين لهم في ذلك ثلاث طوائف: الرافضة، والجهمية، والقرامطة فإنهم اعتمدوا في النصوص المخالفة لضلالهم هذه الأمور الثلاثة … إلخ “. الصواعق (1/ 357 – 358).
1919 – يعني قول المعطل لحزب الهدى: إن اليهود مشبهة، وأنتم مثلهم. وكأن الناظم يشير إلى الرازي فإنه قد قرر في تفسيره (3/ 429) أن من فرق اليهود من هم مشبهة، وفي كتابه اعتقادات فرق المشركين ص 81 قال ما نصه: “اعلم أن اليهود أكثرهم مشبهة … (إلى أن قال) ثم تهافت بعد ذلك المحدِّثون ممن لم يكن لهم نصيب من علم المعقولات”.
يلحاني: يلومني. يقصد الناظم نفسه.
1921 – طت، طه: (يا مسلمون).
(2/515)


1922 – ثُمَّ احْكُمُوا مِنْ بَعْدُ مَنْ هَذَا الَّذِي … أَوْلَى بِهَذَا الشِّبْهِ بِالبُرْهَانِ
1923 – أُمِرَ اليهودُ بأنْ يَقُولُوا “حِطَّةٌ” … فَأَبَوْا وَقَالُوا: “حِنْطَةٌ” لِهَوَانِ
1924 – وَكَذَلِكَ الجهْمِيُّ قِيلَ لَهُ “اسْتَوى” … فأبَى وَزَادَ الحَرْفَ لِلنُّقْصَانِ
1925 – قَالَ اسْتَوى “اسْتَولَى” وَذَا مِنْ جَهْلِهِ … لُغَةً وعَقْلًا مَا هُمَا سِيَّانِ


1923 – طع: (حطة لهوان) وهو خطأ ظاهر.

  • يشير الناظم إلى ما أخبر الله سبحانه عن اليهود بقوله: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)} [البقرة: 59، 58].
  • وروى البخاري في كتاب التفسير – باب (5) برقم (4479)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} فدخلوا على أستاههم فبدلوا وقالوا: حبة في شعرة”.
    ومعنى “حطة”: احطط عنا خطايانا، وقيل: إنه لفظ متعبد به لا يعرف معناه، فغيره بنو إسرائيل وبدلوه وقالوا: حنطة أو حبة في شعرة. انظر: تفسير ابن كثير (1/ 98)، فتح الباري (8/ 154).
    1924 – ح: (زاد اللام)، وأشير إلى هذه النسخة في حاشية ف أيضًا. يعني تفسير الجهمي قوله تعالى: {اسْتَوَى} بمعنى استولى، وكأن النصّ كان ناقصًا عنده، فزاد فيه حرفًا وهو حرف اللام.
    1925 – وممن أشار إلى مشابهة المعطلة نفاة الصفات والاستواء لليهود: إمام الأئمة ابن خزيمة -رحمه الله- حيث قال في كتابه “التوحيد” (1/ 233): “فنحن نؤمن بخبر الله -جل وعلا- أن خالقنا مستوٍ على عرشه، لا نبدل كلام الله، ولا نقول قولًا غير الذي قيل لنا كما قالت المعطلة الجهمية إنه استولى على عرشه لا استوى فبدلوا غير الذي قيل لهم كفعل اليهود كما أمروا أن يقولوا: “حطة” فقالوا: “حنطة” مخالفين لأمر الله -جلَّ وعلا- وكذلك الجهمية”.
    (2/516)

1926 – عِشْرونَ وَجْهًا تُبطِلُ التَّأوِيل بِاسْـ … ـتوْلَى فَلَا تَخْرُج عَنِ القُرْآنِ
1927 – قَدْ أُفرِدَتْ بمُصَنَّفٍ هُوَ عِنْدَنَا … تَصْنِيفُ حَبرٍ عَالِمٍ رَبَّانِي
1928 – وَلَقَدْ ذَكَرْنَا أرْبعِينَ طريقَةً … قَدْ أبطَلَتْ هَذَا بِحُسْنِ بَيَانِ
1929 – هِيَ فِي الصَّواعِقِ إنْ تُرِدْ تَحْقِيقَهَا … لَا تَخْتَفِي إلَّا عَلَى العُمْيَانِ
1930 – نُونُ اليَهُودِ وَلَامُ جَهْميٍّ هُمَا … فِي وَحْي رَب العَرْشِ زَائِدَتَانِ
1931 – وكَذلِكَ الجَهْمِيُّ عَطَّلَ وَصْفَهُ … وَيَهُودُ قَدْ وَصَفَوهُ بالنُّقْصَانِ
1932 – فَهُمَا إذًا فِي نَفْيِهِم لِصِفَاتِهِ الْـ … ـعلْيَا كَمَا بَيَّنْتُهُ أخَوَانِ



1927 – تقدمت إشارة الناظم إلى هذا المصنف الذي ألفه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في البيت رقم (1123).
1928 – ذكر -رحمه الله- في الصواعق المرسلة اثنين وأربعين وجهًا. وانظر: مختصر الصواعق من ص 306 إلى ص 322.

  • هذا البيت مؤخر على تاليه في الأصل وف، والسياق يقتضي الترتيب الوارد في سائر النسخ، (ص).
    1929 – جاء في طرّة ف: (حاشية وجدتها في هامش الأصل: لناظمها كتاب جليل حافل في الرد على المبتدعة سماه: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة – فإياه أراد بقوله: هي في الصواعق). وقد طبع الموجود من هذا الكتاب بتحقيق د. علي بن محمد الدخيل الله في أربعة مجلدات، ولكنه لا يبلغ من الأصل إلا النصف أو أقل. وقد ذكر المحقق في مقدمته ص 129 أنه لم يعثر على الجزء الثاني منه. ولكن نحمد الله على أن مختصره وصل إلينا كاملًا، وهو مطبوع متداول. وقد صدرت أخيرًا طبعة منه بتحقيق د. الحسن بن عبد الرحمن العلوي.
  • ف: (لا تخفى)، وهو سهو.
    1931 – يشير إلى وصف اليهود الله بالفقر وأن يده مغلولة -تعالى الله عما يقولون- وغيرها مما قصَّه الله علينا عنهم في كتابه.
    (2/517)

فصلٌ في بيان بهتانهم في تشبيهِ أهلِ الإِثباتِ بفرعون وقولهم إنَّ مقالةَ العلوِّ عنه أخذوها، وأنهم أَولى بفرعون وهم (1) أشباهه
1933 – وَمِنَ العَجَائِبِ قَولُهُم: فِرْعوْنُ مَذْ … هَبُهُ العُلُو وَذَاكَ فِي القُرْآنِ
1934 – وَلِذَاكَ قَدْ طَلَبَ الصُّعُودَ إِلَيهِ بالصَّـ … ـرْحِ الَّذِي قَدْ رَامَ مِنْ هَامَانِ
1935 – هَذَا رَأيْنَاهُ بِكُتْبِهِمُ وَمِنْ … أَفْوَاهِهِم سَمْعًا إِلَى الآذَانِ
1936 – فاسْمَعْ إذًا مَنْ ذَا الَّذِي أوْلَى بِفِرْ … عَوْنَ المُعَطّلِ جَاحِدِ الرَّحْمنِ
1937 – وانْظُر إلَى مَنْ قَالَ مُوسَى كَاذِبٌ … حِينَ ادَّعَى فَوْقِيَّةَ الرَّحْمنِ
1938 – فَمِنَ المَصَائِبِ أنَّ فِرعَوْنِيكُم … أَضْحَى يُكفِّرُ صَاحِبَ الإيمَانِ


(1) طع: (أنهم).
1933 – تقدمت إشارة الناظم إلى هذا الموضوع، وقد ذكرنا نصوص الرازي في تشبيهه أهل الإثبات بفرعون عند الدليل السابع عشر في البيت رقم (1509) وما بعده.
1934 – يشير إلى قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36، 37].
وقوله: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38)} [القصص: 38].
1935 – تقدم تحت البيت رقم (1512) ذكر نصوص المؤولين لهذه الآية وجعلهم فرعون مثبتًا لصفة العلو. كما نص على ذلك الرازي، والزمخشري، والقرطبي وغيرهم.
1936 – هذا البيت بنصه قد تقدم برقم (1514).
1938 – وهذا من الناظم قلب لدليلهم الذي استدلوا به على نفي العلو وأنه مذهب لفرعون بدليل أن فرعون قال: {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا}، =
(2/518)


1939 – ويقُولُ: ذَاكَ مُبَدِّلٌ لِلدَّينِ سَا … عٍ بالفَسَادِ وَذَا مِن البُهْتَانِ
1940 – إِنَّ المورِّثَ ذَا لَهُم فِرعَونُ حِيـ … ـنَ رَمَى بِهِ الموْلُودَ مِنْ عِمْرانِ
1941 – فهُوَ الإمَامُ لَهُمْ وهادِيِهم ومَتْـ … ـبُوعٌ يَقُودُهُمُ إلَى النِّيرَانِ
1942 – هُو أنكَرَ الوَصْفَينِ وَصْفَ الفَوْقِ والتَّـ … ـكليمَ إنْكَارًا عَلَى البُهْتَانِ
1943 – إذْ قَصْدُهُ إنكَارُ ذَاتِ الربِّ فالتَّـ … ـعْطِيلُ مِرقَاةٌ لِذَا النُّكْرانِ


= لأن موسى أخبره أن الله في السماء فكذبه فرعون بقوله: وإني لأظنك كاذبًا، انظر مجموع الفتاوى (13/ 173)، وقد تقدم تحت البيت رقم (1521) أن أئمة السنة قد جعلوا ما قصه عن فرعون دليلًا على إثبات العلو.
1940 – يشير الناظم إلى قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26]. 1941 – ط: (بمتبوع).
-كما قال سبحانه عنه: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)} [هود: 98].
1942 – أما إنكار فرعون للفوق فواضح وقد تقدم. أما إنكاره للتكليم فيؤخذ من إنكاره لرسالة موسى ودعوته لأن مبناها على تكليم الله له وما يوحي إليه من الأوامر. انظر مختصر الصواعق ص 407.
1943 – أشار في طرة الأصل إلى أن في نسخة: “إنكاس ذات”.

  • يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13/ 185): “وحقيقة قول الجهمية لمعطلة هو قول فرعون، وهو جحد الخالق، وتعطيل كلامه ودينه، كما كان فرعون يفعل، فكان يجحد الخالق جل جلاله، ويقول: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)} ويقول: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}، وكان ينكر أن يكون الله كلم موسى أو أن يكون لموسى إله فوق السماوات، ويريد أن يبطل عبادة الله وطاعته ويكون هو المعبود المطاع، فلما كان قول الجهمية المعطلة النفاة يؤول إلى قول فرعون كان منتهى قولهم إنكار رب العالمين وإنكار عبادته، وإنكار كلامه .. “ا. هـ.
    (2/519)

1944 – وَسِوَاهُ جَاءَ بِسُلَّمٍ وبآلةٍ … وَأَتَى بِقَانُونٍ عَلَى بُنْيَانِ
1945 – وَأتَى بِذَاكَ مُفَكِّرًا ومُقَدِّرًا … ورِثَ الوليدَ العَابِدَ الأوْثَانِ
1946 – وأتَى إلَى التَّعْطِيل مِنْ أَبْوَابِهِ … لَا مِنْ ظُهُورِ الدَّارِ والجُدْرَانِ
1947 – وَأتَى بِهِ فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ والتَّـ … ـعظِيمِ تَلْبِيسًا عَلَى العُمْيانِ
1948 – وَأَتَى إلَى وَصْفِ العُلُو فَقَال ذَا التَّـ … ـجْسِيمُ لَيسَ يَليقُ بالرَّحْمنِ
1949 – فَاللَّفظُ قَدْ أَنْشَاهُ مِنْ تِلْقَائِهِ … وَكَسَاهُ وَصْفَ الوَاحِدِ المنَّانِ
1950 – والنَّاسُ كُلهمُ صَبِيُّ العَقْلِ لَم … يَبلُغْ وَلَوْ كَانُوا مِنَ الشِّيخَانِ
1951 – إلا أُنَاسًا سَلَّمُوا لِلوحْي هُمْ … أَهْلُ البُلُوغِ وأعْقَلُ الإنْسَانِ


1944 – يشير الناظم في هذا البيت إلى النفاة أهل التأويل الذين وضعوا قوانين فيما جاءت به الأنبياء عن الله، فما وافق تلك القوانين قبلوه، وما خالفها لم يتبعوه، وتأولوه أو فوضوه.
انظر: توضيح المقاصد لابن عيسى (2/ 29).
1945 – ف: (بذلك).

  • يعني الوليد بن المغيرة انظر ما سبق في البيت (573).
    1949 – مراد الناظم في هذه الأبيات أن يبين أن من عادة أهل التعطيل أنهم يطلقون على تعطيلهم تنزيهًا حتى يروج بين الناس، ويطلقون على ما أثبته أهل السنة من العلو وجميع الصفات لله تجسيمًا لكي ينفروا الناس عنهم. انظر مختصر الصواعق ص 113.
    1950 – الشيخان: جمع شيخ، وقد سبق.
    1951 – ومراد الناظم: أن من اتبع كلام أهل التأويل الواضح البطلان ما هو إلا كالصبي الصغير الذي يمكن لكل أحد أن يغرر به ويخدعه، بخلاف الرجل البالغ صاحب العقل والفهم، وهم أهل الحق الذين اتبعوا الوحي وتركوا أقوال أهل التعطيل.
    (2/520)

1952 – فأتَى إلَى الصِّبْيَانِ فانْقَادُوا لَهُ … كالشَّاءِ إذْ تَنْقَادُ لِلجُوبانِ
1953 – فانظُرْ إِلى عَقْلٍ صَغِيرٍ في يَدَيْ … شَيْطَانَ مَا يَلْقَى مِنَ الشَّيْطَانِ


فصلٌ في بيان تدليسهم وتَلْبِيسهم الحقَّ بالباطِل
1954 – قَالُوا: إذا قَالَ المُجَسِّمُ رَبُّنَا … حَقًّا عَلَى العَرشِ اسْتوَى بِلسَانِ
1955 – فَسَلُوهُ كَمْ للعرشِ مَعنىً واسْتَوىَ … أيضًا لَهُ فِي الوَضْع خَمْسُ مَعَانِ
1956 – وَ”عَلَى” فَكمْ مَعْنىً لَهَا أَيْضًا لَدَى … عَمْرٍو فَذَاكَ إمَامُ هَذَا الشَّانِ


1952 – الشاء: جمع الشاة. والجُوبان بضم الجيم: الحارس والراعي. فارسي معرّب. انظر “برهان قاطع” للتبريزي (طهران 1342 هـ) 2/ 669، حاشية المحقق، (ص).
1954 – يعني أهل التأويل الباطل.

  • يعنون بالمجسم مثبت الصفات لله عز وجل والاستواء.
    1955 – انظر التعليق على البيت (586).
    1956 – عمرو: هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب بـ”سيبويه”، مولى بني الحارث بن كعب، كان من أعلم الناس بالنحو، أخذ النحو عن الخليل بن أحمد ولازمه، وأخذ اللغة عن الأخفش الكبير وغيره، من مصنفاته “الكتاب” لم يصنف مثله في بابه. ولد سنة ثمان وأربعين ومائة، وتوفي سنة ثمانين ومائة. إنباه الرواة (2/ 346)، بغية الوعاة (2/ 229)، السير (8/ 351).
  • وقد نسب الناظم هذا السؤال في مختصر الصواعق ص 319 إلى صاحب العواصم والقواصم فقال بعد ما بين أن الاستواء على العرش في القرآن لا يحتمل إلا معنى واحدًا: “لا يحتمل معنيين البتة”، فضلًا عن ثلاثة أو خمسة عشر كما قال صاحب العواصم والقواصم: “إذا قال لك المجسم: =
    (2/521)

1957 – بَيِّنْ لَنَا تِلْكَ الْمَعَانِيَ وَالَّذِي … مِنْهَا أُريدَ بِوَاضِحِ التِّبْيَانِ
1958 – فاسْمَعْ فَدَاكَ مُعَطّلٌ هَذِي الجَعَا … جعُ مَا الَّذِي فِيهَا مِنَ الهَذَيَانِ
1959 – قُلْ لِلمُجَعْجِعِ ويْلَكَ اعْقِلْ ذَا الَّذِي … قَدْ قُلْتَهُ إِنْ كُنْتَ ذَا عِرْفَانِ
1960 – العَرشُ عَرشُ الرّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ … و”اللامُ” لِلمعْهُودِ فِي الأذْهَانِ
1961 – مَا فِيهِ إجْمَال وَلَا هُوَ مُوهِمٌ … نَقْلَ المجَازِ وَلَا لَهُ وَضْعَانِ


= {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]، فقل: “استوى على العرش” يستعمل على خمسة عشر وجهًا فأيها تريد”. وأصرح من هذا ما قاله في الصواعق (1/ 194) حول معنى هذا البيت: “ومثل هذا قول الجهمي المُلبس: إذا قال لك المشبه {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] فقل له: العرش له عندنا سبعة معان والاستواء له خمسة معان، فأي ذلك المراد؟ فإن المشبه يتحير ولا يدري ما يقول ويكفيك مؤونته .. “. وانظر: تأويل الرازي لمعاني العرش والاستواء في مفاتيح الغيب له (4/ 228 – 229).
1958 – فسّر “فداك” في حاشية ب: أي فدى لك. وفي طت، طه: “فذاك”، وهو تصحيف. وقوله: “فاسمع” خطاب من الناظم للمثبت.
الجعاجع: سبق تفسيرها قريبًا تحت البيت رقم (1890).
1959 – ب: (للجعيجع) طع: (ما الذي).
1960 – قال الناظم في الصواعق (1/ 195) حول معنى هذا البيت مخاطبًا المعطل: “وأما قولك: للعرش سبعة معان أو نحوها، وللاستواء خمسة معان فتلبيس منك، وتمويه على الجهال وكذب ظاهر فإنه ليس لعرش الرحمن الذي استوى عليه إلا معنى واحد، وإن كان للعرش من حيث الجملة عدة معان فاللام للعهد، وقد صار بها العرش معينًا، وهو عرش الرب جل جلاله الذي هو سرير ملكه، الذي اتفقت عليه الرسل وأقرت به الأمم إلا من نابذ الرسل”. وانظر مختصر الصواعق ص 320، مجموع الفتاوى (33/ 182).
1961 – مراد الناظم أن يقرر: أن العرش ليس له عدة معان لا يُدرى أيها يراد به كما ادعى المعطل، بل إذا أطلق في النصوص معرفًا بالألف واللام =
(2/522)


1962 – وَمُحَمَّدٌ والأنبيَاءُ جَمِيعُهُمْ … شَهِدُوا بِهِ لِلخالِقِ الرَّحْمنِ
1963 – منْهُم عَرَفْنَاهُ وَهُم عَرَفُوهُ مِنْ … رَبٍّ عَلَيه قَدِ اسْتَوَى دَيَّانِ
1964 – لَم تَفْهمِ الأذْهَانُ مِنْهُ سرِيرَ بِلْـ … ـقِيسٍ وَلَا بَيْتًا عَلَى أرْكَانِ
1965 – كَلَّا وَلَا عَرْشًا على بحرٍ وَلَا … عَرْشًا لِجِبرِيلٍ بِلَا بُنْيانِ


= فالمعهود هو عرش الرب سبحانه وليس في هذا إجمال يحتاج معه إلى تفصيل وبيان، وليس فيه مجاز حتى يصرف عن حقيقته، وليس له وضعان: أي معنيان في اللغة إذا جاء هكذا معرفًا بالألف واللام.
1964 – بلقيس: هي ملكة سبأ التي أخبرنا الله عنها وعن عرشها فقال سبحانه على لسان هدهد سليمان: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} [النمل: 23].

  • والمعنى أن الأفهام لا تفهم عند إطلاق لفظ: “العرش” عرش بلقيس، ولكن إذا ذكر العرش مقيدًا ببلقيس فهم أنه عرشها لا عرش الرحمن.
  • قوله: “ولا بيتًا على أركان”: أي ولا تفهم منه عرش البيت وهو سقفه.
  • س، ط: (الأركان).
    1965 – “عرشًا على بحر”: يعني ولم تفهم الأذهان عند الإطلاق عرش إبليس الذي على الماء، كما جاء في الحديث الصحيح عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة … ” الحديث بطوله. أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب صفات المنافقين برقم (2813) مكرر برقم (67).
  • “عرشًا لجبريل”: أي ولم تفهم الأذهان عند إطلاق لفظة العرش عرش “جبريل” أو كرسيه كما جاء في الحديث الصحيح عن جابر -رضي الله عنه-: (وهو يحدث عن فترة الوحي) قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري فإذا أنا بالملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه … ” الحديث بطوله.
    أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي – باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – برقم (4).
    (2/523)

1966 – كَلَّا وَلَا العرْشَ الَّذِي إنْ ثُلَّ مِنْ … عَبْدٍ هَوَى تَحتَ الحضِيضِ الدَّانِي
1967 – كَلَّا وَلَا عَرْشَ الكُرُومِ وَهَذِه الْـ … أعْنَابِ فِي حَرْثٍ وَفِي بُسْتَانِ
1968 – لكِنَّهَا فَهمَتْ بِحمدِ الله عَرْ … شَ الرَّبِّ فَوْقَ جَمِيعِ ذِي الأكْوَانِ
1969 – وَعَلَيه رَبُّ العَالمينَ قَدِ اسْتَوَى … حَقًّا كَمَا قَدْ جَاءَ فِي القُرْآنِ
1970 – وَكَذَا “اسْتَوَى” الموْصُولُ بالحَرْفِ الَّذِي … ظَهَرَ المرَادُ بِهِ ظُهُورَ بَيَانِ
1971 – مَا فِيهِ إجْمَالٌ وَلَا هُوَ مُفْهِمٌ … لِلاشْتِرَاكِ وَلَا مَجَازٍ ثَانِ
1972 – تَركِيبُهُ مَعَ حَرفِ الاسْتِعْلاءِ نَصٌّ م … فِي العُلُوِّ بوضْعِ كُلِّ لِسَانِ
1973 – فإذَا تَركَّبَ مَعْ “إلَى” فَالقَصْدُ مَعْ … مَعْنَى العُلُوِّ لِوَصْفِه بِبَيَانِ


1966 – ثُلَّ: أي هدم وزال، وقولهم: “ثُلَّ عرشه”: أي ذهب عزه وملكه وسلطانه، وهو مثل يضرب للرجل إذا ذل وهلك، اللسان (11/ 90). هوى: سقط.
والحضيض: قرار الأرض. والداني: القريب. وقد سبق.
1967 – أي ولم تفهم الأذهان عند إطلاق لفظ العرش عرش الكروم: أي الأخشاب التي يعتمد عليها العنب أثناء نموه فتعمل له.
1969 – في سبعة مواضع وقد مرَّ ذكرها تحت البيت رقم (1115).
1970 – أي أن الفعل: “استوى” جاء موصولًا مع حرف الاستعلاء “على” فإنه لا يحتمل غير معناه الحقيقي الدال على علو الله سبحانه، وسيأتي كلام الناظم عليه.
1971 – ط: (لا فيه).
1972 – نص الناظم في مختصر الصواعق ص 306 على معنى هذا البيت فقال: “والثاني (يعني من معاني الاستواء): مقيد بعلى كقوله تعالى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13]، وقوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44]، وقوله: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29]، وهذا أيضًا معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة”.
وانظر مجموع الفتاوى (5/ 519 – 520).
1973 – كذا في الأصلين وفي غيرهما: “لوضعه”.

  • إذا جاء الاستواء مقيدًا بحرف “إلى” فمعناه أيضًا القصد إلى كذا مع العلو =
    (2/524)

1974 – و”إلَى السَّماءِ قَدِ استوَى” فمقَيَّدٌ … بتَمَامِ صَنْعَتِهَا مَعَ الإتقَانِ
1975 – لَكِنْ “عَلَى العْرشِ اسْتَوَى” هُوَ مُطلَقٌ … مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ تَمَّ بالأرْكَانِ
1976 – لَكِنَّمَا الجَهْمِي يَقْصُرُ فَهْمُهُ … عَنْ ذَا فَتِلْكَ مَوَاهِبُ المَنَّانِ
1977 – فإذَا اقْتَضى “وَاوَ المعِيَّةِ” كَانَ مَعْـ … ـنَاهُ اسْتِواءَ مُقَدَّمٍ والثَّانِي
1978 – فإذَا أَتَى مِنْ غَيْرِ حَرفٍ كَانَ مَعْـ … ـنَاهُ الكَمَالَ فَلَيْسَ ذَا نُقْصَانِ


= عليه والارتفاع كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]، وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11]، وأكثر السلف في هذين الموضعين فسروها بمعنى العلو والارتفاع كما مر عند إشارة الناظم إلى تفسير أبي العالية ومجاهد، وعندما أشار إلى كلام البغوي ونقله عن السلف هذه المعاني. انظر الأبيات 1347 – 1350، 1360، ومجموع الفتاوى (5/ 518 – 522)، (16/ 399)، ومختصر الصواعق ص 306، والصواعق المرسلة (1/ 195 – 196).
1974 – ب: (صيغتها) وهو تصحيف.

  • يشير إلى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 29].
    1975 – يشير إلى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5].
  • وقوله: “تم بالأركان” يعني العرش.
    1976 – “عن ذا”: أي عما تقدم تفصيله من معاني الاستواء إذا كان بمعنى العلو.
    1977 – والمعنى: إذا جاء الفعل “استوى” مع واو المعية كما يقال: “استوى الليل والنهار” فيكون بمعنى المساواة أي: أن الذي قبل الواو مساوٍ للذي بعده وهو معنى قول الناظم: (استواء مقدم والثاني). انظر مختصر الصواعق ص 306، الصواعق (1/ 195)، لسان العرب (14/ 410).
    1978 – والمعنى: أن الفعل “استوى” إذا جاء مفردًا غير مقترنٍ بحرف الاستعلاء أو أي حرف كما جاء في قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14] يكون بمعنى: كَمُل وتَمَّ مِنْ غيرِ نقصان.
    انظر: لسان العرب (14/ 410)، مختصر الصواعق ص 306.
    (2/525)

1979 – لَا تَلْبِسُوا بِالبَاطِلِ الحَقَّ الَّذِي … قَدْ بَيّنَ الرحْمنُ فِي الفُرْقَانِ
1980 – و”على” لِلاسْتِعْلَاءِ فَهْي حَقِيقَةٌ … فِيهِ لَدَى أرْبَابِ هَذَا الشَّانِ
1981 – وَكَذَلِكَ الرَّحْمنُ جَلَّ جَلَالُهُ … لَم يَحْتَمِلْ مَعْنىً سِوَى الرَّحْمنِ
1982 – يَا وَيْحَهُ بعَمَاهُ لَوْ وَجَدَ اسْمَهُ الرَّ … حْمنَ مُحْتَمِلًا لِخَمْسِ مَعَانِ
1983 – لَقَضَى بأَنَّ اللَّفْظ لَا مَعْنَى لَهُ … إلَّا التِّلَاوةُ عِنْدَنَا بِلِسَانِ
1984 – فَلِذَاكَ قَال أئمَّةُ الإِسْلامِ فِي … مَعْنَاهُ مَا قَدْ سَاءَكُمْ بِبَيَانِ
1985 – وَلَقَدْ أَحَلْنَاكُمْ عَلَى كُتُبٍ لَهُمْ … هِيَ عِنْدَنَا واللهِ بالْكِيمَانِ



1980 – يعني أهل العربية، قال المَالَقي في رصف المباني في شرح حروف المعاني ص 433: “وهي -يعني “على”- حرف جرٍّ للأسماء ومعناها العلو حقيقةً”.
وقال ابن مالك في ألفيته:
“على للاستعلا ومعنى “في” و”عن” … بعَنْ تجاوزًا عنى من قد فَطِنْ”
قال ابن عقيل في شرحه على الألفية (2/ 23): “وتستعمل “على” للاستعلاء كثيرًا نحو: “زيدٌ على السطح”” وقال ابن النجار في شرح الكوكب المنير (1/ 247): “على أشهر معانيها أن تكون لاستعلاء سواءً كان ذاتيًا نحو (استوت على الجودي) أو معنويًا نحو (وكتبنا عليهم فيها) “.
1982 – أي بسبب عماه عن الحق، يعني المؤول.
1983 – وهذا إلزام من الناظم لمن جعل للعرش والاستواء عدة معان فلا يدري أيها المراد، حتى في الآيات الصريحة باستواء الرب على عرشه حقيقة، فألزمهم بأن يقولوا مثل هذا الكلام في اسم الله “الرحمن” فلو كان محتملًا لخمسة معان للزم أن يقولوا بأنه لا معنى له، وإنما أنزل لقراءته وتلاوته والتبرك به دون فهم معناه.
1984 – أي في معنى استواء الله على عرشه.
1985 – أي كتب أهل العلم من أهل السنة والجماعة. انظر البيت (1346) وما بعده.

  • الكِيمَان: جمع كَوم، وهو التلّ المشرف، من كوّم الشيء: جمعه ورفعه.
    اللسان (12/ 529)، التاج (9/ 52) والمراد هنا كثرة الكتب.
    (2/526)

فصلٌ في بيانِ سبب غلطهم في الألفاظ والحكم عليها باحتمالِ عدةَ معانٍ حتى أسقطوا الاستدلال بها
1986 – وَاللَّفظُ مِنْهُ مُفْرَدٌ وَمُركَّبٌ … وَفِي الِاعْتِبَار فَمَا هُمَا سِيَّانِ
1987 – واللَّفظُ بالتركِيبِ نَصٌّ فِي الَّذِي … قَصَدَ المخَاطِبُ مِنْهُ بالتِّبْيَانِ
1988 – أَوْ ظَاهِرٌ فِيهِ وَذَا مِنْ حَيْثُ نِسْـ … ـبتُهُ إِلَى الأفْهَامِ والأذْهَانِ


1986 – “وفي”: كذا في الأصلين وظ، د، س. وفي غيرها سقطت الواو.
1987 – ف، د، ط: (في التركيب).

  • النص: ما يفيد بنفسه من غير احتمال كقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196]، وقيل: هو الصريح في معناه، وقال ابن قدامة: “وقد يطلق النص على ما لا يتطرق إليه احتمال يعضده دليل، فإن تطرق إليه احتمال لا دليل عليه فلا يخرجه عن كونه نصًا”.
    انظر: روضة الناظر- لابن قدامة (2/ 560)، المستصفى للغزالي (1/ 385)، العدة لأبي يعلى (1/ 138).
  • المخاطب: ضبط في ف بكسر الطاء.
  • “بالتبيان”: كذا في الأصلين وح. وفي النسخ الأخرى: “للتبيان”. وفي ط: “في التبيان”.
    1988 – الظاهر: هو ما يسبق إلى الفهم منه عند الإطلاق معنًى، مع تجويز غيره، وقيل: ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر.
    قال ابن قدامة: “وحكمه أن يصار إلى معناه الظاهر ولا يجوز تركه إلا بتأويل”
    انظر: روضة الناظر (2/ 563)، شرح الكوكب المنير لابن النجار (3/ 459).
    والمعنى: أن القولين السابقين في اللفظ المركب هو أمر نسبي على حسب ما تفهمه أذهان كل طائفة من هذا اللفظ فيكون نصًا عند طائفة وظاهرًا عند طائفة. وسيأتي الكلام عليه.
    (2/527)

1989 – فيكُونُ نَصًّا عِنْدَ طَائِفَةٍ وَعِنْـ … ـدَ سِوَاهُمُ هُوَ ظَاهرُ التِّبْيَانِ
1990 – وَلَدَى لسِوَاهُم مُجْمَلٌ لَم يَتَّضِحْ … لَهُمُ المُرَادُ بِهِ اتّضَاحَ بَيَانِ


1990 – المجمل: هو ما لا يفهم منه عند الانطلاق معنى، وذلك مثل الألفاظ المشتركة كلفظة: “العين” المشتركة بين الذهب والعين الناظرة وغيرهما، وقيل: هو ما لم تتضح دلالته وخفي المراد منه بحيث لا يدرك في نفس اللفظ إلا ببيان المُجْمِل.
انظر: روضة الناظر (2/ 570)، شرح الكوكب المنير (3/ 413)، التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص 639.
وللناظم كلام نفيس في الصواعق (2/ 670 – 672) حول هذه الأقسام الثلاثة فيقول: “الوجه السادس والعشرون: أن ألفاظ القرآن والسنة ثلاثة أقسام: نصوص لا تحتمل إلا معنى واحدًا، وظواهر تحتمل غير معناها احتمالًا بعيدًا مرجوحًا، وألفاظ تحتاج إلى بيان، فهي بدون البيان عرضة الاحتمال.
فأما القسم الأول: فهو يفيد اليقين بمدلوله قطعًا كقوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14].
… ثم ذكر أمثلة لهذا القسم، ثم قال: وعامة ألفاظ القرآن من هذا الضرب، هذا شأن مفرداته، وأما تركيبه فجاء أصح وجوه التركيب، وأبعدها من اللبس، وأشدها مطابقة للمعنى …. إلى أن قال:
والقسم الثاني: ظواهر قد تحتمل غير معانيها الظاهرة منها، ولكن قد اطردت في موارد استعمالها على معنى واحد، فجرت مجرى النصوص التي لا تحتمل غير مسماها، والقسمان يفيدان اليقين والقطع بمراد المتكلم.
وأما القسم الثالث: إذا أحْسِنَ رده إلى القسمين قبله عرف مراد المتكلم منه، فالأول يفيد اليقين بنفسه، والثاني يفيد باطراده في موارد استعماله، والثالث يفيده بإحسان رده إلى القسمين قبله … ” ا. هـ بتصرف. وانظر: مختصر الصواعق ص 252.
(2/528)


1991 – فالأولُونَ لإلْفِهِم ذَاكَ الخِطَا … بَ وإلْفِهِمْ مَعْنَاهُ طُولَ زَمَانِ
1992 – طَالَ المِراسُ لَهُم لِمعْنَاهُ كَمَا اشْـ … ـتَدَّتْ عِنَايَتُهُم بِذَاكَ الشَّانِ
1993 – والعِلْمُ مِنهُم بالمخَاطِبِ إذْ هُمُ … أوْلَى بِهِ مِنْ سَائِرِ الإنْسانِ
1994 – ولهم أتمُّ عِنَايةٍ بِكَلامِهِ … وَقُصُودِهِ مَعَ صحَّةِ العِرْفَانِ
1995 – فَخِطَابُهُ نَصٌّ لَدَيهمْ قَاطِعٌ … فِيمَا أرِيدَ بِهِ مِنَ التِّبْيَانِ
1996 – لَكِنَّ مَنْ هُوَ دُونَهُم فِي ذَاكَ لَمْ … يَقْطَعْ بقَطْعِهِمُ عَلَى البُرْهَانِ
1997 – وَيقُولُ يَظْهَرُ ذَا وَلَيسَ بِقاطِعٍ … فِي ذِهْنِهِ لَا سَائِرِ الأذْهَانِ
1998 – ولإلفِهِ لكَلَامِ مَنْ هُوَ مُقْتَدٍ … بِكلَامِهِ مِنْ عَالِمِ الأزْمَانِ
1999 – هُو قَاطِعٌ بمُرادِهِ فَكَلَامُهُ … نَصٌّ لَدَيْهِ وَاضِحُ التِّبْيَانِ


1991 – يعني الذين كانت عندهم الألفاظ المركبة في نصوص الوحي مفيدة لليقين كأحاديث الصفات والعلو وغيرها.
“ذاك الخطاب”: النص إما من القرآن أو السنة.
1992 – المراس: الممارسة والمزاولة.
1993 – المخاطِب: بكسر الطاء، وهو الله سبحانه أو الرسول فإن كان القرآن فهم أعلم الناس بالله، وإن كان الرسول فهم أعلم الناس بسنته وبكلامه – صلى الله عليه وسلم -.
1996 – يعني أصحاب القسم الثاني: الذين يقولون إن ألفاظ الكتاب والسنة ظاهرة وليست نصًا يفيد العلم القاطع.

  • ف: (لا يقطع).
    1998 – “الكلام”: كذا في الأصلين، وفي غيرهما: “بكلام”.
    -“عالم”: كذا في جميع النسخ (غير د التي فيها “غالب”، تحريف). وضبط في ف، ظ بفتح اللام “عالَم” وهو بعيد، إذ المقصود: علماء الزمان. ولعل الصواب: “عالِمي” بالياء، يعني العلماء. ولما كانت الياء لا تظهر في الإنشاد والإملاء أخطأ المستملي وحذفها في الكتابة. والله أعلم، (ص).
    1999 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “وكلامه”. وفي د، ح: “بكلامه ومراده”، خطأ.=
    (2/529)

2000 – والْفتنَةُ العُظْمَى مِنَ المتَسَلِّقِ الْـ … ـمخْدُوعِ ذِي الدَّعْوَى أَخِي الهَذَيَانِ
2001 – لَم يَعْرِفِ العِلمَ الَّذِي فِيهِ الكَلَا … مُ وَلَا لهُ إلْفٌ بهَذَا الشَّانِ
2002 – لكِنَّهُ مِنْهُ غَرِيبٌ لَيْسَ مِنْ … سُكَّانِهِ كَلَّا وَلَا الْجِيرَانِ
3003 – فَهُوَ الزَّنِيمُ دَعِي قَوْمٍ لَم يَكُنْ … مِنْهُمْ وَلَمْ يَصْحَبْهُمُ بِمَكانِ
2004 – فَكَلَامُهُم أبدًا إليه مُجْمَلٌ … وبمَعْزِلٍ عَنْ إمْرة الإيقَانِ
2005 – شَد التِّجَارَةَ بالزُّيُوفِ يَخَالُهَا … نَقْدًا صَحِيحًا وَهْوَ ذُو بُطْلَانِ
2006 – حَتَّى إذَا رُدَّتْ عليهِ نَالَهُ … مِنْ رَدِّهَا خِزْيٌ وَسُوءُ هَوَانِ
2007 – فأرادَ تَصْحِيحًا لَهَا إذْ لَم يَكُنْ … نَقْدُ الزُّيُوفِ يَرُوجُ فِي الأثْمَانِ
2008 – وَرَأى اسْتِحَالَة ذَا بِدُونِ الطَّعْنِ فِي … بَاقِي النُّقُودِ فجَاءَ بالعُدْوانِ


= مراد الناظم أن أصحاب القسم الثاني الذين لم يقطعوا بما جاء في النصوص الشرعية تجدهم يجعلون كلام شيوخهم وعلمائهم نصًّا قاطعًا لا يقبل التأويل لأنهم بزعمهم يعلمون مرادهم حق العلم وهم أكثر الناس خبرة بهم وبكلامهم. وانظر البيت (2060) وما بعده.
2000 – وهذا هو القسم الثالث -وهو شر الطوائف- الذي جعل كلام الله ورسوله لا يفيد علمًا ولا يقينًا بل هو كلام مجمل لا يفهم منه معنى البتة.
2003 – الزنيم: المستلحق في قوم ليس منهم، والدعيّ. القاموس ص 1445.
2004 – ب، ط: “وكلامهم” يعني كلام القوم الموجه إلى الدعي الذي ليس منهم، ولا صحبهم، (ص).

  • “إليه”: كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “لديه”.
    2005 – طه: (نشد التجارة). وقوله: (شد التجارة بالزيوف) يعني: قواها بالدراهم الزائفة التي ظنها نقدًا جيّدًا.
    2006 – أشار في حاشية الأصل إلى أن في نسخة: “حرج” مكان “خزي”.
    2007 – أي أن هذا الدعيّ لما عرض على أهل الحق كلامه الباطل الذي فيه التأويل والقول بالمجاز في صفات الله لم يَرُج عليهم هذا الكلام وردَّ عليه ناله هو وأصحابه الخزي والهوان، فاتخذ طريقة أخرى لترويج كلامه بأن طعن في =
    (2/530)

2009 – واستعْرَضَ الثَّمنَ الصَّحِيحَ بجَهلِهِ … وبظلْمِهِ يَبْغِيهِ بالبُهْتَانِ
2010 – عِوَجًا لِيَسْلَمَ نَقْدُهُ بَينَ الوَرَى … وَيَرُوجَ فِيهِمْ كَامِلَ الأوْزَانِ
2011 – والنَّاسُ لَيْسُوا أَهْلَ نَقْدٍ لِلّذِي … قَدْ قِيلَ إلّا الفَرْدَ فِي الأزْمَانِ
2012 – والزَّيفُ بَينَهُمُ هُوَ النَّقْدُ الَّذِي … قَدْ رَاجَ فِي الأسْفَار والبُلْدَانِ
2013 – إذْ هُمْ قَدِ اصْطَلَحوا عَلَيهِ وارْتَضَوْا … بِجَوَازِهِ جَهْرًا بِلَا كِتْمَانِ
2014 – فَإذَا أتَاهُم غَيْرُهُ وَلَوَ أنَّهُ … ذَهَبٌ مُصَفًّى خَالِصُ العِقْيَانِ
2015- رَدُّوه واعْتَذَرُوا بأنَّ نُقُودَهُم … مِنْ غَيرِهِ بِمَرَاسِمِ السُّلْطَانِ
2016 – فَإِذَا تَعَامَلْنَا بِنَقْدٍ غَيْرِهِ … قُطِعَتْ جَوَامِكُنَا مِنَ الدِّيوَانِ
2017 – واللهِ مِنْهُم قَدْ سَمِعْنَا ذَا وَلَم … نَكْذِبْ عَلَيْهِمْ وَيْحَ ذِي البُهْتَانِ
2018 – يَا مَنْ يُرِيدُ تِجَارَةً تُنْجيهِ مِنْ … غضبِ الإله ومُوقَدِ النِّيرانِ
2019 – ونُفِيدُهُ الأرْبَاحَ بالجَنَّاتِ والْـ … ـحُورِ الحِسَانِ ورؤْيةِ الرّحمنِ
2020 – في جَنَّةٍ طَابتْ وَدَامَ نَعِيمُهَا … مَا لِلْفَنَاءِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
2021 – هَيِّئْ لَهَا ثَمنًا تُبَاعُ بِمِثْلِهِ … لَا تُشْتَرَى بالزَّيف مِنْ أَثْمَانِ


= كلام أهل الحق المعتمد على الكتاب والسنة، ورماهم بالتجسيم والتشبيه، وسقى كلامه تنزيهًا وتعظيمًا للنصوص حتى يروج بين الناس.
2009 – طت، طه: (استعوض).
2014 – العقيان: تقدم تفسيره تحت البيت (179) وانظر البيت (1155).
2016 – الجوامك: جمع جامكية، وهي كلمة فارسية تعني ما يرتب من مال ومطعم وملبس وغير ذلك لمماليك السلطان، وأصبحت تطلق على ما يرتب للجنود، ويقال لمن يستحقها ويتناولها: أصحاب الجوامك.
انظر: تكملة المعاجم العربية لدوزي، المختار من تاريخ الجبرتي ص 1062، تحفة ذوي الألباب للصفدي (2/ 140) حاشية (2).
2021 – طت، طه: “يباع بمثلها”.
(2/531)


2022 – نَقْدًا عَلَيهِ سِكّةٌ نبَويّةٌ … ضَربَ المَدينَةِ أشرَفِ البُلْدَانِ
2023 – أَظَنَنْتَ يَا مَغْرُورُ بَائِعَهَا الَّذِي … يَرضَى بِنَقْدٍ ضَرْبِ جِنْكِسْخَانِ؟
2024 – مَنَّتْكَ واللهِ المُحَالَ النفْسُ أنْ … طَمِعَتْ بِذَا وَخُدِعْتَ بالشَّيْطَانِ
2025 – فَاسْمَعْ إذًا سَبَبَ الضَّلَالِ ومَنْشأَ التَّـ … ـخليطِ إذْ يَتَنَاظرُ الخَصْمَانِ
2026 – يَحْتَجُّ باللَّفظِ المرَكَّبِ عَارِفٌ … مَضْمُونَهُ بِسِيَاقِهِ لِبَيَانِ
2027 – واللَّفظُ حِينَ يُسَاقُ بالتَّرْكِيبِ مَحْـ … ـفُوفٌ بِهِ للفهْمِ والتِّبْيَانِ
2028 – جُنْدٌ يُنَادي بالبَيَانِ عَلَيْهِ مِثْـ … ـلَ نِدَائِنَا بإقَامَةٍ وأَذَانِ
2029 – كَيْ يَحْصُلَ الإعْلَامُ بالمقْصُود مِنْ … إيرادِهِ ويصِيرَ فِي الأذْهَانِ


2022 – سِكة: -بالكسر- حديدة منقوشة، تضرب عليها الدراهم. القاموس ص 1217.
ضَرَبَ الدرهمَ: طَبَعَه ونَقَشَهُ، يقال: هذا درهم ضَربُ الأمير ودرهم ضَرب، وصفوه بالمصدر. تاج العروس (1/ 350).
والمعنى: أن من يريد الجنة ونعيمها فعليه بالنقود الصحيحة التي مصدرها المدينة النبوية التي هي مصدر العلم والهدى والإيمان، والناظم شبه التمسك والعلم بالكتاب والسنة بالنقود الصحيحة التي تشترى بها السلع الغالية.
2023 – بائعها: هو الله سبحانه، والمبيع: الجنة.

  • ف، د: (تُرضي) أي تُرضيه.
  • تقدمت ترجمة جنكسخان تحت البيت (369).
    2024 – والمعنى: أن النفس تمني صاحبها بالجنة والنعيم، ولكن هذا محال إذا كانت النفس مع تمنيها الجنة ترضى بالزيف من الأثمان وبغير الهدي النبوي. فإن هذا من مخادعة الشيطان للإنسان بأن يزين له طريق الردى والانحراف ويجعله هو الذي يوصل إلى الجنة في نظر هذا المنخدع.
    2029 – والمعنى أن الألفاظ المركبة تكون معانيها مفهومة وواضحة أشد الوضوح للقرائن التي تحفّ بها وتعيّن المراد، وكأنّها جندٌ ينادي بمعاني الألفاظ ويعلنها للملأ كما نحن ننادي للصلاة بالأذان والإقامة.
    (2/532)

2030 – فيَفُكُّ تركيبَ الكَلامِ مُعَانِدٌ … حَتَّى يُقَلْقِلَهُ مِنَ الأرْكَانِ
2031 – ويَرُومُ مِنْهُ لَفْظَةً قَدْ حُمِّلَتْ … مَعْنًى سِوَى ذا فِي كَلَامٍ ثَانِ
2032 – فَتكُونُ دَبُّوسَ الشِّلاقِ وَعُدَّةً … لِلدَّفعِ فِعْلَ الجَاهِلِ الفَتَّانِ
2033 – فيقُولُ هَذَا مُجمَلٌ واللَّفْظ مُحْـ … ـتمِلٌ وَذَا مِنْ أعظَمِ البُهْتَانِ
2034 – وَبذاكَ يَفْسُدُ كُلُّ عِلْمٍ فِي الوَرَى … وَالفَهْمُ مِنْ خَبَرٍ وَمِنْ قُرآنِ


2030 – قلقلَ الشيء: حرّكه. القاموس ص 1357.
2031 – طع: (سواه في)، طت، طه: (سواها).

  • والمعنى: أن المعاند يفك الكلام المركب الذي لا يحتمل أي معنى أثناء تركيبها إلى ألفاظ مفردة، ويأخذ منها لفظة تحتمل أكثر من معنى عند تفردها؛ فيجعل تلك اللفظة المفردة حجة لدفع المعاني الحقة المفهومة من نصوص الوحي، ويؤدي ذلك إلى الشقاق والفرق وشق الصف.
    2032 – في الأصل وب: “يكون”، ولعل الصواب ما أثبتنا من ف وغيرها. والمقصود: اللفظة المفردة التي أشار إليها في البيت السابق، (ص).
  • دبُّوس: واحد الدبابيس للمقامع من حديد وغيره، قال الجوهري: “وأراه معرَّبًا”. انظر: تاج العروس (4/ 145)، الصحاح ص 926.
  • ف، طع: (السلاق) بالسين المهملة. طت، طه: (الشقاق).
  • الشَّلْق: الضرب بالسوط وغيره، فالشِّلاق مصدر شالَقَ منه، ولكن لم تنصّ عليه كتب اللغة. أما السلق بالسين المهملة فهو بمعنى الطعن والدفع والصدم. ولم أجد لفظ السلاق أيضًا في المعجمات. انظر تاج العروس 6/ 382، 399، (ص).
    2034 – أي بهذا المنهج الأعوج المنحرف، وهو فك الكلام وتراكيبه ثم النظر إلى معاني الألفاظ مجردة عن تراكيبها، لا يمكن أن يفهم كلام سواءً كان كلام الله أو كلام البشر، فيفسد كل علم لأنه لا يفهم منه معنى محدد مفيد. انظر مختصر الصواعق ص 265.
    (2/533)

2035 – إذْ أكثرُ الألْفَاظِ تَقْبَلُ ذَاكَ فِي الْـ … إفرَادِ قَبلَ العَقْدِ والتِّبيَانِ
2036 – لَكِنْ إذَا مَا رُكِّبَتْ زَالَ الَّذِي … قَدْ كَانَ مُحْتَمَلًا لِذا الوَحْداني
2037 – فَإِذَا تَجَرَّدَ كَانَ مُحْتَمِلًا لِغَيْـ … ـرِ مُرَادِهِ أو فِي كَلَامٍ ثَانِ
2038 – لَكِنَّ ذَا التَّجْرِيدَ مُمْتَنِعٌ فإنْ … يُفْرَضْ يَكُنْ لا شَكَّ فِي الأذْهَانِ
2039 – والمفرَدَاتُ بِغَيْرِ تَركِيبٍ كَمِثْـ … ـلِ الصَّوْتِ تَنْعَقُهُ بِتلكَ الضَّانِ
2040 – وَهُنَالِكَ الإجْمَالُ والتَّشْكيكُ والتَّـ … ـجْهِيلُ والإتيَانُ بالبُطْلانِ
2041 – فإذَا هُمُ فَعَلُوهُ رَامُوا نَقْلَهُ … لِمركَّبٍ قَدْ حُفَّ بالتِّبيَانِ
2042 – وَقَضوْا عَلَى التَّركِيبِ بالحُكْمِ الَّذِي … حَكَمُوا بِهِ لِلمفْرَدِ الوَحْدَانِي
2043 – جَهْلًا وَتَجْهيلًا وَتدلِيسًا وَتلْـ … ـبِيسًا وترْوِيجًا عَلَى العُمْيانِ



2035 – “تقبل ذاك”: يعني الاحتمال والتأويل.
2036 – “لذا الوحداني”: كذا في الأصل. يعني: لذلك اللفظ المفرد. وفي ف، ب، ظ، ط: “لدى الوحدان” وضبط “الوحدان” في ب بضم الواو. وفي غيرها: “لذي”.
2038 – يعني تجريد الألفاظ عن المعاني.
2039 – في الأصل: “ينعقه”. ونعق بغنمه كمنع وضرب نَعْقًا ونعيقًا ونُعاقًا: صاح بها وزجرها، في اللسان: “النعيق دعاء الراعي الشاء، يقال: انعق بضأنك أي ادعها”. اللسان (10/ 356).
2040 – البيت كذا في الأصل على الصواب. وفي غيره: “التجهيل والتحريف”، وذلك مخلّ بالوزن، (ص).
2040 – وحول معنى هذه الأبيات الثلاثة الأخيرة يقول الناظم في الصواعق (1/ 192) عند عَدِّه لأنواع التأويل الباطل: “الخامس: ما ألف استعماله في ذلك المعنى لكن في غير التركيب الذي ورد به النص فيحمله المتأول في هذا التركيب الذي لا يحتمله على مجيئه فى تركيب آخر يحتمله وهذا من أقبح الغلط والتلبيس” ا. هـ.
(2/534)


فصلٌ في بيانِ شَبَه غلطهم في تجريدِ الألفاظ بغلطِ الفلاسفةِ في تجريدِ المعاني (1)
2044 – هَذَا هَدَاكَ اللهُ مِنْ إضْلَالِهِم … وَضَلَالِهِم فِي مَنْطِقِ الإنْسَانِ
2045 – كمُجَرّدَاتٍ فِي الخَيَالِ وَقَدْ بَنَى … قَوْمٌ عَلَيْهَا أوْهَنَ البُنْيَانِ
2046 – ظَنُّوا بأنَّ لَهَا وُجُودًا خَارِجًا … وَوُجُودُهَا لَوْ صَحَّ فِي الأذْهَانِ
2047 – أنَّى وتلكَ مُشخَّصَاتٌ حُصِّلَتْ … فِي صُورةٍ جُزْئِيَّةٍ بعِيَانِ


(1) مراد الناظم بهذا الفصل: أن يبين ضلال المتكلمين نفاة الصفات في تجريدهم الألفاظ عن تراكيبها ثم الحكم عليها مجردة وأنه مشابه لضلال الفلاسفة الذين جعلوا المعاني الكلية المجردة التي لا يمكن تصورها جعلوا لها وجودًا في الخارج، فأثبتوا وجودًا مطلقًا بشرط الإطلاق عن كل قيد وصفة، وأطلقوا هذا الكلام على الله سبحانه فقالوا: هو موجود بشرط الإطلاق.
انظر: مختصر الصواعق ص 265، درء التعارض (1/ 286).
2044 – طع: “المنطق اليوناني”.
2045 – مجردات: جمع مجرد؛ وهو: ما لا يكون محلًا لجوهر ولا حالًا في جوهر آخر، ولا مركبًا منهما على اصطلاح أهل الفلسفة، انظر: التعريفات للجرجاني ص 260.
ويقول الناظم في الصواعق (3/ 944): “المجردات هي: الكليات التي تجردها النفس من الأعيان المشخصة”.

  • يعني بالقوم: الفلاسفة.
    2047 – والمعنى: أن هؤلاء الفلاسفة حينما تصوروا المعاني الكلية المجردة في الذهن ظنوا أن لها وجودًا في الخارج وهذا ممتنع ومحال ولا يقول به عاقل، إذ المعاني الكلية التي في الذهن مشتركة ليست محددة بشيء أو بشخص معين وهذا لا يمكن وجوده في الخارج.
    انظر: الصواعق (3/ 994)، (4/ 1324)، درء التعارض (1/ 288)، منهاج السنة (2/ 203، 533).
    (2/535)

2048 – لَكِنَّهَا كُليَّةٌ إنْ طَابَقَتْ … أَفْرَادَهَا كاللَّفْظِ فِي الميزَانِ
2049 – يَدعُونَهُ الكُليَّ وَهوَ مُعَيَّنٌ … فَرْدٌ كَذَا المعْنَى هُمَا سِيَّانِ
2050 – تَجْرِيْدُ ذا فِي الذِّهْنِ أوْ فِي خَارجٍ … عَنْ كُلِّ قَيْدٍ ليْسَ فِي الإمْكَانِ
2051 – لَا الذِّهنُ يَعْقِلهُ وَلَا هُوَ خَارجٌ … هُوَ كالخَيَالِ لِطَيفِهِ سُكْرانِ


2049 – الكلي: هو ما لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه كلفظ الإنسان أو الحيوان. انظر: التوقيف على مهمات التعاريف ص 609، كشاف اصطلاحات الفنون (3/ 1258)، درء التعارض (1/ 291).
-“سيّان”: في ب: “شيئان”، تصحيف.
ومراد الناظم أن يبين منهج المعطلة -كما ذكرنا سابقًا- في تجريدهم الألفاظ والمعاني. وحول هذا المعنى يقول الرازي في تفسيره (1/ 13): “المعنى اسم للصور الذهنية لا الموجودات الخارجية. لأن المعنى عبارة عن الشيء الذي عناه العاني وقصده القاصد، وذلك بالذات هو الأمور الذهنية وبالعرض الأشياء الخارجية فإذا قيل: إن القائل أراد بهذا اللفظ هذا المعنى فالمراد أنه قصد بذكر ذلك اللفظ تعريف ذلك الأمر المقصود”. وانظر: مختصر الصواعق ص 265.
2050 – طه: “تجريدًا” وهو خطأ.
2051 – يعني اللفظ والمعنى المجرد عن كل قيد ووصف.

  • في النسخ الخمس التي بين يديّ: “لطينه سكران” ولم تنقط الهاء إلا في ف التي قلما تنقطها. ثم فيها: “كالخبال” بالباء الموحدة، فيقرأ الشطر هكذا:
    هو كالخبالِ لطينةٍ: سُكران
    فهل أراد الناظم “طينة الخبال” التي يُسقاها يومَ القيامة من يشرب الخمر في هذه الدنيا، وجعل الخبال وطينته سكرين اثنين؟ وإذا كان الصواب “الخيال” بالمثناة كما في سائر النسخ، و”لطيفه” بالفاء مكان النون، كما رجحه محقق هذا القسم ظل المعنى مشكلًا، فإنه لا سبب لكون طيف الخيال يسكر صاحبه سكرين. ويخيل إليَّ أن الصواب مع ابتعاده عن رسم النسخ: =
    (2/536)

2052 – لَكِنْ تَجرُّدُهَا المقَيَّدُ ثَابِتٌ … وَسِواه مُمْتَنِعٌ بِلَا إمْكَانِ
2053 – فتجرُّدُ الأعْيانِ عَنْ وَصْفٍ وَعَنْ … وَضعٍ وَعَنْ وَقْتٍ لهَا وَمكَانِ
2054 – فَرْضٌ مِنَ الأذهَانِ يَفْرِضه كَفَرْ … ضِ المسْتَحِيلِ هُمَا لَهَا فَرْضَانِ
2055 – اَللهُ أكبرُ كَمْ دَهَى مِنْ فَاضِلٍ … هَذَا التَّجَردُ مِنْ قَديمِ زَمَانِ
2056 – تَجْرِيدُ ذِي الألفَاظِ عَنْ تَركيبهَا … وَكَذَاكَ تَجْريدُ المعَانِي الثَّانِي
2057 – والحَقُّ أنَّ كِلَيهِمَا فِي الذِّهْنِ مَفْـ … ـرُوضٌ فلا تَحْكُم عَلَيْهِ وَهْوَ فِي الأذْهَانِ
2058 – فَيقُودَكَ الخَصْمُ المُعَانِدُ بالَّذِي … سَلَّمتَهُ لِلحُكْمِ فِي الأعْيَانِ


= هو كالخيال يَطِيفُ بالسَّكرانِ
والله أعلم. وقد ورد في الطبعات الثلاث: “لِطَيفةِ السكران” والظاهر أنه إصلاح لما في النسخ (ص).
2052 – وحول معنى هذه الأبيات يقول شيخ الإسلام في درء التعارض (1/ 290 – 291): “ومن قال إن الكلي الطبيعي موجود في الخارج فقد يريد به حقًا وباطلًا فإن أراد بذلك أن ما هو كلي في الذهن موجود في الخارج معينًا: أي أن تلك الصورة الذهنية مطابقة للأعيان الموجودة في الخارج كما يطابق الاسم مسماه، والمعنى الذهني الموجود الخارجي فهذا صحيح، وإن أراد بذلك أن نفس الموجود في الخارج كلي حين وجوده في الخارج فهذا باطل مخالف للحِسِّ والعقل … “. وانظر: النجاة لابن سينا ص 220.
2055 – ب: “كم لها”، تحريف.
2056 – قال الناظم في مختصر الصواعق ص 265: “فتأمل هذا التشابه والتناسب بين الفريقين (يعني أهل التأويل والفلاسفة) هؤلاء في تجريد المعاني، وهؤلاء في تجريد الألفاظ، وتأمل ما دخل على هؤلاء وهؤلاء من الفساد في اللفظ والمعنى، وبسبب هذا الغلط دخل من الفساد في العلوم ما لا يعلمه إلا الله”.
2057 – كذا ورد البيت في النسخ الخطية والمطبوعة جميعًا، وفيه ركن زائد (ص).
2058 – ب: “فيقول دل الخصم” تحريف.
(2/537)


2059 – فَعلَيْكَ بالتَّفصِيل إنْ همْ أطلقُوا … أَوْ اْجْمَلُوا فَعَلَيْكَ بالتِّبيَانِ


فصلٌ في بيانِ تناقضهم وعجزهم عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب
2060 – وتَمَسَّكُوا بظَوَاهِرِ المنْقُولِ عَنْ … أَشْيَاخِهِم كَتَمَسُّكِ العُمْيانِ
2061 – وَأبَوْا بأنْ يتَمسَّكُوا بظَواهِرِ النَّـ … ـصَّيْنِ وَاعَجَبَا مِنَ الخِذْلَانِ
2062 – قَولُ الشّيوخِ مُحَرَّمٌ تأويلُهُ … إذ قَصْدُهُم لِلشَّرْحِ والتِّبيانِ
2063 – فَإذَا تَأوَّلنَا عَلَيهِم كَانَ إبْـ … ـطالًا لِمَا رَامُوا بِلَا بُرْهَانِ
2064 – فَعَلَى ظَوَاهِرهَا تَمُرُّ نُصُوصُهُمْ … وَعَلَى الحَقِيقَةِ حَمْلُهَا لِبَيَانِ
2065 – يَا لَيْتَهُمْ أجْرَوا نُصوصَ الوَحْي ذَا الـ … ـمُجْرَى مِنَ الآثارِ والقُرْآنِ
2066 – بَلْ عِنْدهُم تِلكَ النُّصُوصُ ظَواهِرٌ … لَفْظِيَّةٌ عُزِلَتْ عَنِ الإيقَانِ


2059 – أي عليك بالتفصيل إذا عمد المعطل إلى إجمال الكلام وإطلاقه، وتقول للمعطلة إن أردتم أن هذا حكم له في الذهن على فرض تجرده فمسلم، وان أردتم أن هذا حكم له حال التركيب في الأعيان فممنوع، وكذلك إن أجملوا فعليك بالبيان والإيضاح.
2066 – يعني نصوص الوحي لا تفيد اليقين بل هي أدلة لفظية بخلاف أقوال شيوخهم فهي تفيد اليقين ولا يجوز تأويلها وصرفها عن مرادها الحقيقي. وهذا هو الطاغوت الأول من الطواغيت التي هدم به أهل التأويل الباطل معاقل الدين، كما ذكر ذلك المؤلف في الصواعق المرسلة 2/ 632.
قال الرازي في أساس التقديس (ص 182): “فثبت أن شيئًا من الدلائل اللفظية لا يمكن أن يكون قطعيًا”.
(2/538)


2067 – لَم تُغْنِ شَيئًا طَالِبَ الحقِّ الَّذِي … يَبْغِي الدَّلِيلَ ومُقتَضَى البُرْهَانِ
2068 – وسَطَوْا على الوحْيَيْنِ بِالتَّحْرِيفِ إذْ … سَمَّوْهُ تَأويلًا بِوَضْعٍ ثَانِ
2069 – فَانْظُرْ إِلى “الأَعْرَافِ” ثُمَّ لِـ “يُوسُفٍ” … و”الكَهْفِ” وَافْهَمْ مُقْتَضى القُرْآنِ
2070 – فإذا مَرَرْتَ بـ “آلِ عِمْرانٍ” فَهِمْـ … ـتَ القَصْدَ فَهْمَ مُوفَّقٍ ربَّانِي


2068 – هذا البيت في: (طه) متأخر عن الذي يليه. وانظر ما سبق في البيت 1831 وما قبله.
2069 – أي انظر إلى التأويل بمعناه الحقيقي لا تأويلاتهم الباطلة كما جاء في سورة الأعراف عند قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ … } [الأعراف: 53].
وكما جاء في سورة يوسف وهي ثمانية مواضع:

  • قوله تعالى {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 6].
  • قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 21].
  • قوله تعالى: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 36].
  • قوله تعالى: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا} [يوسف: 37].
  • قوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)} [يوسف: 44].
  • قوله تعالى: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)} [يوسف: 45].
  • قوله تعالى: {وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف: 100].
  • قوله تعالى: {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 101].
  • أما في الكهف فقوله تعالى: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)} [الكهف: 78].
    وقوله: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)} [الكهف: 82].
  • ف: “البرهان”، وصححه بعضهم في الحاشية بالفرقان.
    2070 – ف، ح: (وإذا). =
    (2/539)

2071 – وَعَلِمْتَ أنَّ حَقِيقَةَ التأوِيل تَبـ … ـيِينُ الحَقِيقَةِ لَا المجازُ الثَّانِي
2072 – وَرَأيتَ تأوِيلَ النُّفَاةِ مُخَالِفًا … لِجَميعِ هَذَا لَيْس يَجْتَمِعَانِ
2073 – اللَّفْظُ هُم أَنْشَوْا لَهُ مَعْنىً بِذَا … كَ الاصْطِلَاح وَذاكَ أمْرٌ دَانِ
2074 – وَأتَوْا إلَى الإلْحَاد فِي الأسْمَاء والتَّـ … ـحْرِيفِ للألفَاظِ بالبُهْتَانِ
2075 – فَكَسَوْهُ هَذَا اللَّفْظَ تَلبِيسًا وَتَدْ … لِيْسًا عَلَى العُميانِ والعُورَانِ
2076 – فَاسْتَنَّ كُلُّ مُنَافِقٍ ومكَذِّبٍ … مِنْ بَاطِنِيٍّ قِرمِطِيٍّ جَانِ
2077 – فِي ذَا بِسُنَّتهِم وَسَمَّى جَحْدَهُ … لِلْحَقّ تأويلًا بِلَا فُرقَانِ


= وهو قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] على القول بالوقف على لفظ الجلالة، فالتأويل هنا بمعنى العاقبة وحقيقة وقوع ذلك الأمر فهذا مما لا يعلمه إلا الله، وعلى هذا فالمراد أن تأويل الأمور المخبر بها والتي هي من أمور الغيب لا يعلم وقت وقوعه وكيفيته إلا الله سبحانه، وعلينا نحن الإيمان والتسليم ونؤمن بأنها واقعة كما أخبر الله حقيقة، وفي هذا يقول الطبري: “وما يعلم وقت قيام الساعة، وانقضاء مدة أجل محمد وأمته وما هو كائن إلا الله دون من سواه من البشر، الذين أقلوا إدراك علم ذلك من قبل الحساب والتنجيم والكهانة” ا. هـ. تفسير الطبري (3/ 181 – 182). وانظر: مجموع الفتاوى (13/ 272 – 277).
2073 – أصله: أنشأوا، وسهلت الهمزة للضرورة.
والمعنى أنهم يأتون بمعان لتلك النصوص والألفاظ غير المعاني المبادرة للذهن ومن ثم يحرفون الألفاظ والمعاني ويلحدون في الأسماء بعد أن يقرروا ذلك المعنى بما يلبسونه ويدلسونه على ضعاف العلم والإيمان.
2074 – ف: (فأتوا).

