عطاءات العلمكتب ابن القيمكتب ابن القيم- شاملة - txt

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح_3

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح_3

http://www.shamela.ws تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
  الكتاب: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 – 751)
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي – علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ – 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

وأما أصل الثواب والعقاب: فهل يعلم بالعقل مع السمع، أو لا يُعْلم إلا بالسمع وحده؟ ففيه قولان لِنظَّار المسلمين من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم.
والصحيح أن العقل دلّ على المعاد والثواب والعقاب إجمالًا، وأما تفصيله فلا يُعْلَم إلا بالسمع، ودوام الثواب والعقاب مما لا يدلّ عليه العقل (1) بمجرده، وإنما عُلِم (2) بالسمع، وقد دلّ السمع دلالة قاطعة على دوام ثواب المطيعين، وأما عقاب العصاة فقد دلّ السمع أيضًا دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحِّدين، وأما دوامه وانقطاعه في حق الكفار، فهذا مُعْتَرَك النِّزَال، فمن كان السمع من جانبه فهو أسعد بالصواب (3). وباللَّه التوفيق.

فصل
ونحن نذكر الفرق بين دوام الجنة والنار شرعًا وعقلًا، وذلك يظهر من وجوه:
أحدها: أن اللَّه سبحانه وتعالى أخبر ببقاء نعيم أهل الجنة ودوامه، وأنه لا نفاد له ولا انقطاع، وأنه غير مجذوذ. وأما النار فلم يخبر عنها بأكثر من خلود أهلها فيها، وعدم خروجهم منها، وأنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، وأنها موصدة عليهم، وأنهم كلما أرادوا أن يخرجوا منها
__________
(1) ليس في “أ”.
(2) في نسخةٍ على حاشية “أ”: “يُعْلَم”.
(3) في “ج”: “بالجواب”.

(2/752)


أعيدوا فيها، وأن عذابها لازم لهم، وأنه مقيم عليهم لا يفتر عنهم، والفرق بين الخبرين ظاهر.
الوجه الثاني: أن النار قد أخبر سبحانه وتعالى في ثلاث آيات عنها بما يدلّ على عدم أبديتها.
الأولى: قوله سبحانه وتعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 128].
الثانية: قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107].
الثالثة: قوله: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)} [النبأ: 23].
ولولا الأدلة القَطْعِية الدالة على أبدِيَّة الجنة ودوامها لكان حكم الاستثناء في الموضعين واحدًا، كيف وفي الآيتين من السياق ما يفرق بين الاستثناءين، فإنَّه قال في أهل النار: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}، فعلمنا أنَّه سبحانه وتعالى يريد أن يفعل فعلاً لم يخبرنا به، وقال في أهل الجنة: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)} [هود: 108] فعلمنا أن هذا العطاء والنعيم غير مقطوع عنهم أبدًا. فالعذاب مؤقَّت مُعلَّق، والنعيم ليس بمؤقت ولا معلق.
الوجه الثالث: أنَّه قد ثبت أن الجنة يدخلها من لم يعمل خيرًا قط من المُعَذَّبين الذين يخرجهم اللَّه من النار، وأما النار فلا يدخلها من لم يعمل سوءًا قط، ولا يعذب بها إلا من عصاه.
الوجه الرابع: أنَّه قد ثبت أن اللَّه سبحانه ينشئ للجنة خلقًا آخر يوم

(2/753)


القيامة يسكنهم إياها، ولا يفعل ذلك بالنار، وأما الحديث الذي ورد في “صحيح البخاري” (1) في قوله: “وأما النار فينشئ اللَّه لها خلقًا آخرين” فغلط وقع من بعض الرواة (2) ، انقلب عليه الحديث، وإنما هو
__________
(1) (7449 – فتح) كتاب التوحيد (25)، باب: ما جاء في قول اللَّه تعالى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} ولفظه: “. . . وأنَّهُ ينشئ للنَّارِ من يشاء فيلقون فيها. . حتَّى يضع فيها قدمه فتمتلئ. . . “.
(2) وبيان ذلك باختصار:
أنَّ الحديث يرويه يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الأعرج عن أبي هريرة كما تقدم عند البخاري.
– ورواهُ شعيب بن أبي حمزة وورقاء وابن عيينة وابن أبي الزناد كلهم عن أبي الزناد عن الأعرج به.
وفيه ” .. وأمَّا النَّار فلا تمتلئ، فيضع قدمه” لفظ شعيب وورقاء.
أخرجه مسلم (2846)، والنسائي في الكبرى (7740)، والحميدي (1136)، وأبو يعلى (6290) وغيرهم.
وقد رواهُ جماعة عن أبي هريرة: “أنَّ الجنَّة ينشئ اللَّه لها خلقًا، وأمَّا النار فيضع قدمه عليها”.
– منهم “همام بن منبِّه، ومحمد بن سيرين، وعبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، وزياد مولى بني مخزوم، وعمار بن أبي عمار، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -لكنَّه مختصر-، وعون بن عبد اللَّه بن عتبة -إنْ كان محفوظًا-، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة”.
أخرجه البخاري (4849 و 4850)، ومسلم (2846)، وابن خزيمة في التوحيد رقم (121 – 123، 131، 132, 137)، وأحمد (2/ 450)، والآجري في الشريعة (920) وغيرهم. =

(2/754)


ما ساقه البخاري في الباب نفسه: “وأما الجنة فينشئ اللَّه لها خلقًا آخرين” وذكره البخاري رحمه اللَّه مُبَيِّنًا أن الحديث انقلب لفظه على من رواه بخلاف هذا، فذكر هذا وهذا (1) ، والمقصود أنَّه لا تقاس النار بالجنة في التأبيد مع هذه الفروق. يوضِّحه:
الوجه الخامس: أن الجنة من موجب رحمته ورضاه، والنار من غضبه وسخطه، ورحمته سبحانه تغلب غضبه وتسبقه، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: “لما خلق (2) اللَّه الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش إنَّ رحمتي تغلب غضبي” (3) ، وإذا كان رضاه قد سبق غضبه، وهو
__________
= وقد ورد عن غير واحدٍ من الصحابة، منهم:
1 – أنس بن مالك عند البخاري (7384 – فتح”.
2 – وأبو سعيد الخدري عند أحمد (3/ 13)، وابن خزيمة (134) وغيرهما.
3 – أُبي بن كعب عند الدَّارقطني في الصفات رقم (5) ولا يثبت.
وهذا يدلُّ على الغلط في تلك الرواية كما قال المؤلِّف.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: “وقد قال جماعة من الأئمة: إنَّ هذا الموضع مقلوب”، ثُمَّ نقل كلام ابن القيم والبلقيني.
(1) لم يذكر البخاري في كتاب التوحيد مع الحديث المتقدم هذا الحديث “وأمَّا الجنَّة فينشئ اللَّه لها. . . “، وإنَّما ذكره البخاري في كتاب التفسير/ سورة “ق”، باب “وتقول هل من مزيد” (8/ 594 – 595 – الفتح)، فأسند حديث همام وابن سيرين عن أبي هريرة، وأسند حديث أنس فقط.
(2) في “ب، ج، د، هـ” ونسخةٍ على حاشية “أ” “قضى”، وكلاهما في البخاري ومسلم.
(3) أخرجه البخاري (6969)، ومسلم (4751).

(2/755)


يغلبه، كان التسوية بين ما هو من موجب رضاه، وما هو من موجب غضبه = ممتنعًا. يوضحه:
الوجه السادس: أن ما كان بالرحمة وللرحمة، فهو مقصود لذاته قصد الغايات، وما كان من موجب الغضب والسخط، فهو مقصود لغيره قصد الوسائل، فهو مسبوق ومغلوب مراد لغيره، وما كان بالرحمة فغالب سابق مراد لنفسه. يوضحه:
الوجه السابع: وهو أنَّه سبحانه قال للجنة: “أنت رحمتي أرحم بكِ من أشاء” وقال للنار: “أنت عذابي أُعذِّبُ بك من أشاء” (1) ، وعذابه مفعول منفصل، وهو ناشئٌ عن غضبه، ورحمته ها هنا: هي الجنة، وهي رحمة مخلوقة ناشئة عن الرحمة التي هي صفة الرحمن، فها هُنا أربعة أمور: رحمة هي وصْفُهُ سبحانه، وثواب منفصل هو ناشئٌ عن رحمته، وغضب يقوم به سبحانه، وعقاب منفصل ينشأ عنه. فإذا غلبت صفة الرحمة صفة الغضب، فلأنْ يغلب ما كان بالرحمة لما كان بالغضب أولى وأحرى، فلا تقاوِم النارُ التي نشأت عن الغضب الجنةَ التي نشأت عن الرحمة. يوضحه:
الوجه الثامن: أن النار خلقت تخويفًا للمؤمنين، وتطهيرًا للخطَّائين المجرمين (2) ، فهي طُهْرة من الخبث الَّذي اكتسبته النفس في
__________
(1) تقدم من حديث أبي هريرة قريبًا.
(2) قوله “للخطَّائين المجرمين” في “ب، ج” ونسخةٍ على حاشية “د” “للخاطئين والمجرمين”، ووقع في “د” “للخطَّائين والمجرمين”.

(2/756)


هذا العالم، فإنْ تطهَّر ها هنا بالتوبة النصوح، والحسنات الماحية، والمصائب المكفِّرة لم تحتج إلى تطهير هناك، وقيل لها مع جملة الطَّيبين: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]. وإنْ لم تتطهر في هذه الدَّار، ووافقت الدَّار الأخرى بِدَرَنِهَا ونجاستها وخبثها أُدْخلت النَّار طُهْرة لها، ويكونُ مكثها في النَّار بحسب زوال ذلك الدَّرن والخبث والنجاسة التي لا يغسلها الماء، فإذا تطهَّرت الطُّهر التام أُخرجت من النَّارِ، واللَّهُ سبحانه خلق عباده حُنَفاء، وهي فطرة اللَّه التي فطر النَّاسَ عليها، فلو خُلُّوا وفِطَرهم لما نشؤوا إلَّا على التوحيد، ولكن عَرَض لأكثر الفِطَر ما غيَّرها، ولهذا كان نصيب النَّارِ أكثر من نصيب الجنَّة، وكان هذا التغيير مراتب لا يحصيها إلَّا اللَّه، فأرسل اللَّه رسوله، وأنزل كتبه يُذكِّر عباده بفطرته التي فطرهم عليها، فعرف الموفَّقون الَّذين سبقت لهم من اللَّهِ الحسنى صِحَّة ما جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب بالفطرة الأولى، فتوافق عندهم شرع اللَّهِ ودينه الَّذي أرسل به رسله وفطرته التي فطرهم عليها، فمنعتهم الشريعة المنزلة، والفطرة المكمِّلة، أنْ تكتسب نفوسهم خُبثًا ونجاسة ودرنًا يعلق بها ولا يفارقها، بل كلما ألمَّ بهم شيء من ذلك ومَسَّهم طائف من الشيطان غاروا عليه بالشِّرْعة (1) والفطرة، فأزالوا موجبه وأثره، وكمل لهم الرب تعالى ذلك بأقضية يقضيها لهم مما يحبون أو يكرهون، تمحص عنهم تلك الآثار التي شَوَّشت الفطرة، فجاء مقتضى الرحمة، فصادف مكانًا قابلًا مستعدًّا لها ليس فيه شيء يُدافعه، فقال: ها هنا أُمِرْت، وليس للَّه
__________
(1) في “ج، هـ”، ونسخةٍ على حاشية “أ”: “بالشريعة”.

(2/757)


سبحانه غرض في تعذيب عباده بغير موجب، كما قال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [النساء: 147]، واستمر الأشقياء مع تغيير الفطرة، ونقلها مما خلقت عليه إلى ضِدِّه، حتى استحكم الفساد وتم التغيير، فاحتاجوا إلى إزالة ذلك إلى تغيير آخر، وتطهير ينقلهم إلى الصحة حيث لم تنقلهم آيات اللَّه المتلُوَّة والمخلوقة، وأقداره المحبوبة والمكروهة في هذه الدار، فأتاح لهم آيات أُخر وأقضيةً وعقوباتٍ فوق التي كانت في الدنيا تستخرج ذلك الخبث والنجاسة التي لا تزول بغير النار، فإذا زال موجب العذاب وسببه؛ زال العذاب، وبقي مقتضى الرحمة لا معارضَ له.
فإن قيل: هذا حق، ولكن سبب التعذيب لا يزول إلا إذا كان السبب عارِضًا: كمعاصي الموحِّدين، أمَّا إذا كان لازمًا: كالكفر والشرك، فإن أثره لا يزول كما لا يزول السبب، وقد أشار سبحانه إلى هذا المعنى بعينه في مواضع من كتابه.
منها: قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28] فهذا إخبارٌ بأنَّ نفوسهم وطبائعهم لا تقتضي غير الكفر والشرك، وأنها غير قابلة للإيمان أصلًا.
ومنها: قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)} [الإسراء: 72] فأخبر سبحانه أنَّ ضلالهم وعماهم عن الهدى دائم لا يزول، حتى مع معاينة الحقائق التي أخبرت بها الرسل، وإذا كان العمى والضلال لا يفارقهم، فإن موجبه وأثره ومقتضاه لا

(2/758)


يفارقهم.
ومنها: قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) } [الأنفال: 23] وهذا يدلك على أنَّه ليس فيهم خير يقتضي الرحمة، ولو كان فيهم خير لما ضيَّع عليهم أثره.
ويدل على أنَّه (1) لا خير فيهم هناك أيضًا قوله: “أَخْرِجُوا من النَّار من كان في قلبه أدنى مثقال ذرَّةٍ من خير” (2) ، ولو كان عند هؤلاء أدنى أدنى مثقال ذرة من خير لخرجوا بها مع الخارجين.
قيل: لعمر اللَّه إنَّ هذا لمن أقوى ما يتمسك به في المسألة، وإن الأمر لكما قلتم، وإن العذاب يدوم بدوام موجبه وسببه، ولا ريب أنهم في الآخرة في عمى وضلال كما كانوا في الدنيا، وبواطنهم خبيثة كما كانت في الدنيا، والعذاب مستمرٌّ عليهم دائم ما داموا كذلك، ولكن هل هذا الكفر والتكذيب والخبث أمر ذاتي لهم زواله مستحيل، أم هو أمرٌ عارض طارئٌ على الفطرة قابل للزوال؟ هذا حرف المسألة، وليس بأيديكم ما يدلّ على استحالة زواله وأنَّه أمر ذاتي، وقد أخبر اللَّه سبحانه أنَّه فطر عباده على الحنيفية، وأنَّ الشياطين اجتالتهم عنها، فلم يفطرهم سبحانه على الكفر والتكذيب كما فَطَر الحيوان البهيم على طبيعته، وإنما فطرهم على الإقرار بخالقهم ومحبته وتوحيده.
__________
(1) في “ب، ج، د، هـ” ونسخة على حاشية “أ”: “أنَّهم”.
(2) البخاري رقم (6192)، ومسلم (184) من حديث أبي سعيد مطوَّلًا.

(2/759)


فإذا كان هذا الحق (1) الذي قد فُطِروا عليه، وخلقوا عليه، قد أمكن زواله بالكفر والشرك الباطل، فإمكان زوال الكفر والشرك الباطل بضده من الحق أولى وأحرى، لا ريب أنهم لو رُدُّوا على تلك الحال التي هم عليها لعادوا لِمَا نُهُوا عنه، ولكن مِنْ أين لكم أن تلك الحال لا تزول، ولا تتبدَّل بنشأةٍ أخرى ينشئهم فيها تبارك وتعالى إذا أخذت النَّار مأخذَهَا منهم، وحَصَلتِ الحكمة المطلوبة من عذابهم؟ فإنَّ العذاب لم يكن سُدًى، وإنَّما كان لحكمةٍ مطلوبةٍ، فإذا حصلت تلك الحكمة لم يبق في التعذيب أمرٌ يُطْلَب، ولا غرضٌ يُقصَد، واللَّه سبحانه ليس يَشْتفي بعذاب عباده كما يشتفي المظلوم من ظالمه، وهو لا يُعذِّب عبده لهذا الغرض، وإنَّما يعذبه طهرةً له ورحمةً به، فعذابه مصلحةٌ له، وإنْ تألَّمَ به غاية الألمِ، كما أنَّ عذابه بالحدود في الدنيا مصلحة لأربابها.
وقد سمَّى اللَّه سبحانه الحدَّ عذابًا (2) ، وقد اقتضت حكمته سبحانه أن جعل لكل داءٍ دواء يناسبه، ودواء الداء العضال يكون من أشق الأدوية، والطبيب الشفيق يكوي المريض بالنار كيًّا بعد كيٍّ ليُخْرِج منه المادة الرديئة الطارئة على الطبيعة المستقيمة، وإن رأى قطع العضو أصلح للعليل قَطَعَه، وأذاقه أشد الألم. فهذا قضاء الرب وقدره في إزالة مادة غريبة طَرَتْ على الطبيعة المستقيمة بغير اختيار العبد، فكيف إذا طرأ على الفطرة السليمة مواد فاسدة باختيار العبد وإرادته؟
__________
(1) في “أ”: “للحق”.
(2) فقال: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)} [النور: 2].

(2/760)


وإذا تأمل اللبيب شرع الرب تبارك وتعالى، وقدره في الدنيا، وثوابه وعقابه في الآخرة = وَجَدَ ذلك في غاية التناسب والتوافق، وارتباط ذلك بعضه ببعض، فإن مصدر الجميع عن علمٍ تامٍّ، وحكمة بالغة، ورحمة سابغة، وهو سبحانه الملك الحق المبين، وملكه ملك رحمة وإحسان وعدل.
الوجه التاسع: أن عقوبته للعبد ليست لحاجةٍ إلى عقوبته، ولا لمنفعة تعود إليه، ولا لدفع مضرة وألم يزول عنه بالعقوبة. بل يتعالى عن ذلك ويتنزه كما يتعالى عن سائر العيوب والنقائص، ولا هي عبث مَحْض خال عن الحكمة والغاية الحميدة، فإنَّه أيضًا يتنزه عن ذلك ويتعالى عنه، فإما أن يكون من تمام نعيم أوليائه وأحبائه، وإما أن يكون من مصلحة الأشقياء ومداواتهم، أو لهذا ولهذا.
وعلى التقادير الثلاث: فالتعذيب أمر مقصود لغيره قصد الوسائل، لا قصد الغايات، والمراد من الوسيلة إذا حصلت على الوجه المطلوب زال حكمها، ونعيم أوليائه ليس متوقِّفًا في أصله ولا في كماله على استمرار عذاب أعدائه ودوامه، ومصلحة الأشقياء ليست في الدوام والاستمرار، وإن كان في أصل التعذيب مصلحة لهم.
الوجه العاشر: أن رضا الرب تبارك وتعالى ورحمته صفتان ذاتِيَّتَان له، فلا منتهى لرضاه كما قال أعلم الخلق به: “سبحان اللَّه وبحمده، عدد خلْقه، ورضا نفسه، وزِنَة عرشه، ومداد كلماته” (1) .
__________
(1) أخرجه مسلم رقم (2726).

(2/761)


وإذا كانت رحمته غلبت غضبه، فإن رضا نفسه أعلى وأعظم، فإن رضوانه أكثر من الجنات ونعيمها وكل ما فيها، وقد أخبر أهل الجنة: أنَّه يُحِلُّ عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدًا.
وأما غضبه تبارك وتعالى وسخطه فليس من صفاته الذاتية التي يستحيل انفكاكه عنها بحيث لم يزل ولا يزال غضبان، والناس لهم في صفة الغضب قولان:
أحدهما: أنَّه من صفاته الفِعْلِيَّة القائمة به كسائر أفعاله.
والثاني: أنَّه صِفَة فعل منفصل عنه غير قائم به.
وعلى القولين، فليس كالحياة والعلم والقدرة التي تستحيل مفارقتها له، والعذاب إنما نشأ من صفة غضبه، وما سُعِّرت النار إلا بغضبه، وقد جاء في أثر مرفوع: “إن اللَّه خلق خلقًا من غضبه، وأسكنهم بالمشرق ينتقم بهم ممن عصاه” (1) .
فمخلوقاته سبحانه نوعان: نوع مخلوق من الرحمة وبالرحمة.
__________
(1) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
والأثرُ ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة ص (287) نقلًا عن ابن القيم، ولم يعزه لأحد، وعن السخاوي نقله العجلوني في كشف الخفاء (2/ 65).
وقد وردت آثارٌ في معناه.
انظر: المقاصد الحسنة ص (286)، وكشف الخفا للعجلوني (2/ 64 – 65).

(2/762)


ونوع مخلوق من الغضب وبالغضب.
فإنَّه سبحانه له الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي يتنزه عن تقدير خلافه، ومنه أنَّه يرضى ويغضب، ويثيب ويعاقب، ويعطي ويمنع، ويعز ويذل، وينتقم ويعفو، بل هذا موجب ملكه الحق، وهو حقيقة الملك المقرون بالحكمة والرحمة والحمد، فإذا زال غضبه سبحانه، وتَبَدَّلَ برضاه؛ زالت عقوبته، وتبدلت برحمته وانقلبت العقوبة رحمة، بل لم تزل رحمة وإن تنوعت صفتها وصورتها، كما كان عقوبة العصاة رحمة، وإخراجهم من النار رحمة، فتقلبوا في رحمته في الدنيا، وتقلبوا فيها في الآخرة، لكن تلك رحمة يحبونها وتوافق طبائعهم، وهذه رحمة يكرهونها وتشق عليهم؛ كرحمة الطبيب الذي يبضع لحم المريض، ويلقي عليه المكاوي ليستخرج منه المواد الرديئة (1) الفاسدة.
فإن قيل: هذا اعتبار غير صحيح، فإن الطبيب يفعل ذلك بالعليل، وهو يحبه وهو راض عنه، ولم ينشأ فعله به عن غضبه عليه، ولهذا لا يسمى عقوبة، وأما عذاب هؤلاء فإنَّه إنما حصل بغضبه سبحانه عليهم، وهو عقوبة محضة.
قيل: هذا حق، ولكن لا ينافي كونه رحمة بهم، وإن كان عقوبة لهم، وهذا كإقامة الحدود عليهم في الدنيا، فإنَّه عقوبة ورحمة وتخفيف وطُهْرة، فالحدود طهرة لأهلها وعقوبة، وهم لما أغضبوا
__________
(1) في نسخةٍ على حاشية “أ” “المؤذية”، وفي “هـ”: “الردِيَّة”.

(2/763)


الرب تعالى وقابلوه بما لا يليق أن يقابل به، وعاملوه أقبح معاملة، وكذبوه وكذبوا رسله، وجعلوا أقل خلقه وأخبثهم وأمقتهم له نِدًّا له، وآلهة (1) معه، آثروا رضاهم على رضاه، وطاعتهم على طاعته، وهو وليُّ الإنعام عليهم، وهو خالقهم ورازقهم ومولاهم الحق اشتد مقْتُهُ لهم، وغضبه عليهم، وذلك يوجب كمال أسمائه وصفاته التي يستحيل عليه تقدير خلافها، ويستحيل تخلف آثارها ومقتضاها عنها، بل ذلك تعطيل لأحكامها، كما أن نفيها عنه تعطيل لحقائقها، وكلا التعطيلين محال عليه سبحانه.
فالمعطِّلون نوعان: أحدهما: عطَّل صفاته.
والثاني: عطَّل أحكامها وموجباتها.
وكان هذا العذاب عقوبة لهم من هذا الوجه، ودواء لهم من جهة الرحمة السابقة للغضب، فاجتمع فيه الأمران، فإذا زال الغضب بزوال سببه، وزالت المادة الفاسدة بتغير الطبيعة المقتضية لها في الجحيم بمرور الأحقاب عليها، وحصلت الحكمة التي أوجبت العقوبة = عملت الرحمة عملها، وطلبت أثرها من غير معارض. يوضحه:
الوجه الحادي عشر: وهو أن العفو أحب إليه سبحانه من الانتقام، والرحمة أحب إليه من العقوبة، والرضا أحب إليه من الغضب، والفضل أحب إليه من العذل، ولهذا ظهرت آثار هذه المحبة في شرعه
__________
(1) في “ج”: “وألهمه” وهو خطأ.

(2/764)


وقدره، وتظهر كل الظهور لعباده في ثوابه وعقابه، وإذا كان ذلك أحب الأمرين إليه، وله خَلَقَ الخَلْق، وأنزل الكتب وشرع الشرائع، وقدرته سبحانه صالحة لكل شيء، لا قصور فيها بوجهٍ ما، وتلك المواد الرديئة الفاسدة مرض من الأمراض، وبيده سبحانه الشفاء التام، والأدوية الموافقة لكل داء، وله القدرة التامة، والرحمة السَّابِغة (1) والغنى المطلق، وبالعبد أعظم حاجة إلى من يداوي علته التي بلغت به غاية الضرر والمشقة، وقد عرف العبد أنَّه عليل، وأن دوائه بيد الغني الحميد، فتضرع إليه ودخل به عليه، واستكان له وانكسر قلبه بين يديه، وذل لعزته، وعرف أن الحمد كله له (2) ، وأن الحق كله له، وأنه هو الظلوم الجهول، وأنَّ ربه تبارك وتعالى عامله ببعض عدله لا بكلِّ عدله، وأنَّ له غاية الحمد فيما فَعَلَ به، وأنَّ حمْده هو الذي أقامه في هذا المقام، وأوصله إليه، وأنه لا خير عنده من نفسه بوجهٍ من الوجوه، بل ذلك محض فضل اللَّه وصدقته عليه، وأنه لا نجاة له مما هو فيه إلا بمجرد العفو والتجاوز عن حقه، فنفسه أولى بكل ذم وعيب ونقص، وربه تعالى أولى بكل حمد وكمال ومدح.
فلو أن أهل الجحيم شهدوا نعمته سبحانه ورحمته وكماله وحمده الذي أوجب لهم ذلك، فطلبوا مرضاته؛ ولو بدوامهم في تلك الحال، وقالوا: إن كان ما نحن فيه رضاك فرضاك الذي نريد، وما أوصلنا إلى هذه الحال إلا طلب ما لا يرضيك، فأما إذا أرضاك هذا منا فرضاك غاية
__________
(1) في “أ”: “السابقة”، وفي “د”: “الشاملة”.
(2) في “د”: “للَّه”.

