عطاءات العلمكتب ابن القيمكتب ابن القيم- شاملة - txt

رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه

رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه

  الكتاب: رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (5)]المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (659 – 751)
المحقق: عبد الله بن محمد المديفر
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير – جديع بن جديع الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ – 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 70
قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
  الكتاب: رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (5)]المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (659 – 751)
المحقق: عبد الله بن محمد المديفر
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير – جديع بن جديع الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ – 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 70
قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
http://www.shamela.ws تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
  الكتاب: رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (5)]المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (659 – 751)
المحقق: عبد الله بن محمد المديفر
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير – جديع بن جديع الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) – دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ – 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 70
قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (5)

رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه

تأليف
الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية
(691 – 751)

تحقيق
عبد الله بن محمد المديفر

إشراف
بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم – دار ابن حزم

(المقدمة/1)


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في معناها، سهلة في أسلوبها، مترابطة مقاصدها، قليلة ورقاتها، غزيرة علومها، يَحُثُّ ابنُ القيم فيها (علاءَ الدين؟) على تعليم الخير، والنصح لكل من اجتمع به، ويبين الآثار المترتبة على ترك الدعوة والتعليم، فيذكر منها: محق البركة، وفساد القلب، وغفلته. ثم يبين آثار الغفلة إذا اجتمعت مع اتِّباع الهوى.
وينتقل للحديث باختصار عن المُنعَم عليهم بعد أن تحدث عن ضدهم من الذين غفلت قلوبهم، ويبين حاجة العبد إلى الهداية من تسعة أوجه. ثم يتحدث عن أشرف أنواع المهتدين، وهم الذين يسألون ربهم أن يجعلهم أئمة يُهتدى بهم {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان: 74]، ويشرح السُبل الأربعة التي تنال بها هذه الإمامة.
ويأخذك المؤلف إلى نُقلة، ليشرح مسألة، هي: أن كل إنسان إنما يسعى فيما يحصل له به اللذة والنعيم، ويندفع به عنه أضداد ذلك، ويُعدد ستة أمور لا تتم اللذة إلا بها، ويبين حال كثير من الناس معها. ويؤكِّد أنَّ اللذة التامة، وطيب العيش إنما يكون في معرفة الله وتوحيده والأنس به والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهم عليه،

(المقدمة/3)


ويدلل على ذلك بكون الصلاة جُعلت قُرَّة عين النبي – صلى الله عليه وسلم – فيها، ثم يُمتعك المؤلف ويُتحفك بذكر مشاهد الصلاة الستة، التي إذا اجتمعت لدى العبد في صلاته حصلت له قُرَّة العين واستراحة القلب.
ويختم رسالته بأن ملاك هذا الشأن أربعة أمور: نية صحيحة، وقوة عالية، ورغبة، ورهبة.
وقد اتَّبعت في التحقيق المنهج التالي:
1 – قدّمت للتحقيق بقِسْم تناولت فيه: توثيق نسبة الرسالة إلى مؤلفها، وأهميتها، ووَصف النسخ المطبوعة والنسخ المخطوطة، وعنوان الرسالة، والشخص المرسلة إليه.
2 – المقابلة بين النسخ، وإثبات الفروق بين نسخ ثلاث.
3 – خرَّجت الآيات والأحاديث وأكثر الآثار، ونقل كلام بعض العلماء على الأحاديث -في غير الصحيحين- تصحيحًا أو تضعيفًا.
4 – خرَّجت أكثر الأبيات الشعرية الواردة.
5 – عرَّفت بالأعلام إلا المشهورين، مثل كبار الصحابة، وكبار أئمة الفقه والحديث.
6 – أصلحت الأخطاء الإملائية من غير إشارة، واللغوية والنحوية بإشارة.
7 – ما ورد في النسخة الأصل من أخطاء أثبت صوابه في الصلب بين معكوفين []، وأشرت في الحاشية إلى مصدر التصويب أو وجهه.

(المقدمة/4)


8 – الأخطاء الطفيفة -كسقوط نقطة أو حرف- أصلحتها دون الإشارة إلى ذلك، كما لم أُشِرْ إلى الفروق بينها؛ تقليلًا من كثرة الحواشي، إلا إذا كان للسقط الطفيف وجه فأذكره وأشير إلى الفروق.
9 – فهرَسَت للآيات، والأحاديث، والآثار، والأقوال، والأعلام، والأبيات الشعرية، والكتب الواردة في الرسالة.
10 – إذا كانت نهاية الصفحة في المخطوطة أثناء آية فأشير جوار السطر إلى نهايتها بدون علامة.
وأشكر الله تعالى، فهو أهل الحمد والشكر، ثم أشكر كل من أسهم في إخراج هذا التحقيق فجزاهم الله عني وعن الإسلام خير الجزاء.
وأستغفر الله -تعالى- على ما حصل في التحقيق من قصور؛ فهذا ما اتّسع له الوقت، وبلغه العلم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
عبد الله بن محمد المديفر
ص. ب 123706
الرياض: 11751
fer@al-islam.com

(المقدمة/5)


دراسة موجزة للرسالة، ووصف نُسَخِها

(المقدمة/7)


دراسة موجزة للرِّسالة

مدى صحة نسبة الرسالة لابن القيم
نَسَب هذه الرسالة إلى ابن القيم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد (1)، ولم يذكر أحدًا نسبها قبله، فلعله اعتمد على ما ورد في صفحتها الأولى من نسبتها إليه.
وإثبات صحة نسبتها إليه يحتاج إلى مقارنة منهج هذه الرسالة بمنهج ابن القيم في كتبه الثابتة له، ومقارنة بين نصوصها وبعض نصوصه في كتبه، وبين بعض عباراتها وبعض عباراته في كتبه، فإلى بيان ذلك:
أولًا: مقارنة منهج الرسالة بمنهج ابن القيم في كتبه الثابتة له:
تكلم عدد من المعاصرين عن منهج ابن القيم وأسلوبه في الكتابة، فذكروا عددًا من المناهج والأساليب التي اتبعها في التأليف والبحث، وها هي بعضها، مع المقارنة بينها وبين ما ورد في هذه الرسالة.
1 – من خصائص منهجه: الاعتماد على الأدلة من الكتاب والسنة (2). وهذه الخصيصة تظهر جلية في هذه الرسالة عمليًا وقوليًا، أما العملي فيظهر في مواضع عديدة من الرسالة، وأما القولي، فقال حينما تكلم عن الأصول التي تضمنتها آية (24) من
__________
(1) ابن قيم الجوزية، حياته وآثاره (ص 155).
(2) المصدر السابق (ص 48)؛ وابن قيم الجوزية، عصره ومنهجه، لعبد العظيم شرف الدين (ص 196).

(المقدمة/9)


سورة السجدة: “الثاني: هدايتهم بما أمر به على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم -، لا بمقتضى عقولهم، وآرائهم، وسياساتهم، وأذواقهم، وتقليد أسلافهم بغير برهان من الله؛ لأنه قال: {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة: 24] ص 19.
وقال عند الآية نفسها: “وفي ذلك دليلٌ على اتّباعهم ما أنزل الله على رسوله، وهدايتهم به وحده دون غيره من الأقوال والآراء والنِّحل والمذاهب، بل لا يهدُون إلا بأمره خاصَّة” ص 26.
وعقد فصلًا في المتابعة والاقتداء، ومما قال فيه:. ” … ولعل الأحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه ولا يلتفتون إلى ذلك، ويقولون: نحن مقلدون لمذهب فلان. وهذا لا يُخَلِّص عند الله: ولا يكود عذرًا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده، فإن الله -سبحانه- إنما أمر بطاعة رسوله واتباعه وحده، ولم يأمر باتباع غيره … ” ص 42.
2 – ومن منهجه: عدم التعصب لمذهب معين (1). وفي الكلام السابق له دليل واضح عليه.
3 – ومن منهجه: أنه يعرض النصوص أولًا ثم يستنبط منها، خلافًا لما درج عليه كثير من الفقهاء من قبل ومن بعد، فهم يعرضون المسألة ثم يؤيدونها بالدليل (2). وهذا المنهج ورد هنا في الرسالة ص 16 – 27.
__________
(1) المصدران السابقان: شرف الدين (ص 179)، وبكر أبو زيد (ص 59).
(2) شرف الدين (ص 181).

(المقدمة/10)


4 – ومن خصائص منهجه: الاستطراد (1). وهو سمة بارزة في هذه الرسالة.
5 – وتميز منهجه في أسلوبه: بالجاذبية وحسن التصوير (2). وهذا المنهج تجده في جميع صفحات الرسالة.
6 – وتميز منهجه: بحسن الترتيب والسياق (3). وقد ظهر هذا جليًا في هذه الرسالة.
7 – ومن خصائص منهجه: السعة والشمول، بحيث يستوعب الكلام في المسألة من جميع الجوانب (4). ويلحظ هذا بوضوح عند كلامه حول آية (74) من سورة الفرقان ص 10، وكذلك عند الكلام على الآية (24) من سورة السجدة، ص 17.
8 – ومن خصائص أسلوبه: استشهاده بالشعر له أو لغيره (5). وجاء هنا مرارًا استشهاده بالشعر لغيره.
هذه أهم المناهج والأساليب التي ظهرت في الرسالة.
ثانيًا: مقارنة بعض نصوص هذه الرسالة بنصوص أخرى في كتبه:
والنصوص المتشابهة كثيرة، أكتفي بثلاثة منها:
1 – ورد في الرسالة (في الأصل): ” … وهو لا يمكنه تركها
__________
(1) ابن القيم من آثاره العلمية، لأحمد ماهر البُقري (ص 159)، وبكر أبو زيد (ص 61).
(2) المصدران السابقان: البُقري ص 216، وبكر أبو زيد (ص 67).
(3) بكر أبو زيد (ص 68).
(4) المصدر السابق (ص 56).
(5) البُقري (ص 211).

(المقدمة/11)


[أي الشهوات] وتقديم هذا المطلوب عليها إلا بأحد أمرين: إما حب متعلق، وإما فرق مزعج … ” ص 29.
وفي نسخة (ب، و ج): ” … إما حب مقلق .. “.
وقال ابن القيم في (روضة المحبين) (1): “وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، ولا يذهب قساوته إلا حب مقلق، أو خوف مزعج”.
وقال في (الداء والدواء) (2): “الطريق الثاني المانع من حصول تعلق القلب [بعمل قوم لوط]: اشتغال القلب بما يبعده عن ذلك، ويحول بينه وبين الوقوع فيه، وهو: إما خوف مقلق، أو حب مزعج”.
2 – ورد في الرسالة: “وقد اشترى -سبحانه- من المؤمنين أنفسهم، وجعل ثمنها جنته، وأجرى هذا العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من خلقه … كيف يليق بالعاقل أن يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس … وهل هذا إلا من أعظم الغبن الفاحش يوم التغابن؟ ” ص 31 – 32.
وقال ابن القيم في (مدارج السالكين) (3): “فلما عرفوا عظمة المشتري، وفضل الثمن، وجلالة من جرى على يديه عقد التبايع، عرفوا قدر السلعة، وأن لها شأنًا، فرأوا من أعظم الغبن أن يبيعوها
__________
(1) (ص 167).
(2) (ص 310).
(3) (3/ 9).

(المقدمة/12)


لغيره بثمن بخس … “.
3 – ورد في الرسالة: “ومدار الدين على هذه القواعد الأربع، وهي: الحب والبغض، ويترتب عليهما الفعل والترك والعطاء والمنع، فمن استكمل أن يكون هذا كله لله استكمل الإيمان، وما نقص منها أن يكون لله، عاد بنقص إيمان العبد” ص 36.
وقال ابن القيم في كتاب (الروح) (1): “والدين كله يدور على أربع قواعد: حب وبغض، ويترتب عليهما فعل وترك، فمن كان حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل الإيمان، … وما نقص من أصنافه هذه الأربعة نقص من إيمانه ودينه بحسبه”.
هده نماذج رأيت أنها تكفي للدلالة على المقصود عن ذكر غيرها.
ثالثًا: مقارنة بعض عبارات الرسالة بعبارات ابن القيم في كتبه:
وردت في أول سطر من الرسالة بعد البسملة عبارة (الله المسؤول المرجو الإجابة)، فهل استعمل ابن القيم هذه العبارة في شيء من كتبه؟
لقد وردت هذه العبارة كاملة في ثلاثة من كتبه (2). وورد الجزء الأول منها في مواضع عديدة من كتبه.
ونحو هذا الكلام يقال على عباراته في خاتمة الرسالة.
__________
(1) (ص 562).
(2) وردت في مقدمة كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية، والوابل الصيب، وفي خاتمة كتاب الروح.

(المقدمة/13)


وكلمة (المَشْهد والمَشَاهِد) الواردتان في هذه الرسالة في الكلمات الدارجة عند ابن القيم في بعض كتبه (1).
النتيجة:
يتبين من خلال الأدلة المتنوعة السابقة أن نسبة الرسالة إلى ابن القيم صحيحة لا مرية فيها، ولا سيما أن فيها نقولًا عن ابن تيمية، ويُعدُّ ابن القيم أحد المكثرين في النقل عنه.

أهمية هذه الرسالة:
على الرغم من صغر حجم هذه الرسالة إلا أنها حوت دررًا من كلام ابن القيم لم ينثرها لنا في شيء من كتبه المطبوعة (2)، كما حوت تفصيلًا لكلام أجمله في بعض كتبه، وبيان ذلك ما يأتي:
1 – لم يتعرض في شيء من الكتب المطبوعة لذكر المشاهد الستة للصلاة التي تقر بها العين، ويستريح بها القلب.
2 – لم يتعرض في شيء من كتبه المطبوعة لمثل الكلام الذي ذكره هنا حول قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28].
3 – عند قوله تعالى في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} الآيات، ذكر كلامًا قَيِّما حول هذه الآيات،
__________
(1) انظر -على سبيل المثال-: (مدارج السالكين 1/ 399 – 430)، و (طريق الهجرتين ص 81 – 88، 297 – 306).
(2) اعتمادًا على كشافين من كشافات علوم ابن القيم، هما:
1 – التقريب لعلوم ابن القيم، لبكر بن عبد الله أبو زيد.
2 – بدائع التفسير: الجامع لتفسير ابن قيم الجوزية، ليسري السيد محمد.
واستقراءًا لما طبع لاحقًا مما لم يتناوله هذان الكشافان.

(المقدمة/14)


وتفصيلًا بديعًا لم يذكره عندما تكلم عنها في بعض كتبه إلا إجمالًا.
4 – قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان: 74]، أشار إلى تفسيرها في (إعلام الموقعين) (1) في ستة أسطر، وتكلم عنها بكلام مجمل في كتاب (الروح) (2)، أما في هذه الرسالة فقد تكلم عنها كلامًا وافيًا، نقل أقوال السلف فيها، وأقوال أئمة اللغة، وبيَّنها، ورجح بينها.
5 – قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة: 24]، لم يفصل الكلام حولها في شيء من كتبه.
6 – حول قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108]، نقل في هذه الرسالة بعض معاني (البصيرة) في اللغة، وحققها، ولا تجد في شيء من كتبه المطبوعة الموارنة بين هذه الأقْوال.

وصف النسخ المطبوعة والنسخ المخطوطة
أولًا: النسخ المطبوعة:
1 – (الطريق إلى الهداية)، بهذا العنوان طُبعت في دار التراث العربي، أشار إلى ذلك د. أسامة عبد العظيم، المُراجع للطبعة التالية.
2 – (رسالة إلى كل مسلم) بهذا العنوان طبعت في القاهرة عام (1404 هـ)،
__________
(1) (4/ 135).
(2) (ص 560 – 561).