  • ب: (للتحريف).
    2076 – وقد تقدم بيان الناظم أن المؤولة هم الذين فتحوا الباب على مصراعيه للفلاسفة والقرامطة في تأويلاتهم الشنيعة. وانظر فصل: “طريقة ابن سينا وذويه من الملاحدة في التأويل”.
    (2/540)

2078 – وأتَى بِتَأويلٍ كتأويلَاتِهِم … شِبرًا بِشِبرٍ صَارخًا بأذَانِ
2079 – إنَّا تأوَّلنَا كَمَا أوَّلْتُم … فَأْتُوا نُحاكِمْكُمْ إلَى الوَزَّانِ
2080 – فِي الكِفَّتَيْنِ تُحَطُّ تأوِيلاتُنَا … وَكَذَاكَ تَأْويلَاتُكُمْ بِوِزَانِ
2081 – هَذَا وَقَدْ أقْرَرْتُمُ أنَّا بأيـ … ـدينَا صريحُ العَدْلِ والْمِيزَانِ
2082 – وَغَدَوْتُمُ فِيهِ تَلَامِيذًا لَنَا … أَوَ لَيْسَ ذَلكَ مَنْطقَ اليُونَانِ
2083 – مِنَّا تَعلَّمتُمْ وَنَحْنُ شُيُوخُكُمْ … لَا تَجْحَدُونَا مِنَّةَ الإحْسَانِ
2084 – فَسَلُوا مَبَاحِثَكُم سُؤَالَ تَفَهُّمٍ … وَسَلُوا القَواعِدَ ربَّةَ الأرْكَانِ
2085 – مِنْ أيْنَ جَاءتْكُم وأيْنَ أُصُولُهَا … وَعَلَى يَدَيْ مَنْ يا أولِي النُّكْرانِ
2086 – فَلأِي شَيْءٍ نَحْنُ كُفَّارٌ وأنـ … ـتُمْ مُؤمِنُونَ وَنَحْن مُتَّفِقَانِ


2078 – ب: (كتأويلاتنا) وهو خطأ.
2079 – يعني الذي يقوم بالموازنة ويزن كلامنا وكلامكم ثم يحكم لمن ترجح الكفة ومن معه الحق. وصاحب الخطاب هو ذلك الفيلسوف القرمطي الباطني صاحب التأويلات الباطلة التي أنكرها عليه أهل التأويل من الصفاتية وغيرهم.
2080 – كذا في الأصل “تحط” بالتاء وضبط “تأويلات” بالرفع. وكذا “تحط” في د، طت، طع. وفي غيرها: “نحط” بالنون.
2083 – المِنَّة: النعمة الثقيلة. قال الراغب: “ويقال ذلك على وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك بالفعل فيقال: من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة، وعلى ذلك قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 164]، وذلك على الحقيقة لا يكون إلا لله تعالى.
والثاني: أن يكون بالقول وذلك مستقبح فيما بين الناس إلا عند كفران النعمة ومنه قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} [الحجرات: 17] ” ا. هـ بتصرف المفردات ص 777.
2084 – يقول الباطني للمؤولة: يا من تنكرون علينا تأويلاتنا الباطنية اسألوا القواعد التي وضعتموها لتأييد تأويلاتكم: من أين جاءتكم؟ ومن أسسها؟ وهل أتيتم بها إلا من كتبنا نحن معاشر الفلاسفة كأرسطو وابن سينا وغيرهما.
(2/541)


2087 – إنَّ النُّصُوصَ أدِلَّةٌ لَفْظِيَّةٌ … لَم تُفْضِ قَطُّ بِنَا إلَى إيقَانِ
2088 – فَلِذَاكَ حَكمنَا العُقُولَ وأَنْتُمُ … أَيْضًا كَذَاكَ فَنَحْنُ مُصْطَلِحَانِ
2089 – فلأيِّ شَيْءٍ قَدْ رَمَيتُمْ بَيْنَنَا … حَرْبَ البَسُوسِ ونَحْنُ كالإخوَانِ
2090 – الأصْلُ مَعْقُول وَلَفْظُ الوَحْيِ مَعْـ … ـزُولٌ ونَحْنُ وأَنْتُمُ صِنْوَانِ
2091 – لَا بالنُّصُوصِ نَقُولُ نَحنُ وأنْتُمُ … أَيْضًا كَذَاكَ فَنَحْنُ مصطَحِبانِ
2092 – فَذَرُوا عَدَاوَتَنَا فإنَّ وَرَاءَنَا … ذَاكَ العَدُوُّ الثِّقْلُ ذو الأضْغَانِ
2093 – فهُمُ عَدُوُّكُمُ وَهُمْ أعْداؤنَا … فَجَمِيعُنَا فِي حَربِهِمْ سِيَّانِ
2094 – تِلْكَ المُجَسِّمَةُ الأُلى قَالُوا بأنَّ م … اللهَ فَوقَ جَمِيعِ ذِي الأكْوَانِ
2095 – وإلَيْهِ يَصْعَدُ قَوْلُنَا وَفِعَالُنَا … وإليْهِ تَرقَى رُوحُ ذِي الإيمَانِ


2089 – ب، ط: (حرب الحروب). وحرب البسوس من حروب الجاهلية المشهورة، منسوبة إلى امرأة اسمها “البسوس” خالة جباس بن مرَّة الشيباني، كانت لها ناقة يقال لها: “سراب” فرآها كليب وائل في حِمَاهُ وقد كسرت بيض طير كان قد أجاره، فرمى ضرعها بسهم، فوثب جسَّاس على كليب فقتله، فهاجت حرب بكر وتغلب ابني وائل بسببها أربعين سنة، حتى ضربت العرب بها المثل في الشؤم.
انظر: لسان العرب (6/ 28).
2091 – كذا في الأصلين ود، س. وهو الصواب. وفي غيرها: “مصطلحان”، فيكون تكرارًا لشطر البيت (2088).
2092 – الثِّقْلُ: واحد الأثقال وهو الحمل الثقيل مثل حِمْل وأحمال، اللسان (11/ 85) وفي طه: “ذي الأضغان”، خطأ. ويريد به هنا: أنَّ العدو الذي سوف يحاربونه أمره ليس بالهين بل هو كبير وشديد يحتاج إلى جهد ومشقة في جهاده.
2094 – المجسمة أو المشبهة: هم الذين شبهوا الله بخلقه. وقد سبق التعريف بهم في التعليق على مقدمة المؤلف. وهذا من قول الفلاسفة، والباطنية لنفاة الصفات. ويقصدون بالمجسمة أهل السنة.
2095 – تقدمت إشارة الناظم إلى صعود الأقوال والأفعال إلى الله عند سرده لأدلة العلو. وكذلك صعود روح المؤمن عندما تخرج وتصعد بها الملائكة إلى السماء.
(2/542)


2096 – وَإلَيْهِ قَدْ عَرَجَ الرَّسُولُ حَقِيقَةً … وَكَذَا ابْنُ مَريمَ مُصْعَدَ الأبْدَانِ
2097 – وَكَذاكَ قَالُوا إنّه بالذَّاتِ فَوْ … قَ العَرْشِ قُدْرَتُهُ بِكُلِّ مَكَانِ


2096 – تقدمت الإشارة إلى حديث المعراج وتخريجه.
وكذلك رفع عيسى ابن مريم عليه السلام إلى السماء. ونص المؤلف على الأبدان إشارة إلى أن العروج وصعود عيسى لم يكن بالروح فقط بل هو بالروح والبدن معًا حقيقةً ويقظةً لا منامًا.
2097 – قوله: إن الله فوق العرش “بذاته” قد أطلقها كثير من السلف في مؤلفاتهم، وإليك بعض نصوص من صرح بذلك:

  • قال السجزي: “وأئمتنا كالثوري ومالك وابن عيينة وحماد بن زيد والفضيل وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته وأن علمه بكل مكان”. انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية ص 246، مجموع الفتاوى ( 5/ 190 )، درء التعارض (6/ 250)، السير (17/ 656). وقال السجزي نفسه في كتابه “الرد على من أنكر الحرف والصوت” وهي رسالته إلى أهل زبيد ص 129: “وعند أهل الحق أن الله سبحانه مباين لخلقه بذاته فوق العرش … “.
  • وصرح شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي في كتبه بلفظ الذات وقال: “ولم تزل أئمة السلف تصرح بذلك”. انظر: اجتماع الجيوش ص 278 – 279.
  • وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتابه العرش ص 51: “ثم تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش فاستوى عليه بذاته ثم خلق الأرض والسماوات فصار من الأرض إلى السماء ومن السماء إلى العرش فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصًا من خلقه بائنًا منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه”.
  • وهو قول أبي الحسن الأشعري (اجتماع الجيوش ص 281).
  • وهو قول أبي سليمان الخطابي (اجتماع الجيوش ص 281).
  • هو قول ابن أبي زيد القيرواني (مقدمة رسالته ص 56).
  • وهو قول أبي عمر الطلمنكي (اجتماع الجيوش ص 142، 147، 281).
  • وهو قول أبي بكر الباقلاني (اجتماع الجيوش ص 280 – 281). =
    (2/543)

2098 – وَكَذَاكَ يَنْزِلُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ … نحْوَ السَّمَاءِ فَهَاهُنَا جِهَتَانِ
2099 – لِلابْتِدَاءِ والانْتِهَاءِ وَذَان لِلـ … أجْسَامِ أيْنَ اللَّهُ مِن هَذَانِ
2100 – وكَذَاكَ قَالُوا إنه مُتَكَلِّمٌ … قَامَ الْكَلَامُ بِهِ فَيَا إخوَاني
2101 – أَيكُونُ ذَاكَ بغَيرِ حَرْفٍ أمْ بِلَ … صَوْتٍ فَهَذَا لَيسَ فِي الإمْكَانِ


= * وهو قول محمد بن الحسن بن فورك (اجتماع الجيوش ص 281).

  • وهو قول محمد بن موهب شارح رسالة ابن أبي زيد (اجتماع الجيوش ص 187، 188).
  • وهو قول عبد الوهاب بن نصر المالكي (اجتماع الجيوش ص 164، 189، 280، 281).
  • وهو قول سعد الزنجاني (اجتماع الجيوش ص 197).
  • وهو قول محمد بن الفضل التميمي (اجتماع الجيوش ص 180، 183).
  • وهو قول عبد القادر الجيلاني (اجتماع الجيوش ص 276، 277).
  • وهو قول محمد بن فرج القرطبي (اجتماع الجيوش ص 280).
    2098 – تقدم الكلام على حديث النزول. انظر البيت (448) ثم البيت (1205).
    2099 – “هذان” هنا في محل جرّ، على لغة من يلزم المثنى الألف دائمًا. انظر ما سبق في البيتين (200، 979)، (ص). وهذه من حجج أهل التعطيل في نفي الصفات الاختيارية عن الله كالاستواء والنزول بحجة أنها من صفات الأجسام.
    قال الجويني في الإرشاد ص 130: “ثم ليس المعنى بالإنزال حط شيء من علو إلى سفل، فإن الإنزال بمعنى الانتقال يتخصص بالأجسام والأجرام”. وانظر أساس التقديس ص 108 – 109، مفاتيح الغيب (2/ 127). وانظر مجموع الفتاوى (5/ 351)، شرح حديث النزول لشيخ الإسلام، ص 113، مختصر الصواعق ص 124.
    2101 – كذا في الأصلين وح، ط. وفي غيرها: “بلا حروف”.
  • ح: (بالإمكان). والمعنى: أن المعطل ينكر على أهل السنة إثباتهم صفة الكلام لله وأنه متكلم بحروف وأصوات وحجتهم في ذلك أن الحروف =
    (2/544)

2102 – وَكَذَاك قَالُوا مَا حَكَيْنَا عَنْهُمُ … مِنْ قَبلُ قَوْلَ مُشَبِّهِ الرَّحمنِ
2103 – فَذَرُوا الحِرَابَ لَنَا وَشُدُّوا كُلُّنا … جَمْعًا عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ الفُرْسَانِ
2104 – حَتَّى نَسُوقَهُمُ بأجْمَعِنَا إلَى … وَسْطِ العَرِينِ مُمزَّقِي اللُّحْمَانِ
2105 – فَلقَدْ كَوَوْنَا بالنُّصُوصِ ومَا لَنَا … بِلقَائِهَا أَبَدَ الزَّمَانِ يَدَانِ
2106 – كَمْ ذَا بِقالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ … مِنْ فَوق أعناقٍ لَنَا وَبَنَانِ
2107 – إنْ نَحْنُ قُلْنَا قَالَ آرِسْطُو المُعلِّـ … ـمُ أولًا أَوْ قَالَ ذَاكَ الثَّانِي
2108 – وَكَذاكَ إنْ قُلْنَا ابْنُ سِينَا قَالَ ذَا … أَوْ قَالَهُ الرَّازِيُّ ذُو التِّبْيانِ
2109 – قَالُوا لَنَا قَالَ الرَّسُولُ وَقالَ فِي الـ … ـقرآنِ كَيْفَ الدَّفْعُ لِلْقُرآنِ؟


= والأصوات حادثة والله سبحانه منزه عن حلول الحوادث.
يقول الجويني في الإرشاد ص 125: “ذهبت الحشوية (يعني أهل السنة) المنتمون إلى الظاهر أن كلام الله تعالى قديم أزلي ثم زعموا أنه حروف وأصوات … “.
وانظر: المجرد لابن فورك ص 59، مختصر الصواعق ص 410 – 411.
2103 – أي اتركوا محاربتنا. وانظر البيت (1282).
2104 – العرين: مأوى الأسد وقد سبق في البيت (475).
2105 – طع: (ولقد).
“كوَونا”: من الكي وهو معروف.
2106 – كذا في الأصلين وظ، طع. وفي غيرها: “يقال الله” تصحيف.
2107 – ط: (إذ)، تحريف.

  • سبقت ترجمة أرسطو تحت البيت (481). ومدّت الهمزة للضرورة.
    “ذاك الثاني” يعني أبا نصر الفارابي الملقب بالمعلّم الثاني وقد سبقت ترجمته تحت البيت (497).
    2108 – تقدمت ترجمة ابن سينا تحت البيت (94).
  • فخر الدين الرازي ابن خطيب الري. تقدمت ترجمته تحت البيت (757).
    2109 – والمعنى أن أهل الباطل إذا احتجوا برؤوس الضلالة من الفلاسفة احتج أهل الحق بالكتاب والسنة فلا يستطيعون دفعها.
    (2/545)

2110 – وَكَذَاكَ أنْتُم مِنْهُمُ أيْضًا بِهـ … ـذَا المَنْزِلِ الضَّنْكِ الَّذِي تَرَيَانِ
2111 – إنْ جئْتُمُوهُم بالعُقُولِ أَتَوْكُمُ … بِالنَّصِّ مِنْ أَثَرٍ وَمِنْ قُرْآنِ
2112 – فَتَحَالَفُوا إنَّا عَلَيْهِمْ كُلُّنَا … حَرْبٌ وَنَحْنُ وأنْتُمُ سِلْمانِ
2113 – فَإِذا فَرَغْنَا مِنْهُمُ فَخِلَافُنَا … سَهْلٌ وَنَحْنُ وأنتُمُ أَخَوَانِ
2114 – فَالعَرْشُ عِنْد فَرِيقِنَا وَفرِيقِكُم … مَا فَوْقَه أَحَدٌ بِلا كِتْمانِ
2115 – مَا فَوْقَهُ شَيء سِوَى الْعَدَمِ الَّذِي … لَا شَيءَ فِي الأذهان والأعيانِ
2116 – مَا اللهُ مَوجُودٌ هُنَاكَ وإنمَا الـ … ـعدَمُ المُحَقَّقُ فَوقَ ذِي الأكْوَانِ
2117 – [واللهُ مَعْدُومٌ هُنَاكَ حَقِيقَةً … بِالذاتِ عَكْسَ مَقَالَةِ الدِّيصَاني]2118 – هَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ عَنْدَ فَريقِنَا … وَفَريقِكُمْ وَحَقِيقَةُ العِرْفَانِ


2110 – الضنْك: الضَيِّق كما في قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} أي ضيقة. يقول الباطني للمؤؤلة: إن المجسمة -يعني أهل السنة- كما ضايقونا بنصوص الكتاب والسنة، ضايقوكم أيضًا، فيجب علينا أن نتحالف ونتآزر. وقوله “تريان” صيغة التثنية جاءت للجمع، كما مر من قبل في البيت (1496).
2113 – ط: (فنحن).
2114 – ف، د: (ما فوقه للخلق من رحمان). وأشار في طرّة ف إلى ما في أصلنا وغيره، كما أشار في حاشية الأصل إلى ما في نسختي ف، د.
2115 – كذا في الأصلين وح، ط. وفي غيرها: “في ذهن ولا أعيان” وأشار في طرّة ف إلى هذه النسخة.
2116 – هذا البيت ساقط من (ف).
2117 – هذا البيت لم يرد في الأصل. ويظهر لي -والله أعلم- أن الناظم رحمه الله حذفه من النسخة الأخيرة واستبدل به البيت السابق، (ص).

  • ف: “ما قد قاله” وهو مخلّ بالوزن.
  • قد سبق تشبيه المثبِت بالديصاني على لسان المعطل في البيت (466). والديصانية من فرق المجوس كما تقدم.
    (2/546)

2119 – وكَذَا جَمَاعَتُنَا عَلَى التَّحْقِيقِ فِي التَّـ … ـوراةِ والإنْجِيلِ والقرآنِ
2120 – لَيْسَتْ كَلَامَ اللهِ بَلْ فَيْضٌ مِنَ الـ … ـفَعَّالِ أوْ خَلْقٌ مِنَ الأكْوَانِ
2121 – فَالأَرْضُ مَا فيها لَهُ قَوْلٌ وَلَا … فَوْقَ السَّمَا لِلْخَلْقِ مِنْ ديَّانِ
2122 – بَشَرٌ أَتَى بالوَحْيِ وَهْوَ كَلَامُهُ … فِي ذَاكَ نَحْنُ وأنتُمُ مِثْلَانِ
2123 – وَكَذَاكَ قُلْنَا إنَّ رُؤيَتَنَا لَهُ … عَيْنُ المُحالِ وَلَيْسَ فِي الإمْكَانِ
2124 – وَزَعَمْتُمُ أنَّا نَرَاهُ رُؤيةَ الـ … ـمَعْدُومِ لَا الموْجُودِ فِي الأعيانِ


2119 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “الفرقان”.
2120 – تقدم الكلام على مذهب الفلاسفة في كلام الله في البيت (787) وما بعده.
2122 – الناظم ينقل كلام نفاة الكلام القائلين بأنه فيض من العقل الفعال أو القائلين بأنه مخلوق ويلزمون الأشاعرة الذين يقولون إن ألفاظه من محمد أو جبريل وأن هذا الموجود في المصاحف ليس كلام الله حقيقة، وغاية هذين القولين التوافق وعدم الاختلاف.
2123 – ط: “ولذاك”، خطأ.

  • ونفي الرؤية مطلقًا هو مذهب الفلاسفة والمعتزلة والجهمية، وحجتهم: لو كان الله يرى في الآخرة لكان في جهة وما كان في جهة فهو جسم، وأما الأشاعرة فقالوا: إن الله يرى لا في جهة ولا أمام الرائي ولا خلفه ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا فوقه ولا تحته. وقد نقل شيخ الإسلام إجماع الأمة على إثبات رؤية الله عزَّ وجلَّ. وانظر: الدرء 1/ 245 وما بعدها، ولكن هنا تنبيه: أن متأخري الأشاعرة أوّلوا الرؤية بالعلم وقالوا إن النزاع بينهم وبين المعتزلة لفظي. انظر: الدرء 1/ 250، ومجموع الفتاوى (16/ 85).
    وانظر: تقرير مذهب الأشاعرة في الرؤية: المجرد لابن فورك ص 79، الإرشاد للجويني ص 163، وقد بسط شيخ الإسلام الرد عليهم في مجموع الفتاوى (16/ 84) وما بعدها، وانظر: ما تقدم عند البيت رقم (1281).
    2124 – طه: (في البرهان)، وهو خطأ. والمعنى: أن إثباتكم الرؤية بلا جهة هو إثباته لرؤية المعدوم إذ حقيقة رؤية الموجود أن يقابل من يراه حقيقة. =
    (2/547)

2125 – إذْ كُلُّ مَرئيٍّ يَقُومُ بِنَفْسِهِ … أَوْ غَيْرِهِ لَا بُدَّ فِي البُرْهَانِ
2126 – مِنْ أَنْ يُقَابِلَ مَنْ يَرَاهُ حَقِيقَةً … مِنْ غَيْرِ بُعْدٍ مُفْرِطٍ وَتَدَانِ
2127 – وَلَقَدْ تَسَاعَدْنَا عَلَى إبْطَال ذَا … أنتم وَنَحْنُ فَمَا هُنَا قَوْلَانِ
2128 – أَما البَليَّةُ فَهْيَ قَوْلُ مُجَسِّمٍ … قَالَ القُرَانُ بَدَا مِنَ الرَّحْمنِ
2129 – هُوَ قَوْلُهُ وكَلَامُهُ مِنْهُ بَدَا … لَفْظًا وَمَعْنىً لَيْسَ يَفْتَرقَانِ


= ولهذا مؤدى قولنا وقولكم إلى نفيها -كما سينص عليه الناظم- لأننا إذا قلنا لا يمكن أن يُرى الشيء إلا إذا كان في جهة وأن يكون الرائي مقابلًا للمرئي وقد اتفقنا نحن وأنتم على نفي الجهة فلا خلاف بيننا كبير. والكلام للفلاسفة والجهمية نفاة الرؤية بالكلية.
ويقول شيخ الإسلام مبيّنًا فساد اعتقاد الأشاعرة في الرؤية: “وهؤلاء القوم أثبتوا ما لا يمكن رؤيته، وأحبوا نصر مذهب أهل السنة والجماعة والحديث، فجمعوا بين أمرين متناقضين. فإن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه يمتنع أن يرى بالعين لو كان في الخارج موجودًا ممكنًا فكيف وهو ممتنع وإنما يُقَدر في الأذهان، من غير أن يكون له وجود في الأعيان، فهو من باب الوهم والخيال الباطل”. مجموع الفتاوى (16/ 87).
2126 – كذا في الأصلين وط. وفي غيرها: “تراه” خطأ.
2127 – يعني إبطال أن الله في جهة سواء جهة العلو أو مقابلة الرائي له ومعاينته عند رؤيته.
2128 – ب، ح: “فهو قول”.
2129 – يشير الناظم إلى اعتقاد أهل السنة والجماعة في كلام الله عزَّ وجلَّ: أنَّ ألفاظه ومعانيه من عند الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود في آخر الزمان، وهذه اللفظة أعني “منه بدأ وإليه يعود” قد تواترت عن السلف وهي مقررة لما جاء في الكتاب والسنة، وقال عمرو بن دينار: “أدركت مشايخنا -منذ سبعين سنة- يقولون: القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود”. =
(2/548)


2130 – سَمِعَ الأمِينُ كَلَامَهُ مِنْهُ وأدَّ … اهُ إِلَى المبعوثِ بالقرآنِ
2131 – فَلَهُ الأدَاءُ كَما الأدَا لِرسُولِهِ … وَالْقَول قول مُنَزِّل الفرقانِ
2132 – هَذَا الَّذِي قُلْنَا وَأنْتُمْ إِنَّهُ … عَيْنُ المُحَالِ وَذَاكَ ذُو بُطْلَانِ
2133 – فَإذَا تَسَاعَدْنَا جَمِيعًا أَنَّهُ … مَا بَيْنَنَا للَّهِ مِنْ قُرآنِ
2134 – إلَّا كَبَيْتِ اللَّه تِلْكَ إضَافَةُ الْـ … ـمَخْلُوقِ لَا الأوْصَافُ لِلرَّحمنِ


= وهذا الأثر صحيح أخرجه ابن جرير الطبري في صريح السنة برقم (16) ص 19، والدارمي في الرد على الجهمية برقم (344) ص 163، وفي الرد على المريسي ص 116 – 117. والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 597) برقم (531)، (532)، وفي الاعتقاد ص 84، وفي سننه الكبرى (10/ 205). والبخاري في خلق أفعال العباد برقم (1) ص 11، وفي التاريخ الكبير (1/ 2 / 338)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (2/ 234) برقم (381)، والضياء المقدسي في اختصاص القرآن بعوده إلى الرحيم الرحمن برقم (13)، (14) ص 26 – 29.
2130 – كذا في الأصلين، وفي غيرهما: “إلى المختار من إنسان” وأشار في حاشية ف إلى هذه النسخة.
2131 – يشير الناظم إلى اعتقاد أهل السنة في أن القرآن ألفاظه ومعانيه من الله عزَّ وجلَّ بخلاف مذهب الأشاعرة والكلامية القائلين بأن الألفاظ إما من محمد أو من جبريل. وانظر فصل ذكر مذهب أهل الحديث في كلام الله البيت (649) وما بعده، والبيت (562) وما بعده.

  • ما عدا الأصلين: “قول الله ذي السلطان”.
    2132 – يعني القول الأولى بأن الموجود الآن في المصاحف هو كلام الله حقيقة بلفظه ومعناه من الله، وهذا باطل عند النفاة من الفلاسفة ومن وافقهم من أهل الكلام.
    2134 – وهذا من تلبيس النفاة لصفة الكلام حيث قالوا إن إضافة الكلام إلى الله هو من باب إضافة المخلوق إضافة تشريف وتكريم كما تقول بيت الله وناقة الله.=
    (2/549)

2135 – فَعَلَامَ هَذَا الحَرْبُ فِيمَا بَينَنا … مَعَ ذَا الوِفَاقِ وَنَحْنُ مُصْطَلِحَانِ
2136 – فَإذَا أَبَيْتُمْ سِلْمَنَا فَتَحَيَّزُوا … لمَقَالةِ التَّجْسِيم بالإذْعَانِ
2137 – عُودوا مُجسِّمَةً وقُولُوا دِينُنَا الْـ … إثْبَاتُ دِينُ مُشَبِّهِ الدَّيَّانِ
2138 – أَوْ لَا فَلَا مِنَّا وَلَا مِنْهمْ وَذَا … شَأْنُ المنَافِقِ إذْ لَهُ وَجْهَانِ
2139 – هَذَا يَقُولُ مُجَسِّمٌ وَخُصُومُهُ … تَرْمِيهِ بالتَّعْطيلِ والكُفْرَانِ
2140 – هُوَ قَائِمٌ هُوَ قَاعِدٌ هُوَ جَاحِدٌ … هُوَ مُثْبِتٌ تَلْقَاهُ ذَا ألْوَانِ
2141 – يَومًا بتَأويل يَقُولُ وتَارَةً … يَسْطُو عَلَى التَّأوِيلِ بالنُّكْرانِ


فصلٌ في المطالبةِ بالفرقِ بينَ ما يُتأوَّلُ ومَا لا يُتأَوَّلُ
2142 – فَنَقُولُ فَرِّقْ بَيْنَ مَا أوَّلْتَهُ … وَمَنَعْتَهُ تَفْرِيقَ ذِي بُرْهَانِ
2143 – فيقُولُ مَا يُفْضي إلَى التَّجْسِيمِ أو … لْنَاهُ مِنْ خَبَرٍ ومِنْ قُرْآنِ


= انظر ما سبق في “فصل في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان” البيت (37) وما بعده.

  • كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “للديّان” وأشير إليه في حاشية ف.
    2135 – كذا في جميع النسخ. والأولى أن يقول: “هذي الحرب”، (ص).
    2137 – تقدم التعريف بالمجسمة والمشبهة في التعليق على مقدمة المؤلف.
  • د: (دون مشبه الديان).
    2140 – طع: (ذا لونان).
    2141 – وهذا إلزام من الفلاسفة لأهل التأويل بأن يسلكوا أحد الطريقين إما النفي مطلقًا ويسلكوا طريقهم، وإما الإثبات مطلقًا ويسلكوا طريق أهل الحق، وإلا فشأنهم كالمنافق الذي يتلون فتارة يقول بالتأويل وتارة ينكره ويقول بالإثبات.
    (2/550)

2144 – كالاسْتِوَاءِ مَعَ التَّكَلُّمِ هَكَذَا … لَفْظُ النُّزُولِ كَذَاكَ لَفْظُ يَدَانِ
2145 – إذْ هَذِهِ أوْصَافُ جِسْمٍ مُحْدَثٍ … لَا تنْبَغِي لِلْوَاحِدِ المنَّانِ
2146 – فَنَقُولُ أَنْتَ وَصَفْتَهُ أيْضًا بِمَا … يُفْضِي إلَى التَّجْسِيمِ والحِدْثَانِ
2147 – فَوَصفْتَهُ بالسَّمْعِ والإبْصَارِ مَعْ … نَفْسِ الحَيَاةِ وعِلْمِ ذِي الأكْوانِ
2148 – وَوَصَفْتَهُ بِمَشيئَةٍ مَعَ قُدْرَة … وَكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ وَهْوَ مَعَانِ
2149 – أوْ وَاحِدٌ والجِسْمُ حَامِلُ هَذِهِ الْـ … أَوْصَافِ حَقًّا فَأْتِ بالفُرْقَانِ
2150 – بَينَ الَّذِي يُفْضِي إلَى التَّجْسِيمِ أَوْ … لَا يَقْتَضِيهِ بِوَاضِح البُرْهَانِ
2151 – واللهِ لوْ نُشِرَتْ شُيُوخُكَ كُلُّهُمْ … لم يَقْدِروا أبدًا على فُرْقَانِ



2145 – وخلاصة شبهة أهل التأويل أن ما يفضي إلى التجسيم والحدوث -على حد زعمهم- أولوا معناه ولم يثبتوه لله سبحانه كالاستواء والكلام وغيرها من صفات الأفعال. وقد تقدم الكلام مستوفى على شبهة التجسيم أثناء إشارة الناظم إليها.
2146 – والرد على هذا الفرق الذي ذكره الأشاعرة ومن وافقهم بأن يقال لهم: أنتم كذلك وصفتموه بما يفضي إلى التجسيم على قاعدتكم الفاسدة كما وصفتموه بالصفات السبع المقررة عندكم فكلها مما توصف بها الأجسام فلا فرق إذًا بين الصفات التي أثبتموها والتي أولتموها. انظر هذا الإلزام في: الصواعق (2/ 453).
2147 – هذا البيت ساقط من (طع).
2148 – انظر تقرير مذهب الأشاعرة في إثبات الصفات السبع: مجرد المقالات ص 44، الإرشاد للجويني (51 – 92)، لمع الأدلة ص 93، المواقف في علم الكلام لعضد الدين الإيجي (279 – 296).

  • وللكلام أربعة معان عند الكلابية أو خمسة. انظر ما سبق في البيتين (575، 586).
    2149 – أي وللكلام معنى واحد عند الأشاعرة قائم بذات الرب فعندهم أنه لا ينقسم ولا له أبعاض ولا له أجزاء. انظر ما سبق في البيت (575).
    2151 – طع: (الفرقان).
    (2/551)

فصلٌ في ذكرِ فرق آخر لهمْ (1) وبيانِ بطلانِهِ
2152 – فَلِذَاكَ قَالَ زَعِيمُهُم فِي نَفْسِهِ … فَرقًا سِوَى هَذَا الَّذِي تَرَيَانِ
2153 – هَذي الصِّفَاتُ عُقُولُنَا دَلَّتْ عَلَى … إثْباتِهَا مَعَ ظَاهِرِ القُرآنِ
2154 – فَلِذَاكَ صُنَّاهَا عَنِ التَّأْويلِ فَاعْـ … ـجَبْ يَا أَخَا التَّحْقِيقِ والعِرْفَانِ
2155 – كَيفَ اعْتِرافُ القَومِ أَنَّ عُقُولَهُم … دَلَّتْ عَلَى التَّجْسِيمِ بالبُرْهانِ
2156 – فَيُقَالُ هَلْ فِي العَقْلِ تَجْسيمٌ أَمِ الـ … ـمعقُولُ يَنفي ذاك لِلنُّقْصَانِ


(1) “لهم” ساقطة من (ظ). وفي طه: “لهم آخر”.
2153 – قرر أبو الحسن الأشعري ومن تبعه من متقدمي الأشعرية أن الصفات السبع تثبت بالعقل والنقل.
فأما دلالة العقل عليها فيقولون: “إننا ببداهة العقول نعلم استحالة صدور الأفعال من العاجز عنها فلا بد من أن نثبت له القدرة، وكذلك الأفعال المحكمة المتقنة لا تصدر إلا من عالم بها مريدٍ لها، فإذا ثبت كونه عالمًا، قادرًا، مريدًا فإنها لا يمكن أن تكون إلا على من اتصف بصفة الحياة؛ فإن الميت لا يوصف بها، وإذا كان حيًا، عالمًا، قادرًا، مريدًا؛ لا يمكن أن تكون إلا لمن له سمع وبصر وكلام؛ إذ الذي لا سمع ولا بصر ولا كلام له، لا بد أن يتصف بضدها من الخرس والعمى والصمم، وهذا ممتنع في حق الرب”.
انظر: رسالة إلى أهل الثغر للأشعري ص 213، لمع الأدلة للجويني ص 94، مجموع الفتاوى (12/ 32)، درء التعارض (5/ 328).
وقد أثبتها كذلك شيخ الإسلام بالسمع والعقل. انظر: مجموع الفتاوى (16/ 353).
2154 – كذا في الأصلين، ح، ط على الصواب. وفي غيرها: “أخي” تحريف.
2156 – ح، د: “ينفيه كذي النقصان”، طع: “ينفيه كذا النقصان”. طت، طه: “ننفيه كذا النقصان”، و”ننفيه” أيضًا في البيت التالي.
(2/552)


2157 – إنْ قُلْتُمُ يَنْفِيهِ فَانْفُوا هَذِهِ الْـ … أَوْصَافَ وانْسَلِخُوا مِنَ القُرْآنِ
2158 – أَو قُلْتُمُ يَقْضِي بإثْبَاتٍ لَهُ … فَفِرَارُكُم مِنْهَا لأيِّ مَعَانِ
2159 – أو قُلْتُمُ نَنْفِيه فِي وصْفٍ وَلَا … نَنْفيهِ فِي وَصْفٍ بِلَا بُرْهَانِ
2160 – فَيُقَالُ مَا الفُرْقَانُ بَيْنهُمَا وَمَا الـ … ـبُرْهَانُ فأْتُوا الآنَ بالفُرْقَانِ
2161 – ويُقَالُ قَدْ شَهِد العِيَانُ بأنَّه … ذُو حِكْمَةٍ وَعِنَايَةٍ وَحَنَانِ
2162 – مَعَ رَأفَةٍ وَمَحبَّةٍ لِعبَادِهِ … أَهْلِ الوَفَاءِ وتابِعي القُرْآنِ
2163 – وَلِذَاكَ خُصُّوا بالكَرامَةِ دونَ أَعْـ … ـداء الإله وشيعَةِ الكُفْرانِ
2164 – وَهُوَ الدَّلِيلُ لَنَا عَلَى غَضَبٍ وبُغْـ … ـضٍ مِنْهُ مَعْ مَقْتٍ لِذِي العِصْيَانِ
2165 – والنَّصُّ جَاءَ بِهَذِهِ الأوْصَافِ مِثْـ … ـلَ السَّبْعِ أيضًا ذاكَ فِي القُرْآنِ


2157 – وهذا الإلزام الأول لهم بأن يقال إذا كان العقل ينفي ما عدا الصفات السبع لأنها تدل على التجسيم فيلزمكم نفي ما أثبتموه من الصفات السبع لأن العقل ينفي التجسيم، وانظر هذا الإلزام بعينه للمؤلف في: الصواعق (1/ 222 – 224).
2158 – طت، طه: “نقضي”.
والمعنى: فإن كان العقل يقتضي إثبات السبع له وإثبات غيرها بلا فرق فلماذا تفرون من إثبات الباقي وهذا الإلزام الثاني.
2164 – وهذا الإلزام الثالث. وملخصه، أننا نقول: وكذلك العقل دل على إثبات بعض الصفات التي نفيتموها مثل الحكمة والمحبة والبغض فإن التخصيص بالكرامة والاصطفاء لبعض الناس دون بعض دليل على محبة الله عزَّ وجلَّ لعباده المتقين الأبرار، وهو الدليل على بغضه ومقته لأهل العصيان والفجار.
انظر: مجموع الفتاوي (16/ 354)، الصواعق (1/ 224).
2165 – البيت كذا في الأصلين على الصواب. وقد تحرّف في غيرهما. فجاء في ب، ظ: “مثل الصفات السبع في القرآن”، فلما أخلّ بالوزن زيد قبله في ح، ط: “مع”. وفي د كما في الأصلين ولكن أقحمت كلمة “الصفات”.
في حاشية ف: “يعني الصفات السبع التي أثبتها المتكلمون” والمعنى أنه كما دل=
(2/553)


2166 – وَيُقَالُ سَلَّمْنَا بأنَّ العَقْلَ لا … يُفْضِي إِلَيْهَا فَهْيَ فِي الفُرْقَانِ
2167 – أَفَنَفْي آحَادِ الدَّليلِ يَكُونُ لِلْـ … ـمَدْلُولِ نَفْيًا يَا أولي العِرْفَانِ
2168 – أَوْ نَفْي مُطْلَقِهِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَا الْـ … ـمَدْلُولِ فِي عَقْلٍ وَفِي قُرْآنِ
2169 – أفبعْدَ ذَا الإنْصَافِ وَيْحَكُمُ سِوَى … مَحْضِ العِنادِ ونَخوةِ الشَّيْطانِ
2170 – وتحَيُّزٍ مِنْكُمْ إلَيْهِمْ أوْ إلَى الـ … ـقُرْآنِ والآثارِ والإيمَانِ


فصلٌ في بيان (1) مخالفةِ طريقهمْ لطريق أهلِ الاستقامةِ (2) نقلًا وعقلًا (3)
2171 – وَاعْلَمْ بِأنَّ طَرِيقَهُم عَكْسُ الطَّرِيـ … ـق المسْتَقِيمِ لمَنْ لَهُ عَيْنَانِ


= العقل على الصفات الأخرى غير الصفات السبع فقد دل القرآن عليها أيضًا كما ذكرتم ذلك في السبع فوجب التسليم لما في نصوص الكتاب والسنة.
2166 – أي وإن سلمنا أن العقل لا يدل على ثبوت ما ذكرنا من الصفات فإن القرآن قد جاء به دليلًا مستقلًا وكفى به دليلًا وشاهدًا.
2167 – وكذلك فإن عدم الدليل المعين لا يدل على عدم المدلول المعين يعني إذا لم يدل دليلكم الذي وضعتموه على ما نثبته من الصفات فلا يدل على انعدام الصفات التي قد أتينا بأدلة واضحة دلّت عليه.
2168 – حذفت الهمزة من “انتفاء” للوزن.
أي نفي مطلق الدليل لا يدل على انتفاء المدلول لا في العقل ولا في الشرع لأن النافي يُطَالَبُ بالدليل كما يُطالب المثبِت بالدليل سواءً بسواء.
2170 – طع: “يا أولي القرآن”. طه: (لا إلى القرآن).
(1) كذا في الأصلين وح، ط. وفي غيرها: “في مخالفة”.
(2) أشار في حاشية الأصل إلى أن في نسخة: “أهل الإسلام”.
(3) كذا في الأصل. وفي غيره “عقلًا ونقلًا”.
(2/554)


2172 – جَعَلُوا كَلَامَ شُيُوخِهِمْ نَصًّا لَهُ الْـ … إحْكَامُ مَوْزُونًا بِهِ النَّصَّانِ
2173 – وَكَلَامَ رَبِّهِمُ وقولَ رسولِهِ … مُتَشَابهًا مُتَحَمِّلًا لِمعَانِ
2174 – فَتولَّدَتْ مِنْ ذَيْنِكَ الأصْلَيْنِ أَوْ … لادٌ أَتتْ لِلغَيِّ والبُهْتَانِ
2175 – إذ مِن سِفَاحٍ لَا نِكَاحٍ كَوْنُهَا … بِئْسَ الوَلِيدُ وَبئْسَتِ الأَبَوَانِ
2176 – عَرَضُوا النُّصُوصَ عَلَى كَلَام شُيوخِهِمْ … فكأنَّهَا جَيْشٌ لِذِي سُلْطَانِ


2172 – الإحكام في اللغة: إتقان الشيء وإحسانه، والمحكم في الاصطلاح: البين الواضح المعنى الظاهر الدلالة، إما باعتبار نفسه أو باعتبار غيره.
انظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (2/ 68)، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (3/ 3 – 4)، فتح القدير للشوكاني (1/ 314)، منهج الاستدلال (2/ 472 – 477).
2173 – كذا في الأصل، وأشار إليه في حاشية ف. وفي غير الأصل: “وكلام رب العالمين وعبده”. وفي طت، طه: (وكلام باريهم وقول رسولهم).

  • المتشابه في الاصطلاح: ما احتمل عدّة أوجه، وقيل: كل ما غمض ودق معناه ويحتاج إلى تفكر وتأمل واحتمل معاني كثيرة، وقيل: ما كان غير معقول المعنى، وقيل: هو ما استأثر الله بعلمه. (ومراد الناظم الأول).
    انظر: البرهان للزركشي (2/ 69 – 70)، الإتقان للسيوطي (3/ 4)، منهج الاستدلال (2/ 473 – 477)، وهذان الأصلان هما اللذان كانا سبب تأويلات أهل الباطل: الأول أنهم جعلوا كلام الشيوخ محكمًا لا يقبل التأويل لأنه واضح المعنى، والثاني أنهم جعلوا كلام الله ورسوله متشابه المعنى لا يدرى أي المعاني هو المراد منه.
    2175 – غلّبت العرب المذكر على المؤنث في كلمة الأبوين، فعكسه الناظم للضرورة، وقد ورد تأنيث المذكر في كلامه كثيرًا، ولكن ليس المذكر في المواضع الأخرى حقيقيًّا كما هنا انظر مثلًا الأبيات (211، 228، 262)، (ص).
    2176 – ب: “لذي السلطان”. يعني كأن النصوص أصبحت تحت تصرف الشيوخ من حيث القبول والرد والتلاعب بها كما يتصرف السلطان بالجيش حيث يأمر وينهى فيطاع.
    (2/555)

2177 – والعَزْلُ والإبْقَاءُ مَرْجِعُهُ إلى السُّـ … ــلْطَانِ دُونَ رَعِيَّةِ السُّلْطَانِ
2178 – وَكَذَاكَ أقوالُ الشّيُوخِ فإنَّهَا الْـ … ـــمِيزَانُ دُونَ النصِّ والقُرْآنِ
2179 – إنْ وَافَقَا قَوْلَ الشّيوخِ فَمَرْحَبًا … أَوْ خَالَفَا فالدَّفْعُ بالإِحْسَانِ
2180 – إمَّا بِتأْويلٍ فإنْ أعْيَا فَتَفْـ … ـــويضٌ ونَتْرُكْهَا لِقَوْلِ فُلَانِ


2178 – أشار في حاشية ف إلى أن في نسخة: “والفرقان”.
2179 – “إن وافقا”: يعني الكتاب والسنّة. وفي ف: “أقوال الشيوخ”، خطأ.

  • كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “أو خالفت”.
    2180 – التفويض في اللغة: فوض إليه الأمر: ردَّه إليه، وجعله الحاكم فيه، لسان العرب (7/ 215).
    وفي الاصطلاح: هو رد العلم بنصوص الصفات والمعاد إلى الله تعالى: معنًى وكيفيةً، وهو خلاف ما كان عليه السلف وهم طائفتان:
    الأولى تقول: إن المراد بهذه النصوص خلاف مدلولها الظاهر، ولا يعرف أحد من الأنبياء ولا الملائكة ولا الصحابة ولا أحد من الأمة ما أراد الله بها.
    والثانية تقول: بل تجرى على ظاهرها وتحمل عليه، ومع هذا فلا يعلم تأويلها إلا الله تعالى. فتناقضوا: حيث أثبتوا لها تأويلًا يخالف ظاهرها وقالوا مع هذا إنها تحمل على ظاهرها. – وهم أيضًا طائفتان من حيث علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بمعاني النصوص وعدمه:
    الأولى تقول: إن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يعلم معاني هذه النصوص لكنه لم يبينها للناس.
    الثانية تقول: إن معاني النصوص لا يعلمها إلا الله ولا يعلمها الرسول ولا أحد من البشر.
    وعند الطائفتين أن النصوص إنما أنزلت للتبرك وللأجر بتلاوتها وقراءتها من غير فهم ولا فقه لمعانيها. يقول شيخ الإسلام في درء التعارض (1/ 205): “فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد”. =
    (2/556)

2181 – إذْ قَوْلُهُ نَصٌّ لَدَيْنَا مُحْكَمٌ … وظَوَاهِرُ الْمنقُولِ ذَاتُ مَعَانِ
2182 – وَالنَّصُّ فَهْوَ بِهِ عَلِيمٌ دُونَنَا … وَبحَالِهِ مَا حِيلَةُ العُمْيَانِ
2183 – إلَّا تَمَسُّكُهُمْ بأيْدِي مُبْصِرٍ … حَتَّى يَقُودَكَمُ كَذِي الأَرْسَانِ
2184 – فاعْجَبْ لِعُمْيَانِ البَصَائرِ أبْصَرُوا … كَوْنَ المقَلِّدِ صَاحِبَ البُرْهَانِ
2185 – وَرَأَوْهُ بالتَّقْييد أوْلَى مِنْ سِوَا … هُ بِغَيْرِ مَا بُرْهَانِ
2186 – وَعَمُوا عَنِ الوَحْيَيْنِ إذْ لَمْ يَفْهَمُوا … مَعْنَاهُمَا عَجَبًا لِذِي الحِرْمَانِ
2187 – قَوْلُ الشَّيُوخِ أتَمُّ تِبْيَانًا مِنَ الْـ … ـــوَحْيَيْنِ، لَا وَالْوَاحِدِ الرَّحْمنِ
2188 – النَّقْلُ نَقْلٌ صَادِقٌ والقَوْلُ مِنْ … ذِي عِصْمةٍ في غَايَةِ التِّبْيَانِ
2189 – وَسِواهُ إمَّا كَاذبٌ أَوْ صَحَّ لَمْ … يَكُ قَوْلَ مَعْصُومٍ وَذِي تِبْيَانِ


= وانظر: درء التعارض (1/ 15، 16، 24)، مجموع الفتاوى (3/ 66، 67)، (4/ 67، 68)، (16/ 441، 442)، الصواعق المرسلة (2/ 418 – 425)، منهج الاستدلال (2/ 579 – 582).
2181 – في الأصل: “نصًّا”.
2182 – ف: “ألَّا تمسّكتم”.

  • “يقودكم”، كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “يقودهم”، وهو أوضح. أما الذي في الأصلين ففيه التفات من الغيبة إلى الخطاب كما في قول عنترة من معلقته:
    شرِبتْ بماء الدُّحْرضَينِ فأصبحَتْ … عَسِرًا عليَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ (ص).
    2185 – البيت كذا ناقص الوزن في جميع النسخ الخطيّة وطت. وقد أصلحَه بعض من قرأ نسخة ف بزيادة “نصّ ولا” قبل (برهان). وزاد في طه: “بصر ولا”. وطع: “هدي ولا”. وانظر تعليقنا على البيت (683)، (ص).
    2186 – كذا في الأصلين وس، ط. وفي غيرها: “لذا” وهو أيضًا جيّد، (ص).
    2187 – طع: “على الوحيين” خطأ.
  • طع: “المنان”. وقوله: “لا والواحد الرحمن” قسم من المؤلف على بطلان كلام المعطلة وصحة ما يأتي في البيت الآتي.
    2189 – المعنى: وما سوى هذا النقل الصادق – الذي هو الكتاب والسنة الصحيحة – =
    (2/557)

2190 – أَفَيَسْتَوي النَّقْلَانِ يَا أهْلَ النُّهَى … واللهِ لَا يَتَمَاثَلُ النَّقْلَانِ
2191 – هَذَا الَّذِي أَلْقَى العَدَاوَةَ بْينَنَا … في اللهِ نَحْنُ لأجْلِهِ خَصْمَانِ
2192 – نَصَرُوا الضَّلَالَةَ مِنْ سَفَاهَةِ رَأيِهِمْ … لَكِنْ نَصَرْنَا مُوجَبَ القُرْآنِ
2193 – وَلَنَا سُلُوكٌ ضِدُّ مَسْلَكِهِمْ فَمَا … رَجُلَانِ مِنَا قَطُّ يَلتَقِيَانِ
2194 – إنَّا أَبَينَا أَنْ نَدِينَ بِمَا بِهِ … دَانُوا مِنَ الآرَاءِ وَالبُهْتَانِ
2195 – إِنَّا عَزَلْنَاهَا وَلَمْ نَعْبَأ بِهَا … يَكْفِي الرَّسُولُ وَمُحْكَمُ القرآنِ
2196 – مَنْ لَمْ يَكُنْ يَكْفِيهِ ذانِ فَلا كَفَا … هُ اللهُ شَرَّ حَوَادِثِ الأَزْمَانِ
2197 – مَنْ لَمْ يَكُنْ يَشْفِيهِ ذَانِ فَلَا شَفَا … هُ اللهُ في قَلبٍ وَلَا أبْدَانِ
2198 – مَنْ لَمْ يَكُنْ يُغْنِيهِ ذَانِ رَمَاهُ رَبُّ م … العَرْشِ بالإعْدَامِ والحِرْمَانِ
2199 – مَنْ لَمْ يَكُنْ يَهْدِيهِ ذَانِ فَلَا هَدَا … هُ اللَّهُ سُبْلَ الحَقِّ والإيمَانِ
2200 – إنَّ الكَلَامَ مَعَ الكبارِ وَلَيْسَ مَعْ … تِلْكَ الأصاغِرِ سِفْلَةِ الحَيَوانِ


= من أقوال الرجال فهو إما أن يكون نقلًا كاذبًا أو يكون صادقًا ولكنه عرضة للخطأ لأنه ليس بمعصوم بخلاف الوحيين.
2190 – كذا في الأصلين وح، ط. وفي غيرها: “لن يتماثل”.
2191 – أي أن سبب العداوة: أنكم ناصرتم الباطل وأهله، ونحن نصرنا الحق وأهله وما يدل عليه الكتاب والسنة، فلا يمكن أن نلتقي نحن وإياكم. فإن العداوة في الله ولأجل مرضاة الله.
2193 – وضع “قط” موضع “أبدًا”، وقد سبق مثله. انظر البيت (928)، (ص).
2195 – كذا في الأصلين وح. وفي غيرها: “الفرقان”.
2198 – الإعدام: الفقر.
2199 – “يكن” ساقطة من ب.
2200 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما مكان الأصاغر: “الأراذل”. وجمع بينهما في ب. وفي ظ: “الأصاغر أذل”.
والمعنى أن عرض الحجج والمناظرة مع كباركم ورؤسائكم فهم أهل العقل والرأي الذين يتصدرونكم لنصرة مذهبكم وليس مع الصغار والغوغاء الذين هم أشبه بالحيوانات.
(2/558)


2201 – أَوْسَاخِ هَذَا الخَلْقِ بَلْ أنْتَانِهِ … جِيَفِ الوُجُودِ وَأَخْبَثِ الأنتَانِ
2202 – الطَّالِبِينَ دِمَاءَ أهْلِ العِلْمِ بالـ … ــكُفْرَانِ والبُهْتَانِ والعُدْوانِ
2203 – الشَّاتِمِي أَهْلِ الحَديثِ عَدَاوَةً … لِلسُّنَّةِ العُلْيَا مَعَ القُرْآنِ
2204 – جَعَلُوا مَسَبَّتَهُمْ طَعَامَ حُلُوقِهِمْ … فاللَّهُ يَقْطَعُهَا مِنَ الأذْقَانِ
2205 – كِبْرًا وإعْجَابًا وَتِيهًا زَائِدًا …. وتَجَاوُزًا لمَراتِبِ الإنْسَانِ
2206 – لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وَرَاءِ كِفَايَةٍ كُنَّا … حَمَلْنَا رَايَةَ الشُّكْرَانِ
2207 – لَكِنَّهُ مِنْ خَلْفِ كُلِّ تَخَلُّفٍ … عَنْ رُتْبَةِ الإيمَانِ والإحْسَانِ
2208 – مَنْ لِي بِشِبْه خَوَارجٍ قَدْ كَفَّرُوا … بالذَّنْبِ تَأْوِيلًا بِلَا إحسَانِ
2209 – وَلَهُمْ نصُوصٌ قَصَّروا في فَهْمِهَا … فَأُتُوْا مِنَ التقْصِير في العِرْفَانِ
2210 – وَخُصُومُنَا قَدْ كَفَّرونَا بالَّذِي … هُوَ غَايَةُ التَّوْحِيدِ والإيمَانِ



2202 – ط: “العدوان والبهتان” تقديم وتأخير.
2204 – أي يتلذذون بسبّ أهل الحديث كأنّ ذلك طعامهم ورزقهم، (ص).
2205 – التِّيه بالكسر: الصَلَفُ والكبر. القاموس ص 1606.
2206 – أي لو كان هذا التكبر وردِّ الحق والإعجاب بالرأي عن كفاية وامتلاء بالعلم لشكرنا لهم ذلك، ولكن الحقيقة أنه عن جهل وتخلف عن منازل أهل الإيمان والإحسان.
2207 – طع: “كل مخلّف”.
2210 – يعني أن الخوارج أحسن حالًا منهم لأنهم قبلوا النصوص وعملوا بها ولكن أخطؤوا في فهمها وكفروا مرتكب الكبيرة تأويلًا منهم، وأما هؤلاء فكفرونا نحن الذين نتمسك بالكتاب والسنة ومعنا التوحيد والإيمان فالله المستعان.
وانظر ما تقدم في البيت رقم (1300).
(2/559)


فصلٌ في بيانِ كذبِهم ورمْيهم أهلَ الحقِّ بأنَّهم أشباهُ الخَوارجِ وبيانِ شَبَهِهمْ المحقَّق بالخوارجِ
2211 – وَمِنَ العَجَائِبِ أنَّهُمْ قَالُوا لِمَنْ … قَدْ دَانَ بالآثارِ وَالقرْآنِ
2212 – أنتُمْ بِذَا مِثْلُ الخَوَارجِ إنَّهُمْ … أَخَذُوا الظَّوَاهِرَ مَا اهْتَدُوْا لِمعَانِ
2213 – فَانْظُرْ إلى ذا البَهْتِ هَذَا وَصْفُهُمْ … نَسَبُوا إِلَيْهِ شيعَةَ الإِيمَانِ
2214 – سَلُّوا عَلَى سُنَنِ الرَّسُولِ وَحِزْبهِ … سَيْفَيْنِ سَيفَ يَدٍ وَسَيْفَ لِسَانِ
2215 – خَرَجُوا عَلَيْهِمْ مِثْلَمَا خَرَجَ الأُلَى … مِنْ قَبْلِهِمْ بالبَغْيِ والعُدوَانِ
2216 – واللهِ مَا كَانَ الخَوارجُ هَكَذَا … وَهُمُ البُغَاةُ أئمَّةُ الطُّغْيَانِ
2217 – كَفَرْتُمُ أَصْحَابَ سُنَّتِه وَهُمْ … فُسَّاقَ مِلَّتِهِ فَمَنْ يَلْحَانِي
2218 – إنْ قُلْتُ هُم خَيْرٌ وأهْدَى مِنْكُمُ … واللهِ مَا الفِئَتَانِ تَسْتَويَانِ


2211 – سقطت “قد” من ب. وفي طع: “حان” تحريف.
2213 – البَهت: البهتان.
2214 – يعني أن هؤلاء أهل التأويل الباطل هم الذين عادوا السنة وأهلها المتمسكين بها، وعداؤهم تارة باللسان وتارةً باليد والسنان. والتاريخ يشهد بأنهم إذا تمكنوا عادوا أهل السنة وآذوهم، والله المستعان.
2215 – س، طع: (بالغي)، تحريف. والمعنى أن أهل التأويل عادوا أهل السنة وخرجوا عليهم كما خرج الخوارج على أهل السنة وقاتلوهم بالبغي والعدوان.
2216 – يعني وهم كفَّرُوا فُسَّاقَ ملة محمد – صلى الله عليه وسلم -، والفعل محذوف لدلالة ما قبله عليه.
2218 – كذا في الأصلين وفي غيرهما: “مستويان”.
(2/560)


2219 – شَتَّانَ بَيْنَ مُكَفِّرٍ بالسُّنَةِ الْـ … ـــعُلْيَا وَبَيْنَ مُكَفِّرِ الْعِصْيَانِ
2220 – قُلْتُمْ تَأَوَّلْنَا كَذَاكَ تَأوَّلُوا … وَكِلَاكُمَا فِئَتانِ بَاغِيَتَانِ
2221 – وَلَكُمْ عَلَيَّهمْ مِيزَةُ التَّعْطِيل والتَّـ … ـــحْرِيفِ والتَّبْديلِ والبُهتَانِ
2222 – وَلَهُمْ عَلَيْكُمْ مِيزَةُ الإثْبَاتِ والتَّـ … ـــــصْديقِ مَعْ خَوْفٍ مِنَ الرَّحْمنِ
2223 – أَلَكُمْ عَلَى تأوِيلِكمْ أجْرَانِ إِذْ … لَهُمُ عَلَى تَأويِلِهمْ وِزْرَانِ؟
2224 – حَاشَا رَسُول اللهِ مِنْ ذَا الحُكْمِ بَلْ … أَنْتُمْ وَهُمْ في حُكْمِهِ سِيَّانِ


2219 – ومراد الناظم أنكم أنتم يا أهل التأويل تكفرون من يثبت الصفات وتقولون إنه مشبه ومجسم، ولا شك أن من يكفر ويتمسك بالكتاب والسنة أشدُّ جرمًا ممن يكفر لأجل ارتكاب المعاصي والكبائر.
2220 – ب، ظ، س: “كلاهما”، خطأ.
2222 – يشير الناظم هنا إلى الخوارج الأولى المحكِّمة فإنهم كانوا أهل إثبات ولم ينقل عنهم انحراف في باب الأسماء والصفات، ولكن المتأخرين منهم كالمعتزلة في باب التوحيد، كما نص على ذلك الأشعري في المقالات (1/ 203).
ويشير الناظم كذلك إلى ما تميز به الخوارج من التصديق بالنصوص، وكذلك صدق اللهجة وعدم الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لتأييد باطلهم، لأنهم يرون الكذب كبيرة من الكبائر، ولذلك قبل أهل الحديث والجرح والتعديل رواياتهم.
قال الخطيب البغدادي: “والذي يعتمد عليه في تجويز الاحتجاج بأخبارهم ما اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج وشهاداتهم، ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل، ثم استمر عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك. لما رُئي من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب”. الكفاية في علم الرواية ص. 201 وانظر: فتح المغيث للسخاوي (2/ 67).
2224 – يعني تصحيح تأويلكم وإبطال تأويل الخوارج وتأثيمهم وعدم المساواة بينكما.
(2/561)


2225 – وَكِلَاكُمَا للنَّصِّ فَهْوَ مُخَالِفٌ … هَذَا وَبَيْنَكُمَا مِنَ الفُرْقَانِ
2226 – هُمْ خَالَفُوا نَصًّا لِنَصِّ مِثْلِهِ … لَمْ يَفْهَمُوا التَّوْفِيقَ بِالإحْسَانِ
2227 – لَكِنَّكُمْ خَالَفْتُمُ المنْصُوصَ بالشُّـ … ــبَهِ الَّتي هِيَ فِكْرَةُ الأذْهَانِ
2228 – فلأيِّ شَيءٍ أَنْتُمُ خَيْرٌ وأَقْـ … ـرَبُ مِنْهُمُ لِلحَقِّ وَالإيمَانِ؟
2229 – هُم قَدَّمُوا المفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الكِتَا … بِ عَلَى الحَدِيثِ الموجِبِ التِّبْيَانِ
2230 – لَكِنَّكُمْ قَدَّمْتُمُ رَأيَ الرِّجَا … لِ عَلَيْهِمَا أفأنْتُمُ عِدْلَانِ؟
2231 – أَمْ هُمْ إلَى الإسْلَام أقْربُ مِنْكُمُ … لَاحَ الصَّبَاحُ لِمَنْ لَهُ عَيْنَانِ


2226 – والناظم يشير إلى وجه ضلال الخوارج وهو أنهم أخذوا بعض النصوص وتركوا البعض الآخر فأخذوا نصوص الوعيد ولم يأخذوا بنصوص الوعد. ومن أمثلة عدم توفيقهم بين النصوص أنهم نزّلوا الآيات التي في الكفار فجعلوها في المؤمنين، كما قال ابن عمر: “إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”.
أخرج هذا الأثر البخاري في صحيحه تعليقًا في كتاب استتابة المرتدين – باب قتل الخوارج.
وقال الحافظ في الفتح (12/ 298): “وصله الطبري في مسند علي في تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله الأشج وقال: سنده صحيح”.
2227 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “للشبَه”.

  • ووجه ضلال أهل التأويل أنهم خالفوا النصوص لأجل الشبهات العقلية فهم شر من الخوارج الذين عملوا ببعض النصوص وتركوا البعض الآخر.
    2229 – ومن أوجه الضلال عند الخوارج أنهم لا يعملون بالسنة ولا يحتجون إلا بالكتاب فهم مثلًا أسقطوا حد الرجم لأنه ليس له ذكر في القرآن على حد زعم الأزارقة وهي من أشهر فرقهم. انظر الملل والنحل للشهرستاني (1/ 121)، مجموع الفتاوى (13/ 48).
    2230 – طه: “فأنتما”.
    2231 – لاح: بدا وظهر.
    (2/562)

2232 – واللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الجَزَا … بِالعَدْلِ والإنْصافِ والميزَانِ
2233 – هَذَا وَنَحْنُ فمِنْهُمُ بَلْ مِنْكُمُ … بُرَآءُ إلَّا مِنْ هُدىً وَبَيَانِ
2234 – فَاسْمَعْ إذًا قَوْلَ الخَوَارجِ ثُمَّ قَوْ … لَ خُصُومِنَا واحْكُمْ بِلَا مَيَلانِ
2235 – مَنْ ذَا الَّذِي مِنَّا إذًا أَشْبَاهُهُمْ … إنْ كُنْتَ ذَا عِلْمٍ وَذَا عِرْفَانِ؟
2236 – قَالَ الخَوَارجُ لِلرَّسُولِ اعْدِلْ فَلَمْ … تَعْدِل وما ذِي قِسْمَةَ الدَّيَّانِ
2237 – وَكَذَلِكَ الجَهْمِيُّ قَالَ نَظيرَ ذَا … لكِنَّه قَدْ زَادَ في الطُّغْيَانِ
2238 – قَالَ الصَّوَابُ بأَنَّهُ “اسْتَوْلَى” فَلِمْ … قُلْتَ “اسْتَوَى” وَعَدَلْت عَنْ تِبْيَانِ؟
2239 – وَكَذَاكَ يَنْزِلُ أمْرُهُ سبْحانَهُ … لِمَ قُلْتَ يَنْزِلُ صَاحِبُ الغُفْرَانِ؟
2240 – مَاذَا بِعَدْلٍ في العِبَارَةِ وَهْيَ مُو … هِمَةُ التَّحَرُّكِ وانْتِقَالِ مَكَانِ


2236 – يشير بذلك إلى الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: “بينما نحن عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يقسم قسمًا إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: “ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبت وخسرت إن لم كن أعدل”، قال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: “دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية … “الحديث.
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب استتابة المرتدين – باب من ترك قتال الخوارج للتألف ولئلا ينفر الناس عنه برقم (6933)، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة برقم (1064) مكرر برقم (148).
2238 – تقدم الكلام على تأويلهم استوى باستولى في مبحث أدلة العلو (في الدليل الأول).
2239 – تقدم الكلام على تأويلهم لأحاديث النزول في قسم العلو.
2240 – طع: “موهمة التحيز”، تحريف.