(2/765)


ما نقصده.
* وما لجرح (1) إذا أرضاك من ألم (2) *
وأنت أرحم بنا من أنفسنا، وأعلم بمصالحنا، ولك الحمد كله، عاقبت أو عفوت = لانقلبت النار عليهم بردًا وسلامًا.
وقد روى الإمام أحمد في “مسنده” (3) من حديث الأسود بن سَرِيع (4) -رضي اللَّه عنه- أنَّ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصمُّ فيقول: رب لقد جاء الإِسلام وما أسمع شيئًا، وأما الأحمق فيقول: رب لقد جاء الإِسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: ربي لقد جاء الإِسلام وما أعقل شيئًا، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك من رسول. فيأخذ مواثيقهم ليُطِيْعُنَّهُ فيرسل إليهم: أنِ ادخلوا النار، قال: فوالذي نفس محمَّد بيده لو
__________
(1) في “أ، ج”: “تخرج”.
(2) هذا شطر بيت لأسامة بن منقذ كما في خريدة القصر للأصفهاني ص (2390). أوله:
وما سخطتُ بعادي إذ رضِيتَ به … وما لجرحٍ إذا أرضاكُمُ ألمُ
ونُسبَ لابن النحاس، وأوله:
إن كان يرضيك تطويح النوائب بي
انظر: البديع في نقد الشعر لابن منقذ ص (472).
(3) (4/ 24).
(4) في “د”: “زريع” وهو خطأ.

(2/766)


دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا” (1) .
وفي “المسند” أيضًا: من حديث قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة مثله وقال: “فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلها يسحبُ إليها”.
فهؤلاء لمَّا رَضُوا بتعذيبهم، وبادروا إليه لَمَّا علموا أنَّ فيه رضى
__________
(1) وأخرجه إسحاق في مسنده رقم (41)، والطبراني في الكبير (1/ 287) رقم (841)، وابن حبَّان في صحيحه رقم (7357)، والبيهقي في الاعتقاد ص (202) وغيرهم.
من طريق علي بن المديني وإسحاق بن راهويه عن معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع فذكره.
– ورواهُ محمَّد بن المثنى عن معاذ عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن الأسود بن سريع فذكره.
أخرجه البزار (2174) كما في كشف الأستار.
– ورواهُ علي بن المديني ومحمد بن المثنى عن معاذ عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة فذكره.
أخرجه أحمد (4/ 24)، وإسحاق في مسنده (42)، والبيهقي في القضاء والقدر (645) وغيرهم.
– ورواهُ حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي رافع عن أبي هريرة فذكره.
أخرجه أسد في الزهد (97)، وابن أبي عاصم في السنة رقم (404).
ولعلَّ حديث أبي هريرة أصح الطرق، وقد صحح إسناده البيهقي.
– ورواهُ معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة موقوفًا.
أخرجه الطبري (15/ 54).

(2/767)


ربهم وموافقة أمره ومحبته؛ انقلب في حقِّهم نعيمًا.
ومثل هذا: ما رواهُ عبد اللَّه بن المبارك: حدثني رشدين، قال: حدَّثني ابن أنْعُمٍ عن أبي عثمان أنَّه حدَّثه عن أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “إنَّ رجلين ممَّن دخلا النَّار يشتدُّ صياحُهما، فقال الربُّ جلَّ جلاله: أخرجوهما فأخرجا، فقال لهما: لأي شيء اشتد صياحكما؟ قالا: فعلنا ذلك لترحمنا، قال: رحمتي لكما أنْ تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النَّار، قال فينطلقان، فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها اللَّه سبحانه عليه بردًا وسلامًا، ويقوم الآخر فلا يلقي، فيقول له الرب: ما منعك أنْ تلقي نفسك كما ألقى صاحبك؟ فيقول: ربِّ أرجوك أنْ لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني منها، فيقول الربُّ تعالى: لك رجاؤك، فيدخلان جميعًا الجنَّة برحمة اللَّه” (1) .
وذكر الأوزاعي عن بلال بن سعد قال: “يؤمر بإخراج رجلين من النَّارِ، فإذا خرجا ووقفا، قال اللَّهُ لهما: كيف وجدتما مقيلكما وسوءَ مصيركما؟ فيقولان: شرُّ مقيل، وأسوأ مصير صار إليه العبادُ، فيقول لهما: ذلك بما قدمت أيديكما وما أنا بظلَّامٍ للعبيد، قال: فيؤمر
__________
(1) أخرجه ابن المبارك في الزهد -رواية نعيم- رقم (410)، والترمذي (2599).
قال الترمذي: “إسناد هذا الحديث ضعيف؛ لأنَّه عن رشدين بن سعد -ورشدين بن سعد هو ضعيف عند أهل الحديث- عن ابن أنعم: وهو الأفريقي، والأفريقي ضعيف عند أهل الحديث”.

(2/768)


بصرفهما إلى النار، فأما أحدهما فيغدو في أغلاله وسلاسله حتى يقتحمها. وأما الآخر فيتلكأ فيأمر بردهما، فيقول للذي غدا في أغلاله وسلاسله حتى اقتحمها: ما حملك على ما صنعت وقد جربتها؟ فيقول: إني خبرت (1) من وبال معصيتك ما لم أكن أتعرض لسخطك ثانيًا، ويقول للذي تلكأ: ما حملك على ما صنعت؟ فيقول: حسن ظني بك حين أخرجتني منها أن لا تردني إليها، فيرحمهما جميعًا، ويأمر بهما إلى الجنة” (2) .
الوجه الثاني عشر: أن النعيم والثواب من مقتضى رحمته ومغفرته وبره وكرمه، ولذلك يضيف ذلك إلى نفسه، وأما العذاب والعقوبة، فإنما هو من مخلوقاته، ولذلك لا يُسمَّى (3) بالمُعاقِبُ والمعذِّب، بل يفرق بينهما، فيجعل ذلك من أوصافه وهذا من مفعولاته حتى في الآية الواحدة، كقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50) } [الحجر: 49 – 50]. وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) } [المائدة: 98] وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) } [الأعراف: 167]، ومثلها في آخر الأنعام (4) ، فما كان من مقتضى أسمائه وصفاته، فإنَّه يدوم بدوامها [225/ ب]، ولا سيما إذا كان محبوبًا له،
__________
(1) في “أ”: “خيِّرت”، وفي “د”: “جبرت”، وفي الحلية “قد ذقت”.
(2) أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/ 266)، وسنده ضعيف.
(3) في “ب، هـ”: “يتسمَّى”.
(4) (آية: 128).

(2/769)


وهو غاية مطلوبة في نفسها، وأما الشر الذي هو العذاب، فلا يدخل في أسمائه وصفاته، وإن دخل في مفعولاته لحكمة إذا حصلت زال وفني، بخلاف الخير، فإنَّه سبحانه دائم المعروف، لا ينقطع معروفه أبدًا، وهو قديم الإحسان أبديُّ الإحسان، فلم يزل ولا يزال محسنًا على الدوام، وليس من موجب أسمائه وصفاته أنَّه لا يزال معاقبًا على الدوام، غضبان على الدوام، منتقمًا على الدوام.
فتأمل هذا الوجه تأمُّلَ فقيهٍ في باب أسماء اللَّه وصفاته = يفتح لك بابًا من أبواب معرفته ومحبته. يوضحه:
الثالث عشر: وهو قول أعلم خلقه به، وأعرفهم بأسمائه وصفاته: “والشر ليس إليك” (1) ، ولم يقف على المعنى المقصود مَنْ قال: الشر لا يتقرب به إليك (2) . بل الشر لا يضاف إليه سبحانه بوجهٍ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أسمائه، فإن ذاته لها الكمال المطلق من جميع الوجوه، وصفاته كلها صفات كمال يُحْمَد عليها ويُثْنَى عليه بها، وأفعاله كلها خير ورحمة وعدل وحكمه، لا شَرَّ فيها بوجه ما، وأسماؤه كلها حسنى، فكيف يضاف الشر إليه؟ بل الشر في مفعولاته ومخلوقاته، وهو منفصل عنه، إذ فِعْله غير مفعوله، ففعله خير كله، وأما المخلوق المفعول، ففيه الخير والشر.
وإذا كان الشر مخلوقًا منفصلًا غير قائم بالرب سبحانه، فهو لا
__________
(1) أخرجه مسلم رقم (771).
(2) أخرجه البيهقي في القضاء والقدر رقم (400) بسندٍ صحيح عن النضر بن شُمَيْل.

(2/770)


يضاف إليه، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقل: أنت لا تخلق الشر، حتى يطلب تأويل قوله، وإنما نفى إضافته إليه وصْفًا وفعْلًا واسمًا.
وإذا عُرِف هذا؛ فالشر ليس إلا الذنوب وموجباتها، وأما الخير فهو الإيمان والطاعات وموجباته، والإيمان والطاعات متعلقة به سبحانه، ولأجلها خلق خلْقَه وأرسل رسلَه وأنزل كتبه، وهي ثناء على الرب (1) وإجلاله وتعظيمه وعبوديته، وهذه لها آثار يطلبها ويقتضيها، فتدوم آثارها بدوام متعلقها.
وأما الشرور فليست مقصودة لذاتها، ولا هي الغاية التي خلق لها الخلق، فهي مفعولات قُدِّرت لأمرٍ محبوب، وجُعِلت وسيلة إليه، فإذا حصل ما قُدِّرت له اضمحلت وتلاشت، وعاد الأمر إلى الخير المحض.
الوجه الرابع عشر: أنَّه سبحانه قد أخبر أن رحمته وسعت كل شيء (2) . فليس شيء من الأشياء إلا وفيه رحمته، ولا ينافي هذا أن يرحم العبد بما يشق عليه ويؤلمه، وتشتد كراهته له، فإن ذلك من رحمته أيضًا كما تقدم.
وقد ذكرنا حديث أبي هريرة آنفًا (3) وقوله تعالى لذينك الرجلين: “رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما في النار”.
__________
(1) وقع في “د”: “على الرب وتحيته”.
(2) كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156].
(3) ص (768) وهو لا يصح.

(2/771)


وقد جاء في بعض الآثار: “أن العبد إذا دعا لمبتلىً قد اشتد بلاؤه، وقال: اللهم ارحمه، يقول الرب تبارك وتعالى: كيف أرحمه من شيء به أرحمه” (1) .
فالابتلاء رحمة منه لعباده.
وفي أثر إلهي يقول اللَّه عز وجل: “أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب” (2) .
فالبلاء والعقوبة أدوية قدرت لإزالة أدواء لا تزول إلا بها، والنار هي الدواء الأكبر، فمن تداوى في الدنيا أغناه ذلك عن الدواء في الآخرة، وإلَّا فلا بد له من الدواء بحسب دائه، ومن عرف الرب تبارك وتعالى بصفات جلاله ونعوت كماله، من حكمته ورحمته وبره وإحسانه وغناه وجوده ومحبته إلى عباده، وإرادة الإنعام، وسبق رحمته لهم = لم يبادر إلى إنكار ذلك إن لم يبادر إلى قبوله (3) . يوضحه:
الوجه الخامس عشر: أن أفعاله سبحانه لا تخرج عن الحكمة والرحمة والمصلحة والعدل، فلا يفعل عبثًا ولا جورًا ولا باطلًا، بل
__________
(1) لم أقف عليه.
(2) لم أقف عليه.
(3) في “ج”: “قوله”.

(2/772)


هو المُنَزَّه عن ذلك كما تنزه عن سائر العيوب والنقائص.
وإذا ثبت ذلك، فتعذيبهم إن كان رحمة بهم حتى يزول ذلك الخبث، وتكمل الطهارة = فظاهر، وإن كان لحكمة؛ فإذا حصلت تلك الحكمة المطلوبة زال العذاب، وليس في الحكمة دوام العذاب أَبَدَ الآباد بحيث يكون دائمًا بدوام الرب تبارك وتعالى، وإن كان لمصلحة فإن كان يرجع إليهم، فليست مصلحتهم في بقائهم في العذاب كذلك، وإن كانت المصلحة تعود إلى أوليائه؛ فإن ذلك أكمل في نعيمهم، فهذا لا يقتضي تأبيد العذاب، وليس نعيم أوليائه وكماله موقوفًا على بقاء آبائهم وأبنائهم وأزواجهم في العذاب السَّرْمَد.
فإن قلتم: إن ذلك هو موجب الرحمة والحكمة (1) والخلد (2) والمصلحة. قلتم: ما لا يُعْقَل (3) . وإن قلتم: إن ذلك عائد إلى محض المشيئة ولا يطلب له حكمة ولا غاية، فجوابه من وجهين:
أحدهما: أن ذلك محال على أحكم الحاكمين، وأعلم العالمين، أن تكون أفعاله معطلة عن الحِكَمِ (4) ، والمصالح، والغايات المحمودة، والقرآن والسنة وأدلة المعقول (5) والفطر والآيات المشهودة منه (6)
__________
(1) من “ب، د، هـ”.
(2) من “أ، ج”.
(3) في نسخةٍ على حاشية “د”: “يُفعَل”.
(4) في “د”: “الحكمة”.
(5) في “د، هـ”: “العقول”.
(6) من “أ”.

(2/773)


شاهد ببطلان ذلك.
والثاني: أنَّه لو كان الأمر كذلك لكان إبقاؤهم في العذاب، وانقطاعه عنهم بالنسبة إلى مشيئته سواء، ولم يكن في انقضائه ما ينافي كماله، وهو سبحانه لم يخبر بأبدية العذاب، وأنه لا نهاية له.
وغاية الأمر على هذا التقدير: أن يكون من الجائزات المُمْكِنَات الموقوف حكمها على خبر الصادق.
فإن سلكت طريق التعليل بالحكمة والرحمة والمصلحة لم يقتض الدوام، وإن سلكت طريق المشيئة المحضة التي لا تعلل لم تقتضه أيضًا، وإن وقف الأمر على مجرد السمع فليس فيه ما يقتضيه.
الوجه السادس عشر: أن رحمته سبحانه سبقت غضبه في المعذبين، فإنَّه أنشأهم برحمته، وغذاهم برحمته، ورباهم برحمته ورزقهم وعافاهم برحمته، وأرسل إليهم الرسل برحمته، وأسباب النقمة والعذاب متأخرة عن أسباب الرحمة طارئة عليها، فرحمته سبقت غضبه فيهم (1) ، وخَلَقَهم على خِلْقَةٍ تكون رحمته إليهم أقرب من غضبه وعقوبته.
ولهذا ترى أطفال الكفار قد ألقى عليهم رحمته، فمن رآهم رحمهم، ولهذا نُهِيَ عن قتلهم (2) ، فرحمته سبقت غضبه
__________
(1) في “ب، هـ”: “فهم”.
(2) أخرجه البخاري رقم (2851 و 2852)، ومسلم رقم (1744) عن ابن عمر قال: “وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنهى رسول =

(2/774)


فيهم، فكانت هي السابقة إليهم، ففي كل حال هم في رحمته في حال معافاتهم وابتلائهم.
وإذا كانت الرحمة هي السابقة فيهم لم يبطل أثرها بالكلية، وإن عارضها أثر الغضب والسخط فذلك لسبب منهم، وأما أثر الرحمة فسببه منه سبحانه، فما منه يقتضي رحمتهم، وما منهم يقتضي عقوبتهم، والذي منه سابق وغالب، وإذا كانت رحمته تغلب غضبه، فلأن يغلب أثر الرحمة أثر الغضب أولى وأحرى.
الوجه السابع عشر: أنَّه سبحانه يخبر عن العذاب أنَّه عذاب يوم عقيم، وعذاب يوم عظيم، وعذاب يوم أليم، ولا يخبر عن النعيم أنَّه نعيم يوم، ولا في موضع واحد.
وقد ثبت في “الصحيح” تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة (1) ، والمعذبون متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم، واللَّه سبحانه جعل العذاب على ما كان من الدنيا وأسبابها، وما أريد به الدنيا ولم يرد به (2) اللَّه فالعذاب على ذلك. وأما ما كان للآخرة وأريد به وجه اللَّه فلا عذاب عليه، والدنيا قد جعل لها أجلًا تنتهي إليه، فما انتقل منها إلى تلك الدار مما ليس للَّه، فهو المعذب به.
وأما ما أُريد به وجه اللَّه والدار الآخرة، فقد أُريد به ما لا يفنى ولا
__________
= اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل النساء والصبيان”.
(1) أخرجه مسلم برقم (987) من حديث أبي هريرة الطويل في مانع الزكاة.
(2) بياض في “د” فقط بمقدار كلمة، ووقع في المطبوع مكانه “وجه”.

(2/775)


يزول، فيدوم بدوام المراد به، فإن الغاية المطلوبة إذا كانت دائمة لا تزول لم يَزُلْ ما تعلَّق بها، بخلاف الغاية المُضْمَحِلَّة الفانية، فما أُريد به غير اللَّه يضمحل ويزول بزوال مراده ومطلوبه، وما أُريد به وجه اللَّه يبقى ببقاء المطلوب المراد، فإذا اضمحلت الدنيا وانقطعت أسبابها، وانتقل ما كان فيها لغير اللَّه من الأعمال والذوات، وانقلب عذابًا وآلامًا = لم يكن له متعلق يدوم بدوامه؛ بخلاف النعيم.
الوجه الثامن عشر: أنَّه ليس في حُكْمِ (1) أحكم الحاكمين أن يخلق خلقًا يعذبهم أبد الآباد، عذابًا سرمدًا لا نهاية له، ولا انقطاع أبدًا، وقد دلت الأدلة السمعية والعقلية والفطرية على أنَّه سبحانه حكيم، وأنه أحكم الحاكمين، فإذا عذب (2) خلقه عذبهم بحكمة، كما يوجد التعذيب والعقوبة في الدنيا في شرعه وقدره، فإن فيه من الحِكَم والمصالح وتطهير العبد ومداواته، وإخراج المواد الردية عنه بتلك الآلام مما تشهده العقول الصحيحة، وفي ذلك من تزكية النفوس وصلاحها وزجرها وردع نظائرها، وتوقيفها على فقرها، وضرورتها إلى ربها، وغير ذلك من الحكم والغايات الحميدة، ما لا يعلمه إلا اللَّه.
ولا ريب أن الجنة طيبة، لا يدخلها إلا طيب، ولهذا يُحْبَسون (3) إذا قطعوا الصراط على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من مظالم
__________
(1) في “ب، د، هـ” ونسخةٍ على حاشية “أ” “حِكْمَة”.
(2) سقط من “ج”.
(3) وقع في “ج”: “يحسبون” وهو خطأ.

(2/776)


كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُفُّوا أذن لهم في دخول الجنة (1) .
ومعلوم أن النفوس الشريرة الخبيثة المظلمة التي لو ردت إلى الدنيا قبل العذاب لعادت لما نهيت عنه، لا تصلح أن تسكن دار السلام في جوار رب العالمين، فإذا عذبوا بالنار عذابًا يخلص نفوسهم من ذلك الخبث والوسخ والدرن، كان ذلك من حكمة أحكم الحاكمين ورحمته، ولا ينافي الحكمة خلقَ نفوسٍ فيها شر يزول بالبلاء الطويل والنار، كما يزول بها خبث الذهب والفضة والحديد، فهذا معقول في الحكمة، وهو من لوازم العالم المخلوق على هذه الصفة، أما خلق نفوس لا يزول شرها أبدًا، وعذابها لا انتهاء له، فلا يظهر في الحكمة والرحمة، وفي وجود مثل هذا النوع نزاع بين العقلاء، أعني: ذواتًا وهي شرٌّ من كل وجه، ليس فيها شيء من خير أصلًا.
وعلى تقدير دخوله في الوجود، فالرب تبارك وتعالى قادر على قلب الأعيان، وإحالتها، وإحالة صفاتها.
فإذا وجدت الحكمة المطلوبة من خلق هذه النفوس، والحكمة المطلوبة من تعذيبها، فإنَّه (2) سبحانه قادر أن ينشئها نشأة أُخرى غير تلك النشأة، ويرحمها في النشأة الثانية نوعًا آخر من الرحمة.
__________
(1) كما في حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري رقم (2308) و (6170). وقد تقدَّم في آخر الباب (37).
(2) في “ب، د، هـ” ونسخةٍ على حاشية “أ” “فاللَّه”.

(2/777)


يوضحه:
الوجه التاسع عشر: وهو أنَّه قد ثبت أن اللَّه سبحانه يُنْشئ للجنة خلقًا آخر، يسكنهم إياها، ولم يعملوا خيرًا تكون الجنة جزاء (1) لهم عليه، فإذا أخذ العذاب من هذه النفوس مأخذه، وبلغت العقوبة مبلغها، فانكسرت تلك النفوس، وخضعت وذلت (2) ، واعترفت لربها وفاطرها بالحمد، وأنه عدل فيها كل العدل، وأنها في هذه الحال كانت في تخفيف منه، ولو شاء أن يكون عذابها أشد من ذلك لَفَعَل، وشاء كتب العقوبة طلبًا لموافقة رضاه ومحبته، وعلمت أن العذاب أولى بها، وأنه لا يليق بها سواه، ولا تصلح إلا له، فذابت منها تلك الخبائث كلها، وتلاشت وتبدلت بذلٍّ وانكسارٍ، وحَمْدٍ وثناء على الرب تبارك وتعالى، ولم يكن في حكمته أن يستمر بها في العذاب بعد ذلك، إذ قد تبدل شرها بخيرها، وشركها بتوحيدها، وكبرها بخضوعها وذلها.
ولا ينتقض هذا بقوله عز وجل: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: 28] فإن هذا قبل مباشرة العذاب الذي يزيل تلك الخبائث، وإنما هو عند المعاينة قبل الدخول، فإنَّه سبحانه وتعالى قال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 27, 28].
__________
(1) ليس في “أ، ج”، ووقع في نسخة على حاشية “أ” “خيرًا”.
(2) في “ج” ونسخةٍ على حاشية “أ” “وذُلِّلت”.

(2/778)


فهذا إنما قالوه قبل أن يستخرج العذابُ منهم تلك الخبائث، فأما إذا لبثوا في العذاب أحقابًا، والحقب: كما رواه الطبراني في “معجمه” (1) من حديث أبي أمامة -رضي اللَّه عنه- عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: “الحقب خمسون ألف سنة” (2) ؛ فإنَّه من الممتنع أن يبقى ذلك الكبر والشرك والخبث بعد هذه المُدَد (3) المتطاولة في العذاب.
الوجه العشرون: أنَّه قد ثبت في “الصحيحين” (4) من حديث أبي سعيد الخدري -في حديث الشفاعة- فيقول اللَّه عز وجل: “شفعت الملائكة، وشفع النَّبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم
__________
(1) الكبير (8/ 292) رقم (7957).
من طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أُمامة.
(2) وأخرجه ابن أبي عمر العدني في مسنده (3775 – المطالب)، وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 494 – ابن كثير)، وابن مردويه (6/ 502 – الدر).
قال ابن كثير في تفسيره: “وهذا حديث منكرٌ جدًّا، والقاسم هو والراوي عنه وهو جعفر بن الزبير كلاهما متروك”.
ولا يصح في الباب حديثٌ مرفوع “مسند”، وإنَّما الصحيح أنَّ الحقب: ثمانون سنة، كما جاء ذلك عن ابن مسعود وأبي هريرة وابن عباس وعبد اللَّه ابن عمرو وغيرهم.
انظر: تفسير عبد الرزاق (2/ 276)، والطبري (30/ 11)، والزهد لهناد رقم (219 و 220)، والمستدرك للحاكم (2/ 556) (3890)، والدر المنثور (5/ 502 – 503).
(3) في “ب، هـ”: “المُدَّة”.
(4) البخاري رقم (773، 700)، ومسلم رقم (182).

(2/779)


الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط، قد عادوا حممًا، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له: “نهر الحياة” فيخرجون كما تخرج الحِبَّة في حميل السيل، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء اللَّه الذين أدخلهم اللَّه الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه”.
فهؤلاء أحرقتهم النار جميعهم، فلم يبق في بدن أحدهم موضع لم تمسه النار، بحيث صاروا حممًا: وهو الفحم المحترق بالنار. فظاهر السياق أنَّه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير، فإن لفظ الحديث هكذا: “فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا ثمَّ يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرًا، فيقول اللَّه عز وجل: “شفعت الملائكة، وشفع النَّبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط”.
فهذا السياق يدلّ على أن هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرة من خير، ومع هذا فأخرجتهم الرحمة.
ومن هذا رحمته سبحانه للذي أوصى أهله أن يحرقوه بالنار، ويذروه في البر والبحر زَعْمًا منه بأنَّه يفوت اللَّه سبحانه، فهذا قد شك في المعاد والقدرة، ولم يعمل خيرًا قط، ومع هذا فقال له: “ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشيتك وأنت أعلم” (1) ، فما تلافاه أنْ رَحِمَهُ
__________
(1) أخرجه البخاري رقم (3291)، ومسلم رقم (2757) من حديث أبي سعيد =

(2/780)


اللَّه، فلله سبحانه في خلقه حُكْمٌ لا تبلغه عقول البشر.
وقد ثبت في حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “يقول اللَّه عز وجل: أخرجوا من النار من ذكرني يومًا أو خافني في مقام” (1) .
قالوا: ومن ذا الذي في مدة عمره كلها من أولها إلى آخرها لم يذكر ربه يومًا واحدًا، ولا خافه ساعةً واحدةً، ولا ريب أن رحمته سبحانه إذا أخرجت من النار من ذكره وقتًا ما، وخافه في مقام ما، فغير بِدْعٍ أن تفنى النار، ولكن هؤلاء خرجوا منها وهي نار.
الوجه الحادي والعشرون: أنَّ اعتراف العبد بذنبه حقيقة
__________
= الخدري.
(1) أخرجه الترمذي برقم (2594)، وعبد اللَّه في زوائد الزهد (2162) [وليس فيه “عن أنس”]، وابن أبي عاصم في السنة (883)، وابن خزيمة في التوحيد (451 و 452 – 453) مطولًا، والحاكم في المستدرك (1/ 141) رقم (234 و 235) مطولًا وغيرهم.
من طريق مبارك بن فضالة عن عبيد اللَّه بن أبي بكر بن أنس عن أنس فذكره.
قال الترمذي: “هذا حديث حسن غريب”.
وقال الحاكم: “هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجا قوله: “من ذكرني أو خافني في مقام. . . “.
قلتُ: هذا اللفظ غريبٌ، وفي ثبوته نظر؛ لأنَّهُ قطعة من حديث أنس الطويل في الشفاعة، ولم يذكر هذا اللفظ أحدًا من أصحاب أنس وغيرهم من الذين رووه عنه: كثابت البناني وقتادة وحميد الطويل والنضر بن أنس وعمرو ابن أبي عمرو والحسن البصري ومعبد الطويل وغيرهم.