(المقدمة/15)


وراجعها وعلق عليها د. أسامة محمد عبد العظيم.
3 – (صلاة المحبين والطريق إلى إمامة المتقين)، بهذا العنوان طُبعت في مطبعة سفير بالرياض، ونشرتها دار سعد النجيم ومؤسسة البشائر في الرياض عام (1413 هـ)، الطبعة الثانية، وأخرجها وعلق عليها خالد بن علي العنبري.
ومع أن هذه الرسالة قد طبعت إلا أن إعادة طباعتها محققة تبقى مُلحَّة للأسباب الآتية:
أ – أن ما طُبع اعتمد على نسخة خطية واحدة، هي المحفوظة بدار الكتب المصرية.
ب – أن ما طبع لم يحقق تحقيقًا علميًا، يطمئن القارئ معه إلى صحة نسبة الرسالة إلى مؤلفها، ويكون النص فيها أقرب إلى الصواب، ويُقابل فيه بين النُّسخ الخطية …
ج – أن ما طبع، فيه تصرف بنص المؤلف: تارة بإسقاط بعض الكلمات والجمل دون إشارة، وتارة بزيادة بعض الكلمات إلى النص دون إشارة، وتارة بإبدال بعض العبارات دون إشارة وبدون مُسوِّغ يوجب التغيير.
د – بعض الكلمات وردت خطأ في النسخة المخطوطة وأُثبتت كما هي دون البحث عن الصواب فيها.
هـ – أن طباعتها باسمها الذي اشتهر بين العلماء أدعى لانتشارها، ونشر العلم الذي حوته.

ثانيًا: وصف النسخ المخطوطة:
وقفت على أربع نسخ خطِّية، وسيكون الرمز لها كالتالي:

(المقدمة/16)


(الأصل)، و (ب)، و (ج)، و (د)، وكان الاعتماد في التحقيق والمقابلة على النسخ الثلاث الأولى، أما النسخة (د) فلم أرجع إليها إلا نادرًا؛ للتَّعضيد؛ لما يأتي من الأسباب عند الحديث عن هذه النسخة.

1 – النسخة (الأصل):
هذه النسخة محفوظة في دار الكتب المصرية في القاهرة برقم (13) مجاميع، بعنوان: (رسالة لابن قيم الجوزية)، ورقم الفيلم هو: (53073)، ضمن مجموعة أولها كتاب (الداء والدواء) لابن القيم، مؤرخ آخر هذا الكتاب في سنة (1187 من الهجرة)، ويليه -بعد ستة أسطر دخيلة فيها توسل بالنبي – صلى الله عليه وسلم – هذه النسخة في عشر ورقات، من (140 / أ) إلى (149/ أ) ثم يليها رسالة سُمِّيت (رد القبورية) منتخبة من (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)، وينتهي المجموع بورقة (192).
مسطرتها (20 × 15 سم)، وكل صفحة تحوي (23) سطرًا، مكتوبة بخط جيد واضح، وتاريخ كتابتها غير مدون عليها، لكن الخط الذي كتبت به مشابه للخط الذي كتب به الكتاب الذي قبلها وهو مدون في الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري كما سبق آنفًا، وناسخها مجهول.
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: “هذا كتاب أرسله الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، شيخ الإسلام،. مفتي المسلمين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، المعروف بابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى-، كتبه إلى بعض إخوانه في الله تعالى”.

(المقدمة/17)


وقد جعلت هذه النسخة هي المعتمدة في التحقيق، للآتي:
أ – أنها سلمت من السقط الذي اعترى النسخ الأخرى جميعها.
ب – أن الأخطاء التي فيها أقل من النسخ الأخرى.

2 – النسخة (ب):
محفوظة بالمكتبة المحمودية في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية، برقم (2797) مجاميع، بعنوان: (رسالة أرسلها ابن القيم إلى بعض إخوانه).
تقع المخطوطة في خمس عشرة ورقة، وهي بخط جيد واضح، وخطها وأوراقها يشيران إلى أنها من مخطوطات القرن الثاني عشر الهجري تقديرًا، ناسخها عبد الله بن موسى (1)، ومسطرتها (13 × 8.5 سم)، وعدد الأسطر فيها أربعة عشر سطرًا.
وقد وقع بها سقط من وسطها، بمقدار اثنين وثلاثين سطرًا مطبوعًا، ويذكر ناسخ هذه النسخة أن السقط موجود في النسخة التي نقل عنها.
والمخطوطة تقع ثانية في المجموع التي هي فيه، ويحوي المجموع رسالتين، الرسالة الأخرى لم يذكر عليها اسم مؤلفها.
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: “هذا كتاب أرسله الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر، المعروف
__________
(1) لم أقف على ترجمة له، وقد نَسَخَ عام (1155 هـ) كتاب (فضائل الأعمال) لضياء الدين المقدسي (ت 643 هـ). فهرس مخطوطات الحديث الشريف وعلومه في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة، عمَّار بن سعيد. تمالت، ص 491).

(المقدمة/18)


بابن القيم -رحمه الله تعالى- كتبه إلى بعض إخوانه فقال”.

3 – النسخة (ج):
محفوظة بمكتبة جامعة الملك سعود في الرياض، برقم (1656)، بعنوان: (رسالة في الإرشاد)، تقع في تسع ورقات، بخط جيد واضح، ورؤوس الفقرات بخط أكبر ذي لون أحمر، وبعض الفقرات فوقها خط أحمر، مقاسها (19 × 12 سم)، وعدد الأسطر فيها واحد وعشرون سطرًا، من مخطوطات القرن الرابع عشر الهجري، وبها سقط من وسطها كالنسخة السابقة، وناسخها مجهول، ومن الملحوظات المتكررة فيها، أن بعض الكلام يتكون من سطر أو أسطر في النسختين الأوليين يُختصر في هذه النسخة بكلمة أو كلمتين!
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: “هذه رسالة أرسلها شمس الدين، أبو عبد الله بن القيم -رضي الله عنه- إلى بعض إخوانه”.

4 – النسخة (د):
من محفوظات المكتبة العامة السعودية بالرياض (1)، ومصورتها في مكتبة جامعة الملك سعود محفوظة برقم (ف 59/ 4 – ز س)، بعنوان: (رسالة في البركة).
وهي نسخة غير كاملة سقط منها ما يقارب النصف من حجمها، تقع في أربع ورقات، وعدد الأسطر فيها ما بين (23 – 26) سطرًا،
__________
(1) وهي مكتبة دار الإفتاء والتي نقلت مخطوطاتها إلى مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض.

(المقدمة/19)


وخطها من خطوط القرن الرابع عشر الهجري، ناسخها مجهول، ويظهر أن ناسخها قد اعتمد على النسخة (ج) ويتصرف أحيانًا بالاختصار والحذف.
وعرَّفت النسخةُ الرسالة بقولها: “قال الشيخ، الإمام العالم، العلامة، شمس الدين، بحر العلوم، أبو عبد الله بن القيم رحمه الله”.

عنوان الرسالة
لم يُسمِّ ابن القيم رسالته هذه كما عُهد عنه في كتبه أنه يسميها باعتناء شديد.
وقد سُمِّيت في فهارس المكتبات المحفوظة فيها النسخ بالأسماء التالية:
1 – رسالة لابن قيم الجوزية.
2 – رسالة أرسلها ابن القيم إلى بعض إخوانه.
3 – رسالة في الإرشاد.
4 – رسالة في البركة.
فمن سماها بالإرشاد قد نظر إلى غرضها، ومن سماها بالبركة فقد نظر إلى موضوعها في بدايتها.
وعنون لها الشيخ بكر أبو زيد بـ (رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه)، وبهذا العنوان اشتُهرت عند عدد من أهل العلم المعاصرين؛ ولذا رأيت إثباتها بهذا العنوان، وحتى لا يحصل ليس بذكر عنوان لم تُعرف به لدى العلماء، كما أن النسخ الثلاث

(المقدمة/20)


المعتمدة قد عرَّفت هذه الرسالة بنحو هذا العنوان.
المرْسَلُ إليه

ورد في بداية النسخة الأصل أن المرسل إليه هو (علاهن)، وفي (ب) (علام الدين)، وفي (ج) و (د) (علاء الدين)، ويتبع كثير من فهارس الكتب التي ترجمت لعصر ابن القيم لم أقف على أحد لُقِّب بعلاهن، ولا بعلام الدين، ولكن ورد فيها ذكر عدد من الأشخاص لقبوا بعلاء الدين كما في (ج) و (د)، وعلم الدين، ولم تُشر الكتب التي اطلعت عليها إلى وجود مراسلة بين أحد منهم وابن القيم، أو الإشارة إلى أنه تلميذ لابن القيم، أو ذِكْرِ قرينة يطمأن إليها؛ وهذا يجعل شخصية من أُرسلت إليه الرسالة مجهولة.

(المقدمة/21)


صورة الصفحة الأولى من النسخة (الأصل) المحفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة.

(المقدمة/22)


صورة الصفحة الأخيرة من النسخة (الأصل) المحفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة.

(المقدمة/23)


صورة الصفحة الأولى من النسخة (ب) المحفوظة بالمكتبة المحمودية بالمدينة النبوية.

(المقدمة/24)


صورة الصفحة الأخيرة من النسخة (ب) المحفوظة بالمكتبة المحمودية بالمدينة النبوية.

(المقدمة/25)


صورة الصفحة الأولى من النسخة (ج) المحفوظة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض.

(المقدمة/26)


صورة الصفحة الأخيرة من النسخة (ج) المحفوظة بمكتبة جامعة الملك سعود بالرياض.

(المقدمة/27)


صورة الصفحة الأولى من النسخة (د) المحفوظة بالمكتبة العامة السعودية بالرياض.

(المقدمة/28)


صورة الصفحة الأخيرة من النسخة (د) المحفوظة بالمكتبة العامة السعودية بالرياض.

(المقدمة/29)


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الله المسؤولُ المرجو الإجابة أن يُحسِنَ إلى الأخ [علاء الدِّين] (1) في الدُّنيا والآخرة، وينفع (2) به، ويجعله مباركًا أينما كان. فإن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل، ونصحُه لكلِّ من اجتمع به، قال الله -تعالى- إخبارًا عن المسيح [عليه السلام]: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31] أي معلمًا للخير، داعيًا إلى ألله، مذكرًا به، مرغبًا في طاعته، فهذا من بركة الرجل، ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة، ومحِقت بركة لقائه والاجتماع به، بل تُمْحق بركة من لقيه واجتمع به، فإنه يضيع الوقت في المَاجَرَيَاتِ (3)، ويفسد القلب. وكل آفة (4) تدخل على العبد، فسببها ضياعُ [الوقت] (5) وفساد القلب، وتعود بضياع [حظه] (6) من الله، ونقصان درجته ومنزلته عنده؛ ولهذا
__________
(1) في الأصل (علاهن)، وفي ب (علام الدين)، والمثبت من ج، و د، وانظر الكلام عن هذه الألقاب في قسم الدراسة، ص 21.
(2) في ج (وأن ينفع).
(3) (الماجرَيات): كلمة مُحدثة، وهي الحوادث والأمور التي جرت أو تجري، مأخوذة من قولهم: جرى ما جرى، ويقال: كانت بينهم مناظرات وماجريات يطول شرحها. (انظر: الهادي إلى لغة العرب، حسن سعيد الكرمي 1/ 323).
(4) في ب (وكلافة) بدل (وكل آفة).
(5) في الأصل (القلب) وهو خطأ، والمثبت من ب، و ج.
(6) في الأصل (حقه) وهو خطأ فادح من الناسخ؛ فإن الحقوق عند الله لا تضيع، والمثبت من ب، و ج.

(1/3)


وصى (1) بعض الشيوخ (2) فقال: احذروا مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت، وتُفسد القلب، فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها، وكان ممن قال الله فيه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} [الكهف: 28].
ومن تأمل حال هذا الخلق، وجدهم كلهم -إلا أقل القليل- ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله -تعالى -، واتَّبعوا أهواءهم، وصارت أمورهم ومصالحهم {فُرُطًا} أي: فرَّطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم، بل يعود بضررهم (3) عاجلًا وآجلًا (4).
[وهؤلاء] (5) قد أمر الله -سبحانه- رسولَه ألا يطيعهم، فطاعة الرسول لا تتم إلا بعدم طاعة هؤلاء (6)، [فإنهم] (7) إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتباع الهوى، والغفلة عن ذكر الله (8).
والغفلة عن الله والدَّار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى، [تولد
__________
(1) في ب، و ج (أوصى).
(2) في ج (بعضهم).
(3) في ج (بما يضرهم).
(4) تكلم ابن القيم في ذم الخلطة، وبيَّن الضابط النافع فيها، في مدارج السالكين (1/ 454 – 456).
(5) في الأصل (ومن هؤلاء)، والمثبت من ب، و ج.
(6) في ج (طاعتهم).
(7) في الأصل (بأنهم)، والمثبت من ب، و ج.
(8) في ج: (عن الله والدار الآخرة).

(1/4)


ما] (1) بينهما كل شر (2). وكثيرًا ما يقترن أحدهما بالآخر ولا يفارقه (3).
ومن تأمل فساد أحوال (4) العالم عمومًا وخصوصًا، وجده ناشئًا عن هذين الأصلين، فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور (5) الحق ومعرفته والعلم به (6) فيكون من [الضالين] (7). واتباع الهوى يصده عن قصد (8) الحق وإرادته واتباعه (9)، فيكون من المغضوب عليهم.
وأما المنعم عليهم فهم الذين مَنَّ الله عليهم بمعرفة الحق علمًا، وبالانقياد إليه وإيثاره على ما سواه عملًا، وهؤلاء هم الذين على سبيل النجاة، ومن سواهم على سبيل الهلاك. ولهذا أمرنا الله -سبحانه- أن نقول كل يوم وليلة عدة مرات: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 6، 7].
فإن العبد مضطر كل الاضطرار إلى أن يكون عارفًا بما ينفعه في
__________
(1) في الأصل (تولدتا)، والمثبت من ب.
(2) في ج: (تولد منهما شر كثير).
(3) (ولا يفارقه) ساقطة من ج.
(4) (أحوال) ساقطة من ج.
(5) (تصور) ساقطة من ب.
(6) في ج (وبين معرفة الحق وتصوره) بدل (وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به).
(7) في الأصل (الصالحين) وهو خطأ، والمثبت من ب، و ج.
(8) في ج (اتباع) بدل (قصد).
(9) (وإرادته واتباعه) سقطتا من ج.

(1/5)


معاشه ومعاده، وأن يكون مؤثرًا مريدًا لما ينفعه (1)، مجتنبًا لما يضره. فبمجموع هذين [يكون] (2) قد هُدِي إلى الصراط المستقيم (3). فإن فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضالين (4)، وإن فاته قصده (5) واتباعه سلك سبيل (6) المغضوب عليهم. وبهذا يُعرف قدر هذا الدُّعاء العظيم، وشدة الحاجة إليه (7)، وتَوَقُفُ (8) سعادة الدُّنيا والآخرة عليه.
والعبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظةٍ وَنَفَسٍ، في جميع ما يأتيه ويذره، فإنَّه بين أمور (9) لا ينفكُّ عنها:
أحدُهَا أمور قد (10) أتاها على غير وجه الهداية جهلًا، فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق (11) فيها.
__________
(1) في ج (له) بدل (لما ينفعه).
(2) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(3) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (14/ 320 – 321).
(4) في ج: (فهو من الضالين) بدل (سلك سبيل الضالين).
(5) (قصده و) ساقطة من ج.
(6) فى ج (فهو من) بدل (سلك سبيل).
(7) (وشدة الحاجة إليه) ساقطة من ج.
(8) في ج (فتوقف).
(9) قال ابن القيم في شفاء العليل (1/ 215): “قال شيخنا” يعني شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم ذكر أكثر هذه الأمور التي ذكرها هنا، ولم يُفصَّل فيها كما فَصَّل هنا.
(10) (قد) ساقطة من ج.
(11) (إلى الحق) ساقطة من ج.