  • قوله: “وانتقال مكان” لأن الانتقال والحركة -عندهم- من خصائص الأجسام فلا بد من تنزيه الله عن النزول.
    انظر: الإرشاد للجويني ص 130، مجموع الفتاوى (5/ 400 – 401). =
    (2/563)

2241 – وَكَذَاكَ قلتَ بأنَّ رَبَّكَ في السَّمَا … أَوْهَمْتَ حَيِّزَ خَالِقِ الأَكْوَانِ
2242 – كَانَ الصَّوَابُ بأنْ يُقَالَ بأنَّهُ … فَوْقَ السَّمَا سُلْطَانُ ذِي السُّلْطَانِ
2243 – وَكَذَاكَ قُلْتَ إِلَيْهِ يَعْرُجُ والصَّوَا … بُ إلَى كَرَامَة رَبِّنَا المنَّانِ


= وهنا مسألة: هل يوصف الله بالحركة أم لا؟ وقد نقل شيخ الإسلام الخلاف في ذلك فقال في كلام ما ملخصه: “واختلف أصحاب أحمد وغيرهم من المنتسبين إلى السنة والحديث في النزول والإتيان والمجيء وهل يقال إنه بحركة وانتقال أو يمسك عن الإثبات والنفي أو يقال بغير حركة وانتقال، ونسب القول بالإمساك عن النفي والإثبات لابن بطة وغيره، والقول بالحركة والانتقال هو قول أبي عبد الله بن حامد وغيره، والقول بنفي الحركة والانتقال هو قول أبي الحسن التميمي وأهل بيته”. بتصرف مجموع الفتاوى (5/ 402).
والصحيح أن لفظ الحركة والانتقال من الألفاظ المجملة التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة، فلا يطلق على الله نفيًا ولا إثباتًا لعدم ورود النص في ذلك وأما المعنى فيستفصل في ذلك فيقال إن أراد بالحركة والانتقال النزول الإلهي الوارد في النصوص فهذا يثبت ولا ينفى، وإن أراد به غير ذلك مما لا يليق بالله سبحانه فإنه ينفى عن الله.
انظر: الاستقامة (1/ 72)، التمهيد (7/ 136).
2241 – تقدم الكلام عن شبهة نفاة العلو التي احتجوا بها وهي أن إثبات العلو يلزم منه التحيز وهذا ممتنع في حق الله.
2242 – والناظم يشير إلى تأويلهم للأدلة المصرحة بأن الله فوق السماء بأن معناها فوق السماء سلطان الله وملكه ومن ذلك ما فسَّر الرازي به قول الله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} [الملك: 16] قال: “تقدير الآية: من في السماء سلطانه وملكه وقدرته … “. مفاتيح الغيب (8/ 179). وانظر: السيف الصقيل ص 89.
2243 – والناظم يشير إلى تأويل النفاة لأدلة العروج، وقد تقدم بعضها في أدلة العلو.=
(2/564)


2244 – وَكَذَاكَ قُلتَ بأنَّ مِنْهُ يُنَزَّلُ الْـ … قُرْآنُ تَنْزِيلًا مِنَ الرَّحْمنِ
2245 – كَانَ الصَّوَابُ بأنْ يُقَالَ نزولُهُ … مِنْ لَوْحِهِ أَوْ مِنْ محَلٍّ ثَانِ
2246 – وَتَقُولُ أيْنَ اللهُ؟ والتَّأيينُ مُمْـ … ـــتَنِعٌ عَلَيْه وَلَيْسَ في الإمْكَانِ
2247 – لَوْ قلتَ مَنْ؟ كَانَ الصَّوابَ كَمَا تَرى … في القَبْرِ يَسْألُ ذَلكَ الملَكَانِ


= ومن ذلك تأويل الرازي لقوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، قال: “وأما حرف “إلى” في قوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} فليس المراد منه المكان بل المراد انتهاء الأمور إلى مراده كقوله: {إِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ} والمراد الانتهاء إلى موضع العز والكرامة كقوله: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّى} ويكون هذا إشارة إلى أن دار الثواب أعلى الأمكنة وأرفعها”، مفاتيح الغيب (8/ 208). وانظر مجموع الفتاوى (5/ 69).
2244 – يشير إلى قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106].
وقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكُمْ بِالْحَقِّ} [النحل: 102].
2245 – يشير الناظم إلى تأويل النفاة لأدلة النزول أي نزول القرآن الدالة على علو الله، ومن تأويلاتهم قالوا المراد نزول القرآن من اللوح المحفوظ أو من محل ثان أو من جبريل.
ومن ذلك تأويل الرازي لقوله تعالى: {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)} [فصلت: 1، 2] قال: “والمراد من كونها منزلًا أن الله تعالى كتبها في اللوح المحفوظ وأمر جبريل بأن يحفظ تلك الكلمات ثم ينزل بها على محمد – صلى الله عليه وسلم – .. “. مفاتيح الغيب (7/ 332).
وانظر: المجرد لابن فورك ص 64، الإرشاد للجويني ص 130.
2446 – طت، طع: (الأين ممتنع). طه: (ذاك الأين).

  • يشير إلى رد النفاة لحديث الجارية وقد تقدم الكلام عليه عند البيت رقم (1290).
    2247 – ب، ظ، د: “ذانك”. والمقصود هنا: ذلك السؤال. =
    (2/565)

2248 – وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الشَّاهِدُ الْـ … أعْلَى تُشِيرُ بِإصْبَعٍ وَبنَانِ
2249 – نَحْوَ السَّمَاءِ وَمَا إشَارَتُنَا لَهُ … حِسِّيَّةً بَلْ تِلْكَ في الأذْهَانِ
2250 – وَاللَّهِ مَا نَدْرِي الَّذِي نُبْدِيه في …. هَذَا مِنَ التَّأويل للإِخْوَانِ
2251 – قُلْنَا لَهُم إنَّ السَّما هِي قِبلةُ الدَّا … عِي كَبَيْتِ اللهِ ذِي الأَرْكَانِ
2252 – قَالوا لَنَا هَذَا دَلِيلٌ أنَّهُ … فَوْق السَّماءِ بأوْضَحِ البُرْهَانِ
2253 – فالنَّاسُ طُرًّا إنَّمَا يَدْعُونَهُ … مِنْ فَوْقُ هَذِي فِطْرَةُ الرَّحْمنِ
2254 – لَا يَسْأَلونَ القِبْلَةَ العُلْيَا وَلَـ … ـــكِنْ يَسْألُونَ الرَّبَّ ذَا الإحْسَانِ
2255 – قَالُوا وَمَا كَانَتْ إشَارَتُهُ إلَى … غَيْرِ الشَّهِيدِ مُنَزِّلِ الفُرْقَانِ


= – تقدمت إشارة الناظم إلى هذا الحديث وإلى تأويل النفاة للأين عند الدليل الرابع عشر من أدلة العلو.
2248 – تقدمت إشارة الناظم إلى هذا الحديث عند البيت رقم (1252).
2249 – لأنهم ينفون عن الله الجهة فعندهم ليست الإشارة إلى أمر محسوس بل هي أمر في الذهن.
2251 – تقرير هذه الشبهة: “أن توجه الناس بالدعاء والإشارة إلى السماء كل هذا ليس لأن الله في السماء ولكن لأن السماء هي قبلة الداعي كما أن الكعبة هي قبلة المصلي في صلاته”.
انظر أساس التقديس للرازي ص 77. وقد استوفى الردّ على هذه الشبهة شيخ الإسلام في كان تلبيس الجهمية من أربعين وجهًا (2/ 431 – 502) وسوف يشير الناظم إلى بعضها. وانظر مجموع الفتاوى 5/ 576 – 580، ودرء التعارض 7/ 21 – 25.
2252 – يعني المثبتين للعلو وهم أهل السنة.
2253 – طُرًّا بالضم: جميعًا.
2255 – أي أن الإشارة لم يقصد بها إلَّا الإشارة إلى الله سبحانه، وفي هذا يقول شيخ الإسلام في الوجه الخامس في رده على الرازي في بيان تلبيس الجهمية (2/ 446) ما ملخصه: “ومعلوم أن الإشارة تتبع قصد المشير =
(2/566)


2256 – أتُرَاهُ أمْسَى لِلسَّمَا مُسْتَشْهِدًا … حَاشَاهُ مِنْ تَحْريفِ ذِي البُهْتَانِ
2257 – وَكَذَاكَ قُلْتَ بأنَّه مُتَكَلِّمٌ … وَكَلَامُهُ المَسْمُوعُ بالآذانِ
2258 – نَادَى الكَلِيمَ بِنفْسهِ وَكَذَاكَ قَدْ … سَمِعَ النِّدَا فِي الجَنَّةِ الأبَوَانِ
2259 – وَكَذَا يُنَادِي الخَلْقَ يَوْمَ مَعَادِهِمْ … بِالصَّوْتِ يَسْمَعُ صَوْتَهُ الثَّقَلانِ
2260 – إني أَنَا الدَّيانُ آخُذُ حَقَّ مَظْـ … ـــلُومٍ مِنَ العَبدِ الظَّلُومِ الجَانِي
2261 – وتقُولُ إنَّ الله قالَ وَقَائِلٌ … وَكَذَا يَقُولُ وَلَيْسَ في الإمْكَانِ
2262 – قَوْلٌ بِلَا حَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ يُرَى … مِن غَيْرِ مَا شَفَةٍ وَغَيْرِ لِسَانِ
2263 – أوْقَعْتَ في التَّشْبِيه وَالتَّجْسِيم مَنْ … لَمْ يَنْفِ مَا قَدْ قُلْتَ في الرَّحْمنِ


= وإرادته، فإذا لم يكونوا قاصدين إلا الله ولا مريدين إلا إياه لم تكن الإشارة إلا إلى ما قصدوه وسألوه، فإنه في تلك الحال لا يكون في قلوبهم إلا شيئان: المسؤول، والمسؤول منه، ومعلوم أن هذه الإشارة باليد ليست إلى الشيء المسؤول المطلوب من الله ولا خطر بقلوبهم، فلم يبق أن تكون الإشارة إلا إليه سبحانه” ا. هـ بتصرف.
2258 – انظر ما سبق في البيت (675) وما بعده.
2259 – ب: “تسمع”.
2260 – يشير الناظم إلى الحديث المشهور الذي رواه جابر عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنهما في حشر الناس حُفاةَ غُرلًا بُهمًا … الحديث. وقد سبق تخريجه تحت البيت (442)، وانظر البيت (679).
2261 – والمراد: أن المعطل يعترض على الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي قال: إن الله يتكلم فإن الكلام لا يمكن بغير حرف ولا صوت ومن غير شفة ولا أسنان (وهذا على حد زعم المعطل).
2262 – ح: (بلا صوت ولا حرف).
2263 – والخطاب ما زال للمؤول يخاطب الرسول يقول: إنك بإثباتك الحرف والصوت الذي يلزم منه الشفة واللسان وهذه من صفات الأجسام وفيها مشابهة للمخلوقات أوقعت من وافقك ولم ينف الحرف والصوت عن الله في التشبيه والتجسيم.
(2/567)


2264 – لَوْ لَمْ تَقُلْ فَوْقَ السَّمَاءِ وَلَمْ تُشِرْ … بِإِشارَةٍ حِسِّيَّةٍ بِبَنَانِ
2265 – وَسَكَتَّ عَنْ تِلْكَ الأحَاديثِ الَّتِي … قَدْ صَرَّحَتْ بالفَوْقِ لِلدَّيَّانِ
2266 – وَذَكَرْتَ أنَّ اللهَ لَيسَ بِدَاخِلٍ … فِينَا وَلَا هُوَ خَارجَ الأكْوَانِ
2267 – كُنَّا انْتَصَفْنَا مِنْ أُولي التَّجْسِيمِ بَلْ … كَانُوا لَنَا أَسْرَى عَبِيدَ هَوَانِ
2268 – لَكِنْ مَنَحْتَهُمُ سِلاحًا كُلَّمَا … شَاؤوا لَنَا مِنْهُمْ أَشَدَّ طِعَانِ
2269 – وَغَدَوْا بأسْهُمِكَ الَّتِي أعْطَيْتَهُمْ … يَرْمُونَنَا غَرَضًا بِكُلِّ مَكَانِ
2270 – لَوْ كُنْتَ تَعْدِلُ في العِبَارَةِ بَيْنَنَا …. مَا كَانَ يُوجَدُ بَيْنَنَا زَحْفَانِ
2271 – هَذَا لِسَانُ الحَالِ مِنْهُمْ وَهْوَ في … ذَاتِ الصُّدُورِ يُغَلُّ بِالْكِتْمَانِ
2272 – يَبْدُو عَلَى فَلَتَاتِ ألْسُنِهمْ وَفِي … صَفَحَاتِ أوجُهِهِمْ يُرَىَ بِعِيَانِ
2273 – سِيَمَا إذَا قُرِئَ الحَدِيثُ عَلَيْهِمُ … وَتَلَوْتَ شَاهِدَهُ مِنَ القُرْآنِ
2274 – فَهُنَاكَ بَيْنَ النَّازِعَاتِ وَكُوِّرَتْ … تِلْكَ الوُجُوهُ كَثِيرةُ الألوَانِ


2264 – جواب “لو”: كنا انتصفنا في البيت (2267).
2266 – والقول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه هو قول غلاة الجهمية وبعض متأخري الأشعرية. انظر ما سبق تحت البيت (324، 1451).
2269 – الغرَض: هدف يرمى فيه، جَمْعُه: أغراض. القاموس ص 836.
2270 – في الأصل وط: (رجفان) بالراء المهملة والجيم وهو تصحيف، والزحفان: تثنية زَخفٍ وهو الجيش، والمعنى ليس بيننا جيشان يتقابلان. القاموس ص 1053.
2271 – الكلام من هذا البيت للناظم.
2272 – طه: (أنفسهم)، تحريف.
2273 – “سيما”: أي لا سِيَّما.
2274 – يشير الناظم إلى قوله تعالى في سورة عبس (التي هي بين النازعات وكورت): {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)} [عبس: 40 – 42].
(2/568)


2275 – وَيكَادُ قَائِلُهُمْ يُصَرِّح لَوْ يَرَى … مِنْ قَابلٍ فَتَراهُ ذَا كِتْمَانِ
2276 – يَا قَوْمُ شَاهَدْنَا رُؤوسَكُمُ عَلَى … هَذَا وَلَمْ نَشْهَدْهُ مِنْ إنسَانِ
2277 – إلَّا وَحَشْوُ فُوَّادِهِ غِلٌّ على … سُنَنِ الرَّسُولِ وشِيعَةِ القُرْآنِ
2278 – وَهُوَ الَّذِي في كُتْبِهِمْ لَكِنْ بلطْـ … ــفِ عِبَارَةٍ مِنْهُمْ وَحُسْنِ بَيَانِ
2279 – وَأخُو الجَهَايَةِ صَيدُه لِلَّفظِ، والـ … ـــمَعْنَى فَصَيدُ العَالِمِ الرَّبَّانِي
2280 – يَا مَنْ يَظُنُّ بأنَّنا حِفْنَا عَلَيْـ … ــهِمْ كُتْبُهُمْ تُنْبِيكَ عَنْ ذا الشَّانِ
2281 – فَانْظُرْ تَرَى لَكِنْ نَرَى لَكَ تَرْكَهَا … حَذَرًا عَلَيْكَ مَصَايِدَ الشَّيْطَانِ
2282 – فَشِبَاكُهَا واللهِ لَمْ يَعْلَقْ بِهَا … مِنْ ذِي جَنَاحٍ قَاصرِ الطَّيَرَانِ
2283 – إلا رَأيتَ الطَّيرَ في قَفَصِ الرَّدَى … يَبْكِي لَهُ نَوْحٌ عَلَى الأَغْصانِ


2275 – والمعنى أن المعطل يكاد يصرخ ويصرح للذي يقبل كلامه وباطله بما في صدره من حقد وغِلِّ على حِزْب الهدى ويصرح بردِّه للأدلة والنصوص التي فيها التصريح بإثبات العلو والصفات لله.
2276 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “سَبْيُه للفظ والمعنى فَسَبْيُ” والسبي هو الأسر. ولعل الناظم استبدل به الصيد في النسخة الأخيرة لكون هذا أوضح. وضبط ابن عيسى: نَسْبُه (2/ 71)، وفي ط: “نسبة … فَنَسْب” وهو تصحيف، (ص).

  • والمعنى أن الجاهل ينظر إلى الألفاظ من غير أن يتفكر وينظر في معانيها بخلاف العالم المحقق الذي يهتمّ بالمعنى فإنه هو المقصود باللفظ.
    2280 – “حِفنا” من الحَيف: وهو الظلم والجور، والميل في الحكم إلى أحد الجانبين. القاموس ص 1037، المفردات ص 266.
    2281 – والناظم يوجه نصيحة غالية، وهي عدم النظر في كتب أهل الكلام والتأويل الباطل حتى لا ينخدع الإنسان بشبهاتهم ويقع في شباكهم، لأنه قد جربها وعاش فترة من حياته في تلك المذاهب المنحرفة، فنصيحته نصيحة مجرب قد عانى منها ومن ضلالها.
    2282 – لم ينقط حرف المضارع “يبكي” في الأصلين. ونساء نَوحٌ أي نائحاتٌ =
    (2/569)

2284 – وَيظَلُّ يَخْبِطُ طَالِبًا لِخَلَاصِهِ … فَتَضيقُ عَنْهُ فُرْجَةُ العِيدَانِ
2285 – والذَّنبُ ذَنْبُ الطَّيرِ خَلَّى أطيَبَ الثَّـ … ــمَرَاتِ فِي عَالٍ مِنَ الأفْنَانِ
2286 – وَأَتَى إلَى تِلْكَ المزَابِلِ يَبْتَغِي الْـ … ـــــفَضَلَاتِ كالحَشَرَاتِ والدِّيدَانِ
2287 – يَا قَوْمِ واللهِ العَظِيمِ نَصِيحةً … مِنْ مُشْفِقٍ وَأخٍ لَكُمْ مِعْوَانِ
2288 – جَرَّبْتُ هَذَا كُلَّهُ وَوَقَعْتُ فِي … تِلْكَ الشِّبَاكِ وَكُنْتُ ذَا طَيَرانِ
2289 – حَتَّى أَتَاحَ ليَ الإلهُ بَلُطْفِه … مَنْ لَيْسَ تَجْزِيه يَدِي وَلِسَانِي
2290 – خَبْرٌ أَتْى مِنْ أَرْضِ حَرَّانٍ فَيَا … أَهْلًا بِمَنْ قَدْ جَاءَ مِنْ حَرَّانِ
2291 – فاللهُ يَجْزِيه الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ … مِنْ جَنَّةِ المأْوَى مَعَ الرِّضْوَانِ


= والمراد أن الطيور تنوح على الأغصان وتبكي لهذا الطائر الذي وقع في الشباك. انظر شرح الهراس 1/ 360، (ص).
2284 – كذا فِي الأصلين. وفي غيرهما: “فيضيق” بالياء.
2285 – طه: “أخلى طيّب” والأفنان: جمع فَنَن وهو الغصن الغَضُّ الوَرَق، المفردات ص 645.
2287 – “نصيحةً” كذا ضبط بالنصب فِي ف.
2288 – وهذا نص من المؤلف أنه كان على غير طريقة السلف فِي بداية حياته وأنه مطلع على آراء هؤلاء المؤولة، ولذلك يتكلم عن مذهبهم وهو خبير به ومطلع عليه عن قرب. انظر ما يأتي فِي البيت (4226) وما بعده.
2289 – “بلطفه”: كذا فِي الأصلين. وفي غيرهما: “بفضله”.

  • “تجزيه”: كذا فِي ف، وفي غيرها: “يجزيه”، وكلاهما جائز.
    2290 – حرَّان: والنسبة إليها حرناني أو حرَّاني، كانت مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة “أقور” وهي من ديار مضر، بينها وبين “الرَّها” يوم، وبين “الرِّقة” يومان وهي على طريق الموصل والشام والروم، وكانت منازل الصابئة الحرانيين.
    انظر: معجم البلدان (2/ 235)، تقويم البلدان لصاحب حماة ص 277.
    2291 – ف: “اللهُ”، ظ: “والله”.
    (2/570)

2292 – قَبَضَتْ يَدَاهُ يَدِي وَسَارَ فَلَمْ نَرِمْ … حَتَّى أرَانِي مَطْلَعَ الإيمَانِ
2293 – وَرَأيْتُ أعلَامَ المدِينَةِ حَوْلَهَا … يَزَكُ الهُدَى وَعَسَاكِرُ القُرْآنِ
2294 – وَرَأيْتُ آثارًا عَظِيمًا شَأْنْهَا … مَحْجُوبَةً عَنْ زُمْرَةِ العُمْيَانِ
2295 – وَوَرَدتُ رأسَ الماءِ أَبْيَضَ صَافيًا … حَصْبَاؤُهُ كَلَآلِئ التِّيجَانِ
2296 – وَرَأيتُ أَكْوابًا هُنَاكَ كَثِيرةً … مِثْلَ النُّجُومِ لِوَارِدٍ ظَمْآنِ
2297 – وَرَأيْتُ حَوْضَ الكوثرِ الصَّافِي الَّذِي … لَا زَالَ يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ


2292 – “قبضت”: كذا فِي الأصلين، وفي غيرهما: “أخذت”.

  • “نرم”: كذا فِي ف، وفي الأصل: “ترِم” وفي غيرهما: “يرِم”. وهو من رام المكان رَيمًا، أي برحه، الصحاح ص 1939.
    2293 – فِي ط: “نزل” وهو تحريف. واليزك: طلائع الجيش. فارسي معرب. ويطلق على الحرس والعس أيضًا. انظر برهان قاطع للتبريزي: 2432، وستأتي مرة أخرى فِي البيت 2438، وانظر الوابل الصيب: 54 (ص).
    2296 – طت، طه: (أكوازًا).
    يشير الناظم فِي هذه الأبيات وما يليها إلى بعض صفات حوض النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو الكوثر وسيأتي الإشارة إلى ما ورد فِي السنة فِي البيت القادم حول صفته.
    2297 – من شَخَبَ اللبنُ: اندفع من الضرع إلى الإناء متصلًا حين الحلْب. انظر متن اللغة 3/ 286، (ص).
  • قال الجوهري: “المئزاب: المِثْعَب فارسي معرب، ويجمع على ميازيب إذا لم يهمز”. الصحاح ص 232. وهو قناة أو أنبوبة يُصرف بها الماء من سطح بناء أو موضع عالٍ. المعجم الوسيط (أزب).
  • والناظم فِي هذا البيت والذي قبله يشير إلى بعض ما ورد فِي صفة الكوثر وهو حوض النبي – صلى الله عليه وسلم -. ومن ذلك: حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول ما آنية الحوض؟ قال: “والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها. ألا فِي الليلة المظلمة المُصْحية آنية الجنة =
    (2/571)

2298 – مِيزابُ سُنَّتِهِ وَقَوْلُ إلهِهِ … وَهُمَا مَدَى الأزمانِ لَا يَنِيَانِ
2299 – والنَّاسُ لَا يَرِدُونَهُ إلَّا مِنَ الْـ … آلافِ أفرَادٌ ذَوُو إيمَانِ
2300 – وَرَدُوا عِذَابَ مَنَاهِلٍ أَكْرِمْ بِهَا … وَوَرَدْتُمُ أنْتُمْ عَذَابَ هَوَانِ
2301 – فَبِحَقِّ مَنْ أَعْطَاكُمُ ذَا العَدْلَ والْـ … إنْصَافَ والتَّخْصيصَ بالعِرفَانِ
2302 – مَنْ ذَا عَلَى دِينِ الخَوَارج بَعْدَ ذَا … أَنتُمْ أمِ الحَشْوِيُّ مَا تَرَيَانِ؟
2303 – واللَّهِ مَا أنْتُمْ لَدَى الحَشْويِّ أَهْـ … ـلًا أنْ يُقَدَّمَكُمْ عَلَى عُثْمانِ
2304 – فَضْلًا عَنِ الْفَارُوقِ والصِّدِّيقِ فَضْـ … ـلًا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَالْقُرْآنِ
2305 – واللهِ لَوْ أَبْصَرْتُمُ لَرَأَيْتُمُ الْـ … ـحَشْوِيَّ حَامِلَ رَايةِ الإيمَانِ
2306 – وكَلَامُ رَبِّ العَالَمِينَ وعَبْدِه … فِي قَلْبهِ أعْلَى وأكْبَرُ شَانِ
2307 – مِنْ أَنْ يُحَرَّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وأنْ … يُقْضَى لَهُ بالعَزْلِ عَنْ إيقَانِ


= من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه. يشخب فيه ميزابان من الجنّة، من شرب منه لم يظمأ. عرضه مثل طوله ما بين عمَّان إلى أيلة. ماؤه أشدُّ بياضًا من اللبن وأحلى من العسل” أخرجه مسلم فِي الفضائل برقم (2300).
2298 – ط: “مدى الأيام”.
“لا ينيان” من ونَى أي: لا يفتران.
2299 – ط: أفرادًا.
2300 – “عِذاب مناهل”: بكسر العين: جمع عَذْب.
2301 – كذا فِي الأصل وس، ح، طه، طع. وزاد فِي غيرها قبل “والتخصيص”: “والتحقيق” فاختل الوزن.
2302 – خاطب الجمع بصيغة التثنية. انظر ما سلف فِي البيتين (307) و (1496)، (ص).
2304 – كذا في د، ط، وهو الصواب. وفي غيرها: “فضلًا على” تحريف، (ص).
2307 – كذا ضبط “يحرّف” و”يقضى” في ف بالبناء للمجهول، ويجوز بناؤهما للمعلوم (ص).
(2/572)


2308 – وَيرَى الوِلَاية لابْنِ سِينَا أَوْ أبي … نَصْرٍ أوِ الموْلُودِ مِنْ صَفْوَانِ
2309 – أوْ مَنْ يُتَابِعُهُمْ عَلَى كُفْرَانِهِمْ … أَوْ مَنْ يُقَلِّدُهُمْ مِنَ العُمْيَانِ
2310 – يا قَوْمَنَا باللهِ قُومُوا وانْظُرُوا … وَتفَكَّرُوا فِي السِّرِّ والإعْلَانِ
2311 – نَظَرًا وإنْ شِئْتُمْ مُنَاظَرَةً فَمِنْ … مَثْنى عَلَى هَذَا وَمِنْ وُحْدَانِ
2312 – أيُّ الطَّوائِفِ بَعْد ذَا أدْنَى إلَى … قَوْلِ الرَّسُولِ وَمُحْكمِ القُرْآنِ
2313 – فَإذَا تَبَيَّنَ ذَا فَإمَّا تَتْبَعُوا … أَوْ تُعْذِرُوا أَوْ تُؤذِنُوا بِطِعَانِ


فصلٌ فِي تلقيبهِمْ أهلَ السُّنَّةِ بالحشويةِ وبيانِ منْ أوْلَي بالوصفِ المذمومِ منْ هذا اللَّقبِ مِنَ الطَّائفتين وذكرِ أوَّلِ من لَقَّبَ بهِ أهلَ السُّنَّةِ مِن أهلِ البدعِ (1)
2314 – وَمِنَ العَجَائِبِ قَوْلُهُمْ لِمَنِ اقْتَدَى … بالوَحْي مِنْ أثَرٍ وَمِنْ قُرْآنِ
2315 – حَشْوِيةٌ يَعْنُونَ حَشْوًا فِي الوُجُو … دِ وَفَضْلَةً فِي أمَّةِ الإنْسَانِ


2308 – تقدمت ترجمة ابن سينا تحت البيت رقم (94).

  • يعني بأبي نصر: الفارابي، وقد تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (497).
  • “المولود من صفوان” هو الجهم وقد تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (40).
    2309 – “يتابعهم”: كذا فِي الأصلين وح، ط. وفي غيرها: “يشايعهم”.
    2311 – كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} [سبأ: 46].
    2313 – تُعْذِروا: أي تقدَّموا عذركم وحجَّتكم، وقد نصب الفعل (تتبعوا) بأن المحذوفة، (ص).
  • “تؤذنوا بطعان”: أي تعلنوا بالحرب فيما بيننا، (ص).
    (1) في طت، طع: “البدعة”. وفي طه: “السنة أم أهل البدعة” وهو خطأ.
    2315 – انظر في الحشوية ما تقدم في التعليق على مقدمة المؤلف.
    (2/573)

2316 – وَيَظُنُّ جَاهِلُهُمْ بأنَّهُمُ حَشَوْا … رَبَّ العِبَادِ بِدَاخِلِ الأكْوَانِ
2317 – إذْ قَوْلُهُمْ فَوْقَ العِبَاد وَفِي السَّمَا … ءِ الرَّبُّ ذُو الملَكُوتِ والسُّلْطَانِ
2318 – ظَنَّ الحَمِيرُ بأنَّ “فِي” لِلظَّرْفِ والرَّ … حْمنُ مَحْوِيٌّ بظَرْفِ مَكَانِ
2319 – واللهِ لَمْ نسْمَعْ بِذا مِنْ فِرْقَةٍ … قَالَتْهُ في زَمَنٍ مِنَ الأَزْمَانِ
2320 – لَا تَبهَتُوا أَهْلَ الحَديثِ بِهِ فَمَا … ذَا قَوْلَهُمْ تَبًّا لِذِي البُهْتَانِ
2321 – بَل قَوْلُهُمْ إنَّ السَّمَواتِ العُلى … فِي كَفِّ خَالِقِ هَذِهِ الأكْوَانِ
2322 – حَقًّا كَخَرْدَلَةٍ تُرَى فِي كَفِّ مُمْـ … ـــسِكِهَا تَعَالَى اللهُ ذو السُّلْطَانِ


2316 – يشير الناظم إلى استعمال بعض أهل البدع هذا اللقب فِي نبز أهل السنة لأنهم يثبتون العلو لله وأنه فوق عرشه فوق سماواته.
2318 – يشير إلى تأويل أهل البدع من المعطلة للنصوص المصرحة بأن الله فِي السماء ولعله يشير إلى ما قرره الرازي عند تفسير قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي الْسَّمَاءِ} [الملك: 16] قال: “والعلم أن المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى بقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي الْسَّمَاءِ} والجواب عنه: أن هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين لأن كونه فِي السماء يقتضي كون السماء محيطًا به من جميع الجوانب فيكون أصغر من السماء و …. ” مفاتيح الغيب (17918).

  • وأما قولهم: “إن فِي للظرف” فباطل ولكن معناها فِي النصوص بمعنى “على” كما قال تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] أي على جذوع النخل، وقد تقدم الكلام عليه عند أدلة العلو.
    2319 – “نسمع”: كذا فِي الأصلين وظ، د. وفي غيرها: “يسمع” بالياء.
  • طه: (ندًا من فرقة)، تصحيف.
    2322 – الخردلة: واحدة الخردل، وهو حبّ معروف، القاموس ص 1282. يضرب به المثل في قلة الشيء وصغره.
  • يشير الناظم إلى الأثر المروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: “ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم”. =
    (2/574)

2323 – أَتَرَوْنَهُ المحْصُورَ بَعْدُ أمِ السَّمَا؟ … يَا قَوْمَنَا ارْتَدِعُوا عَنِ العُدْوَانِ
2324 – كَمْ ذَا مُشَبِّهَةٌ وَكَمْ حَشْوِيَّةٌ … فالبَهْتُ لَا يَخْفَى عَلَى الرحْمنِ
2325 – يَا قَوْمُ إِن كَانَ الكِتَابُ وَسُنَّةُ الْـ … ـــمخْتَارِ حَشْوًا فاشْهَدُوا بِبَيَانِ
2326 – أَنَّا بِحَمْدِ إلهنَا حَشْوِيةٌ … صِرْفٌ بِلَا جَحْدٍ وَلَا كِتْمَانِ
2327 – تَدْرُونَ مَنْ سَمَّتْ شُيُوخُكُمُ بِهَـ … ــذَا الاسْمِ فِي المَاضي مِنَ الأزْمَانِ
2328 – سَمَّى بِهِ عمروٌ لِعَبد اللهِ ذَا … كَ ابنُ الخَلِيفَةِ طَارِدِ الشَّيْطَانِ
2329 – فَوَرِثْتُمُ عَمْرًا كَمَا وَرِثُوا لِعَبْـ … ــدِ اللهِ أنَّى يَسْتَوِي الإرْثَانِ


= – أخرجه: ابن جرير فِي تفسيره (24/ 25).

  • وأخرجه بمعناه: أبو الشيخ فِي العظمة (2/ 446) برقم (135) ولفظه قال: “يطوي الله عزَّ وجلَّ السماوات السبع بما فيهن من الخلائق، والأرضين بما فيهن من الخلائق، يطوي كل ذلك بيمينه فلا يرى من عند الإبهام شيء، ولا يرى من عند الخنصر شيء فيكون ذلك كله في كفه بمنزلة خردلة”.
  • وأورده السيوطي فِي الدر المنثور (5/ 336) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. ونقل الشيخ حمد بن عتيق فِي إبطال التنديد ص 257 عن الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب. قولهُ: “وهذا الإسناد في نقدي صحيح”.
    ويشهد لهذا الأثر ما جاء فِي الحديث الصحيح عن ابن عمر عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “يطوي الله السماوات يوم الفيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ” … الحديث. أخرجه مسلم فِي صفات المنافقين برقم (2788).
    2324 – أي ما أكثر ما تطلقون هذين اللقبين على أهل السنة بالبهتان والعدوان.
    2326 – صِرْف: الخالص من كل شيء، القاموس 1069.
    2328 – هو: عمرو بن عبيد بن ثوبان -ويقال: ابن كيسان- التيمي، مولاهم، أبو عثمان البصري، من أبناء فارس، شيخ القدرية والمعتزلة، كان آية فِي الزهد والتقشف حتى إن أبا جعفر المنصور اغتر به وكان يقول: “كلكم يمشي =
    (2/575)

2330 – تَدْرُونَ مَنْ أوْلَى بِهَذَا الاسْمِ وَهْـ … ـــوَ مُنَاسِبٌ أَحْوَالَهُ بِوِزَانِ؟
2331 – مَنْ قَدْ حَشَا الأَورَاقَ والأذْهَانَ مِنْ … بِدَعٍ تُخَالِفُ مُوجَبَ القُرْآنِ
2332 – هَذَا هُوَ الحَشْويُّ لا أهْلُ الحدِيـ …. ــثِ أئِمَّةُ الإِسْلَامِ وَالإيمَانِ
2333 – وَرَدُوا عِذَابَ مَنَاهِلِ السُّنَنِ الَّتِي … لَيْسَتْ زُبَالَةَ هَذِهِ الأذْهَانِ
2334 – وَوَرَدْتُمُ القَلُّوطَ مَجْرَى كُلِّ ذِي الْـ … أوْساخِ والأقْذَارِ وَالأَنْتَانِ
2335 – وَكسِلْتُمُ أنْ تَصْعَدُوا لِلْوِردِ مِنْ … رَأسِ الشرِيعةِ خَيْبَةَ الكَسْلَانِ



= رويد … كلكم يطلب صيد … غير عمرو بن عبيد”، قال عنه الإمام أحمد: “ليس بأهل أن يحدث عنه، له كتاب العدل، والتوحيد، كانت وفاته سنة ثلاث وأربعين ومائة. البداية والنهاية (10/ 81)، السير (6/ 104). وهو أول من أطلق لفظ الحشوية. فقال: “كان عبد الله بن عمر حشويًا” لا نص على هذا شيخ الإسلام في منهاج السنة 2/ 520، ومجموع الفتاوى 12/ 176، وصاحب شذرات الذهب 1/ 211.

  • “عمرو لعبد الله”: كذا فِي الأصلين. واللام في “لعبد الله” زائدة أدخلها على المفعول به للضرورة، وفي غيرهما: “به ابن عبيد عبد الله” (ص).
  • قوله: “طارد الشيطان”: يشير الناظم إلى ما ورد فِي الصحيح من صفات عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأن الشيطان يفر منه كما قال النبي: – صلى الله عليه وسلم – ” … إيهًا يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًا غير فجك”. أخرجه البخاري فِي فضائل الصحابة -باب مناقب عمر بن الخطاب برقم (3683).
    2331 – “موجب” بالفتح: أي مقتضى القرآن.
    2334 – القَلُّوط بالتشديد: نهر جار تنصبّ إليه الأقذار، ذكره الزبيدي بالصاد: “القلوص” وقال: إن أهل الشام يسمونه بالطاء، وضبطه كصبور.
    وضبطه ابن عيسى بالتشديد ثم قال: “ويسمى فِي هذا الوقت قليطًا -بالتصغير-“. انظر التاج 4/ 438، 5/ 211؛ وطع 2/ 86.
    2335 – “من رأس الشريعة”: أي من رأس المورد.
    (2/576)

فصلٌ فِي بيانِ عُدْوانِهمْ فِي تلقيبِ أهلِ القرآنِ والحديثِ بالمجَسِّمَةِ، وبيانِ أَنَّهمْ أَوْلى بكلِّ لقبٍ خبيثٍ
2336 – كَمْ ذَا مُشَبِّهَةٌ مُجَسِّمَةٌ نَوَا … بِتَةٌ مَسَبَّةَ جَاهِلٍ فَتَّانِ
2337 – أَسْمَاءُ سَمَّيْتمْ بِهَا أهْلَ الحَديـ … ـــثِ ونَاصِرِي القُرْآنِ والإيمَانِ
2338 – سَمَّيْتُمُوهُمْ أَنْتُمُ وَشُيُوخُكُمْ … بَهْتًا بِهَا مِنْ غَيْر مَا سُلْطَانِ
2339 – وَجَعَلْتُموهَا سُبَّةً لِتُنَفِّرُوا … عَنْهُمْ كَفِعْلِ السَّاحِرِ الشَّيْطَانِ


2336 – انظر فِي تعريف المشبهة والمجسمة ما سبق في التعليق على مقدمة المؤلف.

  • نوابتة: النوابت من الأحداث: الأغمار، ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشأ صغار وإن بني فلان لنابتة شر. القاموس ص 206، لسان العرب (3/ 563). والمراد هنا أنهم نبتوا فِي الإسلام بأقوال بدعية. انظر شرح هراس للنونية 1/ 367. وقد جاء عن أبي حاتم أنه قال: “وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة ناصبة”. شرح أصول اعتقاد أهل السنة للّالكائي 1/ 179.
    2337 – منع صرف “أسماء” للضرورة، (ص).
  • قال الناظم: فِي مدارج السالكين (2/ 91) في معرض دفاعه عن شيخ الإسلام الهروي (صاحب منازل السائرين): “وهذا الكلام من شيخ الإسلام يبين مرتبته من السنة، ومقداره من العلم، وأنه بريء مما رماه به أعداؤه الجهمية من التشبيه والتمثيل، على عادتهم في رمي أهل الحديث والسنة بذلك، كرمي الرافضة لهم بأنهم نواصب، والمعتزلة بأنهم نوابت حشوية. وذلك ميراث من أعداء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في رميه ورمي أصحابه -رضي الله عنهم – بأنهم صباة قد ابتدعوا دينًا محدثًا. وميراث لأهل الحديث والسنة من نبيهم – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضوان الله عليهم أجمعين – بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة.
    2339 – د: (شبهها) مكان “سبّة”.
    (2/577)

2340 – مَا ذَنْبُهُمْ وَاللهِ إلَّا أنَّهُمْ … أخَذُوا بِوَحْي اللهِ والفُرْقَانِ
2341 – وَأَبَوْا بأنْ يَتَحَيَّزُوا لِمقَالَةٍ … غَيْرِ الحَدِيثِ وَمُقْتَضَى القُرْآنِ
2342 – وَأَبَوْا يَدينُوا بالَّذِي دِنْتُمْ بِهِ … مِنْ هَذِهِ الآرَاءِ والهَذَيَانِ
2343 – وَصَفُوهُ بالأوْصَافِ فِي النَّصَّيْنِ مِنْ … خَبَرٍ صَحِيحٍ ثُمَّ مِنْ قُرْآنِ
2344 – إنْ كَانَ ذَا التَّجْسيمَ عِنْدَكمُ فَيَا … أَهْلًا بِهِ مَا فِيهِ مِنْ نُكْرَانِ
2345 – إنَّا مُجَسَّمَةٌ بِحَمْدِ اللهِ لَمْ … نَجْحَدْ صِفَاتِ الخَالِقِ الرَّحمنِ
2346 – وَاللهِ مَا قَالَ امْرُؤٌ مِنَّا بأنَّ … اللهَ جسْمٌ يَا أولِي البُهْتَانِ
2347 – وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّنا فِي وَصْفِهِ … لَمْ نَعْدُ مَا قَدْ قَالَ فِي القُرْآنِ
2348 – أَوْ قَالَهُ أَيْضًا رَسُولُ اللهِ فَهْـ … ـــوَ الصَّادِقُ المَصْدوقُ بالبُرْهانِ


2342 – يدينوا، منصوب بأن المحذوفة (ص).
2345 – طت، طه: (الديَّان).
2346 – أمّا مقالة أن الله “جسم” فلم تعرف عن أهل السنة بل هي من مقولات الرافضة الأوائل. وأول من قال بأن الله جسم هو: هشام بن الحكم الرافضي، وكان له أتباع على قوله يقال لهم: “الهشامية”: ويزعمون أن الله جسم وله طول وعرض وعمق، وطوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه.
وقد ذكر الأشعري في المقالات أن فرق الرافضة التي قالت بالتجسيم ست فرق، وممن تبع هشام بن الحكم على قوله: هشام بن سالم الجواليقي. انظر مقالات الإسلاميين (1/ 106)، الملل والنحل (1/ 184)، البرهان ص 72.
ويقول شيخ الإسلام معلقًا على كلام الأشعري في ذكر فرقهم الست القائلة بالتجسيم: “وهذا الذي ذكره الأشعري عن قدماء الشيعة من القول بالتجسيم قد اتفق على نقله عنهم أرباب المقالات حتى نفس الشيعة كابن النوبختي وغيره”. منهاج السنة (2/ 220).
وانظر: منهاج السنة (1/ 72 – 73)، (2/ 217 – 220، 501 – 503، 618 – 617).
(2/578)


2349 – أَوْ قَالهُ أصْحَابُهُ مِنْ بعْدِهِ … فَهُمُ النُّجُومُ مَطَالِعُ الإيمَانِ
2350 – سَمُّوهُ تَجْسِيمًا وَتَشْبِيهًا فَلَسْـ … ــــنَا جَاحِديهِ لِذَلِكَ الهَذَيَانِ
2351 – بَلْ بَيْنَنَا فَرْقٌ لَطِيفٌ بَلْ هُوَ الـ … ــرْقُ العَظِيمُ لِمَنْ لَهُ عَيْنَانِ
2352 – إنَّ الحَقِيقَةَ عِنْدَنَا مَقْصُودَةٌ … بالنَّصِّ وَهْيَ مُرَادةُ التِّبْيَانِ
2353 – لَكِنْ لَدَيْكُمْ فَهْيَ غَيْرُ مُرَادةٍ … أَنَّى يُرادُ مُحقَّقُ البُطْلانِ
2354 – فَكَلَامُهُ فِيمَا لَدَيْكُمْ لَا حَقِيـ … ـــقَةَ تَحْتَهُ تَبْدو إلى الأذْهَانِ
2355 – فِي ذِكْرِ آياتِ العُلُوِّ وَسَائِرِ الْـ … أوْصَافِ وَهْيَ القَلْبُ للقُرْآنِ
2356 – بَلْ قَوْلُ رَب النَّاسِ لَيْسَ حَقِيقَةً … فِيمَا لَدَيْكُمْ يا أولِي العِرْفَانِ
2357 – [وكَلامُ رَبِّ العَالَمِينَ عَلَى حَقِيـ … ـــقَتِهِ لَدَيْنَا وهو ذُو بُرْهَانِ]2358 – وَإذَا جَعَلْتُمْ ذَا مَجَازًا صَحَّ أنْ … يُنْفَى عَلَى الإطْلَاقِ والإمْكَانِ
2359 – وَحَقائِقُ الألفَاظِ بالعَقْلِ انتَفَتْ … فِيمَا زَعَمْتُمْ فاسْتَوى النفْيَانِ


2352 – كذا في الأصلين ود. وفي غيرها: “وهو مراده التبيان” خطأ.

  • أي أن النصوص عند أهل السنة مستعملة فِي معانيها الحقيقية المرادة منها، لأن النص إذا استعمل على حقيقته اتضح معناه وأصبح معلومًا غير مجهول لمن قرأه.
    2353 – “فهي”: يعني حقيقة النص.
    2354 – فِي الأصلين: “فكلامكم”، وهو خطأ.
    2356 – لأنكم لا تثبتونه صفة من صفات الله تكلَّمَ به حقيقة.
  • فِي هامش (ف): (هو من باب التهكم) يعني قوله: “أولي العرفان”.
    2357 – لم يرد هذا البيت إلا فِي نسخة د.
    2358 – ومراد الناظم أن كلام الله -عند المعطلة النفاة- إضافته إلى الله من باب المجاز، فإذا صار مجازًا صح نفيه عن الله بالكلية أو على تقدير إمكان وقوعه من الله من باب أولى.
    2359 – النفيان هما: نفي الحقيقة المفهومة من النص، ونفي دلالة اللفظ عليها وقد أشار إليهما في البيت الذي يليه.
    (2/579)

2360 – نَفْيُ الحَقِيقَةِ وانْتِفَاءُ اللَّفْظِ إنْ … دَلَّتْ عَلَيْهِ فَحَظُّكُمْ نَفْيَانِ
2361 – وَنَصِيبُنَا إثْبَاتُ ذَاكَ جَمِيعِهِ … لَفْظًا وَمَعْنىً ذَاكَ إثْبَاتَانِ
2362 – فَمَنِ المعَطِّلُ فِي الحَقِيقةِ غيرُكُمْ … لَقَبٌ بِلَا كَذِبٍ وَلَا عُدْوَانِ
2363 – وَإذَا لسَبَبْتُمْ بالمُحَالِ فَسَبُّنَا … بأدِلَّةٍ وَحِجَاجِ ذِي بُرْهَانِ
2364 – تُبْدِي فَضَائِحَكُمْ وتَهْتِكُ سِتْرَكُمْ … وَتُبِينُ جَهْلَكُمُ مَعَ العُدْوَانِ
2365 – يَا بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّبَابِ بِذَاكُمُ … وَسِبَابِكُمْ بِالكِذْبِ والطُّغْيانِ
2366 – مَنْ سَبَّ بِالبُرهانِ لَيْسَ بِظَالِمٍ … والظُّلْمُ سَبُّ العَبْدِ بالبُهْتَانِ
2367 – فَحَقِيقَةُ التَّجْسِيمِ إنْ تَكُ عِنْدكُمْ … وَصْفَ الإلهِ الخَالِقِ الدَّيَّانِ
2368 – بِصِفَاتِهِ العُلْيَا الَّتِي شَهِدَتْ بِهَا … آيَاتُهُ وَرَسُولُهُ العَدْلَانِ
2369 – فَتَحَمَّلُوا عَنَّا الشَّهَادَةَ وَاشْهَدُوا … فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ وَكُلِّ مَكَانِ
2370 – أنَّا مُجَسِّمَةٌ بِفَضْلِ اللهِ وَلْـ … ــيَشْهَدْ بِذَلِكَ مَعْكُمُ الثَّقَلَانِ
2371 – اللهُ أَكْبَرُ كَشَّرَتْ عَنْ نَابِهَا الْـ … ـحَرْبُ العَوَانُ وَصِيحَ بِالأقْرَانِ
2372 – وَتَقابَل الصَّفَّانِ وَانْقَسَمَ الوَرَى … قِسْمَيْنِ واتَّضَحَتْ لَنَا القِسْمَانِ



2362 – والمعنى أنكم تستحقون لقب “المعطل” بلا كذب عليكم ولا عدوان لأجل تعطيلكم عن الله الصفات الواجبة اللائقة به سبحانه.
2363 – الحجاج: المحاجّة والمجادلة.

  • فِي الأصل هنا: “والبهتان” وفي آخر البيت التالي: “بالطغيان”، ولعل ما أثبتنا من ف وغيرها أقرب، (ص).
    2371 – “العوان”: تقدم تفسيرها في البيت (929).
    2372 – أنّث المذكر في قوله: “اتضحت القسمان” للضرورة. انظر ما سبق فِي البيت (262) وغيره، (ص).
    (2/580)

فصلٌ فِي بيانِ موردِ أهلِ التَّعْطيلِ وأنَّهمْ تعوَّضوا بالقَلُّوطِ (1) عن موردِ السَّلْسَبِيل (2)
2373 – يَا وَارِدَ القَلُّوطِ وَيْحَكَ لَوْ تَرَى … مَاذَا عَلَى شَفَتَيْكَ والأسْنَانِ
2374 – أوَ مَا تَرَى آثارَهَا فِي القَلْبِ والنِّـ … ــيَّاتِ والأعْمَالِ والأَرْكَانِ
2375 – لَوْ طَابَ مِنْكَ الوِرْدُ طابَتْ كُلُّها … أنَّى تَطِيبُ مَوَارِدُ الأَنْتَانِ
2376 – يَا وَارِدَ القَلُّوطِ طَهِّرْ فَاكَ مِنْ … خَبثٍ بِهِ واغْسِلْهُ مِنْ أَنْتَانِ
2377 – ثمَّ اشْتُمِ الْحَشْوِيَّ حَشْوَ الدِّينِ والـ … ـــقُرْآنِ والآثارِ والإيمَانِ
2378 – أَهْلًا بِهِمْ حَشْوَ الهُدى وسِواهُمُ … حَشْوُ الضَّلالِ فَمَا هُمَا سيَّانِ
2379 – أهْلًا بِهِمْ حَشْوَ اليَقينِ وغَيْرُهُمْ … حَشْوُ الشُّكوكِ فَما هُمَا صِنْوانِ
2380 – أَهْلًا بِهِمْ حَشْوَ المسَاجِدِ والسِّوَى … حَشْوُ الكَنِيفِ فَمَا هُمَا عِدْلَانِ
2381 – أَهْلًا بِهِمْ حَشْوَ الجِنَانِ وَغَيْرُهُمْ … حَشْوُ الجَحِيمِ أيَسْتَوِي الحَشْوَانِ؟
2382 – يَا وَارِدَ القَلُّوطِ وَيْحَكَ لَو تَرَى الـ … ـــحَشْوِيَّ وَارِدَ مَنْهَلِ الفُرْقَانِ
2383 – وَتَرَاهُ مِنْ رَأْسِ الشَّرِيعَةِ شَاربًا … مِنْ كَفِّ مَنْ قَدْ جَاءَ بِالقرآنِ


(1) القلوط: تقدم التعريف به تحت البيت رقم (2334).
(2) السلسبيل: العذب السهل المدخل فِي الحلق. قال الزجاج: سلسبيل اسم العين وهو في اللغة لما كان في غاية السلاسة. اللسان 11/ 344.
وهذا تشبيه من الناظم لأهل الكلام الذين اعتمدوا فِي تقرير عقيدتهم على كلام أهل الفلسفة والمنطق ولم يعتمدوا على الوحيين فهم كمن تعوَّض بالمورد الخبيث العفن عن الماء العذب النقي الصافي.
2380 – الكنيف: المرحاض، القاموس ص 1099.

  • هذا البيت مقدّم على ما سبقه في ب، وساقط من س.
    2382 – كذا في الأصل وح، طت، طه. وفي غيرها: “القرآن”.
    2383 – كذا في الأصل وس. وفي غيرهما: “بالفرقان”.
    (2/581)

2384 – وَتَراهُ يَسْقِي النَّاسَ فَضْلَةَ كأسِهِ … وَخِتَامُهَا مِسْكٌ عَلَى رَيْحَانِ
2385 – لَعَذَرتَهُ إن بَالَ فِي القَلُّوطِ لَمْ … يَشْرَبْ بِهِ مَعَ جُمْلَةِ العُمْيَانِ
2386 – يَا وَارِدَ القَلُّوطِ لَا تَكْسَلْ فَرَأ … سُ الماءِ فَاقْصِدْهُ قَريبٌ دَانِ
2387 – هُوَ مَنْهَلٌ سَهْلٌ قَرِيبٌ وَاسِعٌ … كَافٍ إذَا نَزَلَتْ بِهِ الثَّقَلَانِ
2388 – واللهِ لَيْسَ بأصْعَبِ الْوِرْدَيْنِ بَلْ … هُوَ أسْهَلُ الوِرْدَينِ لِلظَّمْآنِ


فصلٌ فِي بيانِ هدْمِهمْ لقواعدِ الإِسلامِ والإِيمانِ بعزْلهمْ نصوصَ السُّنَّةِ والقُرْآنِ
2389 – يَا قَوْمُ باللهِ انْظُرُوا وَتَفَكَّرُوا … فِي هَذِهِ الأخْبَارِ والقُرْآنِ
2390 – مِثْلَ التَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ لِلَّذِي … قَدْ قَالَهُ ذُو الرَّأْيِ والْحُسْبانِ
2391 – فَأَقَلُّ شَيءٍ أَنْ يَكونَا عِنْدكُمْ … حَدًّا سَوَاءً يا أولِي العُدْوَانِ
2392 – واللهِ مَا اسْتَويَا لَدَى زُعَمَائِكُمْ … فِي العِلْم والتَّحْقِيق والعِرْفَانِ


2368 – هذا البيت ساقط من ب.
2387 – والمعنى: أن منهل الكتاب والسنة واسع يكفي الثقلين جميعًا ويغنيهما عن كل منهل، وهو سهل قريب لمن أراده بخلاف غيره من المناهل.
2389 – طه: (والله).
2390 – يخاطب الناظم أهل التأويل وينصحهم بأن يتدبروا أخبار الكتاب والسنة ويتفكروا في معانيها وما دلت عليه مثل تدبرهم وتفكيرهم في كلام مشايخهم وعقلائهم وأهل الرأي فيهم.
2391 – يعني أقوال الشيوخ وأدلة الكتاب والسنة.
2392 – كالرازي وأضرابه وسيأتي النقل عنهم.
(2/582)


2393 – عَزَلُوهُمَا بَلْ صَرَّحُوا بالعَزْلِ عَنْ … نَيلِ الْيَقينِ ورُتْبةِ البُرْهَانِ
2394 – قَالُوا وَيلكَ أدِلّةٌ لفظِيَّةٌ … لَسْنَا نُحَكِّمُهَا عَلَى الإِيقَانِ
2395 – مَا أُنْزِلَتْ لِيُنَالَ مِنْهَا الْعِلْمُ بالْـ … إثْبَاتِ لِلأوْصَافِ للرَّحْمنِ
2396 – بَلْ بِالعُقُولِ يُنَالُ ذَاكَ وَهَذِهِ … عَنْهُ بِمَعْزِلِ غَيْرِ ذِي سُلْطانِ
2397 – فَبِجُهْدِنَا تأوِيلُها والدَّفعُ فِي … أَكْتافِهَا دَفْعًا كذِي الصَّوَلَانِ
2398 – كَكَبِيرِ قَوْمٍ جَاءَ يَشْهَدُ عِنْدَ ذِي … حُكْمٍ يُرِيدُ دفاعَهُ بِلَيَانِ
2399 – فَيَقُولُ قَدْرُكَ فَوْقَ ذَا وَشَهَادَةٌ … لِسِوَاكَ تَصْلُحُ فاذْهَبَنْ بأمَانِ
2400 – وَبِوُدِّهِ لَوْ كَانَ شَيءٌ غَيرُ ذَا … لَكِنْ مَخَافَةَ صَاحِبِ السُّلْطَانِ
2401 – فَلَقَدْ أَتَانَا عَنْ كَبِيرٍ فِيهِمُ … وَهُوَ الحَقِيرُ مقَالةُ الكُفْرَانِ
2402 – لَوْ كَانَ يُمْكِنُنِي وَلَيسَ بِمُمْكِنٍ … لَحَكَكْتُ مِنْ ذَا المُصْحَفِ العُثْمَانِي


2394 – انظر ما سبق فِي الأبيات (496، 2066، 2087) وغيرها.
2396 – طه: (السلطان).
2397 – كذا فِي الأصل. وفي غيره: “أكنافها”، وهي جمع كنَف، أي الجانب.

  • ما عدا الأصلين: “لذي الصوَلان” والصوَلان: مصدر صال على قِرنه: سطا واستطال. القاموس ص 1323.
    2398 – “بلَيان”: كذا ضبط بفتح اللام فِي ف. وهو مصدر لان كاللِّين، ويجوز ضبطه بكسر اللام بمعنى الملاينة، (ص).
    2400 – شبَّه الناظم هنا أهل الكلام الذين ردُّوا نصوص الوحي بمن رد شهادة العدل الثقة الكبير فِي قومه ولكن بأسلوب ليِّن ولطيف، وذلك بأن ذكر له أن قدره عالٍ عنده، ولكن الشهادة من غيرِه أولى وبودِّ هذا الذي ردَّ الشهادة أن يكون أسلوبه غير هذا اللين والملاينة والملاطفة، ولكن يخاف من بطش السلطان لأن هذا الرجل من الكبراء.
    2401 – وهو الجهم بن صفوان كما سيأتي.
    (2/583)

2403 – ذِكْرَ اسْتِواءِ الرَّبِّ فَوْقَ العْرشِ لَـ … ــكِنْ ذَاكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى الإنْسَانِ
2404 – واللهِ لوْلَا هَيْبَةُ الإسْلَامِ والـ … ـقُرْآنِ والأُمَراءِ والسُّلْطَانِ
2405 – لأتوْا بِكُلِّ مُصِيبةٍ ولَدَكْدَكُوا الْـ … إسْلَامَ فَوقَ قَواعِدِ الأَرْكَانِ
2406 – فَلَقَدْ رَأَيْتُمْ مَا جَرى لِأَئِمَّةِ الْـ … إسْلَامِ مِنْ مِحَنٍ عَلَى الأَزْمَانِ


2403 – هذه القصة أخرجها البخاري فِي خلق أفعال العباد ص 26 برقم (70) فقال: حدثني أبو جعفر، ثنى يحيى بن أيوب، قال: سمعت أبا نعيم البلخي قال: “كان رجل من أهل مرو صديقًا لجهم ثم قطعه وجفاه، فقيل له: لم جفوته؟ فقال: جاء منه ما لا يحتمل، قرأت يومًا آية كذا وكذا -نسيها يحيى- فقال: ما كان أظرف محمدًا، فاحتملتها، ثم قرأ سورة طه فلما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، قال: أما والله لو وجدت سبيلًا إلى حكها لحككتها من المصحف، فاحتملتها، ثم قرأ سورة القصص، فلما انتهى إلى ذكر موسى قال: ما هذا؟ ذكر قصة في موضع فلم يتمها، ثم ذكرها هاهنا فلم يتمها؛ ثم رمى بالمصحف من حجره برجليه فوثبت عليه”.
أخرجها عبد الله ابن الإمام أحمد في السنة (1/ 167) برقم (190). والذهبي في العلو (المختصر ص 163)، وصححها الألباني، ومحقق كتاب خلق أفعال العباد وكتاب السنَّة.
2405 – دَكدَكَ: مبالغة دكَّ، أي هدم كما فِي قول جعفر بن جدار كاتب ابن طولون:
أقبَلَ سهمٌ من الرزايا … فخصّ أعلامَنا وعَمَّا
دَكدكَ منّا ذُرى جبالٍ … شامخةً في السماء شُمَّا
(العقد الفريد 5/ 350)، والذي نصّ عليه فِي المعاجم: تدكدكت الجبال: صارت دكّاوات. ودكّ البئر ودكدكتها: دفنها وطمّها بالتراب. انظر التاج 7: 130 (ص).
2406 – هذا البيت ساقط من: (س).
(2/584)


2407 – لَا سِيَّمَا لَمَّا اسْتَمَالُوا جَاهِلًا … ذَا قُدْرَةٍ فِي النَّاسِ مَعْ سُلْطَانِ
2408 – وَسَعَوْا إِلَيهِ بِكلِّ إفْكٍ بَيِّنٍ … بَلْ قَاسَمُوه بأغلَظِ الأَيْمَانِ
2409 – إنَّ النَّصيحَةَ قَصْدُهُمْ كَنصيحَةِ الشَّـ … ـــيْطَانِ حينَ خَلَا بِهِ الأبَوَانِ
2410 – فَيرَى عَمَائمَ ذَاتَ أذنَابٍ عَلَى … تِلْكَ القُشُورِ طَويلَةِ الأردَانِ
2411 – وَيرَى هَيُولَى لَا تَهُولُ لِمُبْصِرٍ … وَتَهُولُ أعْمَى فِي ثِيَابِ جَبَانِ


2407 – والتاريخ يشهد بأن أهل البدع يستغلون السلاطين الجهلة بالدين ويغرّونهم كي يقعوا فِي أئمة الإسلام وأكبر مثال وأوضحه – وأظن أن الناظم يعرض به – ما فعله المعتزلة حينما أغروا المأمون ومن بعده من خلفاء بني العباس لكي يؤذوا الإمام أحمد ومن معه من علماء أهل السنة لكي يقولوا بقولهم الباطل خلق القرآن، وكذلك ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية فيه أكبر شاهد على ما أشار إليه الناظم، فقد أوذي وسجن بسبب إنكاره على أهل البدع وصدعه بالحق والسنة وإظهارها، واستعان أهل البدع في عصره بالسلاطين الجهلة الذين أصغوا إليهم، فحدث ما حدث، والله المستعان وعليه التكلان.
2409 – يشير الناظم إلى ما قص الله علينا من إقسام إبليس اللعين لآدم وحواء إنه يريد لهما النصح وهو كاذب فِي قسمه، فقال تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)} [الأعراف: 21].
2410 – في الأصلين: “الشعور”، ولعل الصواب ما أثبتنا من غيرهما. والقشور: جمع قِشْر: وهو الثوب الذي يلبس، وكل ملبوس قِشْر قال ابن الأثير: “وفي حديث قيْلة: “فكنت إذا رأيت رجلًا ذا رواء وذا قِشر” القِشْر: اللباس”. انظر: اللسان (5/ 93)، النهاية في غريب الحديث (4/ 64).
الأردان: جمع رُدْن وهو أصل الكُمِّ، ويقال: هو الكم وما يليه، القاموس ص 1548، اللسان (13/ 177).
2411 – الهَيُولى: لفظ يوناني بمعنى الأصل والمادة، وفي اصطلاح أهل الفلسفة: شيء قابل للصورة مطلقًا من غير تخصيص بصورة معينة، وهو محل للصورتين الجسمية والنوعية. انظر: التعريفات للجرجاني ص 321، التوقيف =
(2/585)


2412 – فَإذَا أصَاخَ بِسَمْعِهِ مَلَؤُوه مِنْ … كَذِبٍ وَتَلْبيسٍ وَمِنْ بُهْتَانِ
2413 – فَيَرى وَيَسْمعُ لَبْسَهم ولِباسَهم … يَا مِحْنَةَ الْعيْنَيْنِ والأذُنَانِ
2414 – فَتَحُوا جِرَابَ الجَهْل مَعْ كَذِب فَخُذْ … وَاحْمِلْ بِلَا كَيلٍ وَلَا مِيزَانِ
2415 – وَأَتَوا إِلَى قَلْبِ المُطَاعِ فَفَتَّشُوا … عَمَّا هُنَاكَ لِيَدُخُلُوا بأمَانِ
2416 – فَإذَا بَدَا غَرَضٌ لَهُم دَخَلُوا بِهِ … مِنْهُ إِلَيْهِ كَحِيلَةِ الشَّيْطَانِ
2417 – فَإذَا رَأوْهُ هَشَّ نَحْوَ حَدِيثِهمْ … ظَفِروا وَقَالُوا وَيحَ آلِ فُلَانِ


= على مهمات التعاريف ص 745، كشاف اصطلاحات الفنون (3/ 1534).