(2/781)


الاعتراف المتضمن لنسبة السوء والظلم واللوم إليه من كل وجه، ونسبة العدل والحمد والرحمة والكمال المطلق إلى ربه من كل وجه = يستعطف ربه تبارك وتعالى عليه، ويستدعي رحمته له.
وإذا أراد أن يرحم عبده ألقى ذلك في قلبه، ولا سيما إذا اقترن بذلك جزم العبد على ترك المعاودة لما يسخط ربه عليه، وعلم اللَّه ذلك داخل قلبه وسويدائه، فإنَّه لا تتخلَّف عنه الرحمة مع ذلك.
وفي “معجم الطبراني” (1) من حديث يزيد بن سنان الرهاوي، عن سليمان (2) بن عامر، عن أبي أُمامة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إن آخر رجل يدخل الجنة رجل يتقلب على الصراط ظهرًا لبطن، كالغلام يضربه أبوه، وهو يَفِرُّ منه، يعجز عنه عمله أن
__________
(1) الكبير (8/ 185 – 186) رقم (7669).
والحديث سنده ضعيف: فيه يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي: ضعيف، وابنه محمَّد بن يزيد بن سنان أضعف منه، يروي عن أبيه مناكير، قاله البخاري.
لكنَّه توبع؛ تابعه عبد اللَّه بن عقيل الثقفي عند ابن أبي شيبة في مسنده كما سيأتي عند المصنف ص (795)، وفي البدور السافرة للسيوطي رقم (1652).
فالحديث مدارهُ على يزيد بن سنان، وهو ضعيف، وقال فيه ابن عدي: “وعامَّة حديثه غير محفوظة”.
انظر: تهذيب الكال (32/ 156 – 159)، والكامل لابن عدي (7/ 272).
(2) كذا في جميع النسخ، وعلَّق عليه ناسخ “أ، د” بقولهما: “كذا، ولعله: سُلَيم الخبائري”.
قلتُ: وهو الصواب سُلَيم بن عامر الخبائري أبو يحيى الحمصي.

(2/782)


يسعى فيقول: يا رب بلِّغْ بي الجنة، ونجني من النار، فيوحي اللَّه تبارك وتعالى إليه: عبدي، إن أنا نجيتك من النار وأدخلتك الجنة، أتعترف لي بذنوبك وخطاياك؟ فيقول العبد: نعم يا رب، وعزتك وجلالك إن نجيتني من النار لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي، فيجوز الجسر، فيقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردني إلى النار، فيوحي اللَّه إليه: عبدي، اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك، وأدخلك الجنة، فيقول العبد: لا وعزتك وجلالك، ما أذنبت ذنبًا قط، ولا أخطأت خطيئة قط، فيوحي اللَّه إليه: عبدي إنَّ لي عليك بَيِّنة، فيلتفت العبد يمينًا وشمالًا، فلا يرى أحدًا، فيقول: يا رب أرني بينتك، فيستنطق اللَّه تعالى جِلْدهُ بالمحقرات، فإذا رأى ذلك العبد يقول: يا رب عندي وعزتك العظائم، فيوحي اللَّه إليه، عبدي أنا أعرف بها منك، اعترف لي بها أغفرها لك وأدخلك الجنة، فيعترف العبد بذنوبه، فيدخل الجنة”، ثمَّ ضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، يقول: “هذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف بالذي فوقه؟ “.
فالرب تعالى يريد من عبده الاعتراف والانكسار بين يديه والخضوع والذل له، والعزم على مرضاته، فما دام أهل النار فاقدين لهذا الروح، فهم فاقدون لروح الرحمة، فإذا أراد عز وجل أن يرحمهم أو من شاء منهم؛ جعل في قلبه ذلك فتدركه الرحمة، وقدرة الرب تبارك وتعالى غير قاصرة عن ذلك، وليس فيه ما يناقض موجب أسمائه وصفاته، وقد أخبر أنَّه فعال لما يريد.
الوجه الثاني والعشرون: أنَّه سبحانه قد أوجب الخلود على معاصي

(2/783)


من الكبائر، وقيده بالتأبيد، ولم يناف ذلك انقطاعه وانتهاءه.
فمنها: قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
ومنها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: “من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجَّأ بها في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا” (1) وهو حديث صحيح.
وكذلك قوله في الحديث الآخر في قاتل نفسه: “فيقول اللَّه تبارك وتعالى: بادرني عبدي بنفسه حَرَّمتُ عليه الجنة” (2) .
وأبلغ من هذا قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) } [الجن: 23].
فهذا وعيد مقيد بالخلود والتأبيد، مع انقطاعه قطعًا بسبب من العبد، وهو التوحيد، فكذلك الوعيد العام لأهل النار لا يمتنع انقطاعه، بسبَبٍ ممن كتب على نفسه الرحمة، وغلبت رحمته غضبه، فلو يعلم الكافر بكل ما عنده من الرحمة لما يئس من رحمته، كما في “صحيح البخاري” (3) عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “خلق اللَّه الرحمة يوم خلقها مئة رحمة” وقال في آخره: “فلو يعلم الكافر بكل الذي عند اللَّه من الرحمة لم
__________
(1) أخرجه البخاري (5442)، ومسلم (109) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(2) أخرجه البخاري رقم (1298)، ومسلم رقم (113) من حديث جندب رضي اللَّهُ عنه.
(3) رقم (6104).

(2/784)


ييأس من الجنة، ولو يعلم المسلم بكل الذي عند اللَّه من العذاب لم يأمن من النار”.
الوجه الثالث والعشرون: أنَّه لو جاء الخبر منه سبحانه صريحًا بأن عذاب النار لا انتهاء له، وأنه أبدي لا ينقطع، لكان ذلك وعيدًا منه سبحانه، واللَّه تعالى لا يخلف وعده، وأما الوعيد: فمذهب أهل السنة كلهم: أن إخلافه عفو وكرم وتجاوز يُمْدَحُ الرب تبارك وتعالى به، ويُثنى عليه به، فإنَّه حق له إن شاء تركه، وإن شاء استوفاه، والكريم لا يستوفي حقه، فكيف بأكرم الأكرمين؟.
وقد صرح سبحانه في كتابه في غير موضع بأنه لا يخلف وعده، ولم يقل في موضع واحد: لا يخلف وعيده.
وقد روى أبو يعلى الموصلي: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا سهيل ابن أبي حزم، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “من وعده اللَّه على عمل ثوابًا فهو منجزه، ومن أوعده على عمل عقابًا فهو فيه بالخيار” (1) .
__________
(1) أخرجه أبو يعلى في مسنده (6/ 66) رقم (3316)، وابن أبي عاصم في السنة رقم (960)، والخرائطي في مكارم الأخلاق رقم (189)، وابن عدي في الكامل في الضعفاء (3/ 450)، والبزار (3010 – المطالب) والبيهقي في البعث (48) وغيرهم.
والحديث من منكرات سهيل بن أبي حزم، قال البخاري: “لا يتابع في حديثه”، وقال البزار: “سهيل لا يتابع على حديثه”، وقال الإمام أحمد: “روى عن ثابت أحاديث منكرة”، وقال البيهقي: “تفرَّد به سُهيل وليس =

(2/785)


وقال أبو الشيخ الأصبهاني: حدثنا محمَّد بن حمزة، حدثنا أحمد ابن الخليل، حدثنا الأصمعي قال: جاء عمرو بن عبيد إلى أبي عمرو ابن العلاء فقال: يا أبا عمرو، أيخلف اللَّه ما وعد؟ قال: أفرأيت من أوعده اللَّه على عمله عقابًا، أيخلف اللَّه وعده فيه؟ فقال أبو عمرو بن العلاء: من العُجْمَة أُتِيْتَ يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد، إن العرب لا تعدّ عارًا ولا خُلْفًا أنْ تَعِدَ شرًّا ثمَّ لا تفعله، ترى ذلك كرمًا وفضلًا، وإنما الخُلْف أن تَعِدَ خيرًا ثمَّ لا تفعله، قال: فأوْجِدْني هذا في كلام العرب، قال: نعم، أما سمعت إلى قول الأول:
ولا يرهبُ ابنُ العم ما عشتُ سطوتي … ولا أختشى من صولة (1) المتهدِّد
وإنِّي وإنْ أوعدته أووعدته … لمخلفُ إيعادي ومنجزُ مَوْعِدي” (2)
قال أبو الشيخ: وقال يحيى بن معاذ: “الوعد والوعيد حق، فالوعد: حق العباد على اللَّه، ضَمِنَ لهم إذا فعلوا كذا أن يعطيهم كذا،
__________
= بالقوي”. انظر: تهذيب الكمال (12/ 218 – 219).
قلت: ومعنى الحديث ثابتٌ في الكتاب والسنة.
(1) في “هـ”، والخرائطي “سطوة” وهما بمعنى واحد. والبيتان لعامر بن الطُّفيل في ديوانه ص (58) مع اختلافٍ قليل في بعض الألفاظ.
(2) أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق رقم (188)، وابن عدي في الكامل (5/ 99)، والبيهقي في البعث والنشور رقم (47)، والخطيب في تاريخه (12/ 172 – 173).
من طريق سوَّار بن عبد اللَّه القاضي عن الأصمعي به.
وهي قصة صحيحة ثابتة.

(2/786)


ومن أولى بالوفاء من اللَّه. والوعيد: حقه على العباد، قال: لا تفعلوا كذا فأعذبكم، ففعلوا، فإن شاء عفا، وإن شاء أخذ، لأنه حقه، وأولاهما بربنا تبارك وتعالى، العفو والكرم، إنه غفور رحيم” (1) .
ومما يدل على ذلك ويؤيده خبر كعب بن زهير حين أوعده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال:
نُبِّئْتُ أنَّ رسول اللَّه أوعدني … والعفو عند رسول اللَّه مأْمُولُ (2)
فإذا كان هذا في وعيد مطلق، فكيف بوعيدٍ مقرون باستثناء مُعَقَّب بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) } [هود: 107] وهذا إخبار منه أنَّه يفعل ما يريد عقيب قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}، فهو عائد إليه ولا بد،
__________
(1) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وفي الحلية (10/ 52) معناه مختصرًا.
(2) أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 168 – 169) رقم (2706)، وأبو نُعيم في المعرفة (5/ 2378 – 2379) رقم (5833).
من طريق الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن عقبة بن كعب بن زهير عن أبيه عن جدِّه قال: خرج كعب وبجير. . . فذكره مطوَّلًا.
قلت: مِن الحجاج بن ذي الرقيبة إلى كعب: شعراء في نَسَق، انظر الجمهرة لابن حزم ص (201 – 202).
والحجاج وأبوه وجده غير معروفين بالرواية، فينظر في حالهم، فإنِّي لم أقف على حالهم.
وله شاهد مرسل لعاصم بن عمر بن قتادة: عند الطبراني (19/ 176 – 178) رقم (403) بمعناهُ.
وشاهد آخر مرسل لسعيد بن المسيب.
عند ابن قانع في معجمه (1657) بمعناه.

(2/787)


ولا يجوز أن يرجع إلى المستثنى منه وحده، بل إما أن يختص بالمستثنى، أو يعود إليهما، وغير خاف ان تعلُّقه بقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} أولى من تعلُّقه بقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا}، وذلك ظاهر للمتأمل، وهو الذي فهمه الصحابه، فقالوا: “أتت هذه الآية على كل وعيد في القرآن” (1) ، ولم يريدوا بذلك الاستثناء وحده، فإن الاستثناء مذكور في الأنعام أيضًا، وإنما أرادوا أنَّه عقب (2) الاستثناء بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) }.
وهذا التعقيب نظير قوله تعالى في الأنعام {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) } [الأنعام: 128]. فأخبر أن عذابهم في جميع الأوقات، ورَفْعَه عنهم في وقتٍ يشاؤه = صادر عن كمال علمه وحكمته لا عن مشيئة مجردة عن الحكمة والمصلحة والرحمة والعدل، إذ يستحيل تجرد مشيئته عن ذلك.
الوجه الرابع والعشرون: أن جانب الرحمة أغلب في هذه الدار الباطلة الفانية الزائلة عن قرب من جانب العقوبة والغضب، ولولا ذلك لما عُمِرَت، ولا قام لها وجود، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: 61]، وقال {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45]، فلولا سعة رحمته ومغفرته وعفوه لما قام العالم، ومع هذا فالذي أظهره – من الرحمة في هذه الدار، وأنزله بين الخلائق – جزء من مئة جزء
__________
(1) تقدم ص (740).
(2) في نسخةٍ على حاشية “أ”: “عقيب”.

(2/788)


من الرحمة، فإذا كان جانب الرحمة قد غلب في هذه الدار، ونالت البَرَّ والفاجر والمؤمن والكافر، مع قيام مقتضى العقوبة به ومباشرته له، وتمكنه من إغضاب ربه، والسعي في مسَاخِطِه، فكيف لا يغلب جانب الرحمة في دار تكون الرحمة فيها مضاعفة على ما في هذه الدار تسعة وتسعين ضعفًا (1) ، وقد أخذ العذاب من الكفار مأخذه، وانكسرت تلك النفوس ونهكها العذاب، وأذاب منها خبثًا (2) وشرًّا، لم يكن يحول بينها وبين رحمته لها في الدنيا، بل كان يرحمها مع قيام مقتضى العقوبة والغضب بها فكيف إذا زال مقتضى الغضب والعقوبة، وقوي جانب الرحمة أضعاف أضعاف الرحمة في هذه الدار، واضمحل الشر والخبث الذي فيها فأذابته النار وأكلته.
وسِرُّ الأمر أن أسماء الرحمة والإحسان أغلب وأكثر وأظهر من أسماء الانتقام، وفعل الرحمة أكثر من فعل الانتقام، وظهور آثار الرحمة أعظم من ظهور آثار الانتقام، والرحمةُ أحب إليه من الانتقام، وبالرحمة خَلَقَ خلْقه ولها خلقهم، وهي التي سبقت غضبه وغلبته، وكتبها على نفسه، ووسعت كل شيء، وما خلق بها فمطلوب لذاته، وما خلق بالغضب فمراد لغيره، كما تقدم تقرير ذلك (3) . والعقوبة تأديب وتطهير، والرحمة إحسان وكرم وجود،
__________
(1) يشير إلى ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2752) – (19) من حديث أبي هريرة عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “إنَّ للَّه مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام. . . وأخَّر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة”.
(2) في “هـ”: “خبثها”.
(3) في ص (756).

(2/789)


والعقوبة مداواة، والرحمة عطاء وبذل.
الوجه الخامس والعشرون: أنَّه سبحانه لا بُدَّ أن يظهر لخلقه جميعهم يوم القيامة صدقه وصدق رسله، وأن أعداءه كانوا هم الكاذبين المفترين، ويظهر لهم حكمه الذي هو أعدل حكم في أعدائه، وأنه حكم فيهم حكمًا يحمدونَهُ هم عليه؛ فضلًا عن أوليائه وملائكته ورسله، بحيث ينطق الكون كله بالحمد للَّه رب العالمين، ولذلك قال تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) } [الزمر: 75]، فحذف فاعل القول إرادة الإطلاق (1) ، وأن ذلك جار على لسان كل ناطق وقلبه، قال الحسن: “لقد دخلوا النار، وإن قلوبهم لممتلئة من حمده ما وجدوا عليه سبيلًا” (2) ، وهذا هو الذي حَسَّنَ حذف الفاعل من قوله: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [الزمر: 72] حتى كأنَّ الكون كله قائل ذلك لهم، إذ هو حُكْمُهُ العدل فيهم، ومقتضى حكمته وحمده.
وأما أهل الجنة فقال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) } [الزمر: 73]، فهم لم يستحقوها بأعمالهم، وإنما استحقوها بعفوه ورحمته وفضله، فإذا أشهد سبحانه ملائكته وخلقه كلهم حُكْمه العدل، وحكمته الباهرة، ووَضْعه العقوبة حيث تشهد العقول والفِطَر (3) والخليقة أنَّه أولى المواضع وأحقها بها، وأن ذلك
__________
(1) في “ج”: “لإطلاق”، وفي “د”: “للإطلاق”.
(2) لم أقف عليه.
(3) قوله “تشهد العقول والفطر” وقع في “هـ”: “يشهد العقل والفطرة”.

(2/790)


من كمال حمده الذي هو مقتضى أسمائه وصفاته، وأن هذه النفوس الخبيثة الظالمة الفاجرة، لا يليق بها غير ذلك، ولا يحسن بها سواه، بحيث تعترف هي من ذواتها بأنها أهل ذلك، وأنها أولى به = حصلت الحكمة التي لأجلها وُجِدَ الشر وموجباته في هذه الدار وتلك الدار.
وليس في الحكمة الإلهية أن الشرور تبقى دائمًا لا نهاية لها، ولا انقطاع أبدًا، فتكون هي والخيرات في ذلك على حدٍّ سواء.
فهذا نهاية أقدام الفريقين في هذه المسألة، ولعلَّك لا تظفر به في غير هذا الكتاب.
فإن قيل: إلى أين انتهى قدمكم في هذه المسألة العظيمة الشأن، التي هي أكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة؟
قيل: إلى قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) } [هود: 107] وإلى ها هنا انتهى قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- فيها، حيث ذكر دخول أهل الجنةِ الجنةَ، وأهل النارِ النارَ، وما يلقاه هؤلاء وهؤلاء، وقال: “ثمَّ يفعل اللَّه بعد ذلك ما يشاء” (1) .
بل وإلى ها هنا انتهت أقدام الخلائق، وما ذكرنا في هذه المسألة، بل في الكتاب من صواب فمن اللَّه سبحانه، وهو المَانُّ به، وما كان من
__________
(1) لم أقف عليه.

(2/791)


خطإٍ فمِنِّي، ومن الشيطان، واللَّه ورسوله بريء منه، وهو عند لسان كل قائل وقلبه وقصده، واللَّه أعلم.

(2/792)


الباب الثامن والستون: في ذكر آخر أهل الجنَّة دخولًا إليها
في “الصحيحين” (1) من حديث منصور، عن إبراهيم عن عَبِيْدة عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إنِّي لأعلم آخر أهل النَّارِ خروجًا منها، وآخر أهل الجنَّة دخولًا الجنَّة، رجلٌ يخرج من النَّار حَبْوًا، فيقول اللَّهُ له: اذهب فادخل الجنَّة، فيأتيها فيخيل إليه (2) أنَّها ملأى فيرجع فيقول: يا ربِّ وجدتها ملأى، فيقول اللَّهُ له: اذهبْ فادخل الجنَّة، فإنَّ لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها، أو إنَّ لك عشرة أمثال الدنيا، قال: فيقول: أتسخرُ بي أو تضحك بي وأنت الملك؟ قال: لقد رأيتُ رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ضحك حتَّى بدت نواجذه، قال: فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنَّة منزلةً”.
وفي “صحيح مسلم” (3) من حديث الأعمش عن المعرور بن سُويد عن أبي ذرٍّ -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إنِّي لأعلمُ آخر أهل الجنَّة دخولًا الجنَّة، وآخر أهل النَّارِ خروجًا منها، رجلٌ يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغارَ ذنوبه وارفعوا كِبَارَهَا (4)، فتُعْرَض عليه صغار ذنوبه فيقال: عملتَ يوم كذا وكذا؛ كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا؛ كذا وكذا، فيقولُ: نعم، لا يستطيع أن ينكر
__________
(1) البخاري رقم (6202)، ومسلم رقم (186).
(2) في “ج، د”: “له”.
(3) رقم (190).
(4) في “ب، د، هـ”: ونسخةٍ على حاشية “أ” “عنه كبارها”.

(2/793)


وهو مشفقٌ من كبار ذنوبه أنْ تُعْرَض عليه، فيقال له: فإنَّ لكَ مكان كلُّ سيئةٍ حسنة، فيقول: ربِّ قد عملت أشياءَ لا أراها ها هنا، فلقد رأيتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ضَحِكَ حتَّى بدت نواجذه”.
وقال الطبراني: حدثنا عبد اللَّه بن سعد (1) بن يحيى الرقي، حدثنا أبو فروة يزيد بن محمَّد بن سِنَان الرهاوي قال: حدثني أبي عن أبيه قال: حدثني أبو يحيى الكلاعي، عن أبي أُمامة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إنَّ آخر رجلٍ يدخلُ الجنَّة رجل يتقلَّب على الصراط ظَهْرًا لبطن، كالغلام يضربه أبوه وهو يفرُّ منه، يعجز عنه عمله أنْ يسعى، فيقول: يا رب بلِّغ بي الجنَّة، ونجِّني من النَّارِ، فيوحي اللَّه تبارك وتعالى إليه: عبدي إنْ أنا نجَّيتك من النَّارِ وأدخلتك الجنَّة؛ أتعترفُ لي بذنوبك وخطاياك؟ فيقول العبد: نعم يا ربِّ وعزتك وجلالك لئن نجيتني من النَّارِ لأعترفنَّ بذنوبي وخطاياي فيجُوْز الجِسْرَ، ويقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردني إلى النَّارِ، فيوحي اللَّه إليه: عبدي اعْترِفْ لي بذنوبك وخطاياك اغفرها لك وأدخلك الجنة، فيقول العبد لا وعزَّتك وجلالك ما أذنبتُ ذنبًا قطُّ ولا أخطأتُ خطيئةً قطُّ، فيوحي اللَّه إليه: عبدي إنَّ لي عليك بَيِّنة فيلتفت العبد يمينًا وشمالًا فلا يرى أحدًا، فيقول: يا ربِّ أرني بيِّنتك فيستنطق اللَّه جلده بالمُحقَّرات، فإذا رأى ذلك العبد يقول: يا رب عندي وعزَّتك العظائم فيوحي اللَّه إليه: عبدي أنا أعرف بها منك اعترف لي بها أغفرها لك، وأدخلك الجنَّة، فيعترف العبد بذنوبه
__________
(1) في “ب، د”، ونسخة على حاشية “أ”: “سعيد”.

(2/794)


فيدخل الجنَّة، ثمَّ ضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتَّى بدت نواجذه يقول: “هو أدنى أهل الجنَّة منزلة فكيف بالَّذي فوقه؟ ” (1) .
ورواهُ ابن أبي شيبة عن هاشم بن القاسم حدثنا أبو عقيلٍ عبد اللَّه بن عقيل الثقفي، عن يزيد بن سنان به.
وفي “صحيح مسلم” (2) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “آخر من يدخل الجنَّة رجلٌ فهو يمشي مرَّة، ويكبو مرَّة، وتسفعهُ النَّارُ مرَّة، فإذا جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الَّذي نجَّاني منك، لقد أعطاني اللَّه شيئًا ما أعطاهُ أحدًا من الأوَّلين والآخرين، فتُرفع له شجرة فيقول: أي ربِّ أدْنِني من هذه الشجرة أستظلُّ بظِلِّها وأشرب من مائها، فيقول اللَّهُ تبارك وتعالى: يا ابن آدم لَعلِّي إنْ أعطيتكها سألتني غيرها؟ فيقول: لا يا ربِّ، ويعاهده أنْ لا يسأله غيرها وربه يعذره؛ لأنَّه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثمَّ يُرفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: يا ربِّ أدنني من هذه لأشرب من مائها، وأستظل بظلِّها، لا أسألك غيرها، فيقول: يابن آدم ألم تعاهدني أنْ لا تسألني غيرها؟ وربُّه يعذره؛ لأنَّه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثمَّ ترفع له شجرة عند باب الجنَّة هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي ربِّ أدنني من هذه الشجرة لأستظل بظلها وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم ألم
__________
(1) تقدم ص (782).
(2) رقم (187).

(2/795)


تعاهدني أنْ لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا ربِّ، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره؛ لأنَّهُ يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها، فإذا أدناهُ منها سمع أصوات أهل الجنَّة فيقول: يا ربِّ أدخلنيها فيقول: يا ابن آدم ما يصريني (1) منك، أيرضيك أنْ أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا ربِّ أتستهزئ مِنِّي (2) وأنت ربُّ العالمين؟ فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مِمَّ أضحك؟ قالوا: مِمَّ تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: مِمَّ تضحك يا رسول اللَّه؟ قال: “من ضحك ربِّ العالمين حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين، فيقول: لا أستهزئ بك ولكنِّي على ما أشاء قادر”.
وفي “صحيح البرقاني” من حديث أبي سعيد الخدري نحو هذه القصة ونحن نسوقه بتمامه من عنده، وهو بإسناد مسلم سواء.
قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إنَّ أدنى أهل النَّار عذابًا منتعل بنعلين من نارٍ يغلي دماغه من حرارة نعليه (3) ، وإنَّ أدنى أهل الجنَّة منزلةً رجلٌ صَرَفَ اللَّه وجهه عن النَّارِ قِبَلَ الجنَّة، ومثَّلَ له شجرة ذات ظلٍّ، فقال: أي ربِّ قدِّمني إلى هذه الشجرة لأكون في ظلها، فقال اللَّه عزَّ وجلَّ: هل عسيت إنْ فعلت أنْ تسألني غيره، قال: لا وعزَّتك فقدَّمه اللَّه إليها،
__________
(1) قال ناسخ “أ”: “أي: يقطعني، والصِرى: القطع. قال الحربيُّ: إنَّما هو تصرك عني، أي: يقطعك عنِّي من مسألتي”.
(2) في نسخةٍ على حاشية “أ”: “بي”.
(3) إلى هنا انتهى لفظ مسلم في صحيحه رقم (211)، وآخره عند مسلم برقم (188).

(2/796)


ومثَّل له شجرة ذات ظلٍّ وثمرٍ أخرى، فقال: أي: ربِّ قدمني إلى هذه الشجرة أستظل بظلها، وآكل من ثمرها، قال: فقال “هل عسيت إنْ أعطيتك ذلك أنْ تسألني غيره، قال: لا وعزَّتك فيقدمه إليها فيمثل له شجرة أخرى ذات ظلٍّ وثمرٍ وماءٍ، فيقول: أي ربِّ قدِّمني إلى هذه الشجرة، فأكون في ظلها، وآكل من ثمرها وأشرب من مائها، فيقول: هل عسيت إن فعلت ذلك أنْ تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزَّتك لا أسألك غيره، فيقدمه اللَّه إليها فتبرز له الجنَّة، فيقول: أي رب قدمني إلى باب الجنَّة فأكون نِجَاف الجنة -وفي رواية: تحت نجاف الجنَّة- أنظر إلى أهلها، فيقدمه اللَّه إليها فيرى أهل الجنَّة وما فيها، فيقول: أي ربِّ أدخلني الجنَّة فيدخله الجنَّة، فإذا دخل الجنَّة، قال: هذا لي، فيقول اللَّه له: تمنَّ، قال: فيتمنَّى ويُذَكِّره اللَّه سل كذا وكذا، فإذا انقطعت به الأماني، قال اللَّهُ: هو لك وعشرةُ أمثاله، قال: ثمَّ يدخل بيته فتدخل عليه زوجتاهُ من الحور العين، فيقولان: الحمدُ للَّه الَّذي أحياك لنا وأحيانا لك، فيقول: ما أُعطي أحدٌ مثل ما أُعطيت”.
وفي “صحيح مسلم” (1) من حديث المغيرة بن شعبة رضي اللَّه عنه عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “سأل موسى ربه: من أدنى أهل الجنَّة منزلة؟ فقال: هو رجلٌ يجيء بعدما دخل أهل الجنَّة الجنَّة، فيقال (2) له: أُدخل الجنَّة، فيقول: أي ربك كيف؟ وقد نزل النَّاس منازلهم وأخذوا أخذاتهم، فيقال له: أترضى أنْ يكون لك مثل ملك من ملوك
__________
(1) رقم (189).
(2) في نسخةٍ على حاشية “أ”: “فقال”.