(1/6)


أو يكون عارفًا بالهداية فيها، فأتاها على غير وجهها عمدًا، فهو محتاج إلى التوبة منها.
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علمًا ولا عملًا، ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها، وإلى قصدها وإرادتها (1) وعملها.
أو أمور قد هُدِي [إليها] (2) من وجه دون وجه، فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها (3).
أو أمور قد هُدِي إلى أصلها دون تفاصيلها، فهو محتاج إلى هداية التفصيل.
أو طريق قد هُدِي إليها، وهو (4) محتاج إلى هداية أخرى فيها، فالهداية إلى الطريق شيءٌ والهداية في نفس الطريق شيءٌ آخر (5)، ألا ترى أن الرجل يعرف [أنَّ] (6) طريق البلد (7) الفُلاني هو طريق كذا وكذا، ولكن لا يحسن أن يسلكه، فإن سلوكه [يحتاج] (8) إلى هداية خاصة في نفس السلوك، كالسير في وقت كذا دون [وقت] (9) كذا،
__________
(1) (ومعرفتها وإلى قصدها وإرادتها) ساقطة من ج.
(2) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ج.
(3) (أو أمور قد هدي إليها) إلى (الهداية فيها) ساقطة من ب.
(4) في ب، و ج (فهو).
(5) (فالهداية إلى الطريق) إلى (آخر) ساقطة من ج.
(6) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(7) في ب (البلدة).
(8) في الأصل (محتاج) والمثبت من ب، و ج.
(9) ساقطة من الأصل ومن ج، وأثبتت من ب.

(1/7)


وأخذ الماء في مفازة كذا مقدار كذا، والنزول في موضع كذا دون كذا (1)، فهذه هداية في نفس (2) السير قد يهملها من هو عارف بأن الطريق هي هذه، فيهلك وينقطع عن المقصود (3).
وكذلك أيضًا ثمَّ أمورٌ هو محتاج إلى (4) [أن] (5) يحصل (6) له فيها من (7) الهداية في المستقبل مثل ما حصل (8) له في الماضي.
وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل (9) فيها، فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها.
وأمور يعتقد أنَّه فيها على هُدى وهو على ضلالة ولا يشعر، فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهدايةٍ من الله (10).
وأمور قد فعلها على وجه الهداية، وهو محتاج إلى أن يَهدِيَ غيره [إليها] (11) ويرشده وينصحه (12)، فإهماله ذلك يُفوِّت عليه من الهداية
__________
(1) (دون كذا) ساقطة من ج.
(2) (نفس) ساقطة من ب، و ج.
(3) (وينقطع عن المقصود) ساقطة من ح.
(4) (إلى) ساقطة من ب.
(5) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(6) في ب، و ج (تحصل).
(7) (من) ساقطة من ب، و ج.
(8) في ب، و ج (يحصل).
(9) في ب (عن اعتقاد حقًا وباطلًا).
(10) (بهداية من الله) ساقطه من ج.
(11) ساقطة من الأصل و ب، وأثبتت من ج.
(12) (ويرشده وينصحه) ساقطة من ج.

(1/8)


بحسبه كما أن هدايته للغير (1) وتعليمه ونصحه (2) يفتح (3) له باب الهداية، فإنَّ الجزاء من جنس العمل، فكلما (4) هَدَى غيره وعلمه هداه الله وعلمه (5) فيصير (6) هاديًا مهديًا، كما في دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي رواه الترمذي وغيره (7): “اللهم زَيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مُضلِّين، سلمًا لأوليائك، حربًا لأعدائك، نُحب بحبك
__________
(1) في ج (الغير) بدل (للغير).
(2) (وتعليمه ونصحه) ساقطة من ج.
(3) في ج (تفتح) بدل (يفتح).
(4) في ب، و ج (وكلما) بدل (فكلما).
(5) (هداه الله وعلمه) ساقطة من ب، (وعلمه هداه الله وعلمه) ساقطة من ج.
(6) في ج (صار) بدل (فيصير).
(7) سنن الترمذي، كتاب الدعوات، (5/ 450 – 451)، باب (30)، (ح 3419)، من حديث طويل، أوله: “اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي … “. ورواه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 166، ح 1119).
وقال ابن حبان بعد أن ساق الحديث “هذا باطل”، (المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين 1/ 231).
قال الألباني: “ضعيف الإسناد”، (ضعيف سنن الترمذي ص 445، ح 678).
لكن موضع الشاهد من الحديث، وهو قوله: “اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين” صححه بعض العلماء من حديث آخر، أوله “اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي … ” الحديث، رواه أحمد في المسند (5/ 327، ح 17861)، والنسائي، وصححه الألباني (صحيح سنن النسائي، 1/ 280 – 281، ح 1237، 1238 وابن حبان في صحيحه (صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 5/ 304 – 305، ح 1971)، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي (المستدرك 1/ 524 – 525).

(1/9)


من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك (1) “.
[وقد] (2) أثنى الله -سبحانه- على عباده المؤمنين (3) الذين يسألونه أن يجعلهم أئمة يُهتَدَى بهم، فقال تعالى في صفات عباده (4): {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان: 74]، قال ابن عباس: يُهتَدَى (5) بنا في الخير (6). وقال أبو صالح (7): [يُقتَدَى] (8) بهدانا (9). وقال مكحول (10): أئمةً في
__________
(1) نهاية الحديث في ج: (ونعادي بعداوتك من عاداك وخالف أمرك).
(2) في الأصل (فقد)، والمثبت من ب، و ج.
(3) (المؤمنين) ساقطة من ب، و ج.
(4) (في صفات عباده) ساقطة من ج.
(5) في ج (أئمة يقتدى) بدل (يهتدى).
(6) رواه الطبري بمعناه، (تفسير الطبري 19/ 319).
(7) أبو صالح اسمه باذام، ويقال: باذان، مولى أم هاني بنت أبى طالب -رضي الله عنها -، حدَّث عنها وعن علي، وابن عباس، وأبي هريرة -رضي الله عنهم -، وعامة ما يرويه تفسير. (انظر: سير أعلام البلاء 5/ 37 – 38)، وتهذيب التهذيب 1/ 416 – 417).
(8) في الأصل (يهتدى)، والمثبت من ب، و ج، والسيوطي كما في الحاشية التالية.
(9) أخرحه الفريابي عن أبي صالح، (الدر المنثور، للسيوطي، 5/ 149).
(10) مكحول، يُكنى أبا عبد الله -وقيل غير ذلك- الدمشقي الفقيه، عالم أهل الشام، تابعي ثقة، مولى امرأة هذلية. واختلف في وفاته ما بين (112 هـ) إلى (118 هـ)، (انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 155 – 160، وتهذيب التهذيب 10/ 289 – 293).

(1/10)


[التقوى] (1)، يَقَتَدِي بنَا المتقون (2) (3). وقال مجاهد (4): “اجعلنا مؤتَمِّينَ بالمتَّقين، مقتدين بهم” (5). وأَشكل (6) هذا التفسير (7) على من لم يعرف قدر فهم السلف وعمق علمهم، وقال: يجب أن تكون (8) الآية على هذا القول من
__________
(1) في الأصل (الفتوى)، والمثبت من ب، والنيسابوري كما في الحاشية التالية.
(2) ذكره الواحدي النيسابوري في تفسيره، عن مكحول، (الوسيط في تفسير القرآن المجيد 3/ 349).
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة، قال: “قادة في الخير ودعاة وهداة يؤتم بهم في الخير”، (انظر: الدر المنثور 5/ 149).
(3) في ب، و ج (المقتدون) بدل (المتقون).
(4) مجاهد بن جبر، شيخ القراء والمفسرين، رجَّح الذهبي أنه مولى السائب بن أبي السائب والد عبد الله بن السائب -رضي الله عنه-، ولد سنة (21 هـ) في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، روى عن ابن عباس -رضي الله عنه-، وعنه أخذ القرآن والتفسير والفقه، وروى عن عدد من الصحابة، وصح عنه أنه قال: عَرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقفه عند كل آية، أسأله فيم نزلت؟ وكيف كانت؟ وحدَّث عن مجاهد خلق كثير، توفى سنة (103 هـ)، وقد نيف على الثمانين. (انظر: معرفة القراء الكبار، للذهبي 1/ 66 – 67، وسير أعلام النبلاء 4/ 449 – 457، وغاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري 2/ 41 – 42، وطبقات المفسرين، للداودي 2/ 305 – 308).
(5) رواه الطبري بسنده في تفسيره (19/ 320). وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (2/ 72)، وعبد بن حميد، (انظر: الدر المنثور 5/ 149).
(6) فى ج (وقد أشكل).
(7) (التفسير) ساقطة من ج.
(8) (يجب أن تكون) ساقطة من ج.

(1/11)


باب (1) المقلوب (2)، على تقدير (3): (واجعل المتقين لنا أئمَّة)، ومعاذ الله أن يكون شيء من القرآن (4) مقلوب (5) [عن] (6) وجهه، وهذا من تمام فهم مجاهد -رحمه الله-؛ فإنه لا يكون الرجل (7) إمامًا للمتقين حتى يأتمَّ بالمتقين، فنبَّه مجاهد على هذا الوجه (8) الذي ينالون به هذا المطلوب، وهو اقتداؤهم (9) بالسلف المتقين من قبلهم فيجعلهم الله أئمة للمقين (10) من بعدهم (11)، وهذا من أحسن الفهم في القرآن وألطفه، ليس من باب القلب في شيء. فمن ائتمَّ بأهل السُّنة قبله (12)؛ ائتمَّ به من بعده ومن معه (13).
__________
(1) (القول) و (باب) سقطتا من ج.
(2) القلب: نوع من أنواع الأسلوب اللغوي. (انظر: البرهان في علوم القرآن، للزركشي 3/ 288 – 293، والإتقان في علوم القرآن، للسيوطي 3/ 116).
(3) في ج (أي) بدل (على تقدير).
(4) زيادة من ج.
(5) بالرفع في النُّسخ جميعها؛ لأن (كان) تامة، فاقتُصر على الفاعل.
(6) من (ج) في غيرها (على).
(7) في ب (فإن الرجل لا يكون).
(8) (الوجه) ساقطة من ج.
(9) في ب (وقد اهتدوا هم (بدل) وهو اقتداؤهم).
(10) في ب زيادة (الذين).
(11) (فيجعلهم الله أئمة للمتقين من بعدهم) ساقطة من ج.
(12) في ب (قبل).
(13) في ج: (قبل أن يأتم به من بعده فإنه يكون إمامًا لهما)، بدل: (قبله؛ ائتم به من بعده ومن معه).

(1/12)


ووحَّد -سبحانه- لفظ {إِمَامًا} ولم يقل: واجعلنا للمتقين أئِمَّة (1)، فقيل: الإمام في الآية (2) جمع آم (3)، نحو: صاحب وصحاب، وهذا قول (4) الأخفش (5)، وفيه بُعدٌ، وليس هو من اللغة المشهورة [المُستعملة] (6) المعروفة حتى يفَسَّر بها كلامُ الله (7).
وقال آخرون (8): الإمام هنا مصدرٌ، لا اسم (9) (10)، يقالُ: أَمَّ إمامًا، نحو: صام صيامًا، وقام قيامًا، أي: اجعلنا ذوي إمام (11)،
__________
(1) (ولم يقل واجعلنا للمتقين أئمة) ساقطة من ج.
(2) (الإمام في الآية) ساقطة من ج.
(3) (آم) ساقطة من ج.
(4) في ج (قاله) بدل (وهذا قول).
(5) انظر: معاني القرآن، للأخفش (3/ 423).
والأخفش، هو سعيد بن مسعدة المجاشعي، مولى بني مجاشع، يُكنى أبا الحسن، صحب الخليل وسيبويه، وكان قدريًا غير غال. من كتبه: المسائل الكبير، والعروض، توفى سنة (215 هـ) على خلاف فيها، (انظر: طبقات النحويين، للزبيدي 74 – 76، وإنباه الرواة، للقفطي 2/ 36 – 42، وبغية الوعاة، للسيوطي 1/ 590 – 591).
(6) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(7) (المعروفة حتى يفسر بها كلام الله) ساقطة من ج.
(8) في ج (وقيل) بدل (وقال آخرون).
(9) قال الطبري: “هذا القول … قول نحويي أهل الكوفة”، تفسير الطبري (19/ 320)، وانظر: التبيان في إعراب القرآن، للعكبري (2/ 992)، والفريد في إعراب القرآن، للهمذاني (3/ 643).
(10) (لا اسم) ساقطة من ج.
(11) (وقام قيامًا أي اجعلنا ذوي إمام) ساقطة من ج.

(1/13)


وهذا (1) أضعف من الذي قبله.
وقال الفراء (2): إنما قال: {إِمَامًا}، ولم يقل أئمة، على نحو (3) قوله (4): {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16)} [الشعراء: 16]، ولم يقل: رسولا (5) (6)، وهو من الواحد المراد به الجمع (7)، لقول الشاعر (8):
__________
(1) في ج (وهو).
(2) معاني القرآن، للفراء (2/ 274).
والفراء هو أبو زكريا: يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي، وكان من أبرع الكوفيين وأعلمهم، قيل: لولا الفراء ما كانت عربية؛ لأنه خلصها وضبطها، له تصانيف عديدة، منها: المصادر في القرآن، والجمع والتثنية في القرآن، وآلة الكتاب، والحدود. مات بطريق مكة سنة (207 هـ). (انظر: طبقات النحويين، للزبيدي 143 – 146، وإنباه الرواة، للقفطي 2/ 40، 4/ 7 – 23، وبغية الوعاة، للسيوطي 2/ 333).
(3) (إنما قال إمامًا ولم يقل أئمة على نحو) ساقطة من ج.
(4) في ج (ذلك كقوله).
(5) مع أن الخطاب صادر عن موسى وهارون عليهما السلام.
(6) (ولم يقل رسولا) ساقطة في ج.
(7) انظر: الصحاح، للجوهري (2/ 731) مادة (ظهر).
(8) في ج (كقوله) بدل (لقول الشاعر).

(1/14)


يا عاذلاتي لا [تُرِدْن] (1) ملامَتِي (2) … إنَّ العواذِلَ ليس (3) لي بأمير (4)
أي: ليس لي بأُمراء (5).
__________
(1) في الأصل، و ب (تزدن)، بالزاي المعجمة، وكذلك عند السيوطي: (شرح شواهد المغني 2/ 561)، لكن أكثر من ذكر البيت أورده بالراء المهملة (تردن)، وذكره ابن جني بالراء في الخصائص مستشهدًا بشطره الأول، ولا يصلح الاستشهاد به لما ذَكره إلا بالراء المهملة، فقد أورده في باب الاكتفاء بالسبب من المسبَّب وبالمسبب من السبب، فقال بعد إيراد البيت: “أراد: لا تلمنني، فاكتفى بإرادة اللوم منه، وهو تالٍ لها ومسبَّب عنها”، (3/ 173 – 174)، ومثله ابن هشام فى مغنى اللبيب (1/ 137).
(2) الشطر الأول من البيت ساقط من ج.
(3) هكذا عند أكثر من ذكره، والقاعدة أن يقول: (لسن)، وورد البيت على القاعدة في تفسير الطبري (19/ 320)، وفي مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام (1/ 237)، وقال شارح أبيات مغني اللبيب: “النون في (لسن) ضمير العواذل، وروي في كتاب (التفسح في اللغة) [لأبي الحسين النحوي] وفي بعض نسخ (صحاح الجوهري) (ليس) بدون ضمير، والأول هو الجيد”، (شرح أبيات مغني اللبيب، عبد القادر بن عمر البغدادي 4/ 284).
(4) لم أقف على نِسبه لهذا البيت، وقال البغدادي – المتوفى عام (1093 هـ): “والبيت مشهور بتداول العلماء إياه في مصنفاتهم، ولم أقف على قائله”، (شرح أبيات مغني اللبيب 4/ 284)، وقال أيضًا: “وأورده أبو حيان في تذكرته عن الإمام المرزوقي، بأن فعيلًا قد يكون للجمع”، المرجع السابق (4/ 283). وأورده أيضًا ابن جني في الخصائص (3/ 174)، والجوهري في الصحاح (2/ 731) مادة (ظهر)، وغيرهم.
(5) (أي ليس لي بأمراء) ساقطة من ج.