  • لا تهول: أي لا تخيف وترعب.
  • ب: “بمبصر” واللام في “لمبصر” زائدة أدخلها على المفعول به للضرورة، (ص).
  • والمعنى: أنك إذا رأيت أجسام هؤلاء المعطلة وأشكالهم وهيئاتهم وعمائهم فلا تخف ولا يهولئك منظرهم فالمستضيء بنور الوحي يعلم ويعرف مقدارهم، وأما الجبان القليل العلم فهو الذي يهوله منظرهم.
    2413 – “لبسهم ولباسهم”: كذا في الأصل وحاشية ف. أي يرى لباسهم ويسمَع تخليطهم فِي الكلام وفي غيرهما: “فَشرهم وفُشارهم” وكلاهما بمعنى، (ص).
  • كذا فِي جميع النسخ: “العينين” على اللغة المشهورة، و”الأذنان” على لغة من يلزم المثنى الألف دائمًا. انظر ما سلف قريبًا فِي البيت (2599)، (ص).
    2414 – الجراب: الوعاء. القاموس: 85.
    2415 – يعني بالمطاع الأمراء والحكام.
    2416 – المعنى: أنهم إذا وجدوا فرصة مناسبة للدخول إلى قلب ذلك الحاكم المغترِّ بحديثهم دخلوا إليه ولبَّسوا عليه كفعل الشيطان حينما يحتال على بني آدم.
    2417 – هشَّ: يقال: هَشِشْتُ بفلان -بالكسر- أهَشُّ هشاشةً، إذا خففت إليه وارتحت له. الصحاح ص 1028.
  • أي ويح ذلك المُتَّبع للكتاب والسنة، المراد أن أهل الباطل يبغضون ذلك السني إلى ذلك الحاكم المنخدع بكلامهم ويشعرونه أنه يعوق السلطان عن مراداته ومحبوباته وأنه عدو له.
    (2/586)

2418 – هُوَ فِي الطَّرِيقِ يَعُوقُ موْلَانَا عن الـ … ـــقْصودِ وَهْوَ عَدُوُّ هَذَا الشَّانِ
2419 – فَإذَا هُمُ غَرَسُوا العَدَاوَةَ واظَبُوا … سَقْيَ الغِرَاسِ كَفِعْلِ ذِي البُسْتَانِ
2420 – حَتَّى إذَا مَا أثْمَرَتْ وَدَنَا لَهُمْ … وَقْتُ الجِدَادِ وَصَارَ ذَا إمكَانِ
2421 – رَكِبُوا عَلَى جُرْدٍ لَهُمْ وَحَمِيَّةٍ … وَاسْتَنْجَدُوا بِعَسَاكِرِ الشَّيْطَانِ
2422 – فَهُنَالِكَ ابْتُلِيَتْ جُنُودُ اللهِ مِنْ … جُنْدِ اللَّعِينِ بِسَائِرِ الألْوَانِ
2423 – ضَرْبًا وَحبْسًا ثُمَّ تَكْفِيرًا وَتَبْـ … ــدِيعًا وَشْتَمًا ظاهِرَ البُهْتَانِ
2424 – فَلَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ فَرِيقٍ مِنْهُمُ … أمْرًا تُهَدُّ لَهُ قُوَى الإيمَانِ
2425 – مِنْ سَبِّهمْ أَهْلَ الحَدِيثِ وَذَنْبُهُمْ … أَخْذُ الحَدِيثِ وَترْكُ قَوْلِ فُلَانِ
2426 – يَا أمَّةً غَضِبَ الإلهُ عَلْيهِمُ … ألِأَجْلِ هَذَا تَشْتُمُوا بهَوَانِ؟
2427 – تبًّا لَكُمْ إذْ تَشْتُمُونَ زَوَامِلَ الْـ … إسْلَامِ حِزْبَ اللهِ والقُرْآنِ


2418 – “مولانا”: يعني الحاكم.
2420 – الجِداد: صِرام النخل أي قطع ثمره. وفي ب، ط: الجذاذ، ولعله تصحيف (ص).
2421 – جُرْد: جمع أجرد، وهو الفرس السبّاق، ويقال: فرس أجرد قصير الشعر رقيقه وهو مدح، القاموس ص 347، الصحاح ص 455.
2423 – ب: “حزبًا وجيشًا” تصحيف.
2424 – ف: (ولقد).

  • ولعل الناظم في هذه الأبيات يشير إلى ما وقع له من فتن وابتلاءات وكذلك ما وقع لشيخه شيخ الإسلام من الحبس والاعتقال.
    2425 – ح، ط: “دينهم أخذ”، تصحيف.
  • في ف: “رأي”. وكذا في متن الأصل، ولكن في حاشيته: “قول” مع علامة صح.
    2426 – حذف النون من “تشتمون” للضرورة، (ص).
    2427 – الزوامل: جمع زاملة؛ وهي بعيرٌ يستظهر به الرجل، يحمل متاعه وطعامه عليه، الصحاح ص 1718، شبّه العلماء بالزوامل لأنهم حملة الدين.
    (2/587)

2428 – وَسَبَبتُمُوهُمْ ثُمَّ لَسْتُمْ كُفْأَهُمْ … فَرَأَوْا مَسَبَّتَكُمْ مِنَ النُّقْصَانِ
2429 – هَذَا وَهُمْ قَبِلُوا وَصِيَّةَ رَبِّهِمْ … فِي تَرْكِهِمْ لِمَسَبَّةِ الأوْثَانِ
2430 – حَذَرَ المقَابَلَةِ القَبِيحَةِ مِنْهُمُ … بِمَسَبَّةِ القُرْآنِ والرَّحْمنِ
2431 – وَكَذَاكَ أَصْحَابُ الحَديثِ فإنَّهُمْ … ضُربَتْ لَهُمْ وَلَكُمْ بِذَا مَثَلانِ
2432 – سَبُّوكُمُ جُهَّالُهُمْ فَسَبَبْتُمُ … سُنَنَ الرَّسُولِ وَعَسْكَرَ الإيمَانِ
2433 – وَصَدَدْتُمُ سُفَهَاءَكُمْ عَنْهُمْ وَعَنْ … قَوْلِ الرَّسُولِ وَذَا مِنَ الطُّغْيَانِ
2434 – وَدَعَوْتُمُوْهُمْ لِلَّذِي قَالَتْهُ أشْـ … ـــيَاخٌ لَكُمْ بالخَرْصِ والحُسْبَانِ
2435 – فَأبَوْا إجَابَتَكُمْ وَلَمْ يَتَحَيَّرُوا … إلَّا إِلَى الآثار والقُرْآنِ
2436 – وإلى أولِي العِرْفَانِ مِنْ أهْل الحَدِيِـ … ـــثِ خُلَاصَةِ الأكْوَانِ والإنْسَانِ
2437 – قَوْمٌ أقَامَهُمُ الإلةُ لِحِفْظِ هَـ … ــذَا الذين مِنْ ذِي بِدْعَةٍ شَيْطَانِ


2430 – يشير الناظم إلى قوله تعالى – حينما نهى عن سب آلهة المشركين فقال: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)} [الأنعام: 108].
قال الحافظ ابن كثير فِي تفسيره (2/ 164): “يقول الله ناهيًا لرسوله – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين عن سب آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين {وَهُوَ اللهُ لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ} “.
2432 – أي جهال وعوام أهل الحديث. وقوله: “سبّوكم جُهّالُهم” على لغة (أكلوني البراغيث).
2433 – أي عن عسكر الإيمان وجند الرسول.
2434 – أي عوام أهل الحديث.

  • ف: “بالخوض والحسبان”.
    2436 – كذا في الأصل وب. وفي غيرهما: (الإنسان والأكوان).
    (2/588)

2438 – وَأَقَامَهُمْ حَرَسًا مِنَ التَّبْدِيلِ والتَّـ … ـــحْرِيفِ والتَّتْمِيمِ والنُّقْصَانِ
2439 – يَزَكٌ عَلَى الإسْلَامِ بَلْ حِصْنٌ لَهُ … يَأوِي إِلَيْهِ عَسَاكِرُ الفُرْقَانِ
2440 – فَهُمُ المِحَكُّ فمَنْ يُرَى مُتَنَقِّصًا … لَهُمُ فَزِنْدِيقٌ خَبِيثٌ جانِ
2441 – إِنْ تَتَّهِمْهُ فقَبلَكَ السَّلَفُ الأُلَى … كَانُوا عَلَى الإيمَانِ والإحْسَانِ
2442 – أيضًا قَد اتَّهَمُوا الخَبيثَ عَلَى الهُدَى … وَالعِلْمِ والإيمانِ والقُرْآنِ
2443 – وَهُوَ الحَقِيقُ بِذَاكَ إذْ عَادَى رُوَا … ةَ الدّينِ وَهْيَ عَدَاوةُ الدَّيَّانِ


2438 – والمعنى: أن الله أقام علماء السنة لحفظ هذا الدين من تبديل أهل التأويل وتحريفهم لمعاني النصوص أو ما يزيدونه من بدع في الدين لأنهم بابتداعهم كأنَّ الدين لم يتمه الله فيريدون إتمامه، وكذلك يحفظونه من أن ينقص من شرع الله شيء أو يجحد بل يعلمون الناس كل ما أنزل الله عزَّ وجلَّ من غير زيادة ولا نقصان.
2439 – يزك: حَرَس، وقد تقدم تفسيرها. انظر البيت رقم (2293).
2440 – تقدم تفسير “الزنديق”. انظر البيت رقم (386).

  • لأن الذي يتنقص أئمة الإسلام وعلماءه ويطعن فيهم فهو يطعن في الدين الذي يحملونه.
    ولذلك صدق أبو حاتم حينما قال: “وعلامة الزنادقة: تسميتهم أهل الأثر حشوية يريدون بذلك إبطال الآثار” عقيدة السلف للصابوني ص 304. لأنهم ما طعنوا فيهم إلا لأجل أن يطعنوا في الدين، ولا يفعل هذا إلا رجل يحقد على الإسلام وأهله وهذه صفة الزنادقة.
  • ما عدا الأصلين: “خبيثُ جَنانِ”.
    2441 – يعني المعطل الذي يتنقص أهل العلم والسنة إن تتهمه بالزندقة فقد اتهمه السلف قبلك، فلك فيهم أسوة.
    2442 – كذا في الأصل. وفي ف: “والعلم والآثار والإيمان”، وفي غيرهما: “العلم والآثار والقرآن”.
    (2/589)

2444 – فَإذَا ذَكَرْتَ النَّاصِحِينَ لِربِّهِمْ … وَكِتَابِهِ وَرسُولهِ بِلسَانِ
2445 – فاغْسِلْهُ ويْلَكَ مِنْ دَمِ التَّعْطِيلِ والتَّـ … ـــكذِيبِ والكُفرانِ والبُهتَانِ
2446 – أَتسُبُّهُمْ عَدْوًا وَلَسْتَ بِكُفْئِهِمْ … فاللهُ يَفْدِي حِزْبَهُ بالجَانِي
2447 – قَوْمٌ هُمُ باللهِ ثُمَّ رَسُولِهِ … أَوْلَى وأقْرَبُ مِنْكَ للإِيمَانِ
2448 – شَتَّانَ بَيْنَ التَّارِكِينَ نُصُوصَهُ … حَقًّا لأَجْلِ زُبالَةِ الأذْهَانِ
2449 – والتَّارِكِينَ لأجْلِهَا آرَاء مَنْ … آرَاؤهُمْ ضَرْبٌ مِنَ البُهتانِ
2450 – لَمَّا فَسَا الشَّيطَانُ فِي آذَانِهِمْ … ثَقُلَتْ رؤوسُهُمُ عن القُرْآنِ
2451 – فَلِذَاكَ نَامُوا عَنْهُ حَتَّى أصبَحُوا … يتلَاعبُونَ تَلَاعُبَ الصِّبْيَانِ
2452 – والرَّكْبُ قَدْ وَصَلَ العُلَى وتَيمَّمُوا … مِنْ أَرْضِ طَيبَةَ مَطْلِعَ الإيمَانِ
2453 – وَأَتَوْا إلى رَوْضَاتِهَا وَتَيَمَّمُوا … مِنْ أرْضِ مَكَّةَ مَطْلِعَ القُرْآنِ
2454 – قَوْمٌ إذَا مَا ناجذا نصٍّ بَدَا … طَارُوا لَهُ بالجَمْعِ والوُحْدَانِ


2444 – والخطاب موجَّه من الناظم إلى المعطل الجهمي الذي يتنقص أهل الحديث والمتمسكين بالكتاب والسنة.
2445 – أي اغسل لسانك فيما ولغ فيه من دم التعطيل والتكذيب … إلخ.
2446 – دعاء من الناظم على من اعتدى على أهل السنة بأن يكون فداءً لهم.
2449 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “الهذيان”.
2450 – فِي ب: “لوّوا رؤوسهم”.
2452 – د، ح، ط: (وصلو) (1).
د: (من أرض مكة مطلع القرآن) وهو شطر البيت الذي يليه.
2453 – هذا البيت ساقط من: (د).
2454 – النواجذ: أقصى الأضراس، وقيل: هي الأضراس كلها، يقال: “ضحك حتى بدت نواجذه” إذا استغرق فيه. وعضّ على الشيء بناجذه: تمسك به وحرص عليه. اللسان 3/ 513 – 514.

  • كذا في جميع النسخ وفي ط: “ناجذُ النص”، ولعله إصلاح للبيت لأن =
    (2/590)

2455 – وَإذَا بَدَا عَلَمُ الهُدَى اسْتَبَقُوا لَهُ … كَتَسَابُقِ الفُرْسَانِ يَوْمَ رِهَانِ
2456 – وإذَا هُمُ سَمِعُوا بِمُبْتَدِعٍ هَذَى … صَاحُوا بِهِ طُرًّا بِكلِّ مَكَانِ
2457 – وَرِثُوا رَسُولَ اللهِ لَكِنْ غَيْرُهُمْ … قَدْ رَاحَ بالنُّقْصَانِ والحِرْمَانِ
2458 – وإذَا اسْتَهانَ سواهُمُ بالنصِّ لَمْ … يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا مِنَ الخُسْرَانِ
2459 – عَضُّوا عَلَيْهِ بالنَّوَاجِذِ رَغْبَةً … فِيهِ وَلَيْسَ لَدَيْهِمُ بمُهَانِ
2460 – لَيْسُوا كَمَنْ نَبَذَ الكِتَابَ حَقِيقَةً … وَتَلاهُ قَصْدَ تَبَرُّكٍ وفُلانِ
2461 – عَزَلُوهُ في المعْنَى وَوَلَّوا غَيْرَه … كَأبِي الرَّبِيعِ خَليفةِ السُّلْطَانِ


= الفعل “بدا” مفرد، والضمير الفاعل راجع إلى الناجذين فالأصل أن يقول: “بَدَوَا” ولكن ذلك يفسد الوزن، ولعل الناظم أعاد الضمير على المضاف إليه. (ص). والبيت ناظر إلى قول الحماسي:
قوم إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم … طاروا إليه زرافاتٍ ووُحدانا

  • والناظم في هذا البيت والذي يليه يريد أن يبين شدة تمسك أهل السنة بالنصوص لكي يعملوا بها بخلاف غيرهم وكذلك يريد أن يبين سرعة استجابتهم وتعظيمهم لأوامر الله وأوامر رسوله – صلى الله عليه وسلم -.
    2455 – الرهان: المسابقة على الخيل. القاموس ص 1551.
    2460 – في ح، ط: “وتلاوة قصدًا بترك فلان” وهو تحريف. والمعنى: أن أهل الحق عملوا بنصوص الكتاب ولم يقرؤوها لمجرّد التبرك والتلاوة من غير فهم لمعانيها ولا عمل بمقتضاها كما فعل ذلك أهل البدع من أهل التأويل الباطل. وانظر الصواعق (2/ 672).
    2461 – “عزلوه”: يعني النص من الكتاب أو السنة.
    أشار في طرّة الأصل إلى أنّ في نسخة: “كخليفة في هذه الأزمان”. وأبو الربيع هو: سليمان بن الحاكم بأمر الله الملقب بالمستكفي بالله العباسي، خُطِبَ له على المنابر في البلاد الشامية والمصرية بعد وفاة أبيه سنة 701 هـ. وكان فاضلًا، جوادًا حسن الخط جدًّا، اشتغل بالعلم قليلًا، ثم إنه فوَّض ما يتعلق به من الحل والعقد إلى السلطان الناصر، وكانت بينه وبين السلطان محبة عظيمة ثم ساءت العلاقات بينهما، ووقع خلاف شديد؛ فأمر =
    (2/591)

2462 – ذَكَرُوهُ فَوْقَ مَنَابِرٍ وَبِسِكِّةٍ … رَقَمُوا اسْمَهُ فِي ظَاهِرِ الأثْمَانِ
2463 – والأمْرُ والنَّهْيُ المُطَاعُ لِغَيْرهِ … ولِمهْتَدٍ ضُرِبَتْ بِذَا مَثَلانِ
2464 – يَا لَلْعُقُولِ أَيَسْتَوي مَنْ قَالَ بالـ … ـــقُرْآنِ والآثارِ والبُرْهَانِ
2465 – ومُخَالِفٌ هَذَا وَفِطْرَةَ رَبهِ … اللَّهُ أكْبَرُ كَيْفَ يَسْتَويَانِ
2466 – بَلْ فِطْرَةُ اللهِ الَّتِي فُطِروا عَلَى … مَضْمونِها وَالعَقْلُ مَقْبُولَانِ
2467 – والوَحْيُ جَاءَ مُصَدِّقًا لَهُمَا فَلَا … تُلْقِ العَداوَةَ مَا هُمَا حَرْبَانِ
2468 – سِلْمانِ عِنْدَ مُوفَّقِ ومُصَدِّقٍ … واللهُ يَشْهَدُ إنْهُمَا سِلْمَانِ
2469 – فإذَا تَعَارَضَ نَصُّ لَفْظٍ وَارِدٍ … والعَقْلُ حَتَّى لَيْسَ يَلْتَقِيَانِ
2470 – فَالعَقْلُ إمَّا فَاسِدٌ وَيَظُنُّهُ الرَّ … ائِي صَحِيحًا وَهْو ذُو بُطْلَانِ
2471 – أَوْ أنَّ ذَاكَ النصَّ لَيْسَ بثَابتٍ … مَا قَالَهُ المعْصُومُ بالبُرْهَانِ
2472 – وَنُصُوصُهُ لَيْسَتْ يُعَارِضُ بَعْضُهَا … بَعْضًا فَسَلْ عَنْهَا عَلِيمَ زَمَانِ


= الملك الناصر باعتقاله في البرج، ومنعه من الاجتماع بالناس، ثم نفاه إلى “قوص” هو وأهله وأولاده، واستمرّ بها إلى أن توفي بها سنة أربعين وسبعمائة، وكان بطول مدته يخطب له على المنابر حتى زمن حبسه. البداية والنهاية (14/ 198)، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 484، الدرر الكامنة لابن حجر (2/ 141 – 144).
2463 – ف: (المثلان)، وكذا “ضربت” في جميع النسخ، فيه تأنيث المذكر للضرورة، وقد سلف مرارًا. انظر البيت (228)، (ص).
2465 – “هذا”: يعني القرآن والآثار.
2467 – في الأصل: “حزبان” بالزاي، وهو تصحيف، يؤكد ذلك قوله “سلمان” في البيت التالي، (ص).
2468 – أصله: “إنَّهما”، وقد خففت نون إنّ. وفي ف: “إنّها”.
2469 – د، ح، س: (لفظ نص).
2471 – ظ: (بالقرآن)، وأشار في الحاشية إلى ما ورد هنا.
2472 – كذا في الأصلين، وفي غيرهما: “تعارض”.
(2/592)


2473 – وإذَا ظَنَنْتَ تَعَارُضًا فِيهَا فَذَا … مِن آفةِ الأفْهَامِ وَالأذْهَانِ
2474 – أو أنْ يَكُونَ البَعْضُ لَيْسَ بثَابِتٍ … مَا قَالَهُ المبْعُوثُ بالقُرْآنِ
2475 – لَكِنَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ والجَهْمِ في … قَلْبِ الموحِّدِ لَيْسَ يَجْتَمِعَانِ
2476 – إلَّا وَيَطْرُدُ كُلُّ قَوْلٍ ضِدَّهُ … فإذَا هُمَا اجْتَمَعَا فمُقْتَتِلَانِ
2477 – والنَّاسُ بَعْدُ عَلَى ثَلَاثٍ حِزْبُه … أَوْ حَرْبُه أَوْ فارغٌ مُتَوَانِ
2478 – فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ أَيْنَ تَجْعَلُهَا فَلا … واللهِ لسْتَ برَابعِ الأعْيَانِ


2474 – أشار الناظم هنا إلى قضية مهمة، وهي أنه إذا رأى أحد تعارضًا بين النصوص الشرعية وبين العقل فلا يخلو الأمر من أحد شيئين:
إما أن يكون العقل فاسدًا، كما هو الحال في عقول المتكلمة الذين أدخلوا عقولهم فيما لا يستطيع العقل إدراكه من أمور الغيب؛ أو أن يكون ذلك النص المعارض للعقل غير ثابت ومكذوبًا على النبي – صلى الله عليه وسلم -. قال الناظم في الصواعق (3/ 830): “فلم يجئ في القرآن ولا في السنة حرف واحد يخالف العقل في هذا الباب، وما جاء من ذلك فهو مكذوب ومفترى كحديث: “إن الله لما أراد أن يخلق نفسه خلق خيلًا فأجراها فعرقت فخلق نفسه من ذلك العرق ….. إلخ”.
الحديث المشار إليه موضوع. انظر: اللآلئ المصنوعة (1/ 3)، ميزان الاعتدال (5/ 25). وانظر تقرير هذا المعنى في: درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام (1/ 146 – 149) وما بعدها.
2475 – يعني قول النبي – صلى الله عليه وسلم – وقول الجهم. وسبقت ترجمة الجهم تحت البيت (45).
2476 – ف: (فيقتتلان).
2477 – “حِزبُه” وما بعدها كذا ضبط في ف بالرفع، ويجوز بالجرِّ (ص).
2478 – بعد أن قرر الناظم أن قول أهل الحق المتمسكين بالآثار وقول أهل التأويل الباطل لا يجتمعان، قال: إن اجتمعا حصل بينهما الحرب والقتال، فالناس بعد ذلك على ثلاثة أقسام: فمنهم من هو حزب الحق وجنده، فهو يقاتل تحت رايته ويذب عنه أعداءه، ومنهم من هو حرب عليه يقاتل في صفوف خصومه، ومنهم من هو فارغ اللب من هذه الحرب لا يكترث لها ولا ينتصر لأحد من الفريقين المتحاربين لتوانيه عن تحصيل ما ينجيه. انظر: شرح الهراس (1/ 390).
(2/593)


2479 – مَنْ قَالَ بالتَّعْطِيلِ فَهْوَ مكَذِّبٌ … لِجَميعِ رُسْلِ اللهِ والفُرْقَانِ
2480 – إنَّ المُعَطِّلَ لَا إلهُ سِوَى الـ … ــمَنْحوتِ بالأفْكَارِ فِي الأذْهَانِ
2481 – وَكَذَا إلهُ المشْرِكينَ نَحِيتَةُ الْـ … أيْدِي هُمَا فِي نَحْتِهِمْ سِيَّانِ
2482 – لكِنْ إلهُ المرْسَلِينَ هُوَ الَّذِي … فَوْقَ السَّمَاءِ مُكوِّنُ الأكْوَانِ
2483 – واللهِ قَدْ نَسَبَ المعَطِّلُ كُلَّ مَنْ … بالبَيِّنَاتِ أتَى إلَى الكِتْمَانِ
2484 – واللهِ مَا فِي المرْسَلِينَ مُعَطِّلٌ … نافٍ صِفَاتِ الوَاحِدِ الرَّحمنِ
2485 – كَلَّا وَلَا في المرْسَلِينَ مُشَبِّهٌ … حَاشَاهُمُ مِنْ إفكِ ذِي بُهْتَانِ
2486 – فَخُذِ الهُدَى مِنْ عَبْدِهِ وَكِتَابهِ … فَهُمَا إلَى سُبُلِ الهُدَى سَبَبَانِ

فصلٌ في إبطالِ (1) قول الملحدينَ إنَّ الاستدلالَ بكلام الله ورسولِهِ لا يفيدُ العلمَ واليقينَ
2487 – واحْذرْ مَقَالَاتِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا … شِيَعًا وَكَانُوا شِيعَةَ الشَّيطَانِ


2479 – كذا في الأصلين، وفي غيرهما: “بجميع”.

  • لأنَّ جميع الرسل -كما تقدم عند الدليل الخامس عشر من أدلة العلو – جاؤوا بإثبات الصفات والعلو لله سبحانه، فالمعطل حينما ينفي ذلك عن الله فكأنه كذَّبَ جميعَ رسل الله والقرآن المنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم -.
    2483 – كذا في الأصل. وفي غيره: “تالله”.
  • والمعطل بنفيه وتعطيله قد نسب إلى الرسل والعلماء من بعدهم إلى كتمان الرسالة وعدم الأمانة في أدائها، لأنه إن كان الحق في ما قاله من التعطيل فإنه لم يثبت عن أحد منهم أنه عطّل صفة واحدة من صفات الله التي يستحقها سبحانه. فإذا كان التعطيل هو الحق، وهم لم يرشدوا الخلق إليه فقد كتموا الرسالة ولم يؤدوها حق الأداء.
    2484 – كذا في الأصل مضبوطًا بالتنوين. وفي غيره: “نافي”، وكلاهما صواب.
    (1) كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “بطلان”. وفي طع: “بيان بطلان”.
    (2/594)

2488 – واسألْ خَبِيرًا عَنْهُمُ يُنْبِيكَ عَنْ … أسْرَارِهِمْ بنَصِيحَةٍ وَبَيَانِ
2489 – قَالوا الْهُدَى لَا يُسْتَفَادُ بِسُنَّةٍ … كَلَّا وَلَا أثَرٍ وَلَا قُرْآنِ
2490 – إذْ كُلُّ ذَاكَ أدِلَّةٌ لَفْظِيَّةٌ … لَمْ تُبْدِ عَنْ عِلْمٍ ولَا إيقَانِ
2491 – فيهَا اشْتِرَاكٌ ثمَّ إجْمَالٌ يُرَى … وَتَجَوُّزٌ بالزَّيْدِ وَالنُّقْصَانِ
2492 – وكَذَلكَ الإضْمَارُ والتَّخْصِيصُ والْـ … ـــحَذفُ الَّذِي لَمْ يُبْدِ عَنْ تِبْيانِ
2493 – والنَّقْلُ آحادٌ فمَوقُوفٌ عَلَى … صِدْقِ الروَاةِ وَلَيْس ذَا بُرْهَانِ
2494 – إذ بَعْضُهُمْ فِي البَعْض يَقْدَحُ دَائِمًا … وَالقَدْحُ فِيهِمْ فَهْوَ ذُو إمْكَانِ


2488 – كأن الناظم يعني نفسه لأنه كما تقدم كان على مسلك أهل التأويل قبل اتصاله وتوبته على يد شيخ الإسلام ابن تيمية.
2489 – ب: “لا يستفيد”.
2490 – والناظم في هذه الأبيات وما يليها سوف يشير إلى مقولة أهل التأويل التي هدموا بها معاقل الدين ألا وهي: “أن النصوص أدلة لفظية لا تفيد اليقين” وأشهر من انتصر لهذه المقولة واحتج لها وسطرها في غالب كتبه هو “الرازي” وسيشير الناظم إلى أقواله بعينها.
2491 – طت، طه: “التزييد”.
ومراد الناظم بقوله: (وتجوز بالزيد والنقصان): المجاز وهو نوعان: مجاز بالزيادة ويمثلون له بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ}، ومجاز بالنقصان: كقوله تعالى: {وَسْئَلِ القَرْيَةَ} أي أهل القرية. انظر: الورقات للجويني ص 12.
2492 – طت، طه: “التحقيق” مكان التخصيص.
2494 – والمعنى عندهم: أنه لا يقطع بنقل الواحد لأننا إذا جوّزنا القدح فيه وأنه عرضة للخطأ والنسيان فإنه لا يصح الاستدلال بهذا الخبر المظنون.
انظر تقرير الرازي لهذا في كتابه الأربعين في أصول الدين (2/ 252) عند قوله: “المقدمة الثانية … “.
(2/595)


2495 – وَتَواتُرًا فَهُوَ القلِيلُ وَنَادِرٌ … جدًّا فأينَ القطْعُ بالبُرْهانِ؟
2496 – هَذَا وَيحْتَاجُ السَّلَامَةَ بَعْدُ مِنْ … ذَاكَ المُعَارِضِ صَاحِبِ السُّلطَانِ
2497 – وَهُوَ الَّذِي بالعَقل يُعرَفُ صِدْقُهُ … والنَّفْيُ مَظْنُونٌ لَدَى الإنْسَانِ
2498 – فَلِأجْلِ هَذَا قَدْ عَزَلْنَاهَا وَوَلّـ … ـــيْنَا العُقُولَ ومنْطِقَ الْيُونَانِ
2499 – فَانْظُرْ إِلَى الإسْلَامِ كَيْفَ بقَاؤهُ … مِنْ بَعْدِ هَذَا القَوْلِ ذِي البُطْلَانِ


2495 – “تواترًا”: كذا بالنصب في جميع النسخ المعتمدة. أي: والنقل تواترًا فهو القليل. وفي ط: “تواتر” بالرفع، (ص).

  • ط: (وهو القليل).
    2496 – يعنون به الدليل العقلي.
    2497 – طت: (يعرض). طه: (يفرض).
  • أشار الناظم في الأبيات السابقة إلى ما قرره الرازي في كتبه من المقدمات العشر التي لا بد منها حتى يفيد النص الشرعي اليقين. قال الرازي: “مسألة: الدليل اللفظي لا يفيد اليقين إلا عند تيقن أمور عشرة: عصمة رواة مفردات تلك الألفاظ وإعرابها، وتصريفها، وعدم الاشتراك، والمجاز، والنقل، والتخصيص بالأشخاص والأزمنة، وعدم الإضمار، والتأخير، والتقديم، والنسخ، وعدم المعارض العقلي الذي لو كان لرجح عليه إذ ترجيح النقل على العقل يقتضي القدح في العقل المستلزم للقدح في النقل لافتقاره إليه وإذا كان المنتج ظنيًا فما ظنك بالنتيجة” محصل أفكار المتقدمين ص 51، وانظر تفصيلها وشرحها في الأربعين في أصول الدين له أيضًا (2/ 252 – 254).
    وقد نقل كلامه الناظم في الصواعق (2/ 633 – 634). ونقل ردّ شيخ الإسلام على هذه المقدمات. وذكر محقق الصواعق أنه لم يجد نص كلام شيخ الإسلام في كتبه المطبوعة ولعله في مؤلف له مفقود بعنوان: “شرح أول المحصل”.
    2498 – أي لأجل هذه الأمور العشرة والمقدمات التي نص عليها الرازي قدموا العقول على النصوص الشرعية.
    (2/596)

2500 – وانظُرْ إلَى القُرْآنِ مَعْزُولًا لَدَيْـ … ـــهمْ عَنْ نُفُوذِ وِلَاية الإيقَانِ
2501 – وانْظُرْ إِلَى قَوْلِ الرَّسُولِ كَذَاكَ مَعْـ … ــزُولًا لَدَيْهِمْ لَيْسَ ذَا سُلْطَانِ
2502 – واللهِ مَا عَزَلُوهُ تَعْظِيمًا لَهُ … أيَظُنُّ ذلكَ قَطُّ ذُو عِرْفَانِ؟
2503 – يَا لَيتَهُمْ إذْ يَحْكُمُونَ بِعَزْلِهِ … لَمْ يَرْفَعُوا رَايَاتِ جِنْكِسْخَانِ
2504 – يَا وَيْحَهُم وَلَّوا نَتَائِجَ فِكْرِهِمْ … وَقَضَوْا بِهَا قَطعًا عَلَى القُرْآنِ
2505 – وَرُذَالُهُمْ وَلَّوا “إشارَاتِ” ابنِ سِيـ … ـــنَا حِينَ وَلَّوا مَنْطِقَ اليُونَانِ
2506 – وانظُرْ إلَى نَصِّ الكِتَابِ مُجَدَّلًا … وَسْطَ العَرِينِ مُمَزَّقَ اللَّحْمانِ
2507 – بالطَّعْنِ بالإجْمَالِ والإضْمَارِ والتَّـ … ـــخْصِيصِ والتَّأوِيل بالبُهْتَانِ
2508 – وبالاِشْتِرَاك وبالمجَازِ وَحَذْفِ مَا … شَاؤوا بِدَعْوَاهُمْ بِلَا بُرْهَانِ
2509 – وانظُرْ إِلَيْهِ لَيْسَ ينفُذُ حُكْمُهُ … بَيْنَ الخُصُومِ وَمَا لَهُ مِنْ شَانِ
2510 – وانْظُرْ إِلَيْه لَيْسَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ … فِي العِلْمِ بالأوْصَافِ لِلرَّحْمنِ


2502 – سقطت “قط” عن ف.

  • والمعنى: أن هؤلاء الضُّلَّال لمّا عزلوا نصوص الكتاب والسنة ولم يجعلوها تفيد العلم واليقين دل على عدم تعظيمهم لها في قلوبهم وأنها ليست محترمة ومقدَّمة على آرائهم وعقولهم الفاسدة.
    2503 – ف: “بعزلهم”.
  • “جنكسخان”: تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (369).
    2504 – كذا في الأصلين ود. وفي غيرها: “يا ويلهم”.
    2505 – يعني كتاب: “الإشارات والتنبيهات” لابن سينا، وقد سبق ذكره في البيت (492).
    2506 – طه: “مجندلًا” وهو خطأ. “ومجدلًا” أي صريعًا من جدَله وجدَّلَه فانجدَلَ وتجدّل: صرعه على الجَدالة أي على الأرض. القاموس 1260.
    2508 – ح، ط: (والاشتراك).
    2509 – “إليه” يعني إلى نص الكتاب.
    (2/597)

2511 – لَكِنَّمَا المَقْبُولُ حُكْمُ العَقْلِ لَا … أحْكَامُهُ لَا يَسْتَوِي الحُكْمَانِ
2512 – يَبْكِي عَلَيْه أَهْلُهُ وجُنُودُهُ … بدِمَائِهِمْ ومَدَامِعِ الأجْفَانِ
2513 – عَهِدُوهُ قِدْمًا لَيسَ يَحْكُمُ غَيْرُهُ … وَسِوَاهُ مَعْزُولٌ عَنِ السُّلْطَانِ
2514 – إنْ غَابَ نَابَتْ عَنْهُ أَقْوالُ الرَّسُو … لِ هُمَا لَهُمْ دُونَ الوَرَى حَكَمانِ
2515 – فأتَاهُمُ مَا لَمْ يَكُنْ في ظَنِّهِمْ … مِن حُكْمِ جِنْكِسخَانَ ذِي الطُّغْيَانِ
2516 – بِجُنُودِ تَعْطِيلٍ وكُفْرانٍ مِنَ الـ … ـمَغُّولِ ثم الآصِ والعَلَّانِ


2511 – قال الناظم حول هذا المعنى في الصواعق (2/ 772): “وأصحاب هذا القانون جعلوا الأصل المُحْكَمْ ما يدعونه من العقليات، وجعلوا القرآن كله مردودًا إليه. فما خالفه فهو متشابه، وما وافقه فهو المحكم، ولم يبق عند أهل القانون في القرآن محكم يرد إليه المتشابه ولا هو أم الكتاب وأصله … “.
2512 – “عليه”: يعني على نصّ الكتاب الذي وقع صريعًا من طعناتِ أهل التأويل.
2513 – قِدْمًا: قديمًا. الصحاح ص 2007.
2514 – “إن غاب”: يعني نصّ كتاب الله.
2515 – تقدمت ترجمة جنكسخان تحت البيت رقم (369).

  • “من حكم”: كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “في حكم”.
    2516 – “المغول” كذا في الأصلين وطع، وضبطناه بتشديد الغين للوزن. وفي غيرها: “الممغول” بميمين. وفي طت، طه: “المفعول” وهو تحريف.
    المغول أو المغل: قبائل من الجنس الأصفر، كانوا يسكنون منغوليا جنوب شرق سيبيريا على حدود الصين، وقد اختلطوا بالقبائل التركية، وبعضهم جعلهم من الترك، ويقول مؤرخ المغول رشيد الدين فضل الله الهمذاني: “ومع أن الأتراك والمغول وشعبهم يتشابهون وأطلق عليهم في الأصل لقب واحد، فإن المغول صنف من الأتراك وبينهم تفاوت واختلاف شاسع” جامع التواريخ (2/ 1/ 212)، وانظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير (12/ 361)، دائرة المعارف الإسلامية (4/ 576).
  • طت، طه: (اللّاص). =
    (2/598)

2517 – فَعَلُوا بِمِلَّتِهِ وَسُنَّتِهِ كَمَا … فَعَلُوا بأمَّتِهِ مِنَ العُدْوَانِ
2518 – واللهِ مَا انْقَادُوا لِجِنْكِسْخَانَ حَتَّـ … ــى أعْرَضُوا عَنْ مُحْكَمِ القُرْآنِ
2519 – واللهِ مَا وَلَّوهُ إلَّا بَعْد عَزْ … لِ الوَحْيِ عَنْ عِلْمٍ وَعَنْ إيقَانِ
2520 – عَزَلوهُ عَنْ سُلْطَانِهِ وهُوَ اليَقيـ … ــنُ المُسْتَفَادُ لَنا مِنَ السُّلْطَانِ
2521 – هَذَا وَلَمْ يَكْفِ الَّذِي فَعَلُوهُ حَتَّـ … ــى تَمَّمُوا الكُفْرَانَ بالبُهْتَانِ
2522 – جَعَلُوا القُرَآنَ عِضِينَ إذْ عَضَّوهُ أنْـ … ــواعًا مُعَدَّدَةً مِنَ النُّقْصَانِ


= والآص: من أقاليم ما وراء النهر، وهي بلاد لقوم من أقوام الترك والعجم. وقاعدة هذا الإقليم قِرْقِرْ، وهي من مدن الترك، ويقال لهم: “الآس” بالسين أيضًا.
انظر: تقويم البلدان لأبي الفداء ص 203، 215، صبح الأعشى (4/ 460 – 461)، (4/ 465)، تاج العروس (4/ 372) آخر مادة (أصَّ).

  • العَلَّان: ويقال لهم (اللَّان) وهم قوم من الترك أو التتار، ويقول ابن خلدون إنهم جنس من الترك، وهم مجاورون لبلاد الآص (الآنفي الذكر) أي أن بلادهم في ما وراء النهر.
    انظر: تاريخ ابن خلدون (5/ 439)، صبح الأعشى (1/ 366)، تقويم البلدان ص 203.
    2517 – أي أن المغول لم يكتفوا بالاعتداء على الأنفس والأموال بل جاؤوا معهم بالبدع والضلالات التي كانت سببًا في العدوان على الملة والسنة المحمدية.
    2518 – أي أن أهل الإسلام لم ينقادوا لحكم التتار والمغول لما دعوهم إليه من الضلال إلا بعد أن أعرضوا عن كتاب ربهم الذي كان مصدر عزتهم وقوتهم.
    2522 – “القران”: بتسهيل الهمزة للوزن.
  • ح، طه، هامش ب، د: (عضهوه). وعضَّوه: من التعضية، وهي التجزئة والتفريق، ومنه قوله تعالى: {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91]: أي مفرقًا فقالوا: سحر، وقالوا: كهانة، وقالوا: أساطير الأولين. انظر المفردات ص 571. =
    (2/599)

2523 – مِنْهَا انتِفَاءُ خُرُوجِهِ مِنْ رَبِّنَا … لَمْ يَبْدُ منْ رَبٍّ وَلَا رَحْمنِ
2524 – لَكِنَّهُ خَلْقٌ مِنَ اللَّوْحِ ابْتَدَا … أَوْ جِبْرَئيلَ أوِ الرَّسُولِ الثَّانِي
2525 – مَا قَالَهُ ربُّ السَّمَواتِ العُلَى … لَيْسَ الكَلَامُ بِوصْفِ ذِي الغُفْرَانِ
2526 – تَبًّا لَهُمْ سَلَبُوهُ أكْمَلَ وَصْفِهِ … عَضَهُوهُ عَضْهَ الرَّيْبِ والكُفْرَانِ
2527 – هَلْ يَسْتَوِي بالله نِسْبَتُهُ إِلَى … بَشَرٍ وَنِسْبَتُهُ إلَى الرَّحْمنِ
2528 – مِنْ أيْن لِلمخْلُوقِ عِزُّ صِفَاتِه؟ … اللهُ أكبَرُ لَيْسَ يَسْتَويَانِ
2529 – بَيْنَ الصِّفَاتِ وبَيْنَ مَخْلُوقٍ كَمَا … بَينَ الإله وَهَذِهِ الأكْوَانِ
2530 – هَذَا وَقَدْ عَضَهُوهُ أنَّ نُصُوصَهُ … مَعْزُولَةٌ عَنْ إمرَةِ الإِيقَانِ
2531 – لَكِن غَايَتَهَا الظُّنُونُ وَلَيْتَهُ … ظَنًّا يَكُونُ مُطَابِقًا بِبَيَانِ


= – ف، ب، ظ، طع: (معدودة). وهو خطأ.

  • والمعنى: أنهم فرّقوا أقاويلهم في كتاب الله، فلم يكفهم أن جعلوه غير مفيدٍ للعلم بل زادوا فيه افتراءات أخر منها: أن الله لم يتكلم به حقيقةً، وأن ألفاظه من جبريل أو محمد مع أن هذه الصفة من أكمل صفات الرب سبحانه.
    2524 – “لكنه”: يعني القرآن.
    “الرسول الثاني”: يعني النبي محمدًا، والناظم هنا يشير إلى مذهب الأشاعرة والكلابية الذين يقولون إن المعنى من الله والألفاظ من جبريل أو محمد وقد تقدمت الإشارة إلى هذا.
    2526 – عَضَهَه – كمنعه – عَضهًا: رماه بالبهتان. الصحاح ص 2241.
    2528 – “عِزّ”: أشار في حاشية ف إلى أنّ في نسخة: “عين”، وكذا في طه.
    2530 – ف: (وصفوه). وأشار إلى هذه النسخة في حاشية الأصل أيضًا.
    2531 – “ظنًّا”: كذا في جميع النسخ المعتمدة، وهو خبر مقدّم لكان، ويجوز أن يكون خبر ليت على مذهب الفراء وبعض أصحابه. انظر مغني اللبيب (ط. دار الفكر): 376، (ص).
    (2/600)

2532 – لَكِنْ ظَوَاهِرُ لَا يُطَابِقُ ظَنُّهَا … مَا في الحَقِيقَةِ عِنْدَنَا بِوِزَانِ
2533 – إلا إذَا مَا أُوِّلَتْ فَمَجَازُهَا … بِزيَادَةٍ فِيهَا أَو النُّقْصَانِ
2534 – أَوْ بِالْكِنَايَةِ وَاسْتِعَارَاتٍ وَتَشْـ … ــــبِيهٍ وأنْوَاعِ المجَاز الثَّانِي
2535 – فالقَطْعُ لَيْس يُفِيدُهُ والظَّنُ مَنْـ … ـــفِيُّ كذلِكَ فَانْتَفَى الأمْرَانِ
2536 – فَلِمَ المَلَامَةُ إذْ عَزَلْنَاهَا وَوَلّـ … ـــيْنَا العُقُولَ وفِكْرَةَ الأذْهَانِ
2537 – فالله يُعْظِمُ في النصوص أجُورَكُمْ … يَا أمَّةَ الآثارِ والقُرْآنِ
2538 – مَاتَتْ لَدَى الأقْوَامِ لَا يُحْيُونَهَا … أَبَدًا وَلَا تُحْيِيهُمُ لِهَوَانِ
2539 – هَذَا وَقَوْلُهُمُ خِلافُ الحِسِّ والـ … ـــمَعْقُولِ [والمَنْقُولِ] والبُرْهَانِ
2540 – معَ كَوْنِه أَيْضًا خِلَافَ الفِطْرَةِ الْـ … أُولَى وَسُنَّةِ رَبِّنَا الرَّحمنِ
2541 – فاللهُ قَدْ فَطَرَ العبَادَ عَلَى التَّفَا … هُم بالخطَابِ لمَقْصِدِ التِّبْيَانِ
2542 – كُلٌّ يَدُلُّ عَلَى الَّذِي في نَفْسِهِ … بِكَلَامهِ مِنْ أَهْلِ كُلِّ لِسَانِ
2543 – فَتَرَى المخَاطَبَ قَاطِعًا بمُرَادِهِ … هَذَا مَعَ التقْصِير في الإنْسَانِ


2532 – طه: (ما يطابق).

  • والمعنى: أن أهل التأويل بعد أن قرروا أن الأدلة لا تفيد العلم وإنما تفيد الظن انتقلوا إلى فِرْيَةٍ أخرى، وقالوا: وإن قلنا إنها تفيد الظن، لكنها غير مطابقة للحقيقة فلا بد من تأويلها وإيجاد معنًى غير ما دلّ ظاهرها عليها فغاية الأمر أن نفوا القطع والظن عن النصوص.
    2536 – ب: “إنْ عزلناها”.
    2538 – أي أن النصوص إنما هي بمعانيها المرادة منها فإذا عُطّلت عن معانيها الحقة أصبحت كالجسد بلا بروح ميِّتة فكيف تحيي من يقرؤها. وهم فعلوا هذا لهوانها عندهم وعدم تعظيمهم لها.
    2539 – ما بين الحاصرتين زيادة من غير الأصلين.
    2541 – طع: (والله).
    2543 – المخاطب بفتح الطاء: وهو الذي وجِّهَ إليه الخطاب يكون قاطعًا بمراد المُخَاطِب: وهو الذي ألقى الخطاب. =
    (2/601)

2544 – إذْ كلُّ لَفْظٍ غَيْرِ لَفْظِ نَبِيِّنَا … هُوَ دُونَهُ في ذَا بِلَا نُكْرَانِ
2545 – حَاشَا كَلَامَ اللهِ فَهْوَ الغَايَةُ الـ … ــقُصوى لَهُ أَعْلَى ذُرَى التِّبْيَانِ
2546 – لَمْ يَفْهَمِ الثَّقَلانِ مِنْ لَفْظٍ كَمَا … فَهِمُوا مِنْ الأخْبَارِ والقُرْآنِ
2547 – فَهُوَ الَّذِي اسْتَولَى عَلَى التِّبْيَانِ كاسْـ … ـــتيلائِهِ حَقًّا عَلَى الإحْسَانِ
2548 – مَا بَعْدَ تِبْيَانِ الرَّسُولِ لِنَاظِرٍ … إلَّا العَمَى والعَيْبُ في العُمْيانِ
2549 – فَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ الرَّسُولِ لِسَائِلٍ … مِنْ صَحْبِهِ عَنْ رؤْيةِ الرَّحْمنِ
2550 – حَقًّا تَرَوْنَ إلهكُمْ يَوْمَ اللِّقَا … رُؤيا العِيَانِ كَمَا يُرَى القَمَرانِ
2551 – كَالبدْرِ لَيلَ تَمَامِهِ والشَّمْسِ في … نَحْرِ الظَّهِيرةِ مَا هُمَا مِثْلَانِ


= – قال الناظم في الصواعق (2/ 644) في هذا المعنى: “إن أبلد الناس وأبعدهم فهمًا يعلم مراد أكثر من يخاطبه بالكلام الركيك العادم للبلاغة والفصاحة، فكيف لا يعلم أذكى الناس وأصحهم أذهانًا وأفهامًا مراد المتكلم بأفصح الكلام وأبينه وأدله على المراد، ويحصل لهم اليقين بالعلم بمراده، وهل هذا إلا من أمحل المحال” ا. هـ.
2544 – في الأصل: “دون لفظ نبينا”.
2547 – مراد الناظم: أن القرآن هو أحسن الكلام تبيانًا ولا يمكن لأحد أن يكون بيانه أجود من كان القرآن.
2549 – يشير الناظم إلى الحديث المتفق على صحته، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال أناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: “هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب”؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: “هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ ” قالوا: لا يا رسول الله، قال: “فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك .. ” الحديث.
أخرجه البخاري في كتاب الرقاق – باب الصراط جسر جهنم برقم (6573)، ومسلم في كتاب الإيمان برقم (299)، وأحاديث الرؤية متواترة وقد تقدمت الإشارة إلى بعضها عند أدلة العلو. انظر البيت (1274) وما بعده.
(2/602)


2552 – بَلْ قَصْدُهُ تَحْقِيقُ رؤيتِنا لَهُ … فأَتَى بأظْهَرِ مَا يُرَى بِعِيَانِ
2553 – ونَفَى السَّحَابَ وذَاكَ أمْرٌ مَانِعٌ … مِنْ رُؤيةِ القَمَرَينِ في ذَا الآنِ
2554 – فَأتَى إذًا بالمقْتَضي وَنَفَى المَوا … نِعَ خَشْيَةَ التَّقْصِيرِ في التِّبْيَانِ
2555 – صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ مَا هَذَا الَّذِي … يَأتِي بِهِ مِنْ بَعْدِ ذَا بِبَيَانِ
2556 – مَاذَا يَقُولُ القَاصِدُ التِّبْيَانِ يَا … أهْلَ العَمَى مِنْ بَعْدِ ذَا التِّبْيَانِ
2557 – فَبِأَيِّ لَفْظٍ جَاءكُمْ قُلتُمْ لَهُ … ذَا اللَّفظُ مَعْزُولٌ عَن الإيقَانِ
2558 – وَضَرَبْتُمُ في وَجْهِهِ بِعَسَاكِر التَّـ … ـأويل دَفْعًا مِنْكُمُ بِلِيانِ
2559 – لَو أنَّكُمْ واللهِ عَامَلْتُمْ بذَا … أَهْلَ العُلُوم وكُتْبَهُمْ بِوِزَانِ
2560 – فَسَدَتْ تَصَانِيفُ الوُجُودِ بأسْرِهَا … وغَدَتْ عُلومُ الناسِ ذَاتَ هَوانِ


2552 – يشير إلى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – شبَّه الرؤية بالرؤية، ولم يشبِّه المرئي بالمرئي كما يزعم بعض أهل التأويل ممن ساء فهمه في هذا الحديث.
2554 – طع: (فإذا أتى).
المقتضي -بكسر الضاد-: اسم فاعل وهو كون الشمس في نحر الظهيرة وكون القمر مكتملًا واضحًا حينما يصير بدرًا في منتصف الشهر.
الموانع من الرؤية: كالسحاب، والظلمة، وغيرها.
2555 – طع: “ذا التبيان”.
2556 – وقد أشار الناظم إلى هذا في الصواعق (1/ 389 – 397) وذكر أمثلة من فصاحة كلام الله ورسوله، وذكر من الأمثلة حديث الرؤبة الذي أشار إليه هنا.
2559 – أي بالقاعدة التي وضعتموها وهي أن الكلام لا يفيد اليقين إلا عند توفر المقدمات العشر التي ذكرتموها.
2560 – أي أن القول بأن كلام الله ورسوله لا يفيد اليقين والعلم لو عاملوا به كلام سائر المصنفين والعلماء لفسدت تصانيفهم ولم يعد لها أي فائدة تذكر. =
(2/603)


2561 – هَذَا وَلَيسُوا في بَيَانِ عُلُومِهِمْ … مِثْلَ الرَّسُولِ ومُنْزِلِ القُرْآنِ
2562 – واللهِ لَوْ صَحَّ الَّذِي قَدْ قُلْتُمُ … قُطِعَتْ سَبِيلُ العِلْمِ والإيمَانِ
2563 – فالعَقْلُ لَا يَهْدِي إلَى تَفْصِيلهَا … لَكِنّ ما جَاءتْ بِهِ الوَحْيَانِ
2564 – فَإذَا غَدَا التفْصيلُ لَفْظِيًّا وَمعْـ … ـــزُولًا عَنِ الإِيقَانِ والرُّجْحَانِ
2565 – فهُنَاكَ لَا عِلمًا أفَادَتْ لَا ولَا … ظَنًّا وَهَذَا غَايَةُ الحِرْمَانِ
2566 – لَوْ صَحَّ ذَاكَ القَوْلُ لَمْ يَحْصُلْ لَنَا … قَطْعٌ بِقَوْلٍ قَطُّ مِنْ إِنسَانِ


= قال الناظم في الصواعق (2/ 652): “فمن قال: إن اليقين لا يحصل بألفاظه، ولا يستفاد العلم من كلماته كان قدحه في بيانه أعظم من قدحه في مراد سائر العلماء المصنفين، ومن قدحه في حصول العلم واليقين بمرادها، وإلا كان قدحه في مراد عامة الآدميين أقرب وقدحه في معرفة البهائم في لغاتها أقرب، ومن كان قوله مستلزمًا لهذه اللوازم، كان قوله من أفسد أقوال بني آدم، وكان قوله قدحًا في العقليات والشرعيات والضروريات”.
2561 – وهو الله سبحانه وتعالى.
2562 – يعني: ما قلتموه من أن نصوص الكتاب والسنة لا تفيد العلم واليقين.
2563 – يعني: إلى تفصيل سبيل أهل العلم والإيمان.

  • أنث الوحي للضرورة. انظر ما سبق في البيت (1904). وانظر أيضًا الأبيات (4210، 4302، 4526)، (ص).
    2565 – قال الناظم في الصواعق (2/ 739): “إن القائل بأن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين، إما أن يقول: إنها تفيد ظنًّا أو لا تفيد علمًا ولا ظنًّا، فإن قال: لا تفيد علمًا ولا ظنًا، فهو مع مكابرته للعقل والسمع والفطرة الإنسانية من أعظم الناس كفرًا وإلحادًا، وإن قال: بل تفيد ظنًا غالبًا وإن لم تفد يقينًا، قيل له: فالله سبحانه قد ذم الظن المجرد وأهله فقال تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] فأخبر أنه ظن لا يوافق الحق ولا يطابقه .. إلخ”.
    (2/604)

2567 – وَغَدَا التَّخَاطُبُ فَاسِدًا وفَسَادُهُ … أصْلُ الفَسَادِ لِنَوْعِ ذَا الإنْسَانِ
2568 – مَا كَانَ يَحْصُلُ عِلْمُنَا بِشَهَادَةٍ … وَوَصِيَّةٍ كَلَّا وَلَا إيمَانِ
2569 – وَكَذَلِكَ الإقرارُ يُصبِحُ فَاسِدًا … إذْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِسَبْعِ مَعَانِ
2570 – وَكَذَا عُقُودُ العَالَمِينَ بِأَسْرِهَا … باللَّفظِ إذْ يتَخَاطَبُ الرَّجُلَانِ
2571 – أَيسُوغُ للشُّهَدَا شَهَادَتُهُمْ بِهَا … مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُمُ بِبَيَانِ
2572 – إِذْ تِلْكُمُ الألْفَاظُ غَيْرُ مُفِيدَةٍ … لِلْعِلْمِ بَلْ لِلظَّنِّ ذِي الرُّجحَانِ
2573 – بَلْ لَا يَسُوغُ لِشَاهِدٍ أبدًا شَهَا … دَتُهُ عَلَى مَدْلُولِ نُطْقِ لِسَانِ


2576 – ب: (ذا الإحسان).

  • قال الناظم في الصواعق (1/ 342 – 347) – تحت فصل بعنوان: “الفصل الرابع عشر في أن التأويل يعود على المقصود من وضع اللغات بالإبطال”: ” … والمقصود أن العبد لا يعلم ما في ضمير صاحبه إلا بالألفاظ الدالة على ذلك، فإذا حمل السامع كلام المتكلم على خلاف ما وضع له وخلاف ما يفهم منه عند التخاطب عاد على مقصود اللغات بالإبطال، ولم يحصل مقصود المتكلم ولا مصلحة المخاطب، وكان ذلك أقبح من تعطيل اللسان عن كلامه .. “.
    2568 – يعني: شهادة الشهود سواءً في بَيْعٍ أو نكاح أو رؤية أو غيرها … ، وقد عقد لهما الفقهاء بابًا مستقلًا في كتبهم (انظر: منار السبيل (2/ 481)، المغني (12/ 2).
    والوصية: “تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع”. انظر: فقه السنة للسيد سابق (3/ 414)، منار السبيل (2/ 34).
    الأيْمان: جمع يمين، وهو الحَلِفُ والقسم.
    2569 – الإقرار: هو الاعتراف بالحق سواءً الاعتراف بفعل ما يوجب الحدَّ عليه كالزنا والسرقة والقتل وغيره. انظر: منار السبيل (2/ 555).
    2570 – ف: (إذا لم يتخاطب)، وهو خطأ.
    2572 – طع: (بل للضر) تحريف.
    (2/605)

2574 – بَلْ لَا يُرَاقُ دَمٌ بِلَفْظِ الكُفْرِ منْ … مُتَكَلِّمٍ بالظَّنِّ والحُسْبَانِ
2575 – بَلْ لَا يُبَاحُ الفَرْجُ بالإذْنِ الَّذِي … هُوَ شَرْطُ صحَّتهِ مِنَ النِّسْوَانِ
2576 – أَيَسُوغُ لِلشُّهَداءِ جَزْمُهُمُ بِأنْ … رَضِيَتْ بِلَفْظٍ قَابِلٍ لِمعَانِ
2577 – هَذَا وَجُمْلةُ مَا يُقَالُ بأنَّهُ … في ذَا فَسَادُ العَقْلِ وَالأَدْيَانِ
2578 – هَذا وَمِنْ بُهْتَانِهِمْ أنَّ اللُّغَا … تِ أتَتْ بِنَقْلِ الفَرْدِ وَالوُحْدَانِ
2579 – فَانْظرْ إِلى الألْفَاظِ في جرَيَانِهَا … في هذِهِ الأخْبارِ والقُرْآنِ
2580 – أَتَظُنُّهَا تَحْتَاجُ نَقْلًا مُسْنَدًا … مُتَوَاتِرًا أَوْ نَقْلَ ذِي وُحْدَانِ
2581 – أَمْ قَدْ جَرَتْ مَجْرَى الضَّرُورِيَّاتِ لَا … تَحْتاجُ نَقْلًا وَهْيَ ذَاتُ بَيَانِ


2574 – والمعنى: على قاعدة أهل التأويل الفاسدة لا يحكم بقتل المرتد الذي تلفظ بكلمة الكفر، لأن كلامه لا يفيدنا العلم واليقين بما دل عليه من الكفر الذي نطق به.
2576 – “رضيت”: يعني المرأة المخطوبة.
2577 – عقد الناظم في الصواعق (2/ 399) فصلًا بعنوان: “في أن التأويل يفسد العلوم كلها إن سلط عليها ويرفع الثقة بالكلام ولا يمكن أمة من الأمم أن تعيش عليه”.
2578 – يشير الناظم إلى ما قرره الرازي ومن تبعه في كتبهم من أن اللغات أتت بنقل الآحاد.
قال الرازي في الأربعين (2/ 252): “أما المقدمة الأولى فهي أن التمسك بالدلائل اللفظية موقوف على معرفة اللغات، واللغات منقولة برواية الآحاد لا بالتواتر فإن رواة اللغات جمع معينون من الأدباء كالخليل والأصمعي وغيرهما ولا شك أنهم ما كانوا معصومين ومثل هذه الرواية لا تفيد إلا الظن”. وانظر الرد عليهم في: الصواعق (2/ 742، 746، 748، 753).
وقال الرازي كذلك في تفسيره الكبير (1/ 15): “لا شك أن أكثر اللغات منقول بالآحاد ورواية الواحد إنما تفيد الظن عند اعتبار أحوال الرواة وتصفح أحوالهم بالجرح والتعديل … إلخ”.
(2/606)


2582 – إلَّا الأقَلَّ فإنَّهُ يَحْتَاجُ لِلنَّـ … ـقْلِ الصَّحِيح وَذَاكَ ذُو تِبْيَانِ
2583 – وَمِنَ المصَائِبِ قَوْلُ قَائِلِهمْ بأنَّ م … “اللَّه” أظْهَرُ لَفْظَةٍ بِلسَانِ
2584 – وَخِلَافُهُمْ فِيهِ كَثِيرٌ ظَاهِرٌ … عَرَبيُّ وَضْعٍ ذَاكَ أمْ سُرْيَانِي
2585 – وَكَذَا اخْتلافُهُمُ أمُشْتَقًّا يُرَى … أَمْ جَامِدًا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ


2582 – وخلاصة هذا الرد من المؤلف قاله في الصواعق (2/ 742) ونصه: “الوجه التاسع والأربعون: قوله: إن العلم بمدلول الأدلة اللفظية موقوف على نقل اللغة كلام ظاهر البطلان، فإن دلالة القرآن والسنة على معانيها من جنس دلالة لغة كل قوم على ما يعرفونه ويعتادونه من تلك اللغة، وهذا لا يخص العرب بل هو أمر ضروري لجميع بني آدم … إلخ كلامه”.
2583 – قال الرازي في تفسيره (1/ 15): “اللغات المنقولة إلينا بعضها منقول بالتواتر وبعضها منقول بالآحاد. وطعن بعضهم في كونها متواترة فقال: أشهر الألفاظ وهو قولنا: “الله” قد اختلفوا فيها فقيل: إنها ليست عربية بل هي عبرية، وقيل: إنها اسم علم، وقيل: إنها من الأسماء المشتقة، وذكروا في اشتقاقها وجوهًا عشرة وبقي الأمر في هذه الاختلافات موقوفًا إلى الآن .. إلخ”.
2585 – انظر تقرير الناظم لهذه الشبهة والرد عليها في الصواعق (2/ 749) وبعد أن نقل خلافهم فيه وأنهم احتجوا بهذا على إبطال اللغات قال: ” .. فتأمل هذا الوهم والإيهام واللبس والتلبيس فإن جميع أهل الأرض علماءهم وجهالهم ومن يعرف الاشتقاق ومن لا يعرفه، وعربهم وعجمهم يعلمون أن “الله” اسم لرب العالمين خالق السماوات والأرض … وهو أظهر عندهم وأعرف وأشهر من كل اسم وضع لكل مسمى، وإن كان الناس متنازعين في اشتقاقه فليس ذلك بنزاع منهم في معناه” ا. هـ بتصرف يسير.
وقد اعتمد الرازي في تفسيره (1/ 81) أن لفظ الجلالة غير مشتق فقال: “المختار عندنا أن هذا اللفظ اسم علم لله تعالى وأنه ليس بمشتق البتة وهو قول الخليل وسيبويه وقول أكثر الأصوليين والفقهاء ويدل عليه وجوه: … ثم ذكرها” ا. هـ.
والرازي وقبله السهيلي وشيخه أبو بكر بن العربي نفوا أن يكون لفظ “الله”=
(2/607)


2586 – والأصْلُ مَاذَا؟ فِيهِ خُلْفٌ ثَابِتٌ … عِنْدَ النُّحَاةِ وَذَاكَ ذُو ألْوَانِ
2587 – هَذَا وَلَفْظُ “اللهِ” أَظْهَرُ لَفْظَةٍ … نَطَقَ اللّسانُ بِهَا مَدَى الأزْمَانِ
2588 – فانْظُرْ بحَقِّ اللهِ مَاذَا في الَّذِي … قَالُوهُ مِنْ لَبْسٍ وَمِنْ بُهْتَانِ
2589 – هَلْ خَالَفَ العُقَلَاءُ أنَّ اللَّه رَبُّ … م الْعَالَمِينَ مُدَبِّرُ الأكْوَانِ
2590 – مَا فيهِ إجْمَالٌ وَلَا هُوَ مُوهِمٌ … نَقْلَ المجَازِ وَلَا لَهُ وَضْعَانِ
2591 – والْخُلْفُ في أَحْوَالِ ذاكَ اللَّفظِ لَا … في وَضْعِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ رَجُلانِ
2592 – وَإذَا هُمُ اخْتَلَفُوا بِلَفْظَةِ “مَكَّةٍ” … فِيهِ لَهُمْ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ


= مشتقًا خوفًا من أن يلزم من ذلك أن تكون له مادة اشتق منه اسمه واسمه تعالى قديم، والقديم لا مادة له فيستحيل الاشتقاق وقد ردَّ عليهم الناظم في بدائع الفوائد (1/ 22) فقال كلامًا نفيسًا ونصه: “ولا ريب إن أريد بهذا الاشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل، ولكن الذين قالوا بالاشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألمَّ بقلوبهم، وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى وهي “الإلهية” كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير .. إلى فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة، فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق أسماء الله .. . (إلى أن قال): فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاقًا ماديًا وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن -بالكسر- مشتقًا، والمتضمَّن -بالفتح- مشتقًا منه، ولا محذور في اشتقاق أسماء الله بهذا المعنى” ا. هـ بتصرف.
2586 – قول الناظم: “والأصل ماذا” أي أصل لفظ الجلالة (الله) ما هو إذا قيل باشتاقه؟
2591 – في الأصل: “وصفه” وأشار إلى هذه النسخة في حاشية ف أيضًا.
2592 – مكة: اختلفوا في أصل معناها اللغوي، فبعضهم قال: مشتقة من تمككتُ العظم: أخرجت مخه، وتسميتها بذلك لأنها كانت تمك من ظلم بها أي تدقُّهُ وتهلكه.
ومنه قول الراجز:
يا مكةُ، الفاجرَ مُكِّي مكَّا … ولا تَمُكِّي مَذْحِجًا وعكَّا
وقيل سميت بذلك لقلة مائها، وذلك أنهم يمتكون الماء فيها أي يستخرجونه.
(2/608)


2593 – أَفَبَيْنَهُمْ خُلْفٌ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ … حَرَمُ الإلةِ وَقِبْلَةُ البُلدَانِ
2594 – وَإذَا هُمُ اخْتَلَفُوا بِلَفْظَةِ “أحْمدٍ” … فِيهِ لَهُمْ قَوْلَانِ مَذْكُورَانِ
2595 – أَفَبَيْنَهُمْ خُلْفٌ بأنَّ مُرَادَهُمْ … مِنْهُ رَسُولُ اللهِ ذُو البُرْهَانِ
2596 – وَنَظِيرُ هَذَا لَيْس يُحْصَرُ كَثْرَةً … يَا قَوْمُ فاسْتَحْيُوا مِنَ الرَّحْمنِ
2597 – أَبِمثْلِ ذَا الهَذَيَانِ قَدْ عُزِلَتْ نُصُو … صُ الوَحْيِ عَنْ عِلمٍ وَعَنْ إيقَانِ
2598 – فالحَمْدُ للهِ المُعَافِي عَبْدَهُ … مِمَّا بَلَاكُمْ يَا ذَوِي العِرْفَانِ
2599 – فَلأَجْلِ ذَا نَبَذُوا الكِتَابَ وَرَاءَهُمْ …. وَمَضوْا عَلَى آثارِ كُلِّ مُهَانِ
2600 – وَلِأجْلِ ذَاكَ غَدَوْا عَلَى السُّنَن الَّتِي … جَاءَتْ وأهْلِيها ذَوِي أضْغَانِ
2601 – يَرْمُونَهُمْ بَهْتًا بِكُلِّ عَظِيمَةٍ … حَاشَاهُمُ مِنْ إفْكِ ذِي بُهْتَانِ



= وقال بعضهم كالخليل: سميت بذلك لأنها وسط الأرض كالمخ الذي هو أصل ما في العظم.
انظر: لسان العرب (10/ 490)، القاموس ص 1231، المفردات ص 772.
2594 – طع: “فيدلهم”، مكان “فيه لهم”، وهو تحريف.