(2/797)


الدنيا، فيقول رضيت ربِّ, فيقال له: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيتُ رب، فيقول: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذَّت عينك، فيقول: رضيت ربِّ، قال: فأعلاهم منزلةً؟ قال: ذلك الَّذي أردت غرست كرامتهم بيدي، وختمتُ عليها، فلم تَرَ عينٌ، ولا تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب بشر، ومصداقه في كتاب اللَّهِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] “.

(2/798)


الباب التاسع والستون: وهو بابٌ جامع فيه فصول منثورة لم يُذْكر فيما تقدم من الأبواب
فصل في لسان أهل الجنَّة
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا القاسم بن هاشم حدثنا صفوان بن صالح حدَّثني رَوَّاد بن الجرَّاح العسقلاني، حدثنا الأوزاعي عن هارون بن رئاب (1)، عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “يدخل أهل الجنَّةِ الجنَّةِ على طول آدم ستين ذراعًا بذراع الملك، على حُسن يوسف، وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة، وعلى لسان محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- جُرْدٌ مُردٌ مكحلون” (2).
وروى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: “لسانُ أهلِ الجنَّة عربي” (3).
قال عُقَيْل: قال الزهري: “لسانُ أهل الجنَّة عربي” (4).
__________
(1) في “ب، ج، هـ”: “رباب” وهو خطأ.
(2) تقدم في ص (315).
(3) أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (218).
وفيه: الواقدي محمد بن عمر: متروك.
وروي عن ابن عباس مرفوعًا مثله.
أخرجه أبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (268)، وهو حديث موضوع.
(4) أخرجه ابن المبارك في الزهد -رواية نُعيم- رقم (245)، وابن أبي الدنيا في =

(2/799)


فصل في احتجاج الجنَّة والنَّارِ
في “الصحيحين” (1) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “احتجت النَّارُ والجنَّةُ فقالت هذه: يَدْخُلني الجبَّارون والمتكبِّرون، وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين، فقال اللَّهُ عزَّ وجلَّ لهذه: أنت عذابي أعذِّبُ بك من أشاء، وقال لهذه: أنتِ رحمتي أرحمُ بك من أشاء، ولكلِّ واحدةٍ منكما ملؤها”.
وفي رواية أخرى: “تحاجت النَّارُ والجنَّة، فقالت النَّار: أوثرتُ بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنَّة: فمالي لا يدخلني إلَّا ضعفاء النَّاس وسقطهم وعجزهم. فقال اللَّه سبحانه للجنَّة: أنتِ رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنَّارِ: أنت عذابي أعذِّب بك من أشاء من عبادي، ولكلِّ واحدةٍ منكما ملؤها، فأمَّا النَّارُ فلا تمتلئ حتَّى يضع قَدَمَهُ عليها فتقول: قطْ قطْ، فهنالك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض، ولا يظلمُ اللَّه من خلقه أحدًا، وأمَّا الجنَّة فإنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ ينشئ لها خلقًا” (2).
__________
= صفة الجنَّة رقم (219، 221).
وسنده صحيح إلى الزهري.
(1) البخاري رقم (4569)، ومسلم رقم (2846)، والَّلفظ لمسلم.
(2) البخاري رقم (4569)، ومسلم (2846).

(2/800)


فصل: في أنَّ الجنَّة يبقى فيها فضل فينشئ اللَّه لها خلقًا دون النَّار
في “الصحيحين” (1) عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “لا تَزَال جهنَّم يُلقى فيها وتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} حتَّى يضع ربُّ العزَّةِ فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قَطْ قَطْ بعزَّتك وكرمك، ولا يزال في الجنَّة فضلٌ حتَّى ينشئ اللَّه لها خلقًا، فيسكنهم الجنَّةِ”.
وفي لفظ مسلم (2): “يبقى من الجنَّة ما شاء اللَّهُ أنْ يبقى، ثمَّ ينشئ اللَّه سبحانه لها خلقًا ممَّا يشاء”.
وأمَّا الَّلفظُ الَّذي وقع في “صحيح البخاري” (3) في حديث أبي هريرة: “وأنَّه ينشئ للنَّار من يشاء، فيلقى فيها فتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)} [ق: 30]؛ فغلط من بعض الرواة انقلب عليه لفظه، والروايات الصحيحة ونصُّ القرآن يردُّه، فإنَّ اللَّه سبحانه أخبر أنَّهُ يملأ جهنَّم من إبليس وأتباعه، وأنَّه لا يعذِّب إلَّا من قامت عليه حُجَّتُه، وكذَّب رُسُلَهُ، قال تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8 – 9] ولا يظلم اللَّه أحدًا من خلقه.
__________
(1) البخاري رقم (6949)، ومسلم رقم (2848).
(2) رقم (2848) – (39).
(3) رقم (7011)، وقد تقدم بيان هذا الغلط ص (754 – 755).

(2/801)


فصل: في امتناع النوم على أهل الجنَّة
روى ابن مردويه من حديث سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “النومُ أخو الموتِ، وأهل الجنَّة لا ينامون” (1).
وذكر الطبراني من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: سُئِلَ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقيل: أينامُ أهل الجنَّة؟ فقال النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “النوم أخو الموت، وأهل الجنَّة لا ينامون” (2).

فصل: في ارتقاء العبد وهو في الجنة من درجةٍ إلى درجةٍ أعلى منها
قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أنبأنا حمَّاد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إنَّ اللَّه ليرفعُ الدرجة للعبدِ الصالح في الجنَّة فيقول: يا ربِّ أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدِك لك” (3).
__________
(1) تقدم في ص (70 – 71).
(2) أخرجه الطبراني في “الأوسط” (919)، وابن عدي في الكامل (6/ 366)، وهو حديث منكر.
(3) أخرجه أحمد في المسند (2/ 509) وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة (189)، =

(2/802)


فصل: في إلحاق ذُرِّية المؤمن به في الدَّرجة وإنْ لم يعملوا عمله
قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ (1) بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (2) وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21].
وروى قيس عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إنَّ اللَّه ليرفعُ ذُرِّية المؤمن
__________
= وابن ماجه (3660)، والطبراني في الأوسط (5108) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 142). وغيرهم.
– ورواهُ حماد بن زيد “فرفعه”، وأبو بكر بن عياش “فوقفه”، والثوري “وقال: أكبر ظني أنَّه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-” كلهم عن عاصم بن أبي النجود به.
أخرجه البيهقي في الكبرى (7/ 78 – 79)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (36)، وابن عبد البر (23/ 143).
والحديث تفرَّد به عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح. وعاصم في حفظه مقال، وهو صدوق في الأصل.
– وقد ثبت عن سعيد بن المسيب قوله عند مالك في الموطأ رقم (578). فلعلَّه تلقَّاه عن أبي هريرة.
والحديث جوَّد إسناده ابن عبد البر، وصحَّح إسناده الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 259)، والبوصيري.
(1) قوله {وَاتْبَعْنَاهُم ذُرِّياتهم} قَرأها أبو عمرو بن العلاء، وقرأها الجمهور بالإفراد. انظر النشر لابن الجزري (2/ 282).
(2) هكذا قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب وهي من القراءات العشر المتواترة. انظر: النشر (2/ 205).

(2/803)


إليه في درجته، وإنْ كانوا دونه في العمل، لتقرَّ بِهِمْ عينه، ثمَّ قرأ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} قال: ما نقصنا الآبَاءَ مِمَّا أَعطينا البنين” (1) .
وذكر ابن مردويه في “تفسيره” من حديث شريك عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما – قال شريك: أظُنُّه حكاهُ عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “إذا دخل الرجل الجنَّة سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال: إنَّهم لم يبلغوا درجتك أو عملك فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم، فيؤمر بالإلحاق بهم (2) ثمَّ تَلَا ابن عباس {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطور: 21] إلى آخر آية” (3) .
__________
(1) أخرجه البزار رقم (2262 – كشف الأستار)، وابن مردويه (6/ 147 – كما في الدر)، والواحدي في الوسيط (4/ 186 – 187)، وابن عدي في الكامل (6/ 42)، والبغوي في معالم التنزيل (7/ 389) وغيرهم.
من طريق قيس بن الرَّبيع عن عمرو به نحوه.
– ورواهُ شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وسماعة “على الرواية الرَّاجحة عنه” كلهم عن عمرو عن سعيد عن ابن عباس موقوفًا عليه.
أخرجه عبد الرَّزَّاق في تفسيره (2/ 200) رقم (3009)، وهناد في الزهد (179)، والطبري (27/ 24، 25)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 107) وغيرهم.
وهذا هو الصواب موقوف، وحديث قيس وهمٌ، أخطأ في رفعه، وقد اضطرب فيه فرواهُ مرفوعًا كما تقدم، وموقوفًا كما عند الطحاوي في المشكل.
(2) قوله “بالإلحاق بهم” وقع عند الطبراني “بإلحاقهم به”.
(3) أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 440 – 441) رقم (12248)، وفي الصغير =

(2/804)


وقد اختلف المفسرون في الذرية في هذه الآية، هل المراد بها الصغار أو الكبار أو النوعان؟ على ثلاثة أقوالٍ (1) .
واختلافهم مبنيٌّ على أنَّ قوله {بِإِيمَانٍ} حالٌ من الذرية التابعين، أو المؤمنين المتبوعين.
* فقالت طائفة: المعنى والَّذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم (2) في إيمانهم، فأتوا من الإيمان بمثل ما أتوا به، ألحقناهم بهم في الدرجات.
قالوا: ويدلُّ على هذا قراءة من قرأ: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} (3) فجعل الفعل في الاتباع لهم.
قالوا: وقد أطلق اللَّهُ سبحانه الذرية على الكبار، كما قال: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: 84]، وقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [الإسراء: 3]. وقال: {وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ
__________
= (1/ 382) رقم (640).
قال الطبراني: “لم يروه عن سالم إلَّا شريك، تفرَّد به ابن غزوان”.
وفيه محمد بن عبد الرحمن بن غزوان: وهو متهم بوضع الحديث.
انظر الكامل (6/ 290)، واللسان (5/ 254).
(1) انظرها في تفسير الطبري (27/ 24 – 26)، والقرطبي (17/ 66 – 67)، والماوردي (5/ 381)، وابن الجوزي (8/ 50 – 51)، والبغوي (7/ 388)، والسمعاني (5/ 272)، والشوكاني (5/ 118 – 119).
(2) في “د”: “ذُرِّيَّاتهم”.
(3) وهي قراءة القرَّاء العشرة المتواترة عدا أبي عمرو وابن عامر ويعقوب.

(2/805)


الْمُبْطِلُونَ (173) } [الأعراف: 173] وهذا قول الكبار العقلاء.
قالوا: ويدلُّ على ذلك ما رواهُ سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه: “إنَّ اللَّهَ يرفعُ ذُرِّيَة المؤمن إلى درجته، وإنْ كانوا دونَهُ في العملِ لتقرَّ بهم عينُه” (1) .
فهذا يدلُّ على أنَّهم دخلوا بأعمالهم، ولكن لم يكن لهم أعمالٌ يبلغوا بها درجة آبائهم فبلَّغهم إياها، وإن تقاصر عملهم عنها.
قالوا: وأيضًا فالإيمان: هو القول والعمل والنية، وهذا إنما يمكن من الكبار.
وعلى هذا، فيكون المعنى: أنَّ اللَّه سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه، إذ هذا حقيقة التَّبَعِيَّة، وإن كانوا دونه في الإيمان رفعهم اللَّه إلى درجته إقرارًا لعينه، وتكميلًا لنعيمه، وهذا كما أن زوجات النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معه في الدرجة تَبَعًا، وإن لم يبلغنَ (2) تلك الدرجة بأعمالهن.
* وقالت طائفة أخرى: الذرية ها هنا الصغار.
والمعنى: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء، والذرية تتبع الآباء -وإنْ كانوا صغارًا- في الإيمان وأحكامه، من الميراث والدية والصلاة عليهم، والدفن في قبور المسلمين، وغير
__________
(1) تقدَّم ص (803 – 804).
(2) وقع في جميع النسخ “يبلغوا”، وعلَّق ناسخ “أ” بقوله: “صوابه: يبلغْنَ”.

(2/806)


ذلك؛ إلا فيما كان من أحكام البالغين، ويكون قوله {بِإِيمَانٍ} على هذا في موضع نصب على الحال من المَفْعُولَيْن، أي: وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء.
قالوا: ويدل على صحة هذا القول: أنَّ البالغين (1) لهم حكم أنفسهم في الثواب والعقاب، فإنَّهم مستقِلُّون بأنفسهم ليسوا تابعين الآباء في شيء من أحكام الدنيا، ولا أحكام الثواب والعقاب، لاستقلالهم بأنفسهم، ولو كان المراد بالذرية: البالغين؛ لكان أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم، ويكون أولاد التابعين البالغين كلهم في درجة آبائهم، وهلم جرًّا إلى يوم القيامة، فيكون الآخرون في درجة السابقين.
قالوا: ويدل عليه أيضًا، أنه سبحانه جعلهم معهم تبعًا في الدرجة، كما جعلهم تبعًا في الإيمان، ولو كانوا بالغين لم يكن إيمانهم تبعيًّا (2) ، بل إيمان استقلال.
قالوا: ويدل عليه أيضًا، أن اللَّه سبحانه جعل المنازل في الجنة بحسب الأعمال في حق المستقلين، وأما الأتباع فإن اللَّه سبحانه يرفعهم إلى درجة أهليهم، وإن لم تكن لهم أعمالهم، كما تقدم.
وأيضًا فالحور العين والخدم في درجة أهاليهم وإن لم يكن لهم عمل بخلاف المكلفين البالغين، فإنهم يرفعون إلى حيث بَلَّغتهم
__________
(1) في “أ، ج، هـ”: “التابعين”، والمثبت هو الصواب.
(2) من قوله “في الدرجة” إلى هنا سقط من “ج”.

(2/807)


أعمالهم.
* وقالت فرقة منهم الواحدي (1) : الوجْهُ أن تُحْمَلَ الذرية على الصغار والكبار؛ لأنَّ الكبير يتبع الأب بإيمان نفسه، والصغير يتبع الأب بإيمان الأب.
قالوا: والذرية تقع على الصغيرِ والكبير، والواحد والكثير، والابن والأب، كما قال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41] أي: آباءهم، والإيمان يقع على الإيمان التبعي، وعلى الاختياري الكسبي، فمن وقوعه على التَّبعِي قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]. فلو أعتق صغيرًا جاز.
قالوا: وأقوال السلف تدل على هذا. قال سعيد بن جبير: عن ابن عباس: “إنَّ اللَّه يرفع ذُرِّية المؤمن في درجته وإنْ كانوا دونَهُ في العمل، لتقرَّ به عيونهم (2) ثمَّ قرأ هذه الآية” (3) .
وقال ابن مسعود في هذه الآية: “الرجلُ يكون له القدم، وتكون له الذرية فيدخل الجنَّة، فيُرْفَعون إليه لتقرَّ به عينه، وإنْ لم يبلغوا
__________
(1) في تفسيره الوسيط (4/ 186).
(2) قوله “به عيونهم” كذا في جميع النسخ، وعلَّق عليه ناسخ “أ” بقوله “كذا” على الحرفين.
وجاء في مصادر التخريج “ليقرَّ اللَّه بهم عينه” هذا لفظ شعبة والثوري لكنَّه لم يذكر “اللَّه”.
(3) تقدَّم الكلام عليه ص (804).

(2/808)


ذلك” (1) .
وقال أبو مِجْلَزٍ: “يجمعهم اللَّه له كما كان يحب أن يجتمعوا في الدنيا” (2) .
وقال الشعبي: “أدخل اللَّه الذرية بعمل الآباء الجنَّة” (3) .
وقال الكلبي عن ابن عباس: “إنْ كان الآباء أرفع درجة من الأبناء رفع اللَّه الأبناء إلى الآباء، وإن كان الأبناء أرفع درجة من الآباء رفع اللَّهُ الآباء إلى الأبناء” (4) .
وقال إبراهيم: “أعطوا مثل أجور آبائهم ولم ينقص الآباء من أجورهم شيئًا” (5) .
قالوا: ويدلُّ على صِحَّة هذا القول أنَّ القراءتين كالآيتين، فمن قرأ: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطور: 21] فهذا في حقِّ البالغين الَّذين يصحُّ نِسْبَة الفعل إليهم كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: 100]، ومن قرأ: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ
__________
(1) لم أقف عليه.
(2) أخرجه ابن المنذر في تفسيره كما في الدر المنثور (6/ 148).
(3) أخرجه الطبري في تفسيره (27/ 25 – 26). وسنده صحيح.
(4) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (17/ 67)، وهو لا يثبت عن ابن عباس.
(5) أخرجه هناد في الزهد رقم (180)، والطبري في تفسيره (27/ 26) والَّلفظ له. وسنده صحيح.

(2/809)


ذُرِّيَّاتِهِمْ} فهذا في حقِّ الصغار الَّذين أَتْبَعَهُمُ اللَّه آباءهم في الإيمان حُكْمًا، فدلَّت القراءتان على النوعين.
قلتُ: واختصاص الذُّرية ها هنا بالصغار أظهر لئلا يلزم استواء المتأخرين والسابقين في الدرجات، ولا يلزم مثل هذا في الصِّغار؛ فإنَّ أطفال كلِّ رجلٍ وذرِّيته معه في درجته، واللَّه أعلم.

فصل: في أن الجنة تتكلم
قد تقدم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: “احتجت الجنة والنار” (1).
وقوله: “قالت الجنة: يا رب قد اطردت أنهاري، وطابت ثماري فعجِّل عليَّ بأهلي” (2).
وقال إسماعيل بن أبي خالد، عن سعد الطائي: “أُخْبِرتُ أن اللَّه تعالى لما خلق الجنة قال لها: تزيَّني فتزيَّنَتْ، ثم قال لها: تكلمي، فتكلمت، فقالت: طوبى لمن رضيتَ عنه” (3).
وقال قتادة: “لما خلق اللَّه الجنة قال لها: تكلَّمي، فقالت: طوبى
__________
(1) ص (800).
(2) تقدم ص (42 – 43).
(3) أخرجه المروزي في زوائده على الزهد لابن المبارك رقم (1524)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (38)، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (19) وغيرهم.
وسنده صحيح.

(2/810)


للمتقين” (1).
وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن علي، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “لما خلق اللَّه جنة عدن خَلَقَ فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قال لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون” (2).

فصل: في أن الجنة تزداد حُسْنًا على الدوام
قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثنا خلف بن هشام، حدثنا خالد بن عبد اللَّه، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن كعب قال: “ما نظر اللَّه إلى الجنة إلا قال: طوبى لأهلك، فتزداد ضِعْفًا حتى يدخلها أهلها” (3).
__________
(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (39)، وسنده ضعيف جدًّا.
وقد روي مسندًا من حديث أنس، ولا يصح.
(2) تقدم في الباب (64) ص (595 – 596).
(3) أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (37)، والدارمي في الردِّ على الجهمية رقم (201) مطوَّلًا، والآجري في الشريعة رقم (573) مطولًا، وأبو نعيم في صفة الجنَّة رقم (21).
ومداره على يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف.

(2/811)


فصل: في أن الحور العين يطلبن أزواجَهن أكثر مما يطلبهنَّ أزواجُهنّ
قد تقدم حديث معاذ (1) بن جبل في ذلك، وقول الحوراء لامرأته في الدنيا: “لا تؤذيه فيوشك أن يفارقك إلينا” (2).
وحديث عكرمة، عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قول الحوراء: “اللهم أعِنْه على دينك، وأقْبِلْ بقلبه على طاعتك” (3).
وذكر ابن أبي الدنيا، عن أبي سليمان الداراني قال: [184/ أ] “كان شاب بالعراق يتعبد، فخرج مع رفيق له إلى مكة، فكان إذا نزلوا فهو يصلي، وإن أكلوا فهو صائم، فصبر عليه رفيقه ذاهبًا وجائيًا، فلما أراد أن يفارقهُ، قال له: يا أخي أخبرني ما الذي هَيَّجَك إلى ما رأيت؟ قال: رأيت في النوم قصرًا من قصور الجنة، وإذا لبنة من فضة ولبنة ذهب، فلما تم البناء إذا شرفة من زبرجد، وشرفة من ياقوت، وبينهما حوراء من حور العين مرْخِيَّة شعرها، عليها ثوب من فضة ينثني معها كلما تَثَّنتْ، فقالت: جُدَّ إلى اللَّه في طلبي، فقد واللَّه جددت إليه في طلبكَ، فهذا الذي تراه في طلبها”.
قال أبو سليمان: “هذا في طلب حوراء، فكيف بمن قد
__________
(1) ليس في “أ”.
(2) ص (512).
(3) ص (513).

(2/812)


طلب ما هو (1) أكثر منها؟ ” (2).

فصل: في ذبح الموت بين الجنة والنار
قال اللَّه تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39)} [مريم: 39].
وعن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، فيقال: يا أهل الجنة، هل تعرفون هذا؟ فيشرئِبُّون (3) وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت. قال: ثم يقال: يا أهل النار، هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت، قال: فيؤمر به فيذبح، قال: ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39)} ” متفق عليه (4).
وفي “الصحيحين” (5) أيضًا من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-
__________
(1) قوله “بمن قد طلب ما هو” وقع عند ابن أبي الدنيا “الَّذي يريد ما هو”.
(2) أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنَّة رقم (360).
(3) قال ناسخ “أ” من المطالع: “يشرئبون: يمدُّون أعناقهم رافعي رؤوسهم متشوِّفين متطاولين لذلك”.
(4) البخاري رقم (4453)، ومسلم رقم (2849).
(5) البخاري رقم (6178)، ومسلم رقم (2850).

(2/813)


أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “يُدخِل اللَّه أهلَ الجنةِ الجنةَ، ويدخل أهلَ النار النار، ثم يقوم مؤذن بينهم، فيقول: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت، كلٌّ خالد فيما هو فيه”.
وعنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وصار أهل النار إلى النار أُتِيَ بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة: لا موت، ويا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم” (1) .
وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “إذا دخلَ أهل الجنَّة الجنَّة وأهلُ النَّارِ النَّارَ أُتِيَ بالموتِ مُلَبَّبًا فيوقفُ على السُّور الَّذي بين أهل الجنَّة وأهلِ النَّارِ، ثمَّ يُقال: يا أهل الجنَّة فيطَّلعون خائفين، ثمَّ يُقال: يا أهل النَّار فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة، فيقال لأهل الجنَّة وأهل النَّارِ: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناهُ، هو الموت، الَّذي وُكِّلَ بنا، فيضجع فيُذْبح ذَبْحًا على السور، ثمَّ يقال: يا أهل الجنَّة خلودٌ لا موت، ويا أهل النَّارِ خلودٌ لا موت” (2) .
__________
(1) البخاري رقم (6182)، ومسلم رقم (2850).
(2) أخرجه الترمذي رقم (2557)، والنسائي في الكبرى (6/ 481) رقم (11569)، وأحمد في المسند (2/ 368 – 369)، وابن خزيمة في التوحيد رقم (123 و 251) وغيرهم.
من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فذكره مطوَّلًا.
قلت: لفظة “خائفين” غريبة، لم تَرِدْ في الروايات الصحيحة. =

(2/814)


رواهُ النسائي والترمذي وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيح”.
وهذا الكبش، والإضجاع، والذبح، ومعاينة الفريقين ذلك = حقيقةٌ لا خيال ولا تمثيل، كما أخطأ فيه بعض النَّاس خطأً قبيحًا، وقال: الموت عَرَض، والعرض لا يتجسَّم فضْلًا عن أنْ يُذبح. وهذا لا يصحُّ فإنَّ اللَّه سبحانه ينشئ من الموت صورة كبش يذبح، كما ينشئ من الأعمال صورًا مُعَاينة يُثَابُ بها ويعاقب، واللَّه تعالى ينشئ من الأعراض أجسامًا تكون الأَعراض مادَّةً لها، وينشئ من الأجسام أعراضًا، كما ينشئ سبحانه من الأعراض أعراضًا، ومن الأجسام أجسامًا.
فالأقسام الأربعة ممكنة مقدورة للرَّب تعالى، ولا يستلزم جمعًا بين النقيضين، ولا شيئًا من المُحَال، ولا حاجة إلى تكلف من قال: إنَّ الذبح لملك الموت. فهذا كله من الاستدراك الفاسد على اللَّه ورسوله، والتأويل الباطل الَّذي لا يوجبه عقلٌ ولا نقل، وسببه قِلَّة
__________
= * ورواهُ محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحوه.
لكنَّه قال: “فيذبح على الصراط” بدل “السور”.
أخرجه ابن ماجه رقم (4327) وأحمد (2/ 261) وغيرهما.
* ورواهُ عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة نحوه؛ لكنَّه قال “فيوقف بين الجنَّة والنَّار” بدل “السور” أخرجه أحمد (2/ 377 و423) وغيره.
ورواهُ عبد اللَّه بن عمر وأبو سعيد الخدري بلفظ “فيوقف بين الجنَّة والنَّار” بدل “السور”.
عند البخاري رقم (4730 و6548) ومسلم رقم (2849، 2850).

(2/815)


الفهم لمراد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من كلامه، فظنَّ هذا القائل أنَّ لفظ الحديث يدلُّ على أن نفْسَ العَرَض يُذبح.
وظنَّ غالطٌ آخر: أنَّ العَرَضَ يُعدم ويزول، ويصير مكانه جسمٌ يُذبح.
ولم يهتد الفريقان إلى هذا القول الَّذي ذكرناهُ، وأنَّ اللَّه سبحانه وتعالى يُنشئ من الأعراض أجسامًا يجعلها مادَّةً لها، كما في الصحيح عنه: “تجيء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنَّهما غمامتان” (1) الحديث.
فهذه هي القراءة ينشئها اللَّه سبحانه غمامتين.
وكذلك قوله في الحديث الآخر: “إِنَّ ما تذكرون من جلال اللَّه من تسبيحه وتمجيده (2) وتكبيره، وتهليله، يتعاطفن حول العرش، لهُنَّ دَوَيٌّ كدويِّ النَّحلِ، يُذَكِّرْنَ بصاحبهن” (3) ذكره أحمد.
__________
(1) أخرجه مسلم برقم (804).
(2) في “ج”، ومصادر التخريج “وتحميده”.
(3) أخرجه أحمد في المسند (4/ 268 و 271)، وابن ماجه رقم (3809)، وابن أبي شيبة في المصنف رقم (29406, 35027)، والطبراني في الدعاء رقم (1693)، والبزار في مسنده (8/ 199) رقم (3236)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 269) وغيرهم.
من طريق موسى بن مسلم عن عون بن عبد اللَّه عن أخيه أو عن أبيه عن النعمان بن بشير فذكره.
قال أبو نعيم: “غريب من حديث عون، تفرَّد به عنه موسى، وهو =

(2/816)


وكذلك قوله في حديث عذاب القبر ونعيمه للصورة التي يراها: “فيقول: من أنتَ؟ فيقولُ: أنا عملك الصَّالح، وأنا عملك السيئ” (1) .
وهذا حقيقة لا خيال؛ ولكنَّ اللَّه سبحانه أنشأ له من عمله صورةً حسنةً، وصورة قبيحة، وهل النور الَّذي يُقْسَم بين المؤمنين يوم القيامة إلَّا نفس إيمانهم، أنشأ اللَّهُ سبحانه منه نورًا، يسعى بين أيديهم (2) ، فهذا أمرٌ معقولٌ لو لم يرد به النص، فورود النص به من باب تطابق السمع والعقل.
وقال سعيد عن قتادة: بلغنا أنَّ نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “إنَّ المؤمن إذا خرج من قبره صُوِّرَ له عمله في صورةٍ حسنةٍ وشارةٍ (3) حسنة، فيقول له: من أنتَ؟ فوالله إنِّي لأراك امرأ الصدق، فيقول له: أنا عملك، فيكون له نورًا وقائدًا إلى الجنَّة. وأمَّا الكافر إذا خرج من قبره، صُوِّر له عمله في صورة سيئة، وشارة سيئة، فيقول: ما أنت؟ فوالله إنِّي لأراك امرأ السوء، فيقول له: أنا عملك، فينطلق به حتَّى يدخله النَّار” (4) .
وقال مجاهد: مثل ذلك (5) .
__________
= أبو عيسى موسى بن مسلم الطحان، يعرف بالصغير”.
(1) تقدم في ص (141 – 145)، وراجع ص (33 – 34).
(2) يشير إلى آية الحديد (12)، وآية التحريم (8).
(3) في “ب، د”: “إشارة”، وفي “ج”: “وبشارة” في كلا الموضعين.
(4) أخرجه الطبري في تفسيره (11/ 8) وهو مرسل صحيح الإسناد.
(5) أخرجه الطبري (11/ 89) بلفظ “يكون لهم نورًا يمشون به”.
وهو صحيح عن مجاهد.