(1/15)


وهذا أحسن الأقوال، غير أنه يحتاج إلى مزيد (1) بيان (2)، وهو: أن المتقين كلهم (3) على طريق واحد، ومعبودهم واحد، وأتباع كتاب واحد، ونبي واحد، وعبيد رَبٍّ واحد. فدينهم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، ومعبودهم واحد (4)، فكأنهم كلهم إمام واحد (5) لمن بعدهم، ليسوا (6) كالأئمة المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم، ومذاهبهم، وعقائدهم (7)، فالائتمام إنما هو بما هم عليه، وهو شيء واحد، وهو الإمام في الحقيقة.
فصل
وقد أخبر سبحانه أن هذه الإمامة إنما تُنالُ بالصبر [واليقين] (8) فقال
__________
(1) (مزيد) ساقطة من ب، و ج.
(2) ذكر حسين بن أبي العز الهمذاني – (ت 663 هـ) -في المسألة السابقة ستة أقوال (انظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد 3/ 643 – 644)، لكن خمسة منها تدخل في الأقوال الثلاثة التي ذُكرت، أما القول السادس عنده فقد ذكره ابن القيم بيانًا للقول الثالث.
(3) (كلهم) ساقطة من ج.
(4) من قوله (ومعبودهم واحد) الأولى، إلى قوله: (ومعبودهم واحد) الثانية، ورد في ب كالتالى: (ومعبود واحد، وسبيل واحد، ونبيهم نبي واحد. فدينهم واحد، وكتابهم واحد، ومعبودهم واحد)، وورد في ج كالتالي: (ونبيهم واحد، ومعبودهم واحد، وكتابهم واحد).
(5) (واحد) ساقطة من ب.
(6) في ب (ليس).
(7) في ج (الذين اختلفت مذاهبهم) بدل (المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم ومذاهبهم وعقائدهم).
(8) في الأصل (وباليقين)، والمثبت من ب، و ج.

(1/16)


تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)} [السجدة: 24].
فبالصبر واليقين تُنالُ الإمامة في الدين (1) (2).
فقيل: بالصبر عن الدنيا (3).
وقيل: بالصبر (4) على البلاء (5).
وقيل: بالصبر (6) عن [المناهي] (7).
والصواب: أنه بالصبر عن ذلك كله، بالصبر [على] (8) أداء فرائض الله، والصبر عن محارمه، والصبر على أقداره.
__________
(1) قال ابن القيم في مدارج السالكين (2/ 154): “سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، ثم تلا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً … } الآية”، وانظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 442).
(2) فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين) ساقطة من ج.
(3) رُوي عن الحسن البصري، وقتادة، والثوري، (انظر: الكشاف، للزمخشري 3/ 246، وتفسير ابن كثير 3/ 472، والدر المنثور 5/ 343).
(4) (بالصبر) ساقطة من ج.
(5) في تفسير البغوي (3/ 503)، وتفسير القرطبي (14/ 73): “هذا الصبر: صبر على الدين وعلى البلاء”.
(6) (بالصبر) ساقطة من ج.
(7) في الأصل (الملاهي)، والمثبت من ب، و ج.
(8) في الأصل (عن)، والمثبت من ب، و ج.

(1/17)


وجمع -سبحانه- بين الصبر واليقين؛ إذ هما (1) سعادة العبد، وفقدهما يُفقده (2) سعادته، فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المُخالفة لأمر الله (3)، وطوارق (4) الشبهات المخالفة لخبره، فبالصبر يَدفع الشهوات، وباليقين يَدفع (5) الشبهات (6). فإن الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجهٍ، فلا ينجو من عذاب الله (7) إلا من (8) دفع شهواته بالصبر، وشبهاته باليقين؛ ولهذا أخبر -سبحانه- عن حبوط أعمال أهل الشهوات والشبهات فقال -تعالى-: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69]، فهذا (9) الاستمتاع بالخلاق هو استمتاعهم بنصيبهم من الشهوات، ثم قال: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا}، وهذا هو الخوض بالباطل (10) في دين الله وهو خوض أهل الشبهات (11). ثم
__________
(1) في ج (بينهما لأن بهما) بدل (بين الصبر واليقين إذ هما).
(2) في ب (نعقد) بدل (يفقده)، وفي ج (وبفقدهما يفقد) بدل (وفقدهما يفقده).
(3) في ج (للأمر) بدل (لأمر الله).
(4) طوارق، في هذا الموضع وفي الذي قبله سقطتا من ج.
(5) في ج (تدفع) في الموضعين.
(6) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية (1/ 106).
(7) (من عذاب الله) ساقطة من ج.
(8) (من) ساقطة من ب.
(9) في ج (و) بدل (فهذا).
(10) في ب (خوض أهل الباطل) بدل (الخوض بالباطل).
(11) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 107).

(1/18)


قال: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69)} [التوبة: 69]، (1)، فعلق -سبحانه- حبوط الأعمال في الخسران باتباع الشهوات الذي هو الاستمتاع بالخلاق، وباتباع الشبهات الذي هو الخوض بالباطل (2).
فصل (3)
وكما أنه -سبحانه- علَّقَ الإمامة في الدين بالصبر واليقين (4) فالآية متضمنة لأصلين آخرين (5):
أحدهما: الدعوة إلى الله وهداية خلقه (6).
الثاني: هدايتهم بما أمر به (7) على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم -، لا بمقتضى عقولهم، وآرائهم، وسياساتهم، وأذواقهم (8)، وتقليد أسلافهم (9) بغير برهان من الله؛ لأنه قال: {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا …. } [السجدة: 24] (10).
__________
(1) في ج (والخوض بالباطل في دين الله هو خوض الشبهات) بدل (ثم قال: {وَخُضْتُمْ …. } إلى {هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
(2) في ج (بذلك) بدل (باتباع الشهوات) إلى (بالباطل).
(3) ساقطة من ج.
(4) في ج (بما ذكر) بدل (بالصبر واليقين).
(5) (آخرين) ساقطة من ج.
(6) في ج (أحدهما: هداية خلق الله).
(7) في ج (أنها بما أمر به) بدل (هدايتهم بما أمر به)، و (به) ساقطة من ب.
(8) (وأذواقهم) ساقطة من ب.
(9) في ج (الآراء والأذواق وتقليد الأسلاف) بدلًا (عقولهم) إلى (أسلافهم).
(10) زاد في إيراد الآية في الأصل {لَمَّا صَبَرُوا} ولم ترد هذه الزيادة في ب، وهو =

(1/19)


فهذه أربعة أصول تضمنتها هذه الآية:
أحدها: الصبر، وهو حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره (1).
الثاني: اليقين، وهو الإيمان الجازم الثابت الذي لا ريب [فيه] (2) ولا تردد ولا شك (3) ولا شبهة بخمسة أصول، ذكرها سبحانه في قوله – تعالى -: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177]، وفي قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)} [النساء: 136] , وفي قوله {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285]، والإيمان باليوم الآخر (4) داخل في الإيمان بالكتب والرسل.
وجمع بينها النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث عمر، في قوله: “الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر” (5).
__________
= أنسب في الاستدلال. وجملة (لأنه قال: {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}) ساقطة من ج.
(1) (وهو حبس) إلى (لأقداره) ساقط من ج.
(2) ساقطة من الأصل وأثبتت من ب، و ج.
(3) في ج (لا تردد فيه) بدل (لا ريب فيه ولا تردد ولا شك).
(4) في الأصل (والإيمان بالله واليوم الآخر)، وفي ب، و ج كما أثبت، وهو الصحيح؛ لأن الإيمان بالله مذكور فى الآية بخلاف الإيمان باليوم الآخر.
(5) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
صحيح البخاري (1/ 22)، كتاب الإيمان، باب (38) سؤال جبريل النبي =

(1/20)


فهذه الأصول الخمس (1)، من لم يؤمن بها فليس بمؤمن واليقين: أن يقوم (2) الإيمان بها حتى تصير كأنها معايَنةٌ للقلب مُشَاهَدَة له، نسبتها إلى البصيرة كنسبة الشمس والقمر (3) إلى البصر (4)، ولهذا قال من قال من السلف: [“اليقين: الإيمان كله”] (5).
__________
= – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان والإسلام (ح 50).
صحيح مسلم (1/ 36)، كتاب الإيمان، باب (1) بيان الإيمان والإسلام، (ح 1).
ومن قوله: (وجمع بينها) إلى نهاية الحديث سقط من ج.
(1) في ج (أصول) بدل (الأصول الخمس).
(2) في ج (يقوى) بدل (يقوم).
(3) في ج (كالشمس إلى البصر) بدل (مشاهدة له نسبتها إلى البصيرة كنسبة الشمس والقمر).
(4) قال ابن القيم في مدارج السالكين: “المعاينة نوعان: معاينة بصر، ومعاينة بصيرة. فمعاينة البصر: وقوعه على نفس المرئي، أو مثاله الخارجي، كرؤية مثال الصورة في المرآة والماء. ومعاينة البصيرة: وقوع القوة العاقلة على المثال العلمي المطابق للخارجي. فيكون إدراكه له بمنزلة إدراك العين للصورة الخارجية” (3/ 248).
(5) في الأصل، و ب (الإيمان هو اليقين كله)، وهو خطأ، والمثبت من ج. والأثر رواه وكيع عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- موقوفًا، ولفظه: “الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله”. كتاب الزهد لوكيع (2/ 456)، أثر رقم (203). ورواه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 107، ح 8544). وقال الهيثمي: “رجاله رجال الصحيح” مجمع الزوائد (1/ 220). وأخرجه غيرهما، انظر تخريجه مفصلًا في حاشية كتاب الزهد لوكيع =

(1/21)


الثالت: هداية الخلق ودعوتهم (1) إلى الله ورسوله (2):
قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]. قال الحسن البصري (3): “هذا حبيب الله، هذا ولي الله، أسلم لله، وعمل بطاعته، ودعا الخلق إليه” (4)، فهذا النوع (5) أفضل أنواع الإنسان وأعلاهم درجة عند الله يوم القيامة (6).
وهم ثَنيَّة الله – سبحانه – (7) من الخاسرين، قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
__________
= (2/ 456 – 458).
(1) (ودعوتهم) ساقطة من ج.
(2) (ورسوله) ساقطة من ج.
(3) (البصري) ساقطة من ج.
(4) رواه ابن المبارك في الزهد (2/ 841)، أثر رقم (1120)، ورواه الطبري في تفسيره (21/ 469).
وهو عندهما باللفظ التالي -مع اختلاف يسير بينهما-: “كان إذا تلا {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت: 33] قال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين لربه، هذا خليفة الله”، (الزهد 2/ 841 – 842).
(5) (النوع) ساقطة من ج.
(6) (وأعلاهم درجة عند الله يوم القيامة) ساقطة من ج.
(7) في ب (وهو ثنيته سبحانه) بدل (وهم ثنية الله سبحانه)، وفي ج (وهو المستثنى) بدلها.

(1/22)


وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر: 3]، فأقسم -سبحانه- على خسران نوع (1) الإنسان، إلا من كمَّل نفسه بالإيمان والعمل الصالح، وكَمَّل غيره بوصيته له بهما؛ ولهذا قال الشافعي – رحمه الله -: “لو فكر الناس كلهم في سورة العصر (2) لكفتهم” (3).
ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة (4)، قال الله – تعالى -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]، فقوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} تفسير لسبيله [التي] (5) هو عليها، فسبيله وسبيل أتباعه: الدعوة إلى الله، فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله (6).
وقوله: {عَلَى بَصِيرَةٍ}، قال ابن الأعرابي (7): البصيرة الثباتُ في
__________
(1) (نوع) ساقطة من ج.
(2) في ج (فيها) بدل (في سورة العصر).
(3) ذكره ابن كثير في تفسيره بلفظ: “لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم” (4/ 585).
(4) (على بصيرة) ساقطة من ب، و ج.
(5) في الأصل (الذي)، وفي ب (اللائي)، وكلاهما لا يصح.
(6) في ج (هو وأتباعه) بدل (فسبيله وسبيل) إلى (على سبيله).
(7) هو أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي، من موالي بني هاشم، كان نحويًا، عالمًا باللغة والشعر، ناسبًا، قال الذهبي: “وكان صاحب سنة واتباع”، (سير أعلام النبلاء 10/ 688). له عدة كتب في النوادر، وله كتاب الأنواء، وصفة الخيل، ومعاني الشعر، وغير ذلك. توفي سنة (231 هـ) وقد جاوز الثمانين.
(انظر ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر الزبيدي، ص 213 – 215، وإنباه الرواة، للقفطي 3/ 128 – 131، وبغية الوعاة، =

(1/23)


الدين (1) (2).
وقيل (3): البصيرة (4): العِبرَةُ، كما يُقالُ: [أليس] (5) لك في كذا بصيرة؟ أي: عِبرَةٌ، قال الشاعِر (6):
في الذاهِبيِن الأوليـ … ـن من القرون لنا (7) بصائر (8)
والتحقيق: العِبرَةُ ثمرة (9) البصيرة، فإذا تبصر اعتبر (10)، فمن عُدِمَ العِبرَةَ فكأنه لا بصيرة له.
وأصل اللفظ من الظهور والبيان، فالقرآن بصائر، أي: أدلةٌ وهدى
__________
= للسيوطي 1/ 105 – 106).
(1) لسان العرب (4/ 65)، وتاج العروس (10/ 209)، ولم ينسباه لأحد. وقال في تاج العروس: “وعن ابن الأعرابي: أبصر الرجل إذا خرج من الكفر إلى بصيرة الإيمان … ” (10/ 209).
(2) في ب (في الدنيا) بدل (في الدين)، وهي ساقطة من ج.
(3) كتاب العين، للخليل، ذكر القول والشاهد (7/ 118).
(4) (البصيرة) ساقطة من ج.
(5) في الأصل (الكيسُ)، والمثبت من ب.
(6) (أليس) إلى (الشاعر) ساقط من ج.
(7) (لنا) ساقطة من ج.
(8) نسبه الجاحظ ضمن خمسة أبيات لقس بن ساعدة، (البيان والتبيين 1/ 309).
(9) في ب، و ج (ثم) بدل (ثمرة).
(10) في ج (فإذا اعتبر تبصر) بدل (فإذا تبصر اعتبر).