  • يعني الخلاف في اسم النبي – صلى الله عليه وسلم – “أحمد” هل هو بمعنى اسم المفعول أو اسم الفاعل فقال -رحمه الله- في جلاء الأفهام ص 98: “سمي “محمدًا” و”أحمد” لأنه يحمد أكثر مما يحمد غيره وأفضل مما يحمد غيره فالاسمان واقعان على المفعول وهو المختار وذلك أبلغ في مدحه وأتم معنى، ولو أريد به معنى الفاعل لسُمِّيَ “الحماد” وهو كثير الحمد كما سمي “محمدًا” وهو المحمود كثيرًا .. . إلخ”.
    وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (18/ 83).
    2598 – ف: (العدوان).
    2601 – “بهتًا”: كذا في الأصلين. وفي الأصل فوقه: “كذبًا”، وزاد في ب بعد “كذبًا” “بَهْتًا” فأفسد الوزن.
    (2/609)

فصلٌ في تنزيهِ أهلِ الحديثِ وحَمَلَةِ (1) الشَّريعةِ عَنِ الألْقابِ القَبيحَةِ والشَّنِيعَةِ
2602 – فَرَمَوْهُمُ بَغْيًا بِمَا الرَّامِي بِهِ … أوْلَى لِيَدْفَعَ عَنْهَ فِعْلَ الجَانِي
2603 – يَرْمِي البَرِيءَ بِمَا جنَاهُ مُبَاهِتًا … وَلِذَاكَ عِنْدَ الغِرِّ يَشْتَبِهَانِ
2604 – سَمَّوهُمُ حَشْويَّةً وَنَوَابتًا … ومُجَسِّمِينَ وَعَابِدِي أوْثَانِ
2605 – وَكَذَاكَ أعْدَاءُ الرَّسُولِ وَصَحْبِهِ … وَهُمُ الرَّوافِضُ أَخْبَثُ الحَيَوَانِ
2606 – نَصَبُوا العَدَاوَةَ لِلصَّحَابَةِ ثُمَّ سَمَّـ … ـوا بالنَّواصِب شِيعَةَ الرَّحْمنِ
2607 – وَكَذَا المُعَطِّلُ شَبَّهَ الرَّحْمنَ بالْـ … ـمَعْدُومِ فاجْتَمعَتْ لَهُ الوَصْفَانِ


(*) من بداية هذا الفصل إلى البيت 4108 من تحقيق عبد الله بن عبد الرحمن الهذيل.
(1) ساقطة من ح، ط.
2603 – ظ، د، س: “وكذاك”، تحريف.
الغر: بكسر الغين المعجمة، والغرير هو الشاب الذي لا تجربة له. لسان العرب 5/ 16 مادة (غرر).
2604 – انظر البيت 2315 وما بعده، وكذلك ما تقدم في التعليق على مقدمة المؤلف.

  • سبق تفسير النوابت في البيت 2336.
  • سبق التعريف بالمجسّمة في التعليق على مقدمة المؤلف.
    2605 – سبق التعريف بالرافضة في التعليق على مقدمة المؤلف.
    2607 – أي وصف التعطيل والتشبيه. وقد أنّث المذكر للضرورة. وسيأتي مثله في البيت 5567. وانظر تعليقنا على البيت 228 (ص).
    (2/610)

2608 – وَكَذَاكَ شَبَّهَ قَوْلَهُ بِكَلَامِنَا … حَتَّى نفَاهُ وذَانِ تَشْبِيهَانِ
2609 – وَكَذَاكَ شَبَّهه وَصْفَهُ بِصِفَاتِنَا … حَتَّى نَفَاها عَنْه بالبُهْتَانِ
2610 – وَأتى إلَى وَصْفِ الرَّسُولِ لِربِّهِ …. سَمَّاهُ تَشْبِيهًا فَيَا إخْوَانِي
2611 – بِاللَّه مَنْ أوْلَى بِهَذَا الاسْم مِنْ …. هَذَا الخَبِيثِ المُخْبِثِ الشَّيْطَانِ
2612 – إنْ كَانَ تَشْبِيهًا ثُبُوتُ صِفَاتِهِ … سُبْحَانَهُ فَبِكامِلٍ ذِي شَانِ
2613 – لَكنَّ نَفْيَ صِفَاتِهِ تَشْبِيهُهُ … بالجَامِدَاتِ وكلِّ ذِي نُقْصانِ
2614 – بَلْ بالّذِي هُوَ غَيْرُ شَيْءٍ وَهْوَ مَعْـ … ـدُومٌ وإِنْ يُفْرَضْ فَفِي الأذْهَانَ
2615 – فَمَنِ المُشَبِّهُ في الحَقِيقةِ أَنْتُمُ … أَمْ مُثْبِتُ الأوصَافِ لِلرَّحْمنِ؟



2608 – في الأصلين وب: “يشتبهان”، ولعل الصواب ما أثبتنا من غيرها (ص).
2609 – طت، طه: “نفاه”، وهو خطأ.
2610 – وهذا من تعديهم على نصوص الكتاب والسنّة لضعف حرمتها في قلوبهم، فنسبوها إلى التلبيس والكذب والتشبيه والجبر وأمثال ذلك، والنقول عنهم في ذلك متضافرة، انظر مثلًا: شرح الأصول الخمسة ص 268.
2611 – أخبَثَ: صار ذا خبث وشرّ، وعلّم الناس الخبث، قال أبو عبيد: الخبيثُ ذو الخبث في نفسه. والمخبث: الذي أصحابه وأعوانه خبثاء. اللسان 2/ 142.
2612 – طت، طه: “فبأكمل”. والمعنى أن إثبات صفات الله سبحانه إن كان تشبيهًا فهو تشبيه بكامل ذي صفات كاملة، أما نفي الصفات فتشبيه بالنواقص والمعدومات، فالنافي أضلّ من المثبت على فرض كون المثبت مشبّهًا.
2615 – ط: “بالحقيقة”.
(2/611)


فصلٌ في نُكْتةٍ بديعةٍ تُبَيِّنُ ميراثَ الملقِّبينَ والملقَّبينَ (1) من المشركينَ والموحّديِن (2)
2616 – هَذَا وَثَمَّ لطِيفَةٌ عَجَبٌ سَأُبْـ … ـدِيها لَكُمْ يَا مَعْشَرَ الإخْوَانِ
2617 – فَاسْمَعْ فَذَاكَ مُعَطِّلٌ وَمُشَبِّهٌ … وَاعْقِلْ فَذَاكَ حقِيقَةُ الإِنْسَانِ
2618 – لَا بُدَّ أنْ يَرِثَ الرَّسُولَ وَضِدَّهُ … في النَّاسِ طَائِفَتَانِ مُخْتَلِفَانِ
2619 – فالوَارِثُونَ لَهُ عَلَى مِنْهَاجِهِ … والوَارِثُونَ لِضدِّه فِئَتَانِ
2620 – إحْدَاهُمَا حَرْبٌ لَهُ ولِحِزْبِه … مَا عِنْدَهُمْ في ذَاكَ مِنْ كِتْمَانِ
2621 – فَرمَوْهُ مِنْ ألْقَابِهِمْ بِعَظَائِمٍ … هُمْ أَهْلُهَا لَا خِيرَةُ الرَّحْمنِ
2622 – فأتَى الأُلَى وَرِثُوهُمُ فَرَمَوْا بِهَا … وُرَّاثَهُ بالبَغْيِ والعُدْوَانِ
2623 – هَذَا يُحَقِّقُ إرْثَ كُلٍّ مِنْهُمَا … فاسْمَعْ وعِهْ يَا مَنْ لَهُ أُذُنَانِ
2624 – وَالآخَرُونَ أُولُو النِّفَاقِ فأضْمَرُوا … شَيْئًا وَقَالُوا غَيْرَهُ بِلِسَانِ
2625 – وَكَذَا المُعَطِّلُ مُضْمِرٌ تَعْطِيلَهُ … قَدْ أَظْهَرَ التَّنْزِيهَ للرَّحْمنِ
2626 – هَذِي مَوَارِيثُ العِبَادِ تَقَسَّمَتْ … بَيْنَ الطَّوَائِفِ قِسْمَةَ المَنَّانِ


(1) كذا ضبط في الأصلين، وهو الصواب، خلافًا لابن عيسى الذي قال: إن الأولى بفتح القاف والثانية بكسرها. انظر: توضيح المقاصد 2/ 111.
(2) ف: “الملحدين”، وكذا في الأصل أيضًا فيما يبدو، والصورة غير واضحة (ص).
2617 – س: “حقيقة الإيمان”.
2618 – كذا، والأصل: “مختلفتان”. ولو قال “تختلفان” لزال الإشكال. (ص).
2621 – قوله: “بعظائم”، كالسحر والجنون والكهانة والشعر ونحو ذلك.

  • الخيرة: اسم من تخيّر الشيء واختاره، وبمعنى المختار.
    2623 – فعل أمر من وعى، والوعي: الحفظ والفهم. والهاء عماد للوقوف. لسان العرب 15/ 396 – 397.
    (2/612)

2627 – هَذَا وَثَمَّ لَطِيفَةٌ أخْرَى بِهَا … سُلْوانُ مَنْ قَدْ سُبَّ بالبُهْتَانِ
2628 – تَجِدُ المُعَطِّلَ لَاعِنًا لِمجَسِّمٍ … وَمُشَبِّهٍ للهِ بالإنْسَانِ
2629 – واللهُ يَصْرِفُ ذَاكَ عَنْ أهْلِ الهُدَى … كَمُحَمَّدٍ ومُذَمَّمٍ اِسْمَانِ
2630 – هُمْ يَشْتُمُونَ مُذَمَّمًا وَمُحَمَّدٌ … عَنْ شَتْمِهِمْ في مَعْزِلٍ وَصِيَانِ
2631 – صَانَ الإلهُ مُحَمَّدًا عَنْ شَتْمِهِمْ … في اللَّفْظِ والمعْنَى هُمَا صَوْنانِ
2632 – كَصِيَانَةِ الأتْبَاعِ عَنْ شَتْمِ المُعَطِّـ … ـلِ لِلمُشَبِّهِ هَكَذَا الإرْثَانِ
2633 – والسَّبُّ مَرْجِعُهُ عَلَيْهِمْ إذْ هُمُ … أَهْلٌ لِكُل مذَمَّةٍ وَهَوَانِ
2634 – وَكَذَا المعَطِّلُ يَلْعَنُ اسْمَ مُشَبِّهٍ … واسْمُ الْمُوحِّدِ في حِمَى الرَّحْمنِ
2635 – هَذِي حِسَانُ عَرَائِسٍ زُفَّتْ لَكُمْ … وَلَدَى المُعَطِّلِ هُنَّ غَيْرُ حِسَانِ


2628 – ب: “تجدوا”.
2630 – إشارة إلى ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون مذممًا ويلعنون مذممًا، وأنا محمد”.
أخرجه البخاري في كتاب المناقب – باب ما جاء في أسماء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رقم (3533).
ومنه قول أم جميل امرأة أبي لهب:
مذممًا عصينا … وأمره أبينا
ودينه … قلينا
انظر: سيرة ابن هشام 2/ 10.
2631 – ح، د، ط: “صنوان”.
2632 – أي أن المعطلة في سبهم ولمزهم لأهل السنة يسمونهم مجسمة مشبهة، ويلعنونهم بهذا الاسم، وهم في الحقيقة ليسوا مجسمة ولا مشبهة فينصرف ذلك السب عنهم إلى من هم مشبهة حقًا الذين جعلوا صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
2633 – في طه: “إليهم”.
الهوان: الخزي والذل. اللسان 13/ 438.
(2/613)


2636 – وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِّ مُوَفَّقٍ … مِنْ غَيْرِ بَوَّابٍ وَلَا اسْتئْذَانِ
2637 – وَيرُدُّهُ المَحْرُومُ مِنْ خِذْلَانِهِ … لَا تُشْقِنَا اللَّهُمَّ بالحِرْمَانِ
2638 – يَا فِرْقَةً نَفَتِ الإلهَ وَقَوْلَهُ … وَعُلُوَّهُ بالجَحْدِ والكُفْرَانِ
2639 – مُوتُوا بِغيْظِكُمُ فَرَبِّي عَالِمٌ … بِسَرَائِرٍ مِنْكُمْ وَخُبْثِ جَنَانِ
2640 – فاللهُ ناصِرُ دِينهِ وَكِتَابِهِ … وَرَسُولِهِ بالعِلْمِ والسُّلْطَانِ
2641 – والحَقُّ رُكْنٌ لَا يَقُومُ لِهَدِّهِ … أَحَدٌ وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ الثَّقَلَانِ
2642 – تُوبُوا إِلى الرَّحْمنِ مِنْ تَعْطِيلكُمْ … فَالرَّبُّ يَقْبَلُ تَوْبَةَ النَّدْمَانِ
2643 – مَنْ تَابَ مِنْكُمْ فالجِنَانُ مَصِيرُهُ … أَوْ مَاتَ جَهْمِيًّا فَفِي النِّيرانِ


فصلٌ في بيانِ اقتضاءِ التَّجهُّمِ والجبرِ والإرجاءِ للخروجِ عن جميعِ دياناتِ الأنبياءِ
2644 – وَاسْمَعْ وعِهْ سِرًّا عَجِيبًا كَانَ مَكْـ … ـتُومًا مِنَ الأقْوَامِ مُنْذُ زَمَانِ
2645 – فأذَعْتُهُ بَعْدَ اللَّتَيَّا والَّتِي … نُصْحًا وَخَوْفَ مَعَرَّةِ الكِتْمَانِ


2636 – ب: “كل قلب”.
2639 – الجَنان: القلب، وقد سبق.
2641 – الهدّ: الهدم الشديد. اللسان 3/ 432، وفي طه: “لهذه”، وهو تصحيف.
2642 – ف: “عن تعطيلكم”.
2643 – ف: “فالجنان نصيبه”.
“جهميًا”: نسبة إلى الجهم بن صفوان وقد سبقت ترجمته تحت البيت رقم 40.
2645 – اللَّتيا والتي من أسماء الداهية. لسان العرب 15/ 240. ومراد الناظم: أنه كتم ذلك مدة، ثم لما تبيّن له مصلحة إذاعته أذاعه نصحًا لعباد الله وخوفًا من عاقبة الكتمان.
المعرة: الإثم، وقيل الجناية. اللسان 4/ 556.
(2/614)


2646 – جِيمٌ وَجِيمٌ ثُمَّ جِيمٌ مَعْهُمَا … مَقْرونَةً مَعَ أَحْرُفٍ بِوِزَانِ
2647 – فِيها لدَى الأَقْوَامِ طِلَّسْمٌ مَتَى … تَحْلُلْهُ تَحْلُلْ ذِرْوَةَ الْعِرْفَانِ
2648 – فَإذَا رَأيْتَ الثَّوْرَ فِيهِ تَقَارَنَ الـ … جِيمَاتُ بالتَّثْلِيثِ شَرَّ قِرَانِ
2649 – دَلَّتْ عَلَى أنَّ النُّحُوسَ جَمِيعَهَا … سَهْمُ الَّذِي قَدْ فَازَ بالخِذْلَانِ
2650 – جَبْرٌ وإرْجَاءٌ وجِيمُ تَجَهُمٍ … فَتَأمَّلِ الْمَجْمُوعَ في المِيزَانِ


2647 – تقدّم تفسير الطلسم في البيت 409.
2647 – د: “يحلله يحلل”.
2648 – “تقارن”: كذا في الأصلين وظ، ح، ط. وفي ب، د: “مقارن”. وفي س: “يقارن”.

  • الثور: برج من بروج السماء الاثنى عشر. والقِران: اجتماع زحل والمشتري خاصة إذا أطلق، فإذا عني قران كوكبين آخرين قيد بذكرهما. انظر مفاتيح العلوم للخوارزمي (تحقيق فإن فلوتن): 210، 232، ولعل المقصود هنا بالثور: البليد الذي لا يفهم، وبالقران: اجتماع اعتقاد الإرجاء والجبر والتجهم في قلب واحد. فالبيت فيه تهكّم وتورية.
    2649 – النحوس: جمع نحس، وهو ضد السعد. اللسان 6/ 227.
    2650 – الجبر هو: نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب تعالى، والجبرية أصناف. انظر ما سبق في التعليق على مقدمة المؤلف.
  • الإرجاء في اللغة: التأخير، ومنه سميت المرجئة لتأخيرهم العمل عن الإيمان، وهم على أصناف فمنهم الغلاة كالجهمية الذين يجعلون الإيمان مجرد المعرفة، ومنهم من يجعله التصديق في القلب، ومنهم من يجعله مجرد القول باللسان وهم الكرامية، ومنهم من يجعله تصديق القلب وقول اللسان وهم مرجئة الفقهاء. انظر: الملل والنحل 1/ 139، مقالات الإسلاميين 1/ 213، الفرق بين الفرق ص 211، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 7/ 195، لسان العرب مادة (رجا) 14/ 311.
  • طع: “ثمّ جيم” خطأ. وقد سبق الكلام على الجهمية في التعليق على مقدمة المؤلف وانظر البيت (40).
    (2/615)

2651 – فاحْكُمْ بِطَالِعِهَا لِمَنْ حَصلَتْ لَهُ … بِخَلَاصِهِ مِنْ رِبْقةِ الإيمَانِ
2652 – فَاحْمِل عَلَى الأقْدَارِ ذَنْبَكَ كُلَّهُ … حَمْلَ الجُذُوعِ عَلَى قُوَى الجُدْرَانِ
2653 – وافْتَحْ لِنَفْسِك بَابَ عُذرِكَ إذْ تَرَى الْـ … أفْعَالَ فِعْلَ الخَالِقِ الدَّيَّانِ
2654 – فَالجَبرُ يُشْهِدُكَ الذُّنُوبَ جَمِيعَهَا … مِثْلَ ارْتعَاشِ الشَّيْخِ ذِي الرَّجَفَانِ
2655 – لَا فَاعِلٌ أبَدًا ولَا هُوَ قَادِرٌ … كالمَيْتِ أُدْرجَ دَاخِلَ الأكْفَانِ
2656 – والأمرُ والنَّهْيُ اللَّذَانِ تَوَجَّهَا … فَهُمَا كأمْرِ العَبْدِ بالطَّيَرَانِ
2657 – وَكَأمْرِهِ الأعْمَى بِنَقْطِ مَصَاحِفٍ … أَوْ شَكْلِهَا حَذَرًا مِنَ الألْحَانِ
2658 – وَإذَا ارْتَفَعْتَ دُرَيْجَةً أخْرَى رَأَيْـ … ـتَ الكُلَّ طَاعَاتٍ بِلَا عِصْيَانِ
2659 – إِنْ قِيلَ قَدْ خَالَفْتَ أمْرَ الشَّرْعِ قُلْ … لَكِنْ أَطَعْتُ إِرَادَةَ الرَّحْمنِ
2660 – وَمُطِيعُ أمْرِ اللهِ مِثْلُ مُطِيعِ مَا … يَقْضِي بِهِ وَكِلَاهُمَا عَبْدَانِ
2661 – عَبدُ الأوَامِرِ مِثْلُ عَبْدِ مَشِيئَةٍ … عِنْدَ المُحَقِّقِ لَيْسَ يَفْتَرقَانِ


2651 – الربقة: أصلها عروة في حبل، تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها.
والمراد هنا ما يشدّ به المسلم نفسه من عرى الإيمان. اللسان 10/ 113.
2652 – الجذوع: جمع جِذع، وهو ساق النخلة. اللسان 8/ 45. والمعنى هنا: احمل ذنوبك على الأقدار، كما يُحمل السقف -وهو من جذوع النخل- على قوى الجدران. وانظر البيت 154 وما بعده.
2654 – الرجفان: الاضطراب الشديد. اللسان 9/ 112. وانظر البيت 53.
2657 – سقطت كلمة (الأعمى) من ف. وفي ب: “أعمى”.
2658 – وذلك أن المراتب عندهم ثلاث، فيقولون: العبد يشهد أولًا طاعة ومعصية ثم طاعة بلا معصية، ثم لا طاعة ولا معصية، فأما المرتبة الأولى فيجعلونها للعوام، بينما الشهود فيها هو الشهود الصحيح. أما المرتبة الثانية فيعنون بها شهود القدر، وأما المرتبة الثالثة فهي عين وحدة الوجود، وهي غاية الإلحاد والتعطيل. انظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان 237، شفاء العليل 1/ 19 2659 – وانظر طريق الهجرتين: 85.
(2/616)


2662 – فانْظُرْ إلَى مَا قَادَتِ الجِيمُ الَّتِي … لِلجَبْرِ مِنْ كُفْرٍ وَمِنْ بُهْتَانِ
2663 – وَكَذَلِكَ الإرْجَاءُ حِينَ تُقِرُّ بِالْـ … ـمعْبُودِ تُصْبِحُ كَامِلَ الإيمَانِ
2664 – فَارْمِ المصَاحِفَ في الحُشُوشِ وَخرِّب الْـ … ـبَيْتَ العَتِيقَ وَجِدَّ فِي العِصْيَانِ
2665 – واقْتُلْ إذَا مَا اسْطَعْتَ كُلَّ مُوَحْدٍ … وَتَمَسَّحَنْ بِالقَسِّ وَالصُّلْبَانِ
2666 – واشْتُمْ جَمِيعَ المرْسَلِينَ وَمَنْ أَتَوْا … مِنْ عِنْدهِ جَهْرًا بلَا كِتْمَانِ
2667 – وَإذَا رَأيتَ حِجَارَةً فاسْجُدْ لَهَا … بَلْ خِرَّ لِلأصْنَامِ والأوْثانِ
2668 – وأقِرَّ أنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ … هُوَ وَحْدَهُ البَارِي لِذِي الأكْوَانِ
2669 – وأقِرَّ أنَّ رَسُولَهُ حَقًا أَتَى … مِنْ عِنْدِه بالوَحْيِ والقُرْآنِ
2670 – فَتَكُونَ حَقًا مُؤْمِنًا وَجَمِيعُ ذَا … وِزْرٌ عَلَيْكَ وَلَيْسَ بالكُفْرَانِ
2671 – هَذَا هُوَ الإرْجَاءُ عِنْدَ غُلَاتِهِمْ … مِنْ كُلِّ جَهْمِيٍّ أَخِي الشَّيْطَانِ
2672 – فأَضِفْ إِلَى الجِيمَينِ جِيمَ تَجَهُّمٍ … وَانْفِ الصِّفَاتِ وألْقِ بالأرْسَانِ


2662 – ب، ظ، د: “قادك”.

  • ظ: “أصل الجيم” خطأ.
  • ح، طت، طه: “الذي” خطأ.
    2664 – الحشوش جمع حش بضم الحاء وفتحها، وهي: الكُنُف ومواضع قضاء الحاجة، وأصله من الحش وهو البستان، لأنهم كانوا كثيرًا ما يتغوطون في البساتين. اللسان 6/ 286.
    2665 – القَسّ بفتح القاف كالقِسِّيس هو رئيس النصارى في الدين والعلم. اللسان 6/ 173.
    2667 – في ح: “والصلبان”.
    2668 – طع: “البادي” بالدال المهملة.
    2670 – ح: “ذا كفران”.
    2672 – ف: “الجهمي”، وهو خطأ.
  • الرَّسَن: الحبل الذي يقاد به البعير وغيره، كما سبق. ومراد الناظم: الكناية عن الإيغال في النفي.
    (2/617)

2673 – قُلْ لَيس فَوْقَ العَرْشِ رَبٌّ عَالِمٌ … بسَرَائِرٍ مِنَّا وَلَا إعْلَانِ
2674 – بَلْ لَيْسَ فَوْقَ العَرْشِ ذُو سَمْعٍ ولَا … بَصرٍ وَلَا عَدْلٍ وَلَا إحْسَانِ
2675 – بَلْ لَيْسَ فَوْقَ العَرْشِ مَعْبودٌ سِوى الْـ … ـعَدَمِ الَّذِي لَا شَيءَ في الأعْيَانِ
2676 – بَلْ لَيْسَ فَوْقَ العَرْشِ مِنْ مُتَكَلِّمٍ … بِأوَامِرٍ وَزَوَاجِرٍ وَقُرَانِ
2677 – كَلَّا ولَا كَلِمٌ إِلَيهِ صَاعِدٌ … أَبَدًا وَلَا عَمَلٌ لِذِي شُكْرَانِ
2678 – أنَّى وَحَظُّ العَرْشِ مِنْهُ كحظِّ مَا … تَحْتَ الثَّرَى عِنْدَ الحَضِيضِ الدَّانِي
2679 – بَلْ نِسْبَةُ الرَّحْمنِ عِنْدَ فَرِيقِهِمْ … لِلْعَرْشِ نِسْبَتُهُ إلَى البُنْيَانِ
2680 – فَعَلَيهمَا اسْتَوْلَى جَمِيعًا قُدْرَةً … وَكلَاهُمَا مِنْ ذَاتِهِ خِلْوَانِ
2681 – هَذَا الَّذِي أَعْطَتْه جيمُ تَجَهُّمٍ … حَثْوَا بِلَا كَيْلٍ وَلَا مِيزَانِ


2675 – ف: “قل ليس”. وهذا البيت مقدم فيها على البيتين السابقين.

  • انظر في معنى البيت ما سبق تحت البيت 327.
    2674 – كذا في الأصل وح، ط. وفي غيرها تأخر هذا البيت على ما يليه.
    2676 – في (ب) تأخر هذا البيت على ما يليه سهوًا من الناسخ، فنبَّه على ذلك.
    2678 – انظر تفسير الثرى والحضيض في البيتين: 328، 235.
    2679 – ف: “إلى العرش” وهو سهو من الناسخ.
  • وقد سبق هذا المعنى في البيت 328، أي أنهم لا يصفون الأمكنة بقرب أو بُعد منه تعالى، بل هي بالنسبة إليه سواء، فحظ العرش من ربه، كحظ التراب والبنيان.
    2680 – أي: العرش والبنيان. وانظر في تأويلهم الاستواء بالاستيلاء البيت 1115 وما بعده، و 1924 وما بعده.
  • خِلْوان بكسر الخاء: خاليان. اللسان 14/ 239.
    2681 – ط: “حشوًا”، تصحيف. حثا عليه التراب حثوًا: هاله. اللسان 14/ 164.
    (2/618)

2682 – تَاللهِ مَا اسْتَجْمَعْنَ عِنْدَ مُعَطِّلٍ … جِيمَاتُهَا وَلَدَيْهِ مِنْ إيمَانِ
2683 – والْجَهْمُ أَصَّلَهَا جَمِيعًا فَاغتَدَتْ … مَقْسُومَةً في النَّاسِ بالمِيزَانِ
2684 – وَالوَارِثُونَ لَهُ عَلَى التَّحْقِيقِ هُمْ … أَصْحَابُهَا لَا شِيعَةُ الإيمَانِ
2685 – لَكِنْ تَقَسَّمَتِ الطَّوَائِفُ قَوْلَهُ … ذُو السَّهْمِ والسَّهْمَيْنِ والسُّهْمَانِ
2686 – لَكِنْ نَجَا أَهْلُ الحَديثِ المَحْضِ أتْـ … ـباعُ الرَّسُولِ وَتَابِعُو القُرْآنِ
2687 – عَرفُوا الَّذِي قَدْ قَالَ مَعْ عِلمٍ بِمَا … قَالَ الرَّسُولُ فَهُمْ أولُو العِرْفَانِ
2688 – وَسِوَاهُمُ في الجَهْلِ والدَّعْوَى مَعَ الْـ .. ـكِبْرِ العَظِيمِ وكَثْرةِ الهَذَيانِ
2689 – مَدُّوا يَدًا نَحْوَ العُلَى بتكلُّفٍ … وتخلُّفٍ وتكبُّرٍ وتَوَانِ
2690 – أتُرَى يَنَالُوهَا وَهَذَا شَأْنْهُمْ … حَاشَا العُلَى مِنْ ذَا الزَّبُونِ الفَانِي



2683 – وذلك أنه اجتمع في مذهب الجهم: التعطيل والجبر والإرجاء. ثم تفرقت هذه الضلالات في الفرق، فكان حظ كل فرقة منها بقدر ما ضربت من أسهم فيها. لذلك كان كثير من السلف يطلق اسم الجهمية على كل من نفى الصفات باعتبار المؤسس لتلك الضلالة. انظر: التسعينية لشيخ الإسلام (آخر الفتاوى الكبرى 6/ 370 – 372)، مجموع الفتاوى 8/ 227.
2685 – س: “تقاسمت”. وانظر البيت 184 وما بعده.
2687 – “الذي قد قال”: أي الجهم.
2690 – “ينالوها”: أصله: ينالونها. حذف النون للضرورة.
الزبون: الغبي. كلمة مولّدة. القاموس 1552، قصد السبيل للمجبي 2/ 81.

  • ح: “الثاني”، وفي طه: “الغاني”.
    (2/619)

فصلٌ (1) في جوابِ الرَّبِّ تباركَ وتعالَى (2) يومَ القيامة إذا سألَ المعَطِّلَ والمُثْبِتَ (3) عن قولِ كلِّ واحدٍ منهما
2691 – وَسَلِ المُعَطِّلَ مَا تقُولُ إذا أتَى … فِئتَانِ عِنْدَ اللهِ تَختَصمَانِ
2692 – إحْدَاهُمَا حَكَمَتْ عَلَى مَعْبُودِهَا … بِعُقُولِهَا وَبِفِكْرةِ الأَذْهَانِ
2693 – سَمَّتْهُ مَعْقُولًا وَقَالَتْ إِنَّهُ … أَوْلى مِنَ المَنْصُوصِ بالبُرْهَانِ
2694 – والنَّصُّ قَطْعًا لَا يُفِيدُ فَنَحْنُ أوَّ … لْنَا وَفَوَّضْنَا لَنَا قَوْلَانِ
2695 – قَالَتْ وقُلْنَا فِيكَ لَسْتَ بدَاخِلٍ … كَلَّا وَلسْتَ بِخَارجِ الأكْوَانِ
2696 – والعَرْشَّ أخْلَيْنَاهُ مِنْكَ فَلَسْتَ … فَوقَ العَرْشِ لَسْتَ بقابِلٍ لِمكَانِ
2697 – وَكَذَاكَ لَسْتَ بقَائلِ القُرْآنِ بَلْ … قَدْ قَالَهُ بَشَرٌ عَظِيمُ الشَّانِ


(1) كتب في الأصل في أول الصفحة فوق (فصل): “بلغ إلى هنا مقابلة بنسخة الشيخ .. . عليه”.
(2) ف: “الربّ يوم القيامة”.
(3) طت، طه “المشبه”، وهو تصحيف.
2691 – في الأصل نقط حرف المضارع من فوق ومن تحت معًا، أي تقول ويقول كلاهما صحيح. وأهمل نقطه في ف. وفي غيرهما: “تقول” فقط.
2693 – أي أن الأدلة العقلية عند المعطلة مقدمة على النقل، فهي العمدة عندهم ولها الحكم القاطع والدلالة الصحيحة، أما الأدلة النقلية فهي ظواهر مظنونة يطرقها الاحتمال، فلا تقدم على العقل بحال، كما سبق.
2694 – وعلى هذين القولين اعتماد أهل الكلام تجاه نصوص الصفات كما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: (غاية ما ينتهي إليه هؤلاء المعارضون لكلام الله ورسوله بآرائهم من المشهورين بالإسلام هو التأويل أو التفويض) درء التعارض 1/ 201. وانظر ما سبق في البيت 2180.
2695 – “كلّا”: كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “فينا”.

  • انظر البيت (324) وما بعده.
    (2/620)

2698 – وَنَسَبْتَهُ حَقًّا إليكَ بِنِسْبَةِ التَّـ … ـشَّرِيفِ تَعْظِيمًا لِذا القُرْآنِ
2699 – وكَذَاكَ قُلنَا لَسْتَ تَنزِلُ في الدُّجى … إنَّ النُّزُولَ صِفَاتُ ذِي الجُثْمَانِ
2700 – وَكذَاكَ قلْنَا لَسْتَ ذَا وَجهٍ وَلَا … سَمْعٍ وَلَا بَصَرٍ فَكَيْفَ يَدَانِ؟
2701 – وَكَذَاكَ قلْنَا لَا تُرَى في هَذِهِ الدُّ … نْيَا وَلَا يَوْمَ المعَادِ الثَّانِي


2698 – كذا في الأصلين وفي غيرهما: “لذي القرآن”.

  • أي أن نسبة القرآن عندهم لله تعالى ليست نسبة صفة لموصوف، بل القرآن عندهم مخلوق، ونسبته إلى الله تعالى كنسبة البيت والناقة ونحو ذلك للتعظيم والتشريف. انظر ما سبق في البيت 745.
    2699 – انظر: أساس التقديس، ص 87 – 89، الاقتصاد، ص 39 – 41، الإرشاد، ص 150 – 151. وانظر البيتين 448 و 1210 وما بعدهما.
    2700 – في طع: “قلت ألست”.
  • انظر في نفي الوجه: شرح الأصول الخمسة ص 227، التمهيد للباقلاني ص 286، أساس التقديس ص 91 – 95، مقالات الإسلاميين 1/ 265، الإرشاد ص 146، أصول الدين للبغدادي ص 109 – 110.
  • نفي السمع والبصر عن الله تعالى من مذهب المعتزلة ومن وافقهم تبعًا لنفيهم الصفات عن الله تعالى. مع أنهم قد يطلقون على الله تعالى أنه سميع بصير، لكن يقولون سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وهكذا. فهي ليست معاني قائمة بذاته تعالى، ولكن مرجعها إلى كونه حيًا لا آفة به، ونحو ذلك. انظر: شرح الأصول الخمسة ص 174، الملل والنحل 1/ 45، الإرشاد ص 86 – 89، الاقتصاد ص 71 – 73، أصول الدين للبغدادي ص 96 – 102، المواقف ص 292 – 293.
  • انظر في نفي اليد: أساس التقديس ص 97 – 102، 103 – 104، الإرشاد ص 146، شرح الأصول الخمسة ص 228، مقالات الإسلاميين 1/ 290، أصول الدين للبغدادي ص 110 – 112. وانظر البيت 43.
    2701 – نفي الرؤية هو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، وذلك مبني على أصلهم في نفي الجهة. انظر: البيت 1274 وما بعده.
    (2/621)

2702 – وَكَذَاكَ قُلْنَا مَا لِفِعْلِكَ حِكْمَةٌ … مِنْ أجْلِهَا خَصَّصْتَهُ بِزمَانِ
2703 – مَا ثَمَّ غَيْرُ مَشِيئَةٍ قَدْ رَجَّحَتْ … مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ بِلَا رُجْحَانِ
2704 – لَكِنَّ مِنَّا مَنْ يَقُولُ بِحِكْمةٍ … لَيْسَتْ بِوَصْفٍ قَامَ بالرَّحْمْنِ
2705 – هَذَا وَقُلْنَا مَا اقْتَضَتْهُ عُقُولُنا … وَعُقُولُ أشْيَاخٍ ذوي عِرْفَانِ
2706 – قَالُوا لَنَا لَا تَأْخُذُوا بِظَواهِرِ الْـ … ـوَحْيَيْنِ تَنْسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ
2707 – بَلْ فَكَرُوا بِعُقُولِكُمْ إنْ شِئْتُمُ … أَوْ فَاقْبَلُوا آراءَ عَقْلِ فُلَانِ
2708 – فَلأِجْلِ هَذَا لَمْ نُحَكِّمْ لَفْظَ آ … ثَارٍ وَلَا خَبَرٍ وَلَا قُرْآنِ


2702 – يذهب الجبرية من الجهمية والأشاعرة إلى أن أفعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض والغايات، بل إنه سبحانه يفعل بمحض الإرادة والمشيئة، وأن أفعاله لا تتوقف على الحكم. انظر: نهاية الإقدام للشهرستاني ص 397، الأربعين للرازي 1/ 350، غاية المرام للآمدي ص 224، المواقف للإيجي ص 331 – 332، قضية الخير والشر للجليند ص 190 وما بعدها. وانظر ما سبق في التعليق على البيت 59 وما بعده.
2704 – إشارة إلى مذهب المعتزلة، حيث إنهم يثبتون الحكمة، لا على أنها صفة لله تعالى، بل هي عندهم- مخلوقة منفصلة عنه، ومرجعها إلى الإحسان إلى الخلق ومراعاة مصالحهم ونحو ذلك. انظر: المغني في أبواب التوحيد والعدل للقاضي عبد الجبار 6/ 48، 11/ 91.
2705 – س: “العرفان”.
2706 – وذلك أن مقتضى ظواهر النصوص -عندهم- التجسيم والتشبيه وغير ذلك مما هو تنقص في حق الباري عزَّ وجل؛ لذلك صرح بعضهم بأن التمسك في أصول الدين بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية يعدّ من أصول الكفر. انظر: شرح أم البراهين للسنوسي ص 217. وانظر ما سبق في فصل “في بيان هدمهم لقواعد الإسلام والإيمان بعزلهم نصوص السنة والقرآن” (البيت 2389 وما بعده).
(2/622)


2709 – إذْ كُلُّ تِلكَ أدِلَّةٌ لَفْظِيَّةٌ … مَعْزُولَةٌ عَنْ مُقْتضَى البُرْهَانِ


فصلٌ
2710 – والآخَرُونَ أَتَوْا بِمَا قَدْ قَالَه … مِنْ غَيْرِ تَحرِيفٍ وَلَا كِتْمَانِ
2711 – قَالُوا تَلَقَّينَا عَقِيدَتَنَا عَنِ الْـ … ـوَحْيَيْنِ بالأَخْبَارِ والقُرْآنِ
2712 – فالحُكْمُ مَا حَكَمَا بِهِ لَا رَأْيُ أهْـ … ـلِ الاخْتِلَافِ وَظَنُّ ذِي الحُسْبَانِ
2713 – آرَاؤهُمْ أحْداثُ هَذَا الدِّينِ نَا … قِضَةٌ لأصْلِ طَهَارَةِ الإيمَانِ
2714 – آرَاؤُهُمْ رِيحُ المقَاعِدِ أيْنَ تِلْـ … ـكَ الرِّيحُ مِنْ رَوْحٍ وَمِنْ رَيحَانِ
2715 – قَالوا وأنتَ رَقيبُنَا وَشَهِيدُنَا … مِنْ فَوْقِ عَرْشِكَ يَا عَظِيمَ الشَّانِ
2716 – إنَّا أَبَيْنَا أنْ نَدِينَ بِبِدْعَةٍ … وَضلَالةٍ أَوْ إِفْكِ ذِي بُهْتَانِ
2717 – لَكِنْ بِمَا قَدْ قُلْتَهُ أَوْ قَالَهُ … مَنْ قَدْ أتَانَا عَنْكَ بالفُرْقَانِ
2718 – وَلِذاكَ فارقْنَاهُمُ حينَ احْتِيَا … جِ النَّاسِ للأنْصارِ والأعْوَانِ
2719 – كَيْلَا نَصِيرَ مَصِيرَهُمْ في يَوْمِنَا … هَذَا وَنَطْمَعُ مِنْكَ بالغُفرَانِ


2709 – “كل” ساقطة من ب.
(1) لم ترد هنا كلمة “فصل” في الأصلين، فلعل المؤلف حذفه أخيرًا.
2710 – يريد بالآخرين: المثبتين. وفي طه: “والآخرين”.
2713 – أي أن آراء أهل الاختلاف أحداث تنقض طهارة الإيمان، كما أن الحدث ينقض الوضوء.
2714 – الرَّوح -بفتح الراء-: برد نسيم الريح، والريحان: نبت طيب الرائحة، أو كل نبت كذلك. انظر: اللسان 2/ 458 – 459، القاموس ص 282، المفردات للراغب ص 369 – 371، مادة (روح).
2715 – ب: “شهيدنا ورقيبنا”.
2718 – كذا في الأصلين وظ، د، وهو الصواب. وفي غيرها “وكذاك”.
(2/623)


2720 – فَمَنِ الَّذِي مِنَّا أَحَقُّ بأَمْنِهِ … فاخْتَرْ لِنَفْسكَ يَا أَخَا العِرْفَانِ
2721 – لَا بُدَّ أنْ نَلقَاهُ نَحْنُ وأنتُمُ … في مَوْقِفِ العَرْضِ العَظِيمِ الشَّانِ
2722 – وهُناكَ يَسْألُنَا جَمِيعًا رَبُّنَا … وَلَدَيهِ قَطْعًا نَحْنُ مُخْتَصِمَانِ
2723 – فَنقُولُ قُلْتَ كَذَا وَقَال نَبيُّنَا … أَيْضًا كَذا فإمامُنَا الوَحْيانِ
2724 – فافعَلْ بِنَا مَا أَنْتَ أهْلٌ بَعْدَ ذَا … نَحْنُ العَبيدُ وأنْتَ ذُو الإِحْسَانِ
2725 – أَفَتقْدِرُونَ عَلَى جَوَابٍ مِثْلِ ذَا … أَمْ تَعْدِلُونَ إِلَى جَوَابٍ ثَانِ
2726 – ما فِيهِ قَالَ اللهُ قَالَ رسولُه … بلْ فيهِ قُلْنَا مثلَ قولِ فُلَانِ
2727 – وَهُوَ الَّذِي أَدَّتْ إِلَيْهِ عُقُولُنَا … لَمَّا وَزَنَّا الوَحْيَ بالمِيزَانِ
2728 – إنْ كَانَ ذَلِكُمُ الجَوَابُ مُخَلصًا … فَامضُوا عَلَيْهِ يَا ذَوِي العِرْفَانِ
2729 – تاللَّهِ مَا بَعْدَ البَيَانِ لِمنْصِفٍ … إلَّا العِنَادُ ومَرْكَبُ الخِذْلَانِ


فصلٌ في تحميلِ أهلِ الإِثْبَاتِ لِلمعطِّلِينَ شهادَةً تؤدَّى عندَ رَبِّ العَالَمينَ
2730 – يَا أيُّهَا البَاغِي عَلَى أَتْبَاعِهِ … بالظُّلْمِ والبُهْتَانِ والعُدْوَانِ
2731 – قَدْ حَمَّلُوكَ شَهَادَةً فاشْهَدْ بِهَا … إنْ كُنْتَ مَقْبُولًا لَدَى الرَّحْمنِ


2720 – ب، س: “يا أخي العرفان” خطأ.
2724 – في د كتب الناسخ مكان عجز البيت: “أم تعدلون إلى جواب ثاني”، وهو عجز البيت التالي الذي أسقطه.
2725 – ب: “أو تعدلون”.
2729 – ب: “بعد الزمان” وهو خطأ.
2730 – أتباعه: أتباع الرسول.
(2/624)


2732 – وَاشْهَدْ عَلَيهِمْ إنْ سُئِلْتَ بأنَّهُمْ … قَالُوا إلهُ العَرْشِ والأكْوَانِ
2733 – فَوْقَ السَّمواتِ العُلى حَقًّا عَلَى الْـ … ـعَرْشِ اسْتَوى سُبْحَانَ ذِي السُّلْطَانِ
2734 – والأمْرُ ينْزِلُ مِنْهُ ثُمَّ يَسِيرُ في الْـ … أقْطَارِ سُبْحَانَ العَظِيم الشَّانِ
2735 – وإِليْهِ يَصْعَدُ مَا يَشاءُ بأمْرهِ … مِنْ طَيِّباتِ القَوْلِ والشُّكرَانِ
2736 – وإليْهِ قَدْ صَعِد الرَّسُولُ وَقَبلَهُ … عِيسَى ابْنُ مَرْيمَ كَاسرُ الصُّلْبَانِ
2737 – وَكَذَلِكَ الأمْلَاكُ تَصْعَدُ دَائِمًا … مِنْ هَهُنَا حَقًّا إِلَى الدَّيَّانِ


2733 – كما في قوله سبحانه: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]، وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18 و 61]، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] وأدلة علوّ الله تعالى على خلقه كثيرة ومتنوعة ذكر الناظم هنا طرفًا منها، وقد استوفاها من قبل. انظر: البيت 1113 وما بعده.
2734 – كما في قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)} [السجدة: 5] وقوله سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: 12].
3735 – كما في قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] وانظر: الأبيات 359، 1189، 1668.
2736 – كما في قصة المعراج. وقد سبق ذكرها. انظر: البيت 362 والبيت 1197.
-كما في قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] وانظر: ما سبق في البيتين: 363، 1200.

  • قوله (كاسر الصلبان): إشارة إلى ما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب .. ” الحديث. وقد سبق تخريجه تحت البيت 363.
    2737 – ط، طه: “على الدّيان” وهو خطأ.
    -كما في قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]، وقد فصل الناظم القول فيها في البيت 1159 وما بعده. وانظر البيت 360.
    (2/625)

2738 – وَكَذَاكَ رُوحُ العَبْدِ بَعْدَ مَمَاتِهَا … تَرْقَى إِلَيهِ وَهْوَ ذُو إيمَانِ
2739 – وَاشْهَدْ عَلَيْهِمْ أنَّهُ سُبْحَانَهُ … مُتَكَلِّمٌ بالوَحْيِ وَالقُرْآنِ
2740 – سَمِعَ الأمِينُ كلَامَهُ مِنْهُ وأدَّ … اهُ إلَى المبْعُوثِ بِالفُرْقَانِ
2741 – هُوَ قَوْلُ ربِّ العَالَمِين حَقِيقَةً … لَفْظًا وَمَعْنىً لَيْسَ يَفْتَرِقَانِ
2742 – وَاشْهَدْ عَلَيْهِمْ أنَّهُ سُبْحَانَهُ … قَدْ كَلَّمَ المَوْلُودَ مِنْ عِمْرَانِ
2743 – سَمِعَ ابْنُ عِمْرَانَ الرَّسُولُ كَلَامَهُ … مِنهُ إِلَيْهِ مَسْمَعَ الآذَانِ
2744 – [واشْهَد عَلَيْهمْ أنَّهُمْ قَالُوا بأنَّ م … اللهَ نَادَاهُ بِلَا كِتْمَانِ


2738 – انظر: البيتين 364، 1201 وما بعده.
2740 – هو جبريل عليه السلام كما قال تعالى عنه: {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)} [التكوير: 21].
2741 – أي أن القرآن لفظه ومعناه من عند الله تعالى، خلافًا للقائلين بأن معناه من عند الله تعالى، أما لفظه فقد أحدِثه جبريل أو محمد – صلى الله عليه وسلم -. انظر: ما سبق في البيت 561 وما بعده. وقد تكلم الناظم بالتفصيل على هذه المسألة.
2742 – كما في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، وانظر: البيت 418.
2743 – هذا البيت في ب بعد البيت 2746.
2744 – الأبيات الثلاثة التي وضعت بين الحاصرتين لم ترد في الأصلين. وقد أثبتها بعضهم في حاشية ف، والبيت الأولى منها ساقط من ح.

  • “بأن الله” ساقط من ب. وفي النسخ كلها (غير الأصلين وح) وطت: “ناداه وناجاه” وذلك مخلّ بالوزن، فحذف في طه: “ناجاه”، وفي طع: “ناداه”.
  • قوله: “ناداه”: كما في قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ} [مريم: 52]، وانظر: ما سبق في الأبيات 422، 676، 2258.
    (2/626)

2745 – واشْهَدْ عَلَيهِمْ أنَّهُمْ قَالُوا بأنَّ م … اللَّهَ نَادَى قَبْلَهُ الأبَوَانِ
2746 – واشْهَدْ عَلَيهِمْ أنَّهُمْ قَالُوا بأنَّ م … اللَّهَ يَسْمَعُ صَوْتَه الثَّقَلَانِ]2747 – واللَّهُ قَالَ بِنَفْسِهِ لرَسُولهِ … إنِّي أَنَا اللَّهُ العَظِيمُ الشَّانِ
2748 – واللهُ قَالَ بِنَفْسِهِ لرسُولِهِ … اِذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ ذِي الطُّغْيَانِ
2749 – واللهُ قَالَ بِنَفْسِهِ حمَ مَعْ … طَهَ ومَعْ يَسَ قَوْلَ بَيَانِ
2750 – وَاشْهَدْ عَلَيْهِمْ أنّهُمْ وَصَفُوا الإلـ … ـهَ بِكُلِّ مَا قَدْ جَاءَ في القُرْآنِ
2751 – وَبكلِّ مَا قَالَ الرَّسُولُ حَقِيقَةً … مِنْ غَيْرِ تَحْريفٍ وَلَا عُدْوَانِ
2752 – وَاشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّ قَوْلَ نَبِيِّهِمْ … وَكَلَامَ رَبِّ العَرْشِ ذَا التِّبْيَانِ


2745 – كما في قوله تعالى: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)} [الأعراف: 22] والظاهر أن المراد أن الله سبحانه هو الذي نادى آدم وحواء كما في الآية، فيكون “الأبوان” مفعولًا به في محل النصب، على لغة من يلزم المثنى الألف دائمًا، وقد مرّت أمثلته في كلام الناظم. انظر: البيت 2099. وقال الناظم في موضع آخر (2258):
نادى الكليمَ بنفسه وكذاك قد … سمع الندا في الجنَّة الأبوانِ
وهنا لا إشكال (ص). هذا البيت في (س) بعد البيت الذي يليه.
2746 – كما في قوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي .. .} [الأنعام: 130] وفي حديث جابر عن عبد الله بن أنيس المشهور الذي سبق تخريجه تحت البيت 442، وانظر: البيتين 679، 2259.
2747 – هذا البيت سقط من (د) بسبب انتقال النظر.

  • فيه إشارة إلى قوله تعالى: {يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)} [النمل: 9]، وقوله: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ في الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)} [القصص: 30].
    2748 – إشارة إلى قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)} [النازعات: 17].
    (2/627)

2753 – نَصٌّ يُفِيدُ لَدَيْهِمُ عِلْمَ اليقِيـ … ـنِ إفَادَةَ المعلُومِ بالبُرْهَانِ
2754 – وَاشْهَدْ عَلَيْهِمْ أنَّهُمْ قَدْ قَابَلُوا التَّـ … ـعْطِيلَ والتَّمثيلَ بالنُّكْرَانِ
2755 – إنَّ المُعَطِّلَ وَالمُمَثِّلَ مَا هُمَا … مُتَيَقِّنَينِ عِبَادَةَ الرَّحْمنِ
2756 – ذَا عَابِدُ المعْدُومِ لَا سُبْحَانَهُ … أَبَدًا وَهَذَا عَابِدُ الأَوْثَانِ
2757 – وَاشْهَدْ عَلَيهِمْ أنَّهُمْ قَدْ أثْبَتُوا الْـ … أسْمَاءَ والأوْصَافَ لِلدَّيَّانِ
2758 – وَكَذَلِكَ الأحْكَامَ أَحكَامَ الصِّفَا … تِ وَهَذِهِ الأرْكَانُ لِلإِيمَانِ
2759 – قَالَوا عَلِيمٌ وَهْوَ ذُو عِلْمٍ وَيعْـ … ـلَمُ غَايَةَ الإسْرارِ والإعْلَانِ
2760 – وَكَذَا بَصِيرٌ وَهْوَ ذُو بَصَر ويُبْـ … ـصِرُ كُلَّ مَرْئيٍّ وَذِي الألْوَانِ


2753 – أي أن نصوص الكتاب والسنة تفيد العلم اليقيني خلافًا لأهل الأهواء، الذين يرونها دلائل ظنية يطرقها الاحتمال فيصرفونها عن معانيها بأدنى صارف. وقد سبق هذا المعنى مرارًا.
2755 – في ح: “مستيقنين”.
2756 – “عابد المعدوم”: هو المعطل.

  • “عابد الأوثان”: هو الممثل.
    2758 – أي أن أركان الإيمان بأسماء الله تعالى ثلاثة:
    الأول: الإيمان بالاسم.
    الثاني: الإيمان بما دلّ عليه من معنى، فله دلالة على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة. وعلى إحداهما بالتضمن، وعلى صفات أخرى بالالتزام.
    الثالث: الإيمان بما يتعلق به من الآثار، سواء كانت كونية تتعلق بالخلق، أو إيمانية تتعلق بالقلب. وهذه الآثار يعبر عنها بالحكم، وله تجاهها إطلاقان كما سيذكره الناظم قريبًا. انظر: مفتاح دار السعادة 2/ 90، الكواشف الجلية عن معاني الواسطية للسلمان ص 424 – 425، التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية للرشيد ص 20، القواعد الكلية للأسماء والصفات عند السلف للبريكان ص 74.
    2760 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “ذي الأكوان”.
    (2/628)

2761 – وَكَذَا سَمِيعٌ وهو ذو سَمْعٍ ويَسْـ … ـمَعُ كُلَّ مَسمُوعٍ مِنَ الأكْوَانِ
2762 – مُتَكَلِّمٌ وَلَهُ كَلَامٌ وَصْفُهُ … وَيُكلِّمُ المَخْصُوصَ بالرِّضْوانِ
2763 – وَهُوَ القَوِيُّ بقُوَّةٍ هِي وَصْفُهُ … وَعلِيكَ يَقْدِرُ يا أخا السُّلْطَانِ
2764 – وَهُوَ المُرِيدُ لَهُ الإرَادَةُ هَكَذَا … أَبَدًا يُرِيدُ صَنَائِعَ الإِحْسَانِ
2765 – والوَصْفُ مَعْنىً قامَ بالموصوفِ والْـ … أسْمَاءُ أعْلَامٌ لَهُ بِوِزَانِ
2766 – أَسْمَاؤُهُ دَلَّتْ عَلَى أَوْصَافِهِ … مُشْتقَّةً مِنْهَا اشْتِقَاقَ مَعَانِ
2767 – وَصِفَاتُهُ دَلَّتْ عَلَى أَسمَائِهِ … والفِعْلُ مُرْتَبِطٌ بِهِ الأمْرَانِ
2768 – والحُكْمُ نِسْبَتُهَا إلَى مُتَعَلَّقَا … تٍ تَقْتَضِي آثارَهَا بِبَيَانِ
2769 – وَلَرُبَّمَا يُعْنَى بِهِ الأخْبَارُ عَنْ … آثَارِها يُعْنَى بِهِ أمْرَانِ


2761 – هذا البيت ساقط من ب ومن طبعة العمير ص 210 أيضًا (ص).
2762 – لا يقصد الناظم أنّ (المتكلم) من الأسماء الحسنى لأن الشأن في الأسماء والصفات التوقيف، وقد جاء الدليل على دخوله في الأوصاف دون الأسماء، وباب الأوصاف أوسع من باب الأسماء، فلذلك يكون مراد الناظم به الوصفية على أكمل ما تكون. انظر كلامه في هذا المعنى في بدائع الفوائد 1/ 146.
2763 – في طه: “ومليك يقدر” وهو تحريف وكذا في طبعة العمير، ثم تكرّر هذا البيت فيها (ص).
2764 – يقال في (المريد) ما قيل في المتكلم.

  • في س: “صنائع الإنسان”، تحريف.
    2765 – كذا في الأصلين وفي د. وفي غيرها: “قائم بالذات”.
    2767 – أي أن أفعاله سبحانه صادرة عن أسمائه وصفاته، ففعاله سبحانه عن كماله. انظر: بدائع الفوائد 1/ 147. وهذا البيت ساقط من س.
    2769 – أي أن الحكم له معنيان:
    الأول: تعلق الصفة بمتعلَّقها بحيث تؤثر فيه حال تعلقها به، فالمعلومات مثلًا متعلِّق صفة العلم. فنسبة العلم إلى المعلومات بحيث تكون معلومة =
    (2/629)

2770 – والفِعْلُ إِعْطَاءُ الإِرَادَةِ حُكْمَهَا … مَعَ قُدْرَةِ الفَعَّالِ والإمْكَانِ
2771 – فَإذَا انْتَفَتْ أوْصَافُهُ سُبْحَانَهُ … فَجَميعُ هَذَا بَيِّنُ البُطْلَانِ
2772 – وَاشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّهُمْ قَالُوا بِهَـ … ذَا كُلِّهِ جَهْرًا بِلَا كِتْمَانِ
2773 – وَاشْهَدْ عَلَيْهِمْ أنَّهُمْ بُرَآءُ مِنْ … تأوِيلِ كُلِّ مُحَرِّفٍ شَيْطَانِ
2774 – وَاشْهَدْ عَلَيْهِمْ أنَّهُمْ يَتَأَوَّلُو … نَ حَقِيقَةَ التَّأوِيلِ في القُرْآنِ
2775 – هُمْ في الحَقِيقَةِ أهْلُ تَأويلِ الَّذِي … يُعْنَى بِهِ لَا قَائِلُ الهَذَيَانِ
2776 – وَاشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّ تأْوِيلَاتِهِمْ … صَرْفٌ عَنِ المرْجُوحِ للرُّجْحَانِ
2777 – واشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّهُمْ حَمَلُوا النُّصُو … صَ عَلَى الحَقِيقَةِ لَا المجَازِ الثَّانِي
2778 – إلَّا إذَا ما اضْطَرَّهُمْ لِمجَازِهَا الـ … ـمُضطَرُّ مِنْ حِسٍّ وَمِنْ بُرْهَانِ
2779 – فَهُنَاكَ عِصْمَتُهَا إبَاحَتُهُ بِغَيْـ … رِ تَجَانُفٍ للإثْمِ والعُدْوَانِ


= بالفعل بذلك العلم يسمى حكمًا، وهكذا السمع والبصر والقدرة وغيرها.
الثاني: الإخبار عن آثار الصفة. انظر: شرح النونية للهراس 1/ 422، القواعد الكلية للأسماء والصفات ص 94.
2770 – أي أن الفعل هو تعلق الإرادة بالمراد، مع شرط في الفاعل وهو القدرة، وشرط في المفعول وهو الإمكان. انظر: شرح الهراس 1/ 422.
2775 – “قائلُ الهذيان” كذا في جميع النسخ. وعطفه على “أهل” يقتضي أن يكون جمعًا، إلا أن يكون معطوفًا على “الذي” فيجرّ (ص).
2776 – يعني أن أهل السنة يتأولون التأويل الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وجاءت به اللغة، فتأويلهم تأويل التفسير، لا التأويل الذي أحدثه أهل الباطل من جناية على النصوص وصرفها عن معانيها التي أريدت منها. انظر “فصل في جناية التأويل … ” (البيت 1769 وما بعده).
2779 – د: “عصمته”.

  • “إباحتُه”: كذا ضبط في ف بضمّ التاء، أي أن عصمة النصوص في إباحة المجاز في الحالة المذكورة، من غير بغي وعدوان، كما في أكل المضطر للميتة. انظر: شرح الهراس 1/ 423. وفي ب: “إباحتها له” (ص).=
    (2/630)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أطال الناظم -رحمه الله تعالى- النفس في كتابه (الصواعق) في إبطال المجاز، وذكر في ذلك نحوًا من خمسين وجهًا، ولكن ظاهر كلامه في هذه الأبيات: التفصيل في مسألة المجاز، وهو أن الأصل في النصوص حملها على الحقيقة ما لم تقم ضرورة من حس وبرهان توجب صرفها إلى المجاز. ويمكن الجمع بين كلامه هنا وكلامه في الصواعق بأحد أمرين:
الأول: أنه لما كان في كتابه الصواعق في معرض الرد على نفاة الصفات الذين اتخذوا من (المجاز) مطية لهم في إنكار حقائق الأسماء والصفات للباري عزَّ وجل، اشتد نكيره عليهم وإبطاله لتلك المطية التي اتخذوها؛ لذلك قال هناك: (فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز). أما كلامه هنا فعلى النصوص عامة لا اختصاص فيه بنصوص الصفات، فيكون محمولًا على غير نصوص الصفات، لذلك لما قرر مذهب السلف في الأسماء والصفات قبل هذه الأبيات بقليل لم يشر إلى تطرق المجاز والتأويل لنصوصها ولا لبعضها.
الثاني: أن يكون سمى ذلك الصرف لظاهر النص عند وجود الضرورة مجازًا من باب التنزل، وإلا فقيام تلك الضرورة في صرف النص عن ظاهره حمل للنص على حقيقته التي فهمت منه مع وجود تلك الضرورة. فإن اللفظ يكون فيه من التركيب والإضافة، ويحيط به من القرائن ما يدل على مراد المتكلم حقيقة. انظر: مختصر الصواعق 2/ 274، شرح النونية للهراس 423.
ومما يوضح كلام الناظم في هذه الأبيات ما قاله في بدائع الفوائد: (المجاز والتأويل لا يدخل في المنصوص، وإنما يدخل في الظاهر المحتمل له، وهنا نكتة بديعة ينبغي التفطن لها – وهي أن كون اللفظ نصًا يعرف بشيئين:
أحدهما: عدم احتماله لغير معناه وضعًا كالعشرة.
والثاني: ما اطرد استعماله على طريقة واحدة في جميع موارده، فإنه نص في معناه لا يقل تأويلًا ولا مجازًا، وإن قدر تطرق ذلك إلى بعض أفراده، =
(2/631)


2780 – واشْهَدْ عَلَيهِمْ أنَّهُمْ لَا يُكْفِرُو … نَكُمُ بِمَا قلْتُمْ مِنَ الكُفْرَانِ
2781 – إذْ أنْتُمُ أهْلُ الجَهَالَةِ عِنْدَهُمْ … لَسْتُمْ أُولي كُفْرٍ وَلَا إيمَانِ
2782 – لَا تَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ الكُفْرَانِ بَلْ … لَا تَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ
2783 – إلَّا إذَا عَانَدْتُمُ وَرَدَدْتُم … قَوْلَ الرَّسُولِ لأجْلِ قَوْلِ فُلَانِ


= وصار هذا بمنزلة خبر المتواتر لا يتطرق احتمال الكذب إليه، وإن تطرق إلى كل واحد من أفراده بمفرده.
وهذه عصمة نافعة تدلك على خطأ كثير من التأويلات في السمعيات، التي اطرد استعمالها في ظاهرها، وتأويلها -والحالة هذه- غلط، فإن التأويل إنما يكون لظاهر قد ورد شاذًا مخالفًا لغيره من السمعيات فيحتاج إلى تأويله ليوافقها، فأما إذا اطردت كلها على وتيرة واحدة صارت بمنزلة النص وأقوى وتأويلها ممتنع .. . فتأمل هذا) بدائع الفوائد 1/ 15.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن صرف النصوص عن ظاهرها لا بد فيه من أربعة أمور:
1 – بيان امتناع إرادة الحقيقة، وقيام الدليل العقلي أو النقلي على وجوب صرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه.
2 – بيان صلاحية ذلك اللفظ للمعنى المجازي.
3 – سلامة الدليل الصارف عن المعارض.
4 – أن الشارع إذا تكلم بكلام وأراد به خلاف ظاهره فلا بد أن يبيِّن للأمة أنه لم يرد حقيقته وإنما أراد مجازه، وذلك بنصب دليل ظاهر عقلي أو سمعي يبين المراد.
انظر: مجموع الفتاوى 6/ 360 – 361، وقد ذكر الناظم أيضًا أربعة أمور ولكن ليس منها الأمر الرابع المذكور هنا، بل ذكر أمرًا آخر وهو: بيان صلاحية اللفظ للمعنى المجازي في التركيب الوارد في السياق. انظر: بدائع الفوائد 4/ 173، الصواعق المرسلة 1/ 288 – 293، وقد سبقت أبيات الناظم في هذا المعنى في “فصل فيما يلزم مدّعي التأويل لتصح دعواه” (البيت 1836 وما بعده).
(2/632)


2784 – فَهُنَاكَ أَنْتُمْ أكْفَرُ الثَّقَلْينِ مِنْ … إنسٍ وَجِنٍّ سَاكِني النِّيرانِ


2784 – ف: “جن وإنس”.