(2/817)


وقال ابن جُريج: “يُمَثَّلُ له عمله في صورة حسنة، وريح طيبة، يعارض صاحبه ويبشره بكلِّ خيرٍ، فيقول له: من أنتَ؟ فيقول: أنا عملك، فيجعل له نورًا بين يديه حتَّى يدخله الجنَّة فذلك قوله: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس: 9]، والكافرُ يُمَثَّلُ له عمله في صورةٍ سيِّئة وريح منتنة، فيلازم صاحبه ويُلادُّهُ (1) حتَّى يقذفه في النَّارِ” (2) .
وقال ابن المبارك: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن أنَّه ذكر هذه الآية: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) } [الصافات: 58 – 59] قال: “علموا أنَّ كلَّ نعيمٍ بعده الموتُ أنَّه يقطعه، فقالوا: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) } قيل: لا، قالوا: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) } ” (3) .
وكان يزيد الرَّقاشي يقول في كلامه: “أَمِنَ أهلُ الجنَّة من الموتِ، فطابَ لهم العيش، وأمِنُوا من الأسقامِ، فهُنا هم في جوار اللَّهِ طول (4) المقام، ثمَّ يبكي حتَّى تجري دموعه على لحيته” (5) .
__________
(1) كذا في جميع النسخ ومعناهُ السَّير بجانبه، انظر: اللسان (3/ 390)، ووقع عند الطبري (15/ 28 – ط/ شاكر) “ويلازُّهُ” بالزَّاي المشدَّدة، وهي بمعنى المقارنة والملازمة.
(2) أخرجه الطبري (11/ 89).
(3) أخرجه ابن المبارك في الزهد -رواية نُعيم- رقم (278)، وابن أبي حاتم في تفسيره (5/ 521 – الدر المنثور).
وسنده صحيح.
(4) ليس في “ب”.
(5) ذكره المزي في تهذيب الكمال (32/ 73).

(2/818)


فصل: في ارتفاع العبادات في الجنَّة إلا عبادة الذكر فهي دائمة
روى مسلم في “صحيحه” (1) من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- أنَّ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “يأكل أهل الجنَّة فيها ويشربون، ولا يَمْتخِطُون ولا يتغوَّطُون، ولا يبولون، ويكون طعامهم ذلك جشاءً ورشحًا كرشح المسك، يُلْهَمون التسبيح والحمد كما يلهمون النَّفَس”.
وفي رواية “التسبيح والتكبير كما تلهمون” (2) بالتاء المثناة من فوق، أي: تسبيحهم وتحميدهم يجري مع الأنفاس، كما تلهمون أنتم النَّفَس.

فصل: في تذاكر أهل الجنَّة ما كان بينهم في دار الدنيا
قال تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51)} [الصافات: 50 – 51] الآيات، وقد تقدم الكلام عليها (3).
وقال: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} [الطور: 25 – 27].
__________
(1) رقم (2835) – (18) – (19).
(2) (2835) – (20).
(3) في (ص/ 562 – 563).

(2/819)


وذكر ابن أبي الدنيا من حديث الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أنسٍ يرفعه: “إذا دخل أهل الجنَّةِ الجنَّةَ، قال (1) : فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض، فيسير سرير هذا إلى سرير هذا، وسرير هذا إلى سرير هذا، حتى يجتمعا جميعًا فيتكئ هذا، ويتكئ هذا، فيقول أحدهما لصاحبه: تعلم متى غفر اللَّه لنا؟ فيقول صاحبه: نعم يوم كذا وكذا، في موضع كذا وكذا، فدعونا اللَّه فغفر لنا” (2) .
وإذا تذاكروا ما كان بينهم، فتذاكرهم فيما كان يُشْكِلُ عليهم في الدنيا من مسائل العلم، وفهم القرآن والسنة، وصِحَّة الأحاديث = أولى وأحرى، فإن المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذُّ من الطعام والشراب والجماع، فتذاكر ذلك في الجنَّة أعظم لذَّة، وهذه لذَّة يختص بها أهل العلم، ويتميزون بها على من عداهم. واللَّه المستعان.
__________
(1) سقط من جميع النسخ.
(2) تقدم الكلام عليه ص (566)، وهو لا يثبت.

(2/820)


الباب السبعون: في ذكر المستحق لهذه البشرى دون غيره
قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25].
وقال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)} [يونس: 62 – 64].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)} [فصلت: 30].
وقال تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)} [الزمر: 17 – 18].
وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)} [التوبة: 20 – 22].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ

(2/821)


الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشورى: 22، 23].
وقال تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) } [يس: 11].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) } [الأحزاب: 45 – 47].
وقال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) } (1) [آل عمران: 169 – 171].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) } [التوبة: 111].
وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ
__________
(1) آية رقم (171) من “ب، د” فقط.

(2/822)


وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) } [البقرة: 155 – 157].
وقال تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) } [الصف: 13].
وقال في الجنَّة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) } [آل عمران: 133].
وقال: {أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21].
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) } [الكهف: 107].
وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1 )} إلى قوله: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) } [المؤمنون: 1 – 11].
وفي “المسند” وغيره أنَّ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: “قد أُنْزلت عليَّ عشر آيات من أقامهنَّ دخل الجنَّة، ثمَّ قرأ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ( 1)} حتَّى ختم العشر الآيات” (1) .
__________
(1) أخرجه أحمد (1/ 34)، وعبد الرزاق في المصنف (6038)، والترمذي رقم (3173)، وعبد بن حميد في مسنده (15 – المنتخب)، والنسائي في الكبرى (1/ 450) رقم (1439)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 460)، والحاكم (2/ 425) رقم (3479)، والبغوي في شرح السنة (5/ 177) رقم (1376)، وابن عدي في الكامل (7/ 175) وغيرهم.
من طريق عبد الرزاق عن يونس بن سليم قال أملى عليَّ يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِّي عن عمر بن الخطاب =

(2/823)


وقال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)} [الأحزاب: 35].
وقال تعالى: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)} [التوبة: 112].
وقال تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)} [مريم: 63].
وقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)} [آل عمران: 133 – 136].
__________
= فذكره – وفي أوَّله زيادة.
والحديث صحَّح إسناده الحاكم، وحسَّنه البغوي.
والحديث مدارهُ على يونس بن سليم الصنعاني، وهو مجهول، لا يعرف إلَّا في هذا الحديث، بل تكلَّم فيه عبد الرزاق، والحديث منكر كما قال النسائي، وتكلَّم فيه أبو حاتم والعقيلي وابن معين وابن عدي والذهبي.
انظر: علل ابن أبي حاتم (2/ 81)، والكامل (7/ 175)، وتهذيب الكمال (32/ 509).
تنبيه: كان عبد الرزاق يروي هذا الحديث أحيانًا، ولا يذكر “يونس بن يزيد الأيلي” كما في المصنف، وعبد بن حميد وغيرهما.

(2/824)


وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) } إلى قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) } [الصف: 10 – 13].
وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) } [الرحمن: 46]وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) } [النازعات: 40 – 41].
وهذا في القرآن كثير، مداره على ثلاث قواعد: إيمان، وتقوى، وعمل خالص للَّه على موافقة السنة. فأهل هذه الأصول الثلاثة هم أهل البشرى دون مَنْ عَدَاهم من سائر الخلق، وعليها دارت بشارات القرآن والسنة جميعها، وهي تجتمع في أصلين: إخلاص في طاعة اللَّه، وإحسان إلى خلقه، وضدها يجتمع في الذين يراؤون ويمنعون الماعون، ويرجع إلى خصلة واحدة، وهي موافقة الرب سبحانه وتعالى في محابِّه، ولا طريق إلى ذلك إلا بتحقيق القدوة ظاهرًا وباطنًا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وأما الأعمال التي هي تفاصيل هذا الأصل، فهي: “بضعٌ وسبعون شعبة: أعلاها قول لا إله ألا اللَّه، وأدناها إماطه الأذى عن الطريق” (1) ،
وبين هاتين الشعبتين سائر الشُّعب التي مرجعها إلى تصديق الرسول في كل ما أخبر به، وطاعته في جميع ما أمر به إيجابًا واستحبابًا، كالإيمان
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (35).

(2/825)


بأسماء الرب وصفاته وأفعاله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل كما قال الشافعي رحمه اللَّه: “الحمد للَّه الذي هو كما وصف به نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه” (1) .
وكأنَّه أخذ هذا من قول النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- “الَّلهم لك الحمد كالذي نقول، وخيرًا مما نقول” (2) .
وقد ذكرنا في أول الكتاب جملة مقالات (3) أهل السنة والحديث التي أجمعوا عليها، كما حكاه الأشعري عنهم، ونحن نحكي إجماعهم، كما حكاه حرب – صاحب الإمام أحمد – عنهم بلفظه، في “مسائله” المشهورة (4) .
__________
(1) انظر: كتاب “الرسالة” له ص (1).
(2) أخرجه الترمذي برقم (3520)، وابن خزيمة في صحيحه رقم (2841)، والمحاملي في الدعاء رقم (62) والَّلفظ لهم، والطبراني في الدعاء (874) وفضل عشر ذي الحجة رقم (51).
من طريق قيس بن الربيع عن الأغر عن خليفة بن حصين عن علي بن أبي طالب فذكره مطوَّلًا.
قال الترمذي: “هذا حديثٌ غريب من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي”.
وقال ابن خزيمة: “. . . إنْ ثبت الخبر ولا أخال؛ إلَّا أنَّه ليس في الخبر حكم، وإنَّما هو دعاء، فخرَّجنا هذا الخبر، وإنْ لم يكن ثابتًا من جهة النَّقْل، إذ هذا الدعاء مباح أنْ يدعو به على الموقف وغيره”.
(3) في “أ، ج، هـ”: “مقالة”، والمثبت أصوب. وراجع ص (26).
(4) ص (354 – 361).

(2/826)


“هذا مذهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بها، المقتدى بهم من لَدُن أصحاب النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى يومنا هذا، وأدركت مَنْ أدركت مِنْ علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم، فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها، فهو مخالفٌ مبتدعٌ خارجٌ عن الجماعة، زائلٌ عن منهج السنة وسبيل الحق.
قال: وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد اللَّه ابن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العِلْمَ، فكان من قولهم:
“أنَّ الإيمان قول وعمل ونِيَّة وتمسُّك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص، ويُسْتثنى في الإيمان غير أنْ لا يكون الاستثناء شكًّا (1) ، إنَّما هي سنَّةٌ ماضيةٌ عند العلماء. فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ فإنَّه يقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه؟ أو مؤمن أرجو، أو يقول: آمنت باللَّه وملائكته وكتبه ورسله.
ومن زعم أنَّ الإيمان قولٌ بلا عمل؛ فهو مرجئ، ومن زعم أنَّ الإيمان هو القول والأعمال شرائع؛ فهو مرجيء. ومن زعم أنَّ الإيمان يزيدُ ولا ينقص، فقد قال يقول المرجئة، ومن لم يَرَ الاستثناء في الإيمان؛ فهو مرجئ، ومن زعم أنَّ إيمانه كإيمان جبريل والملائكة
__________
(1) قوله: “ويستثني في الإيمان غير أنْ لا يكون الاستثناء شكًّا” ليس في المطبوع من مسائل حرب.

(2/827)


فهو مرجئ. ومن زعم أنَّ المعرفة تقع (1) في القلب وإن لم يتكلم بها؛ فهو مرجئ (2) .
والقدر خيره وشره، وقليله وكثيره، وظاهره وباطنه، وحلوه ومره، ومحبوبه ومكروهه، وحسنه وسيئه، وأوله وآخره = من اللَّه عز وجل، قضاءٌ قضاه على عباده، وقدرٌ قدَّره عليهم، لا يعدو أحدٌ منهم مشيةَ (3) اللَّه عز وجل ولا يجاوزه قضاؤه، بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، واقعون فيما قَدَّر عليهم (4) ، وهو عدل منه جل ربنا وعزَّ.
والزنى والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، وأكل المال الحرام، والشرك (5) والمعاصي كلها بقضاء اللَّه (6) وقدرٍ من اللَّه، من غير أن يكون لأحد من الخلق (7) على اللَّه حُجَّة، بل للَّه الحجة البالغة على خلقه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) } [الأنبياء: 23].
__________
(1) وقع في “هـ”، ونسخة على حاشية “د”، والمطبوعة من “مسائل حرب” “تنفع”.
(2) في المطبوعة من المسائل “جهمي”، وجاء بعده “ومن زعم أنَّه مؤمنٌ عند اللَّه مستكمل الإيمان فهذا من أشنع قول المرجئة وأقبحه”. وليس هذا في جميع النسخ.
(3) في “هـ”: “عن مشيئة”.
(4) زادت المطبوعة من المسائل بعد “عليهم”: “لا محالة”.
(5) وقع في المطبوعة من المسائل “والشرك باللَّه والذنوب جميعًا”.
(6) ليس في المطبوعة من المسائل.
(7) قوله “من الخلق” ليس في المطبوعة من المسائل.

(2/828)


وعِلْمُ اللَّه عز وجل ماض في خلقه بمشيئة منه، قد عَلِمَ من إبليس ومن غيره -ممَّن عصاه من لدن عُصِي تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة- المعصية وخلقهم لها.
وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها، فكل يعمل لِمَا خُلِقَ (1) له، وصائر إلى ما قضى عليه (2) ، لا يَعْدُو أحد منهم قَدَرَ اللَّه ومشيئته، واللَّه الفعال لما يريد.
ومن زعم أنَّ اللَّه سبحانه شاء لعباده الذين عَصَوْهُ الخير والطاعة، وأنَّ العباد شاءوا لأنفسهم الشر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم = فقد زعم أنَّ مشيئة العباد أغلب من مشيئة اللَّه تبارك وتعالى، وأي افتراء أكبر على اللَّه من هذا؟! (3) .
ومن زعم أنَّ الزنى ليس بقدر، قيل له: أرأيت هذه المرأة حملت من الزنى، وجاءت بولد، هل شاء اللَّه عز وجل أن يخلق هذا الولد، وهل مضى في سابق علمه؟ فإن قال: لا، فقد زعم أنَّ مع اللَّه خالقًا، وهذا الشرك صراحًا (4) .
__________
(1) قوله “لما خلق” وقع في المطبوعة من المسائل “بما يخلق له”.
(2) جاء في المطبوعة من المسائل هنا زيادة وهي: “وعلم منه”.
(3) جاء في المطبوعة من المسائل زيادة “ومن زعم أنَّ أحدًا من الخلقِ صائرًا إلى غير ما خلق له، فقد نفى قدرة اللَّه عن خلقه، وهذا إفكٌ على اللَّهِ وكذب عليه”.
(4) قوله “وهذا الشرك صراحًا” وقع في المطبوعة من المسائل “وهذا قول يضارع الشرك، بل هو الشرك”.

(2/829)


ومن زعم أنَّ السرقة، وشرب الخمر، وأكل المال الحرام ليس بقضاء وقدر (1) ؛ فقد زعم أنَّ هذا الإنسان قادرٌ على أنْ يأكل رزق غيره، وهذا صراح قول المجوسية (2) ، بل أكل رزقه الذي قضى اللَّه (3) أن يأكله من الوجه الذي أكله.
ومن زعم أنَّ قتل النفس ليس بقدر من اللَّه عز وجل، فقد زعم أنَّ المقتول مات بغير أجله، وأي كفر أوضح من هذا؟ بل ذلك بقضاء اللَّه عز وجل (4) ، وذلك عدلٌ منه (5) في خلقه، وتدبيره فيهم، وما جرى من سابق علمه فيهم (6) ، وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد.
ومن أقرَّ بالعلم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصِّغَر والقماءة (7) .
ولا نشهد على أحدٍ من أهل القبلة أنَّه في النَّار لذنب عمله، ولا لكبيرة أتاها، إلا أن يكون ذلك في حديث [فيروى الحديث] كما جاء،
__________
(1) في المطبوعة من المسائل “وقدر من اللَّه”.
(2) قوله “وهذا صراح قول المجوسية”، جاء في المطبوعة من المسائل “وهذا القول يضارع قول المجوسية والنصرانية”.
(3) في المطبوعة من المسائل “اللَّه له”.
(4) في المطبوعة من المسائل “. . بقضاء من اللَّه عزَّ وجلَّ وقدر”.
(5) في المسائل “وكل ذلك بمشيئته” بدل “وذلك عدلٌ منه”.
(6) في المسائل “لهم”.
(7) جاء في المسائل بعد “والقماءة” إضافة “واللَّه الضار النَّافع، المضل الهادي، فتبارك اللَّه أحسنُ الخالقين”.
والقماءة: بمعنى الصِّغَر والحقارة. اللسان (1/ 134).

(2/830)


ولا ننص (1) الشهادة، ولا نشهد لأحد أنَّه في الجنَّة بصالح عمله، ولا بخير أتاه (2) إلا أن يكون في ذلك حديث، [فيروى الحديث] كما جاء على ما رُوِي، ولا ننص (3) الشهادة.
والخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان، ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها، ولا يخرج عليهم، ولا يقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة.
والجهاد ماضٍ قائمٌ مع الأئمة بروا أو فجروا، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل.
والجمعة والعيدين والحج مع السلطان، وإن لم يكونوا بَرَرَة عدولًا أتقياء.
ودفع الصدقات والخراج والأعشار والفيء والغنائم إليهم (4) عدلوا
__________
(1) قوله: “في حديثٍ كما جاء، ولا ننص” جاء في المسائل: “في حديثٍ فيروى الحديث كما جاء على ما رُوي، ويصدق به ويقبل، ويعلم أنَّه كما جاء، ولا ينصب”، وجميع ما بين المعقوفتين من المسائل.
(2) قوله: “بصالح عمله، ولا بخير أتاهُ” في المسائل “لصلاح عمله أو لخيرٍ أتى به”.
(3) قوله: “كما جاء على ما روي ولا ننص الشهادة” جاء في المسائل “فيروى الحديث كما جاء على ما روي، يصدق به ويقبل ويعلم أنَّه كما جاء، ولا ينصب الشهادة”، وجاء في “أ، هـ” “وننص”، وفي “ج” “ولا نص” بدل “ولا ننص”.
قال شيخ الإسلام: لفظ “ننص” هو المشهود عليه، معناه: ولا نشهد على المعيَّن؛ وإلا فقد قال: نعلم أنه كما جاء … مختصر الصواعق المرسلة (ص/ 480).
(4) قوله: “والغنائم إليهم” وجاء في المسائل “والغنيمة إلى الأمراء”.

(2/831)


فيها أو جاروا.
والانقياد لمن ولاه اللَّه عز وجل أمركم (1) ، لا ننزع يدًا من طاعته، ولا تخرج عليه بسيف، حتى يجعل اللَّه لك فرجًا ومخرجًا، ولا نخرج على السلطان، ونسمع ونطيع، ولا ننكث بَيْعتهُ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف (2) مفارق للجماعة.
وإن أمرك السلطان بأمر هو للَّه معصية، فليس لك أن تطيعه البتة، وليس لك أن تخرج عليه، ولا تمنعه حقه.
والإمساك في الفتنة سنةٌ ماضيةٌ واجبٌ لزومها، فإنِ ابْتُلِيت فقدِّم نفسك (3) دون دينك، ولا تُعِنْ على الفتنة بِيَدٍ ولا لسان، ولكن أكفف يدك ولسانك وهواك، واللَّه المعين.
والكف عن أهل القبلة، فلا نكفر أحدًا منهم بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل؛ إلا أن يكون في ذلك حديث [فيروى الحديث] كما جاء، وكما رُوي، فنصدقه ونقبله ونعلم أنَّه كما روي: نحو ترك الصلاة، وشرب الخمر، وما أشبه ذلك، أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر، والخروج من الإسلام، فاتبع ذلك (4) ولا تجاوزه (5) .
__________
(1) في المسائل “أمرك”، وجاء فيه: “يدك” و”بسيفك” بدل “يدًا” و”بسيف”.
(2) في المسائل “مخارق”.
(3) في المسائل “نفسك ومالَكَ”.
(4) قوله: “فاتبع ذلك” جاء في المسائل “واتبع الأثر في ذلك”.
(5) في المسائل “ولا أحب الصلاة خلف أهل البدع، ولا الصلاة على من مات =

(2/832)


والأعور الدجال خارج لا شك في ذلك ولا ارتياب، وهو أكذب الكاذبين.
وعذاب القبر حقٌّ، يسأل العبد عن دينه، [وعن نبيه]، (1) وعن ربه، وعن الجنَّة وعن النَّار (2) .
ومنكر ونكير حق، وهما فَتَّانا القبر (3) . نسأل اللَّه الثبات.
وحوض محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- حق، حوض تَرِده أُمته، وله آنية يشربون بها منه.
والصراط حق، يوضع على سواء جهنم، ويمر الناس عليه، والجنَّة من وراء ذلك.
والميزان حق، توزن به الحسنات والسيئات، كما شاء اللَّه أن توزن.
والصور حق، ينفخ فيه إسرافيل فيموت الخلق، ثم ينفخ فيه الأخرى فيقومون لرب العالمين للحساب، وفصل (4) القضاء، والثواب والعقاب، والجنَّة والنَّار.
واللوح المحفوظ [حق]، يستنسخ منه أعمال العباد، لما سبق فيه
__________
= منهم”.
(1) ما بين المعقوفتين من المسائل.
(2) قوله: “وعن الجنَّة وعن النَّارِ” جاء في المسائل “ويرى مقعده من الجنَّة والنار”.
(3) في المسائل “القبور”.
(4) ليس في المسائل.

(2/833)


من المقادير والقضاء.
والقلم حق كتب اللَّه به مقادير كل شيء، وأحصاه في الذِّكْر.
والشفاعة يوم القيامة حق، يشفع قومٌ في قوم، فلا يصيرون إلى النَّار، ويخرج قوم من النَّار بعد ما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء اللَّه، ثم يخرجهم من النَّار (1) ، وقوم يخلدون فيها أبدًا، وهم أهل الشرك والتكذيب، والجحود والكفر باللَّه عز وجل.
ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنَّة والنَّار، وقد خلقت الجنَّة وما فيها، وخلقت النَّار وما فيها، خلقهما اللَّه عز وجل، وخلق الخلق لهما، ولا يفنيان ولا يفنى ما فيهما أبدًا.
فإن احتج مبتدع أو زنديق يقول اللَّه عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، وبنحو هذا من متشابه القرآن (2) .
قيل (3) له: كل شيء مما كتب عليه الفناء والهلاك هالك، والجنَّة والنَّار خلقهما للبقاء لا للفناء، ولا للهلاك، وهما من الآخرة لا من الدنيا.
والحور العين لا يمتن عند قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا أبدًا؛ لأن اللَّه عز وجل خلقهنَّ للبقاء لا للفناء، ولم يكتب عليهن الموت.
__________
(1) في المسائل “بشفاعة الشافعين” بدل جملة “ولبثوا فيها. . . ” إلى “من النَّارِ”.
(2) قوله “من متشابه القرآن” ليس في المسائل.
(3) في نسخةٍ على حاشية “أ” “قل”، وفي المسائل “فقل” وهو أصح.

(2/834)


فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع (1) ضل عن سواء السبيل.
وخلق سبع سماوات بعضها فوق بعض، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا إلى السماء الدنيا مسيرة (2) خمس مئة عام، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمس مئة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء، واللَّه عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السماوات والأرضين السبع وما بينهما (3) ، وما تحت الثرى، وما في قعر البحر، ومنبت كل شعرة وشجرة، وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد كل كلمة (4) ، وعدد الرمل والحصى والتراب، ومثاقيل الجبال (5) ، وأعمال العباد وآثارهم، وكلامهم وأنفاسهم (6) ، ويعلم كل شيء، لا يخفى عليه من ذلك شيء.
وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حُجُبٌ من نار ونور وظلمة، وما هو أعلم به.
فإن احتج مبتدع ومخالف (7) بقول اللَّه عز وجل: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]. وبقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى
__________
(1) جاء في المسائل إضافة “مخالف، وقد”.
(2) من “ب، ج، د، هـ” والمسائل.
(3) في المسائل “وما بينهنَّ وما تحتهنَّ” بدل “وما بينهما”.
(4) قوله: “كل كلمة” جاء في المسائل: “ذلك كله”.
(5) في المسائل إضافة “وقطر الأمطار”.
(6) في المسائل إضافة “وتَمْتَمَتهم، وما توسوس به صدورهم”.
(7) في المسائل إضافة “أو زنديق”.