(1/24)


وبيان (1) يقود إلى الحق، ويهدي إلي الرشد، ولهذا يقال للطَّريقة من [الدَّمِ] (2) التي يُستدَلُّ بها على الرَّمِيَّةِ (3): بصيرة (4).
فدلت الآية أيضًا على [أنَّ] (5) من لم يكن على بصيرة فليس من أتباع الرسول، وأن أتباعه هم أُولو البصائر (6)، ولهذا قال: {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} فإن كان المعنى: أدعو إلى الله أنا ومن اتبعني، ويكون {مَنِ اتَّبَعَنِي} معطوفًا على الضمير المرفوع في {أَدْعُو} (7) – وحَسُنَ (8) العطف (9)؛ لأجل الفصل – فهو دليل على أن أتباع الرسول هم الذين يدعون إلى الله وإلى رسوله (10).
وإن كان معطوفًا (11) على الضمير المجرور في {سَبِيلِي} أي: هذه
__________
(1) انظر: تفسير الطبري (12/ 24).
(2) في الأصل، وبـ (الذم) وهو تصحيف، كما في الحاشية التالية.
(3) في ب (الذمة) وهو تصحيف، قال الجوهري: “قال الأصمعي: والبصيرة شيء من الدَّم يستدل به على الرَّمية” (الصحاح 2/ 592).
(4) (ويهدي إلى الرشد) إلى (بصيرة) ساقط من ج.
(5) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(6) (وأن أتباعه هم أولو البصائر) ساقطة من ج.
(7) انظر: إعراب القرآن، للنحاس (2/ 160). وتفسير النسفي (2/ 133).
(8) في ب (وأحسن) بدل (وحسن).
(9) قال ابن القيم: “أحسن وأقرب إلى الفصاحة والبلاغة” مفتاح دار السعادة (1/ 154).
(10) (وإلى رسوله) ساقطة من ج.
(11) في ج (المعطوف).

(1/25)


سبيلي (1) وسبيل من اتَّبعني (2) فكذلك (3).
وعلى التقديرين فبسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله.
الأصل الرابع: قوله: {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة: 24]، وفي ذلك دليل على اتِّباعهم ما أنزل الله على رسوله، وهدايتهم به وحده، دون غيره من الأقوال والآراء والنِّحَلِ والمذاهب، بل لا يَهْدون إلا بأمره خاصة.
فحصل من هذا: أن أئمة الدين الذين يَقتدون بهم هم الذين جمعوا بين الصبر واليقين والدعوة إلى الله بالسنة والوحي لا بالآراء وبالبدع، فهؤلاء خلفاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – في أمته، وهم خاصته وأولياؤه، ومن عاداهم أو حاربهم فقد عادى الله -سبحانه- وآذنه بالحرب (4).
قال الإمام أحمد – رحمه الله – في خُطبة كتابه في الرد على
__________
(1) (أي هذه سبيلي) ساقطة من ج.
(2) من هنا يبدأ سقط في ب، و ج، بنحو اثنين وثلاثين سطرًا مطبوعًا.
وكُتب في حاشية ب – بخط الناسخ -: “سقط في الأصل من هذا الموضع شيء، لا أدري ورقة أم أكثر؟ ” (7/ أ)، وفي حاشية ج: (هكذا في الأصول المنقول منها) (5/أ).
(3) ذكر ابن القيم -رحمه الله- هذه المسألة في (مدارج السالكين 2/ 482، وجلاء الأفهام في ص 317، ومفتاح دار السعادة 1/ 154، والصواعق المرسلة 1/ 155).
(4) روى البخاري بسنده عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب”، صحيح البخاري، كتاب الرقاق باب (38) التواضع (7/ 243، ح 6502).

(1/26)


الجهمية (1): “الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ فترَةٍ من الرسل [بقايا] (2) من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيُون بكتاب الله الموتى، [وَيُبَصِّرُونَ] (3) بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من [ضال] (4) تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثَرَهُم على الناس! وما أقبح أثَرَ الناس عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عَقَدُوا ألوية البدعة، وَأَطلَقُوا عِنانِ الفتنة مما فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، وَيَخدَعون جهال الناس بما يُشَّبِّهُون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المُضِلِّين” (5).
__________
(1) الجهمية: أتباع جهم بن صفوان السمرقندي، أبي محرز مولى بني راسب من الأزد، قُتل في آخر ملك بني أمية.
وهم من الفرق الضالة التي خالفت أهل السنة، ومن مخالفاتهم أنهم يقولون: إن الإيمان عقد بالقلب فقط، وإن علم الله محدث مخلوق، وإنه لا يعلم الشيء قبل أن يخلقه، وإن الجنة والنار تفنيان ويفنى من فيهما، تعالى الله عما يقولون.
(انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم 2/ 296 – 297، 266، 5/ 73، والملل والنحل، للشهرستاني 1/ 86 – 87).
(2) في الأصل (تبا) هكذا، والمثبت من كتاب الرد على الجهمية والزنادقة.
(3) في الأصل (وينصرون)، والمثبت من كتاب الرد على الجهمية والزنادقة.
(4) ساقطة من الأصل، وأثبتت من كتاب الرد على الجهمية والزنادقة.
(5) الرد على الجهمية والزنادقة، للإمام أحمد بن حنبل، (ص 85).

(1/27)


فصل
ومما ينبغي الاعتناء به علمًا ومعرفة وقصدًا وإرادةً: العلم بأن كل إنسان، بل كل حيوان، إنما يسعى فيما يُحَصِّلُ له اللذة والنعيم وطيب العيش، ويندفع به عنه أضداد ذلك، وهذا مطلوب صحيح يتضمن ستة أمورٍ:
أحدها: معرفة الشيء النافع للعبد، الملائم له، الذي بحصوله لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه.
الثاني: معرفة الطريق الموصلة إلى ذلك.
الثالث: سلوك تلك الطريق.
الرابع: معرفة الضار: المؤذي المنافر الذي ينكد عليه حياته.
الخامس: معرفة الطريق التي إذا سلكها أفضت به إلى ذلك.
السادس: تجنب سلوكها.
فهذه ستة أمور لا تتم لذة العيد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها، وما نقص منها عاد (1) بسوء حاله، وتنكيد حياته (2).
وكل عاقل يسعى في هذه الأمور، لكن أكثر الناس غلط في تحصيل هذا المطلوب المحبوب النافع (3)، إما في عدم
__________
(1) إلى هنا ينتهي السقط في نسخة ب.
(2) إلى هنا ينتهي السقط في ج.
(3) (المحبوب النافع) ساقطة من ج.

(1/28)


تصوره (1) ومعرفته، وإما في عدم معرفته الطريق الموصلة إليه. فهذان غلطان سببهما الجهل، [وَيُتَخَلَّصُ] (2) منهما بالعلم.
وقد يحصل له العلم بالمطلوب، والعلم بطريقه، لكن في قلبه إرادات (3) وشهوات تحول بينه وبين قصد هذا المطلوب النافع (4) وسلوكُ طريقه، فكلما أراد [ذلك] (5) اعترضته تلك الشهوات والإرادات، وحالت بينه وبينه، وهو لا يمكنه تركها وتقديم هذا المطلوب (6) عليها إلا بأحد أمرين:
إما حب مُتَعَلِّقٌ (7)، وإما فَرَقٌ (8) مُزعِجٌ (9).
__________
(1) (تصوره) وواو العطف بعدها ساقطة من ج.
(2) في الأصل (ويتخصل)، والمثبت من ب.
(3) (إرادات) وواو العطف بعدها ساقطة من ج.
(4) (النافع) ساقطة من ج.
(5) في الأصل (بذلك)، والمثبت من ب.
(6) في ج (ولا يمكنه تقديم هذا) بدل (فكلما أراد) إلى (المطلوب).
(7) في ب، و ج (مقلق) بدل (متعلق)، وعقد ابن القيم في (مدارج السالكين 3/ 27 – 32) فصلًا في مراتب المحبة وعدَّها عشر مراتب فقال: “أولها (العلاقة) وسميت علاقة لتعلق القلب بالمحبوب”، وانظر: (العبودية، لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 6)، وقال الجوهري في (الصحاح 4/ 1529): “عَلِقَهَا بالكسر وعَلِق حُبُّها بقلبه أي: هَوِيَها”.
ولِما ورد في ب، وج وجه قوي، فقد تكلم ابن القيم عن منزلة (القلق) لدى أهل التصوف، وذكرة أنه قوة في الشوق لدى صاحبه يتجرد فيها عن الصبر، فتجده يلتذ بالموت إذا ذُكر. (انظر مدارج السالكين 3/ 59 – 61).
(8) أي: خوف، (لسان العرب 10/ 304).
(9) هنا تنتهي نسخة د.

(1/29)


فيكون الله ورسوله والدار الآخرة والجنة ونعيمها أحب إليه من هذه الشهوات (1)، ويَعلم أنه [لا يُمكنه] (2) الجمع بينهما، فيؤثر أعلى المحبوبين على أدناهما، وإما أن يحصل له عِلْمُ ما يترتب على إيثار هذه الشهوات من المخاوف والآلام التي أَلَمُها أشدُّ من ألم فوات هذه الشهوات وأبقى. فإذا تمكن من قلبه هذان العِلْمَان أنتجا له إيثار ما ينبغي إيثاره، وتقديمه على ما سواه (3)؛ فإنَّ خاصة (4) العقل: إيثار أعلى المحبوبين على أدناهما (5)، واحتمال أدنى المكروهين ليتخلص به من أعلاهما (6).
وبهذا الأصل تَعْرِفُ عُقول الناس، وَتُمَيِّزُ بين العاقل وغيره (7)، وَيَظهَرُ تفاوُتُهم في العقول (8). فأين (9) عقل من آثر لذة عاجلة
__________
(1) (فيكون الله) إلى (الشهوات) ساقط من ج.
(2) في الأصل (لا يمكن) والمثبت من ب، و ج.
(3) من قوله: (ويعلم أنه) إلى (ما سواه) ورد في ج بما يشبه التفسير له، ونصه: (فإذا تمكن من قلبه أنه، يمكنه الجمع بين هذه الشهوة وبين لذة الآخرة، وعلم ما يترتب عليهما من الآخرة التي هي أشد من ألم الصبر عن هذه الشهوات فهذان العلمان ينتجان إيثار ما ينبغي له إيثاره).
(4) في ب، و ج (خاصة).
(5) (على أدناهما) ساقطة من ج.
(6) زاد ابن القيم هذا الكلام بيانًا في الداء والدواء (ص 310).
(7) في ج (وتميز العاقل من غيره).
(8) (ويظهر تفاوتهم في العقول) ساقطة من ج.
(9) في ب زيادة (من).

(1/30)


منغصة (1) منكدة – إنما هي (2) كأضغاثِ أحلام، أو كطيف تمتع به من [زائره] (3) في المنام (4) – على لذة هي من أعظم اللذات، وفرحة ومسرة هي من أعظم المسرات (5)، دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع؛ فباعها بهذه اللذة الفانية المضمحلة التي حُشيت بالآلام، وإنما حصلت بالآلام، وعاقبتها الآلام؟ فلو قايس العاقل بين لذتها (6) وألمها، ومضرتها ومنفعتها؛ لاستحيا من نفسه وعقله، كيف يسعى في طلبها! ويُضيع زمانه في اشتغاله بها! فضلًا عن إيثارها على “ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر!” (7) (8).
وقد اشترى -سبحانه- من المؤمنين أنفسهم، [وجعل] (9) ثمنها جنته (10)، وأجرى هذا (11) العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من
__________
(1) في ج (منقضية) بدل (منغصة).
(2) (منكدة إنما هي) ساقطة من ج.
(3) في الأصل، و ب (زاره).
(4) (أو كطيف تمتع به من زاره في المنام) ساقطة من ج.
(5) (وفرحه ومسرة هي من أعظم المسرات) ساقطة من ج.
(6) في ب (لذاتها).
(7) اقتباس من الحديث القدسي المتفق عليه في وصف الجنة: صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب (8) ما جاء في وصف الجنة (4/ 103، ح 3244).
وصحيح مسلم، كتاب الجنة، (4/ 2174، ح 2).
(8) (لا تفنى ولا تنقطع) إلى (قلب بشر) ساقط من ج.
(9) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(10) إشاره إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية [التوبة: 111].
(11) (هذا) ساقطة من ج.

(1/31)


خلقه (1). فسلعَةٌ ربُّ السموات والأرض مشتريها، والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم وسماع كلامه منه في داره ثمنُها، وَمَنْ جرى على يده العقد رسُولُه (2)، كيف يليق بالعاقل أن يُضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس، في دار زائلة مضمحلة فانية! وهل هذا إلا من أعظم الغبن؟ (3) وإنما يظهر له هذا الغبن (4) الفاحش (5) يوم التغابن، إذا ثقلت موازين المتقين وخفَّت موازين المبطلين.
فصل
إذا عرفت هذه المقدمة فاللذة التامة، والفرح والسرور (6)، وطيب العيش، والنعيم، إنما هو في معرفة الله، وتوحيده والأُنْس به، والشوق إلى لقائه، واجتماع القلب والهمِّ عليه. فإنَّ أنكد العيش عيش مَنْ قَلْبُهُ مُشَتَّتٌ، وهَمُّهُ مُفَرَّقٌ (7)، فليس لقلبه مستقر يستقر
__________
(1) روى الطبري بسنده عن عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه – أنه قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. قال: “أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم”. قالوا: فإذا فعلنا ذلك، فماذا لنا؟ قال: “الجنة”. قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل فنزلت: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية.
تفسير الطبري (14/ 499, ح 17270).
(2) في ب (ومِن جَرْي العقد على يد رسوله). وسقط من ج قوله: (وخليله وخيرته) إلى (العقد رسوله).
(3) (ويهملها) إلى (أعظم الغبن) ساقطة من ج.
(4) (وإنما يظهر له هذا الغبن) ساقطة من ب.
(5) (الفاحش) ساقطة من ج.
(6) (التامة والفرح والسرور) ساقطة من ج.
(7) (وهمه مفرق) ساقطة من ج.

(1/32)


عنده (1) ولا حبيب يأوي إليه (2) ويسكن إليه، كما أفصح القائل عن ذلك بقوله (3):
وما ذاق طعمَ العيشِ مَنْ لم (4) يكن له … حبيبٌ إليه يطمئن ويسكُنُ
فالعيش الطيب، والحياة النافعة، وَقُرةُ العين في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول (5)، ولو تَنَقَّل القلب في المحبوبات كُلها لم يسكن ولم يطمئن [إلى شيء منها] (6)، ولم تَقرَّ [به] (7) عينه حتى يطمئن إلى إلهه ورَبِّهِ (8) ووَلِيِّه، الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع، ولا غِنى له عنه طرفة عين، كما قال القائل (9):
نقِّلْ فؤادك حيثُ … (10) شئتَ من الهوى … ما الحُبُّ إلا للحبيب (11) الأول
__________
(1) (يستقر عنده) ساقطة من ج.
(2) (يأوي إليه) وواو العطف بعدها ساقطة من ج.
(3) في ج (قيل) بدل (أفصح القائل عن ذلك بقوله).
(4) في ب (منكم) بدل (من لم).
(5) (فالعيش الطيب) إلى (الأول) ساقط من ج.
(6) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(7) ساقطة من الأصل وأثبتت من ب، و ج.
(8) (وربه) ساقطة من ج.
(9) في ب زيادة (شعر).
(10) في الأصل زيادة (ما).
(11) في ب (للخليل) بدل (للحبيب).