  • حاصل كلام الناظم رحمه الله تعالى في هذه الأبيات أن حقيقة قول أهل التأويل والتعطيل كفر؛ لأنه نفي لما وصف الله تعالى به نفسه ووصفه به رسوله – صلى الله عليه وسلم – من صفات الكمال، ولكن مع هذا فأهل السنة لا يكفرونهم بذلك لقيام عارض الجهل فيهم، أما مع انتفاء ذلك العارض بقيام الحجة والاستمرار على العناد ومخالفة الكتاب والسنة فهنا يحكم بكفرهم.
    وفي هذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: “لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيُّه أمته، ولا يسع أحدًا من خلق الله قامت عليه الحجة ردُّها، لأن القرآن نزل بها، وصحّ عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – القول بها فيما روى عنه العدول، فإن خالف بعد ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، فأما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل، لأن عِلْم ذلك لا يقدّر بالعقل ولا بالرويّة والقلب والفكر، ولا نكفر بالجهل بها أحدًا إلا بعد انتهاء الخبر إليه”. نقلًا عن العلو للذهبي [اختصار الألباني] ص 177، اجتماع الجيوش الإسلامية ص 165.
    ومما ينبغي أن يُعلم أن الجهل يختلف باختلاف أصحابه وأحوالهم، واختلاف المسائل المجهولة، فكون الجهل عذرًا معتبرًا في مسألة التكفير لا يعني أنه مقبول من كل من ادعاه، فهناك من العلم ما لا يسع المكلف جهلُه، وكذلك لا يستوي من كان بعيدًا عن مظنة العلم كمن نشأ ببادية أو عاش في بلد غابت عنه معالم الإسلام، ومن تيسرت له سبل العلم ونشأ في ديار المسلمين. فالجهل تكتنفه وتتعلق به أمور لا بد من مراعاتها في مسألة التكفير. انظر: الرسالة للشافعي ص 357، المغني لابن قدامة 3/ 351، بغية المرتاد لشيخ الإسلام ص 311.
    وسيأتي تقسيم الناظم لأحوال الجاهلين في هذه القصيدة (البيت 4401 وما بعده). وانظر في مسألة العذر بالجهل: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 3/ 231، 28/ 501، 11/ 409 – 413، نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز آل عبد اللطيف، ص 59 – 70.
    (2/633)

2785 – واشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّهُمْ قَدْ أَثْبَتُوا الْـ … أقْدَارَ وَارِدَةً مِنَ الرَّحْمن
2786 – وَاشْهَدْ عَلَيْهم أنَّ حُجَّةَ ربِّهِمْ … قَامَتْ عَلَيهِمْ وَهْوَ ذُو غُفْرَانِ
2787 – واشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّهُمْ هُمْ فَاعِلُو … نَ حَقِيقَةَ الطَّاعَاتِ والعِصْيَانِ
2788 – والجَبْرُ عِنْدَهُمُ مُحَالٌ هَكَذَا … نَفْيُ القَضَاءِ فَبِئْسَتِ الرَّأيانِ


2785 – كما في قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر: 49]، وقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]، وفي حديث جبريل الطويل لما سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان ذكر منه “تؤمن بالقدر خيره وشره” أخرجه مسلم في الإيمان، باب الإيمان والإسلام والإحسان رقم (1)، والترمذي في الإيمان، باب ما جاء في وصف جبريل للنبي – صلى الله عليه وسلم – الإيمان والإسلام، رقم (2613)، وأبو داود في السنة، باب في القدر، رقم (4695)، والنسائي في الإيمان، باب نعت الإسلام، رقم (4990). وغير ذلك من الأدلة المتوافرة في إثبات القدر.
2786 – كما قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)} [الأنعام: 149]، فليس لأحد حجة على الله تعالى في واجب تركه، ولا محرم فعله، بل لله الحجة البالغة على عباده. انظر: مجموع الفتاوى 8/ 452، تفسير ابن كثير 2/ 186.
2787 – خلافًا للجبرية الذين ينسبون الفعل لله وأن العبد لا قدرة له ولا اختيار، أو يجعلون له قدرة غير مؤثرة. انظر: الواسطية (بشرح هراس) ص 227، مجموع الفتاوى ص 8/ 459، شفاء العليل 1/ 373 – 374.
2788 – أنث المذكر للضرورة. انظر ما سبق في البيت 228 (ص).

  • أي أن منهج أهل السنة في القدر هو المنهج الوسط، فهم بُرآء من ضلال الجبرية الذين لا يثبتون للعبد فعلًا ولا قدرة ويجعلونه مجبورًا فيما يأتي ويذر، وبرآء من ضلال القدرية النافين للقدر القائلين بأن الأمر أنف فيجعلون العبد خالقًا لفعل نفسه. انظر في تقرير مذهب أهل السنة في ذلك: عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني ص 75 – 78، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 3/ 589 وما بعدها، الواسطية =
    (2/634)

2789 – واشْهَدْ عَلَيهِمْ أنَّ إيمَانَ الوَرَى … قَوْلٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ عَقْدُ جَنَانِ
2790 – وَيزيدُ بالطَّاعَاتِ قَطْعًا هَكَذَا … بالضِّدِّ يُمْسِي وَهْوَ ذُو نُقْصانِ
2791 – واللهِ مَا إيمَانُ عَاصِينَا كإِبـ … ـمَانِ الأَمِينِ مُنَزِّلِ القُرْآنِ
2792 – كَلَّا وَلَا إيمَانُ مُؤْمِنِنَا كإيـ … ـمَانِ الرَّسُولِ مُعَلِّمِ الإيمَانِ
2793 – وَاشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّهُمْ لَمْ يُخْلِدُوا … أهْلَ الكَبَائِرِ في حَمِيمٍ آنِ


= لشيخ الإسلام بشرح هراس ص 219 – 230، شفاء العليل 1/ 330 وما بعدها، شرح الطحاوية لابن أبي العز ص 320، معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي 3/ 940، القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود، ص 248.
2790 – ب: “قول” مكان “قطعًا”.

  • هذا قول أهل السنة والجماعة في الإيمان قاطبة، وقد نقل شيخ الإسلام في كتاب الإيمان (ص 293 – 295) نقلًا عن كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام تسمية ما يقرب من مائة وأربعين عالمًا من علماء أهل السنة يقررون ذلك، وروى اللالكائي بسنده عن الإمام البخاري قال: كتبت عن ألف نفر من العلماء وزيادة ولم أكتب إلا عمّن قال: الإيمان قول وعمل (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 5/ 959، 1/ 195).
    وقد حكى الإجماع على ذلك: البغوي في شرح السنة 1/ 38 – 39، وابن عبد البر في التمهيد 9/ 238. وانظر: الشريعة للآجري ص 119، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 4/ 889 وما بعدها والجزء الخامس، كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 292 – 295.
    2793 – ب: “جحيم آن”.
  • وهذا خلافًا للخوارج والمعتزلة القائلين بخلود أهل الكبائر في النار، ومما يدل على هذا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48، 116]، وقال الإمام أحمد في كتاب السنة (ضمن كتاب الرد على الجهمية ص 35): (والكف عن أهل القبلة، ولا نكفر أحدًا منهم بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك =
    (2/635)

2794 – بَلْ يَخْرجُونَ بإذْنِهِ بِشَفَاعَةٍ … وَبِدُونِهَا لِمسَاكِنٍ بِجِنَانِ
2795 – وَاشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّ رَبَّهُمُ يُرَى … يَوْمَ المعَادِ كَمَا يُرَى القَمَرانِ
2796 – وَاشْهَدْ عَلَيْهمْ أنَّ أَصْحَابَ الرَّسُو … لِ خِيَارُ خَلْقِ اللهِ مِنْ إنسَانِ
2797 – حَاشَا النبيِّينَ الكرامِ فإنَّهُمْ … خَيْرُ البَريَّةِ خِيرَةُ الرَّحْمنِ


= حديث .. ) أ. هـ، وقال ابن جرير في تفسيره (4/ 129) في كلامه على آية النساء السابقة: “وقد أبانت هذه الآية أن كل صاحب كبيرة ففي مشيئة الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليه، ما لم تكن كبيرته شركًا بالله”. وقد حكى ابن عبد البر في التمهيد (17/ 22) إجماع أهل السنة على ذلك. وانظر: الواسطية (بشرح هراس) ص 189، شرح العقيدة الطحاوية ص 524، لوامع الأنوار البهية للسفاريني 1/ 366 – 371.
2794 – كما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسًا في زمن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “نعم” قال: “هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوًا ليس معها سحاب … ” وذكر الحديث وفي آخره: “فيقول الله عزَّ وجلَّ: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبقَ إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط قد عادوا حُمَمًا فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل … ” الحديث.
أخرجه البخاري في التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}، رقم (7439)، ومسلم (واللفظ له) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، رقم (183).
2795 – انظر: الآيات والأحاديث المذكورة في التعليق على البيت 1274، وما سبق في البيت 2546 وما بعده. وانظر: حادي الأرواح، ص 326 – 380.
2797 – قد توافرت الأدلة من كتاب الله عزّ وجل وسنّة نبيه – صلى الله عليه وسلم – في فضل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فمن الكتاب قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ =
(2/636)


2798 – وخِيَارُهُمْ خُلَفاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ … وَخِيَارُهُمْ حَقًّا هُمَا العُمَرَانِ


= وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74].
ومن السنة ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه” أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “لو كنت متخذًا خليلًا” رقم (3673)، ومسلم في فضائل الصحابة باب تحريم سب الصحابة، رقم (2540)، وأبو داود في السنة، باب النهي عن سب أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، رقم (4658)، والترمذي: كتاب المناقب، باب في مَن سبّ أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم -، رقم (3860).
وإذا جمع مع هذا النصوص الدالة على فضل هذه الأمة على سائر الأمم كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ .. .} [آل عمران: 110]، والصحابة هم أفضل هذه الأمة، تبين أنهم رضوان الله عليهم خير خلق الله من إنسان حاشا النبيين الكرام.
2798 – “وخيارهم” ساقط من ب.

  • العمران هما أبو بكر وعمر، وهذا من باب التغليب، ومما يدل على أنهما أفضل الصحابة أن عمرو بن العاص رضي الله عنه سأل النبي – صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أحب إليك؟ قال: “عائشة”. قال: فمن الرجال؟ قال: “أبوها” قال: ثم مَن؟ قال: “ثم عمر”، فعدّ رجالًا. أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه رقم (3662)، وفي المغازي، باب غزوة ذات السلاسل، رقم (4358)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، رقم (2384)، وأحمد 4/ 203. وكذلك قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: “كنا نخيّر بين الناس في زمان رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، نخيّر أبا بكر ثم عمر، ثم عثمان” أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، رقم (3655)، وباب =
    (2/637)

2799 – والسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ أَحَقُّ بالتَّـ … ـقْديمِ مِمَّنْ بعْدَهُمْ ببَيَانِ
2800 – كُلٌّ بِحَسْبِ السَّبْقِ أفْضَلُ رُتبةً … مِنْ لَاحِقٍ والفَضْلُ لِلمنَّانِ


فصلٌ في عهودِ المثبتينَ لِرَبِّ العالمينَ (1)
2801 – يَا نَاصِرَ الإِسْلَامِ والسُّنَنِ الَّتِي … جَاءَتْ عَنِ المبْعُوثِ بالقُرْآنِ
2802 – يَا مَنْ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ وَقولُهُ … وَلِقَاؤُهُ ورَسُولُهُ بِبَيَانِ
2803 – اشْرَحْ لِدينكَ صَدْرَ كُلِّ مُوحِّدٍ … شَرْحًا يَنَالُ بِهِ ذُرَا الإحْسَانِ


= مناقب عثمان رضي الله عنه، رقم (3697)، وأبو داود في السنة، باب في التفضيل رقم (4627، 4628)، والترمذي في المناقب، باب تقديم عثمان في حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، رقم (3707)، وأحمد 2/ 26.
وقال محمد بن الحنفية: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم مَن؟ قال: عمر. وخشيت أن أقول ثم مَن فيقول: عثمان. فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، رقم (3671)، وأبو داود في السنة، باب في التفضيل، رقم (4629).
2800 – كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100]، وقوله سبحانه: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} الآية [الحديد: 10].
(1) كذا في الأصل، وفي غيره: “مع رب العالمين”.
2801 – كذا في الأصل ود، طه. وفي غيرها: “بالفرقان”.
2802 – س: “له الحقّ” خطأ.
2803 – ح، ط: “ذُرا الإيمان”.
(2/638)


2804 – واجْعَلْهُ مؤتَمًّا بِوَحْيِكَ لَا بِمَا … قَدْ قَالَهُ ذُو الإفْك وَالبُهْتَانِ
2805 – وَانْصُرْ بِهِ حِزْبَ الهُدَى واكْبِتْ بِهِ … حِزْبَ الضَّلَالِ وَشِيعَةَ الشَّيْطَانِ
2806 – وانْعَشْ بِهِ مَنْ قَصْدُهُ إحْيَاؤه … وَاعْصمْهُ مِنْ كَيدِ امْرئٍ فَتَّانِ
2807 – وَاصْرِفْ بحقِّكَ عَنْه أهْلَ الزيغِ [والتَّـ … ـبْدِيلِ] والتّكْذِيبِ والطُّغْيَانِ
2808 – فَوَحقِّ نِعْمتِكَ التِي أوْليتَنِي … فَجَعَلتَ قَلْبِي وَاعِيَ القُرْآنِ
2809 – وَكَتَبتَ في قَلْبِي مُتَابَعَةَ الهُدَى … فَقَرأتُ فِيهِ أسْطُرَ الإيمَانِ
2810 – ونَشَلْتَنِي مِنْ بِئْرِ أصْحَابِ الهَوَى … بِحَبائِلٍ مِنْ مُحْكَمِ القرآن
2811 – وَجَعَلْتَ شِرْبِى المَنْهَلَ الْعَذْبَ الَّذِي … هو رأسُ ماءِ الوَارِدِ الظمآنِ


2805 – في القاموس ص 202: “كبتَه يكبته: صرعه، وأخزاه، وصرفه، وكسره، وردّ العدوّ بغيظه، وأذله”.
2806 – قال في اللسان 6/ 355: “نَعَشَه الله ينعَشه نَعشًا وأنعَشَه: رَفَعَه”.
2807 – ح، ط: “واضرب بحقك”. وفي ط: “عنق أهل الزيغ”.

  • ما بين الحاصرتين زيادة من غير الأصلين، لا يستقيم الوزن بدونها. (ص).
    2808 – هنا علّق الشيخ بكر أبو زيد في نسخته من النونية ما نصّه: “هذا قسم بحقّ النعمة، وحقها الشكر، والشكر عمل من أعمال القلوب واللسان والجوارح، وذلك مخلوق، والمخلوق لا يقسم به لثبوت الأحاديث الصحيحة بالنهي عنه. فتكون هذه زلّة من المصنّف، وهو غير معصوم، عفا الله عنا وعنه”. وسيأتي القسم بحق النعمة مرة أخرى في البيت 5803 (ص).
  • ح، ط: “وجعلت” وسيأتي جواب القسم في البيت 2818.
    2810 – نَشَلَ الشيءَ ينشُله نَشْلًا: أسرع نزعه. لسان العرب (11/ 661).
  • “من بئر”: كذا في الأصلين وفي غيرهما: “جُبّ” بالجيم. وأشير إلى هذه النسخة في حاشية ف أيضًا. وقد تصحفت في ط إلى “حُبّ” بالحاء. (ص).
  • ما عدا الأصلين وح: “الفرقان”.
    2811 – “الشرب” بكسر الباء: المورد.
    (2/639)

2812 – وَعَصَمْتَنِي مِنْ شُرْبِ سِفْلِ المَاءِ تحْـ … تَ نَجَاسة الآرَاءِ والأذْهَانِ
2813 – وَحَفِظْتَنِي مِمَّا ابتَلَيتَ بِهِ الأُلَى … حَكَمُوا عَلَيْكَ بِشِرْعَةِ البُهْتَانِ
2814 – نَبَذُوا كِتَابَكَ مِنْ وَرَاءِ ظُهُورِهِمْ … وَتمَسَّكُوا بزَخَارِفِ الهذَيَانِ
2815 – وأريتَنِي البِدَعَ المُضِلَّةَ كَيفَ يُلْـ … ـقِيهَا مُزخْرَفةً إِلَى الإنْسَانِ
2816 – شَيْطَانُهُ فَيَظلُّ ينْقُشُهَا لَهُ … نَقْشَ المُشَبِّهِ صورَةً بدِهَانِ
2817 – فيَظُنُّهَا المغْرورُ حَقًّا وَهْيَ في التَّـ … ـحْقِيق مِثْلُ الآلِ فِي القِيعَانِ
2818 – لَأُجَاهِدَنَّ عِدَاكَ مَا أَبْقَيْتَنِي … وَلَأجْعَلَنَ قِتَالَهُمْ دَيْدانِي
2819 – ولَأفْضَحَنَّهُمُ عَلَى رَأسِ المَلَا … ولَأفْرِيَنَّ أَدِيمَهُمْ بِلِسَانِي
2820 – ولَأكْشِفَنَّ سَرَائرًا خَفِيتْ عَلَى … ضُعَفَاءِ خَلقِكَ مِنْهُمُ بِبَيَانِ


2816 – ضبط في ف: “نقش المشِيَّة” وهو خطأ فاحش. (ص).
2817 – الآل: السراب. وقيل: الآل هو الذي يكون ضحى كالماء بين السماء والأرض يرفع الشخوص. فأما السراب فهو الذي يكون نصف النهار لاطئًا بالأرض كأنه ماء جارٍ. لسان العرب 11/ 36.

  • القيعان: جمع قاع، وهو ما انبسط من الأرض وفيه يكون السراب. لسان العرب 8/ 304.
    2818 – هذا جواب القسم في قوله: (فوحق نعمتك التي أوليتني .. .).
    الدَيْدَان: العادة. القاموس ص 1543، ومراد الناظم استمراره على ذلك ومداومته عليه.
    2819 – ح، ط: “رؤس” والملأ هنا بمعنى الجماعة، وسهّل الهمزة للضرورة (ص).
  • فرى الشيء يفريه فَرْيًا، وفرّاه: شقّه وأفسده. لسان العرب 15/ 152.
  • الأديم: الجلد. ومراد الناظم رحمه الله تعالى أنه سيفضح أهل الباطل، ويشق جلدهم الذي يسترون وراءه باطلهم، ليظهر حقيقة ما يخفون، وينجلي الستار عما يبطنون. والله أعلم.
    (2/640)

2821 – ولأتبعَنَّهُمُ إلَى حَيثُ انْتَهَوْا … حَتَّى يُقَالَ أَبَعْدَ عَبَّادَانِ
2822 – ولَأرْجُمَنَّهُمُ بأعْلَامِ الهُدَى … رَجْمَ المَرِيدِ بثَاقِبِ الشُّهْبانِ
2823 – ولَأقْعُدَنَّ لَهُمْ مَرَاصِدَ كَيْدِهِمْ … وَلأحْصُرنَّهُمُ بِكلِّ مَكَانِ
2824 – ولَأجْعَلَنَّ لُحُومَهُمْ ودِمَاءَهُمْ … في يَوْمِ نَصْرِكَ أعْظَمَ القُرْبَانِ
2825 – ولَأحْمِلَنَّ علَيْهِمُ بعساكرٍ … لَيسَتْ تَفِرُّ إذَا التَقَى الزَّحْفَانِ
2826 – بعَسَاكِرِ الوَحْيَيْنِ والفِطْرَاتِ بالـ … ـمعْقُولِ والمنْقُولِ بالإحْسَانِ
2827 – حتَّى يَبِينَ لِمَنْ لَهُ عَقْلٌ مَنِ الْـ … أَوْلَى بِحُكْمِ العَقْلِ والبرْهَانِ
2828 – ولأنْصحَنَّ اللهَ ثُمَّ رَسُولهُ … وكِتَابَهُ وشَرَائِعَ الإيمَانِ
2829 – إنْ شَاءَ رَبِّي ذَا يَكونُ بحَوْلِهِ … أوْ لمْ يَشَأ فالأمْرُ لِلرَّحْمنِ

فصلٌ في شهادةِ أهلِ الإثباتِ على أهلِ التعطيل أنَّه ليسَ في السَّماءِ إلهٌ (1) ولاَ لِلَّه بيننا كلامٌ ولا في القبرِ رَسولٌ (2)
2830 – إنَّا تَحَمَّلْنَا الشَّهَادَةَ بالَّذِي … قُلْتُمْ نُؤَدِّيهَا لَدَى الرّحْمنِ


2821 – إشارة إلى المثل المعروف (ليس وراء عبادان قرية) انظر: مجمع الأمثال للميداني 2/ 257، وقال صاحب القاموس المحيط: “وعبّادان: جزيرة أحاط بها شعبتا دجلة ساكبتين في بحر فارس” ص 379، يعني الناظم المبالغة في تتبع فضائحهم.
2826 – أي المنقول عن سلف الأمة الأخيار.
2828 – في حاشية ف بخط متأخر أن في نسخة: “لله”.
2829 – د: “لا يكون” وهو خطأ.

  • طت، طه: “إن لم يشا”.
    (1) ط: “إله يُعبد”.
    (2) ط: “رسول الله”.
    2830 – في الأصلين وب: “إلى الرحمن”، ولكن ورد في حاشية الأصل مع علامة صح: “في الأصل لدى” وفي النسخ الأخرى وط أيضًا: “لدى”.
    (2/641)

2831 – مَا عِنْدكُمْ في الأرْض قُرْآنٌ كَلا … مُ اللهِ حَقًّا يَا أُولِي العُدوَانِ
2832 – كَلَّا وَلَا فَوْقَ السَّمَواتِ العُلى … رَبٌّ يُطَاعُ بِواجِبِ الشُّكْرَانِ
2833 – كَلَّا وَلَا في القَبْرِ أيْضًا عِنْدَكُمْ … مِنْ مُرْسَلٍ واللهِ عِنْد لِسَانِ
2834 – [هَاتِيكَ عَوْرَاتٌ ثَلَاثٌ قَدْ بَدَتْ … مِنْكُمْ فَغَطُّوهَا بِلَا رَوَغَانِ]2835 – فَالرُّوحُ عِنْدَكُمُ مِنَ الأعرَاضِ قَا … ئِمَةٌ بِجِسْمِ الحَيِّ كالألْوَانِ


2834 – ذكر الناظم في (اجتماع الجيوش الإسلامية) ص 185 – 186، والحافظ ابن رجب في (ذيل طبقات الحنابلة) 1/ 54، نقلًا عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي أن شيخ الإسلام أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري الهروي كان شديدًا على الأشاعرة فقيل له بحضرة الوزير أبي علي الحسن الطوسي: لمَ تلعن أبا الحسن الأشعري؟ فقال: أنا لا ألعن الأشعري، وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله في السماء، وأن القرآن في المصحف، وأن النبي اليوم نبي. أ. هـ.
وقد أشار الحافظ ابن رجب إلى أن محمد بن طاهر ذكر ذلك في كتابه (المنثور من الحكايات والسؤالات). انظر: الذيل 1/ 51، وقد أشار إلى هذه القصة شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتاوى 8/ 230.
وذكر ابن رجب -أيضًا- في الذيل 1/ 403 في ترجمة الإمام ابن الجوزي، أنه قال يومًا على المنبر: (أهل البدع تقول ما في السماء أحد، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، ثلاث عورات لكم). أ. هـ.

  • لم يرد هذا البيت في الأصلين.
    2835 – سبق تفسير “العرض” في البيت 90.
  • القول بأن الروح عرض ذكره أبو الحسن الأشعري في المقالات 2/ 28 ولم ينسبه لأحد، إلا أنه نسب إلى جعفر بن حرب القول بعدم معرفة الروح هل هي جوهر أو عرض، ثم نسب إليه القول بأن النفس عرض (2/ 30)، ونسبه ابن حزم في (الفصل 5/ 201 – 202) إلى أبي الهذيل العلاف، وأبي بكر الباقلاني ومن اتبعه من الأشعرية، وذكر أنه قول جالينوس الحكيم. الفصل 4/ 121، والأصول والفروع له ص 85.
    وقال القاضي أبو يعلى: وذهب بعض الأشعرية إلى أن الروح عرض وهي =
    (2/642)

2836 – وَكَذَا صفَاتُ الحَيِّ قَائِمَةٌ بِهِ … مَشْرُوطَةٌ بِحَيَاةِ ذِي الجُثْمَانِ
2837 – فَإذَا انْتَفَتْ تلْكَ الحَيَاةُ فَيَنْتَفِي … مَشْرُوطُهَا بِالعَقْلِ وَالبُرْهَانِ
2838 – وَرِسَالَةُ المبْعُوثِ مَشْرُوطٌ بِهَا … كَصفَاتِهِ بالْعِلْم والإيمَانِ
2839 – فَإِذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الحَيَاةُ فَكُلُّ مَشْـ … رُوطٍ بِهَا عَدَمٌ لَدَى الأذْهَانِ



= الحياة. المعتمد في أصول الدين ص 96.
ويقول شيخ الإسلام: (ففي الجملة النفس المفارقة للبدن بالموت ليست جزءًا من أجزاء البدن ولا صفة من صفات البدن عند سلف الأمة وأئمتها، وإنما يقول هذا وهذا من يقوله من أهل الكلام المبتدع المحدث من أتباع الجهمية والمعتزلة ونحوهم). رسالة في العقل والنفس (ضمن مجموع الفتاوى 9/ 272).
وقال الناظم في كتاب الروح ص 182: (وأما قول من قال مستقرها -أي الروح- العدم المحض، فهذا قول من قال إنها عرض من أعراض البدن وهو الحياة، وهذا قول ابن الباقلاني ومن اتبعه، وكذلك قال أبو الهذيل العلاف: النفس عرض من الأعراض ولم يعينه بأنه الحياة .. إلخ). وانظر: ص 272.
2836 – هذا البيت سقط من (س)، ومذكور في الهامش.
2838 – هذا البيت سقط من (س)، ومذكور في الهامش.
2839 – كذا في ف “لَدَى” مضبوطًا بفتح الدال. وفي الأصل وغيره “لذي”، ولعله تصحيف (ص).

  • معنى ذلك أنه لما كانت الروح عندهم عرضًا من الأعراض وهو الحياة، فإنها بعد الموت بحكم العدم فلا توصف بحياة مطلقًا، ولازم هذا أن تنفى جميع المعاني المتعلقة بالحياة والمشروطة بها. ومن ذلك رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم -. وقد عقد الإمام ابن حزم في كتابه الفصل (1/ 161) فصلًا في الرد على من زعم أن الأنبياء عليهم السلام ليسوا أنبياء اليوم ولا الرسل اليوم رسلًا، وبيّن أن الحامل لأصحاب هذا القول عليه هو قولهم بأن الروح عرض.
    (2/643)

فصلٌ في الكلامِ في حياةِ الأنبياءِ في قبورِهمْ
2840 – وَلأَجْلِ هَذَا رَامَ نَاصِرُ قَوْلِكُم … تَرقِيعَهُ يَا كَثْرَةَ الخُلْقَانِ
2841 – قَالَ الرَّسُولُ بِقَبْرِهِ حَيٌّ كَمَا … قَدْ كَانَ فَوْقَ الأرْضِ والرُّجْمَانِ


2840 – الخُلْقَان: جمع خَلَق بفتح الخاء المعجمة واللام، أي البالى. اللسان 10/ 88.
2841 – الرَّجَم (بالتحريك): الحجارة المجموعة على القبور، وقيل: هو القبر نفسه، وجمعه أرجام، اللسان 12/ 228. ويصح جمعه على (رُجمان) لأنه اسم على وزن (فَعَل) صحيح العين. وقد قال ابن مالك:
وفِعْلًا اسمًا وفَعِيْلًا وفَعَلْ … غير معلِّ العين فُعْلان شمل
انظر: الألفية مع شرح ابن عقيل 4/ 480.

  • لما كان لازم القول بأن الروح عرض من الأعراض نفيَ نبوة النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد موته لانتفاء شرطها وهو الحياة، فرّ أصحاب هذا القول من هذا اللازم بالقول بحياة النبي – صلى الله عليه وسلم – في قبره كحياته في الدنيا. انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية ص 186 – 187.
    قلت: ولكن لا يلزم من القول بحياة الأنبياء في قبورهم أن يكون صاحبه ممن يعتقد بأن الروح عرض، فإن هناك من قرر حياة الأنبياء في قبورهم لأدلة حملها على ذلك مع اعتقاده بعدم عرضية الروح، كالإمام البيهقي -رحمه الله تعالى- فقد قرر في كتابه الاعتقاد (ص 177) ما يتعلق بحياة البرزخ من عذاب ونعيم، وكذا في رسالته (إثبات عذاب القبر وسؤال الملكين). ومع هذا فقد صنّف كتاب (حياة الأنبياء صلوات الله عليهم بعد وفاتهم) صرح فيه بأنهم يصيرون كسائر الأحياء، يكونون حيث ينزلهم الله تعالى. انظر: ص 77 بتحقيق الدكتور أحمد بن عطية الغامدي، وانظر: كتاب الاعتقاد ص 237.
    وكذلك القرطبي -صاحب المفهم- فلا يرى أن الروح عرض (المفهم=
    (2/644)

2842 – مِنْ فَوْقِهِ أطْبَاقُ ذَاكَ التُّرْبِ واللَّـ … ـبِنَاتُ قَدْ عُرِضتْ عَلَى الجُدْرَانِ
2843 – لَوْ كَان حَيًّا في الضَّرِيحِ حَيَاتَهُ … قَبْلَ الممَاتِ بِغَيْرِ مَا فُرْقَانِ
2844 – مَا كَانَ تَحْتَ الأرْضِ بَلْ مِنْ فَوْقِهَا … واللهِ هَذِي سُنَّةُ الرَّحْمنِ
2845 – أتُرَاهُ تَحْتَ الأرْضِ حَيًّا ثُمَّ لَا … يُفْتِيهمُ بِشَرَائِعِ الإِيمَانِ
2846 – ويُرِيحُ أُمَّتَهُ مِنَ الآراءِ وَالْـ … ـخُلْفِ العَظِيمِ وَسَائِرِ البُهْتَانِ
2847 – أَمْ كَانَ حَيًّا عَاجِزًا عَنْ نُطْقِهِ … وَعَنِ الْجَوَابِ لِسَائِلٍ لَهْفَانِ
2848 – وَعَنِ الْحَرَاكِ فَمَا الحَيَاةُ الَّلاتِ قَدْ … أَثْبَتُّمُوهَا أَوْضِحُوا بِبَيَانِ


= 2/ 573 – 574)، ثم إنه يختار القول بحياة الأنبياء في قبورهم كحياتهم في الدنيا حيث قال: (إن الموت ليس بعدم وإنما هو انتقال من حال إلى حال، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين، فهذه صفات الأحياء في الدنيا، وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى .. . ثم ذكر بعض الاستدلالات لذلك، ثم قال: وهو كثير بحيث يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أنهم غيّبوا عنا بحيث لا ندركهم، وإن كانوا موجودين أحياء). المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 6/ 233 – 234. وكذلك السيوطي، فنجده ينكر أن تكون الروح عرضًا (شرح الصدور ص 416)، ثم إنه يقرر حياة الأنبياء في قبورهم كما كانوا قبل موتهم، حيث إن له رسالة أسماها “إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء” (موجودة ضمن الحاوي للفتاوي 1/ 147 – 155). جمع فيها الأدلة على هذه المسألة وذكر نقولًا عن بعض من يقول بذلك، ومن أصرح ما نقله قول السبكي: حياة الأنبياء والشهداء في القبر كحياتهم في الدنيا.
بل إن السيوطي قد بالغ في ذلك حتى إنه قرر إمكان رؤية النبي – صلى الله عليه وسلم – يقظة في الدنيا بعد موته، والالتقاء معه ومخاطبته، وأن ذلك يكون لأرباب الأحوال، وله في ذلك رسالة أسماها (تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك) ضمن الحاوي 2/ 255 – 269.
(2/645)


2849 – هَذَا ولِمْ لا جَاءَهُ أَصْحَابُهُ … يَشْكُونَ بَأْسَ الفَاجِرِ الفَتَّانِ
2850 – إذْ كَانَ ذَلكَ دَأْبَهُمْ وَنَبِيُّهُمْ … حَيٌّ يُشَاهِدُهُمْ شُهُودَ عِيَانِ
2851 – هَلْ جَاءَكُمْ أَثَرٌ بأنَّ صِحَابَهُ … سَأَلُوهُ فُتْيَا وَهْوَ فِي الأكْفَانِ
2852 – فَأجَابَهُمْ بِجَوَابِ حَيٍّ نَاطِقٍ … فَأتُوا إذًا بالحَقِّ والبُرْهَانِ
2853 – هَلَّا أَجَابَهُمُ جَوَابًا شَافِيًا … إنْ كَانَ حَيًّا نَاطِقًا بِلِسَانٍ
2854 – هَذَا وَمَا شُدَّتْ رَكَائِبُهُ عَنِ الـ … ـحُجُرَاتِ لِلْقَاصِي مِنَ البُلْدَانِ
2855 – مَعَ شِدَّةِ الحِرْصِ العَظِيمِ لَهُ عَلَى … إِرْشَادِهِمْ بِطَرَائِقِ التِّبيَانِ
2856 – أَتُرَاهُ يَشْهَدُ رَأيَهُمْ وَخِلَافَهُمْ … وَيَكُونُ لِلتِّبْيَانِ ذَا كِتْمَانِ
2857 – إنْ قُلْتُمُ سَبَقَ البَيَانُ صَدَقْتُمُ … قَدْ كَانَ بِالتَّكْرَارِ ذا إحْسَانِ
2858 – هَذَا وَكَمْ مِنْ أَمْرٍ اَشْكَلَ بَعْدَهُ … أعْنِي عَلَى العُلَمَاءِ كُلَّ زَمَانِ
2859 – أَوَ مَا تَرَى الفَارُوقَ وَدَّ بأنَّهُ … قَدْ كَانَ مِنْهُ العَهْدُ ذَا تِبْيَانِ
2860 – بِالجَدِّ في مِيرَاثِهِ وَكَلَالَةٍ … وَبِبَعْضِ أبْوَابِ الرِّبَا الفَتَّانِ


2849 – ذكر الشيخ ابن عيسى في شرح النونية (2/ 156) أن الإشارة هنا إلى وقعة الحرة التي استباح فيها مسلم بن عقبة المدينة ثلاثة أيام بأمر من يزيد بن معاوية، وقتل فيها من قتل من أبناء المهاجرين والأنصار. انظر في تفاصيل وقعة الحرة: البداية والنهاية لابن كثير (8/ 220 – 227)، فتح الباري لابن حجر 13/ 75 – 76.
2851 – في طع: “الأكون” تحريف.
2855 – كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].
2858 – ط: “علماء”.
2860 – إشارة إلى ما في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: خطب عمر على منبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: “إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة =
(2/646)


2861 – قَدْ قَصَّرَ الفَارُوقُ عِنْدَ فَرِيقكُمْ … إذْ لَمْ يَسَلْهُ وَهْوَ في الأَكْفَانِ
2862 – أَترَاهُمُ يَأتُونَ حَوْلَ ضَرِيحِهِ … لِسُؤَالِ أُمِّهِمُ أَعَزِّ حَصَانِ
2863 – ونبِيُّهُمْ حَيٌّ يُشَاهِدُهُمْ وَيَسْـ … ـمَعُهُمْ وَلَا يَأْتِي لَهُمْ بِبَيَانِ
2864 – أَفَكَانَ يَعْجِزُ أَنْ يُجيبَ بِقَوْلِهِ … إذْ كَانَ حَيًّا دَاخِلَ البُنْيَانِ
2865 – يَا قَوْمَنَا اسْتَحْيُوا مِنَ العُقَلَاءِ والْـ … ـمَبْعُوثِ بالقُرْآنِ وَالرَّحْمنِ


= والشعير والعسل، والخمر ما خامر العقل، وثلاث وددت أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهدًا: الجدّ والكلالة وأبواب من الربا” أخرجه البخاري في الأشربة، باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب، رقم (5588)، ومسلم في التفسير، باب في نزول تحريم الخمر، رقم (3032)، وأبو داود في الأشربة، باب تحريم الخمر، رقم (3669).
2862 – س: ” أترونهم”.

  • د: “يأتوه”.
  • د، س: “عند ضريحه”.
  • المقصود بها عائشة رضي الله عنها، كما قال فيها حسان رضي الله عنه:
    حَصَانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بريبة … وتصبح غَرثى من لحوم الغوافل
    انظر: سيرة ابن هشام 3/ 252، سير أعلام النبلاء للذهبي 2/ 163.
    والحصان في اللغة هي العفيفة. القاموس ص 1536.
  • ومما يؤيد معنى البيت ما رواه الترمذي من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: “ما أشكل علينا أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – حديث قطّ، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا” رواه الترمذي في المناقب، باب فضل عائشة رضي الله عنها، رقم (3877)، وقال: “هذا حديث حسن صحيح”، وفي بعض النسخ زيادة (غريب) كما أشار إليه الدعاس في تعليقه على السنن، وهي مثبتة في تحفة الأحوذي.
    2865 – ب: “يا قوم”.
    ب: “والمبعوث من الرحمن”.
    (2/647)

2866 – واللهِ لَا قَدْرَ الرَّسُولِ عَرَفْتُمُ … كَلَّا وَلَا لِلنَّفسِ والإنْسَانِ
2867 – مَنْ كَانَ هَذَا القَدْرُ مبلغَ عِلمِهِ … فَلْيَسْتَتِر بالصمْتِ وَالكِتْمَانِ
2868 – وَلَقَدْ أبَانَ اللهُ أَنَّ رَسُولَهُ … مَيْتٌ كَمَا قَدْ جَاءَ فِي القُرْآنِ
2869 – أَفَجَاءَ أنَّ الله بَاعِثُهُ لَنَا … فِي القَبْرِ قَبْلَ قِيَامَةِ الأبْدَانِ
2870 – أَثَلَاثُ مَوْتَاتٍ تَكُونُ لِرُسْلِهِ … وَلِغَيْرهِمْ مِنْ خَلْقِهِ مَوْتَانِ
2871 – إذْ عِنْدَ نَفْخِ الصُّورِ لَا يَبْقَى امرُؤٌ … في الأَرْضِ حَيًّا قَطُّ بالبُرْهَانِ
2872 – أَفَهَلْ يَمُوتُ الرُّسْلُ أمْ يَبْقَوا إذَا … مَاتَ الوَرَى أمْ هَلْ لَكُمْ قَوْلَانِ
2873 – فَتَكَلَّمُوا بِالعِلْمِ لَا الدَّعْوى وَجِيـ … ـئُوا بالدَّليلِ فَنحْنُ ذُو أذْهَانِ


2866 – ح: “والإيمان”.
2867 – د: “هذا القد”.
2868 – كما في قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30].
2870 – كما قال تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)} [غافر: 11]، وقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة: 28]2871 – كما قال تعالى: {وَنُفِخَ في الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ في السَّمَاوَاتِ وَمَنْ في الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68].
2872 – أصله: “يبقَون” حذف النون للضرورة، وقد سبق في الأبيات 614، 656، 1406 وغيرها (ص).

  • سقطت “هل”، من “ف”.
  • أي ما دام أن الرسل عندكم أحياء في قبورهم، فهل يموتون عند النفخ في الصور فتكون لهم ثلاث موتات، أم أنهم يبقون؟!.
    2873 – كذا في الأصلين ود، ح، طع. وفي غيرها: “فجيئوا”. وفي طت وطه: “وجيبوا”، تصحيف.
  • الصواب أن يقول: “ذوو أذهان” وقد سبق مثله في البيتين 959 و 1390.
    هذا، وفي حاشية ف بخط متأخر أن في نسخة: “إذعان” (ص).
    (2/648)

2874 – أَوَ لَمْ يَقُلْ مَنْ قَبلَكُمْ لِلرَّافِعِي الْـ … أصْواتِ حَوْلَ القَبْرِ بالنُّكْرَانِ
2875 – لَا ترْفعُوا الأصْوَاتَ حُرْمَةُ عَبْدِهِ … مَيْتًا كَحُرْمَتِهِ لَدَى الحَيَوانِ


2875 – قد جاء النهي عن رفع الصوت عند النبي – صلى الله عليه وسلم -كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)} [الحجرات: 2]، وأثنى سبحانه وتعالى على الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)} [الحجرات: 3]، والميت تبقى حرمته بعد موته، لذلك جاء النهي عن الجلوس على القبور والمشي عليها ونحو ذلك. والنبي – صلى الله عليه وسلم – أعظم حرمة من غيره، فلذا يجب أن يخفض الصوت عند قبره مراعاة لتلك الحرمة.
ومما يدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن السائب بن يزيد قال: كنت قائمًا في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما قال: مَن أنتما -أو من أين أنتما-؟ قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ أخرجه البخاري في الصلاة، باب رفع الصوت في المسجد، رقم (470).
هذا وقد روى القاضي عياض في الشفاء (2/ 44) قصة للإمام مالك مع أبي جعفر المنصور وفيها: أن الإمام مالكًا نهى أبا جعفر عن رفع الصوت في مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقال: إن حرمته ميتًا كحرمته حيًا.
وهذه القصة لا تصح بتمامها لضعف إسنادها وانقطاعه، ولوجود غرابة ونكارة في بعض متنها. انظر في تضعيفها: التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ص (77 – 78)، الصارم المنكي لابن عبد الهادي ص (259 – 264).
ولكن قد يكون أصل القصة صحيحًا وهو ما يتعلق بالنهي عن رفع الصوت في المسجد وأن حرمة النبي – صلى الله عليه وسلم – ميتًا كحرمته حيًا، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام: “نعم قد يكون أصلها صحيحًا ويكون مالك قد نهى عن رفع الصوت في مسجد الرسول – صلى الله عليه وسلم – اتباعًا للسنة، كما كان عمر رضي الله عنه ينهى عن رفع الصوت في مسجده .. “. التوسل والوسيلة ص (89).
(2/649)


2876 – قَدْ كَان يُمْكِنُهُمْ يَقُولُوا إنَّهُ … حَيٌّ فَغُضُّوا الصَّوْتَ بالإحْسَانِ
2877 – لَكِنَّهُمْ باللَّهِ أَعْلَمُ مِنْكُمُ … وَرَسُولِهِ وَحَقَائِقِ الإيمَانِ
2878 – وَلَقَدْ أَتَوْا يَوْمًا إِلَى العَبَّاسِ يَسْـ … ـتَسقُونَ مِنْ قَحْطٍ وَجَدْبِ زَمَانِ
2879 – هَذَا وَبَيْنَهُمُ وَبَيْنَ نَبِيِّهِمْ … عَرْضُ الجِدَارِ وَحُجْرَةُ النِّسوانِ
2880 – فَنَبِيُّهُمْ حَيٌّ وَيْتَسْقُونَ غَيْـ … ـرَ نَبِيِّهِمْ حَاشَا أولِي الإيمَانِ


فصلٌ فيما احتجُّوا بهِ على حياةِ الرُّسُلِ في القبورِ
2881 – فَإنِ احْتَجَجْتُمْ بالشَّهِيدِ بأنَّه … حَيٌّ كَمَا قَدْ جَاءَ في القُرْآنِ
2882 – وَالرُّسْلُ أَكْمَلُ حَالَةً مِنْهُ بِلَا … شَكٍّ وَهَذَا ظَاهِرُ التِّبيانِ
2883 – فَلِذَاكَ كَانُوا بِالحَيَاةِ أحَقَّ مِنْ … شُهَدَائِنَا بِالعَقْلِ وَالبُرْهَانِ


2876 – الفعل “يقولوا” منصوب بأن المحذوفة للضرورة، (ص).
2878 – سقطت “يومًا”، من: “طه”.

  • تقدمت ترجمة العباس تحت البيت 1703.
  • في البيت إشارة إلى ما في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: “اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسْقِنا، قال: فيسقون”. أخرجه البخاري في الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، رقم (1010)، وفي فضائل الصحابة باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، رقم (3710).
    2881 – س: “فإذا احتججتم”.
    كما في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)} [البقرة: 154]، وقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)} [آل عمران: 169].
    (2/650)

2884 – وبِأَنَّ عَقْدَ نِكَاحِه لَمْ يَنْفَسِخْ … فَنِسَاؤُهُ في عِصْمَةٍ وَصِيَانِ
2885 – ولأجْلِ هَذَا لمْ يَحِلَّ لِغَيرهِ … مِنْهُنَ وَاحِدةٌ مَدَى الأَزْمَانِ
2886 – أَفَلَيسَ في هَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ … حَيٌّ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ أذُنَانِ
2887 – أَوَ لَمْ يَرَ المخْتَارُ مُوسَى قَائِمًا … في قَبْرِهِ لِصلَاةِ ذِي القُرْبَانِ
2888 – أَفَمَيِّتٌ يَأْتِي الصَّلَاةَ وَإنَّ ذَا … عينُ المُحَالِ وواضحُ البُطْلَانِ
2889 – أَوَ لَمْ يَقُلْ إنِّي أرُدُّ عَلَى الَّذِي … يَأْتِي بِتَسْلِيمٍ مَعَ الإحْسَانِ
2890 – أَيَرُدُّ مَيِّتٌ السَّلَامَ عَلَى الَّذِي … يَأْتِي بِهِ هَذَا مِنَ البُهْتَانِ


2884 – ف: “عقد نسائه”، وأشير في طرّتها إلى أن في نسخة: “نكاحه”.

  • قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا (53)} [الأحزاب: 53].
    2887 – في النسخ كلها: “يرى”.
  • إشارة إلى حديث أنس رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “مررت على موسى وهو يصلي في قبره”، وفي رواية: “مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره” أخرجه مسلم في الفضائل، باب من فضائل موسى – صلى الله عليه وسلم – رقم (2375)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار، باب ذكر صلاة نبي الله موسى عليه السلام، رقم (1631) إلى رقم (1637)، وأحمد 3/ 120، 5/ 59.
    2889 – إشارة إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما من أحد يسلم علي إلَّا ردّ الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام” أخرجه أبو داود في المناسك، باب زيارة القبور، رقم (2041)، وأحمد 2/ 527، والبيهقي في الكبرى في كتاب الحج، باب زيارة قبر النبي – صلى الله عليه وسلم – رقم (10270).
    وذكر ابن عبد الهادي أن إسناده مقارب، وهو صالح أن يكون متابعًا لغيره وعاضدًا له؛ وذلك لتفرد أبي صخر حميد بن زياد به عن يؤيد بن عبد الله بن قُسيط عن أبي هريرة. انظر: الصارم المنكي ص 189 – 197. =
    (2/651)

2891 – هَذَا وَقَدْ جَاءَ الحَدِيثُ بِأنَّهُمْ … أحْيَاءُ في الأجْدَاثِ ذَا تِبْيَانِ
2892 – وبأنَّ أعْمَالَ العِبَادِ عَلَيْهِ تُعْـ … ـرَضُ دَائِمًا في جُمْعَةٍ يَوْمَانِ


= لكن جوّد إسناده الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (حاشية الإحياء 1/ 310)، وشيخ الإسلام ابن تيمية في التوسل والوسيلة ص 81، وصححه النووي في رياض الصالحين، رقم (1409)، وحسّنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم (2266).
2891 – “أحياء” مصروف، وقد منع الناظم صرفه للضرورة (ص).

  • إشارة إلى حديث أنس رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “الأنبياء أحيناء في قبورهم يصلون” أخرجه البزار (كما في كشف الأستار للهيثمي، كتاب علامات النبوة، باب ذكر من تقدم من الأنبياء صلى الله عليهم وسلم، رقم 2340)، وابن عدي في الكامل، في ترجمة الحسن بن قتيبة المدائني (2/ 739)، والبيهقي في (حياة الأنبياء في قبورهم) رقم (1) من طريق الحسن بن قتيبة المدائني ثنا المستلم بن سعيد الثقفي عن الحجاج بن الأسود عن ثابت البناني عن أنس مرفوعًا به.
    وقال البزار: “لا نعلم رواه عن ثابت عن أنس إلا الحجاج، ولا عن الحجاج إلا المستلم، ولا نعلم روى الحجاج عن ثابت إلا هذا”.
    وأخرجه البزار -أيضًا- كشف الأستار، رقم (2339) من طريق الحسن بن قتيبة: حدثنا حماد بن سلمة عن عبد العزيز عن أنس به. وقال البزار: “لا نعلم أحدًا تابع الحسن بن قتيبة على روايته عن حماد”.
    وأخرجه أبو يعلى في مسنده، رقم (3425): حدثنا أبو الجهم الأزرق بن علي ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا المستلم بن سعيد به، ومن طريقه البيهقي في (حياة الأنبياء في قبورهم)، رقم (2).
    وأخرجه أبو نعيم في أخبار إصبهان (2/ 83) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن الصباح عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكر ثنا يحيى بن أبي بكر به. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 211) وعزاه إلى أبي يعلى والبزار، وقال: ورجال أبي يعلى ثقات. وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم (621).
    (2/652)

2893 – يَوْمَ الخَمِيسِ وَيومَ الاِثنَينِ الَّذِي … قَدْ خُصَّ بالفَضْلِ العَظِيمِ الشَّانِ



2893 – حديث عرض الأعمال على النبي – صلى الله عليه وسلم – في كل اثنين وخميس، رواه ابن عدي في الكامل في ترجمة خراش بن عبد الله (3/ 945): ثنا الحسن -أي العدوي- ثنا خراش ثنا مولاي أنس بن مالك رضي الله عنه .. .، ثم ذكر أربعة عشر حديثًا منها، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “حياتي خير لكم وموتي خير لكم، أما حياتي فأحدث لكم، وأما موتي فتعرض علي أعمالكم عشية الاثنين والخميس، فما كان من عمل صالح حمدت الله عليه، وما كان من عملٍ سيءٍ استغفرت لكم”.
ثم قال ابن عدي: “وخراش هذا مجهول ليس بمعروف، وما أعلم حدث عنه ثقة أو صدوق إلا الضعفاء .. . -إلى أن قال- والعدوي هذا كنا نتهمه بوضع الحديث، وهو ظاهر الأمر في الكذب”.
وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (حاشية الإحياء 4/ 148) -في الكلام على حديث ابن مسعود الآتي ذكره-: ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث أنس بنحوه بإسناد ضعيف. وهذه إشارة إلى هذا الحديث.
وذكر الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (2/ 406) أن إسناده موضوع.
هذا وقد جاء الحديث في مسند البزار عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه دون تخصيصه بالاثنين والخميس، فقد قال البزار: حدثنا يوسف بن موسى ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد عن سفيان عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام” قال: وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم”.
قال البزار: “لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا بهذا الإسناد”. كشف الأستار، كتاب الجنائز، باب ما يحصل لأمته – صلى الله عليه وسلم – منه في حياته وبعد وفاته، رقم (845).
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 24) وقال: “رواه البزار، ورجاله =
(2/653)


فصلٌ في الجوابِ عمَّا احتجُّوا بهِ في هذهِ المسألةِ
2894 – فَيُقَالُ أَصْلُ دَلِيلِكُمْ في ذَاكَ حُجَّـ … ـتُّنَا عَلَيْكُم وَهْيَ ذَاتُ بَيَانِ
2895 – إنَّ الشَّهِيدَ حَيَاتُهُ مَنْصُوصَةٌ .. لَا بِالْقِيَاسِ القَائِمِ الأرْكَانِ
2896 – هَذَا مَعَ النَّهْيِ المؤَكَّدِ أنَّنَا … نَدْعُوهُ مَيْتًا ذَاكَ فِي القُرْآنِ
2897 – وَنِسَاؤهُ حِلٌّ لَنَا مِنْ بَعْدِهِ … وَالمَالُ مَقْسُومٌ عَلَى السُّهْمَانِ


= رجال الصحيح”، ولكن قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/ 148): ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد المجيد بن أبي رواد وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه كثيرون. ا. هـ.
وقد أورد الحديثَ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم (975) وقال: (فاتفاق جماعة من الثقات على رواية الحديث عن سفيان دون آخر الحديث “حياتي … “، ثم متابعة الأعمش على ذلك مما يدل عندي على شذوذ هذه الزيادة لتفرد عبد المجيد بن عبد العزيز بها، لا سيما وهو متكلم فيه من قبل حفظه .. . إلخ) ا. هـ.
وقد جاء الحديث بسند صحيح عن بكر بن عبد الله المزني مرسلًا، رواه القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتاب فضل الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – ص 12 رقم (25، 26) وابن سعد في الطبقات (2/ 194). وبكر بن عبد الله المزني من أئمة التابعين، فالحديث مرسل لا يحتج به.
وقال الألباني في توجيه رواية عبد المجيد السابقة: “فلعل هذا الحديث الذي رواه عبد المجيد موصولًا عن ابن مسعود أصله هذا المرسل عن بكر، أخطأ فيه عبد المجيد فوصله عن ابن مسعود ملحقًا إياه بحديثه الأول عنه – والله أعلم”.
2896 – وذلك في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154)} [البقرة: 154].
2897 – السُهمان: جمع سَهم وهو الحظ والنصيب، فالمعنى: أن المال مقسوم على الورثة كل على قدر نصيبه منه. اللسان 12/ 308، 309، والقاموس ص 1452، مادة (سهم).
(2/654)


2898 – هَذَا وَأنَّ الأرْضَ تأْكُلُ لَحْمَهُ … وَسبَاعُهَا مَعَ أُمَّةِ الدِّيدَانِ
2899 – لَكِنَّهُ مَعَ ذَاكَ حَيٌّ فَارحٌ … مُشتَبْشِرٌ بِكَرَامَةِ الرَّحْمنِ
2900 – فَالرُّسْلُ أوْلَى بِالحَيَاةِ لَدَيْهِ مَعْ … مَوْتِ الجُسُومِ وَهَذِهِ الأبْدَانِ
2901 – وَهِيَ الطَّريَّةُ في التُّرَابِ وَأكْلُهَا … فَهُوَ الحَرَامُ عَلَيْه بِالبُرْهَانِ
2902 – وَلِبعْضِ أَتْبَاعِ الرَّسُولِ يَكُونُ ذَا … أَيْضًا وَقَدْ وَجَدُوهُ رَأْيَ عِيَانِ


2899 – كما في قوله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)} [آل عمران: 170].
2901 – إشارة إلى حديث أوس بن أوس رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قُبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ” قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمت؟ قال: يقولون بَلِيت، فقال: “إن الله عزّ وجلّ حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء”، رواه أبو داود في الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة رقم (1047)، والنسائي في الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم الجمعة، رقم (1374)، وابن ماجه في الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه – صلى الله عليه وسلم -، رقم (1636)، والدارمي في الصلاة، باب في فضل الجمعة، رقم (1572)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) في الرقاق، باب الأدعية، رقم (910)، والحاكم في مستدركه في كتاب الجمعة 1/ 278، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه النووي في الأذكار، ص 154، ورواه الإمام أحمد في المسند 4/ 8 من حديث أوس بن حذيفة الثقفي رضي الله عنه، ورواه ابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فضل الجمعة، رقم (1085) من حديث شداد بن أوس، لكن قال المزي في تحفة الأشراف (2/ 456): “وذلك وهم منه”.
2902 – “أيضًا” سقطت من ب، ظ.

  • من ذلك ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: لما حضر أحد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولًا في أول من يقتل من =
    (2/655)

2903 – فَانْظُرْ إِلَى قَلْبِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِمُ … حَرْفًا بِحَرْفٍ ظَاهِرَ التِّبْيَانِ
2904 – لَكِنْ رَسُولُ اللهِ خُصَّ نِسَاؤُهُ … بِخَصِيصَةٍ عَنْ سَائِرِ النِّسْوَانِ
2905 – خُيِّرْنَ بَينَ رَسُولِهِ وَسِوَاهُ فَخْـ … ـتَرْنَ الرَّسُولَ لِصِحَّةِ الإِيمَانِ


= أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم -، وإني لا أترك بعدي أعز عليّ منك، غير نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وإن عليّ دَينًا، فاقض، واستوص بأخواتك خيرًا. فأصبحنا فكان أول قتيل، ودفن معه آخر في قبره، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هُنيّة، غير أذنه. رواه البخاري، في الجنائز، باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة، رقم (1351).
ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح، وعبد الله بن عمرو (والد جابر) الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أحد فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما، فوجدا لم يتغيرا، كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه، ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين يوم أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة. الموطأ، كتاب الجهاد، باب الدفن في قبر واحد من ضرورة، 2/ 470.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 239): “هكذا هذا الحديث في الموطأ مقطوعًا لم يختلف على مالك فيه، وهو يتصل من وجوه صحاح بمعنى واحد متقارب) اهـ. وانظر في هذا: التذكرة للقرطبي 1/ 205، مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق لابن النحاس 2/ 700 – 704.
2905 – كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} [الأحزاب: 28، 29].
وقد خيّرهن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك، فاخترن كلُّهن الله ورسولَه والدار الآخرة.=
(2/656)


2906 – شَكَرَ الإلهُ لَهُنَّ ذَاكَ وَرَبُّنَا … سُبْحَانَهُ لِلْعَبدِ ذُو شُكْرَانِ
2907 – قُصِرَ الرَّسُولُ عَلَى أولئِكَ رَحْمَةً … مِنْهُ بِهِنَّ وَشُكْرَ ذِي الإحْسَانِ
2908 – وَكَذَاكَ أَيْضًا قَصْرُهُنَّ عَلَيْهِ مَعْـ … ـلُومٌ بِلَا شَكٍّ وَلَا حُسْبَانِ
2909 – زَوْجَاتُهُ في هَذِهِ الدُّنْيَا وَفِي الْـ … أخْرَى يَقِينًا وَاضِحَ البُرْهَانِ
2910 – فَلِذَا حَرُمْنَ عَلَى سِوَاهُ بَعْدَهُ … إِذْ ذَاكَ صَوْنًا عَنْ فِرَاشٍ ثَانِ
2911 – لَكِنْ أَتَيْنَ بِعِدَّةٍ شَرْعِيَّةٍ … فِيهَا الحِدَادُ وَمَلْزَمُ الأوْطَانِ
2912 – هَذَا وَرُؤْيَتُهُ الْكَليِمَ مُصَلِّيًا … فِي قَبْرهِ أَثَرٌ عَظِيمُ الشَّانِ
2913 – فِي القَلْبِ مِنْهُ حُسَيكَةٌ هَلْ قَالَهُ … فَالحَقُّ مَا قَدْ قَالَ ذُو البُرْهَانِ
2914 – وَلِذَاكَ أَعْرَضَ فِي الصَّحِيحِ مُحَمَّدٌ … عَنْهُ عَلَى عَمْدٍ بِلَا نِسْيَانِ


= أخرجه البخاري في التفسير، باب {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ … } الآية، رقم (4786)، ومسلم في الطلاق، باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنية، رقم (1475). وانظر: تفسير ابن كثير 3/ 480 – 481.
2907 – د: “إحسان”. وكذا ضبط البيت في ف، ب. ويجوز “قَصَرَ” و”قَصْرُ … رحمةٌ … شكرُ” (ص).
كما في قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: 52].
2908 – كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53].
2913 – كذا ضبط بضم الحاء وفتح السين في ف. وهو تصغير الحَسَكة واحدة الحَسَك، وهو شوك صلب معروف، ومنه الحسَك والحَسيكة بمعنى الحقد. اللسان 10/ 411 والمقصود هنا: الشك (ص).

  • طع: “قاله البرهان”.
    2914 – يعني الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله. وقد تقدمت ترجمته، انظر: البيت 1434.
    (2/657)

2915 – وَالدَّارَقُطْنِيُّ الإمَامُ أعَلَّهُ … بِروَايَةٍ مَعْلُومةِ التِّبْيَانِ
2916 – أَنَسٌ يَقُولُ رَأَى الكَليمَ مُصَلِّيًا … فِي قَبْرِهِ فَاعْجَبْ لِذَا العِرْفَانِ
2917 – فَرَوَاهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَيسَ بِالـ … ـمرْفُوعِ وَاشوْقًا إلَى العِرْفَانِ
2918 – بَينَ السِّيَاقِ إلَى السِّيَاقِ تَفَاوُتٌ … لَا تَطَّرِحْهُ فَمَا هُمَا سِيَّانِ


2915 – انظر ترجمته تحت البيت 1762.
قال الإمام الدارقطني في العلل عن هذا الحديث: “يرويه حماد بن سلمة وسفيان الثوري وثابت بن يزيد أبو زيد عن سليمان التيمي عن أنس عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وخالفهم المعتمر وبشر بن المفضل ويزيد بن هارون، فرووه عن سليمان التيمي عن أنس عن بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يسمّ وهو المحفوظ.
ورواه عمر بن حبيب القاضي عن سليمان التيمي عن أنس عن أبي هريرة. ورواه أبو عبد الرحيم الجوزجاني محمد بن أحمد الجراح -وكان فصيحًا- عن يزيد بن هارون عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس، ووهم على يزيد بن هارون في موضعين في ذكر أبي مجلز، وفي قوله عن أنس عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وإنما رواه التيمي عن أنس عن بعض أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو الصواب” انظر: العلل الواردة في الأحاديث النبوية -مخطوط بمكتبة جامعة الإمام- رقم 4755 /خ، المجلد الرابع ق 39.
2916 – أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم الأنصاري الخزرجي الصحابي الجليل أبو حمزة خادم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. روى عن النبي – صلى الله عليه وسلم – علمًا جمًا وعن أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وروى عنه خلق كثير منهم الحسن وابن سيرين والشعبي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.
دعا له النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن يكثر ماله وولده. توفي رضي الله عنه سنة 91 هـ، وقيل 92 هـ، وقيل 93 هـ. السير 3/ 395، البداية والنهاية 9/ 94.

  • ف، س، ح، ط: “الفرقان”.
    2917 – طت: “وأشواقًا”، وهو خطأ فأصلح في طه بحذف الواو: “أشواقًا”، وهو مخالف للنسخ (ص).
    2918 – طع: “تطرحنه”.
    (2/658)

2919 – لَكِنْ تُقَلِّدُ مُسْلِمًا وَسِوَاهُ مِمَّـ … ـنْ صَحَّ هذا عِنْدَهُ بِبَيَانِ
2920 – فَرُوَاتُهُ الأثْبَاتُ أَعْلَامُ الهُدَى … حُفَّاظُ هَذَا الدِّينِ فِي الأزْمَانِ
2921 – لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ … واللَّهُ ذُو فَضلٍ وَذُو إحْسَانِ
2922 – فَرَوى ابْنُ حِبَّانَ الصَّدُوقُ وَغَيْرُهُ … خَبَرًا صَحِيحًا عِنْدَهُ ذَا شَانِ


2919 – ف: “نقلّد” بالنون.