(2/835)


ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7]. ونحو هذا من متشابه القرآن.
فقل: إنَّما يعني بذلك العلم؛ لأنَّ اللَّه عز وجل على العرش فوق السماء السابعة العليا، يعلم ذلك كله، وهو بائن من خلقه، لا يخلو من علمه مكان.
وللَّه عز وجل عرش، وللعرش حَمَلَة يحملونه، واللَّه عز وجل على عرشه، وله حدٌّ (1) .
واللَّه عز وجل سميع لا يشك بصير لا يرتاب، عليم لا يجهل، جواد لا يبخل، حليم لا يعجل، حفيظ لا ينسى ولا يسهو، قريب (2) لا يغفل، ويتكلم (3) وينظر ويبسط، ويضحك ويفرح، ويحب ويكره ويبغض، ويرضى ويغضب، ويسخط ويرحم، ويعفو ويغفر، ويعطي ويمنع،
__________
(1) في “أ” “وليس له جسد”، وفي باقي النسخ “وليس له حدٌّ” وكلُّه خطأ، والتصويب من المسائل وفيها إضافة “اللَّه أعلم بحدِّه، واللَّه على عرشه عزَّ ذكره”.
وإثبات الحدِّ للَّه قال به جماعةٌ من السلف: كابن المبارك وحماد بن زيد، والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم، بل ألَّف الدشتي رسالة في إثبات الحدِّ للَّه. وانظر نقض الدارمي على بشر المريسي ص (57 – 58).
(2) في المسائل “رقيب”.
(3) في المسائل إضافة “ويتحرك”.
وفي لفظة “الحركة” كلامٌ من حيث إطلاقه وعدمه.
انظر نقض الدَّارمي على بشر المريسي ص (162 – 164)، ومجموع الفتاوى (16/ 423 و 427) ومختصر الصواعق المرسلة (2/ 257 – 258).

(2/836)


وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف يشاء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) } [الشورى: 11] وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ويوعيها (1) ما أراد، وخلق آدم بيده على صورته، والسماوات والأرض (2) يوم القيامة في كفه (3) ، ويضع قدمه في النَّار فتنزوي، ويخرج قومًا من النَّار بيده، وينظر إلى وجهه أهل الجنَّة، ويرونه (4) فيكرمهم ويتجلى لهم، ويُعْرَضُ (5) عليه العباد يوم القيامة، ويتولى حسابهم بنفسه، لا يلي ذلك غيره عز وجل.
والقرآن كلام اللَّه تكلم به ليس بمخلوق، فمن زعم أنَّ القرآن مخلوق فهو جهميٌّ كافر، ومن زعم أن القرآن كلام اللَّه ووقف، فلم يقل: ليس بمخلوق، فهو أخبث من القول الأول (6) ، ومن زعم أنَّ ألفاظنا وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام اللَّه فهو جهمي (7) .
وَكلَّم اللَّهُ مُوسى تكليمًا: منه إليه (8) ، وناوله التوراة من يده إلى يده، ولم يزل اللَّه عز وجل متكلمًا (9) .
__________
(1) في “ب”: “ويعيها”.
(2) في المسائل “والأرضون”.
(3) في المسائل إضافة “وقبضته”.
(4) في المسائل “ويزورونه”.
(5) في المسائل “لهم فيعطيهم، ويُعرَضُ”.
(6) قوله: “فهو أخبث من القول الأوَّل”، في المسائل “أكفر من الأوَّل، وأخبث قولًا”.
(7) في المسائل “جهمي خبيث مبتدع، ومن لم يكفرهم. . . فهو مثلهم”.
(8) قوله: “تكليمًا منه إليه” ليس في المسائل.
(9) في المسائل “متكلمًا عالمًا، فتبارك اللَّه أحسن الخالقين”.

(2/837)


والرؤيا من اللَّه، وهي حق إذا رأى صاحبها في منامه مما ليس ضِغْثًا، فَقَصَّها على عالم وصَدَقَ فيها، وأوَّلها (1) العالم على أصل تأويلها الصحيح ولم يحرِّف، فالرؤيا تأويلها (2) حينئذ حق، وقد كانت الرؤيا من الأنبياء وحيًا، فأيُّ جاهل أجهل ممن يطعن في الرؤيا، ويزعم أنَّها ليست بشيء؟ وبلغني أنَّ من قال: هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام (3) ، وقد روي عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إن رؤيا المؤمن كلام يكلم به الربُّ عبدَهُ” (4) . وقال: “إن الرؤيا من
__________
(1) في جميع النسخ “تأولها”، والمثبت من المسائل.
(2) في “هـ”: “ولم يحرِّف في الرؤيا، تأويلها”.
(3) من قوله “وبلغني” إلى “الاحتلام” ليس في المسائل.
(4) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (486)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (107 ق/ ب)، وحرب في مسائله ص (432)، والطبراني كما في المجمع (7/ 174) وغيرهم.
من طريق جنيد بن ميمون عن حمزة بن الزبير عن عبادة فذكره.
ولفظه “رؤيا المؤمن من كلام يكلم به العبد ربه تبارك وتعالى في المنام”.
وجنيد وحمزة مجهولان، ولهذا قال الهيثمي: “وفيه من لم أعرفه”.
وانظر الفتح (12/ 354).
* ورواهُ إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن حميد بن عبد اللَّه أنَّ رجلًا سأل عبادة عن قوله تعالى {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] فقال عبادة: سألت عنها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: “هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو تُرى له، وهو من كلام يكلم به ربك عبده في المنام”.
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (487)، والطبراني في مسند الشاميين رقم (1025)، وابن عساكر (6/ 20 – 21). =

(2/838)


اللَّه” (1) .
وذكر (2) محاسن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والكفُّ عن ذكر مساويهم التي شجرت بينهم (3) .
__________
= * وقد خولف إسماعيل بن عياش:
خالفه: أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج وبقية بن الوليد والوليد بن مسلم كلهم عن صفوان به، ولم يذكروا جملة “وهو كلام يكلم. . . “.
أخرجه أحمد (5/ 325)، والشاشي في مسنده رقم (1217)، والطبري في تفسيره (11/ 137)، والطبراني في مسند الشاميين رقم (1025)، وابن عساكر في تاريخه (6/ 20 – 21).
ورواهُ عمر بن عمرو عن حميد بن عبد اللَّه عن عبادة فذكره، ولم يذكر جملة “وهو كلام .. . . “.
* ورواهُ أيوب بن خالد بن صفوان عن عبادة فذكره، ولم يذكر جملة “وهو كلام يكلم .. . . “.
أخرجه الطبري في تفسيره (11/ 134 و 135). والحديث مداره على حميد بن عبد اللَّه -كما جاء في مصادر التخريج- أو حُميد بن عبد الرحمن -كما جاء في المسند وأطرافه وابن أبي عاصم-، وقد اختلف في نسبته كثيرًا، وفيه جهالة، ولا يُعلم هل سمع من عبادة أم لا؟
وعليه فالحديث ضعيف الإسناد، وتلك الزيادة شاذة واللَّه أعلم.
تنبيه: وقع عند الطبراني في مسند الشاميين وابن عساكر في تاريخه: رواية الوليد بن مسلم مقرونة برواية إسماعيل بن عيَّاش.
(1) أخرجه البخاري رقم (5415)، ومسلم (2261) من حديث أبي قتادة رضي اللَّه عنه.
(2) في المسائل “ومن السنة الواضحة البيَّنة الثابتة المعروفة ذكر. . . “.
(3) قوله: “التي شجرت بينهم” جاء في المسائل “والَّذي شجر بينهم”.

(2/839)


فمن سب أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو واحدًا منهم أو تَنَقَّصه (1) أو طعن عليهم، أو عرَّض بعيبهم (2) ، أو عاب أحدًا منهم (3) ، فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف، لا يقبل اللَّه منه صرفًا ولا عدلًا، بل حُبُّهم سُنَّة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.
وخير الأمة بعد النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو بكر، وعمر بعد أبي بكر رضي اللَّه عنه، وعثمان بعد عمر، وعلي بعد عثمان (4) ، ووقف قوم على عثمان، وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد هؤلاء الأربعة خير الناس، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئًا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص (5) ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه (6) ، فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة، وخلده
__________
(1) قوله: “أو تنقصه” ليس في المسائل.
(2) في “هـ”: “بغيبتهم”.
(3) في المسائل “منهم بقليل أو كثير، أو دقَّ أو جلَّ ممَّا يتطرق إلى الوقيعة في أحدٍ منهم”.
(4) قوله: “أبو بكر، وعمر بعد أبي بكر. . . وعلي بعد عثمان” وقع في “هـ” “أبي بكر وعمر وعثمان ثمَّ علي”.
وجاء في المسائل “أبو بكر، وخيرهم بعد أبي بكر: عمر، وخيرهم بعد عمر: عثمان، وقال قومٌ من أهل العلم وأهل السنة: وخيرهم بعد عثمان علي”.
(5) في المسائل “ولا بنقص ولا وقيعة”.
(6) في المسائل “ثمَّ يستتيبه”.

(2/840)


الحبس، حتى يموت أو يراجع (1) .
ونعرف للعرب حقها، وفضلها وسابقتها، ونحبهم لحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- “فإن حبهم إيمان، وبغضهم نفاق” (2) ، ولا نقول بقول الشُّعوبِيَّة وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب، ولا يقرون لهم بفضل، فإن قولهم: بدعة (3) .
ومن حرَّم المكاسب والتجارات وطِيْبَ المال من وجهه (4) ؛ فقد جهل وأخطأ وخالف، بل المكاسب من وجهها حلال، وقد أحلها اللَّه عز وجل ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- (5) ، فالرجل ينبغي له أن يسعى على نفسه وعياله
__________
(1) في “هـ”: “يرجع”، وجاء في المسائل “أو يراجع، فهذا السنة في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-“.
(2) أخرجه العقيلي في الضعفاء (4/ 355)، والطبراني في الأوسط رقم (2537)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 333)، والحاكم في المستدرك (4/ 97) رقم (6998) والَّلفظ له.
من طريق معقل بن مالك عن الهيثم بن جماز عن ثابت بن أنس فذكر نحوه، وفيه زيادة.
قال الطبراني: “لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلَّا الهيثم”.
وقال الحاكم: “صحيح الإسناد ولم يخرجاه”.
وتعقبه الذهبي بقوله: “الهيثم: متروك، ومعقل: ضعيف”.
وكذلك قال الهيثمي في المجمع (1/ 53) في الهيثم.
وقال العقيلي في ترجمة الهيثم: “حديثه غير محفوظ”.
(3) جاء في المسائل “بالفضل، فإنَّ قولهم: بدعة وخلاف”.
(4) في المسائل “وطلب المال من وجوهها”.
(5) في المسائل “ورسوله والعلماء من الأمة”.

(2/841)


من (1) فضل ربه، فإن ترك ذلك على أنَّه لا يرى الكسب فهو مخالف (2) .
والدين إنَّما هو كتاب اللَّه عز وجل، وآثار وسنن وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة (3) ، يصدق بعضها بعضًا حتى ينتهي ذلك إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحابه رضي اللَّه عنهم، والتابعين وتابعي التابعين، ومن بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم، المتمسكين بالسنة، والمتعلقين بالآثار، لا يُعْرَفُون (4) ببدعة، ولا يطعن فيهم بكذب، ولا يُرْمَوْن بخلاف.
إلى أن قال: “فهذه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة والجماعة والأثر، وأصحاب الروايات وحملة العلم، الذين أدركناهم، وأخذنا عنهم الحديث، وتعلمنا منهم السنن، وكانوا أئمة معروفين، ثقاتٍ أهل صدق وأمانة يقتدى بهم، ويؤخذ عنهم، ولم يكونوا أصحاب بدع (5) ولا خلاف، ولا تخليط، وهو قول أئمتهم وعلمائهم الذين كانوا قبلهم، فتمسَّكوا بذلك، وتعلَّموه وعلِّموه”.
__________
(1) في المسائل “ويبتغي من”.
(2) في المسائل إضافة “وكل أحد أحق بماله الَّذي ورثه أو استفاده، أو أصابه أو اكتسبه لا كما يقول المتكلمون المخالفون”.
(3) جاء في المسائل إضافة “المشهورة، يرويها الثقة الأوَّل المعروف عن الثاني الثقة المعروف”.
(4) في المسائل “الَّذين لا يعرفون”.
(5) في “ب, ج، د”: “بدعة”.

(2/842)


قلت: حرب هذا هو صاحب أحمد وإسحاق، وله عنهما مسائل جليلة، وأخذ عن سعيد بن منصور، وعبد اللَّه بن الزبير الحميدي. وهذه الطبقة، وقد حكى هذه المذاهب عنهم واتفاقهم عليها، ومن تأمل المنقول عن هؤلاء وأضعاف أضعافهم من أئمة السنة والحديث، وجده مطابقًا لما نقله حرب، ولو تتبعناه لكان بقدر هذا الكتاب مِرارًا، وقد جمعنا منه في مسألة علو الرب تعالى على خلقه واستوائه على عرشه وحدها سفرًا متوسطًا (1)، فهذا مذهب المستحقين لهذه البشرى قولًا وعملًا واعتقادًا. وباللَّه التوفيق.

فصل: ونختم هذا الكتاب بما ابتدأناه به أوَّلا، وهو خاتمة دعوى أهل الجنَّة
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)} [يونس: 9 – 10].
قال حجاج: عن ابن جريج: أُخبِرْتُ أنَّ قوله: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} قال: “إذا مرَّ بهم الطير يشتهونه، قالوا: سبحانك اللهم، وذلك دعواهم، فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فيُسلَّم عليهم فيردون
__________
(1) هو “اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية”، وهو مطبوع.

(2/843)


عليه، فذلك قوله تعالى: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}، قال: فإذا أكلوا حمدوا ربهم، فذلك قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) } ” (1) .
وقال سعيد، عن قتادة: قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} يقول: “ذلك قولهم فيها: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} ” (2) .
وقال الأشجعي: سمعت سفيان يقول: “إذا أرادوا الشيء قالوا: سبحانك اللهم، فيأتيهم ما دعوا به” (3) .
ومعنى هذه الكلمة تنزيه الرب تعالى وتعظيمه وإجلاله عما لا يليق به.
وذكر سفيان عن [عثمان بن] (4) عبد اللَّه بن موهب قال: سمعت موسى بن طلحة قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن “سبحان اللَّه”، فقال: “تنزيه اللَّه عن السوء” (5) .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره (11/ 89).
(2) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1930) رقم (10242)، والطبري في تفسيره (11/ 90). وسنده صحيح.
(3) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 1930) رقم (10243)، والطبري (11/ 90).
وسنده صحيح، وسفيان هو: الثوري، انظر: تفسيره ص (128).
(4) ما بين المعكوفتين من الطبري، وعلل الدَّارقطني، وليس في النسخ.
(5) أخرجه الطبري في تفسيره (15/ 31) رقم (17567 و 1769 – شاكر).
– ورواهُ سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة عن موسى بن طلحة عن =

(2/844)


وسأل ابن الكوَّاء عليًّا عنها، فقال: “كلمةٌ رضيها اللَّه لنفسه” (1) .
__________
= أبيه طلحة بن عبيد اللَّه فذكره مرفوعًا.
أخرجه الطبري (15/ 32) رقم (17571).
وهذا خطأ، لا يتابع عليه، انظر الكامل لابن عدي (3/ 284 – 285).
والصوابُ حديث الثوري مرسلًا. انظر علل الدَّارقطني (4/ 208 – 209).
– ورواهُ عبد الرحمن بن حماد عن حفص بن سليمان عن طلحة بن يحيى عن أبيه عن طلحة بن عبيد اللَّه فذكره مرفوعا كما سيأتي عند المؤلِّف.
أخرجه البزار في مسنده (3/ 164) رقم (950)، والطبري في تفسيره (15/ 31 – شاكر)، والشاشي في مسنده رقم (10)، وابن حبان في المجروحين (2/ 60)، والحاكم في المستدرك (1/ 680) رقم (1848).
قال الحاكم: “هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه”.
قال الذهبي معقِّبًا عليه: “بل لم يصح، فإنَّ طلحة منكر الحديث قاله البخاري، وحفص: واهي، فالحديث ضعيف جدًّا”.
تنبيه: ليس في سند ابن حبان “حفص بن سليمان” وقد قال ابن حبان في ترجمة “عبد الرحمن بن حماد”: “يروي عن طلحة بن يحيى نسخة موضوعة. . . ” ثمَّ ذكر حديثين، هذا أحدهما.
(1) أخرجه الطبري في تفسيره (15/ 3) رقم (17568).
وفيه قابوس بن أبي ظبيان، فيه ضعف، وفي سماع والده من علي ابن أبي طالب اختلاف.
– وقد جاء من وجهٍ آخر:
رواهُ حجاج بن أرطاة عن ابن أبي مُلَيْكة عن ابن عباس أنَّ عمر قال لعلي وأصحابه عنده: لا إله إلَّا اللَّهِ والحمدُ للَّه، واللَّه أكبر قد عرفناها، فما سبحان اللَّه؟ فقال علي: كلمة أحبها لنفسه، ورضيها لنفسه، وأحب أنْ تقال”.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره رقم (13 و 343 و 10251) وغيره.
وقد وقع فيه اختلاف، والمثبت الرواية الرَّاجحة، والأثر مداره على الحجاج بن أرطاة، وهو مدلَّس لم يصرِّح بالتحديث.

(2/845)


وقال حفص بن سليمان: حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة عن أبيه، عن طلحة بن عبيد اللَّه قال: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن تفسير “سبحان اللَّه”؟ فقال: “هو تنزيه اللَّه عزَّ وجلَّ عن كلِّ سوءٍ”.
فأخبر تعالى عن أوَّل دعواهم إذا استدعوا شيئًا: قالوا: سبحان اللَّه، وعن آخر دعواهم عندما يحصل لهم، وهو قولهم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
ومعنى الآية أعمُّ من ذلك، والدعوى: مثل الدعاء، والدعاءُ يرادُ به الثناء، ويراد به المسألة.
وفي الحديث: “أفضلُ الدُّعاء الحمدُ للَّه” (1) .
__________
(1) أخرجه الترمذي برقم (3383)، وابن ماجه رقم (3800)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (831)، وابن حبان (3/ 126) رقم (846)، والحاكم في المستدرك (1/ 676) رقم (1834) وغيرهم.
من طريق موسى بن إبراهيم الأنصاري عن طلحة بن خراش عن جابر بن عبد اللَّه بمثله وأوَّله “أفضل الذِّكر لا إله إلَّا اللَّه”.
والحديث مدارهُ على موسى بن إبراهيم الأنصاري روى عنه جمع، وقال ابن حبان في الثقات (7/ 449): “كان ممَّن يخطئ”.
وقد وقع في الحديث اضطراب في سنده “حيث جاء موقوفًا على جابر”، وفي متنه حيث جاء “أفضل الدعاء لا إله إلَّا اللَّه، وأفضل الذكر الحمد للَّه”.
والحديث صححه ابن حبان والحاكم وحسنه ابن حجر، وقال الترمذي “حسنٌ غريب، لا يُعرف إلَّا من حديث موسى بن إبراهيم”.
قال الحافظ ابن حجر: “. . . ولم أقف في موسى على جرح ولا تعديل، إلَّا أنَّ ابن حبان ذكره في الثقات وقال: “يخطئ”، وهذا عجيبٌ منه؛ لأنَّ =

(2/846)


فالدعاء ها هنا: دُعاءُ ثناءٍ يُلْهَمَه أهل الجنَّة، فأخبر سبحانه عن أوَّله وآخره، فأوَّله تسبيحٌ، وآخره حمدٌ يُلْهمونهما (1) كما يُلْهَم النَّفَس.
وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ التكاليف في الجنَّة تسقط عنهم، ولا تبقى عبادتهم إلا هذه الدعوى التي يُلْهَمُونها.
وفي لفظة “اللهم” إشارة إلى صريح الدعاء، فإنَّها متضمنةٌ لمعنى: “يا اللَّه”، فهي متضمنة للسؤال والثناء (2) ، وهذا هو الذي فهمه من قال: إذا أرادوا الشيء قالوا: سبحانك اللهم. فذكروا بعض المعنى ولم يَسْتَوْفُوه، مع أنَّهم قصروا به، فإنهم أوهموا أنهم إنَّما يقولون ذلك عندما يريدون الشيء، وليس في الآية ما يدلُّ على ذلك، بل يدلُّ على أنَّ أوَّل دعائهم التسبيح، وآخره الحمد.
وقد دلَّ (3) الحديث الصحيح (4) على أنهم يلهمون ذلك كإلهام النَّفَسِ، فلا تختص الدعوى المذكورة بوقتِ إرادة الشيء، وهذا
__________
= موسى مُقِلٌّ، فإذا كان يخطئ مع قِلَّة روايته؛ فكيف يوثَّق ويصحَّح حديثه، فلعلَّ من صححه أو حسَّنه تسمَّح لكون الحديث من فضائل الأعمال”.
نتائج الأفكار (1/ 58 – 59). وانظر في معنى حديث جابر: التمهيد لابن عبد البر (6/ 43 – 45).
(1) في “ج”: “يلهمونها”.
(2) انظر: جلاء الأفهام ص (140 – 141) للمؤلِّف.
(3) في “ج”: “دار” وهو خطأ.
(4) المتقدم ص (818 – 819).

(2/847)


كما أنه الأليق بمعنى الآية (1) ، فهو الأليق بحالهم. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم (2) .
__________
(1) في “هـ”: “الآية الكريمة”.
(2) جاء في خاتمة النسخة “أ” ما يلي: “آخر الكتاب وللَّه الحمد أوَّلًا وآخرًا، وباطنًا وظاهرًا، وأفضل صلاته وتسليمه على خيرته من خلقه محمد وآله وصحبه.
فرغ من تعليقه لنفسه الفقير إلى اللَّه تعالى محمود بن أحمد بن محمد الحموي مولدًا، الفَيُّومي نسبًا، لثلاث خلون من شهر جمادى الأول سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
– وجاء على يمين الصفحة بخط الناسخ ما يلي: “ذكر المؤلف رحمه اللَّه أنه فرغ منه عشية عرفة عند الثلث الآخر من الليل سنة خمس وأربعين وسبعمائة”.
– وجاء على يسار الصفحة بخط الناسخ ما يلي: “بلغ مقابلةً على أصلٍ غير الأصل المنقول منه، مع معارضة [أصله]. فصح إن شاء اللَّه تعالى، وذلك نهار ثالث [عشر] جمادى الأول سنة ثلاث وتسعين.
* وجاء في خاتمة النسخة [ب] ما يلي: “آخر الكتاب واللَّه الموفق للصواب.
وافق الفراغ من نسخه على يد أفقر عبيد اللَّه وأحوجهم إلى رحمته إبراهيم بن عبد الغالب بن إبراهيم الأنصاري الحنبلي عفا اللَّه عنهم.
وذلك في اليوم الثامن عشر من شهر رمضان المعظم، سنة إحدى وستين وسبعمائة. غفر اللَّه لمؤلفه وكاتبه وقارئه ومستمعه ومالكه والناظر فيه، إنه على ما يشاء قدير. والحمد للَّه رب العالمين وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين. وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل.
* وجاء في خاتمة النسخة [ج] ما يلي: “تم الكتاب. والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه على محمد خاتم النبيين.
وذلك في يوم الاثنين من شهر شوال من سنة إحدى وستين وسبعمائة، على يد أفقر عباد اللَّه تعالى وأحوجهم إلى رحمة اللَّه محمد بن الشيخ خليل الناسخ المؤدب، عفا اللَّه عنه، وغفر له ولوالديه ولجميع المسلمين إنه على =

(2/848)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كل شيء قدير”.
وجاء على يسار الصفحة بخطٍّ مغاير ما يلي: “نقلت هذه النسخة من خطِّ المصنف رحمه اللَّه تعالى”.
* وجاء في خاتمة النسخة [د] ما يلي: “تم الكتاب. والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين. ووافق الفراغ في [] من رجب الفرد سنة أربعين وتسعمائة. وحسبنا اللَّه وكفى”.
– وجاء على يمين الصفحة: “بلغ مقابله بحسب الطاقة واللَّه المستعان”.
– وجاء على يسار الصفحة: “غفر اللَّه لكاتبه ولمالكه ولمؤلفه ولجميع المسلمين، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل”.
* وجاء في خاتمة النسخة [هـ] ما يلي: “تم الكتاب واللَّه الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب”. على يد أضعف عباد اللَّه وأحوجهم إلى رحمته: عبد الرحمن بن إسماعيل بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن المؤدب السنجاري، المعروف “بابن المسواك الحيالي” غفر اللَّه لمؤلفه وكاتبه والناظر فيه ومستمعه ولمن دعا له بالرحمة والمغفرة ولجميع المسلمين. وذلك في سلخ رجب الفرد سنة إحدى وسبعين وسبعمائة هلالية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام [والحمد للَّه].

(2/849)


فهرس المراجع والمصادر
– الآحاد والمثاني: لابن أبي عاصم، تحقيق/ باسم الجوابرة، الطبعة الأولى، 1411 هـ – دار الراية: الرياض.
– آكام المرجان في أحكام الجانِّ للشبلي: بدر الدين أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الشِّبْلي الحنفي، تحقيق وتعليق/ إبراهيم محمد الجمل – الطبعة الأولى: 1983 م، مكتبة القرآن: القاهرة.
– الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير، للجورقاني، تحقيق وتعليق/ د. عبد الرحمن الفريوائي الطبعة الثالثة، 1415 هـ، دار الصميعي: الرياض.
– الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة: لابن بطة العكبري، تحقيق ودراسة/ رضا بن نعسان معطي، ود. عثمان الإثيوبي، ود. يوسف الوابل، الطبعة الأولى 1415 هـ، دار الراية للنشر: الرياض.
– إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، للبوصيري، تحقيق/ دار المشكاة للبحث العلمي بإشراف/ ياسر إبراهيم، الطبعة الأولى 1420 هـ، دار الوطن للنشر: الرياض.
– إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة: لابن حجر العسقلاني، تحقيق/ زهير الناصر وآخرين، الطبعة الأولى: 1415 – 1423 هـ، مركز خدمة السنة والسيرة: بالمدينة.
– الإتقان في علوم القرآن: للسيوطي، تقديم وتعليق/ محمد شريف سُكَّر، راجعه/ مصطفى القصاص، الطبعة الأولى 1407، دار إحياء العلوم: بيروت.