(1/33)


كم منزل في الأرض يألفه الفتى … وحنينه (1) أبدًا لأول منزل (2) (3)
فاحرص أن يكون همك واحدًا، وأن يكون هو الله وحده، فهذا غاية سعادة العبد (4) .. وصاحب هذه الحال (5) في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل (6)، كما قال بعض الواجدين (7): “إنه ليمر بالقلب أوقات أقول: إنْ كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب” (8). وقال آخر: “إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربًا” (9). وقال آخر: “مساكين أهل الدنيا! خرجوا منها وما ذاقوا أطيب … (10) ما فيها. قيل
__________
(1) بياض في ب موضع (وحنينه).
(2) البيتان لأبي تمام ضمن أربعة أبيات، انظرها في شرح ديوان أبي تمام للخطيب التبريزي (2/ 290).
(3) (ولا غنى له عنه) إلى نهاية البيتين ساقط من ج.
(4) فى ج (السعادة) بدل (سعادة العبد).
(5) في ب (الحالة)، وفي ج (وصاحبه) بل (وصاحب هذه الحال).
(6) (قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل) ساقطة من ج، و (نعيم) ساقطة من ب.
(7) في ج (بعضهم).
(8) ذكره المؤلف في روضة المحبين (ص 165)، وفي مدارج السالكين قال: “وقال بعض العارفين” (1/ 454)، ونُسب هذا القول إلى عابد طرسوسي يقال له: أبو سليمان المغربي، صفة الصفوة (4/ 238)، وانظر الحاشية التالية.
(9) ذكره ابن كثير هو والذي قبله قولًا واحدًا، ونسبه إلى أبي سليمان عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الداراني. البداية والنهاية، طبعة دار المعرفة، حوادث سنة (205 هـ)، (10/ 698).
(10) في الأصل زيادة (عيش).

(1/34)


له: وما أطيب ما فيها؟ (1) قال: معرفة الله، ومحبته، والأنس بقربه (2)، والشوق إلى لقائه” (3).
وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم أهل (4) الجنة إلا هذا، ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “حُبِّبَ إلَيَّ من دنياكم: النساء، والطيب. وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصلاة” (5)، فأَخبر أنه حُبِّبَ إليه من الدنيا شيئان: “النساء والطيب” (6)، ثم قال: “وَجُعِلَت قُرَّةُ عيني في الصلاة” (7).
__________
(1) في ج (وما هو) بدل (وما أطيب ما فيها).
(2) في ج (به) بدل (بقربه).
(3) نقله المؤلف في روضة المحبين (ص 165) عن (بعض العارفين)، وفي مدارج السالكين، عن (بعض المحبين)، (1/ 454) ورواه أبو نعيم وابن الجوزي عن ابن المبارك، دون قوله: (ومحبته، والأنس بقربه، والشوق إلى لقائه)، حلية الأولياء (8/ 167)، وصفة الصفوة (4/ 124).
(4) (أهل) ساقطة عن ب، و ج.
(5) رواه الإمام أحمد، (المسند 4/ 201، ح 13623، 3/ 581، ح 1884، و ح 11885).
ورواه النسائي، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، (7/ 72، ح 3949). والحاكم فى المستدرك، وقال: “هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه”. ووافقه الذهبي، (المستدرك 2/ 160).
وجود إسناده العراقي، (المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار – بحاشية إحياء علوم الدين للغزالي – 2/ 30).
وقال الألباني: “إسناده حسن”، (تحقيق مشكاة المصابيح 3/ 1448، ح 5261).
(6) (النساء والطيب) ساقطة عن ج.
(7) (فأخبر أنه حبب إليه) إلى (الصلاة) ساقطة من ب.

(1/35)


وقُرَّةُ العين فوق المحبة، فإنه ليس كل محبوبٍ تَقَرُّ به [العين] (1)، وإنما تَقَرُّ العينُ (2)، [بأعلى] (3) المحبوبات، الذي يُحَبُّ لِذَاته، وليس ذلك إلا الله (4) الذي لا إله إلا هو، وكل ما سواه فإنما يُحَبُّ تبعًا لمحبته فَيُحَبُّ لأجله. ولا يُحَبُّ معه (5)، فإن الحب معه شرك، والحب لأجله توحيد. فالمشرك يتخذ … (6) من دون الله أندادًا يحبهم كحب الله، والموَحِّدُ إنما يحب مَنْ يحبه لله (7)، ويبغض من يبغضه في الله (8)، ويفعل ما يفعله (9) لله، ويترك ما يتركه (10) لله. ومدار الدين على هذه القواعد الأربع، وهي: الحب والبغض، ويترتب [عليهما] (11) الفعل والترك والعطاء والمنع. فمن استكمل أن يكون هذا كله لله استكمل الإيمان، وما نقص منها أن كون لله عاد بنقص إيمان العبد (12).
__________
(1) في الأصل (العيون)، والمثبت من ب، و ج.
(2) (العين) ساقطة من ج.
(3) فى الأصل (على)، والمثبت من ب، و ج.
(4) في ب، و ج (إلا لله).
(5) انظر العبودية، لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 30).
(6) في الأصل زيادة حرفين ليس لهما معنى، وهما: (مر).
(7) في ب، و ج (والموحد إنما يحب من أحبه الله).
(8) في ب (ويبغض من أبغضه الله)، وفي ج (ويبغض من يبغضه الله).
(9) في ب، و ج (ما يفعل).
(10) في ب (ما يترك).
(11) في الأصل (عليها)، والمثبت من ب، و ج.
(12) في ج (بنقص الإيمان) بدل (بنقص إيمان العبد).

(1/36)


والمقصود أنَّ ما تقَرُّ به العين أعلى من مجرد ما يحبه، فالصلاة قُرَّةُ عيون المحبين في هذه (1) الدنيا؛ لما فيها من مناجاة من لا تقر … (2) العيون، ولا تطمئن القلوب، ولا تسكن [النفوس] (3) إلا إليه (4)، والتنعم بذكره، [والتذلل] (5) والخضوع له، والقرب منه، ولا سيما في حال (6) السجود، وتلك الحال (7) أقرب ما يكون العبد من ربه فيها (8)، ومن هذا قول النبي – صلى الله عليه وسلم – “يا بلال أرحنا بالصلاة” (9)، فأعلم
__________
= وقد روى أبو داود عن أبي أمامة – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان”، (سنن أبي داود 5/ 60، كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه 4 ح 4681)، وصححه الألباني، (سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/ 657 – 658، ح 380)، ورواه الترمذي وحسنه، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه – رضي الله عنه – مرفوعًا، بتقديم وتأخير، بزيادة “وأنكح لله”، وعنده: “فقد استكمل إيمانه”، (سنن الترمذي، 4/ 578 كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب 60، ح 2521).
(1) (هذه) ساقطة من ج.
(2) في الأصل زيادة (به).
(3) في الأصل (النفس)، والمثبت من ب، وجملة (ولا تسكن النفوس) ساقطة من ج.
(4) في ج (به) بدل (إليه).
(5) في الأصل (والتلذذ)، والمثبت من ب، وجملة (والتنعم بذكره والتذلل) ساقطة من ج.
(6) (حال) ساقطة من ج.
(7) (وتلك الحال) ساقطة من ج.
(8) في ج (فيه).
(9) في ب (يا بلال، أرحنا في الصلاة)، وفي ج (يا بلال، أرحنا أرحنا بالصلاة).=

(1/37)


بذلك (1) أن راحته – صلى الله عليه وسلم – في الصلاة (2) كما أخبر أن قرة عينه فيها. فأين هذا من قول القائل: نصلي ونستريح من الصلاة!
فالمحب راحته وقرة عينه في الصلاة (3)، والغافل (4) المعرض (5)، ليس له نصيب من ذلك، بل الصلاة كبيرة (6) شاقة عليه (7)، إذا قام فيها كأنه على الجمر حتى يتخلص منها (8)، وأحبُّ الصلاةِ [إليه] (9) أعجلها وأسرعها، فإنه ليس له قرة عين فيها، ولا لقلبه راحة بها (10)، والعبد إذا قرَّت عينه بشيء واستراح قلبه به (11) فأشق ما عليه مفارقته، والمتكلِّف
__________
= الحديث رواه أحمد، (المسند 6/ 501، ح 22578).
ورواه أبو داود من طريقين، كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة، (5/ 262، ح 4986، و ح 4985)، وصحح إسناده العراقي، (المغني عن حمل الأسفار 1/ 165)، والألباني، (تحقيق مشكاة المصابيح 1/ 393، ح 1253).
(1) في ج (فأخبر) بدل (فأعلم بذلك).
(2) (فأعلم بذلك أن راحته – صلى الله عليه وسلم – في الصلاة) ساقطة من ب.
(3) (فالمحب راحته وقرة عينه في الصلاة) ساقطة من ج.
(4) في ج (فالغافل).
(5) (المعرض) ساقطة من ج.
(6) في ب (كثيرة).
(7) في ج (عليه كبيرة شاقة) بدل (كبيرة شاقة عليه).
(8) (إذا قام فيها كأنه على الجمر حتى يتخلص منها) ساقطة من ج.
(9) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(10) في ب (فيها).
(11) في ب (وإلا فإن كل من قرت عينه بشيء واستراح به) بدل (والعبد إذا قرت عينه بشيء واستراح قلبه به).

(1/38)


الفارغ القلب من الله والدار الآخرة المبتلى بمحبة الدنيا أشق ما عليه الصلاة (1)، وأكره ما إليه طولها، مع تفرغه وصحته وعدم اشتغاله! (2) (3)

ومما ينبغي أن يُعلَم: أنَّ الصلاة التي تَقرُّ بها العين ويستريح بها القلب (4) هي التي تجمع ستة مشاهد:
المشهد (5) الأول: الإخلاص
وهو أن يكون الحامل (6) عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله، ومحبته له (7)، وطلب مرضاته، والقرب منه، والتودد إليه، وامتثال أمره (8)، بحيث لا يكون الباعث له (9) عليها حظًا من حظوظ الدنيا ألْبَتَّةَ، بل يأتي بها ابتغاء وجه ربه الأعلى، محبةً، له وخوفًا من عذابه، ورجاء لمغفرته وثوابه (10).
__________
(1) (فإنه ليس له) إلى (الصلاة) ساقط من ج.
(2) ذكر ابن القيم نحو هذا الكلام المتقدم، في (طريق الهجرتين، ص 554).
(3) (وعدم اشتغاله) ساقطة من ج.
(4) (ويستريح بها القلب) ساقطة من ج.
(5) ساقطة من ج.
(6) في ب (الجامع).
(7) في ج (الباعث عليها محبة العبد لله) بدل (الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله ومحبته له).
(8) (والقرب منه والتودد إليه وامتثال أمره) ساقطة من ج.
(9) (له) ساقطة من ج.
(10) (بل يأتي بها) إلى (وثوابه) ساقط من ج.

(1/39)


المشهد (1) الثاني: مشهد (2) الصِّدقِ والنصح
وهو أن يفرِّغ قلبه لله فيها، ويستفرغ جهده في إقباله فيها (3) على الله، وجمع قلبه عليها (4) وإيقاعها على أحسن الوجوه وأكملها ظاهرًا وباطنًا، فإنَّ الصلاة لها ظاهر وباطن (5)، فظاهرها الأفعال المشاهدة والأقوال المسموعة (6)، وباطنها الخشوع والمراقبة وتفريغ القلب لله، والإقبال بكليته على الله فيها، بحيث لا يلتفت قلبه عنه إلى غيره (7)، فهذا (8) بمنزلة الروح لها، والأفعال بمنزلة البدن، فإذا خلت من الروح كانت كبدن لا روح فيه، أفلا يستحي العبد أن يُواجِه سيدَه بمثل ذلك! ولهذا تُلَفُّ كما يُلَفُّ الثوب الخلق ويُضرب بها وجه صاحبها، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتني.
والصلاة (9) [التي] (10) كمل ظاهرها وباطنها تصعد ولها نور
__________
(1) ساقطة من ج.
(2) (مشهد) ساقطة من ج.
(3) (فيها) ساقطة من ج، وفي ب (فيها في إقباله) بدل (في إقباله فيها).
(4) (وجمع قلبه عليها) ساقطة من ج.
(5) (فإن الصلاة لها ظاهر وباطن) ساقطة من ب.
(6) في ج (الأقوال والأفعال) بدل (الأفعال المشاهدة والأقوال المسموعة).
(7) (وتفريغ القلب) إلى (غيره) ساقط من ج.
(8) في ج (وهو) بدل (فهذا).
(9) (الصلاة) ساقطة من ج.
(10) في الأصل (الذي)، والمثبت من ب و ج.

(1/40)


وبرهان (1) كنور الشمس حتى تُعرَض على الله [فيرضاها] (2) ويقبلها (3)، وتقول: حفظك الله كما حفظتني (4).
فصل (5) المشهد [الثالث] (6): مشهد المتابعة والاقتداء (7)
وهو أن يحرص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي – صلى الله عليه وسلم –
__________
(1) (وبرهان) ساقطة من ج.
(2) في الأصل (فيرضى بها)، والمثبت من ب، و ج.
(3) (ويقبلها) ساقطة من ج.
(4) من حديث ذكره الهيثمي عن أنس – رضي الله عنه – مرفوعًا، وقال: “رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عباد بن كثير، وقد أجمعوا على ضعفه”. مجمع الزوائد (2/ 39، ح 1677). وذكره الهيثمي أيضًا عن عبادة بن الصامت – ضي الله عنه – مرفوعًا، وقال: “رواه الطبراني في الكبير، والبزار بنحوه، وفيه: الأحوص بن حكيم، وثقه ابن المديني والعجلي، وضعفه جماعة، وبقية رجاله موثَّقون”. مجمع الزوائد (2/ 304 – 305، ح 2734)، ونص حديث عبادة – رضي الله عنه – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا توضأ العبد فأحسن الوضوء، ثم قام إلى الصلاة، فأتمَّ ركوعها وسجودها والقراءة فيها، قالت: حفظك الله كما حفظتني، ثم أُصعد بها إلى السماء ولها ضوء ونور، وفتحت لها أبواب السماء، وإذا لم يحسن العبد الوضوء، ولم يُتمَّ الركوع والسجود والقراءة، قالت: ضيعك الله كما ضيعتني، ثم أُصعد بها إلى السماء وعليها ظلمة، وغُلِّقت أبواب السماء، ثم تُلَفُّ كما يلف الثوب الخلق، ثم يُضرب بها وجه صاحبها”.
(5) ساقطة من ج.
(6) في الأصل (الثاني) وهو خطأ.
(7) (المشهد)، (مشهد)، (والاقتداء) ساقطة من ج.

(1/41)


ويصلي كما [كان] (1) يُصلي (2)؛ وَيُعْرِض عما أحدث الناس في الصلاة، من الزيادة والنقصان، والأوضاع التي لم يُنقَلْ عن رسول الله شيء منها (3) ولا عن أحد من أصحابه (4)؛ ولا يقف عند (5) أقوال المرخِّصين الذين يقفون مع أقل ما يعتقدون وجوبه، ويكون (6) غيرهم قد نازعهم في ذلك (7) وأوجب ما أسقطوه، ولعل الأحاديث الثابتة والسنة النبوية (8) من جانبه ولا يلتفتون إلى ذلك (9)، ويقولون: (نحن مقلدون لمذهب فلان) (10). وهذا لا يُخَلِّص عند الله ولا يكون عذرًا لمن تخلف عما علمه من السنَّة عنده (11)، فإن الله -سبحانه- إنما أمر بطاعة رسوله واتِّباعه وَحْدَهُ ولم يأمر باتِّباع غيره، وإنما يُطَاعُ غيره إذا أمر بما أمر به الرسول، وكل أحد سوى الرسول – صلى الله عليه وسلم – [فمأخُوذ] (12) من قوله ومتروك (13).
__________
(1) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب.
(2) (ويصلي كما كان يصلي) ساقط من ج.
(3) في ب (منها شيء).
(4) (والأوضاع) إلى (أصحابه) ساقطة من ج.
(5) في ب، و ج (مع) بدل (عند).
(6) (يكون) ساقطة من ج.
(7) (نازعهم في ذلك و) ساقطة من ج.
(8) (والسنة النبوية) ساقطة من ج.
(9) (ولا يلتفتون إلى ذلك) ساقطة من ج.
(10) في ج (لفلان) بدل (لمذهب فلان).
(11) (ولا يكون عذرًا) إلى (عنده) ساقطة من ج.
(12) في الأصل (فامر)، والمثبت من ب.
(13) (ولم يأمر باتباع) إلى (ومتروك) ساقط من ج.