  • في الأصل وح: “مسلم” فإن صحّ كان الفعل قبله “يقلَّد” بالبناء للمجهول. هذا، وقد تقدمت ترجمة الإمام مسلم تحت البيت 1261 (ص).
    2922 – محمد بن حبان بن أحمد بن حبان أبو حاتم التميمي البستي السجستاني، الإمام العالم الحافظ المتقن، ولد سنة بضع وسبعين ومائتين، سمع من أبي خليفة الفضل بن حباب وزكريا الساجي وأبي يعلى الموصلي وغيرهم، وحدَّث عنه أبو عبد الله بن منده، والحاكم وغيرهما، قال عنه الحاكم: “كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال”، وكانت وفاته بسجستان بمدينة بُست في شوال سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وهو في عشر الثمانين. السير 16/ 92، الوافي بالوفيات 2/ 317، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 131.
    وقد روى في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولّون عنه، فإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه، فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قبلي مدخل، فيقال له: اجلس. فيجلس، وقد مثلت له الشمس وقد أدنيت للغروب، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه؟ وماذا =
    (2/659)

2923 – فِيهِ صَلَاةُ العَصْرِ فِي قَبْرِ الَّذِي … قَدْ مَاتَ وَهْوَ مُحَقِّقُ الإيمَانِ
2924 – فَتُمَثَّلُ الشَّمْسُ الَّتِي قَدْ كَانَ يَرْ … عَاهَا لأجْلِ صَلَاةِ ذِي القُرْبَانِ
2925 – عِنْدَ الغُرُوبِ يَخَافُ فَوتَ صَلَاتِهِ … فَيقُولُ لِلمَلَكَيْنِ هَلْ تَدَعَانِي
2926 – حَتَّى أُصَلِّي العَصْرَ قَبْلَ فَوَاتِهَا … قَالَا سَتَفْعَلُ ذَاكَ بَعْدَ الآنِ
2927 – هَذَا مَعَ الموتِ المحَقَّقِ لَا الّذِي … حُكِيَتْ لَنَا بِثُبُوتِهِ الْقَولانِ


= تشهد به عليه؟ فيقول: دعوني حتى أصلي، فيقولون: إنك ستفعل أخبرني عما نسألك عنه … ” الحديث.
أخرجه ابن حبان (الإحسان) في كتاب الجنائز، فصل في أحوال الميت في قبره، رقم (3113)، وقال محققه: إسناده حسن.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف برقم (6703)، وابن أبي شيبة في الجنائز في نفس المؤمن كيف تخرج ونفس الكافر 3/ 258، وابن جرير في جامع البيان في تفسير قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} 7/ 448 – 449، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي 1/ 379 – 381، والبيهقي في الاعتقاد، باب الإيمان بعذاب القبر ص 178 – 179.
وروى ابن حبان في صحيحه أيضًا برقم (3116) (الإحسان) عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا دخل الميت القبر مثلت له الشمس عند غروبها، فيقول: دعوني أصلي”. قال محققه: إسناده حسن.
ورواه ابن ماجه في الزهد، باب. ذكر القبر والبلى، رقم (4272)، وابن أبي عاصم في السنة برقم (867) وقال محققه: إسناده جيد.
2924 – ب، ح، طت، طه: “الذي” وهو خطأ.
2925 – أي هل تَدَعانِني.
2926 – حذفت فتحة الياء من “أصلّي” للضرورة. وفي د: “يصلي”.
2927 – ف: “قولان” وقوله “حكيت” فيه تأنيث المذكر، وقد سبق مثله في البيت 1682 (ص).
(2/660)


2928 – هَذَا وثابتٌ البُنانِي قَدْ دَعَا الرَّ … حْمنَ دَعْوَةَ صادِقِ الإيقَانِ
2929 – أنْ لَا يَزَالَ مُصَلِّيًا فِي قَبرِهِ … إنْ كَانَ أُعْطِيَ ذَاكَ مِنْ إِنْسَانِ
2930 – لَكِنَّ رُؤيتَهُ لِمُوسَى لَيْلَةَ الْـ … ـمِعْرَاجِ فَوْقَ جَميعِ ذِي الأكْوَانِ
2931 – يَرْويهِ أَصْحَابُ الصِّحَاحِ جَمِيعُهُمْ … وَالقَطْعُ مَوجَبُهُ بِلَا نُكْرَانِ


2928 – ثابت بن أسلم البناني مولاهم البصري أبو محمد، الإمام القدوة، ولد في خلافة معاوية، وحدّث عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن مغفل وعبد الله بن الزبير وأبي برزة الأسلمي وأنس بن مالك وغيرهم. وحدث عنه عطاء بن أبي رباح مع تقدمه، وقتادة وابن جدعان وغيرهم. قال الذهبي: “وكان من أئمة العلم والعمل رحمة الله عليه” واختلف في وفاته، فقيل سنة 123 هـ، وقيل 127 هـ. السير 5/ 220، طبقات ابن سعد 7/ 232، حلية الأولياء 2/ 318.
2929 – قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي في كتابه المعرفة والتاريخ 2/ 99: “حدثنا سعيد بن أسد حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: سمعت ثابتًا البناني يقول: اللهم إن كنت أعطيت أحدًا من خلقك يصلي في قبره فأعطنيه” وانظر: تهذيب الكمال (4/ 348)، وفيه: “ويقال إن هذه الدعوة استجيبت له وإنه رُئي -أي في المنام- بعد موته يصلي في قبره” وانظر: السير (5/ 222).
2931 – كما في حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه في المعراج، وفيه: “فأتينا على السماء السادسة، قيل مَن هذا؟ قيل: جبريل. قيل: ومَن معك؟ قيل: محمد – صلى الله عليه وسلم -. قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحبًا به، نِعم المجيء جاء. فأتيت على موسى فسلّمت عليه … ” الحديث.
أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، رقم (3207)، وفي مناقب الأنصار، باب المعراج رقم (3887)، ومسلم في الإيمان، باب الإسراء برسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى السماوات وفرض الصلوات، رقم (164)، والنسائي في الصلاة، باب فرض الصلاة، رقم (448)، وأحمد 4/ 208 – 210.
وأخرجه الترمذي في التفسير، باب ومن سوره ألم نشرح، رقم (3343) ولم يذكر قصة المعراج ولكنه قال: وفي الحديث قصة طويلة. اهـ.
(2/661)


2932 – وَلِذَاكَ ظُنَّ مُعَارِضًا لِصَلَاتِهِ … فِي قَبْرِهِ إذْ لَيْسَ يَجْتَمِعَانِ
2933 – وَأجِيبَ عَنْهُ بأنَّهُ أُسْرِي بِهِ … لِيَراهُ ثَمَّ مُشَاهَدًا بِعِيَانِ
2934 – فَرَآهُ ثَمَّ وَفِي الضَّرِيحِ وَلَيسَ ذَا … بِتَنَاقُضٍ إذْ أَمْكَنَ الوَقْتَانِ
2935 – هَذَا وَرَدُّ نَبِيِّنَا لِسَلامِ مَنْ … يَأْتِي بِتَسْلِيمٍ مَعَ الإحْسَانِ
2936 – مَا ذَاكَ مُخْتَصًّا بِهِ أيْضًا كَمَا … قَدْ قَالَهُ المبعُوثُ بالفرقانِ
2937 – مَنْ زَارَ قَبْرَ أَخٍ لَهُ فَأَتَى بِتَسْـ … ـلِيمٍ عَلَيْهِ وَهْوَ ذُو إِيمَانِ
2938 – رَدَّ الإلهُ عَلَيْهِ حَقًّا رُوحَهُ … حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ رَدَّ بَيَانِ


2934 – قال الناظم في كتاب الروح ص 86: “وقد صحّ عنه أنه رأى موسى قائمًا يصلي ليلة الإسراء، ورآه في السماء السادسة أو السابعة. فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه وتعلق به، بحيث يصلي في قبره ويرد سلام من يسلم عليه وهي في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين، فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان … “. وانظر: مجموع الفتاوى (4/ 329)، الآيات البينات في عدم سماع الأموات لنعمان الآلوسي ص 78.
2935 – طت، طه: “التسليم”.
2936 – كذا في الأصل. وفي غيره: “بالقرآن”.
2938 – إشارة إلى حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما من أحد مرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فسلّم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام”.
أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 165)، وصححه عبد الحق الأشبيلي في الأحكام الشرعية الصغرى (1/ 345)، وأورده ابن رجب في أهوال القبور (ص 109)، وقال: “أخرجه ابن عبد البر، وقال عبد الحق الأشبيلي: إسناده صحيح، يشير إلى أن رواته كلهم ثقات، وهو كذلك إلا أنه غريب، بل منكر”، وقال شيخ الإسلام: “قال ابن المبارك: ثبت ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – “. مجموع الفتاوى 24/ 331.
وللحديث شاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما من عبد يمرُّ بقبر رجل كان يعرفه فيسلم عليه، إلا عرفه وردّ عليه السلام”، =
(2/662)


2939 – وَحَدِيثُ ذِكْرِ حَيَاتِهمْ بِقُبُورِهِمْ … لَمَّا يَصحَّ وَظَاهِرُ النُّكْرانِ
2940 – فَانظُرْ إِلَى الإسْنَادِ تَعْرِفْ حَالَهُ … إنْ كُنْتَ ذَا عِلْمٍ بِهَذَا الشَّانِ


= رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 6/ 137، وأورده الحافظ ابن رجب في أهوال القبور ص 109 – 110، من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به، ثم قال: “عبد الرحمن بن زيد فيه ضعف، وقد خولف في إسناده”.
وأورده الناظم في كتاب الروح ص (25)، والسيوطي في اللمعة في أجوبة الأسئلة السبعة (ضمن الحاوي 2/ 170)، وعزواه إلى ابن أبي الدنيا في القبور، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم (5208).
وروي من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به وردّ عليه حتى يقوم”، أورده ابن رجب في الأهوال ص 111، والعراقي في تخريج الإحياء 4/ 491، والناظم في كتاب الروح ص 25، والسيوطي في اللمعة (ضمن الحاوي 2/ 170)، وعزوه كلهم إلى ابن أبي الدنيا في القبور. وذكر ابن رجب أن في سنده عبد الله بن سمعان وهو متروك. وقال العراقي: “وفيه عبد الله بن سمعان ولم أقف على حاله”. وقال ابن حجر في التقريب ص 507 عن عبد الله بن سمعان هذا: “متروك، اتهمه بالكذب أبو داود وغيره”.
2940 – تضعيف الإسناد من جهة الحسن بن قتيبة المدائني، وقد ذكر البيهقي في حياة الأنبياء ح (1) أن هذا الحديث يُعد في أفراد الحسن بن قتيبة. قال الذهبي في الميزان (1/ 519) في ترجمة الحسن بن قتيبة: “قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. قلت -القائل الذهبي-: بل هو هالك. قال الدارقطني في رواية البرقاني: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال الأزدي: واهي الحديث. وقال العقيلي: كثير الوهم”.
ولكن الحديث رواه أبو يعلى وأبو نعيم من غير طريق الحسن كما سبق تخريجه عند البيت رقم (300).
وقال الألباني عن طريق أبي يعلى: “وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات =
(2/663)


2941 – هَذَا وَنَحْنُ نَقُولُ هُمْ أَحْيَاءُ لَـ … ـكِنْ عِنْدَنَا كَحَيَاةِ ذِي الأَبْدَانِ
2942 – وَالتُّرْبُ تَحْتَهُمُ وَفَوْقَ رُؤوسِهِمْ … وَعَنِ الشَّمائِلِ ثُمَّ عَنْ أَيْمَانِ
2943 – مِثْلَ الَّذِي قَدْ قُلْتُمُوهُ مَعَاذَنَا … بِاللهِ مِنْ إفْكٍ وَمِنْ بُهْتَانِ
2944 – بَلْ عِنْدَ رَبِّهِمُ تَعَالَى مِثْلَ مَا … قَدْ قَالَ فِي الشُّهَدَاءِ فِي القُرْآنِ
2945 – لَكِنْ حَيَاتُهُمُ أَجَلُّ وَحَالُهُمْ … أَعْلَى وَأكْمَلُ عِنْد ذِي الإحْسَانِ
2946 – هَذَا وَأمَّا عَرْضُ أعْمَالِ العِبَا … دِ عَلَيْهِ فَهْوَ الحَقُّ ذُو إمْكَانِ
2947 – وَأتَى بِهِ أَثَرٌ فَإِنْ صَحَّ الحَديـ … ـثُ بِهِ فَحَقٌّ لَيْسَ ذَا نُكْرَانِ
2948 – لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ … أَيْضًا بآثارٍ رُوِينَ حِسَانِ
2949 – فَعَلَى أَبِي الإنْسَانِ يُعْرَضُ سعْيُهُ … وَعَلَى أَقَارِبهِ مَعَ الإخْوَانِ
2950 – إنْ كَانَ سَعْيًا صَالِحًا فَرِحُوا بِهِ … وَاسْتَبشَرُوا يَا لَذَّةَ الفَرْحَانِ


= غير الأزرق هذا -يعني ابن علي- قال الحافظ في التقريب: صدوق يغرب. ولم يتفرد به فقد أخرجه أبو نعيم، إلى أن قال: فهذه متابعة قوية للأزرق تدل على أنه قد حفظ ولم يُغرب” (سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم (621).
ومما ينبغي أن يعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث حياة برزخية ليست من حياة الدنيا في شيء. انظر: السلسلة الصحيحة للألباني 2/ 190 – 191.
2941 – كذا في الأصول، واستشكل بعضهم كلمة “عندنا” فكتب في حاشية ف: “ظ”، يعني: “ينظر”. وفي حاشية ب: “لعله غير ما” وفي ح: “لكن لا كحياة”. والذي في الأصول صواب. والمعنى أنهم أحياء عند ربهم كما جاء في الشهداء، لا أنهم أحياء عندنا كحياة أهل الأجسام مع كون التراب فوقهم وتحتهم وعن أيمانهم وشمائلهم كما تقولون، نعوذ بالله من هذا الإفك والبهتان. فنقول إنهم أحياء، ولكن أن يكونوا أحياء فيما بيننا مثلنا فذلك كذب. (ص).
2947 – سبق تخريجه عند البيت رقم (2893).
(2/664)


2951 – أوْ كَانَ سَعْيًا سَيِّئًا حَزِنُوا وَقَا … لُوا رَبِّ رَاجِعْهُ إِلَى الإِحْسَانِ


2951 – من الآثار التي جاءت في ذلك:
أ – ما رواه ابن المبارك في الزهد، رقم (443)، قال: أخبرنا ثور بن يزيد عن أبي رهم السماعي عن أبي أيوب الأنصاري قال: “إذا قُبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه، فيقول بعضهم لبعض، انظروا أخاكم حتى يستريح، فإنه كان في كرب فيقبلون عليه فيسألونه: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله، قال لهم: إنه قد هلك. فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية. قال: فيعرض عليهم أعمالهم، فإذا رأوا حسنًا فرحوا واستبشروا، وقالوا: هذه نعمتك على عبدك فأتمها، وإن رأوا سوءًا قالوا: اللهم راجع بعبدك”. قال ابن صاعد -راوي الزهد عن ابن المبارك-: رواه سلام الطويل عن ثور فرفعه. اهـ.
و (ثور بن يزيد)، قال عنه الحافظ في التقريب (ص 190): “ثقة ثبت إلا أنه يرى القدر” و (أبو رُهم السماعي) اسمه أحزاب بن أسيد، قال الحافظ في التقريب (ص 121): “مختلف في صحبته والصحيح أنه مخضرم ثقة”. أما سلام فمتكلم فيه، انظر: الميزان (2/ 175).
فإسناد الموقوف صحيح، ولا يضره الوقف لأن الحديث في أمر غيبي لا يقال من جهة الرأي، فله حكم الرفع.
وقد صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم (2758).
والحديث رواه ابن أبي الدنيا في المنامات (رقم 3) من طريق ابن المبارك هذه.
ب – ما رواه ابن أبي الدنيا في المنامات، رقم (1)، قال: حدثني أبو بكر محمد بن رزق الله الكلوذاني، وهاشم بن القاسم قالا أنبأنا يحيى بن صالح الوحاظي قال: أنبأنا أبو إسماعيل السكوني، سمعت مالك بن أدى يقول: سمعت النعمان بن بشير وهو على المنبر يقول: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “ألا إنه لم يبقَ من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوّها، فالله الله في إخوانكم من أهل القبور، فإن أعمالكم تعرض عليهم”.=
(2/665)


2952 – وَلِذَا اسْتَعَاذَ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ رَوَى … هَذَا الحَديثَ عَقِيبَهُ بِلِسَانِ


= ورواه الحاكم في المستدرك (4/ 307)، والبيهقي في الشعب، باب (71) في الزهد وقصر الأمل برقم (10242) 7/ 261، كلاهما من طريق يحيى بن صالح الوحاظي به.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: فيه مجهولان. قلت: هما مالك بن أدّى وأبو إسماعيل السكوني. انظر: الميزان 3/ 424، 4/ 491، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 9/ 336.
جـ – ما رواه الإمام أحمد في مسنده (3/ 165) من طريق سفيان عمن سمع أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرًا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا”. وهذا الإسناد ضعيف لجهالة الواسطة بين سفيان وأنس رضي الله عنه.
د – ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده برقم (1794): حدثنا الصلت بن دينار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن أعمالكم تعرض على عشائركم وأقربائكم في قبورهم، فإن كان خيرًا استبشروا بذلك، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم أن يعملوا بطاعتك”.
والصلت بن دينار متروك ناصبي، قاله في التقريب ص 455.
فالحديث ساقط لا يستشهد به لشدة ضعفه.
هـ – ما رواه ابن أبي الدنيا في المنامات، رقم (2)، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “لا تفضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم، فإنها تعرض على أوليائكم من أهل القبور”.
قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/ 497): “أخرجه ابن أبي الدنيا والمحاملي بإسناد ضعيف”.
قلت: علّته عبد الله بن شبيب الربعي. قال الذهبي في الميزان: “أخباري علامة، لكنه واهٍ”.
ونَقَلَ عن أبي أحمد الحاكم أنه ذاهب الحديث. وعن ابن حبان أنه يقلب الأخبار وشرقها. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 438 – 439.
(2/666)


2953 – يَا رَبِّ إِنِّي عَائِذٌ مِنْ خِزْيَةٍ … أَخْزَى بِهَا عِنْدَ القَريبِ الدَّانِي
2954 – ذَاكَ الشَّهيدُ المرْتَضَى ابْنُ رَوَاحَةَ الـ … ـمَحْبُوُّ بِالغُفْرَانِ والرِّضوَانِ
2955 – لَكِنَّ هَذَا ذُو اخْتِصَاصٍ وَالَّذِي … لِلمُصْطَفَى مَا يَعْمَلُ الثَّقَلَانِ
2956 – هَذِي نِهَايَاتٌ لإقْدَامِ الوَرَى … فِي ذَا المقَامِ الضَّنْكِ صَعْبِ الشَّانِ
2957 – وَالحَقُّ فِيهِ لَيْسَ تَحْمِلُهُ عُقُو … لُ بَنِي الزَّمَانِ لِغِلْظَةِ الأذْهَانِ
2958 – وَلِجَهْلِهِمْ بِالرُّوح مَعْ أَحْكَامِهَا … وَصِفَاتِهَا لِلإِلْفِ بالأبْدَانِ


2954 – تقدمت ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه تحت البيت 1727.

  • ح: “بالرضوان والغفران”.
  • إشارة إلى ما رواه ابن أبي الدنيا في المنامات، رقم (4): حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يقول: “إن أعمالكم تعرض على موتاكم، فيسرون ويساؤون”، وكان أبو الدرداء يقول: “اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملًا يخزى به عبد الله بن رواحة”.
    و (محمد بن الحسين) هو البرجلاني، ذكره ابن حبان في الثقات 9/ 88، وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 229): “سمعت أبي يقول ذكر لي أن رجلًا سأل أحمد بن حنبل عن شيء من حديث الزهد فقال: عليك بمحمد بن الحسين البرجلاني”. وقال الذهبي في الميزان (3/ 522)؛ “أرجو أن يكون لا بأس به. ما رأيت فيه توثيقًا ولا تجريحًا، لكن سئل عنه إبراهيم الحربي فقال: ما علمت إلا خيرًا”.
    و (علي بن الحسن بن شقيق)، قال في التقريب (ص 692): “ثقة حافظ”.
    و (صفوان بن عمرو السكسكي)، قال في التقريب (ص 454): “ثقة”.
    و (عبد الرحمن بن جبير بن نفير)، قال في التقريب (ص 573): “ثقة”.
    وعلى هذا فالإسناد صحيح. والله أعلم.
    2958 – ب: “بالإلف للأبدان”.
    (2/667)

2959 – فَارْضَ الَّذِي رَضِيَ الإِلهُ لَهُمْ بِهِ … أَتُرِيدُ تَنْقُضُ حِكْمَةَ الرَّحمنِ
2960 – هَلْ في عُقُولِهمُ بأنَّ الرُّوحَ فِي … أَعْلَى الرَّفِيقِ مُقِيمَةٌ بِجِنَانِ
2961 – وَتُرَدُّ أوْقَاتَ السَّلَامِ عَلَيْهِ مِنْ … أَتْبَاعِهِ فِي سَائِرِ الأزْمَانِ
2962 – وَكَذَاكَ إنْ زُرْتَ القُبُورَ مُسَلِّمًا … رُدَّتْ لَهُمْ أَرْوَاحُهُمْ لِلآنِ
2963 – فَهُمُ يَرُدُّونَ السَّلَامَ عَلَيكَ لَـ … ـكِنْ لَسْتَ تَسْمَعُهُ بِذِي الآذانِ
2964 – هَذَا وَأجْوَافُ الطّيُورِ الخُضْرِ مَسْـ … ـكَنُهَا لَدَى الجَنَّاتِ والرِّضْوَانِ
2965 – مَنْ لَيْسَ يَحْمِلُ عَقْلُهُ هَذَا فَلَا … تَظْلِمْهُ واعْذُرْهُ عَلَى النُّكْرَانِ
2966 – لِلرُّوحِ شَأنٌ غَيْرُ ذِي الأَكوانِ لَا … تُهمِلْهُ شَأنُ الرُّوحِ أَعْجَبُ شَانِ


2959 – ط: “الديان”.
3962 – ف: “بالآن”، وكذا كان في الأصل ثم أصلح.
2963 – كذا في الأصلين، وهو الصواب. وفي غيرهما: “الأذنان”.
2964 – كما في الحديث الذي رواه مسلم عن مسروق قال: سألنا عبد الله (هو ابن مسعود) عن هذه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال: “أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا. ففعل ذلك بهم ثلاث مرات. فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يُسألوا، قالوا: يا رب، نريد أن ترُدَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى”.
أخرجه مسلم في الإيمان، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، رقم (1887)، والترمذي في التفسير، باب ومن سورة آل عمران، رقم (3011).
2966 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “ذي الأجسام”.

  • “أعجب”: كذا في الأصلين ود، س، ط. وفي غيرها: “أعظم”.
    (2/668)

2967 – وَهُوَ الَّذِي حَارَ الوَرَى فِيهِ فَلَمْ … يَعْرِفْهُ غَيْرُ الفَرْدِ فِي الأَزْمَانِ
2968 – هَذا وَأمرٌ فَوْقَ ذَا لَوْ قُلتُه … بَادرْتَ بالإنْكَارِ والعُدْوَانِ
2969 – فَلِذَاكَ أمْسَكْتُ العِنَانَ وَلَوْ أَرَى … ذَاكَ الرَّفِيقَ جَرَيْتُ فِي الميْدَانِ
2970 – هَذَا وَقَوْلِي إنَّهَا مَخْلُوقَةٌ … وَحُدُوثُهَا المعْلُومُ بالبُرْهَانِ
2971 – هَذَا وَقَوْلي إنَّهَا لَيْسَتْ كَمَا … قَدْ قَالَ أهْلُ الإفْكِ والبُهْتَانِ
2972 – لَا دَاخِلٌ فِينَا وَلَا هيَ خَارجٌ … عَنَّا كَمَا قَالُوهُ في الدَّيَّانِ


2969 – العنان -بكسر العين-: سير اللجام الذي تمسك به الدابة، وجمعه: أعنّة. اللسان 13/ 291 .

  • ب: “خرجت في”.
  • لعله يشير هنا إلى ما ذكره في كتاب الروح من تلاقي أرواح الأموات مع الأحياء في المنام، وإخبارهم ببعض الأمور، وما قد يحدث لبدن النائم من تأثر روحه في المنام. فقد قال لما ذكر بعض الآثار والقصص في تلاقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات (ص 63): “وهذا باب طويل جدًا، فإن لم تسمح نفسك بتصديقه، وقلت: هذه منامات، وهي غير معصومة، فتأمل من رأى صاحبًا له أو قريبًا أو غيره فأخبره بأمر لا يعلمه إلا صاحب الرؤيا، أو أخبره بمال دفنه، أو حذره من أمر يقع أو بشّره بأمر يوجد فوقع كما قال، وأخبره بأنه يموت هو أو بعض أهله إلى كذا وكذا فيقع كما أخبر، أو أخبره بخصب أو جدب، أو عدو أو نازلة، أو مرض أو بغرض له فوقع كما أخبره، والواقع من ذلك لا يحصيه إلا الله، والناس مشتركون فيه، وقد رأينا نحن وغيرنا من ذلك عجائب”. انظر: كتاب الروح ص (49 – 63، 289 – 294).
    2970 – انظر: كتاب الروح ص (226).
    2972 – وهذا قول الفلاسفة ومن تبعهم من الجهمية وغيرهم، فهم يقولون إن الروح ليست جسمًا ولا عرضًا، ولا في مكان ولا لها طول ولا عرض ولا عمق ولا لون ولا هي داخل العالم ولا خارجه ولا مباينه ولا مجانبه، إلى غير تلك السلوب التي يستخدمونها في حق الخالق عزّ وجل. انظر: الفصل 5/ 202، الروح ص 275، وانظر ما سبق في البيت 324 وغيره.
    (2/669)

2973 – واللهِ لَا الرَّحْمنَ أثْبَتُّم وَلَا … أرْواحَكُمْ يَا مُدَّعِي العِرْفَانِ
2974 – عَطَّلْتُمُ الأبْدَانَ مِنْ أرْوَاحِهَا … وَالعَرْشَ عَطَّلْتُمْ مِنَ الرَّحْمنِ


فصلٌ في كسرِ المنْجَنِيق (1) الذي نَصَبهُ أهل التَّعطيلِ على معاقلِ (2) الإيمَانِ (3) وحصونِهِ جِيلًا بعد جيل
2975 – لَا يُفْزِعَنْكَ قَعَاقِعٌ وَفَرَاقِعٌ … وَجَعَاجِعٌ عَرِيَتْ عَنِ البُرْهَانِ
2976 – مَا عِنْدَهُمْ شَيءٌ يَهُولُكَ غَيُرُ ذَا … ك المنْجَنِيقِ مقَطَّعَ الأرْكَانِ
2977 – وَهُوَ الَّذِي يَدْعُونَهُ الترْكِيبَ مَنْـ … ـصُوبًا عَلَى الإثْبَاتِ مُنْذُ زَمَانِ
2978 – أَرَأيْتَ هَذَا المَنْجَنِيقَ فإنَّهُمْ … نَصبُوهُ تَحْتَ مَعَاقِلِ الإِيمَانِ


(1) المنجنيق بفتح الميم وكسرها: القَذّاف التي ترمى بها الحجارة. وهي كلمة أعجمية معربة. اللسان 10/ 338.
(2) المعاقل: جمع معْقِل وهي الحصون. اللسان 11/ 465.
(3) طع: “الإسلام”.
2975 – قد سبق تفسير الجعجعة في البيت 640، وتفسير الفرقعة والقعقعة في البيت 648.
2976 – في جميع النسخ الخطية والمطبوعة غير ح، طع: “مقطّع الأفخاذ والأركان” وهو مفسد للوزن، وقد أشار في حاشية الأصل إلى أن فى نسخة بغير “أفخاذ”.
2977 – التركيب: هو جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد، وليس لبعض أجزائه نسبة إلى بعض تقدّمًا وتأخرًا. انظر: التعريفات للجرجانى ص (79). ويأتي كلام الناظم في تفصيل معناه، وما ينطبق عليه وما لا ينطبق.
(2/670)


2979 – بَلَغَتْ حِجَارَتُهُ الحُصُونَ فَهَدَّتِ الشُّـ … ـرُفَاتِ واستَولَتْ عَلَى الجُدْرَانِ
2980 – لِلّهِ كَمْ حِصْنٍ عَلَيْهِ اسْتَولَتِ الْـ … ـكفَّارُ مِنْ ذَا المَنْجَنيقِ الجَانِي
2981 – واللهِ مَا نَصَبُوه حَتَّى عَيَّرُوا … قَصْدًا عَلَى الحِصْنِ العَظيمِ الشَّانِ
2982 – وَمِنَ البَليَّةِ أَنَّ قَوْمًا بَيْنَ أهْـ … ـلِ الحِصْنِ وَاطَوهُمْ عَلَى العُدْوانِ
2983 – وَرَمَوْا بِهِ مَعَهُمْ وَكَانَ مُصَابُ أهْـ … ـلِ الحِصْنِ مِنْهُمْ فَوْقَ ذِي الكُفْرَانِ
2984 – فَتركَّبتْ مِن كُفْرِهِمْ وَوِفِاقِ مَنْ … فِي الحِصْنِ أَنْوَاعٌ مِنَ الطُّغْيانِ
2985 – وَجَرتْ عَلَى الإسْلَامِ أعْظَمُ مِحْنةٍ … مِنْ ذَيْنِ تَقْديرًا مِنَ الرَّحْمنِ
2986 – وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَ دِينَهُ الرَّ … حْمنُ كَانَ كَسَائِرِ الأَدْيَانِ
2987 – لَكِنْ أقَامَ لَهُ الإِلهُ بِفَضْلِهِ … يَزَكًا مِنَ الأَنْصَارِ والأَعْوَانِ
2988 – فَرَمَوْا عَلَى ذَا المَنْجَنِيقِ صَوَاعِقًا … وَحِجَارَةً هَدَّتْهُ لِلأَرْكَانِ
2989 – فَاسْأَلهُمُ مَاذَا الَّذِي يَعْنُونَ بالتَّـ … ـركِيبِ فالتَّركِيبُ سِتُّ مَعَانِ


2979 – س: “فهزت”.
الشرُفات: جمع شُرفة وهي ما يوضع على أعالي القصور والمدن. اللسان 9/ 171.
2981 – كذا في الأصلين بالعين المهملة والياء المشددة. وفي ب، د، ح: “غيروا”، وفي غيرها: “عبروا”، (ص). معنى عيّروا: صوّبوا. وما زالت الكلمة مستعملة بهذا المعنى (ضبطوا العيار). (سعود العريفي).
2982 – الأصل: “واطؤوهم” فسهّل الهمزة للضرورة (ص).
2987 – سبق تفسير “اليزَك” في البيت 2293.
2989 – كذا في الأصل. وفي غيره: “تعنون”، وكلاهما صحيح (ص).

  • انظر في مناقشتهم في لفظ التركيب وتفصيل معانيه: الصواعق المرسلة 3/ 944 وما بعدها، مختصر الصواعق ص 112، شرح حديث النزول لشيخ الإسلام بتحقيق الخميس، ص 88، الرسالة الأكملية لشيخ الإسلام (ضمن مجموع الفتاوى 6/ 109)، مجموع الفتاوى 6/ 344 وما بعدها.
    (2/671)

2990 – إِحدَى مَعَانِيهِ هُوَ التَّركِيبُ مِنْ … مُتَبَايِنٍ كَترَكُّبِ الحَيَوَانِ
2991 – مِنْ هَذِهِ الأَعْضَا، كَذَا أعْضَاؤهُ … قَدْ رُكِّبتْ مِنْ أرْبَعِ الأَرْكَانِ
2992 – أَفَلَازِمٌ ذَا لِلصِّفَاتِ لربِّنَا … وَعُلُوِّه مِنْ فَوْقِ كُلِّ مَكَانِ
2993 – وَلَعَلَّ جَاهِلَكُمْ يَقُولُ مُبَاهِتًا … ذَا لَازِمُ الإثْبَات بالبُرْهَانِ
2994 – فَالبَهْتُ عِنْدَكُمُ رَخيصٌ سِعْرُهُ … حَثْوًا بِلَا كَيْلٍ وَلَا مِيزَانِ
2995 – هَذا وَثَانِيهَا فترْكيبُ الجِوا … رِ وَذَاكَ بَيْنَ اثْنَينِ يَفْتَرقَانِ
2996 – كَالجِسْرِ والبَابِ الَّذِي تركيبُه … بِجِوَارِهِ لِمَحَلّهِ مِنْ بَانِ
2997 – والأوَّلُ المدعُوُّ ترْكِيبَ امْتِزَا … جٍ واختِلاطٍ وَهْوَ ذُو تِبْيَانِ
2998 – أَفَلَازِمٌ ذَا مِنْ ثُبُوتِ صِفَاتِهِ … أيضًا تَعَالَى اللَّهُ ذُو السُّلْطَانِ
2999 – والثَّالِثُ التَّرْكيبُ مِنْ مُتَمَاثِلٍ … يُدْعَى الجَوَاهِرَ فَرْدَةَ الأَكْوَانِ


2990 – الصواب في البيت الماضي: “ستة معان” وهنا: “أحد معانيه”، لأن المعنى مذكر، ولكن ورد هكذا للضرورة (ص).
2991 – ظ: “قد ركّبت أعضاؤه”.

  • الأركان الأربعة هي: الماء والهواء والتراب والنار. انظر: شرح هراس 2/ 25، قال: “وكان قدماء الطبيعيين يعتقدون أن كل واحد من هذه الأربعة عنصر بسيط حتى كشف العلم الحديث عن تركبها من عناصر أبسط منها”.
    2994 – البَهْت: هو التقوّل، وقد سبق.
    2995 – كذا في الأصلين ود، ح، ط. وفي غيرها: “يقترنان”.
    2996 – “لِمَحَلِّهِ”: ضبطت الكلمة في الأصل بكسرة واحدة تحت اللام، وكذا في طع. وفي طت، طه: “لمحلة”، وقال صاحب طه: “ضرب المؤلف مثلًا بتركّب المحلة من الجسر والباب المجاور له” (ص). ما في الأصل أقرب، والمعنى أن الباني قد ركبه في محله المناسب له (سعود العريفي).
  • ف: “من ثاني”. ولم ينقط الحرف الأول في د.
    2999 – الجواهر المفردة عند المتكلمين: هي الأجزاء الصغيرة التي لا تتجزأ، وهي التي تتكون منها الأجسام، فكل جسم في العالم ينتهي بالقسمة إلى جزء =
    (2/672)

3000 – والرَّابعُ الجِسْمُ المركَّبُ مِنْ هَيُو … لَاهُ وَصُورَتِهِ لَدَى اليُونَانِ
3001 – والجِسْمُ فَهْوَ مركَّبٌ مِنْ ذَينِ عِنْـ … ـدَ الفَيْلَسُوفِ وَذَاكَ ذُو بُطْلَانِ
3002 – وَمِنَ الجَواهِرِ عِنْدَ أربَابِ الكَلَا … مِ وَذَاكَ أيْضًا وَاضِحُ البُطْلَانِ
3003 – فالمُثْبِتُونَ الجَوْهَرَ الفَرْدَ الَّذِي … زعَمُوهُ أصْلَ الدِّينِ والإيمَانِ


= لا يتجزأ، وقد اختلفوا في الحد الأدنى للأجزاء التي يتألف منها الجسم كما سيشير إليه الناظم قريبًا.
انظر في إثبات الجوهر الفرد -عندهم-: مقالات الإسلاميين 2/ 14، التمهيد للباقلاني ص 37، أصول الدين للبغدادي ص 35، المواقف للإيجي ص 182، الاقتصاد للغزالي ص 19، المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين ص 110 – 111.

  • في طع: “فردة الأركان”.
    3000 – سبق تعريف الهيولى في حاشية البيت 2411.
  • في الأصل: “لذي” بالذال المعجمة والنقطتين تحت الياء، وكذا في غيره، وفي ب بالدال المهملة والنقطتين تحت الياء. والصواب: “لدى” كما أثبتنا، وقد كتبت في ف بالألف “لدا” حسمًا للإشكال (ص).
    3001 – أي أن الجسم -عند الفلاسفة- مركب من الهيولى والصورة. وفي ذلك يقول ابن سينا: “وكل جسم محسوس فهو متكثر بالقسمة الكمية، وبالقسمة المعنوية إلى هيولى وصورة” انظر: الإشارات -بشرح نصير الطوسي- القسم الثالث والرابع، ص 476، وانظر: رسالة زينون اليوناني -بشرح الفارابي- ضمن مجموعة أحمد خيري، ص (5)، المواقف للإيجي ص 193.
    3002 – أي أن تركب الجسم من الجواهر المفردة هو قول أكثر المتكلمين.
    3003 – وذلك أنهم بنوا عليه إثبات الصانع، وحدوث العالم، والمعاد، فجعلوه أصلًا للإيمان بالله واليوم الآخر، وجعلوا القول به هو دين المسلمين، وأن نفيه هو قول الملحدين. انظر: نقض التأسيس 1/ 280 – 284، منهاج السنة 2/ 138.
    (2/673)

3004 – قَالوا بِأنَّ الجِسْمَ مِنْهُ مُرَكَّبٌ … وَلَهُمْ خِلَافٌ وَهْوَ ذُو ألْوَانِ
3005 – هَلْ يُمكِنُ التَّركِيبُ مِنْ جُزْأَينِ أَوْ … مِن أرْبَعٍ أوْ سِتَّةٍ وثَمَانِ
3006 – أَوْ سِتَّ عَشْرَةَ قَدْ حَكَاهَا الأَشْعَريُّ م … لَدَى مقالَاتٍ على التِّبْيَانِ
3007 – أَفَلَازِمٌ ذَا مِنْ ثُبُوتِ صِفَاتِهِ … وَعُلُوِّهِ سُبحَانَ ذِي السُّبْحَانِ


3004 – كذا في الأصلين ود، ح، ط. وفي غيرها: “فلهم”.
3006 – ط: “حكاه”.

  • تقدمت ترجمة الأشعري في حاشية البيت 964.
  • في الأصل: “لذي” بالذال المعجمة والنقطتين تحت الياء، وكذا في غيره. ولكن في ف “لدى” مضبوطًا بفتح الدال، كما أثبتنا. وقد تكرر التصحيف في كلمة “لدى” في الأصل وغيره، كما رأينا آنفًا في البيت 3000.
  • وقوله: “لدى مقالات” يعني: عند ذكر المقالات في كتابه مقالات الإسلاميين. وإن صحّ “لذي” كان بمعنى “لِذَوي”، (ص).
  • انظر: مقالات الإسلاميين 2/ 24 وما بعدها، وانظر: جواب أهل العمل والإيمان (ضمن مجموع الفتاوى) 17/ 315.
  • وهذا الاختلاف راجع إلى اعتبارات كلٌّ يراها لازمة في تألف الجسم، فهل الاعتبار بالطول فقط فيكفي التركب من جزئين؟ أو بالطول والعرض فيلزم أجزاء أربعة؟ أو بالطول والعرض والعمق فيلزم التركب من ستة أجزاء أو ثمانية؟ ثم هذا الأخير هل يكون في المثلث أو المربع أو المسدس؟ وهكذا.
    وانظر في مسألة أقل أجزاء التركيب -على اختلاف أصحابه فيه-: الإرشاد للجويني ص 39، الاقتصاد للغزالي ص 28، أساس التقديس للرازي ص 24، المواقف للإيجي ص 185، شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 217، المبين للآمدي ص 110، 111.
    (2/674)

3008 – وَالحَقُّ أنَّ الجِسْمَ لَيْسَ مُرَكَّبًا … مِنْ ذَا وَلَا هَذَا هُمَا عَدَمَانِ
3009 – وَالجَوْهَرُ الفَرْدُ الَّذِي قَدْ أَثْبَتُو … هُ لَيْسَ ذَا إمْكَانِ
3010 – لَوْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا لَزِمَ المُحَا … لُ الواضِحُ البُطْلَانِ والبُهْتَانِ
3011 – مِنْ أَوْجُهٍ شَتَّى وَيَعْسُرُ نَظْمُهَا … جِدًّا لأَجْلِ صُعُوبَةِ الأوْزَانِ
3012 – أَتكُونُ خَرْدَلةٌ تُسَاوِي الطَّودَ فِي الْـ … أجْزَاءِ فِي شيءٍ مِنَ الأذْهَانِ
3013 – إِذْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجْزَاؤهُ … لَا تَنْتَهِي بِالعَدِّ والحُسْبَانِ


3008 – أي أنه ليس مركبًا من الهيولى والصورة، ولا من الجواهر المفردة، فكلا القولين له ما يرده وينقضه. وقد أصبح كل واحد من الفريقين ينقض قول الآخر ويبين بطلانه حتى ردّ الله تعالى قول بعضهم ببعض. وقد ذكر الإيجي بعض أدلة الفريقين وإجابة كل منهما على الآخر. المواقف 186 – 198.
وذكر شيخ الإسلام أن القائلين بالجوهر الفرد تعارضت أمامهم الأدلة حتى قادهم ذلك إلى الحيرة والشك فصار كثير من حذاقهم إلى التوقف في آخر أمرهم. منهاج السنة 2/ 141.
3009 – كذا ورد البيت ناقص الوزن في الأصلين وغيرهما من النسخ التي بين أيدينا وفي طت، إلَّا أن في ب، ظ: “وليس” بزيادة الواو وهو خطأ. وقد أصلح البيت في طع هكذا: “ليس ذا أبدًا وذا إمكان” ولا معنى لزيادة (ذا أبدًا) هنا. وفي طه: “في الحقيقة ليس ذا إمكان”، وهو إصلاح جيّد. وفي المنظومة عدة أمثلة لزيادة ركن أو نقصه في البيت. انظر: التعليق على البيت 683، (ص).
3010 – كذا في الأصلين وح، وفي غيرها: “لواضح” وهو خطأ (ص).
3012 – الخردل: نوع من الحبوب معروف، وقد سبق في البيت 2322.
الطَّود: الجبل، أو عظيمه. القاموس ص (378) مادة (طود).
3013 – هذا البيت والذي قبله وجهٌ في الرد على القائلين بأن الجسم ينقسم إلى أجزاء غير متناهية، وهو قول النظام والفلاسفة (المواقف ص 186). ومعنى الردّ: أنه إذا كانت كل الأجسام تنقسم إلى غير نهاية، فإن هذا يقتضي أن تكون الخردلة مساوية للجبل العظيم في الأجزاء، إذ إن كلًا منهما لا تنتهي أجزاؤه.
(2/675)


3014 – وَإذَا وَضَعْتَ الجَوْهَرَيْنِ وَثَالِثًا … فِي الوَسْطِ وَهْوَ الحَاجِزُ الوَسْطَاني
3015 – فَلأَجْلِهِ افْتَرَقَا فَلَا يَتَلَاقَيَا … حَتَّى يَزُولَ إذًا فَيلْتَقِيَانِ
3016 – مَا مَسَّه إِحْدَاهُمَا مِنْهُ هُوَ الـ … ـمَمْسُوسُ لِلثَّانِي بِلَا فُرْقَانِ
3017 – هَذا مُحَالٌ أوْ تَقُولُوا غَيْرَهُ … فَهوَ انْقِسَامٌ وَاضِحُ التِّبْيَانِ
3018 – وَالخَامِسُ التَّركيبُ مِنْ ذَاتٍ مَعَ الْـ … أوْصافِ هَذَا باصْطِلَاحٍ ثَانِ
3019 – سَمَّوهُ تَرْكِيبًا وَذَلِكَ وَضْعُهُمْ … مَا ذَاكَ فِي عُرْفٍ وَلَا قُرْآنِ


3015 – كذا ورد الفعل “يتلاقيا” بحذف النون من غير ناصب أو جازم، وله أمثلة أخرى في المنظومة، انظر مثلًا: الأبيات 614، 656، 1406. ولو قال هنا: “فلن يتلاقيا” لصحّ المعنى وذهب الإشكال (ص).
3016 – “إحداهما”: انظر ما سبق في الأبيات 181، 262، 280 وغيرها (ص).
3017 – كذا في الأصل وطع بالتاء. وأهمل ضبطه في ف. وفي طت: “تقول”، فأصلحه في طه: “تقول بغيره”. وفي غيرها: “يقولوا”.

  • هذا البيت والثلاثة قبله وجهٌ في الرد على القائلين بأن الجسم مركب من الجواهر المفردة، ذلك أن الجوهر الفرد -عندهم- لا ينقسم، بمعنى أنه لا تتميز جهة منه عن جهة، فيقال لهم: إذا وضعنا جوهرًا بين جوهرين فإن الذي يمس أحدَهما منه غير الذي يمس الآخر وإلا لما كان له حقيقة بينهما، فلزم من ذلك أن تكون له جهتان، جهة يمس بها الذي عن يمينه، ويمس بالأخرى الذي عن شماله، وبما أنه تميزت له جهة عن أخرى فإن ذلك يعني قبوله للانقسام. فبطل قولكم بأنه جزء لا يتجزأ.
    3018 – طه: “من الأوصاف” وهو تحريف.
    3019 – أي أن هذا النوع من التركيب وضعه الفلاسفة ومن وافقهم من المعطلة، فجعلوه اصطلاحًا ينفون به صفات الكمال والجلال عن الباري عزّ وجل، وكلٌ منهم يضرب فيه بسهامه بقدر ما ينفيه من الصفات، فالفلاسفة والجهمية عطلوا به الباري من كل صفة وجودية بحجة أنه لا ينقسم في المعنى ولا في الكم. والمعتزلة جعلوا صفاته سبحانه هي هو، وأثبتوا ذاتًا مجردة عن كل صفة خشية التكثر والتركيب. وكذلك ما نفاه الأشاعرة من =
    (2/676)

3020 – لَسْنَا نُقِرُّ بِلَفْظَةٍ مَوْضُوعَةٍ … بالاصْطِلَاحِ لِشِيعَةِ اليُونَانِ
3021 – أَوْ مَنْ تَلَقَّى عَنْهُمُ مِنْ فِرْقَةٍ … جَهْمِيَّةٍ لَيْسَتْ ذَوي عِرْفَانِ
3022 – في وَصْفِهِ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِهِ الْـ … ـعُلْيَا، وَنَتْرُكُ مُقْتَضَى القُرْآنِ
3023 – وَالعَقْلِ والفِطْرَاتِ أَيْضًا كُلِّهَا … قَبْلَ الفَسَادِ وَمُقْتَضَى الْبُرْهَانِ


= الصفات كالعلو والاستواء ونحوهما مبناه على أن ذلك يستلزم التحيز والجهة وهذا يفضي إلى التجسيم، والجسمية تقتضي التركيب … وهكذا سموا ما أثبته الله تعالى لنفسه وأثبته له رسوله – صلى الله عليه وسلم – تركيبًا ليكون لهم سبيلًا إلى نفيه.
ومن العجيب أن كل طائفة تنفي شيئًا، ترمي من يثبته بالتركيب وتجعله لازمًا له وإلا فرّق بين المتماثلات. انظر: الإشارات لابن سينا، القسم الثالث والرابع ص 472 – 473، نهاية الإقدام ص 90 – 91، شرح الأصول الخمسة ص 217 وما بعدها، أساس التقديس ص 24.
3020 – كذا بالقاف في جميع النسخ الخطية والمطبوعة، ويصحّ المعنى مع حرف الجر “في” كما في نسخة ف: “في وصفه سبحانه” (البيت 3022)، وهو متعلق بالفعل “نقرّ”. وقال ابن عيسى: “كذا في جميع ما رأينا من النسخ (نقر) بالقاف من الإقرار، وصواب اللفظ (نفر) بالفاء، أي: لسنا نفر بسبب هذا الاصطلاح الذي اصطلحتموه من وصفه سبحانه بصفاته العليا. والجار والمجرور وهو قوله (من وصفه) متعلق بـ (نفر) والله أعلم” 2/ 186 (ص).

  • سقطت الباء في طت، فأصلح في طه بزيادة “في” (في الاصطلاح) (ص).
    3021 – كذا في الأصلين ود على الصواب. وفي ظ: “بذوي”، وفي غيرها: “بذي” (ص).
    3022 – كذا في ف، وعليه يصح معنى “نقر” بالقاف، كما أسلفنا، وفي غيرها “من” وقد أشير إليها في حاشية ف أيضًا (ص).
  • ط: “ويترك”.
    3023 – طه: “والفطرة”.
  • أي قبل فساد العقل والفطرة، لأن الأصل فيهما السلامة.
    (2/677)

3024 – سَمُّوهُ مَا شئْتُمْ فَلَيسَ الشَّأنُ فِي الْـ … أسْمَاءِ ما الأَلقَابُ ذَاتِ الشَّانِ
3025 – هَلْ مِنْ دَلِيلٍ يَقْتَضِي إِبْطَالَ ذَا التَّـ … ـرْكِيبِ مِنْ عَقْلٍ وَمِنْ فُرْقَانِ
3026 – واللهِ لَوْ نُشِرَتْ شُيُوخُكُمُ لَمَا … قَدَرُوا عَلَيْهِ ولوْ أتَى الثَّقَلانِ
3027 – وَالسَّادِسُ التَّرْكِيبُ مِنْ مَاهِيَّةٍ … وَوُجُودِهَا مَا ههُنَا شَيْئَانِ
3028 – إلَّا إذَا اخْتلَفَ اعْتِبَارُهُمَا فَذَا … فِي الذِّهْنِ والثَّانِي فَفِي الأعْيَانِ
3029 – فَهُنَاكَ يُعْقَلُ كَوْنُ ذَا غَيرًا لِذي … فَعَلى اعْتِبَارِهِمَا هُمَا غَيْرَانِ
3030 – أَمَّا إذَا اتَّحَدَا اعْتِبَارًا كَانَ نَفْـ … ـسُ وُجُودِهَا هُوَ ذَاتَهَا لَا ثَانِي
3031 – مَنْ قَالَ شَيْئًا غَيرَ ذَا كَانَ الَّذِي … قَدْ قَالَهُ ضرْبًا مِنَ الغُفْلانِ


3024 – ط: “الأسماء بالألقاب”.
3025 – ف: “قرآن”.
3026 – أي على الدليل الذي يقتضي إبطال هذا التركيب.
3027 – الماهية: المقول في جواب ما هو؟ فهي مأخوذة من قولهم (ما هو) كسائر الأسماء المأخوذة من الجمل الاستفهامية، كما يقولون الكيفية والأينية. التعريفات، ص 250 – 251، الرد على المنطقيين لشيخ الإسلام، ص 65.
3029 – أي كون الوجود غير الماهية. وفي ح، ط: “لذا”.
3030 – طه: “كل نفس”، تحريف.

  • معنى ذلك: أن وجود كل شيء هو عين ماهيته، وماهيته عين وجوده، وأنه لا يتصور اختلافهما إلا إذا اختلف اعتبارهما، فأُخذ أحدهما ذهنيًا، والآخر خارجيًا، فهناك تعقل المفارقة. انظر: شرح ابن عيسى 2/ 187، توضيح الكافية الشافية (ضمن مجموعة من رسائل ابن سعدي) ص 81.
    3031 – ما عدا الأصلين وطع: “شيء”.
  • ط: “ضرب”.
  • كذا في ف، والغُفْلان بمعنى الغفلة، القاموس ص 1343. وفي الأصل=
    (2/678)

3032 – هَذَا وَكَمْ خَبطٍ هُنَا قَدْ زَال بالتَّـ … ـفْصيلِ وَهْوَ الأَصْلُ فِي العِرْفَانِ
3033 – وَابْنُ الخَطِيبِ وَغيرُه مِنْ بَعْدِهِ … لَمْ يَهْتَدُوا لِمَواقِعِ الفُرْقَانِ
3034 – بَلْ خَبَّطُوا نَقْلًا وَبَحْثًا أَوْجَبَا … شَكًّا لِكُلِّ مُلَدَّدٍ حَيْرَانِ


= وغيره: “الفعلان” بالفاء ثم العين، وكتب في حاشية الأصل: “ظ” أي انظر. وفسّر الشيخ ابن عيسى بأن الناظم “يعني كلمة في وزن الفعلان كالبهتان والبطلان ونحوهما، وهذا كما في قول المتنبي في رثاء أخت سيف الدولة ابن حمدان، واسمها خولة:
كأن فَعْلة لم تملأ مواكبها … ديار بكر ولم تخلع ولم تهب
وذلك أن المتنبي لم يصرح باسمها استعظامًا … بل كنى عن اسمها بفعلة، فلفظ فعلة حكمها حكم موزونها … “. شرح ابن عيسى 2/ 187. (ص).
3032 – ف: “خبط هناك”، خطأ.

  • كذا في الأصلين ود، ح، ط. وفي غيرها: “الفرقان” ولعله تصحيف.
    3033 – وهو فخر الدين الرازي، وقد تقدمت ترجمته في حاشية البيت 757.
  • “غيره”: كذا في الأصلين وظ، وفي غيرها: “حزبُه”.
  • ظ: “لمواقع القرآن”، وهو تحريف، فإن المقصود بالفرقان هنا: التفريق بين الحق والباطل. (ص).
    3034 – قد سبق تفسير “ملدّد” في حاشية البيت 1414 (ص).
  • أي أن الرازي وأتباعه خبطوا في مسألة الوجود والماهية ولم يصلوا فيها إلى ما تطمئن به نفوسهم، بل أوجب ذلك لهم الحيرة والشك فأصبحوا متناقضين فيها. انظر كلام الرازي على هذه المسألة في: محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ص 67، الأربعين 1/ 143 – 148، المباحث المشرقية 1/ 120، هذا وقد رجح شيخ الاسلام أن القول بأن الوجود زائد على الماهية هو أحد قولي الرازي، بل هو الذي رجحه في أكثر كتبه. انظر: الدرء 4/ 241.
    ثم -أيضًا- مما يذكر عن حيرة الرازي في هذه المسألة ما قاله في كتابه (أقسام اللذات) لما ذكر اللذة العقلية، وأنها العلم وأن أعرف العلوم العلم بالله: “لكنه العلم بالذات والصفات والأفعال، وعلى كل واحدة من ذلك =
    (2/679)

3035 – هَلْ ذَاتُ رَبِّ العَالَمِينَ وُجُودُهُ … أَمْ غَيْرُهُ فَهُمَا إذًا شَيْئَانِ
3036 – فَيَكُونُ تَرْكِيبًا مُحَالًا ذَاكَ إنْ … قُلْنَا بِهِ فَيَصِيرُ ذَا إمْكَانِ
3037 – وَإذَا نَفَينَا ذَاكَ صَارَ وُجُودُهُ … كَالمُطْلَقِ الموْجُودِ فِي الأذْهَانِ
3038 – وَحَكَوْا أَقَاوِيلًا ثَلَاثًا ذَيْنِكَ الـ … ـقَوْلَيْنِ إطْلَاقًا بِلَا فُرْقَانِ
3039 – والثَّالِثُ التَّفْرِيقُ بَينَ الوَاجِبِ الْـ … أعْلَى وَبَيْنَ وُجُودِ ذِي الإمْكَانِ
3040 – وَسَطَوْا عَلَيهَا كُلِّهَا بالنَّقْضِ والْـ … إبْطَالِ والإشكال لِلأَذهانِ
3041 – حَتَّى أَتَى مِنْ أَرْضِ آمِدَ آخِرًا … ثَورٌ كَبِيرٌ بَلْ حَقِيرُ الشَّانِ


= عقدة: هل الوجود هو الماهية أم قدر زائد؟ وهل الصفات زائدة على الذات أم لا؟ وهل الفعل مقارن أو محدث؟ ثم قال: ومَن الذي وصل إلى هذا الباب؟ أو ذاق من هذا الشراب؟ ” اهـ. نقلًا عن نقض التأسيس 1/ 128.
3038 – في طع وضع هنا الشطر الثاني من البيت التالي سهوًا، ثم أسقط البيت التالي.
3039 – طه: “الثالث” دون حرف العطف.

  • أي حاصل أقوالهم في هذه المسألة ثلاثة:
    الأول: أن الوجود نفس الماهية في الواجب والممكن.
    الثاني: أنه زائد عليها في الواجب والممكن.
    الثالث: أن الوجود نفس ماهية الواجب وغيرها في الممكن.
    انظر في هذه الأقوال وحجة كل فريق ونقضه لغيره: المواقف للإيجي، ص 48 – 52.
    3040 – “الإشكال”: كذا في الأصلين، وفي غيرهما: “التشكيك” وهو جيد. وفي ب، طت: “التشكيل”، تحريف.
  • خ، ط: “للإنسان”.
    3041 – آمِد: بكسر الميم، كانت أعظم ديار بكر وأجلّها قدرًا وأشهرها ذكرًا، قال ياقوت: “وهو بلد قديم حصين ركين مبني بالحجارة السود على نشز دجلة محيطة بأكثره مستديرة به كالهلال، وفي وسطه عيون وآبار قريبة … فُتح سنة عشرين من الهجرة”. معجم البلدان 1/ 56.=
    (2/680)

3042 – قالَ الصَّوَابُ الوَقْفُ فِي ذَا كُلِّهِ … والشَّكُ فِيهِ ظَاهِرُ التِّبْيانِ
3043 – هَذَا قُصَارَى بَحْثِهِ وَعُلُومِهِ … أنْ شَكَّ فِي اللهِ العَظِيمِ الشَّانِ


فصلٌ في أحكام هذِهِ التَّراكيبِ السِّتةِ
3044 – فَالأوَّلَانِ حَقِيقَةُ التَّرْكِيبِ لَا … تَعْدُوهُمَا فِي اللَّفْظِ والأذْهَانِ


= والناظم هنا يشير إلى سيف الدين الآمدي وهو: أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي، ولد بآمد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وتعلّم في بغداد والشام، وانتقل إلى القاهرة فدرس فيها واشتهر، ولكنه رمي بفساد الاعتقاد لتوغله في الفلسفة، فخرج مستخفيًا إلى حماة، ثم دمشق، فتوفي بها سنة إحدى وثلاثين وستمائة. وكان يغلب عليه الحيرة والوقف حتى في المسائل الكبار، من مصنفاته: (الإحكام في أصول الأحكام)، (منتهى السول)، (أبكار الأفكار)، (غاية المرام)، وغيرها. السير 22/ 364، البداية والنهاية 13/ 151، الأعلام 4/ 332.

  • ف، س، ح: (آخَرٌ).
    3042 – نص على ذلك في أبكار الأفكار حيث قال (ج 1 ق 51): “المسألة الثانية من النوع الأول وهي أن وجود واجب الوجود هل نفس ذاته، أو هو زائد على ذاته؟ ” -ثم ذكر القولين في ذلك- ثم قال: “فهذه عمدة الفريقين، وإن كانت حجة المذهب الأول -وهم القائلون أن الوجود نفس الماهية- أشبه، وعسى أن يكون عند غيري تحقيق أحد الطرفين”.
    وقال في موضع آخر من نفس الكتاب (ج 1 ق 158): “فقد بيّنا أن الحجج في أن صفة الوجود هل هو زائد على ذات الله تعالى متعارضة متنافية من غير ترجيح، وذلك مما يتعذر معه الجزم بكونه صفة زائدة”.
    3044 – أي تركيب الامتزاج، وتركيب الجوار.
    (2/681)

3045 – وَكَذَلِكَ الأَعْيَانُ أَيْضًا إنّمَا التَّـ … ـركِيبُ فِيهَا ذَانِكَ النَّوْعَانِ
3046 – والأوْسَطَانِ هُمَا اللَّذَانِ تَنَازَعَ الـ … ـعُقَلَاءُ فِي تَرْكِيبِ ذِي الجُثْمَانِ
3047 – وَلَهُمْ أَقَاوِيلٌ ثَلَاثٌ قَدْ حَكَيْـ … ـنَاهَا وَبيَّنَّا أَتَمَّ بَيَانِ
3048 – وَالآخِرَانِ هُمَا اللَّذَانِ عَلَيهِمَا … دَارَتْ رَحَى الحَرْبِ الَّتِي تَرَيَانِ
3049 – أَنْتُمْ جَعَلْتُمْ وَصْفَهُ سُبْحَانَهُ … بِعُلُوِّهِ مِنْ فَوْقِ ذِي الأكْوَانِ
3050 – وَصِفَاتِهِ العُلْيَا الَّتِي ثبتَتْ لَهُ … بِالنَّقْلِ وَالمَعْقُولِ ذِي البُرْهَانِ
3051 – مِنْ جُمْلةِ التَّرْكِيبِ ثُمَّ نَفَيْتُمُ … مَضمُونَهُ مِنْ غَيْرِ مَا بُرْهَانِ
3052 – فَجَعَلْتُمُ الْمِرْقَاةَ لِلتَّعْطِيلِ هَـ … ذَا الاصْطِلاحَ وذَا مِنَ الْعُدْوانِ
3053 – لَكِنْ إِذَا قِيلَ اصطلَاحٌ حَادِثٌ … لَا حَجْرَ فِي هَذَا عَلَى إنسَانِ
3054 – فَنَقُولُ نَفْيُكُمُ بِهَذَا الاصْطِلَا … حِ صفَاتِهِ هُوَ أَبْطَلُ البُطْلَانِ
3055 – وَكَذَاكَ نَفْيُكُمُ بِهِ لِعُلُوِّهِ … فَوْقَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ كُلِّ مَكَانِ
3056 – وَكَذَاكَ نَفْيُكُمُ بِهِ لِكَلَامِهِ … بِالوَحْي كالتَّورَاةِ والقُرْآنِ
3057 – وَكَذَاكَ نَفْيُكُمُ لِرؤْيتِنَا لَهُ … يَوْمَ المَعَادِ كَمَا يُرَى الْقَمَرَانِ


3046 – الأوسطان: التركيب من الجواهر المفردة، والتركيب من الهيولى والصورة.

  • د، طت، طه: “تنازعا”.
    3047 – وهي: الأول: التركيب من الجواهر المفردة، كما يقوله أهل الكلام.
    الثاني: التركيب من الهيولى والصورة. كما يقوله الفلاسفة.
    الثالث: أن الجسم ليس مركبًا من هذا ولا من هذا. وهو الذي رجحه الناظم وبيّن أنه الحق.
    3048 – أي التركيب من الذات والصفات، والتركيب من الوجود والماهية.
    3050 – طت، طه: “بالعقل والمنقول”.
    3051 – د، ح، ط: “مضمونها”.
    3052 – المرقاة: بكسر الميم وفتحها: الدرجة. القاموس ص 1664.
    3056 – ظ: “والفرقان”.
    (2/682)

3058 – وكَذَاكَ نَفيُكُمُ لِسَائِرِ مَا أَتَى … فِي النَّقْلِ مِنْ وَصْفٍ بِغَيْرِ مَعَانِ
3059 – كَالوَجْهِ والْيَدِ والأصَابعِ والَّذِي … أبدًا يسُوءُكُمُ بِلَا كِتْمَانِ
3060 – وَبِوُدِّكُمْ لَوْ لَمْ يَقُلْهُ ربُّنَا … وَرَسُولُهُ المبْعُوثُ بالبُرْهَانِ
3061 – وَبوُدِّكُمْ واللهِ لَمَّا قَالَهُ … أنْ لَيْسَ يَدْخُلُ مَسْمَعَ الإنْسَانِ
3062 – قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى اسْتِنَادِ الْكَوْنِ أَجْـ … ـمَعِهِ إلَى خَلَّاقِهِ الرَّحْمنِ
3063 – مَا قَامَ قطُّ عَلَى انْتِفَاءِ صِفَاتِهِ … وَعُلُوِّهِ مِنْ فَوْقِ ذِي الأكْوَانِ
3064 – هُوَ وَاحِدٌ فِي وَصْفِهِ وَعُلُوِّهِ … مَا لِلْوَرَى رَبٌّ سِوَاهُ ثَانِ
3065 – فَلأَيِّ مَعْنىً تَجْحَدُونَ عُلُوهُ … وَصِفَاتِهِ بِالفَشْرِ والهَذَيَانِ
3066 – هَذَا وَمَا المَحْذُورُ إِلَّا أَنْ يُقَا … لَ مَعَ الإلهِ لَنَا إِلهٌ ثَانِ
3067 – أَوْ أَنْ يُعَطَّلَ عَنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ … هَذَانِ مَحْذُورَانِ مَحْظُورَانِ
3068 – أمَّا إِذَا مَا قِيلَ رَبٌّ وَاحِدٌ … أَوْصَافُهُ أَرْبَتْ عَلَى الحُسْبَانِ
3069 – وَهُوَ القَديمُ فَلَمْ يَزَلْ بصِفَاتِهِ … مُتَوحِّدًا بَلْ دَائِمَ الإحْسَانِ
3070 – فَبِأيِّ بُرْهَانٍ نَفَيْتُمْ ذَا وقُلْـ … ـتُمْ لَيْسَ هَذَا قَطُّ فِي الإمْكَانِ
3071 – فَلئِنْ زَعَمْتُمْ أَنهُ نَقْصٌ فَذَا … بَهْتٌ فَمَا في ذا مِن النُّقصانِ


3061 – طت، ط: “قالها”.
3064 – س: “هو وحده”.
3065 – الفشر بمعنى الهذيان. وقد سبق في البيت 387.
3066 – انظر: الصواعق المرسلة 3/ 938، والمختصر ص 110.
3068 – أرْبَت: أي زادت. اللسان 14/ 305، والمعنى: أن صفاته عزّ وجل أعظم وأكثر من أن يحصيها الخلق ويحسبوها.
3069 – قوله: “القديم” من باب الإخبار وليس اسمًا.
3070 – أي إثبات الصفات.
3071 – أي زعموا أن إثبات الصفات نقص في حق الخالق لأنه يستلزم التركيب.

  • كذا في الأصل، وأشير إلى هذه النسخة في حاشية ف. وفي متنها: “فما=
    (2/683)

3072 – النَّقْصُ فِي أمْرَيْنِ سَلْبُ كَمَالِهِ … أَوْ شِرْكَةٌ لِلوَاحِدِ الرَّحْمنِ
3073 – أَتكُونُ أوْصَافُ الكَمَالِ نَقِيصَةً … فِي أَيِّ عَقْلٍ ذَاكَ أَمْ قُرْآنِ؟
3074 – إنَّ الكَمَالَ بِكَثْرَةِ الأوْصَافِ لَا … فِي سَلْبِهَا ذَا واضَحُ البُرْهَانِ
3075 – مَا النَّقْصُ غَيْرَ السَّلْبِ قطُّ وكُلُّ نَقْـ … ـصٍ أَصلُهُ سَلْبٌ وَهَذَا وَاضِحُ التِّبْيَانِ
3076 – فَالجَهْلُ سَلْبُ العِلْمِ وَهْوَ نَقِيصَةٌ … وَالظُّلْمُ سَلْبُ العَدْلِ والإحْسَانِ
3077 – مُتَنَقِّصُ الرَّحْمنِ سَالِبُ وَصْفِهِ … حَقًّا تَعَالَى اللهُ عَنْ نُقْصانِ
3078 – وَكَذَا الثَّنَاءُ عَلَيْهِ ذِكْرُ صِفَاتِهِ … وَالحَمْدُ والتَّمْجِيدُ كُلَّ أَوَانِ
3079 – وَلِذَاكَ أَعْلَمُ خَلْقِهِ أَدْرَاهُمُ … بِصِفَاتِهِ مَنْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ
3080 – وَلَهُ صِفَاتٌ لَيْسَ يُحْصِيهَا سِوَا … هُ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَلَا إِنْسَانِ


= هذا” وفي غيرهما: “فما في ذاك من نقصان” (ص).
3072 – كذا ضبط “سلب” و”شركة” في الأصلين بالرفع، ويجوز بالجر.