(2/1039)


– إثبات صفة العلو: للمقدسي، لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، حققه وعلق عليه/ د. أحمد بن عطية الغامدي، الطبعة الأولى، 1422 هـ، مكتبة العلوم والحكم: المدينة النبوية.
– إثبات عذاب القبر: للبيهقي، تحقيق/ شرف القضاة، الطبعة الأولى، 1405 هـ، دار الفرقان: بالأردن.
– الأحاديث الطوال: للطبراني، ويقع في آخر المعجم الكبير للطبراني مجلد 25، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، نشر مكتبة ابن تيمية: القاهرة.
– الإرشاد في معرفة علماء الحديث: لأبي يعلى الخليلي، دراسة وتحقيق/ محمد سعيد عمر إدريس الطبعة الأولى، 1409 هـ – مكتبة الرشد: الرياض.
– الأحاديث المختارة: للضياء المقدسي، تحقيق/ عبد الملك بن دهش، الطبعة الأولى، 1410 هـ، مكتبة النهضة الحديثة: مكة المكرمة.
– الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: لابن بلبان الفارسي، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط، الطبعة الأولى، 1408 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– أخبار الفقهاء والمحدثين، للخشني: أبي عبد اللَّه محمد بن حارث الخشني القيرواني، وضع حواشيه/ سالم مصطفى البدري، الطبعة الأولى: 1420 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– أخبار أصبهان: لأبي نعيم الأصبهاني، تصوير: الدار العلمية: دلهي: الهند.
– أخلاق حملة القرآن: للآجري، تحقيق/ محمد عمرو عبد اللطيف،

(2/1040)


الطبعة الأولى، 1406 هـ دار الباز – مكة المكرمة.
– أخلاق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وآدابه: لأبي الشيخ الأصبهاني، تحقيق ودراسة/ عصام الدين الصبابطي، الطبعة الأولى، 1411 هـ، الدار المصرية اللبنانية: القاهرة.
– الإخوان – لابن أبي الدنيا، تحقيق وتعليق/ محمد عبد الرحمن طوالبة، الطبعة الأولى، دار الاعتصام: القاهرة.
– الأدب المفرد: للبخاري = فضل اللَّه الصمد في توضيح الأدب المفرد لفضل اللَّه الجيلاني، تقديم وتخريج وفهرسة/ محب الدين الخطيب، الطبعة الثالثة: 1407 هـ، دار المطبعة السلفية: القاهرة.
– إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: للألباني، الطبعة الثانية، 1405 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت.
– أسباب النزول: للواحدي: أبي الحسن علي بن أحمد، تخريج وتدقيق/ عصام بن عبد المحسن الحميدان، الطبعة الأولى – 1411 هـ، دار الإصلاح: الدمام.
– أُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري أبي الحسن علي بن محمد، تحقيق وتعليق/ محمد إبراهيم البنا ومحمد أحمد عاشور ومحمود عبد الوهاب فايد، طبعة دار الشعب.
– الأسماء والصفات: للبيهقي، تحقيق/ عبد اللَّه الحاشدي، الطبعة الأولى، 1405 هـ – مكتبة السوادي: جدة.
– الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلاني، تحقيق/ علي بن محمد البجاوي، الطبعة الأولى، 1412 هـ، تصوير/ دار الجيل: بيروت.

(2/1041)


– أطراف الغرائب والأفراد، للدارقطني: لمحمد بن طاهر المقدسي، تحقيق/ محمود محمد نصار والسيد يوسف، الطبعة الأولى، 1419 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– أطراف المسند: لابن حجر العسقلاني، تحقيق وتعليق/ د. زهير بن ناصر الناصر، الطبعة الأولى: 1414 هـ، دار ابن كثير، ودار الكلم الطيب: دمشق، بيروت.
– الإعتقاد: لأبي بكر البيهقي، تحقيق وتعليق/ أحمد بن إبراهيم أبي العينين، الطبعة الأولى – 1420 هـ – دار الفضيلة: الرياض، ودار ابن حزم: بيروت.
– الأمالي، لأبي جعفر البختري – ضمن مجموع فيه مصنفات أبي جعفر ابن البختري – تحقيق/ نبيل سعد الدين الجرار، الطبعة الأولى – 1422 هـ، دار البشائر الإسلامية: بيروت.
– الأمثال: لأبي الشيخ الأصبهاني، تحقيق/ عبد العلي حامد، الطبعة الثانية، 1408 هـ الدار السلفية: بومباي: الهند.
– الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصحابة للحافظ علاء الدين مغلطاي، اعتنى به/ قسم التحقيق بدار الحرمين، إشراف: محمد عوض المنقوش، الطبعة الأولى – 1420 هـ، مكتبة الرشد: الرياض.
– أنساب الأشراف، للبلاذري (الشيخان أبو بكر وعمر وولدهما) تحقيق/ د. إحسان صدقي العمد، الطبعة الأولى – 1409 هـ، مؤسسة الشراع العربي: الكويت.
– الأنساب، للسمعاني – أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور

(2/1042)


التميمي، تقديم وتعليق/ عبد اللَّه عمر البارودي، الطبعة الأولى – 1408 هـ، دار الجنان، ومؤسسة الكتب الثقافية: بيروت.
– الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف: لابن المنذر النيسابوري، تحقيق/ صغير بن أحمد حنيف، دار طيبة: الرياض.
– الإيمان: لابن مندة، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي الطبعة الثالثة – 1407 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– الإيمان: لابن أبي شيبة، تحقيق وتعليق/ محمد ناصر الدين الألباني، الطبعة الثانية: 1405 هـ دار الأرقم: الكويت.
– بحر العلوم (تفسير السمرقندي): للسمرقندي: أبي الليث نصر بن محمد بن أحمد، تحقيق وتعليق/ علي محمد معوَّض وعادل أحمد عبد الموجود، والدكتور: زكريا عبد المجيد النُّوني، الطبعة الأولى 1413 هـ. دار الكتب العلمية: بيروت.
– البداية والنهاية، لأبي الفداء ابن كثير، دقق أصوله وحققه/ د. أحمد أبو ملحم ورفاقه الطبعة السادسة – 1409 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– بدائع الفوائد، لابن قيم الجوزية، دار الفكر للنشر والتوزيع: بيروت.
– البدور السافرة في أُمور الآخرة: للسيوطي، خرَّج أحاديثه أبو محمد المصري الطبعة الأولى 1411 هـ، مؤسسة الكتب الثقافية: بيروت.
– البديع في نقد الشعر، لأسامة بن منقذ، تحقيق/ أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد، مراجعة/ إبراهيم مصطفى، طبع: 1380 هـ، مكتبة ومطبعة البابي الحلبي: القاهرة.
– برنامج التجيبي: للقاسم بن يوسف التجيبي السبتي، تحقيق وإعداد/

(2/1043)


عبد الحفيظ منصور. طبع: 1981 م، الدار العربية للكتاب ليبيا – تونس.
– البعث، لابن أبي داود السجستاني، تحقيق/ أبي إسحاق الحويني، الطبعة الأولى – 1408 هـ، دار الكتاب العربي: بيروت.
– البعث والنشور، لأبي بكر البيهقي، تحقيق/ أبي هاجر محمد السعيد بسيوني زغلول الطبعة الأولى – 1408 هـ، مؤسسة الكتب الثقافية: بيروت.
– بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث؛ لنور الدين الهيثمى، تحقيق/ مسعد عبد الحميد السعدني، دار الطلائع.
– بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام: لابن القطان الفاسي، تحقيق/ د. الحسين آيت سعيد، الطبعة الأولى 1418 هـ دار طيبة: الرياض.
– تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي، تحقيق/ مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى 1417 هـ – 1997 م دار الكتب العلمية: بيروت.
– تاريخ الأدب العربي، لبروكلمان، ترجمة/ عبد الحليم النجار، دار المعارف: القاهرة. طبع 1961 – 1977 م.
– تاريخ دمشق: لابن عساكر، تحقيق/ عمرو غرامة العمروي، الطبعة الأولى 1415 هـ – دار الفكر: بيروت.
– تاريخ جرجان: لأبي القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم القرشي السهمي، طبع تحت مراقبة/ د. محمد عبد المعيد خان، الطبعة الثالثة، 1401 هـ، عالم الكتب: بيروت.
– تاريخ مصر: لابن يونس: أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، جمع وتحقيق ودراسة/ د. عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح، الطبعة الأولى – 1421 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.

(2/1044)


– تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة، شرحه ونشره/ السيد أحمد صقر، الطبعة الثانية – 1393 هـ، دار التراث: القاهرة.
– التاريخ الأوسط: للبخاري (مطبوع باسم الصغير) تحقيق/ محمود إبراهيم زائد، الطبعة الأولى – 1406 هـ، دار المعرفة: بيروت.
– التاريخ الكبير: للبخاري، تحقيق/ الشيخ عبد الرحمن المعلمي، الطبعة الأولى، دائرة المعارف العثمانية: حيدر آباد – الهند، تصوير دار الكتب العلمية: بيروت.
– تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي: أبي الوليد عبد اللَّه بن محمد بن نصير الأزدي، تحقيق/ د. روحية عبد الرحمن السويفي، الطبعة الأولى 1417 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة لمحمد عمرو عبد اللطيف، الطبعة الأولى 1410، مكتبة التوعية الإسلامية: القاهرة.
– تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف لأبي الحجاج المزي مع النكت الظراف على الأطراف للحافظ ابن حجر، تحقيق/ عبد الصمد شرف الدين، إشراف/ زهير الشاويش، الطبعة الثانية 1403 هـ، الدار القيمة: الهند، والمكتب الإسلامي: بيروت.
– التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي، تحقيق/ عصام الدين سيد الصبابطي، الطبعة الأولى، دار الحديث: القاهرة.
– الترغيب والترهيب، للأصبهاني – أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، تحقيق وتعليق/ أيمن بن صالح بن شعبان، الطبعة الأولى

(2/1045)


1414 هـ، دار الحديث: القاهرة.
– الترغيب والترهيب، للمنذري: عبد العظيم بن عبد القوي، ضبط أحاديثه وعلق عليه/ مصطفى محمد عمارة، طبع: 1407 هـ، دار الحديث: القاهرة، دار الريان للتراث.
– تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة: للحافظ ابن حجر العسقلاني، دراسة وتحقيق/ إكرام اللَّه إمداد الحق، الطبعة الأولى 1416 هـ، دار البشائر الإسلامية بيروت.
– تفسير مقاتل بن سليمان، تحقيق/ أحمد فريد، الطبعة الأولى 1424 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.
– تفسير مجاهد بن جبر، ضبط نصه وخرج أحاديثه/ أبو محمد الأسيوطي، الطبعة الأولى – 1426 هـ – دار الكتب العلمية: بيروت.
– تفسير القرآن العظيم لابن كثير، قدم له/ د. يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي، الطبعة الثانية 1407 هـ، دار المعرفة: بيروت.
– تفسير عبد الرزاق – (تفسير القرآن العزيز) لعبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق/ د. عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى 1411 هـ، دار المعرفة: بيروت.
– تفسير غريب القرآن لابن قتيبة، تحقيق/ السيد أحمد صقر، طبع 1398 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.
– تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين – أبي عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه، تحقيق/ حسين بن عكاشة ومحمد بن مصطفى الكنز، الطبعة الأولى 1423 هـ – طبع الفاروق الحديثة للطباعة والنشر: مصر.

(2/1046)


– تفسير القرآن لأبي المظفر السمعاني: منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي الشافعي، تحقيق/ ياسر بن إبراهيم، وغنيم بن عباس بن غنيم، الطبعة الأولى: 1418 هـ – دار الوطن: الرياض.
– تغليق التعليق: لابن حجر العسقلاني، تحقيق/ سعيد القزقي، الطبعة الأولى: 1405 هـ – المكتب الإسلامي: بيروت، دار عمار: الأردن.
– تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم الرازي، تحقيق/ أسعد محمد الطيب، الطبعة الأولى، 1417 هـ، مكتبة نزار مصطفى الباز: مكة المكرمة.
– تفسير القرآن من الجامع لابن وهب المصري، تحقيق وتعليق/ ميكلوش موراني الطبعة الأولى، 2003 م، دار الغرب الإسلامي: بيروت.
– تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، بعناية/ عادل مرشد، الطبعة الأولى 1416 هـ – 1996 م، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– تكملة الإكمال، لابن نقطة، تحقيق/ د. عبد القيوم عبد رب النبي، الطبعة الأولى 1408 هـ – جامعة أم القرى: مكة المكرمة.
– التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لابن حجر العسقلاني، تحقيق/ شعبان محمد إسماعيل، مكتبة الكليات الأزهرية: القاهرة.
– التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد؛ لابن عبد البر، تحقيق/ جماعة من الباحثين، بوزارة الأوقاف: بالمغرب.
– تهذيب الكمال في أسماء الرجال لأبي الحجاج المزي، تحقيق/ بشار عواد معروف، الطبعة السادسة، 1415 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.

(2/1047)


– تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلاني، اعتنى به/ عادل مرشد وإبراهيم الزيبق، الطبعة الأولى، 1416 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل: لابن خزيمة، دراسة وتحقيق/ د. عبد العزيز بن إبراهيم الشهوان، الطبعة الأولى 1408 هـ، دار الرشد: الرياض.
– توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، تأليف/ أحمد بن إبراهيم بن عيسى، تحقيق/ زهير الشاويش، الطبعة الثالثة، 1406 هـ المكتب الإسلامي: بيروت.
– التوكل: لابن أبي الدنيا، تحقيق/ جاسم الفهيد الدوسري، الطبعة الأولى 1407 هـ دار البشائر الإسلامية: بيروت.
– تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لسليمان عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهاب بدون تاريخ نشر، ولا دار طبع.
– الثقات: لابن حبان، الطبعة الأولى 1393 هـ، دائرة المعارف العثمانية: حيدر آباد – الهند، تصوير: دار الفكر بيروت.
– الجامع: لأبي عيسى الترمذي، تحقيق/ عادل مرشد، الطبعة الأولى، 1422 هـ – 2001 م، مكتبة دار البيان الحديثة، ودار الإعلام.
– جامع البيان: لابن جرير الطبري، دار الفكر – بيروت.
– جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن: لابن كثير، تحقيق/ د. عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى 1415 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي، تحقيق/ مركز تحقيق التراث: أحمد

(2/1048)


عبد العليم البردوني ورفاقه، الطبعة الثالثة: 1987 م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
– الجامع الصحيح، للبخاري، ضبط وترقيم/ مصطفى ديب البغا، الطبعة الرابعة، 1410 هـ – 1990 م، دار ابن كثير، واليمامة للطباعة: بيروت.
– جامع التحصيل في أحكام المراسيل، للعلائي، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية 1407 هـ – 1986 م، عالم الكتب، ومكتبة النهضة العربية: بيروت.
– الجرح والتعديل: لابن أبي حاتم الرازي، اعتنى به/ عبد الرحمن المعلمي، الطبعة الأولى 1371 هـ، مجلس دائرة المعارف – الهند، تصوير: دار الكتب العلمية: بيروت.
– جزء الحسن بن عرفة العبدي، تحقيق/ د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي، الطبعة الأولى – 1406 هـ – مكتبة دار الأقصى: الكويت.
– جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس: للحميدي الأندلسي، تحقيق/ د. روحية عبد الرحمن السويفي، الطبعة الأولى 1417 هـ – 1997 م، دار الكتب العلمية: بيروت.
– جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام -صلى اللَّه عليه وسلم-: لابن قيِّم الجوزية، تحقيق زائد بن أحمد النشيري، الطبعة الأولى، 1425 هـ – دار عالم الفوائد -: مكة المكرمة.
– جمهرة أنساب العرب لابن حزم الأندلسي، تحقيق وتعليق/ عبد السلام محمد هارون، الطبعة الرابعة، دار المعارف: القاهرة.
– جمهرة اللغة، لأبي بكر ابن دُرَيد الأزدي، تحقيق/ رمزي بعلبكي، الطبعة

(2/1049)


الأولى، 1408 هـ، دار العلم للملايين: بيروت.
– الجهاد: لابن أبي عاصم، تحقيق/ مساعد سليمان الراشد الحميد، الطبعة الأولى 1409 هـ، دار القلم: دمشق.
– الجمع بين الصحيحين: لعبد الحق الأشبيلي، اعتنى به/ حمد بن محمد الغماس، تقديم/ الشيخ: بكر أبو زيد، الطبعة الأولى، 1419 هـ، دار المحقق للنشر والتوزيع: الرياض.
– حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح: لابن قيم الجوزية، تحقيق/ السيد الجميلي، الطبعة الثانية، 1406 هـ – دار الكتاب العربي: بيروت.
– الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة: لقوَّام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني، تحقيق/ محمد بن ربيع المدخلي، الطبعة الأولى 1411 هـ، دار الراية: الرياض.
– حسن الظن باللَّه عز وجل: لابن أبي الدنيا، تحقيق وتعليق/ مخلص محمد، الطبعة الأولى 1408 هـ – دار طيبة للنشر: الرياض.
– حديث السراج لأبي العباس محمد بن إسحاق الثقفي، تخريج/ زاهر بن طاهر الشحامي، تحقيق/ حسين بن عكاشة بن رمضان، الطبعة الأولى 1425 هـ – الفاروق الحديثة للطباعة والنشر: مصر.
– حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نعيم الأصبهاني، الطبعة الخامسة 1407 هـ – دار الريان، ودار الكتاب العربي: بيروت.
– الحماسة البصرية لصدر الدين علي بن أبي الفرج بن الحسن البصري، تحقيق/ مختار الدين أحمد، الطبعة الثالثة 1403 هـ، الكتب: بيروت.
– خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي، تحقيق/

(2/1050)


عبد السلام محمد هارون، الطبعة الرابعة 1418 هـ، مكتبة الخانجي القاهرة.
– الدر المنثور في التفسير بالمأثور: للسيوطي، الطبعة الأولى 1411 هـ – 1991 م، دار الكتب العلمية: بيروت.
– درء تعارض العقل والنقل، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق/ محمد رشاد سالم، توزيع مكتبة ابن تيمية: القاهرة.
– الدعاء لأبي القاسم الطبراني، تحقيق/ د. محمد سعيد بخاري، الطبعة الأولى 1407 هـ دار البشائر الإسلامية: بيروت.
– الدعاء: للمحاملي، تحقيق/ د. سعيد القزقي، الطبعة الأولى 1992 م، دار الغرب الإسلامي: بيروت.
– الدعوات الكبير: للبيهقي، تحقيق/ بدر بن عبد اللَّه البدر، الطبعة الأولى 1414 هـ مركز المخطوطات والتراث والوثائق: الكويت.
– دلائل النبوة: للبيهقي، تحقيق/ د. عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى، 1405 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– الديات: لابن أبي عاصم، تحقيق/ عبد المنعم زكريا، الطبعة الأولى: 1424 هـ، دار الصميعي: الرياض.
– ديوان الأعشى الكبير، شرح وتعليق/ د. محمد حسين، المطبعة النموذجية نشر: مكتبة الآداب.
– ديوان جرير، بشرح/ إيليا الحاوي، الطبعة الأولى، 1982 م، دار الكتاب اللبناني، ومكتبة المدرسة: بيروت.

(2/1051)


– ديوان حسان بن ثابت رضي اللَّه عنه، شرح وتقديم/ الأستاذ: عبدأ مهنا، الطبعة الأولى. 1406 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– ديوان زهير بن أبي سُلْمى، شرحه وضبط نصوصه/ د. عمر فاروق الطباع، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع: بيروت.
– ديوان ابن الرومي، شرح/ أحمد حسن بسج، الطبعة الأولى 1415 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.
– ديوان عامر بن الطفيل – رواية أبي بكر الأنباري عن ثعلب، طبع 1383 هـ دار صادر: بيروت، دار بيروت: بيروت.
– ديوان العجاج – رواية: الأصمعي وشرحه – تحقيق/ د. عبد الحفيظ السطلي، طبع 1971 م المطبعة التعاونية: بدمشق، توزيع: مكتبة أطلس: دمشق.
– ديوان لبيد – مع شرح الطوسي وغيره – حققه وقدم له/ د. إحسان عباس؛ طبع 1962 طبع في مطبعة حكومة الكويت: الكويت.
– الرد على من قال: بفناء الجنة والنار وبيان الأقوال في ذلك، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق/ د. محمد السمهري، الطبعة الأولى.
– الرد على الجهمية: لعثمان بن سعيد الدارمي، قدَّم له وخرج أحاديثه وعلق عليه/ بدر البدر، الطبعة الأولى 1405 هـ، الدار السلفية: حَوَلِّي – الكويت.
– الرد على الجهمية: لمحمد بن إسحاق بن مندة، تحقيق/ د. علي محمد ناصر الفقيهي/ الطبعة الثالثة 1414 هـ، مكتبة الغرباء الأثرية: المدينة النبوية.

(2/1052)


– الرد على الجهمية: للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق وتعليق/ عبد الرحمن عميرة، الطبعة الثانية 1402 هـ، دار اللواء: الرياض.
– رسالة رفع الصوت بذبح الموت: للسيوطي – مطبوع: ضمن الحاوي للفتاوى – طبع – 1352 هـ، تصوير/ دار الكتب العلمية، 1402 هـ: بيروت.
– الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات لأبي عمرو الداني، دراسة وتحقيق/ دغش بن العجمي، الطبعة الأولى 1421 هـ، مكتبة دار الإمام أحمد بن حنبل: الكويت.
– الرسالة للإمام الشافعي، تحقيق وشرح/ أحمد شاكر، طبعة دار الفكر.
– الرقة والبكاء: لابن أبي الدنيا، تحقيق/ محمد خير رمضان يوسف، الطبعة الأولى: 1415 هـ، مكتبة العبيكان: الرياض.
– الرؤية: للدارقطني، تقدير وتحقيق وتعليق/ إبراهيم محمد العلي، وأحمد فخري الرفاعي، الطبعة الأولى 1411 هـ، مكتبة المنار للطباعة والنشر والتوزيع: الزرقاء – الأردن.
– الروض البسَّام بترتيب وتخريج فوائد تمَّام، لجاسم بن سليمان الفهيد الدوسري، الطبعة الأولى 1408 هـ، دار البشائر الإسلامية: بيروت.
– الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني، تحقيق/ محمد شكور محمود الحاج أمرير، الطبعة الأولى: 1405 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت، ودار عمَّار: عمَّان – الأردن.
– الروح: لابن قيم الجوزية، دراسة وتحقيق/ د. السيد الجميلي، الطبعة الثانية: 1406 هـ، دار الكتاب العربي: بيروت.

(2/1053)


– زاد المسير في علم التفسير: لأبي الفرج ابن الجوزي، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، وزهير الشاويش، الطبعة الرابعة: 1407 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت.
– الزهد: للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق/ محمد بسيوني زغلول، الطبعة الأولى: 1406 هـ، دار الكتاب العربي: بيروت.
– الزهد: لعبد اللَّه بن المبارك، تحقيق/ حبيب الرحمن الأعظمي، تصوير: دار الكتب العلمية: بيروت.
– الزهد: لوكيع بن الجراح، تحقيق/ د. عبد الرحمن الفريوائي، الطبعة الأولى: 1404 هـ، مكتبة الدار: المدينة النبوية.
– الزهد: الهنَّاد بن السري، تحقيق/ د. عبد الرحمن الفريوائي، الطبعة الأولى 1406 هـ دار الخلفاء: الكويت.
– الزهد: لأسد السنة – أسد بن موسى – تحقيق/ أبي إسحاق الحويني الأثري، الطبعة الأولى 1413 هـ، مكتبة التوعية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي، ومكتبة الوعي الإسلامي: مصر.
– الزهد: لأبي داود السجستاني، تحقيق/ ياسر إبراهيم وغنيم عباس، الطبعة الأولى 1414 هـ، دار المشكاة: القاهرة.
– الزهد: لابن أبي عاصم، تحقيق/ عبد العلي عبد الحميد حامد، الطبعة الثانية 1408 هـ الدار السلفية: بومباي – الهند.
– زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة، تأليف د. خلدون الأحدب، الطبعة الأولى 1417 هـ دار القلم: دمشق.
– سر صناعة الإعراب: لأبي الفتح عثمان بن جِنِّي، دراسة وتحقيق/ د.

(2/1054)


حسن هنداوي الطبعة الثانية 1413 هـ، دار القلم: دمشق.
– سلسلة الأحاديث الصحيحة: للألباني، مكتبة المعارف: الرياض.
– سلسلة الأحاديث الضعيفة: للألباني، مكتبة المعارف: الرياض.
– السنة: لعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، تحقيق ودراسة/ د. محمد سعيد القحطاني، الطبعة الأولى 1406 هـ، دار ابن القيم: الدمَّام.
– السنة: لمحمد بن نصر المروزي، تحقيق/ أبي محمد سالم بن أحمد السلفي، الطبعة الأولى 1408، مؤسسة الكتب الثقافية: بيروت.
– السنن: لابن ماجه القزويني، اعتنى به/ فريق بيت الأفكار الدولية، الطبعة الأولى: 1420 هـ، بيت الأفكار الدولية: الرياض.
– السنن: لأبي داود السجستاني، اعتنى به/ فريق بيت الأفكار الدولية، الطبعة الأولى: 1420 هـ، بيت الأفكار الدولية: الرياض.
– السنن (المجتبى): للنسائي، اعتنى به/ فريق بيت الأفكار الدولية، الطبعة الأولى 1420 هـ، بيت الأفكار الدولية: الرياض.
– السنن: لسعيد بن منصور الخراساني المكي، دراسة وتحقيق/ د. سعد الحميِّد، الطبعة الأولى 1414 هـ، دار الصميعي: الرياض.
– السنن: لسعيد بن منصور الخراساني المكي، حققه وعلَّق عليه/ د. حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية: بيروت.
– السنن: للدارمي. تحقيق/ حسين سليم أسد الداراني، الطبعة الأولى، 1421 هـ، دار المغني: الرياض.
– السنن: للدارقطني، وبذيله التعليق المغني على الدارقطني، الطبعة

(2/1055)


الرابعة 1406 هـ، عالم الكتب: بيروت.
– السنن الكبرى: للنسائي، تحقيق/ د. عبد الغفار البنداري وسيد كسروي، الطبعة الأولى 1411 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– السنن الكبرى: للبيهقي، الطبعة الأولى 1344 هـ، مجلس دائرة المعارف: الهند، تصوير دار المعرفة: بيروت.
– شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة: لأبي القاسم هبة اللَّه بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي، تحقيق/ د. أحمد سعد الغامدي، الطبعة الثالثة: 1415 هـ، دار طيبة: الرياض.
– شرح حديث النزول: لشيخ الإسلام ابن تيمية، دراسة وتحقيق/ محمد بن عبد الرحمن الخميس، الطبعة الأولى 1414 هـ، دار العاصمة: الرياض.
– شرح السنة: للبغوي، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط وزهير الشاويش، الطبعة الثانية 1402 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت.
– شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن، لأبي حفص ابن شاهين، تحقيق/ عادل بن محمد، الطبعة الأولى 1415 هـ، مؤسسة قرطبة: القاهرة.
– شرح العمدة (الصلاة) لشيخ الإسلام ابن تيمية، اعتنى به/ د. خالد بن علي بن محمد المشيقح، الطبعة الأولى 1418 هـ، دار العاصمة: الرياض.
– شرح العمدة (الصيام) لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق/ زائد بن أحمد النشيري الطبعة الأولى 1417 هـ، دار الأنصاري: مكة المكرمة.
– شعب الإيمان: للبيهقي، تحقيق/ عبد العلي عبد الحميد حامد، الطبعة

(2/1056)


الأولى 1406 هـ – 1411 هـ، الدار السلفية: بومباى – الهند.
– شعب الإيمان: للبيهقي، تحقيق/ محمد بسيوني زغلول، الطبعة الأولى دار الكتب العلمية: بيروت.
– شرح مشكل الآثار: لأبي جعفر الطحاوي، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط، الطبعة الأولى 1415 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن قيم الجوزية، تحقيق/ عمر بن سليمان الحفيان، الطبعة الأولى 1420 هـ، مكتبة العبيكان: الرياض.
– الشريعة: للآجري، تحقيق/ عبد اللَّه بن عمر الدميجي، الطبعة الثانية 1420 هـ دار الوطن: الرياض.
– الصِّحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري، حققه وضبطه/ شهاب الدين أبو عمرو، الطبعة 1418 هـ، دار الفكر: بيروت.
– الصحيح: لمسلم بن الحجاج النيسابوري، الطبعة الأولى – 1422 هـ – مكتبة الرشد: الرياض.
– الصحيح: لابن خزيمة، تحقيق/ محمد مصطفى الأعظمي، الطبعة الثانية، 1412 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت.
– الصفات: للدارقطني، تحقيق/ علي بن محمد الفقيهي، الطبعة الأولى 1403 هـ.
– صفة الجنة: لابن أبي الدنيا، تحقيق/ عمرو عبد المنعم سليم، الطبعة الأولى 1417 هـ، مكتبة ابن تيمية: القاهرة.
– صفة الجنة: لأبي نعيم الأصبهاني، تحقيق/ علي رضا عبد اللَّه، الطبعة

(2/1057)


الأولى، 1408 هـ، دار المأمون للتراث: دمشق – بيروت.
– صفة الجنة للحافظ ضياء الدين محمد بن عبد اللَّه المقدسي، تحقيق/ صبري بن سلامة شاهين. الطبعة الأولى 1423 هـ، دار بلنسية: الرياض.
– الصلاة ومقاصدها: للحكيم الترمذي، تحقيق/ بهيج غزَّاوي، الطبعة الأولى 1406 هـ، دار إحياء العلوم: بيروت.
– الضعفاء الكبير للعقيلي، تحقيق/ عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى 1404 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– الضعفاء والمتروكون للدارقطني، تحقيق/ موفق عبد اللَّه عبد القادر، الطبعة الأولى 1404 هـ – مكتبة المعارف: الرياض.
– طبقات الحنابلة: للقاضي أبي يعلى – دار المعرفة: بيروت.
– طبقات المفسرين، للداودي، مراجعة وضبط/ لجنة من العلماء بإشراف الناشر، دار الكتب العلمية: بيروت.
– الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد، دار الفكر – بيروت.
– الطبقات الكبير: لمحمد بن سعد، تحقيق/ علي عمر، الطبعة الأولى مكتبة الخانجي.
– طبقات المحدثين بأصبهان، لأبي الشيخ الأصبهاني، تحقيق/ عبد الغفور البلوشي، الطبعة الثانية 1412 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– عجائب وغرائب الجن كما يصورها القرآن= آكام المرجان في أحكام القرآن، وزعم المحقق أنه غيَّر هذا العنوان إلى (عجائب وغرائب .. )، لِيُلائم روح العصر. ولم يصب في هذا التَّصرُّف.
– العرش وما روي فيه: لابن أبي شيبة، محمد بن عثمان بن أبي شيبة

(2/1058)


العبسي، تحقيق وتخريج/ محمد بن حمد الحمود، الطبعة الثانية 1410 هـ، مكتبة السنة: القاهرة.
– العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني، تحقيق/ رضاء اللَّه بن محمد بن إدريس المباركفوري، الطبعة الأولى 1408 هـ، دار العاصمة: الرياض.
– العقود الدُّرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: لابن عبد الهادي، تحقيق/ محمد حامد الفقي، تصوير: مكتبة المؤيد: الرياض.
– العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد – رواية ابنه عبد اللَّه، تحقيق/ وصي اللَّه عباس الطبعة الأولى 1408 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت.
– العلل الكبير للترمذي – ترتيب أبي طالب القاضي، تحقيق/ صبحي السامرائي ورفاقه، الطبعة الأولى 1409 هـ، عالم الكتب، ومكتبة النهضة العربية: بيروت.
– العلل لابن أبي حاتم، تحقيق/ محب الدين الخطيب، تصوير: دار المعرفة: بيروت.
– العلل للدارقطني، تحقيق/ محفوظ الرحمن السلفي، الطبعة الأولى، دار طيبة: الرياض.
– العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، لأبي الفرج ابن الجوزي، تحقيق/ خليل الميس، الطبعة الأولى 1403 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– العلو للعلي العظيم للذهبي، دراسة وتحقيق/ عبد اللَّه بن صالح البرَّاك، الطبعة الأولى 1420 هـ – دار الوطن: الرياض.
– عمل اليوم والليلة للنسائي، تحقيق/ فاروق حمادة، الطبعة الثانية: 1406 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، طبعة مرتبة على الترتيب الألفبائي،

(2/1059)


الطبعة الأولى 1421 هـ، دار إحياء التراث العربي: بيروت.
– غريب الحديث: لأبي عبيد القاسم بن سلَّام، الطبعة الأولى 1384 هـ، بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية: بحيد آباد الركن، تصوير: دار الكتاب العربي: بيروت.
– غريب الحديث: لأبي إسحاق الحربي، تحقيق/ سليمان العايد، الطبعة الأولى 1415 هـ، جامعة أم القرى: مكة المكرمة.
– غوث المكدود = المنتقى لابن الجارود.
– الغيث المسجم في شرح لامية العجم للصفدي = صلاح الدين خليل بن أيبك – الطبعة الثالثة 1424 هـ – دار الكتب العلمية: بيروت.
– الغيلانيات = فوائد أبي بكر الشافعي – تحقيق/ حلمي كامل عبد الهادي، راجعه/ مشهور حسن آل سلمان، الطبعة الأولى 1417 هـ، دار ابن الجوزي: الدمام.
– الفائق في غريب الحديث، للزمخشري، وضع حواشيه/ إبراهيم شمس الدين الطبعة الأولى 1417 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– فتح الباري لابن حجر العسقلاني، تحقيق/ الشيخ عبد العزيز بن باز ومحب الدين الخطيب، تصوير: دار المعرفة: بيروت.
– الفردوس بمأثور الخطاب: لشيروية بن شهردار الديلمي، تحقيق/ السعيد بسيوني زغلول، الطبعة الأولى: 1406 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– فصوص الحكم: لابن عربي الطائي، علق عليه/ أبو العلا عفيفي، طبع 1365 هـ، دار إحياء الكتب العربية: القاهرة.

(2/1060)


– فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم، لأبي نعيم الأصبهاني، تحقيق/ صالح بن محمد العقيل: الطبعة الأولى 1417 هـ – دار البخاري: المدينة – بريدة.
– فضائل الصحابة للإمام أحمد، تحقيق/ وصي اللَّه عباس، الطبعة الأولى 1403 هـ مؤسسة الرسالة: بيروت.
– فضل الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لإسماعيل بن إسحاق القاضي، تحقيق/ أسعد سالم تيم، الطبعة الأولى: 1423 هـ، دار العلوم الإسلامية: عَمَّان – الأردن.
– فهرس ابن خير الأشبيلي، وضع حواشيه/ محمد فؤاد منصور، الطبعة الأولى 1419 هـ – دار الكتب العلمية: بيروت.
– فيما روي في الحوض والكوثر: لبقي بن مخلد الأندلسي، تحقيق/ عبد القادر بن محمد عطا صوفي، الطبعة الأولى – 1413 هـ – مكتبة العلوم والحكم: المدينة.
– القضاء والقدر لأبي بكر البيهقي، تحقيق/ محمد بن عبد اللَّه آل عامر، الطبعة الأولى 1421 هـ، مكتبة العبيكان: الرياض.
– الكافي في فقه أهل المدينة لأبي عمر ابن عبد البر الأندلسي، الطبعة الثالثة: 1422 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.
– الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي، تحقيق/ سهيل زكَّار، الطبعة الثالثة: 1409 هـ، دار الفكر: بيروت.
– الكتاب لسيبويه: أبي بشر عمرو بن عثمان بن قَنبر، تحقيق وشرح/ عبد السلام محمد هارون، الطبعة الأولى، دار الجيل: بيروت.

(2/1061)


– الكامل للمبرِّد، تحقيق/ د: محمد أحمد الدَّالي، الطبعة الثانية 1413 هـ مؤسسة الرسالة: بيروت.
– الكشاف للزمخشري، وبذيله أربعة كتب، رتبه وضبطه وصححه/ مصطفى حسين أحمد، الطبعة الثالثة 1407 هـ، دار الريان للتراث، ودار الكتاب العربي: بيروت.
– كشف الخفا ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس/ لإسماعيل بن محمد العجلوني، أشرف على طبعه وتصحيحه/ أحمد القلاش. الطبعة الخامسة 1408 هـ مؤسسة الرسالة: بيروت.
– كشف الأستار عن زوائد البزار – لنور الدين الهيثمي، تحقيق/ حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الثانية – 1404 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– كشف – المشكل من حديث الصحيحين لأبي الفرج ابن الجوزي، تحقيق/ علي حسين البوَّاب، الطبعة الأولى 1418 هـ، دار الوطن: الرياض.
– الكشف والبيان في تفسير القرآن: لأبي إسحاق الثعلبي، الطبعة الأولى 1423 هـ، دار إحياء التراث العربي: بيروت.
– كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، تأليف/ حاجي خليفة، دار الكتب العلمية: بيروت 1413 هـ.
– كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، لعلي بن حسام الهندي، ضبطه وفسَّر غريبه/ بكر حياتي، ووضح فهارسه/ صفوة السقا – 1413 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– الكنى والأسماء للدولابي، الطبعة الأولى: بمطبعة دائرة المعارف العثمانية: بحيدر آباد الدكن 1322 هـ، تصوير: دار الكتب العلمية: بيروت

(2/1062)


1403 هـ.
– الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات: لابن الكيَّال، دراسة وتحقيق/ عبد القيوم عبد رب النبي، الطبعة الأولى 1401 هـ، دار المأمون للتراث: دمشق – بيروت.
– اللألي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، لجلال الدين السيوطي، طبع في 1403 هـ دار المعرفة: بيروت.
– لسان العرب لابن منظور – محمد بن مكرم الإفريقي – دار صادر: بيروت.
– لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق/ عبد الفتاح أبو غدَّة. الطبعة الأولى 1423 هـ، مكتبة المطبوعات الإسلامية: حلب.
– المؤتلف والمختلف للدارقطني، دراسة وتحقيق/ د. موفق عبد اللَّه عبد القادر، الطبعة الأولى 1406 هـ، دار الغرب الإسلامي: بيروت.
– مجاز القرآن: لأبي عبيدة معمر بن المثنى تحقيق/ د. محمد فؤاد سزكين، طبع 1374 هـ، مكتبة الخانجي: القاهرة.
– المجروحين، لابن حبان، تحقيق/ محمود إبراهيم زائد، تصوير: دار الوعي: حلب – 1402 هـ.
– مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: لنور الدين الهيثمي، نشره/ حسام الدين قدسي، تصوير: دار الكتب العربي: بيروت.
– مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، جمع وترتيب/ عبد الرحمن بن قاسم النجدي، وابنه محمد 1412 هـ، دار عالم الكتب للطباعة والنشر: الرياض.

(2/1063)


– المجموع اللَّفيف: لإبراهيم السامرائي، الطبعة الأولى 1407 هـ، دار عَمَّان: الأردن.
– المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي، تحقيق/ المجلس العلمي بفاس 1397 هـ، دار الكتب الإسلامي: القاهرة.
– المحلَّى: لابن حزم الأندلسي، تحقيق/ أحمد محمد شاكر، دار التراث.
– مختصر استدراك الذهبي على مستدرك الحاكم: لابن الملقن، تحقيق/ د. عبد اللَّه اللحيدان، وسعد الحميد، الطبعة الأولى 1411 هـ، دار العاصمة: الرياض.
– مختصر الصواعق المرسلة: للموصلي، طبع: 1405 هـ، دار الندوة الجديدة: بيروت.
– المخصص: لابن سيْدة – علي بن إسماعيل – تحقيق/ لجنة إحياء التراث العربي، دار إحياء التراث العربي: بيروت.
– المراسيل لابن أبي حاتم الرازي، تحقيق/ شكر اللَّه نعمة اللَّه قوجاني، الطبعة الثانية: 1418 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– المراسيل لأبي داود السجستاني، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط، الطبعة الأولى 1408 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس، دراسة نظرية وتطبيقية على مرويات الحسن البصري، للشريف حاتم العوني، الطبعة الأولى 1418 هـ – دار الهجرة.
– المسائل عن الإمام أحمد – رواية أبي داود السجستاني، تحقيق/ محمد رشيد رضا، تصوير: دار المعرفة: بيروت.

(2/1064)


– المسائل عن الإمام أحمد – رواية: إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، تحقيق/ زهير الشاويش الطبعة الأولى من 1394 هـ – 1400 هـ – المكتب الإسلامي: بيروت.
– المسائل عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه – رواية إسحاق بن منصور الكوسج، تحقيق/ خالد الرباط ووئام الحوشي، وجمعه فتحي، الطبعة الأولى 1425 هـ، مكتبة الرشد: الرياض.
– المستخرج على صحيح مسلم، لأبي عوانة الإسفراييني، تحقيق/ أيمن بن عارف الدمشقي، الطبعة الأولى 1419 هـ، دار المعرفة: بيروت.
– المستطرف من كل فن مستظرف: لشهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي: طبع 1986 م دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر: بيروت.
– المستدرك على الصحيحين للحاكم، تحقيق/ مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى 1411 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– المسند للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق/ شعيب الأرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي وعادل مرشد وإبراهيم الزيبق، الطبعة الأولى 1416 – 1421 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– مسند البزار (البحر الزخَّار) تحقيق/ محفوظ الرحمن السلفي، الطبعة الأولى 1409 هـ، مكتبة العلوم والحكم: المدينة.
– مسند الروياني، تحقيق/ أيمن علي أبو يماني، الطبعة الأولى 1416 هـ مؤسسة قرطبة: القاهرة.
– مسند الشاشي: للهيثم بن كليب، تحقيق/ محفوظ الرحمن زين اللَّه، الطبعة الأولى، مكتبة العلوم والحكم: المدينة.

(2/1065)


– مسند الشاميين للطبراني، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى 1409 هـ، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– المسند لأبي داود الطيالسي، تحقيق/ د. محمد التركي، الطبعة الأولى 1419 هـ، دار هَجَر: القاهرة.
– مسند الفاروق لابن كثير، تحقيق/ د. عبد المعطي قلعجي، الطبعة الأولى 1411 هـ، دار الوفاء المنصورة.
– المسند لأبي يعلى الموصلي، تحقيق/ حسين سليم أسد، الطبعة الأولى 1412 هـ، دار الثقافة العربية: دمشق.
– المسند لعبد اللَّه بن المبارك، تحقيق/ صبحي السامرائي، الطبعة الأولى 1407 هـ، مكتبة المعارف: الرياض.
– المسند لابن الجعد (الجعديات)، تحقيق/ عبد المهدي عبد الهادي، الطبعة الأولى 1405 هـ، مكتبة الفلاح: الكويت.
– المسند للدارمي = سنن الدارمي.
– مسند الشهاب – للقضاعي، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية، مؤسسة الرسالة: بيروت.
– المسند لإسحاق بن راهويه، تحقيق/ عبد الغفور عبد الحق البلوشي، الطبعة الأولى 1410 هـ، مكتبة الإيمان: المدينة.
– المسند لعبد اللَّه بن الزبير الحميدي، حقق أصوله وعلَّق عليه/ حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الأولى: 1409 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– المسند للإمام محمد بن إدريس الشافعي، ومعه: شفاء العي بتخريج

(2/1066)


وتحقيق مسند الإمام الشافعي: مجدي محمد عرفات، الطبعة الأولى 1416 هـ، مكتبة ابن تيمية: القاهرة.
– المسند لأبي بكر عبد اللَّه بن محمد بن أبي شيبة، تحقيق/ عادل العزازي، وأحمد فريد المزيدي، الطبعة الأولى 1418 هـ، دار الجيل: بيروت، والشركة المتحدة: الكويت.
– المسند الجامع لأحاديث الكتب الستة ومؤلفات أصحابها، وموطأ مالك، ومسانيد: الحميدي وأحمد وعبد بن حميد وسنن الدارمي وصحيح ابن خزيمة، حققه ورتبه وضبطه/ د. بشار عواد معروف، ورفقائه، الطبعة الأولى: 1413 هـ، دار الجيل: بيروت، والشركة المتحدة: الكويت.
– المشيخة لإبراهيم بن طهمان، تحقيق/ د. محمد طاهر مالك، الطبعة الأولى – 1403 هـ، مجمع اللغة العربية: دمشق.
– مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري: أحمد بن أبي بكر إسماعيل، تحقيق/ موسى محمد علي، ود. عزت علي عطية، دار الكتب الحديثة: القاهرة.
– المصنف: لعبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق/ حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الثانية: 1403 هـ، المكتب الإسلامي: بيروت.
– المصنف: لابن أبي شيبة، ضبطه وصححه/ محمد عبد السلام شاهين، الطبعة الأولى، 1416 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق/ مجموعة من الباحثين، تنسيق/ د. سعد بن ناصر الشثري، الطبعة الأولى 1419 هـ دار العاصمة ودار الغيث: الرياض.

(2/1067)


– المعارف لابن قتيبة الدينوري، الطبعة الأولى 1407 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– معاني القرآن وإعرابه، للزجاج، شرح وتحقيق/ د. عبد الجليل عبده شلبي، وخرج أحاديثه/ علي جمال الدين، الطبعة الأولى 1414 هـ، دار الحديث: مصر.
– معاني القرآن الكريم لأبي جعفر النحاس، تحقيق/ محمد علي الصابوني، الطبعة الأولى 1410 هـ، جامعة أم القرى: مكة المكرمة.
– معاني القرآن للفرَّاء، تحقيق/ أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار – بدون تاريخ نشر ولا دار طبع.
– المعجم الكبير للطبراني، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية 1404 هـ – العراق، تصوير: مكتبة ابن تيمية: القاهرة.
– المعجم الصغير للطبراني = الروض الداني.
– المعجم الأوسط للطبراني، تحقيق/ محمد حسن محمد الشافعي، الطبعة الأولى 1420 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.
– المعجم الوسيط، أخرجه/ إبراهيم أنيس، وعبد الحليم منتصر وعطية الصوالحي ومحمد خلف اللَّه أحمد، بإشراف/ حسن علي عطية ومحمد شوقي أمين، الطبعة الثانية 1392 هـ.
– المعجم للطبراني (الجزء المفقود قطعة من الجزء: 13) تحقيق/ طارق عوض اللَّه الطبعة الأولى، 1414 هـ، دار الراية: الرياض.
– معالم التنزيل للبغوي، تحقيق/ محمد النمر وعثمان ضميرية وسليمان الحرش، الطبعة الأولى 1409 هـ، دار طيبة: الرياض.

(2/1068)


– المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي، لأبي بكر الإسماعيلي، تحقيق/ د. زياد منصور، الطبعة الأولى 1410 هـ مكتبة العلوم والحكم: المدينة.
– معجم الشيوخ لابن عساكر، تحقيق/ د. وفاء تقي الدين، الطبعة الأولى 1421 هـ، دار البشائر: دمشق.
– معجم تهذيب اللغة للأزهري، ترتيب وتحقيق/ د. رياض زكي قاسم الطبعة الأولى 1422 هـ دار المعرفة: بيروت.
– المعجم العربي لأسماء الملابس، للدكتور/ رجب عبد الجواد إبراهيم، الطبعة الأولى، 1423 هـ، دار الآفاق العربية: القاهرة.
– معجم عطية في العامي والدخيل، تأليف/ رشيد عطية، ضبطه وصححه/ خالد عبد اللَّه الكرمي، الطبعة الأولى 1424 هـ – دار الكتب العلمية: بيروت.
– المعجم الذهبي لمحمد التونجي، الطبعة الأولى 1969 م، دار العلم للملايين: بيروت.
– معجم البلدان لشهاب الدين ياقوت بن عبد اللَّه الحموي، تحقيق/ فريد عبد العزيز الجندي، الطبعة الأولى 1410 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– معجم ما استعجم من أسماء البلدان والمواضع لأبي عبيد عبد اللَّه بن عبد العزيز البكري، تحقيق/ مصطفى السقا، الطبعة الأولى 1364 هـ، عالم الكتب: بيروت.
– معجم الإسماعيلي = المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي.
– معجم الصحابة لعبد الباقي بن قانع، تحقيق/ خليل إبراهيم قوتلاي، الطبعة الأولى 1418 هـ، مكتبة نزار الباز: مكة المكرمة.

(2/1069)


– المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، لأبي منصور، موهوب بن أحمد الجواليقي، علق عليه/ خليل عمران المنصور، الطبعة الأولى 1419 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.
– المعرفة والتاريخ للفسوي، حققه وعلَّق عليه/ أكرم ضياء العمري، الطبعة الأولى 1410 هـ، مكتبة الدار: المدينة.
– معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني، تحقيق/ عادل العزازي، الطبعة الأولى 1419 هـ، دار الوطن: الرياض.
– المعونة على مذهب عالم المدينة، للقاضي/ عبد الوهاب البغدادي، دراسة وتحقيق/ حميش عبد الحق، الطبعة الأولى 1419 هـ – دار الفكر: بيروت.
– مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري، حققه وعلق عليه/ د. مازن المبارك، ومحمد علي حمد اللَّه، وراجعه/ سعيد الأفغاني، الطبعة السادسة 1985 م، دار الفكر: بيروت.
– المفضَّليَّات، تحقيق وشرح/ أحمد شاكر وعبد السلام هارون، الطبعة السابعة، طبع بمطابع دار المعارف: مصر.
– مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة: لابن قيم الجوزية، تحقيق/ علي حسن عبد الحميد، الطبعة الأولى 1416 هـ، دار ابن عفَّان: الخُبر.
– مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) لفخر الدين محمد بن عمر الرازي، قدم له/ خليل الميس، طبعة 1414 هـ – دار الفكر: بيروت.

(2/1070)


– مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين لأبي الحسن الأشعري، تحقيق/ محمد محي الدين عبد الحميد، الطبعة الثانية 1389 هـ، مكتبة النهضة المصرية: القاهرة.
– المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: للسخاوي، صححه وعلَّق عليه/ عبد اللَّه الصديق، الطبعة الأولى 1407 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– المقتضب لأبي العباس المبرد، تحقيق/ عبد الخالق عضيمة، الطبعة الأولى: 1415 هـ، لجنة إحياء التراث الإسلامي: القاهرة.
– مكارم الأخلاق للخرائطي، تحقيق/ سعاد سليمان الخندقاوي، الطبعة الأولى 1411 هـ، مطبعة المدني: مصر.
– مَنْ اسمه عطاء للطبراني، تحقيق/ هشام بن إسماعيل السقا، مراجعة/ محمود الحداد الطبعة الأولى 1405 هـ، دار عالم الكتب: الرياض.
– المنتخب من الجزء الأول من فوائد خيثمة بن سليمان، دراسة وتحقيق/ د. عمر عبد السلام تدمري، طبع 1400 هـ، دار الكتاب العربي: بيروت.
– المنتخب من مسند عبد بن حميد، تحقيق/ مصطفى العدوي، الطبعة الأولى 1405 هـ مكتبة ابن حجر: مكة المكرمة، دار الأرقم: الكويت.
– المنتقى لابن الجارود، مع تخريجه المسمَّى: غوث المكدود، لأبي إسحاق الحويني الطبعة الأولى 1408 هـ، دار الكتاب العربي: بيروت.
– منهاج السنة النبوية: لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق/ د. محمد رشاد سالم، الطبعة الثانية 1409 هـ، تصوير: مكتبة ابن تيمية: القاهرة.
– موافقة الخُبْر الخَبَر في تخريج أحاديث المختصر للحافظ ابن حجر

(2/1071)


العسقلاني، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، وصبحي السامرائي، الطبعة الثانية 1414 هـ، مكتبة الرشد: الرياض.
– موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي، تحقيق/ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، طبعة مجلس دائرة المعارف: الهند، تصوير: دار الكتب العلمية: بيروت.
– الموضوعات لابن الجوزي، خرَّج آياته وأحاديثه/ توفيق حمدان، الطبعة الأولى: 1415 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– الموطأ للإمام مالك بن أنس، رواية: يحيى بن يحيى، تحقيق/ د. بشار عواد معروف، الطبعة الثانية 1417 هـ، دار الغرب الإسلامي: بيروت.
– ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي، تحقيق/ علي معوَّض، وعادل عبد الموجود وعبد الفتاح أبو سنة، الطبعة الأولى 1416 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار: للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق/ حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى 1421 هـ. دار ابن كثير: دمشق.
– نسخة وكيع عن الأعمش، لوكيع بن الجراح، تحقيق/ د. عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي، الطبعة الثانية 1406 هـ، الدار السلفية: الكويت.
– النشر في القراءات العشر لابن الجزري – أبي الخير محمد بن محمد الدمشقي، اعتنى به/ زكريا عميرات، الطبعة الثانية 1423 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية للزيلعي، تحقيق/ المجلس العلمي

(2/1072)


بالهند، تصوير: دار الحديث: مصر.
– نقض عثمان بن سعيد الدارمي على بشر المريسي، للدارمي، تحقيق/ منصور بن عبد العزيز السماري، الطبعة الأولى، 1419 هـ، أضواء السلف: الرياض.
– النكت الظراف: للحافظ ابن حجر العسقلاني تصحيح/ عبد الصمد شرف الدين، طبع بحاشية: تحفة الأشراف: للمزي، الطبعة الثانية 1403 هـ، الدار القيمة: الهند، والمكتب الإسلامي: بيروت.
– النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر العسقلاني، دراسة وتحقيق/ ربيع بن هادي المدخلي، الطبعة الثالثة 1415 هـ، دار الراية: الرياض.
– النكت والعيون – (تفسير الماوردي) – للماوردي، راجعه وعلق عليه/ السيد بن عبد المقصود بن عبد الحميد، الطبعة الأولى 1412 هـ – مؤسسة الكتب الثقافية: بيروت.
– النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري، تحقيق/ محمود محمد الطناحي، وطاهر أحمد الزاوي، دار إحياء التراث العربي: بيروت.
– النهاية في الفتن والملاحم للحافظ ابن كثير، ضبطه وصححه/ أحمد عبد الشافي، الطبعة الأولى 1408 هـ، دار الكتب العلمية: بيروت.
– نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، للحكيم الترمذي:
1 – نسخة تشستر بيتي من الأصل (1) إلى الأصل (236).
2 – نسخة أخرى الجزء الثاني من الأصل (120) إلى الأصل (234).

(2/1073)


3 – تحقيق وتعليق/ أحمد عبد الرحيم السايح والسيد الجميلي، الطبعة الأولى، 1408 هـ، دار الريان للتراث: القاهرة.
– وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب السلمي القرطبي، الطبعة الأولى 1407 هـ دار الكتب العلمية: بيروت.

(2/1074)