(1/42)


وقد أقسم الله -سبحانه- بنفسه الكريمة أنا لا نؤمن حتى نُحَكِّم الرسول فيما شجر بيننا، وننقاد لحكمه وَنُسَلِّمَ تسليمًا (1). فلا ينفعنا تحكيم غيره والانقياد له، ولا ينجينا من عذاب الله (2)، ولا يقبل منا هذا (3) الجواب إذا سمعنا نداءه -سبحانه- يوم القيامة: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص: 65]، فإنه لابد أن يسألنا عن ذلك، ويطالبنا بالجواب، قال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف: 6]، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – “أُوحي إليَّ أنكم بي تُفتَنون وعني تُسألون” (4)، يعني
__________
(1) قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)} [النساء: 65].
(2) في ج (الانقياد لغيره) بدل (تحكيم غيره) إلى (عذاب الله).
(3) في ج (هنا) بدل (هذا).
(4) روى الإمام أحمد بسنده عن عائشة – رضي الله عنها – حديثًا طويلًا مرفوعًا، وفيه “فأما فتنة القبر فبي تُفتنون وعنِّي تُسألون” الحديث، (المسند 7/ 201، ح 24566)، قال المنذري: “رواه أحمد بإسناد صحيح”، (الترغيب والترهيب 4/ 364 – 365)، وحسنه الألباني (صحيح الجامع الصغير وزيادته 1/ 289 – 290، ح 1361).
وروى البخاري معناه بسنده: … فحمد اللهَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – وأثنى عليه ثم قال: “ما من شيء لم أكن أُريته إلا رأيته في مقامي، حتى الجنة والنار، فأُوحى إليَّ أنكم تفتنون في قبوركم مثل -أو قريبًا، لا أدري أي ذلك قالت أسماء- من فتنة المسيح الدجال، يقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن – أو الموقن، لا أدري بأيهما قالت أسماء – فيقول: هو محمد، هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا واتبعنا، هو محمد ثلاثًا. فيقال: نم صالحًا، قد علمنا إن كنت موقنًا به. وأما المنافق -أو المرتاب، لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: لا أدري، سمعت =

(1/43)


المسألة (1) في القبر، فمن انتهت إليه سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتركها لقول أحد من الناس فَسَيرِدُ يوم القيامة ويعلم (2).
[فصل] (3) المشهد الرابع: مشهد الإحسان
وهو مشهد (4) المراقبة، وهو أن يعبد الله كأنه يراه. وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، حتى كأنه يرى الله -سبحانه- فوق سمواته، مستويًا (5) على عرشه، يتكلم بأمره ونهيه، وَيُدَبِّرُ أمر الخليقة، فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه، وَتُعْرَضُ أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه. فَيَشهَدُ ذلك كله بقلبه، وَيَشهَدُ أسماءه وصفاته، وَيَشهَدُ (6) قيومًا، حيًّا، سميعًا، بصيرًا، عزيزًا، حكيمًا، آمرًا، ناهيًا، يحب [ويبغض، ويرضى] (7) ويغضب، [ويفعل
__________
= الناس يقولون شيئًا فقلته”. صحيح البخاري، كتاب العلم، باب (25) من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس، (1/ 34، ح 86).
(1) (المسألة) ساقطة من ج.
(2) أي: يَعلم أنه كان في الدنيا على خطأ كبير، وذلك عندما يسأله ربه – عز وجل – يوم القيامة، عن إجابته الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وليس إجابته أحدًا من الناس خالف السنة.
(3) ساقطة من الأصل و ج، وأثبتت من ب.
(4) (المشهد)، (مشهد)، (هو مشهد) ساقطة من ج.
(5) في ب، و ج (مستو).
(6) (فينزل الأمر) إلى (وصفاته ويشهد) ساقط من ج.
(7) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل، وأثبت من ب.

(1/44)


ما يشاء، ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه] (1)، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم، بل (2) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها، فإنه يوجب [الحياء] (3)، والإجلال، والتعظيم، والخشية، والمحبة، والإنابة، والتوكل، والخضوع لله -سبحانه-، والذل له (4)؛ وَيَقطع (5) الوساوس وحديث (6) النفس، وَيَجمع القلب والهم (7) على الله.
فحظ العبد من القُرب من الله على قدر حظِّه من مقام الإحسان، وبحسبه تتفاوت الصلاة، حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض، وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد.
__________
(1) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل، وأثبت من ب.
(2) (آمرًا ناهيًا) إلى (بل) ساقط من ج.
(3) ساقطة من الأصل، وأثبتت مع واو العطف بعدها من ب، و ج.
(4) (والذل له) ساقطة من ج.
(5) في ب (وتقطع).
(6) في الأصل زيادة (القلب) وهو خطأ.
(7) (والهم) ساقطة من ج.

(1/45)


فصل (1) المشهد (2) الخامس: [مشهد المِنَّة] (3)
[وهو] (4) أن يشهد أن المِنَّة لله -سبحانه-، كونه (5) أقامه في هذا المقام وأهله [له] (6). ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته. فلولا الله – سبحانه – لم يكن (7) شيء من ذلك، كما كان الصحابة يَحْدُونَ (8) بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فيقولون:
والله لولا الله ما اهتدينا … ولا تصدقنا ولا صلينا (9)
__________
(1) ساقطة من ج.
(2) ساقطة من ج.
(3) ما بين المعكوفين ساقط من الأصل، وأثبت من ب، و ج.
(4) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(5) في ج (حيث) بدل (كونه).
(6) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، وجملة: (المقام وأهله له) ساقطة من ج.
(7) في ب (ما كان).
(8) “الحَذْو: سَوْق الإبل والغناء لها”. (لسان العرب 14/ 168).
قال ابن حجر: “وهذه كانت عادتهم إذا أرادوا تنشيط الإبل في السير ينزل بعضهم فيسوقها ويحدو في تلك الحال”. (فتح الباري 7/ 532).
(9) وردت عند البخاري روايتان: أولاهما تفيد أن قائله: عبد الله بن رواحة – رضي الله عنه -، والأخرى أنه: عامر بن الأكوع – رضي الله عنه -، (صحيح البخاري)، كتاب المغازي، باب 30 – غزوة الخندق، 5/ 57، ح 4106، وباب 39 – غزوة خيبر 5/ 86، ح 4196). ورواه مسلم لعامر، (صحيح مسلم، كتاب الجهاد، باب 45 – غزوة ذي قرد وغيرها، 3/ ص 1427، ح 123، ص 1423، ح 132). قال ابن حجر: “فيحتمل أن يكون هو وعامر =

(1/46)


قال الله – تعالى -: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17]، فالله -سبحانه- هو الذي جعل المسلم مسلمًا، والمصلي مصليًا، كما قال الخليل -صلى الله عليه وسلم – {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128]، وقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40].
فالمِنَّةُ لله وحده في أن جعل عبده قائمًا بطاعته (1). وكان هذا من أعظم نِعَمِه عليه (2).
وقال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] وقال: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)} [الحجرات: 7].
وهذا المشهد (3) من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد (4) وكلما كان العبد أعظم توحيدًا كان حظه من هذا المشهد أتم.
وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العُجبِ بالعمل ورؤيته،
__________
= تواردا على ما تواردا منه، ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر، أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة”. فتح الباري (7/ 531) , والذي أورده ابن القيم نص ابن رواحة رضي الله عنه.
(1) في ب (في طاعته).
(2) (في أن جعل) إلى (عليه) ساقط من ج.
(3) (المشهد) ساقطة من ج.
(4) (للعبد) ساقطة من ج.

(1/47)


فإنه إذا شهد (1) أن الله -سبحانه- هو المَانُّ به، المُوَفِّق له، الهادي إليه، شَغَلَه شهود (2) ذلك [عن رؤيته] (3)، والإعجاب به، وأن يصول (4) به على الناس (5)، فَيُرفع من قلبه؛ فلا يعجب به، ومن لسانه؛ فلا يَمُنُّ به ولا يتكثر به، وهذا شأن العمل المرفوع.
ومن فوائده أنه يضيف الحمد (6) [إلى] (7) وليه ومستحقه، فلا يشهد لنفسه حمدًا بل [يشهده] (8) كله لله (9)، كما يشهد النعمة كلها مِنْهُ، والفضل كله له، والخير كله في [يديه] (10)، وهذا في تمام التوحيد فلا يستقر (11) قدمه في مقام التوحيد إلا بعلم ذلك وَشُهُودِهِ، فإذا علمه ورسخ فيه صار له مشهدًا، وإذا صار لقلبه مشهدًا أثمر له من المحبة والأُنس بالله والشوق إلى لقائه والتنعيم بذكره وطاعته (12) ما لا نسبة بينه
__________
(1) (شهد) مكررة في الأصل.
(2) (شهود) ساقطة من ب، و ج.
(3) في الأصل (على رؤية)، والمثبت من ب.
(4) يصول: أي يسطو ويستطيل، “والصؤول من الرجال: الذي يضرب الناس ويتطاول عليهم”، لسان العرب (11/ 387)، وانظر القاموس: المحيط، (ص 1323).
(5) (ورؤيته فإنه إذا) إلى (الناس) ساقط من ج.
(6) في ب، و ج زيادة (كله).
(7) في الأصل (على)، والمثبت من ب، و ج.
(8) في الأصل (يشهد).
(9) (ومستحقه فلا يشهد لنفسه حمدًا بل يشهده كله لله) ساقطة من ب، و ج.
(10) في الأصل (يده)، والمثبت من ب، و ج.
(11) في ج (تستقر).
(12) (وطاعته) ساقطة من ج.

(1/48)


وبين أعلى نعيم الدنيا ألبتة.
وما للمرء خير في حياته إذا كان قلبه عن هذا مصدودًا، وطريق الوصول إليه عنه مسدودًا (1)، بل هو كما قال تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)} [الحجر: 3].
[فصل] (2)

المشهد (3) السادس: مشهد التقصير
وأنَّ (4) العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية (5) الاجتهاد وبذل وسعه (6) فهو مُقصِّر، وحَق الله -سبحانه- عليه أعظم، والذي ينبغي له (7) أنْ يُقابَل به من الطاعة والعبودية والخدمة (8) فوق ذلك بكثير، وأنَّ عظمته وجلاله -سبحانه- يقتضي من العبودية ما يليق بها.
وإذا كان خدم الملوك وعبيدهم (9) يعاملونهم في خدمتهم
__________
(1) (وطريق الوصول إليه عنه مسدودًا) ساقطة من ج.
(2) ساقطة من الأصل و ج، وأثبتت من ب.
(3) ساقطة من ج.
(4) في ج (لأن).
(5) في ج (كل) بدل (غاية).
(6) (وبذل وسعه) ساقطة من ج.
(7) (له) ساقطة من ج.
(8) (من الطاعة والعبودية والخدمة) ساقطة من ج.
(9) (وعبيدهم) ساقطة من ج.

(1/49)


بالإجلال لهم (1)، والتعظيم، والاحترام، والتوقير، والحياء (2)، والمهابة، والخشية (3)، والنصح، بحيث يُفَرِّغُونَ قلوبهم وجوارحهم لهم (4)، فمالك الملوك ورب السموات والأرض (5) أولى أن يُعامَل (6) بذلك، [بل] (7) بأضعاف ذلك.
وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم [يُوَفِّ] (8) ربه في عبوديته حقه، ولا قريبًا من حقه، عَلم تقصيره (9)، ولم يسعه مع ذلك (10) غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه (11)، وأنه إلى أن يغفر له العبودية ويعفو عنه فيها (12) أحوج منه إلى أن يطلب منه عليها (13) ثوابًا، وهو (14) لو وفَّاها حقها كما ينيغي لكانت مُسْتحَقَّةً
__________
(1) في ج (بالإخلاص) بدل (بالإجلال لهم).
(2) (والاحترام والتوقير والحياء) ساقطة من ج.
(3) (والخشية) ساقطة من ج.
(4) (بحيث يفرغون قلوبهم وجوارحهم لهم) ساقطة من ج.
(5) (ورب السموات والأرض) ساقطة من ج.
(6) (أن يعامل) ساقطة من ج.
(7) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.
(8) في الأصل (يعرف)، وأثبتت من ب.
(9) (وإذا شهد) إلى (علم تقصيره و) ورد في ج كالتالي: (فإذا علم العبد ذلك).
(10) (مع ذلك) ساقطة من ج.
(11) (وعدم القيام بما ينبغي له من حقه) ساقطة من ج.
(12) (ويعفو عنه فيها) ساقطة من ج.
(13) في ج (أحوج من يطلب عليها) بدل (أحوج منه إلى أن يطلب منه عليها).
(14) (هو) ساقطة من ج.

(1/50)


عليه بمقتضى العبودية، فإنَّ عمل العبد وخدمته لسيده مُستَحَقٌّ عليه بحكم كونه عبده ومملوكه، [فلو] (1) طَلَبَ منه الأُجرَةَ على عمله وخدمته لعده الناس أحمَقَ وأخرَقَ (2)، هذا وليس (3) هو (4) عبده ولا مملوكه (5) على الحقيقة، وهو (6) عبد الله، ومملوكه على الحقيقة (7) من كل وجه (8).
فعمله وخدمته مُستَحَقٌ عليه بحكم كونه عبده (9)، فإذا [أثابه عليه] (10) كان ذلك مجرد فضلٍ ومِنَّة (11) وإحسان إليه لا يستحقه العبد عليه (12).
ومن ههنا [يُفهم] (13) معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “لن يدخل أحد منكم
__________
(1) في الأصل (فإذا)، والمثبت من ب.
(2) (فإن عمل العبد) إلى (وأخرق) ورد في ج كالتالي: (فإن العبد لو يطلب من سيده الأجرة عده الناس أحمق).
(3) في الأصل زيادة (هذا).
(4) (هو) ساقطة من ج.
(5) (ولا مملوكه) ساقطة من ج.
(6) في ج (بل هو) بدل (وهو).
(7) (ومملوكه على الحقيقة) ساقطة من ج.
(8) في الأصل، و ب زيادة: (لله سبحانه).
(9) (فعمله وخدمته مستحق عليه بحكم كونه عبده) ساقطة من ج.
(10) في الأصل (أناب إليه)، والمثبت من ب، وفي ج (أثابه عليها).
(11) (ومنة) ساقطة من ج.
(12) (إليه لا يستحقه العبد عليه) ساقطة من ج.
(13) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب، و ج.