  • ما عدا الأصلين ود، س: “بالواحد”.
    3074 – في الأصلين: “أوضح البرهان”، وكتب فوقه في ف: “صح”. والمثبت من غيرهما وأشير إلى هذه النسخة في حاشية ف إشارة تدل على أنها كذا في نسخة المصنف، “ص”.
    3075 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “حسب”، وفي بعض النسخ جمع بين الكلمتين. وانظر في “قط” ما سبق في حاشية البيت 928 (ص).
  • كذا ورد البيت في جميع النسخ الخطية والمطبوعة، وفيه ركن زائد، لم يفطن له الناظم، وقد تكررت الزيادة والنقص. انظر ما كتبنا في حاشية البيتين 578، 683 (ص).
    3077 – في طه مكان هذا الشطر عجز البيت التالي.
    3078 – ظ، د، س: “والتحميد”، تحريف.
  • هذا البيت ساقط من طه.
    3079 – كذا في الأصلين وط. وفي غيرها: “وكذاك”.
    3080 – س: “ومن”. =
    (2/684)

3081 – وَلِذَاكَ يُثْنِي فِي القِيَامَةِ سَاجدًا … لَمَّا يَرَاهُ المُصْطَفَى بِعِيَانِ
3082 – بثَنَاءِ حَمْدٍ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الدُّ … نْيَا لِيُحْصِيَه مَدَى الأَزْمَانِ


= – يدل لذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما أصاب أحدًا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي … ” الحديث.
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 1/ 391، والحاكم في مستدركه، كتاب الدعاء 1/ 509، وابن حبان في صحيحه (972) (الإحسان)، كتاب الرقائق، باب الأدعية. وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (199).
والشاهد من الحديث قوله: “أو استأثرت به في علم الغيب عندك”، فقد دل على أن من أسمائه ما استأثر بعلمه، ومما تقرر أن أسماءه دالة على صفاته ومشتقة منها، فإذًا يكون من صفاته ما استأثر بعلمه، وبهذا تتضح دلالة الحديث للبيت. والله أعلم.
3081 – كذا في الأصلين وح، ط. وفي غيرها: “وكذاك”.

  • قوله: “لما يراه”: أدخل لمّا الحينيّة على المضارع، وقد سبق مثله في البيتين 442، 1201 (ص).
    3082 – إشارة إلى حديث الشفاعة الطويل وفيه: “فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي عزّ وجل، ثم يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي … ” الحديث.
    أخرجه البخاري في التفسير، باب “ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا”، رقم (4712)، ومسلم في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم (194)، والترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع، باب ما جاء في الشفاعة، رقم (2436)، وأحمد 2/ 435 – 436.
    (2/685)

3083 – وَثَنَاؤُهُ بصِفَاتِهِ لَا بِالسُّلُو … بِ كَمَا يَقولُ العَادِمُ العِرْفَانِ
3084 – وَالعَقْلُ دَلَّ عَلَى انْتِهَاءِ الْكَوْنِ أجْـ … ـمَعِهِ إلَى رَبِّ عَظِيمِ الشَّانِ
3085 – وثُبوتُ أَوْصَافِ الكَمَالِ لِذَاتِهِ … لَا يَقْتَضي إبطَالَ ذَا البُرْهَانِ
3086 – وَالكَوْنُ يَشْهدُ أنَّ خَالِقَهُ تَعَا … لَى ذُو الكَمَالِ وَدَائِمُ السُّلْطَانِ
3087 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ … فَوْقَ الوُجُودِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ
3088 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ الـ … ـمَعْبُودُ لَا شَيْءٌ مِنَ الأكْوَانِ
3089 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ … ذُو حِكْمَةٍ فِي غَايَةِ الإِتْقَانِ
3090 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ سبحانه … ذُو قُدْرَةٍ حَيٌّ عَلِيمٌ دَائِمُ الإحْسَانِ
3091 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ الفَعَّالُ حَقّـ … ـًا كُلَّ يَوْمٍ رَبُّنَا فِي شَانِ
3092 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ المخْتَارُ فِي … أَفْعَالِهِ حَقًّا بِلَا نُكْرَانِ
3093 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ الحَيُّ الَّذِي … مَا لِلْمَمَاتِ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِ
3094 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ القَيُّومُ قَا … مَ بِنَفْسِهِ وَمُقِيمُ ذِي الأكْوَانِ
3095 – وَكَذاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ ذُو رَحْمَةٍ … وإرَادَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَحَنَانِ
3096 – وَكَذَاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ لسُبْحَانَهُ … مُتَكَلِّمٌ بِالوَحْيِ والقُرْآنِ
3097 – وَكذاكَ يَشْهَدُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ الْـ … ـخَلَّاقُ بَاعِثُ هَذِهِ الأبْدَانِ
3098 – لَا تَجْعَلُوهُ شَاهِدًا بالزورِ والتَّـ … ـعْطِيلِ تِلْكَ شهَادَةُ البُطْلَانِ
3099 – وَإذَا تأمَّلْتَ الوُجُودَ رَأيتَهُ … إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ زُمْرَةِ العُمْيَانِ


3085 – أي أن ثبوت أوصاف الكمال له سبحانه لا يقتضي إبطال انتهاء الكون بأجمعه إليه، بل الأمر بعكس ذلك.
3090 – كذا ورد البيت في الأصول وفيه ركن زائد، وقد أصلح في س، طع بحذف “سبحانه” وفي ح بحذف “ذو قدرة”. وقد سبق آنفًا في البيت 3075 مثال آخر للزيادة، ولها وللنقص نظائر أخر في المنظومة. (ص).
3094 – سيأتي كلام الناظم على تفصيل معنى اسم (القيوم) في البيت رقم (3353) وما بعده.
(2/686)


3100 – بِشَهَادَةِ الإِثْبَاتِ حَقًّا قَائِمًا … لِلَّهِ لَا بِشَهَادَةِ النُّكْرَانِ
3101 – وَكَذاكَ كُتْبُ اللهِ شَاهِدةٌ بِهِ … أيْضًا فَهَذا مُحْكَمُ القُرْآنِ
3102 – وَكَذَاكَ رُسْلُ اللهِ شَاهِدَةٌ بِهِ … أيْضًا فَسَلْ عَنْهُمْ عَلِيمَ زَمانِ
3103 – وَكَذَلِكَ الفِطَرُ الَّتِي مَا غُيِّرَتْ … عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا بأمْرٍ ثَانِ
3104 – وَكَذَا العُقُولُ الْمُسْتَنِيراتُ الَّتِي … فِيهَا مَصَابِيحُ الهُدَى الرَّبَّانِي
3105 – أَتَرَوْنَ أنَّا تَارِكُو ذَا كُلِّهِ … لِشَهَادَةِ الجَهْمِيِّ والْيُونَانِي
3106 – هَذِي الشُّهودُ فإنْ طَلَبْتُمْ شَاهِدًا … مِنْ غَيْرِهَا سَيَقُومُ بعْدَ زَمَانِ
3107 – إِذْ ينْجلي هَذَا الغُبَارُ فيَظْهَرُ الْـ … ـحَقُّ المُبِينُ مُشَاهَدًا بِعِيَانِ
3108 – فَإذَا نَفَيتُمْ ذَا وَقُلْتُمْ إنَّهُ … مَلْزُومُ تَرْكِيبٍ فَمَنْ يَلْحَانِي
3109 – إنْ قُلتُ لَا عَقْلٌ وَلا لسَمعٌ لَكُمْ … وَصَرَخْتُ فِيما بَيْنَكُمْ بِأذَانِ
3110 – هَلْ يُجْعَلُ المَلْزُومُ عَينَ اللَّازِمِ الْـ … ـمَنْفِيِّ هَذَا بَيِّنُ البُطْلَانِ
3111 – فَالشَّيءُ لَيْسَ لِنَفْسِهِ يَنْفي لَدَى … عَقْلٍ سَلِيمٍ يَا ذوِي العِرْفَانِ
3112 – قُلْتُمْ نَفَيْنَا وَصْفَهُ وَعُلُوَّهُ … مِنْ خَشْيَةِ التَّركيبِ والإمْكَانِ
3113 – لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا لَكَانَ مُرَكَّبًا … وَالْوَصْفُ وَالتَّرْكِيبُ مُتَّحِدَانِ


3100 – كذا على الصواب في الأصلين وطت، طه. وفي غيرها: “قائم”.
3101 – هذا البيت مؤخر عن الذي بعده في ط.
3106 – كذا في الأصل وح، ط. وفي غيرها: “هذا الشهود”.
3107 – هذا البيت ساقط من ب.
3108 – يلحاني: يلومني. وقد سبق في البيت 1991.
3109 – ب، س: “لا سمع ولا عقل”.
3110 – الملزوم هو إثبات الصفات، واللازم هو التركيب.
3111 – ف: “بنفسه” وفي هذه النسخة ضبط الفعل “يُنفَى” بالبناء للمجهول (ص).
3113 – ط: “فالوصف”.
(2/687)


3114 – أَوْ كَانَ فَوْقَ العَرْشِ كَانَ مُرَكَّبًا … فَالْعَرشُ والتَّركِيبُ مُتَّفِقَانِ
3115 – فَنَفَيْتُمُ التَّرْكِيبَ بالتَّركِيبِ مَعْ … تَغْييرِ إحْدَى اللفْظَتَيْنِ بِثَانِ
3116 – بَلْ صُورَةُ البُرْهَانِ أَصْبَحَ شَكْلُهَا … شَكلًا عَقِيمًا لَيْسَ ذَا بُرْهَانِ
3117 – لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا لَكَانَ كَذَاكَ مَوْ … صُوفًا وَهَذَا حَاصِلُ البُرْهَانِ
3118 – فَإذَا جَعَلْتُمْ لَفْظَةَ التَّركِيبِ بالْـ … ـمعْنى الصَّحِيح أمَارَةَ البُطْلَانِ
3119 – جِئْنَا إِلَى المَعْنَى فَخَلَّصْناهُ مِنْـ … ـهَا واطَّرَحْنَاهَا اطِّرَاحَ مُهَانِ
3120 – هِيَ لَفْظَةٌ مَقْبُوحَةٌ بِدْعِيَّةٌ … مَذْمُومَةٌ مِنَّا بِكُلّ لِسَانِ
3121 – وَاللَّفْظُ بالتَّوْحِيدِ نَجْعَلُهُ مَكَا … نَ اللَّفْظِ بالتَّرْكِيبِ فِي التِّبْيَانِ
3122 – وَاللَّفْظُ بالتَّوحيد أوْلَى بِالصِّفَا … تِ وَبالْعُلُوِّ لِمَنْ لَهُ أُذُنَانِ
3123 – هَذَا هُوَ التَّوحِيدُ عِنْدَ الرُّسْلِ لَا … أَصْحَابِ جَهْمٍ شِيعَةِ الكُفْرانِ



3114 – كذا في الأصلين وظ، د، س. وفي غيرها: “فالفوق والتركيب”.
3115 – أي أنهم سموا الصفات تركيبًا، وجعلوا إثباتها يستلزم التركيب، فنفوا الملزوم وهو الصفات التي سموها تركيبًا لأجل هذا اللازم وهو التركيب، فنفوا التركيب بالتركيب، وهذا دليل فساد العقول. يقول الناظم في الصواعق: “فإن أردتم بقولكم: لو كان فوق العرش كان مركبًا هذا التركيب المعهود -يعني تركيب الامتزاج وتركيب الجوار- أو أنه كان متفرقًا فاجتمع فهو كذب، وفرية، وبهت على الله وعلى الشرع وعلى العقل. وإن أردتم أنه لو كان فوق عرشه لكان عاليًا على خلقه بائنًا منهم، مستويًا على عرشه، ليس فوقه شيء، فهذا المعنى حق، وكأنك قلت: لو كان فوق العرش لكان فوق العرش، فنفيت الشيء بتغيير العبارة عنه وقلبها إلى عبارة أخرى، وهذا شأنكم في أكثر مطالبكم”. الصواعق المرسلة 3/ 945، مختصر الصواعق 1/ 112.
(2/688)


فصلٌ في أقسامِ التوحيدِ والفرقِ بين توحيدِ المرسلينَ وتوحيدِ النفاةِ المعطلينَ
3124 – فَاسْمَعْ إذًا أنْواعَهُ هِيَ خَمْسَةٌ … قَدْ حُصِّلَتْ أَقْسَامُهَا بِبَيَانِ
3125 – تَوحِيدُ أتْبَاعِ ابن سِينَا وَهْوَ مَنْـ … ـسُوبٌ لآرِسطُو مِنَ الْيُونَانِ
3126 – مَا لِلإِلهِ لَدَيْهِمُ مَاهِيَّةٌ … غَيْرُ الوُجُودِ المُطْلَقِ الوَحْدَاني
3127 – مَسْلُوبُ أوْصَافِ الكَمَالِ جَميعِهَا … لَكِنْ وُجُودٌ حَسْبُ لَيْسَ بِفَانِ
3128 – مَا إنْ لَهُ ذَاتٌ سِوَى نَفْسِ الوُجُو … دِ المطْلَقِ المسْلُوبِ كلَّ مَعَانِ
3129 – فَلذَاكَ لَا سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ وَلَا … عِلْمٌ وَلَا قَوْلٌ مِنَ الرَّحْمنِ
3130 – وَكذَاكَ قَالُوا لَيْسَ ثَمَّ مَشِيئَةٌ … وَإرَادَةٌ لِوُجودِ ذِي الأكْوَانِ
3131 – بَلْ تِلكَ لازمَةٌ لَهُ بالذَّاتِ لَمْ … تَنْفَكَّ عَنْهُ قطُّ فِي الأزْمَانِ


3124 – انظر هذا التقسيم في: الصواعق المرسلة 3/ 929، مختصر الصواعق 1/ 106.
3125 – تقدمت ترجمة ابن سينا في حاشية البيت 94.

  • وسبقت ترجمة أرسطو في حاشية البيت 481، ومدّ الهمزة للضرورة.
    3128 – هذا ما يقرره الفلاسفة في اعتقادهم في الله تعالى، فلا يثبتون له أي معنى زائد على مطلق الوجود وهو الوجود الذهني، فهو عندهم في غاية البساطة لا تكثر فيه من أي جهة، وفي هذا يقول ابن سينا: “لو التأم ذات واجب الوجود من شيئين أو أشياء تجتمع لوجب بها، ولكان الواحد منها أو كل واحد منها قبل واجب الوجود، ومقوّمًا لواجب الوجود، فواجب الوجود لا ينقسم في المعنى ولا في الكم” الإشارات، القسم الثالث والرابع، ص 472 – 473. وانظر: النجاة ص 251.
    3130 – كذا في الأصلين وس. وفي غيرها: “ولذاك”.
    3131 – أي أن هذه الأكوان -عند الفلاسفة- لازمة لله تعالى بالذات، قديمة كقدمه =
    (3/689)

3132 – مَا اخْتَارَ شَيئًا قَطُّ يَفْعَلُهُ وَلَا … هَذَا لَهُ أبَدًا بِذِي إمْكَانِ
3133 – وَبَنَوْا عَلَى هَذَا اسْتحَالَةَ خَرْقِ ذِي الْـ … أفْلَاكِ يَوْمَ قِيامةِ الأَبْدانِ
3134 – وكذَاكَ قَالُوا ليسَ يَعْلَمُ قَطُّ شَيْـ … ـئًا مَا مِنَ الموْجُودِ فِي الأَعْيَانِ
3135 – لَا يَعْلَمُ الأفْلاكَ كَمْ أَعْدَادُهَا … وَكَذا النُّجُومُ وَذَانِكَ القَمَرَانِ
3136 – وكذا ابنُ آدمَ ليسَ يَسمَعُ صوتَه … كَلَّا وَلَيْسَ يَرَاهُ رَأْيَ عِيَانِ
3137 – بَلْ لَيْسَ يَعْلَمُ حَالَه عِلمًا بِتَفْـ … ـصِيلٍ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالعِصيَانِ
3138 – [كَلَّا وَلَا عِلْمٌ لَهُ بِتَساقُطِ الْـ … أوْرَاقِ أوْ بمَنَابِتِ الأغْصانِ


= وليس له اختيار ولا فعل في إيجادها، لأن الصانع -عندهم- موجب بالذات وهو علة تامة أزلية مستلزمة لمعلولها، لم يتأخر عنه شيء من معلولها. انظر: النجاة لابن سينا ص 252.
3133 – أي بما أن هذه الأفلاك لازمة له بالذات ومعلولة له، فهي قديمة بقدمه، ودائمة بدوامه.
يقول شيخ الإسلام: “وهؤلاء عندهم أن هذه السموات ما زالت هكذا، ولا تزال هكذا متحركة على هذا الوجه من الأزل إلى الأبد، ولا يزال العقل الأول أو الفعّال الذي يسمونه بالقلم -هذا أو هذا- مقارنًا لها، وليس عندهم قيامة تنشق فيها السموات وتنفطر”. بغية المرتاد ص 307.
3134 – ط: “ولذاك”.

  • انظر في “قط” ما سلف في حاشية البيت 928 (ص).
    3136 – الشطر الأول كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “بل ليس يسمع صوتَ كل مصوّتٍ” ولعله نسخ في النسخة الأخيرة. (ص).
    3137 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “يعلم حالة الإنسان تفصيلًا من”.
    3138 – ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصلين.
  • س: “بمساقط الأوراق”.
  • هذا البيت ساقط من د.
    (3/690)

3139 – عِلْمًا عَلَى التَّفْصيل هَذَا عِنْدَهُمْ … عَيْنُ المُحَالِ وَلَازِمُ الإمْكَانِ]3140 – بَلْ نَفْسُ آدَمَ عِنْدَهُمْ أمرٌ مُحا … لٌ لَمْ يكُنْ فِي سَالِفِ الأزْمَانِ
3141 – مَا زَالَ نَوْعُ النَّاسِ مَوْجُودًا ولَا … يَفنَى كَذاكَ الدَّهْرُ والمَلَوَانِ
3142 – هَذَا هُوَ التَّوْحِيدُ عِنْدَ فَريقِهِمْ … مِثْلِ النَّصِير وحِزْبِه الشيطانِي
3143 – قَالُوا وألجَأَنَا إلَى ذَا خَشْيَةُ التَّـ … ـرْكِيبِ والتَّجْسِيمِ ذِي البُطْلَانِ
3144 – [وَلِذَاكَ قُلْنَا مَا لَهُ سَمْعٌ وَلَا … بَصَرٌ وَلَا عِلمٌ فَكَيْفَ يَدَانِ


3139 – وأصل ذلك عندهم أن علمه بالجزئيات ينافي وحدانيته، فالجزئيات متغيرة، وهو واحد من كل جهة لا تغير فيه، وعلمه بالجزئيات يقتضي حدوث التغير فيه، فيجب أن ينفى علمه بها.
يقول ابن سينا: “ولا يجوز أن يكون -أي واجب الوجود- عاقلًا لهذه المتغيرات مع تغيرها حتى يكون تارة يعقل منها أنها موجودة غير معدومة، وتارة يعقل منها أنها معدومة غير موجودة، ولكل واحد من الأمرين صورة عقلية على حدة، ولا واحد من الصورتين يبقى مع الثانية، فيكون واجب الوجود متغير الذات، بل واجب الوجود إنما يعقل كل شيء على نحو فعلي كلي، ومع ذلك فلا يعزب عنه شيء شخصي”، نقلًا عن الملل والنحل للشهرستاني 2/ 185 وانظر: المواقف، ص 288.
3140 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “عندهم عين المحال ولم يكن”.

  • وهذا مبني على ما تقدّم من مذهبهم في أزلية العالم وأنه ملازم لله، قديم كقدمه، فالله تعالى لم يخلق آدم -عندهم- بيديه، ولم يجعله مبدأ الإنسان، بل إن نوع الناس لم يزل موجودًا.
    انظر: حوار بين الفلاسفة والمتكلمين لحسام الآلوسي ص 85 – 87.
    3141 – ضبط “الدهر” في ف بالنصب، والملوان: الليل والنهار أو طرفاهما. القاموس ص 1721.
    3142 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “مثل ابن سينا والنصير الثاني”، وقد تقدمت ترجمة النصير الطوسي في حاشية البيت 487.
    3144 – ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصلين.
  • د، س: “وكذاك”.
    (3/691)

3145 – وَلِذَاكَ قُلْنَا لَيس فَوْقَ العَرْشِ إِلا … م الْمُسْتحِيلُ وَليسَ ذَا إمكَانِ
3146 – جِسْمٌ عَلَى جِسْمٍ كِلَا الجِسْمَينِ محْـ … ـدُودًا يَكُونُ، كِلَاهُمَا صِنْوَانِ]3147 – فَبِذَاكَ حَقًّا صَرَّحُوا فِي كُتْبِهِمْ … وَهُمُ الفُحُولُ أئِمَّةُ الكُفْرانِ
3148 – لَيْسُوا مَخَانِيثَ الوُجودِ فَلَا إلَى الـ … ـكُفْرَانِ يَنْحَازُوا وَلَا الإيمَانِ
3149 – والشِّرْكُ عِنْدَهُمُ ثُبُوتُ الذَّاتِ وَالْـ … أوْصَافِ إذْ يَبقَى هُنَاكَ اثْنَانِ
3150 – غَيْرُ الوُجُودِ فَصَارَ ثَمَّ ثلاثَةٌ … فَلِذَا نَفَينَا اثْنَينِ بالبُرْهَانِ
3151 – بَقِيَ الوُجُودُ فَلَا يُضَافُ إِليهِ شَيْ … ءٌ غَيْرُهُ فَيَصيرُ ذَا إمكانِ
فصلٌ في النوعِ الكاني منْ أنواعِ التَّوحيدِ لأهلِ الإلحادِ (1)
3152 – هَذَا وَثَانِيهَا فَتَوحِيدُ ابْنِ سَبْـ … ـعِينٍ وَشِيعَتِهِ أُولِي البُهْتَانِ


3145 – د، س، ط: “وكذاك”.
3146 – كذا في النسخ: “محدودًا” على أنه خبر “يكون”، وفي ط: “محدودٌ”، وحينئذ يكون “صنوان” خبر “يكون” على مذهب من يلزم المثنى الألف دائمًا. انظر حاشية البيت 959.

  • الصنو: المثل، وقد سبق. أي أن أصلهما واحد.
    3148 – المخانيث: جمع المِخناث، وهي المرأة اللينة المتكسرة في مشيتها.
    المعجم الوسيط 1/ 258، وكأنّ الناظم قصد هنا جمع المخنّث (ص).
  • حذف النون من الفعل المضارع المرفوع للضرورة. وقد سبق مثله غير مرّة. انظر مثلًا: الأبيات 614، 656، 1406، 2426 (ص).
  • ومراد الناظم أن هؤلاء الفلاسفة صرَّحوا بكفرهم دون تلبيس، فهم لم يترددوا بين الإيمان والكفر، بل انحازوا إلى الكفر صراحة.
    3151 – ط: “نفي الوجود”، وهو تصحيف.
    (1) س: “الاتحاد”.
    3152 – تقدمت ترجمة ابن سبعين في حاشية البيت 280.
    (3/692)

3153 – كُلِّ اتِّحَادِيٍّ خَبِيثٍ عِنْدَهُ … مَوْطُوؤُهُ مَعْبُودُهُ الحَقَّانِي
3154 – تَوْحِيدُهُمْ أنَّ الإلهَ هُوَ الوُجُو … دُ المطْلَقُ المبثُوثُ فِي الأَعْيَانِ
3155 – هُوَ عَيْنُهَا لَا غَيْرُهَا مَا ههُنَا … رَبٌّ وَعَبْدٌ كَيفَ يَفْتَرِقَانِ
3156 – لَكِنَّ وَهْمَ العَبدِ ثُمَّ خَيَالَهُ … فِي ذِي المظاهِرِ دَائِمًا يَلِجَانِ
3157 – فَلِذَاكَ حُكْمُهُمَا عَلَيْهِ نَافِذٌ … فَابْنُ الطَّبِيعَةِ ظاهِرُ النُّقْصَانِ
3158 – فَإذَا تَجَرَّدَ عَقْلُه عَنْ حِسِّهِ … وَخَيَالِهِ بَلْ ثَمَّ تَجْرِيدَانِ


3153 – انظر في الاتحادية حاشية البيت 265.

  • ح، ط: “معبوده موطوؤه”.
    3155 – ومن هذا قول ابن عربي في الفتوحات 1/ 42 عن الله تعالى: “إن خاطب عبده فهو المسمع السميع، وإن فعل ما أمر بفعله فهو المطاع المطيع، ولما حيرتني هذه الحقيقة أنشدت على حكم الطريقة الحليقة:
    الرب حق والعبد حق … يا ليت شعري من المكلف
    إن قلت عبد فذاك ميت … أو قلت رب أنى يكلف”
    ويقول ابن سبعين: “فلا موجود على الإطلاق ولا واحد على الحقيقة، إلا الله، إلا الحق، إلا الكل، إلا الهو الهو، إلا المنسوب إليه، إلا الجامع، إلا الأيس، إلا الأصل، إلا الواحد .. ” رسائل ابن سبعين، الرسالة الفقيرية، ص 12. وانظر ما سبق في البيت 265 وما بعده.
    3156 – يلجان: من الولوج وهو الدخول.
    3157 – أي أن حكم الوهم والخيال غالب على الإنسان فلذاك يرى هذا الوجود متكثرًا. فلا يصل إلى العرفان إلا إذا علم أن كل ما يراه من حوله خيال في خيال، فيطرحه ولا يلتفت إليه، وعندها يصل إلى حقيقة التوحيد عندهم. وفي هذا يقول ابن عربي: “فاعلم أنك خيال، وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا: خيال، فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه”. الفصوص 1/ 104.
    3158 – كذا في الأصلين. وفي غيرهما: “تجرد علمه”.
    (3/693)

3159 – تَجْرِيدُهُ عَنْ عَقْلِهِ أيْضًا فإنَّ م … العَقْلَ لَا يُدْنيهِ مِنْ ذَا الشَّانِ
3160 – بَلْ يَخْرِقُ الحُجُبَ الْكَثِيفَةَ كُلَّهَا … وَهْمًا وَحِسًّا ثُمَّ عَقْلًا وَاني
3161 – [فَالوَهْمُ مِنْهُ وَحِسُّهُ وَخَيَالُهُ … وَالعِلْمُ والمعْقُولُ فِي الأذْهَانِ
3162 – حُجُبٌ عَلَى ذَا الشَّانِ فاخْرِقْهَا وإلَّا م … كُنْتَ مَحْجُوبًا عَنِ العِرْفَانِ]3163 – هَذا وأكْثَفُهَا حِجَابُ الحِسِّ والْـ … ـمعْقُولِ ذَانِكَ صاحِبَا الفُرْقَانِ
3164 – فَهُنَاكَ صارَ مُوحِّدًا حَقًّا يَرَى … هَذَا الوُجُودَ حَقِيقَةَ الدَّيَّانِ
3165 – والشِّرْكُ عِنْدَهُمُ فَتَنْويع الوُجُو … دِ وَقَولُنَا إِنَّ الوُجُودَ اثْنَانِ
3166 – [وَاحْتَجَّ يَوْمًا بِالكِتَابِ عَلَيْهمُ … شَخْصٌ فَقَالُوا الشّرْكُ فِي القُرْآنِ
3167 – لَكِنَّمَا التَّوحِيدُ عِنْدَ القَائِليـ … ـنَ بِالِاتِّحَادِ فَهُمْ أُولُو العِرْفَانِ


3160 – أصله: “وانيًا” من الونى، وهو الضعف والفتور والكلال والإعياء. لسان العرب 15/ 415. وفي طع، طه: “عقلٌ”.
3162 – ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصلين.
3163 – د، س: ” وأعظمها”.

  • د، س، ح، ط: “صاحب”.
    3164 – “صار … يرى”: كذا في الأصلين وب، د، وهو مقتضى السياق بعد حذف البيتين: 3161، 3162. وفي غيرها: “صرت … ترى”.
    3165 – ظ، د، س: “فتقسيم”.
    3166 – يشير إلى مقولة العفيف التلمساني، وقد ذكرها شيخ الإسلام في (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)، وهي أن التلمساني لما قرئ عليه الفصوص، قيل له: القرآن يخالف قولكم. فقال: “القرآن كله شرك، وإنما التوحيد في كلامنا”. فقيل له: فإذا كان الوجود واحدًا فلمَ كانت الزوجة حلالًا، والأخت حرامًا؟ فقال: “الكل عندنا حلال، ولكن هؤلاء المحجوبون قالوا: حرام، فقلنا: حرام عليكم”. الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 229 – 230.
    (3/694)

3168 – رَبٌّ وَعَبْدٌ كَيفَ ذَاكَ وإِنَّمَا الْـ … ـمَوْجُودُ فَرْدٌ مَا لَهُ مِنْ ثَانِ]

فصلٌ في النَّوعِ الثالثِ مِن توحيدِ أهلِ الإلحادِ (1)
3169 – هَذَا وثَالِثُهَا هُوَ التَّوحِيدُ عِنْـ … ـدَ الجَهْمِ تَعْطِيلٌ بِلا إيمَانِ
3170 – نَفْيُ الصِّفَاتِ مَعَ العُلُوِّ كَذاكَ نَفْـ … ـيُ كَلَامِهِ بِالوَحْي وَالْقُرْآنِ
3171 – فَالعَرشُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيءٌ بَتَّةً … لَكِنَّهُ خِلْوٌ مِنَ الرَّحْمنِ
3172 – مَا فَوْقَهُ رَبٌّ يُطَاعُ وَلَا عَلَيْـ … ـهِ لِلوَرَى مِنْ خَالِقٍ رَحْمن
3173 – [بَلْ حَظُّ عرْشِ الربِّ عِنْدَ فَرِيقِهمْ … مِنْهُ كَحَظِّ الأَسْفَلِ التَّحْتَانِي]3174 – فَهُوَ المعَطَّلُ عَنْ نُعُوتِ كَمَالِهِ … وَعنِ الكَلَامِ وَعَنْ جَمِيعِ مَعَانِ
3175 – وَانْظرْ إِلَى مَا قَدْ حَكَينَا عَنهُ فِي … مَبْدا القَصيدِ حِكَايةَ التِّبْيَانِ
3176 – هَذَا هُوَ التَّوحيدُ عِنْدَ فَرِيقهِمْ … تِلْوَ الفُحولِ مُقَدَّمِي البُهتانِ


3168 – ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصلين.
(1) كذا في ف، ظ، د. وفي الأصل: “أهل الاتحاد”، وفي طت، طه: “من التوحيد لأهل الإلحاد”. وفي طع: “من أنواع التوحيد لأهل الإلحاد” وفي غيرها: “الإلحاد وغيره”.
3169 – سبقت ترجمته تحت البيت رقم (40)، وسبق الكلام على مذهب الجهمية هناك.
3170 – طت، طه: “نفس كلامه”، تحريف.
3171 – د، س: “خال من”.
3172 – د، س: “خالق ديان”.
3173 – لم يرد هذا البيت في الأصلين. وانظر: البيت 2678.
3175 – انظر البيت 40 وما بعده.
3176 – طه: “تلك الفحول”، تحريف.

  • د، س: “سبحانك اللهم ذا السبحان”.
    (3/695)

3177 – وَالشِّرْكُ عِنْدَهُمُ فإثْبَاتُ الصِّفَا … تِ لِربِّنَا ونِهَايةُ الكُفْرَانِ
3178 – [إِنْ كَانَ شِرْكًا ذَا وَكُلُّ الرُّسْلِ قَدْ … جَاؤوا بِهِ يَا خَيبةَ الإنْسَانِ]


فصلٌ في النَّوعِ الرَّابعِ مِنْ أنواعِهِ
3179 – هَذَا وَرَابِعُهَا فَتَوْحِيدٌ لَدَى … جَبْرِيِّهمْ هُوَ غَايَةُ العِرْفَانِ
3180 – العَبْدُ مَيْتٌ مَا لَهُ فِعْلٌ وَلَـ … ـكِنْ مَا تَرَى هُوَ فِعْلُ ذِي السُّلْطَانِ
3181 – واللَّهُ فَاعِلُ فِعْلِنا مِنْ طَاعَةٍ … وَمِن الفُسُوقِ وَسائِر العِصيَانِ
3182 – هِيَ فِعْلُ رَبِّ العَالَمِينَ حَقِيقَةً … لَيْسَتْ بِفِعْلٍ قَطُّ للإِنْسَانِ
3183 – فَالعَبْدُ مَيْتٌ وَهْوَ مَجْبُورٌ عَلَى … حَرَكاتِه كالجِسْم فِي الأكْفَانِ
3184 – وَهُوَ المَلُومُ عَلَى فِعَالِ إلهِهِ … فِيهِ وَدَاخِلُ جَاحِمِ النِّيرَانِ
3185 – يَا وَيْحَهُ المسْكِينُ مَظْلُومٌ يُرَى … فِي صُورَة العَبْدِ الظَّلُومِ الجَانِي
3186 – لَكِنْ نَقُولُ بأنَّهُ هُوَ ظَالِمٌ … فِي نَفسِهِ أَدَبًا مَعَ الرَّحْمنِ
3187 – هَذا هُوَ التَّوْحِيدُ عِنْدَ فَرِيقِهِمْ … مِنْ كُلِّ جَبْرِيٍّ خَبِيثٍ جَانِ


3178 – طت، طه: “شرك” خطأ.

  • لم يرد هذا البيت في الأصلين.
    3179 – انظر الكلام على الجبر والجبرية في التعليق على مقدمة المؤلف، ثم البيت 154 وما بعده، والبيت 2652 وما بعده.
    3183 – كذا في الأصلين، وفي غيرهما: “على أفعاله كالميت”.
    3186 – أي نسبة الظلم إليه إنما هو من باب المجاز لا على الحقيقة. مقالات الإسلاميين 1/ 338، الملل والنحل 1/ 87.
    3187 – ظ، س، ط: “جنان”.
    (3/696)

3188 – والكُلُّ عِنْدَ غُلَاتِهِمْ طَاعَاتُنا … مَا ثَمَّ فِي التحْقِيقِ مِنْ عِصْيَانِ
3189 – والشِّرْكُ عِنْدَهُمُ اعْتِقَادُكَ فَاعِلًا … غَيْرَ الإلهِ المالِكِ الدَّيَّانِ
3190 – فَانظُرْ إلَى التَّوحِيدِ عِنْد القَوْمِ مَا … فِيهِ مِنَ الإشْرَاكِ والكُفْرَانِ
3191 – مَا عِنْدَهُمْ واللهِ شَيءٌ غَيرُهُ … هَاتِيكَ كُتْبُهُمُ بِكُلِّ مَكَانِ
3192 – أَتَرى أبَا جَهْلٍ وَشِيعَتَهُ رَأوْا … مِنْ خَالِقٍ ثَانٍ لِذي الأكْوَانِ
3193 – أَمْ كُلُّهُمْ جَمْعًا أقَرُّوا أنَّهُ … هُوَ وَحْدَهُ الخَلَّاقُ للإِنْسَانِ
3194 – فإذَا ادَّعَيْتُمْ أنَّ هَذَا غَايَةُ التَّـ … ـوْحِيدِ صَارَ الشِّرْكُ ذَا بُطْلَانِ
3195 – [فالنَّاسُ كُلُّهُمُ أَقَرُّوا أنَّهُ … هُوَ وَحْدَهُ الخَلَّاقُ لَيْسَ اثْنَانِ
3196 – إلَّا المجُوسَ فإنَّهُمْ قَالُوا بأنَّ م … الشَّرَّ خَالِقُهُ إلهٌ ثَانِ]



3188 – انظر: البيت رقم (2658) وما بعده.
3192 – أبو جهل: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أشد الناس عداوة للنبي – صلى الله عليه وسلم – في صدر الإسلام. أحد سادات قريش في الجاهلية، كان يقال له “أبو الحكم” فسماه النبي “أبا جهل” فأصبحت كنية غالبة عليه، وكان يثير الناس على النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه، ولا يفتر عن إيذائهم والكيد لهم، حتى أهلكه الله تعالى في غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة. الأعلام 5/ 87.
3196 – المجوس: هم القائلون بالأصلين: النور والظلمة. انظر ما سبق في حاشية البيت 1649.

  • طع: “بأنَّ الشرك”، تحريف.
  • لم يرد البيتان في الأصلين.
    (3/697)

فصلٌ (1) في بيانِ (2) توحيدِ الأنبياءِ والمرسلينَ ومخالفتهِ لتوحيدِ الملاحدةِ والمعطلينَ
3197 – فَاسْمَع إذًا تَوْحِيدَ رُسْلِ اللهِ ثُمَّ م … اجْعَلْهُ دَاخِلَ كِفَّةِ الميزَانِ
3198 – مَعَ هَذِهِ الأَنْواعِ وَانْظُرْ أيُّهَا … أَوْفى لَدَى الميزَانِ بالرُّجْحَانِ
3199 – تَوْحِيدُهُمْ نَوْعَانِ قَوْليٌّ وَفِعْـ … ـلِيٌّ كِلَا نَوْعَيْهِ ذُو بُرْهَانِ


(1) عنوان الفصل ساقط من “س”.
(2) ساقطة من “طع”.
3198 – ط: “أيها أولى”.
3199 – الأصل في هذا التقسيم هو الاستقراء من نصوص الكتاب والسنة.
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: “وقد دلّ استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام … ” أضواء البيان 3/ 410.
ولا خلاف بين من قسم التوحيد إلى نوعين ومن قسمه إلى ثلاثة؛ لأن المعنى متوافق وكلٌ نظر في تقسيمه إلى اعتبار.
والناظم -رحمه الله تعالى- جعله هنا نوعين، وفصل فيهما، وضرب الأمثلة لكل نوع.
وهذا جدول يوضح التقسيم الذي ذكره:
|img src=’data:image/png;base64,iVBORw0KGgoAAAANSUhEUgAAA2UAAAJGCAMAAADs591NAAACnVBMVEUjHyAkICElIiMnIyQoJSYpJicqJygrKSotKisuKy0vLS4wLi8yMDEzMTI0MjQ1NDU2NTc4Njg5Nzk6ODo7Ojs8Ozw9PD0+PT4/PkBAP0FBQEJCQUNDQkREQ0VFRUZGRkhHR0lISEpJSUtKSkxLS01LTE1MTU5NTU9OTlBPT1FQUFJRUVNSUlRTU1VUVFZVVVdVVlhWV1lXWFpYWVtZWlxaWl1bW15bXF5cXV9dXmBeX2FfYGJgYWNgYmRhYmViY2ZjZGZkZWdlZmhlZ2lmZ2pnaGtoaWtpamxpa21qbG5rbG9sbXBtbnBtb3FucHJvcHNwcXRwcnRxc3VydHZzdHdzdXh0dnh1d3l2d3p3eHt3eXt4enx5en16e356fH97fX98foB9foF9f4J+gIJ/gYN/gYSAgoWBg4WChIaChIeDhYiEhoiFh4mFh4qGiIuHiYuIioyIio2Ji46KjI6LjY+LjZCMjpGNj5GOkJKOkJOPkZSQkpWRk5WRk5aSlJeTlZiUlpiVl5qXmZuYmp2anJ6bnaCdn6KeoaOgoqWipKajpailp6mmqKuoqq2prK6rrbCtr7GusLOwsrSytLaztbi1t7m3ubu4ury6vL67vcC9v8G/wcPAwsTCxMbExsjFx8nHycvIyszJy8zKy83KzM7Lzc/MztDNz9DOz9HP0NLP0dPQ0tPR09TS09XT1NbU1dfU1tfV19jW19nX2NrY2drZ2tvZ29za293b3N7c3d7d3t/e3+De4OHf4OHg4eLh4uPi4+Tj5OXk5ebl5ufm5+jn6Ojo6Ono6erp6uvq6+zr7Ozs7O3t7e7t7u/u7/Dv8PDw8fHx8vLy8/P09PT19fX29vb39/f4+Pj5+fn6+vr7+/v8/Pz9/f3+/v7///8d1mhbAAC5m0lEQVR42uydhWPTShzHI/V27mPCmGAb7m7D3d2dh7szd3fHHTZgyJh2wtzryeVveUlla7dOgA0G3Pc91iRN0jb5fe73u99d7hAKCgpqcIXASwAFBSmDgoKUQUFBQcqgoCBlUFCQMihK1VAP4FWAgpQNpnJPH6yDVwEKUjaI+rSJx4mGlwEKUjZ4Kp7EwjDXMCW8ElCQssHSBxMUY2G+XzRrCkgb1L9AGfkdu4KfP23NAgTDR8e2M8tAmvAc2g3UX0+ZVPk95CjSHqj6tysAEsLoGy1H2Oi0rHY1hK3+Xleb6VdJIwnNB+pvpQxQMde/I2ZT3R42Oxf0D8uMtbFGdyTTnFDPpxTznirIErMLJylF1Mnqn/oVgAKwbQBSNlQhU34cO1fW//3LJyDCICXRnJLdt9s7iG+s6L6ZIEHxGhybnce4RPl+DLOOJKmyDUvFP/MrVIRSAZ0hpGyo6v00bImk/7sXj0fxqwr5f2bX+owbX1ujTundtiozSijCj42xZmbTWIBwU2xlDdW6Hllc9BM/oiQyLTS8kIAGCCkbmiqdhfq86//u8nmoWRjRYsa52ydliSaoa0a3iPPB1PXJjffYGIoufEuvP3XB9yqpahEy8Xm3iE+SWdK/KBBEmrtzbDYWQwOElA1NKTZgrln93115ijU8i3ooZPdNmdgZcelKGVm5k4eNzHg0Bscx9tyHFPXM2SSCpKpNkEVfu6YvwYtpG/sVywLlZRaCYqxn0AAhZUNTkvno91BGRXGHpVBhrH5Q1j68O2WgagcHn1akOMXHMAw9Vk+l2ZglUqB9BeKY1DXgK9zH92rvX63sOhdnWZyHnbYgZUNUykMs18zvosw8ggzH+0EZcaY7ZRRVF3kkFwDps/PTaW+2uiLFxiyB3vUsggR1PeGzqeiwQn2YCAVFGU8lfg0Pz0mvgfYHKRuaAlQszyXze3bns68rInD2rb7T/wGoS5oxJgDJBIcPp3Mw8+AIC8skmrLzKBrclTLxGaHlS/31mJAHhbUtxnMcqjYSZvIhZUOBKKDmpItieBaRZD/w0irfBt357b4A21LV4771yTGvmdd7iFksaeRM6v+A4uFyNjbGBx/xld6YxEW6UVZ4UGD1pvOw5ztMecOX7f4v4rGi6/cCJPXhdhE0P0jZ7xdJUu/8irpFXFE89hVlvyGj2u2Qqa8bzJB5umCuOvJ6ld77JCXzc7ZYJqUX77tyI4zw+6VW+x1ejkBRBBnF1L1eCbpTVnXV1KzTyzYfYyOMcNOpp2PevWtQ9/UCALTGPGUoi7KMgIl8SNkQcGXSiLE87+iuxphqxjra3BXIbgeXP9VuI67i/Dj5ZmS+hjKyaIWQOytHD93WI3wMtWykl9pmGaEMpHoc0lJGprkjCLqNQfylAAnpShnIGsYP7jjxl8UOiyZgDGcYR2RpOSGEaYUG1PsNllb+BCWbi+6CyQ9I2RDwZY1bcJRzRNHFmUlcWZf0YzDa2D/Et3Q5tni7XWyRhphyES9G9Z+OMlUYiqK8m517KgJZCIpYln0upyQzOSFKtR9UqQ9VSunF1s2o6yftvrJDNGUhzA40ZTf0HCqpLgrS7NHVTCq/vbxICYi4+JZULr0/gmIYitmHMlACuR/tDsc2UG3DkDViaH+Qst9PmSxhmWBHIx1qAf04sM0F21JObwPq+g1VEJGVs8okmNSvypGf9vAx3qpHKpKOOhM4vFjFVh1lDbNo78I50+GyyBQHmgSUvXxBIpDMxKY/IumTlkS+BoAsDfWvpoB4BWaRqN1ZukVH2XMecq0Tf5AflUs2pp01xcelt4EHVxaMzaGaH6fcWYwiGI5hGNcR2632XKB2Gv3xFlezo6yR2e+g/UHKhkC9jHh7u5g25W8ac1Y8ymcWap3Qya+YhZfqtPshE59JXGyDXBsfltAVLFB3nI/T1r04l15uWodwYpUHdZSVmDAx3FZ5hyf0FzKUsZAx9ynpcpS1NKqFqrlmeaqgMGOfSHDlQ2H+eswsUuu20umIETnErLyxQ4I6Hw2oPmjuG3xlmAjDWRPuhE5hoeiasOuTbVko81kiT8+lkWczNYFvpZt600hrFjoLUgYpGxqgMZmGd0uPZRbKqdyQMcuLqcbcGzxUsCVZnHp7oktEdEygBUIHZKwD2hjy2bi94dHRB01pcBCUPepUwOVVQswySbFYR1m5Ex3AYRs7KKOKDuAYjeTwy4VAcRnH2FZrjs21wMxHjRrGxTCh56iRZqgwgPkakqwLrjjNiA+z0njEKaWzwphnirJMBBiK4ChLaEKfD+OYCln097JduP9eypcvYnmbphIn3cNmwkeU/g7Ipkpof5CyoaK63RiLPzE80ZyD4ltTT4mY1B3OX2bNxnAul8tRJ/JM4rWe6QjCbGQxuUDaReEsDos26XkfqAu6HKP0II7jrIOddSrwlIeyRNYpCjpUzKZdIB3jqQ9mDsc0Sw4PGK/1djZLvabOMbZdWFqq6vBlqSwmMOS6TTCj0cIwFpuNq1+tQ6UKlX67WOtKLv3xOA0ZbhOkgvYHKRsqKtvBpW0YRRkHQP/BmbwdhjMejDZkHNdY/iuNKUvHoTgTK9J4oAwm9N4YahksoUK4R2o13vHZdgece1EvlfiSP2JX6ge6nkeC90ut1Fy5jLej/4p8FwiZNeF+NQ8f5yNqePcwblMRH9jY2cbw9tCMiZM33M5rvr9h8rIN645duLBrte/qZYfjJXRF0SBr2eq3yRZje61cvzW1HbZKQ8p+s2gTJrRmmD5MjRcNjjpbh7kvETDLXAcWs3XE5gluaxJ0R/mrsw2Oq5fy1EcgKCYYfrKFoj7MzdHGoFTDNox7Rc/0W4+k6XofEt9Cds1yGe6bUhA5223DtZqqq74u3uuuafiUXOXRsZ7lDE3DM2HgieQVJWWtzNdtFje2ttInlzfXtzQSRn4VaFyNuac3tbZD44OU/X7KPkbr2pPqD7FNxyycsu7srVvH182acyj7Y+D2jRu3+qUFHFy/6Xx25cuc0o6u8B9EqHDyf8mlXwM3Txu9/Nqty+cisksZRJ43as9bEjwKG5FgEJLqtRW01b7PzvmqoCTvc8qbKND4NfuZuEnL59eQI7tuxucp+nrI+eWzhymVPZUdbVmT8P0yaHmQsqEgImC4rpWKiuEvKquprG+TSlvrv31rBqSssb6+QQZoh9HQrg7JOlxTvgjd8olxJrKGqvJaiVTSrtJ2atJ4EvB8mwmO3pF0cZud6RbmT7NSLNYcQ+q9CyhFS5OUBFQfkBGLHOytz/bQsUMeYcdhhVAwWISUDQVVrN3coGVHESA4piLJ4uL81819RJllE9Hxj3vqhpu38PDJ2Tw6+BxR0MtJSEnSjJn23skyMmdz9A+M7UEkCRAMtW/tur01JTExMW6BCOfPhk9vQsqGhormr6vXUEakuJllUFTpKFcHy0uq3rwAqN7Mwo609bTLZyFdm8NxzCG2V1eSZcvkF5eJxe4I6/L3j73YPplpf/PpNmhCo4M6b4my9pVTsDs+pGxIqHjh8JC86m9lZa+i5nHWNFHNF2gnhDi39HxEVUH2RQvMNIToyYTlV71pT8abGt7Uq0O878E2cRJda82hsbjy/ZSpktdv2revO8iqy7YIiuDO657AUXUgZUPFly1AzcZv3TZt2lgrFi+Pol6MY/LoI9p6YkOSv3ryCBMMW9Lzs5Fka+YitvWO/N5T6KAtefmVtNWPqboEc/PsH/nqld8aG+Xdz1sf58VFJ0WLFbAvPqRsiEi8EsMxFhtDWTh7fB1dOctb4j1vdlZP+T0ixpOFYzhnbH4vNSZSKc5418r0bey1cqdqlqqaFQSQPnwo/ZGvbvz8JKksy0qtUwIC+jJI2RCRKnWkupUMwy1va1L6ZDvVixeoD3MUmbtGVcN7CgUp669AVdASb0cHR59lkY39Sny3RAVHPpfCWwoFKfsOzGRfH6Ykpzwukve3dQkm7qAgZVBQkDIoKChIGRQUpAwKCgpSBgUFKYOCgpT9vVLJYUsAFKRsUCVJDCiAVwEKUjaYyh6DXoY9R6AgZYMnQF5kYY5wsF8oSNlgUnYGRUUl8EJAQcoGkzIEMYGUQUHKBpEy+RYEEZXCCwEFKRs8NTpCyqAgZYOrBnNIGRSkDFIGBSmDlEFBQcogZVCQst9NmQlslYb65ygD6oHtmXHpNf14gXqDsR01MrLSy8l1+2hemiwRRPDyx4cOac3TzAGjlFBUxceGD1W6tQ+lpYX1r1+97FBe3suH6TnPX756nhj37MWLjyo4Xgmk7DeKpEhaAJCaBXqRIEjjUqlI+j2VSqlQKBX0C/1qKJmkywZ5a3NzU2NdXVNTHaMnIgRBLtUZ0bca7UJZdjKtFPGDtIyUZENlf7rjGKFeCrwelbTK66DrpuTktKcpUbdih8+eO+WAObdTNhZcDofDLHHY9B/PQjieN6Ts10qW+632TcurZxo9TKf/ZOY8e5aVmEQrIfVxcoJ6qYsSk8KjkmLiEsLCQwICQ4LCI4JDArro2ukuG+7uXLlqyfxxPstWjPPx8Rlnz8x1ZuvTXd5eY8dpljz46gkJPXgorp2rk5mJEGHmSeM6IKh2k3qLZjpBE/X8afT/KKY7gNkb0053iKnn5MR2FkHIIGW/TpKsmMAJh0543/R01WiYNf3H2sHV1UZkQktk4WyuXugmU5xtyhOI1HPVoihLO+HtIAvDEYYS9WyEGIroUaZb6ABL/zDtGopqt7MjoRlCyn5dNSxjio05zhdgJr8Ekp8Wilm4cVHccRjuZYkKPL29vUc7eNPOz9tnwuQJU8bNn0pv8Z67bAPtCmfuWL/Qd5zP2LHzN67eNG38lh1rV83feXjHrnlmCIKHQTOElP0yqe6ymeiqT2F66lxTzyatWeq6wMJxnI2z2L2JM8xEu8T1nG1rZe7uPNlj2txeNW9h8JP985elJK1/H7zs2ofq6mpxclU1o5qamtrqulpmsa6hif5b29xU36BebWpsqq1pbm5srG9ubW4p2wIpg5T9UhFBQjp+sp82e5YRzfFdPn/TullrVs9at1ejfdu3792zQbe2//KVfZqlw37H92iWLl9SbzoUdfvm1ZzgpOe96Vnlx2eapVcNZEHR1/pvRBPoS5Qm5wl+eFjj1p2QMkjZr6UsWIigkzNqm4ypWSJtIWUNSkWjoiMFSZu2Ut7PaPR7IldSMzvuL/jJrTsgZZCyX1svi7ZGsJ2SHz26+6KuQUwHzneea/AxA5JzKKQMUvZLfVmgAMH2Kv6ly6+MYEPKIGW/NPvhx/3HKANte2DECCmDlA1yvQxmPyBlv7hkj7KGlEFBygZVZLAIUgYFKRtcX5Yw7F+rl7XugpRByn6tckb/c74MUgYp+8URY5g5+o/5MnkAF7GPhWYIKft1Npc6HP/HKCM/+HpEVcEnXyBlvzBiHIWzjv1blEnfPZYBEtohpOyXqWIx5pAJ7wkUpGwwi/bMQzEyeE+gIGWDCBkB7wcUpAwKCgpSBgUFKYOCgpRBQUFByqCgIGVQUFCQMigoSBkUFKQMagAFKIqAvYUhZYNpYuTnFvBv2xgJPodnQzuElA2i2s4m/uu+DPibz3kKDRFSNngmluC8SmW4SZoZXvJP3QHJZIS9p8ZgU3ao/x6/GhhHQsoGRMobLOtmw00PRuNblf9Qt2HQ6o0ID1brIyWejrMw4SNonJCyARERbGrXYrjpxVLuevm/dAcUe/CN1QZbCtdwJyw9Vw19GaRsYJThbtWFMvDqXOG/dQuCWQe6PB+eczKtqgFCBikbIBXPs+xCGaVq/sfs69nsPYZ1U6BskkPGIGUDJvnGbpQBlfLfugXK067JhiN/kLAJDVI2gHo5gZPQZVP+xcNPVP/SLSBO4/4G6R6geBiUWkHCMXcgZQMUMS5gh3dJBlznoBPe/Eu3AMQKAg0pezgCFd1og+4MUjZAEeNWDWWAqi7QWNWHBTgm8PunRgB5LQo09Fv+PBSdVQIpg5QNjGSb2RFqyt5sn3X8VJKMAgkiDMMPtvxL9yDXcm9dJ1IkAGfZCGIG+4NAygaMMtZlxsBKV+AozrK63g7ieBiGTXv9L90Dsc8WbeMY8SH9EUnKVqIoInoMjRNSNkCUbcUXF9GvWRwUQTBsaxNIdcQQbMqrf+kelPr4qyNGkqrbiVh+IFV7WSgigH0/IGUDJMU23CKGqZoMRxAE5QQrqBY/Mwxf8PFfugdl4zQ5RgJ8mISiS+VUggWCcPwk0DohZT8rednnz59zZqGs9YUVn9O81JSdzP38MdASR/f9M/UySeG3ggwnbSa/4QgPRZ0zPz93RlD8ZCu0TkjZj4gkgbaGT744OcrFxcWea4lwZ3i72LPYXlN5qNDJxcUCw8Ym/c35NaC9CIBsfbB/uet4NwfzMCZiBFSJM4YhuJ2LMwdHZ3yEOUZI2Q9JKdGZToo5xtTEWIsfTOVgGMYyO1LVesUURxBcZLen/O82MO2vA5KL5hh9FXD+xSbNBlWcEKN9Oo5zrZemwe4fkLIfUkOsbkK8cicEMxs1evLGPPDs8Ly5c9fEN1KgLcp3ztzNYa9J6m/u9lD3RPfkWLobyh4+e/qsrWIdfhX/TeOzPOfOu5LYTkHIIGU/pESXJK05RfER1DMpJ7eGrpBIxGVlmqcY5eLisoa/+3oDZcSiXM2i+BQHF9wu+vT1W+e7Da/dbFPKxLBzFaTshwOlACvtg1SKYywE4e0WG6+w/NVqXDr7iyZ6DnPBcLbvY4NUYkucywaYW4SU/YwCrJrVtRISlK9gIxgn+B+84DUT530FFACAagoyx3DW/FdAV1kDQBlktbcBGiWk7CekOMq92ghIEtAV+4YgDupY8A9e8NoJs16oaMhIAJr9LXGrGFLjxRnVZvmgkQBWyCBlPyH5fpx/Iv1JTs6jjIwz4zHzSPKfpMxsSdLLb9+q32bErhHgC0rUVJENmQ/fZ21wYo/Mh2kPSNnPiPC3RvnDfDy9xjo5cQQTAuv+xQteOxNF7Sdt2rR5hpMNS7AmRfso3Su30bOHo9wFSXJok5Cyn8l+kOWpzohW4wI//5O1fCAPN0UwFMEwBDEbe16se8Sn6agXH3Hb8wlCBin7Scoo8nPYmhUrVqw8mdqi+jfrHyTRnrXS3ISW49aUJoUuq0oCee2TzG8yCubwIWUDUz2rKw+PkP3D17z1w9s3T18V5VdCpCBlg+TRQNLurY5mEcS/fNVBa2J0+MhjldD+IGWDI8l0BEWQWf+yM6Nag9wszZGJL6D9QcoGpxhXXOfZTJ2e9k/nq2UJPqiZ5ZoyaH+QskGKGFW5n5XKf7tRCJAlDz59LYQtY5Cyn7clCrawQkENKmXMsJ0wiwYFNZiUAWlIqhReYSion6es58dVUoUz3lIUAf0ZFKTsJ6V6+6SHd64h9ung/n858CpDQcp+Li58P/9qD29dR4Znkqds434W4wYC3ieof4kyoPdXLSLe6UIPMWMA5lsA7rrHGzlLf3OPoC4pK/FwlhLeKKh/hzJQER8TcjZMrzu96jbnUg87vxVdklJfdsQYOY2qn4MNqkLsXRxYm77BFgGof4eyxiBbPo/jWa7ny2LsL/bAQJFofRl4sTTcyFupaxT9+jwi1IItFB2o7xlDabsK3kWov4qy1lQvM/dZO5mxKUigqS4pN5ztYX7WQtGcD+AU2687BqoTFv2cb6Il9OLzt7U9pSlBQ+iK6cHPYUAJ9XfVy5IjMorLGb7A4+hCxiERfrPuG99XbD8vH9wwNTYZWYR5TL/qZvROTA+SHtMfr0Qoik1+De8j1N9EmSbzwVi9dK7NerV5J1qFdX1f87dhwryP1Mt5t4wwEmMWYBBbpn42lhZhxnqieh0+7rUQRVHejsJOskOjamC/Lqg/nTKiRdNxqtUWYS96TS8mWOnVvDpmQ6YXmueOe0E1bLpuhLIo/uQPnWvp82xnxnzW4NRBCLOqHt9J0d4N9I4IMoOPYgjCD9XGjKDxuLldKGwHh/rDKatcPivkE8MNGexjiq1oAFSCpQFlz8P3xqS8rKO9UPtej/tUw0ZjlBU7umR2rBRMQDGUbb7gQNqrshK5rhZHtr9+xSw3LIzu5ptAdVYKMyIvcYrnY44gyLBcXVbFGcN21EJfBvUnUwZAPAtFtjRrorOzIjSbjtocg0FHtNeSxcxEhliF0yvKqNk5VMvBO0bmVZC6aihjRiGkkhbNXOPBoo/CzOZO84tr1PrMBFc7pttIDn646xOfQB4gRO/Szq59PsrDmfkbtIPOtV1go6hLKqQM6o+mTLGFDtFctJn8LwvxLJoYzw3Kjljv8VSUoYx9lzH7ou1ZFBFzoqb7eT7Z2iaoF2QECVrFZQ2RNrrRrZZpx/X+sghF1tMnfmayrLCbK5yHot4VFPWRrz1oSZt6+8f59KfzImDECPVHR4zVPnaXZ4guaQY0q9+ExdExpPtYdXtW3bMq2r/dNmMGHNAk6l+szqLIeKdMfd8ip+NHUnyCzTtVTa+knU1QvykNskAQ0Zixky/tTte2pGUKUWRsHU2UycTnXVlPM8MwwfX3efswLWWumha1qi30Z3PCYY8sqD/al6XZjazL8BzTUvfu6/OMkw5YGAWK3cwCKyoqM+fa7i6pq8x2oytZmCimvLzyxbxxTygQL9SP4EqObUp7lLiIj6L2gY/u+zlzLe88vn9x61IzrsfCiOrqGkmLFhEihotigvlbt07Bt3Z1hvIjKE2TwM6Ow5u2d/lMZ6cpKRr3BdKnmaAemX9uxFj7ohJmSKEvS7URXrju9Lhur8ACp2niZFFAOR8RODg4ilAMs5s5gY0JzExxlGNv7yRA53+kKbPJ6LQbkCJEMRzD2PPN6d0xlCGSeeE5nCpXj5/fIclBFobjKI2TKLBrBCg/zlLHpbjV7jZAEt++STraD5pj2KtK/9iIUXKVu14OKfvnKcsfQdu3Y1kFXQFCUc74Q0wvkOOo2uYtLZhEBDrOPypi7WhmC+Zyq4YiE68369nNq02uOG4xeW9N+GRzFHddsGQchlp6L770sKVLYxn5eI0rG+OOGDd+z9duHvXFtqkC3Hny1oRWADozL0z2vzHS9M6f2+WqdDEizIHx7j8fMSoPOwkmBrQ3Bc12XXr0fLZ6lvX0bZ4jRnisDgla6T5i1oEcElDirPnu7iPGx9WTgHzzRB8eojLh5NGgV/Wk5FXg0ZMJReLHJ44GPygxMm6cqjjeSbA35fGzb91dE1n3dqxJ8Ota/U3q2YqkIdbuz//cu1G8AMEWwefL/3nKyMpnCZ9bSbK94E1Zc6vGayiq3+XlvSuXy8rzcgsbCECjBYrz8vI+KphFpcIwBFI2N0sBRQeH0qZmJjfZ0iQzGiOR1BOXRZWEfhu0nh4P96413J0+iTTv0jCO3x/cq7FkMYKMh7ME/vMRI9XjiDnMxGTfWSFijjAeHzH9Pmq3mxb18Pmgbgt+05DdtKj7+ceHcTjT/mRX8H4SikyElEHKepS8suU7MSObPn9Ojswz+hYgxCcFTs3GAASA/HhW6GZIYNspG7Y5wnK4XvUHJw9AGh9SBinrTa9WX3lJfJeJgzAPDyF+pjtiDRRV/3gPT2DkmZmW8srKvISJfFGi4UeBopgD02ccSmqj/uDkAcgwxVBIGaSsZ8cUhQhuqL7PkfhxueZW17ptztsVFLxzIt/yv4ruh2RuWL16pj1qd6ah60cp697m1v/hT3S+n4JCyiBlvVCWMGrxi++sl1XcuJH1oKYbmbVLRSIcdY0zNo95Q4wHirAWJzaRf2M3qo/ToS+DlPUmor5C8Z1gApXK6HiNjYlH1gW9M4oRICuyjoUoSIL8CxtvQZoA1ssgZVCDqzQe9GWQMqjB9WUZZrBeBimDGlx9mIrAiBFSBjWoKl4IKYOUQUHKoCBlf7a+zoM5RkgZ1ODqgRPMfkDKoAZXMJMPKYNSi2T6K2vbxJkF5hkBQFKANBhK0riY/Xo+M0jjocgkmXpkL0ABY6Mvd9tGagaHJQGpFtA8G0F/R826QqkiCJIkFHKCVMhkcoVMQdCvjBRKmVYKuea1ItY/4FWyX1ZD7bt3wQH90+kN69b2V+vWHc6FlEH1LaBmTGfrtFHTNqxUkiqC/k8nonPRULJ2hbK9rUc1xvAQ1D1dXF1YWl9XKG6tKy0o+FopLtDT84yP+qsFr6Mz39EvOZEZ76MjIyOj0goKYqPioiLjUiKZ1fCdx8+HhEZGhqzzDQnbNnXqwu1T1odsmsJo6sYzs6dotG6Z5nWMEMWczFGbsd7OzmwUVT8Cr/mje0XVy1qp1zR79U8oyj9XDyn7lyVVEtLWxsrGuqrG1uZvVT2psurJ26oqcYF6peJdwaPkqncxoelRSZHpUWFaxSWFGZffpeCQS+fOG9e580dcmXEeLOduGDNtzy7vuWd2zvDyGrVirpeeHEzc9Ve9hmGmrl5entaI2Qi1IYs8PXGMRRu0QJ8HHSNaItAuuCA6UlBmpGbNMjMaixYs9XFapBBMvYgiurfUw7ao30G0e+idr4voXUdkAUjZX+uByIaCjLDQXhR84ab/xRP71u3btm7P0YMb1/WsybPWrVu9SL24Zu6SicPXzbMRelq5WnpZCIQa2bnolrqIjfAFyK8SimPqgfQYEHCctntcPV4RjQDOwIFo8GGkBoVZw7Uj7zGwMeuYlr0OOmlSkA7KtFuQDspwEXOMOcLGcHtPjYbzPbRLnrbMvrwYElL211ImW+PlaGrSi0QcnpDLov0AbYkstVEiPZTHGnWU+Oo12qBRlm5wSATHkKGgDg+F6Lkl9YZxvjzDPVe57R+O4ELm3ZGHjxweofuxM48fOXI8JDjgxuEjxwLD6ZVDdyMj794Mv3on/AYdkQYc9I+MjDgTHBkZToelkXGpkREhcdmRcVHRT7UR7YeUjuD2YaAzgnCjIWV/r3JNOkpuXaijW9aW5ywNMThK/4/idHGuLacxtNNqMfU+moXuwmk+1QtsDpvNZrGYv0bF4fGZv1zmPz7HzIzLMxOJuCbm5uZm5jzzrhpuZeOsv24/0sJjyZpVi1bOXzHdceGaHrV2zYHT9Mu6XXv8Q26uXbtmzfprKVnXL2VmZ2d/rX2Yraes+y35ig/ZOc9y6JXPCoUsP0v7TrlSoVASdD1T/UKvKFQkqWKqoAS9QBLMKqlk0iuEOvdCL5CUJgujq7d2lnTyxSik7K9WlkBDjLa6gWqDKGYLKkIR3NQcF5qZ8C34LBMLCydncwSnXxk5zLay0Mned/266fPXeQ2fut6YNu3Zupd53XD64tkLF/Ydutij/IMvXLx42e+G//U7ITcePPUPfpqSci/93btXj18GvXxnqLyyLwUl+uuFVR+/qefDUVGSsj/pyXD5IkjZ361vlggicnF1dVs+buXS3bt37Zwzd8eu3bu3zty5a0/I/t2nwqIOBEaE+Uf7nQuLjk5Jjdp7NCRarcSPsdE6JVW0NueXtDzIzGs1pjZZu6KlpaVVM2e2ss+n7bQFPTAo9PuVHFDnOEnjuX5IGaTsdymBiyDL0nNy7he9KC6sr