(1/51)


[الجنة] (1) بعمله”. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: “ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه وفضل” (2).
وقال أنس بن مالك – رضي الله عنه -: “يُخَرَجُ للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان فيه حسناته، وديوان فيه سيئاته، وديوان (3) النعم التي أنعم الله عليه بها. فيقول الرب (4) -تعالى- لنعمه: خذي حقك من حسنات عبدي. فيقوم أصغرها فتستنفد حسناته، ثم تقول: وعِزَّتك ما استوفيت حقي بعد. فإذا أراد الله أن يرحم عبده وهبه نعمه عليه، وغفر له سيئاته، وضاعف له (5) حسناته”. [وهذا ثابتٌ] (6) عن أنس (7). وهو أدلُّ شيء على كمال علم الصحابة بربهم وحقوقه
__________
(1) ساقطة من الأصل، ومثبتة في ب.
(2) متفق عليه، بألفاظ مقاربة لما ذكره المؤلف، صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب (18) القصد والمداومة على العمل (7/ 232 – 233، ح 6463)، وصحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين، باب (17) لن يدخل أحد الجنة بعمله، (4/ 2169، ح 71 – 78).
(3) في ج زيادة (فيه).
(4) في ج (الله).
(5) (له) ساقطة من ج.
(6) في الأصل (وهل أثابه)، والمثبت من ب، و ج.
(7) رواية المؤلف موقوفة على أنس – رضي الله عنه – ولم أجدها. ورواه البزار بنحوه عن أنس مرفوعًا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، (كشف الأستار عن زوائد البزار، للهيثمي 4/ 160، ح 3444)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 648) “فيه صالح المري وهو ضعيف”، وقال محقق المجمع: “وفيه أيضًا داود بن المحبر، متهم بوضع الحديث” (10/ 647).

(1/52)


عليهم، كما أنهم أعلم الأمة بنبيهم [وسنته] (1) ودِينه، فإنَّ في هذا الأثر (2) من العلم والمعرفة ما لا يدركه إلا أولو البصائر العارفون بالله وأسمائه وصفاته وحقه (3). ومن هنا (4) يُفهم قول النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي (5) رواه أبو داود (6)، والإمام أحمد (7) (8)، من حديث زيد بن ثابت وحذيفة وغيرهما (9): “إن الله لو عَذَّبَ أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم”.
__________
(1) في الأصل (وشفعته)، والمثبت من ب، و ج.
(2) في ب، و ج (الأمر) بدل (الأثر).
(3) (العارفون بالله وأسمائه وصفاته وحقه) ساقطة من ج.
(4) في ب (ههنا).
(5) في ج (فيما) بدل (في الحديث الذي).
(6) سنن أبي داود، كتاب السنَّة، باب في القدر، (5/ 75، ح 4699) عن أُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، جميعهم موقوفًا، وعن زيد بن ثابت مرفوعًا.
(7) المسند، (6/ 233، ح 21079) مثل رواية أبي داود؛ ورواه الإمام أحمد بسند آخر عن زيد بن ثابت مرفوعًا (6/ 237، ح 21101).
ورواه ابن ماجه، المقدمة، باب في القدر، (1/ 29 – 30، ح 77).
وأول الحديث عندهم جميعًا: “لو أن الله عذب … “.
والحديث صححه الألباني، (انظر تخريجه لأحاديث الطحاوية ص 509)، وقال شعيب الأرنؤوط: “إسناده قوي”، (صحيح ابن حبان: (التخريج) 2/ 506 حاشية رقم 1).
(8) في ج (وغيره) بدل (والإمام أحمد).
(9) في ج (وغيره) بدل (وحذيفة وغيرهما).

(1/53)


فصل
ومِلاكُ هذا الشأن أربعة أمور:
نية صحيحة، وقوةٌ غالبة (1)، يقارنهما: رغبة، ورهبة.
فهذه (2) الأربعة هي (3) قواعد [هذا] (4) الشأن. ومهما دخل على (5) العبد من النقص (6) في إيمانه وأحواله وظاهره وباطنه فهو من نقصان هذه الأربعة أو نقصان بعضها.
فليتأمل اللبيب هذه الأربعة (7) الأشياء، وليجعلْهَا سيره وسلوكه، ويبني عليها علومه وأعماله وأقواله وأحواله (8)، فما نَتَجَ من نَتَجَ إلا منها، ولا تخلف من تخلف إلا من فقدها.
[والله أعلم] (9)، والله (10) المستعان، وعليه التكلان، وإليه الرغبة، وهو المسؤول بأن يوفقنا وسائر إخواننا من أهل السنة لتحقيقها علمًا
__________
(1) في ب (عالية).
(2) (فهذه) ساقطة من ب، ومكانها بياض، وفي ج (فهي).
(3) في ب (في) بدل (هي)، وجملة (الأربعة هي) ساقطة من ج.
(4) ساقطة من الأصل، وأثبتت من ب و ج.
(5) في ب (وكل ما جاء) بدل (ومهما دخل على).
(6) في ج (ومتى دخل النقص على العبد) بدل (ومهما دخل على العبد من النقص).
(7) (الأربعة) ساقطة من ب، و ج.
(8) (وأقواله وأحواله) ساقطة من ج.
(9) ما بين المعكوفين من ب، و ج.
(10) في ج (وهو).

(1/54)


[وعملًا] (1)، إنه ولي ذلك والمانُّ به، وهو حسبنا ونعم الوكيل (2) (3).
__________
(1) ما بين المعكوفين من ب.
(2) (وإليه الرغبة) إلى (الوكيل) ساقطة من ج.
(3) خاتمة الرسالة في الأصل: “تمت الرسالة بمن الله -تعالى- وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين آمين آمين”.
وخاتمتها في ب: “والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، تمت الرسالة والله أعلم. وكان الفراغ من كتب هذه الأوراق -الشريفة- يوم الأحد وقت الضحى، بقلعة المدينة نهار تسعة عشر من جماد الآخر بقلم المفتقر إلى الله: عبد الله بن موسى، غفر الله له ولوالديه والمسلمين”.
وخاتمتها في ج: “ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم”. أ. هـ.
والحمد -أولًا وآخرًا- لله رب العالمين على ما منَّ به ويسر ووفق لإخراج هذه الرسالة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

(1/55)


مصادر التحقيق والدراسة ومراجعهما
1 – الإتقان في علوم القرآن، لجلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل، مكتبة دار التراث، القاهرة، غ م.
2 – إعراب القرآن، للنحاس، تحقيق زهير غازي، وزارة الأوقاف بالعراق، مطبعة العاني، غ م.
3 – إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن قيم الجوزية، دار الجيل، بيروت، غ. م.
4 – اقتضاء الصراط المستقيم، لابن تيمية، تحقيق ناصر العقل، مكتبة الرشد، الرياض، ط 2، 1411 هـ.
5 – إنباه الرواة على أنباه النحاة، للقفطي، تحقيق محمد أبو الفضل، دار الفكر العربي، القاهرة، ط 1، 1406 هـ.
6 – البداية والنهاية، لابن كثير، تحقيق عبد الرحمن اللادقي ومحمد بيضون، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1416 هـ.
7 – بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، لجلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل، طبعة عيسى البابي، ط 1، 1384 هـ.
8 – البيان والتبيين، للجاحظ، تحقيق عبد السلام هارون، مؤسسة الخانجي، القاهرة، ط 3، غ م.
9 – تاج العروس من جواهر القاموس، للزبيدي، تحقيق إبراهيم الترزي، وزارة الإعلام، الكويت، 1392 هـ.
10 – التبيان في إعراب القرآن، لعبد الله بن الحسين العكبري، طبعة عيسى البابي، غ م.
11 – الترغيب والترهيب، لعبد العظيم بن عبد القوي المنذري، تحقيق مصطفى محمد عمارة، مكتبة المنار، الزرقاء – عمان، دار الحديث، القاهرة، 1407 هـ.
12 – تفسير البغوي، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 1407 هـ.
13 – تفسير الطبري، حققه إلى الجزء 16 محمود شاكر، دار المعارف بمصر، غ م.
14 – تفسير القرطبي، دار الكتب العلمية، 1413 هـ.

(1/65)


15 – تفسير ابن كثير، دار المعرفة، بيروت، ط 1، 1407 هـ.
16 – تفسير النسفي، دار الكتاب العربي، بيروت، غ م.
17 – تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، دار صادر، بيروت، ط 1، غ م.
18 – جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، لابن قيم الجوزية، تحقيق محيي الدين مستو، مكتبة دار التراث، المدينة النبوية، ط 1، 1408 هـ.
19 – حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم الأصفهاني، المكتبة السلفية، غ م.
20 – الخصائص، لعثمان بن جني، تحقيق محمد علي النجار، دار الكتاب العربي، بيروت، مطبعة دار الكتب المصرية، 1376 هـ.
21 – الداء والدواء، لابن قيم الجوزية، تحقيق يوسف بديوي، مكتبة دار التراث، المدينة، ط 4، 1412 هـ.
22 – الدر المنثور في التفسير المأثور، لجلال الدين السيوطي، نشر دار الكتب العلمية بيروت، ط 1، 1411 هـ.
23 – الرد على الجهمية والزنادقة، للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق د. عبد الرحمن عميرة، دار اللواء، الرياض، 1397 هـ.
24 – الروح، لابن قيم الجوزية، تحقيق يوسف بديوي، دار ابن كثير، بيروت، ط 1، 1414 هـ.
25 – روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لابن قيم الجوزية، دار الوعي، حلب، غ م.
26 – الزهد والرقائق، لابن المبارك، تحقيق أحمد فريد، دار المعراج، الرياض، ط 1، ط 1، 1404 هـ.
28 – الزهد، لوكيع، تحقيق عبد الرحمن الفريوائي، مكتبة الدار، المدينة، ط 1، 1404 هـ.
28 – سلسلة الأحاديث الصحيحة، لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 4، 1405 هـ.

(1/66)


29 – سنن الترمذي، تحقيق أحمد شاكر وغيره، نشر دار الكتب العلمية، بيروت، غ م.
30 – سنن أبي داود، تحقيق عزت الدعاس، دار الحديث، حمص، غ م.
31 – سنن ابن ماجة، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الريان، طبعة البابي، غ م.
32 – سنن النسائي، تحقيق مكتب تحقيق التراث، دار المعرفة، بيروت، ط 2، 1412 هـ.
33 – سير أعلام النبلاء، للذهبي، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 7، 1410 هـ.
34 – شرح أبيات مغني اللبيب، لعبد القادر بن عمر البغدادي، تحقيق عبد العزيز رباح، وأحمد يوسف دقاق، دار المأمون للتراث، دمشق، ط 1، 1395 هـ.
35 – شرح ديوان أبي تمام، للخطيب التبريزي، تحقيق راجي الأسمر، دار الكتاب العربي، ط 1، 1413 هـ.
36 – شرح شواهد المغني، لجلال الدين السيوطي، تحقيق محمد الشنقيطي، لجنة التراث العربي، غ م.
37 – شرح العقيدة الطحاوية (حاشيتها)، تخريج الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت ط 5، 1399 هـ.
38 – شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن قيم الجوزية، تحقيق مصطفى الشلبي، نشر مكتبة السوادي بجدة، ط 1، 1412 هـ.
39 – الصحاح، للجوهري، تحقيق أحمد عطار، دار العلم للملايين بيروت، ط 2، 1399 هـ.
40 – صحيح البخاري، دار الفكر، بيروت، ط 1، 1411 هـ.
41 – صحيح الجامع الصغير وزيادته، للألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2، 1406 هـ.
42 – صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، لمحمد بن حبان البستي، ورتبه علي بن بلبان الفارسي، تحقيق وتخريج شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1414 هـ.
43 – صحيح ابن خزيمة، تحقيق محمد الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 2،

(1/67)


1412 هـ.
44 – صحيح مسلم، تحقيق محمد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413 هـ.
45 – صحيح سنن النسائي، للألباني، إخراج زهير الشاويش، مكتب التربية العربي، ط 1، 1409 هـ.
46 – صفة الصفوة، لابن الجوزي، تحقيق إبراهيم رمضان وسيد اللحام، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1409 هـ.
47 – الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن قيم الجوزية، تحقيق د. علي بن محمد الدخيل الله، دار العاصمة، الرياض، ط 2، 1412 هـ.
48 – ضعيف سنن الترمذي، للألباني، إخراج زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 1، 1411 هـ.
49 – طبقات المفسرين، للداودي، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، القاهرة، ط 1، 1392 هـ.
50 – طبقات النحويين واللغويين، للزبيدي، تحقيق محمد أبو الفضل، نشر الخانجي بمصر، ط 1، 1373 هـ.
51 – طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن قيم الجوزية، تحقيق يوسف علي بدوي، دار ابن كثير، دمشق – بيروت، ط 1، 1414 هـ.
52 – العبودية، لابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1401 هـ.
53 – العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق مهدي المخزومي وآخر، مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط 1، 1408 هـ.
54 – غاية النهاية في طبقات القراء، لأبي الخير الجزري، تحقيق برجستواسر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1400 هـ.
55 – فتح الباري، لابن حجر، تحقيق محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان، القاهرة، ط 1، 1407 هـ.
56 – الفريد في إعراب القرآن المجيد، للهمذاني، تحقيق فهمي النمر وآخر، دار الثقافة،

(1/68)


الدوحة، غ م.
57 – الفصل في الملل الأهواء والنحل، لعلي بن أحمد بن حزم، تحقيق د. محمد إبراهيم نصر، و د. عبد الرحمن عميرة، شركة مكتبات عكاظ، جدة، ط 1، 1402 هـ.
58 – فهرس مخطوطات الحديث الشريف وعلومه في مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالمدينة النبوية، لعمار بن سعيد تمالت، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، الرياض، 1422 هـ.
59 – القاموس المحيط، لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي، مؤسسة الرسالة (في مجلد واحد)، بيروت، ط 2، 1407 هـ.
60 – ابن قيم الجوزية، حياته وآثاره، لبكر بن عبد الله أبو زيد، مكتبة المعارف، الرياض، ط 2، 1405 هـ.
61 – ابن قيم الجوزية، عصره ومنهجه، لعبد العظيم عبد السلام شرف الدين، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط 2، 1387 هـ.
62 – ابن القيم من آثاره العلمية، لأحمد ماهر البقري، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، 1397 هـ.
63 – الكشاف، للزمخشري، دار المعرفة، بيروت، غ م.
64 – كشف الأستار عن زوائد البزار، للهيثمي، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1399 هـ.
65 – لسان العرب، لابن منظور، دار صادر، بيروت، ط 1، 1410 هـ.
66 – المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، محمد بن حبان البستي، تحقيق محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، غ م.
67 – مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي، تحقيق عبد الله الدرويش، دار الفكر، ط 1، 1403 هـ.
68 – مجموع فتاوى ابن تيمية، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، غ م.
69 – مدارج السالكين، لابن قيم الجوزية، تحقيق محمد الفقي، مكتبة السنة المحمدية،

(1/69)


غ م.
70 – المستدرك على الصحيحين، للحاكم، ومعه تلخيص الذهبي، دار الكتب العلمية، غ م.
71 – المسند، لأحمد بن حنبل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1414 هـ.
72 – مشكاة المصابيح (التحقيق)، تحقيق الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط 3، 1405 هـ.
73 – معاني القرآن، لأبي الحسن الأخفش، تحقيق فائز فارس، المطبعة العصرية، الكويت، ط 1، 1400 هـ.
74 – معاني القرآن، للفراء، عالم الكتب، بيروت، ط 1، 1980 م.
75 – المعجم الكبير، للطبراني، تحقيق حمدي السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، غ م.
76 – معرفة القراء الكبار، للذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وغيره، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1404 هـ.
77 – المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء في الأخبار -بحاشية إحياء علوم الدين للغزالي- عبد الرحيم بن الحسين العراقي، دار المعرفة، بيروت، غ م.
87 – مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت، 1992 م.
79 – مفتاح دار السعادة، لابن قيم الجوزية، دار الفكر، غ م.
80 – الملل والنحل، لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني، تحقيق محمد سيد كيلاني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1406 هـ.
81 – الهادي إلى لغة العرب، لحسن سعيد الكرمي، دار لبنان، بيروت، ط 1، 1411 هـ.
82 – الوسيط في تفسير القرآن المجيد، لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوري، تحقيق عادل عبد الموجود وغيره، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1415 هـ.

(1/70)


مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى